بقلم / بهيج وردة * |
لم تكن رغبتي بالكتابة عن "الاسكندر" الفيلم الملحمي التاريخي، انبهاراً بهوليودية الفيلم الواضحة، والتي انعكست من خلال الميزانية الضخمة (150 مليون دولار)، أو بشديد تركيزها على المعارك التي تتقن هوليوود صناعتها محتلة حيزا لا بأس به من الفيلم، وهذا مهم برأيي لإظهار الفنون العسكرية لهذا القائد الذي حكم العالم، لكن تناسي الأثر الحضاري الذي بنى الاسكندر على هذه الصورة، والمرور مرور الكرام على منجزاته الحضارية والتفاعل الإنساني الذي لم يظهر إلا في جيشه، وصولاً إلى ما وجه من انتقاد للفيلم خصوصاً بعد مرور فترة زمنية لا بأس بها على بدء عرض الفيلم، جعلني أعيد بناء وقراءة مشاهد هذا الفيلم. فاختيار أوليفر ستون لموضوع فيلمه "الاسكندر" يبدو جدليا من حيث إسقاطاته، فهو ينحدر من عائلة قاسية (1) مما يجعله متشابهاً – في إسقاط شخصي – مع الاسكندر وعائلته القاسية أيضا ً فوالد الاسكندر هو فيليب الحاد الطباع وأمه أولمبيا المتقدة شهوة للملك، وأوليفر هو العائد من حرب فيتنام بكل الجروح والآلام والتشوهات التي خلفتها من آثار في نفسه والتي جسدها في فيلم "بلاتون"، هذا مع الانتباه إلى تاريخه الشخصي في صناعة الأفلام والانجازات التي قدمها في أفلامه من خلال تناوله لمواضيع تمس صلب الحياة الاجتماعية والاقتصادية "سفاحون طبيعيون" و"وول ستريت"، دون نسيان الأعمال السياسية التي نتذكر منها "نيكسون" و"ج ف ك" الفيلمين الروائيين الطويلين، والفيلمين الوثائقيين المختلفين ("البحث عن فيديل"، 2004) و("شخص غير مرغوب فيه"، 2003)، واللذين يتناولان شخصيتي كل من فيديل كاسترو وياسر عرفات على الترتيب غير المرغوبين أمريكيا، هذا الاستعراض يظهر لنا اوليفر ستون مخرجا متميزا قادرا على تقديم مادة قوية عن شخصية تاريخية مؤثرة كالاسكندر، إلا أن عظمة الإخراج والإنتاج الهوليودي تفرض علينا أن ننظر بحيادية أكبر بعيدا عن قوة المؤثرات وجمال الأداء، حتى نرى كيف يستطيع القوي إعادة كتابة التاريخ وفرضه مع عنف رمزي على الشاشة، يطبع في ذاكرة كل من يتعرض لهذا التاريخ المستعاد بذهنية هذا القوي. الفلسفة اليونانية والشرق بالنظر إلى شخصية الاسكندر ومعلمه الحكيم أرسطو الذي حلم بالوصول إلى مناطق لم يصلها أي من أبطال الميثولوجيا الأسطوريين، والتي كانت مغذيا خصبا للإسكندر وخياله الوثاب وهو المتأثر بشدة بقصص وبطولات الأساطير كهرقل وأخيل أبطاله المفضلين، وما منعة الشرق في وجه أبطاله إلا حافز له على المغامرة والسعي نحو الأعمق في الشرق الذي هزم كل من سبقه، ويظهر تأثير أرسطو في احترام الاسكندر للشرق وامتعاضه من قادته العسكريين الذين رافقوه كفاتحين لم يحترموا الشرق، ففي حديث أرسطو عن الاعتدال وتفوق الإغريق على الفرس الحاكمين لمعظم الشرق القديم، فكرة منقولة عن نظرية الفيثاغورثيين في الأضداد، حيث كان صراع الأضداد عند فيثاغورث يهدف في النهاية إلى حدوث وحدة أو ائتلاف (2)، وهو ما ذكره أرسطو عن الاعتدال في التحكم بالحواس، لكن الإشكالي هو تعرض أرسطو للفرس بانتقاص معتبرا إياهم شعوبا أدنى مستوى من الإغريق، رغم اتساع نطاق حكمهم الذي وصل إلى مشارف اليونان ودورهم الكبير في تغذية فرقة المدن اليونانية، إلى ضلوعهم في اغتيال فيليب موحد اليونان كما يتحدث الفيلم، والمفارقة تظهر هنا عبر احترام الاسكندر للشرق ومعاملته المدن المفتوحة بحضارية تليق بفاتح مثله، وعدم تأثره بمقولة أرسطو أبدا، فهو الذي ضم إلى جيشه المقدوني عددا ضخما من أبناء الشرق المفتوح، والذي تفاعلت فيه الحضارات وازدادت غنى بفضل إستراتيجيته المنفتحة على قبول الآخر والعطاء حيث لم يبخل بما حوته حضارة اليونان، لكن مع إهمال كبير لجوانب الحضارة الشرقية العامرة، وبابل العظيمة التي لم يرها أرسطو، لكنها كانت حلم التوسع اليوناني شرقا، وهنا يظهر إبخاس مكانة الشعوب المتحضرة التي فتحها الاسكندر فيستغرب تذوقهم للشعر رغم أميتهم، وهذا اتهام خطير يمرره الفيلم تحت غطاء من الملحمية والنعم التي أغدقها فاتح عظيم كالاسكندر، ففي هذه القراءة الانتقائية للتاريخ (تزوير)، من خلال الحديث في فيلم ضخم التكاليف والإنتاج والأهم التوزيع لأنحاء العالم، أي أخذه كمرجعية من قبل كثيرين غير راغبين في البحث والاكتفاء بما يقدم لهم من مادة جاهزة مشوهة فمن المعروف تاريخيا أن اليونان أخذوا أبجديتهم من الكنعانيين والتي كانت إحدى تطورات الكتابة الموجودة في أوغاريت الفينيقية، وهنا لا بد من لفت النظر إلى ابتعاد مخرج الفيلم عن ذكر فتوحات الاسكندر على الساحل السوري وبخاصة معركة صور التي يذكرها الفيلم على لسان الاسكندر في إطار رفعه لحماسة جنوده وتذكيرهم بانتصاراتهم قبل معركة الفاصلة مع داريوس في غوغاميلا، فما القصد من القفز عن منطقة حضارية مهمة جدا في إشعاعها الحضاري وتأثيراتها المباشرة على فلسفة اليونان خاصة من زينون الرواقي الذي كان الأثينيون يطلقون عليه اسم الفينيقي (3)، إلى فيثاغورث الذي ولد على الشاطئ السوري في صور (4) وتتلمذ في سوريا مدة عشرين سنة كاملة (5)، واللذين أثرا بمن جاء بعدهما من فلاسفة. التباسات الشغف الذكوري لابد لمتابع الفيلم أن يخرج بانطباع عن مثلية الاسكندر الجنسية من خلال مشاهد موحية، نجحت الكاميرا في تصويرها من خلال باغوس وهيفايسشن صديق طفولته، هذا الانطباع الذي أثار غضب الكثيرين من اليونانيين لدى بداية عرض الفيلم، لكن قبل الدخول في التفاصيل لا بد من قراءة تاريخية أكثر عمقا من تأثير إيحاءات الكاميرا. فبالعودة إلى القرن الخامس قبل الميلاد نجد تحول الفن اليوناني إلى نزعة طبيعية مثالية مقارنة مع التجريد واستخدام الأسلوب الهندسي والقواعد الثابتة التي لا تسمح للفنان أن يحيد عنها، وسبب هذه النشأة تحول أثينا إلى النظام الديمقراطي الذي يتضاد مع نظام قيم الارستقراطية القديمة التي كان لها الحكم قبلا، فظهرت نزعة حسية واتجاه إلى الواقع المادي مخالفان لما كان يسود الفن من تقاليد مثالية، لكن كان لهذا الفن القديم الذي ألهم المحافظين من الفلاسفة كفيثاغورث وسقراط وأفلاطون اتجاهات عديدة مختلفة، وهنا لا بد من التركيز على أفلاطون الفيلسوف الذي لا يستمد عبقريته من ملكته العقلية وحدها إنما من عاطفة ووجدان والهام إلهي لا ينعم بها سوى الصفوة المختارة من الفلاسفة الذين تدرجوا في مراتب الحب، حيث ذكر أفلاطون الحب كثيرا وصور سقراط في صورة الحبيب المثالي الذي ينأى عن شوائب الحب، فسقراط كان يحب في الفتية نفوسهم ويتسامى بحبه منشدا تحقيق الفضيلة والخير موجها إياهم للمعرفة الفلسفية (6) فكان أفلاطون داعيا لهذا النظام الذي اعترفت به اسبرطة، والفرقة الطيبية في جيش فيليب مثال على أهمية هذا النظام من وجهة النظر السياسية (7)، فينسب هذا الحب إلى أفروديت السماوية ابنة السماء التي هي من صلب الجنس المذكر وحده وأتباعها يتجهون إلى حب الرجال حبا فلسفيا يتجه إلى النفس فقط، وقصص اليونان تذخر بمثل هذا الحب، كحب سقراط وألقبياديس، وحب أخيل وبتروكليس، هذا المثال الذي يتردد على لسان الاسكندر وصديقه هيفايسشن، وهنا يظل الحكم على مثلية الاسكندر وعدمها من خلال ما قدمت من قراءة تاريخية تاركا التقييم لكل قارئ مستعينا بعبارة لبروتاجوراس أحد أعظم سفسطائيي عصره: "الإنسان مقياس كل شيء"، التي أظهرت كيف يمكن أن تختلف الحقيقة باختلاف ما يبدو للإنسان منها. شرق أُمّي؟! يأخذ الفيلم أبصار المشاهد بفخامة بابل وعظمتها، وجمالها وبذخها ومعماريتها التي أثارت إعجاب الاسكندر وجنوده، إلا انه بعد أن يرتاح فيها، يعجب لشعبها المتذوق للشعر والأمي في آن معا، وهنا وقفة تستدعي تأملا، إلا أن انتقال المشهد إلى آخر، يأخذنا كمشاهدين لإكمال فعل التلقي، وتمر اللقطة مرور الكرام. لو نظرنا إلى معنى الشرق الذي يتحدث عنه الاسكندر لوجدنا أنه يمثل بلاد الشام والعراق ممتدا إلى فارس، لأنه أتى على ذكر بلاد العرب لاحقا والمقصود بها الإقليم الجغرافي الطبيعي للجزيرة العربية، وهنا يلفت النظر رد فعل الجمهور عندما تحدث إلى صديقه هيفايسشن وهو يحتضر عن حلمه بغزو بلاد العرب والالتفاف جنوبا ومن ثم عبور النيل للوصول إلى البحر المتوسط - يكفينا ما يقوم به جورج بوش من احتلال وتهديد بالاحتلال - وهنا تلفت دلالة الفترة الزمنية التي يعرض بها هكذا فيلم، أي أن الاتهام بالأمية يشمل مناطق الأبجدية الأولى (الأوغاريتية الفينيقية) وما نتج من تطورات في تاريخ الأبجدية في هذه المنطقة من كنعانية وآرامية والتي يلفت التقارب الأبجدي بينهما جدا مع الانتباه للفارق الزمني فأولف – بيث – غومل – دولث – ....... يقابلها ألفا – بيتا – غاما – دلتا – ...... في الأبجدية اليونانية. وبالرجوع أكثر إلى الكتابة التصويرية والكتابة المسمارية التي انتشرت على يد الأكاديين الذين تسلموا الحكم زمن ملكهم سرغون عام 2350 قبل الميلاد في جميع مناطق العراق وانتقل إلى عيلام (جنوبي غربي إيران) وإلى سوريا فكتب به الحوريون والحيثيون في آسيا الصغرى (8)، يتكشف لنا غنى تاريخي أعمق، ينتقل مع الكتابة الآرامية التي لعبت دورا مهما منذ نهاية العصر الآشوري وريث الأكاديين، وفي زمن الإمبراطورية الفارسية غدت اللغة الآرامية لغة الإدارة والدبلوماسية الرسمية في الشرق القديم اعتبارا من القرن الخامس قبل الميلاد، واستمرت فعاليتها وأهميتها في العصر الهيليني والروماني ولم يطرأ عليها أي تأثير يذكر (9)، إلا أن انتقال اللغة إلى اليونان كان بواسطة الفينيقيين البحارة اللذين جابوا المتوسط وأسسوا مستعمرات تجارية لهم، حيث قادتهم التجارة إلى التعامل مع الإغريق في موطنهم، وإلى إهدائهم أثمن ما اخترعوا من إنجازات الحضارة وهي الكتابة (10). إن الأصل الفينيقي القديم للأبجدية الإغريقية أمر ثابت ولا أحد يشكك، كما يصرح المؤرخ اليوناني هيرودوت، والروماني بلينوس، ويظهر ذلك جليا في أقدم أثر كتابي إغريقي يعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد وهو ما يعرف بإبريق دبلن الأثيني، وكذلك على قبر عثر عليه في يترا (اليونانية) ويعود تاريخه إلى القرن السابع قبل الميلاد وحيث يبدو تشابه الحروف كبيرا، حتى ليكاد المرء يظن أنهما خط واحد، أو أن الكتابتان الإغريقيتان المذكورتان فينيقيتان لولا اللغة التي كتبت بها، ولم يفلح كل من حاول التفكير في أصل قديم غير معروف للأبجدية الإغريقية، اشتقت منه، ثم نقل إلى اليونان من الفينيقيين في إثبات ذلك (11) أي عكس الحقيقة وفق غايات القصد منها التقليل من شعوب الشرق والطعن في قدراتهم الفكرية والحضارية، ولكن أوليفر ستون نجح هنا في مسح كل هذا التاريخ بجملة لفظها بطله الهوليودي، رغم شديد إنكاره في مقالاته الصحفية أنه فيلم يبين الدور الحضاري للإسكندر، وأنه لو أراد فيلما هوليوديا لاكتفى بتناول حياة الأب (فيليب) وحادثة اغتياله ومن ثم توجه ابنه الاسكندر للأخذ بثأر أبيه ونجاحه في مسعاه (12)، فهل نجح في مسعاه، سؤال برسم المشاهد؟؟؟
هوامش (1) ملحق الثورة الثقافي 132005 فيلم الاسكندر الكبير دلالات التاريخ. (2) صـــ 27 فلسفة الجمال د.أميرة حلمي مطر مكتبة الأسرة 2003 الطبعة الأولى. (3) صــ 1 زينون الرواقي جورج عبد المسيح الطبعة الثانية 1972. (4) صــ 65 نفس المرجع السابق. (5) صــ 71 نفس المرجع السابق. (6) صـــ 20 فلسفة الجمال د.أميرة حلمي مطر مكتبة الأسرة 2003 الطبعة الأولى. (7) صــ 44 نفس المرجع السابق. (8) صــ 39 الأبجدية نشأة الكتابة وأشكالها عند الشعوب د.أحمد هبو دار الحوار 1984 الطبعة الأولى. (9) صــ 82 نفس المرجع السابق. (10) صــ 98 نفس المرجع السابق. (11) صــ 59 نفس المرجع السابق. (12) ملحق الثورة الثقافي 132005 فيلم الاسكندر الكبير دلالات التاريخ. موقع "فراديس" في 4 يناير 2006 |
سعاد نصر في غيبوبة بسبب جرعة بنج خطأ! كتب أيمن الشندويلي: تقدم الفنان السيد راضي رئيس الاتحاد العام للنقابات الفنية ببلاغ إلي قسم شرطة مدينة نصر للتحقيق مع إدارة المستشفي الخاص والفريق الطبي الذي تسبب في تدهور الحالة الصحية للفنانة سعاد نصر ودخولها في غيبوبة كاملة لمدة 6 أيام اثر حقنها بجرعة 'بنج' خطأ قبل اجرائها لجراحة شفط دهون بالمستشفي. وقد احتشد عدد كبير من الفنانين وأقارب سعاد نصر داخل المستشفي لزيارتها في غرفة العناية المركزة ولكن الإدارة رفضت بحجة انها مازالت في غيبوبة كاملة وتخضع لإشراف طبي شامل. وكانت 'الأخبار' قد انفردت أمس بخبر إصابة سعاد نصر بغيبوبة كاملة وتوقف وظائف المخ طوال الأيام الماضية بينما نجح الفريق الطبي في إعادة عمل القلب باستخدام الصدمات الكهربائية فور إصابتها بالغيبوبة. الأخبار المصرية ـ 2 يناير 2006 سعاد نصر لاتزال في حالة حرجة وابنها طارق لايعلم بحالتها كتب ـ محمد رسلان وعلي سالم إبراهيم
لاتزال الحالة الصحية للفنانة سعاد نصر تمر بمرحلة حرجة ولاتزال في العناية المركزة بمستشفي الجولف. وصرح د. سمير الملا استاذ المخ والأعصاب بكلية طب جامعة عين شمس المشرف علي علاجها: بأن استجابة الفنانة سعاد نصر للعلاج ضعيفة جدا وحدث صباح أمس ارتفاع في ضغط الدم. لكن بعد التدخل الطبي عاد الضغط لمعدله الطبيعي, وتم رفع أجهزة التنفس الصناعي, ولكن يتم امدادها بأوكســـجين لمســاعدتها علي التنفس. وأضاف د. الملا أن د. حاتم الجبلي وزير الصحة والسكان يتابع حالتها وطلب تقريرا دوريا كل4 ساعات للاطمئنان علي سير العلاج, وتم منع الزيارة عنها. ويقول د. أحمد البدوي مدير مستشفي الجولف: أن حالة سعاد نصر بها تحسن طفيف في العلامات الحيوية لعمل المخ كحركة رموش العين واليدين, مما يعد بداية لعمل المراكز العصبية مرة أخري. الفنان السيد راضي رئيس اتحاد النقابات الفنية والموجود بالمستشفي بصفة دائمة مع شقيقتيها ود. أشرف زكي نقيب الممثلين أعربوا عن صدمتهم مما حدث لها في أثناء عملية شفط الدهون, حيث يقول السيد راضي: إن سعاد تلميذتي, وكانت قبل دخولها غرفة العمليات في منتهي المرح كعادتها, لكن تدهورت حالتها عقب حقنة التخدير, وأتساءل كيف يحدث هذا مع فنانة معروفة, فما بالنا بما يحدث مع المواطن العادي؟. لذلك قررنا في اتحاد النقابات الفنية اتخاذ كافة الاجراءات القانونية ضد هذه الواقعة. زار سعاد خلال اليومين الماضيين عدد من زملائها الفنانين منهم: فاروق الفيشاوي وأحمد بدير وسمية الألفي وشهيرة وعماد رشاد وهناء الشوربجي, والمخرجان أحمد صقر ومحمد عبدالعزيز. ابنة سعاد الوحيدة فيروز18 سنة الطالبة بالفرقة الثانية بكلية التجارة, تزورها يوميا, أما ابنها طارق25 سنة والذي يعمل بالمجال البحري فلا يعلم شيئا عن حالتها الصحية حتي الآن, نظرا لوجوده خارج البلاد. الأهرام اليومي في 4 يناير 2006 ليلة سقوط بغداد.. فانتازيا سياسية مستوحاة من سـجن أبو غريب! كتب ـ نــــادر عــــــدلي بعد أن وصلت موضوعات الأفلام الكوميدية الي اقصي درجات البلاهة وذروة التفاهة, وسقطت الاعمال المضحكة في مستنقع الافيهات والمفارقات العبيطة, وبعد ان ظن اكثر المتفائلين أن افلامنا وصلت الي حالة من الاستسلام الاستهلاكي, وأنها لن تقوم لها قائمة ثقافية محترمة مرة أخري علي المدي القريب.. فوجئنا ـ وبشكل مباغت ـ بثلاثة افلام تطرح افكارا سياسية بمعالجات ذكية ولطيفة, وتشغلنا بأفكار تستحق ان نعيد تأملها ومناقشتها لأنها قضايا نعيشها يوميا ولم تعد تثيرنا بالقدر الكافي: قضية التطبيع مع اسرائيل( السفارة في العمارة), وقضية ما حدث للمنطقة العربية بعد الغزو الأمريكي للعراق( معلش إحنا بنتبهدل), ثم قضية الي اين نتجه في ظل ما يحدث حولنا في فيلم ليلة سقوط بغداد.. والافلام الثلاثة عرضت خلال اربعة أشهر! هذه الافلام الثلاثة اثبتت ان الأفلام الكوميدية من الممكن ـ بل من الضروري ـ ان تفكر, وتدهشنا وتصدمنا وهي تسخر وتضحك( الفيلم الكوميدي هو أهم ما يميز السينما المصرية عن أي سينما أخري في العالم.. ولكننا لا ننتبه لهذا!).. ويأتي فيلم ليلة سقوط بغداد بفانتازيا كوميدية سياسية تحذرنا مما يحدث وحدث في العراق والتهديدات التي تلاحق سوريا. وتدور احداث الفيلم ومعالجته حول هاجس يطارد ناظر مدرسة ثانوي( حسن حسني), من ان تتعرض أسرته وابنته( بسمة) الي ما يشاهده في محطات التليفزيون بشكل متتابع ومتلاحق من قتل واغتصاب وتعذيب في العراق بعد الغزو الامريكي, وصور ما حدث في سجن ابو غريب لا تسقط من ذاكرته.. ومن هذا الهاجس الذي يمكن ان يحدث لأي أب وعائل اسرة تنمو الاحداث وتتصاعد ولكن في اطار من الفانتازيا والخيال, حيث يقرر الناظر ان يجمع كل مدخراته ويسخرها لصناعة اختراع عسكري وعلمي يكون رادعا لأي محاولة غزو أمريكية لأسرته وابناء منطقته.. ويبحث الأب عن شخص يخترع هذا الجهاز فلا يجد الا تلميذا توسم فيه الذكاء والقدرة علي الاختراع أثناء الدراسة( احمد عيد), ويجده وقد تخرج في الجامعة ولا يجد عملا ويستهلك وقته في تعاطي المخدرات!. ينجح الناظر في ان يجعل الهاجس يتسلل الي هذا الشاب, والي ابنته, وزوجته, والي والدته ايضا, ويوفر كل الظروف ليجعل الشاب يتفرغ للاختراع ويزوجه ابنته. يقدم محمد امين مؤلف ومخرج الفيلم هذه الفكرة في معالجة مليئة بالتفاصيل لتأكيد هذا الهاجس ومن خلال تنوعات مختلفة تقوم علي الاحلام والكوابيس تارة, والمفارقات والتعامل مع الهاجس كأنه واقع قادم تارة أخري.. وقد ظلت صور الجنس التي خرجت من سجن ابو غريب تطارده هو شخصيا كمؤلف فجعل الجنس يمثل العمود الفقري للدراما سواء في احلام الشاب أو الناظر, او عند زواج الشاب بابنة الناظر وغير ذلك.. وينجح محمد أمين كمخرج في اختيار اماكن التصوير وان يتنقل بالاحداث في قلب القاهرة ليؤكد فكرة فيلمه, ويجعلها تصل للمتفرج ضاحكة مؤلمة!.. وساعده في ذلك كاميرا إيهاب محمد علي ومونتاج مها رشدي وموسيقي تامر كروان. ومن خلال فيلمي محمد امين: فيلم ثقافي وليلة سقوط بغداد نجد ان مسألة الجنس تطفو علي رؤيته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ايضا, وفي سقوط بغداد لم تغادر ذهنه ومعالجته.. ولكن تأتي بكثير من المبالغة في الفيلمين حتي تكاد تتحول الي نقطة ضعف.. كما ان فكرة فيلميه تظل اقوي من الشخصيات الدرامية.. فرغم ان المشاهد في سقوط بغداد ينجذب للقضية المطروحة تماما إلا أن ضعف شخصية البطل دراميا تفقد العمل الكثير من قوته, فالشخصية لا يمكن ان تكون مقنعة لمجرد تقديمها بأنها كانت عبقرية ومخترعة في المرحلة الثانوية, ودون ان نوحي للمشاهد ما هو هذا الاختراع المنتظر( ولو في اطار الفانتازيا), كما ان تقديم البطل علي انه مراهق طوال الوقت, ويتعاطي المخدرات باستمرار تجعله يفقد مصداقية ان يكون مخترعا نبيها!.. ايضا شخصية الناظر كانت تحتاج لبعض الملامح التي جعلته دون سواه يلتمس الخطر ويطارده هاجس الغزو الأمريكي, فهذا يعطي للفكرة الجيدة عمقا.. وبالتالي فأن ذلك اثر علي المستوي الفني للفيلم, وجعله يفتقد بعض تماسكه. قدمت بسمة دورها بتفهم وكان حضورها جيدا, ولعب حسن حسني دوره بحرفية ودون استخفاف فبدا مقنعا, والفيلم منح احمد عيد فرصة عمره لعله يستفيد منها. إن فيلم ليلة سقوط بغداد عمل يستحق المشاهدة, وان تضحك مع سخريته, وتتأمل الخطر الذي يحذر منه!.. وأن ظل فيلما كوميديا خفيفا ميزته الأولي والأخيرة انه حاول ان يفكر!. الأهرام اليومي في 4 يناير 2006
|