“فوكاس أون فيلم”، “فيلم كومنت”، “منثلي فيلم بوليتين”، “فيلمز إن ريفيو”، “فيلمز أند فيلمينج”، “سينما”، “موفي”، “تشابلن”، “سايت أند ساوند”، “أكشن”، “سينياست”، “أميركان فيلم” هي بعض العديد من المجلات السينمائية التي كانت منتشرة في الستينات والسبعينات من دون أزمة البحث عن جمهور. في القسم العربي من هذا العالم كانت هناك “فنون” المصرية التي نبت عنها “سينما” ثم توحّدت من جديد الى “فنون” و”الحياة السينمائية” السورية التي صدرت أربع مرّات في السنة حاوية جمعا من المواد البحثية المختلفة. قبلها مجلة “فيلم” اللبنانية التي عاشت 31 عددا اسبوعيا ثم توقفت عن الصدور. اخفاق المجلات العربية في إيجاد جمهور كاف لم يكن سوى ظرف يتعلّق بحسن التخطيط وإيجاد الصيغ الصحافية الصحيحة. فالجمهور الذي كان يود معرفة ماهية السينما كان موجودا عربيا أيضا وليس فقط في أوروبا والولايات المتحدة. ففي تلك الفترة كانت السينما كلها مكتسبة لونا زاهيا جديدا الى حد بعيد: السينمات الأوروبية كانت لا تزال مزدهرة يقودها فنانون لديهم أعمالهم الكبيرة التي يتردد صداها في كل مكان من برجمان السويدي الى سكولا وفيلليني وبازوليني وأنطونيوني من إيطاليا الى جان-لوك جودار، كلود شابرول، فرانسوا تروفو، إيف بواسيه من فرنسا وآرثر بن، جيري تشاتزبيرج، جون كازافيتس، روبرت ألتمن من أمريكا وفوق هؤلاء عشرات آخرون من هذه الدول المذكورة وسواها. كانت السينما معجوقة بتياراتها وألوانها: جماعة السينما الجديدة في مصر، السينما البديلة في لبنان وسوريا ومصر، سينما الثورة في الجزائر، سينما تحت الأرض في نيويورك، السينما البريطانية الجديدة، الموجة الفرنسية الجديدة، السينما البرازيلية الجديدة وكلها وسواها حركات إنتمت الى عالم ثقافي نابض في عالم كان لا يزال يفكر بغير الدولار ومشتقاته. لا عجب أن الدنيا كانت أفضل مما هي عليها الآن وكانت بريئة لا تدري ما حفر لها السياسيون في كل مكان. وكم لفت إعجابنا فيلم أمريكي وآخر سوفييتي وثالث كوبي ورابع فنلندي وخامس آت من تشيلي او الصين او اليابان وكلها تعرض في الوقت ذاته. كم مكثنا لساعات متأخرة من الليل نحلل ونفسّر وننقد وننام على أحلام أن نلتحق بهذه السينما يوما. يكون لنا، نحن محبي السينما، مكانا على الخارطة العالمية عبر مخرج من عندنا او عبر ما هو أفضل: حركة سينمائية جادة ومدروسة تتحول الى تيار لا يعرف الحدود. وآه لو صرفنا دقيقة نتساءل فيها عما لو أننا نعيش قمّة ما ستصل إليه السينما الفنية. او كما قال جاك نيكولسون في أحد أفلامه: “لنفترض أننا كنا في أفضل أوقاتنا ولا نعلم ذلك”. العديد من المجلات المذكورة في مقدمة هذا الحديث اختفى تباعا. “فوكاس أون فيلم” كانت مجلة بصفحات عريضة. مميّزة وكانت تختص بتحويل كل فيلم او شخص الى ملف كامل. اختفت. “فيلمز أند فيلمينج” كانت مجلة شهرية بشهية نقدية ممتازة رغم أن خط كتّابتها كان شبه إباحي. “أميركان فيلم” كانت إحدى أفضل مجلات السينما الأمريكية. “فيلمز إن رفيو” لم يكن يهنأ لهاوي السينما صدور عدد من أعدادها الباحثة في تاريخ السينما وشخصياتها من دون أن يحتويه. مجلة صغيرة الحجم مهمة الفعل. “مونثلي فيلم بوليتين” كانت الكلمة الفصل لمشاهير النقاد البريطانيين حول الأفلام المعروضة. لا تزال هناك بقية بين المجلات الناطقة بالإنجليزية. “سايت أند ساوند”، “فيلم كومنت”، “سينياست” والأولى هي الوحيدة من فئتها الجادة التي تصدر شهريا باللغة الإنجليزية. مجلات فرنسية مثل “كاييه دي سينما” و”بوزيتيف” تجهد للاستمرار وتصدر شهريا. حقبة مضت؟ لا. بل قتلها الإنسان. فهي باقية إذا ما كان هناك من يستطيع أن يتمرّد على أوضاع الثقافة المتردية ويقرر أن يفعل شيئا حيالها. لا ينتظر مرسوما ولا يستمع الى نصائح من شأنها إبقاء الإنسان العربي عرضة للظنون. نعم نريد سينما ونريد ثقافة سينمائية ونريد أن نعود بالزمن الى الوراء لأنه من حق كل منا أن يعيش في زمن أفضل من هذا حتى ولو كان -ظاهريا- ولّى. الخليج الإماراتية في 25 أبريل 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
سينما.... مجلات محمد رضا |
|