ريما المسمار |
قدم المخرج المصري يسري نصر الله فيلمه الجديد "باب الشمس" في افتتاح مهرجان "ايام بيروت السينمائية" الثالث اول من امس بينما انطلقت عروضه التجارية بتوزيع "كريستال فيلمز" في الصالات المحلية مساء امس. والمشروع المقتبس عن رواية الياس الخوري (سيناريو نصر الله والخوري ومحمد سويد) يقع في جزءين يبلغ طولهما اربع ساعات ونصف الساعة. على ان عروضه التجارية ستقدم كل جزء على حدا. أمس انطلقت عروض الجزء الاول "الرحيل" على ان يعقبه الثاني، "العودة"، في مرحلة لاحقة. الفيلم من انتاج محطة "آرتي" الفرنسية الالمانية إلى مساهمات من جهات أخرى، عُرض في مهرجان "كان" الماضي ويشكل افتتاحه في بيروت فاتحة عروضه العربية. صُوِّر بين لبنان وسوريا والاردن بفريق عمل كبير ومجموعة ممثلين من جنسيات عربية مختلفة في مقدمهم نادرة عمران، حلا عمران، باسل الخطيب، ريم تركي، عروة النيربية، دارينا الجندي إلى مجموعة كبرى تضم اسماء كثيرة. "المستقبل" التقت المخرج في حوار حول العمل. * * * · متى فكرت للمرة الاولى برواية "باب الشمس" وبعمل فيلم منها؟ قبل عرض "آرتي" أو بعده؟ ـ عندما قرأتها للمرة الاولى وقت صدورها عام 1998. فكرت في داخلي لو أنني استطيع ان أحوّلها فيلماً. ولكن ذلك لم يتعدَ التمني وسرعان ما صرفت النظر عن الموضوع ليقيني من ان الانتاج العربي لن يتحمس لاخراج مشروع من هذا النوع. وهذا ما حدث بالفعل في ما بعد. الجهة العربية الوحيدة التي شاركت في انتاج الفيلم هي المغرب. أما ما تبقى من هيئات وشركات وتلفزيونات عربية لم تشارك. المساعدة كانت على شكل اتاحة الفرصة لنا لنصور في سوريا ولبنان والاردن. بالعودة إلى الرواية، لم أعد إلى التفكير فيها كمصدر لفيلم سينمائي الا في العام 2000 عندما جاءني المنتج الفرنسي هامبير بلزان بمشروع وصفه بـ"الخرافي" وهو رغبة جيروم كليمان وبيار شوفالييه في محطة "آرتي" في انتاج فيلم عن فلسطين أو الاحرى عن عائلة فلسطينية في شكل "ساغا" )َّفهف(. كان رد فعلي الاول الرفض السريع لإحساسي بأن الموضوع مركب، أقصد انني مصري ومصر وقعت معاهدة سلام مع اسرائيل. وركب في رأسي فوراً التصور انهم، اي في "آرتي"، لا بد يفكرون في مشروع عن قصة حب بين اسرائيلية وفلسطيني بأبعاده حول السلام وكل ذلك "الكلام العبيط". رفضت. ولكن الرواية عادت إلى ذهني، فأعدت قراءتها على الفور واتصلت ببلزان وقلت له انني موافق على المشروع شرط ان يكون عن رواية "باب الشمس" وان يوافق الياس الخوري على تحويلها وان يشارك في كتابة السيناريو. "يا كده با بلاش". بعد أسبوعين، تقابلنا، هامبير وشوفالييه وكليمان وأنا، في مؤتمر في بيروت. عرضت عليهم المشروع واوضحت انني لن اعمل فيلماً عن السلام اذا كان هذا ما يفكرون فيه. كنت عدائياً بعض الشيء فنظر الي أحدهم قائلاً: "نريدك ان تصنع فيلماً جيداً، سوى ذلك أفعل ما تريده." من تلك اللحظة، اصبحت لدي السيطرة الكاملة على المشروع من السيناريو وحتى اختيار كل تفصيل. بدأ العمل مع الياس ومحمد سويد في أيار 2001 لمدة ثلاثة اشهر ومن ثم ثلاثة أشهر أخرى إلى أن انتهى السيناريو في تشرين الثاني من العام نفسه. المشكلة الاولى التي واجهتنا هي استحالة التعاون مع ممثلين فلسطينيين لعدم قدرتهم على دخول سوريا ولبنان والاردن. عندها، توجهت انظاري إلى الاردن والممثلين الفلسطينيين المقيمين في الخارج. هيام عباس كانت مشاركتها محسومة في دور "ام يونس" وكذلك نادرة عمران كانت من اوائل الممثلين الذين وقع الاختيار عليهم ولعبن دور "أم حسن". المشكلة الثانية كانت العثور على "يونس" لأنني منذ قرأت الرواية لم افهم لماذا هو بطل. وبالنسبة الي، لم تكن صورة البطل المقدام المغامر بأكتافه العريضة هي المطلوبة لأنه عندها كان سيطغى على الشخصيات الاخرى وسيشعر المتفرج بأنه امام فيلم نضالي. شيئاً فشيئاً بدأ طاقم الممثلين يكتمل. بدأنا التصوير في أيلول 2002 وحتى كانون الثاني 2003 انتهى الجزء الاول. وعدنا في أيار 2003 لنصور الجزء الثاني وحتى تموز. · ذكرت أن الفيلم يعكس علاقتك بفلسطين... ـ وعلاقة محمد والياس أيضاً.... · هل كان عندك في مرحلة ما ذلك الاحساس الذي يلازم مخرجين كثر بـ"الواجب" تجاه صنع فيلم عن فلسطين؟ ـ إطلاقاً بل ان ذلك كان كابوساً. فكرة الواجب منفرة جداً بالنسبة الي. ولكن يمكن الحديث على الواجب بعد الاحساس بالموضوع والتعمق فيه. إنما علاقتي بالسينما لم تكن يوماً قائمة على الواجب ولا حتى علاقتي بالقضايا العامة. بل هو الاحساس بالشيء الذي يحركني. ثم ان قضية فلسطين قائمة منذ ولادتي والعرب يحملونها على رأسهم ويدورون بها. ولكن إحساسي بأنني استطيع ان اتناولها كما أريد وانني استطيع ان أقول أشيائي الخاصة عنها، إلى وقوعي على رواية "باب الشمس"، كل تلك أنضجت المشروع واثمرت الفيلم. أضف إلى ذلك، انني للمرة الاولى أجد ان ما ارغب فيه ممكن تحقيقه اي اجتماع "الرغبة" و"الامكانية". عرض "آرتي" ذاك كان مذهلاً. فبدونه لم يكن المشروع ليتحقق إذ ان العرب لن ينتجوا فيلماً بهذه الامكانيات عن فلسطين ما لم يكن خطابياً ونضالياً والاجانب لن يغامروا به ايضاً. · إلى أي حد أسهمت العلاقة بين ثلاثتكم خلال الكتابة إلى إعادة طرح النقاش حول نص مكتوب ومكتمل؟ ـ هذا ما حدث بالفعل. فنحن من جهة كنا امام رواية مركبة وصعبة وجميلة ومن جهة ثانية كنا مدركين اننا لا نستطيع أخذ كل شيء لم يكن ممكناً نقل الرواية كاملة كما لم يكن الهدف ان نخر امامها ساجدين كنص كامل لا يُمس. متابعة النص بشكل حرفي لم تكن واردة والياس كان أول المبادرين إلى وضع الرواية جانباً والسعي إلى الخروج بنص درامي موازٍ لها. فهو كتب الرواية وقال ما يريده ونالت شهرتها ولم يكن همه إثبات شيء. لذلك كان التحدي بالنسبة إلينا ان نخرج بسيناريو جيد. · تستهل الفيلم بحكاية "شمس" و"خليل". هل ذلك من قبيل قلب الادوار وطرح التساؤلات حول من يكون البطل؟ ـ انطلقت من جملة موجودة في الرواية وهي كيف يمكن الشخص ان يحكي حكاية من دون ان يحكي حكايته هو. صياغة هذه الجملة درامياً كانت وراء هذا الخيار للقول ان "خليل" لم يأتِ من المشروع وان لديه قصة وقصته عظيمة. وفي مكان آخر في الرواية، ثمة ذكر لأن اقامة "خليل" في المستشفى هي بهدف اختبائه. نحن لممنا هذه التفاصيل وجمعناها لنصوغ خطاً درامياً. هناك أيضاً تركيز على فكرة أن "يونس" بطل لأنه عاشق وليس لأنه مقاتل، و"خليل" عاشق ايضاً فيستطيع ان يحكي حكايته مثل "يونس". ولكن في النهاية، تشبثت بالاشياء التي تشبه أفلامي من دون ان أضيق عوالم الشخصيات والفيلم، أي التركيز على فكرة الفرد والجماعة والفرد والتاريخ الحاضرة في أفلامي كلها ومحاولة الفرد ان يجد لنفسه مساحة بعيداً من ضغط التاريخ والجماعة بحيث لا يفقد فرديته. في هذا الفيلم، نجد الموضوع الذي المقموعين بسببه منذ خمسين سنة. الافراد غير موجودين في القضية الفلسطينية. لذلك، تشكل "باب الشمس" استثناءً لأنها تقوم على أفراد وأفراد أقوياء. وهذا ما جذبني اليها بالدرجة الاولى، إحساسي بالحرية الكاملة في التعامل مع الفرد فيها وتفجير فرديته. لعل اقوى الافراد في افلامي هم في "باب الشمس". · في الجزء الاول، نفس كلاسيكي ملحمي لا يشبهك كثيراً. انه يشبه فلسطين الاسطورة والصورة. لماذا لم تحاول كسر الاسطورة مفضلاً ان تنقاد خلفها؟ وهل استخدام أسلوب سينمائي مغاير لأسلوبك هو للتعبير عن بعد ذاتي من فكرة الاسطورة؟ ـ لا أعرف تماماً كيف اشرح هذا الميل او علاقتي بتلك المرحلة. ولكن ما حاولت فعله في الجزء الاول هو سرد تأسيسي أعتقده ناقصاً في صورتنا عن أنفسنا وتاريخنا. "باب الشمس" كمشروع كامل يمكن إمساكه بقواعد أفلام "الويسترن" والحروب: كيف يمكن للفرد ان يحيا في ظروف غير انسانية ويرتكب اموراً غير انسانية وفي الوقت عينه ان يبحث عن الانسانية في داخله. وهذه الافلام تقوم على شيء سياسي هو تقديمها الحكاية من جانب ابطالها. في "القيامة الآن" مثلاً، لم نشاهد ماذا يفعل الفييتناميون. الهدف ليس إنجاز فيلم محايد بل غارق في ذاتيته. من هنا، كنت أصنع فيلماً ذاتياً وأحاول البحث في تلك "الحدوتة" الكبيرة عن الافراد وعن تمردهم وعن بحثهم عن تميزهم وانسانيتهم. والاهم من ذلك كله الخروج من إشكالية الجلاد والضحية لأنها إشكالية سلطة. بالنسبة الي، الضحية لا تقوم على اية اخلاقية لأنها ترد على الوحشية بالوحشية. لا أفهم الآن كيف اننا في حرب لبنان كنا ندين أفعال الكتائب والقوات ونبرر لمن نتعاطف معهم جرائمهم بحجة انها انتقام. لم أعد استطيع قبول ذلك اليوم. لذلك، يجذبني إلى الياس خوري انه حين يكتب لا يعرض وحشية الآخر بل يبحث عن انسانيته هو. هذا هو المشروع ككل. اما الجزء الاول فهو بحث "خليل" عن الاب، عن صورة الاب. وهو بحث مبني على الحكايات المتناقلة عن فلسطين وعما حصل في النكبة. بهذا المعنى، الجزء الاول هو تجسيد للخيال راعيت فيه هذا الخيال لأنني اردت ان يذكر بأفلام الخمسينات، كأن المتفرج يشاهد حلماً او يستمع لحكاية جدته. وأردت من خلال هذه الاسلوبية ان اجد نفسي ايضاً، لذلك لا اوافق كثيراً على أن الجزء الاول لا يشبهني. فهناك تفاصيل الكاميرا وكيفية تقديم الحلم وغيرها تشبه تفاصيل من افلامي الاخرى... أما الجزء الثاني فيرد على الاول ويتصادم معه. إنه بحث عن الام وعثور "خليل" على نفسه أو إعادة تركيبه لذاته كفرد. وهو محاولة تحديد ماذا حل بالفرد بعد انتهاء الحدوتة وخوضه الحرب الاهلية وحرب المخيمات وتجربة الاشتراكية و..و.. الجزء الثاني لا ينقصه الحلم بتاتاً ولكنه لا ينجح بدون الاول. علي الاعتراف بأنني شعرت بمتعة غامرة في قول حكاية كما في الجزء الاول. كنت بحاجة لفعل ذلك والمتفرج أيضاً يحتاج إلى مشاهدة الحكاية الاولى. · في الجزء الاول، يكثر الكلام على الحكايات والقصص المروية من أكثر من وجهة نظر وكأن هناك "كذب" كثير محيط بالموضوع الفلسطيني. بينما في الجزء الثاني، صورة صادمة عن فلسطين... ـ كذب كلمة كبيرة. لنقل الخيال. أنا موافق. ولكن دعيني أقول شيئاً: فلسطين ليست هي الحاضرة بل الفلسطينيون. ثمة جانب حاولت التعبير عنه وربما يأتي في صلب سؤالك. فقد وضعت نفسي مكان الفلاحين في الجزء الاول لأنقل لاوعيهم بأمور كثيرة. كانوا يعيشون حياة بسيطة، يزرعون اراضيهم ويزوجون بناتهم صغيرات السن وتلك قسوة... ولكن وعيهم بحيواتهم وبفلسطين لم يكن موجوداً. في المشهد الذي يسألهم المعلم ما هي بلدكم ويجيبونه "عين الزيتون"، ينهرهم قائلاً ان بلدهم "فلسطين" فيرددون وراءه الاسم إنما من دون وعي. · هل هذا انحياز لمقولة احدى الشخصيات ان الوعي بفلسطين جاء بعد فقدانها؟ ـ تاريخياً هذا صحيح. فلسطين كانت بلداً تحت الاحتلال العثماني وجزء من سوريا الكبرى وعندما بدأت الحركة الوطنية الفلسطينية الهادفة إلى إعادة تعريف ماذا يعني فلسطيني، كان ذلك في منتصف الثلاثينات. وذلك ما حصل أيضاً في مصر حيث كانوا حتى الثلاثينات مازالوا يناقشون قانون الجنسية المصري، أي ماذا يعني مصري؟ ولكن الفارق ان النكبة في فلسطين قطعت كل تلك الافكار، مؤجلة الوعي بفلسطين إلى ما بعد النكبة. فهؤلاء الفلاحون كانوا خارج العالم المعاصر إلى أن هجم عليهم ذلك العالم وطردهم. لذلك اقول ان ما تسمينه كذباً اسميه أنا حكايات وهي بمثابة الاساطير التي تحتاج اليها كل هوية لتتعرف بها على نفسها. ولكن في موازاة ذلك، الجزء الاول يرد أيضاً على الاكاذيب الاسرائيلية القائلة بأن فلسطين كانت صحراء وبلا تاريخ قبل مجيئهم، إنما من دون أن يكون نضالياً. الدفاع عن خيال الفلسطينيين عن فلسطين هو حق وهو جزء من تأسيسهم لأنفسهم. · تستهل الجزء الثاني بلقطات فيديو من دون أن تلجأ إلى شرحها على غرار ما في الرواية. فهل هذا نوع من إعلان أولي وموقف من حيث اعتبار الجزء الثاني رداً على الاول؟ ـ هذا صحيح لأنني اردت ان اضع المتفرج منذ اللحظة الاولى أمام أسلوب مختلف. لذلك بدأته بمشهد فيديو ومن ثم مظاهرة وبعدهما مقابلات واقعية مع الناس. انه الإحساس بخشونة الجزء الثاني وبتأثيرات اليوم حيث خرجنا من الاسطورة وأصبحنا في حكاية خليل وصورته وحكايته. من هنا تتكرر حكاية "شمس" انما بإضافات لأن "خليل" هو الذي يحكيها الآن أي أنه يحكي افتتانه بها ويضيف التفاصيل التي تعزز صورته كعاشق. هذا ما يحتاجه "خليل" ليستطيع ان يتماسك من جديد. الفيلم يركز على هذه الناحية من إعادة تركيب الحكاية من جديد لتشكيل الذات من جديد. هنا يأتي رفض الشخصيات في الجزء الثاني لـ"التمثيل" اي رفضها ان تكون صورة عن نفسها او حكاية عن نفسها يطغى الخيال عليها. يرفض "خليل" ان يكون قصة لأنه يريد ان يعيش. وتتوقف "نهيلة" عن تمثيل دور زوجة البطل لأنها تعبت من ان تكون صورة لشيء غير ملموس. بعضهم اعتبر ذلك تعبيراً عن انهزامية الشخصيات، بينما أنا أراه انحيازاً للحياة ومراجعة الانسان لنفسه. · بين "خليل" و"يونس" تبادل لملامح البطولة ولكن كليهما في نهاية المطاف "بطل ـ مضاد". ـ هما ليسا خاسرين ان كان هذا ما تقصدينه. · كلا بل قصدت انهما ليسا بطلين بالمعنى التقليدي للبطولة. ـ هذا صحيح لأنني منذ البداية كنت مدركاً لخطورة الاتيان ببطل ذي مواصفات جسدية طاغية. ولكن اللحظة الوحيدة التي أرى فيها "يونس" بطلاً هي عندما يقرر الا يفجر "الكيبوتز" لأن في تلك اللحظة يتطور وعيه بإنسانيته. وكذلك الامر بالنسبة إلى "خليل". لحظات بطولته هي محاولته في كل مرة القيام من صدمته والبدء من جديد، أي اعادة بناء نفسه. · بهذا المعنى تبدو ميالاً إلى اعتبار "خليل" البطل الحقيقي؟ ـ حتماً "خليل" هو البطل. وهذا ما جعلنا نغير النهاية. فبدلاً من ان يأتي شبح "نهيلة" فقط، يأتي شبح "نهيلة" و"شمس" معاً لانقاذ الرجلين اللذين يعشقانهما. وبدلاً من ان يقف "خليل" على قبر "يونس" ويبكي كما في الرواية، يخوض نفس الطريق لتي كان يسلكها الاخير لأنني لا أرى نفسي، كما الياس ومحمد، واقفاً على قبر عبد الناصر مثلاً نبكيه. ليس هذا تصوّري لمستقبلي. لهذا يعود "خليل" إلى أين؟ لا أعرف. سواء اسمها فلسطين او اسرائيل او العفريت الازرق. · يبدو الواقع الفلسطيني اليوم بما يفرضه من حالة خاصة في تشكله وتفككه المستمرين، يبدو بعيداً من الافلام الا من حيث نقله أو تسجيله. أو أن الكلام على فلسطين ينهل من الماضي. "باب الشمس" ليضلً يتوقف عند منتصف التسعينات. فهل تعتقد ان محاولة رسم صورة عن هذا الواقع هي حتماً محاولة في الماضي؟ ـ كلا. حتى وقوف الفيلم في منتصف التسعينات هو توقف درامي وليس عجزاً عن رسم صورة للحاضر. ولكن السبب هو إحساسي ان شيئاً لم يتغير منذ ذلك الوقت الا المزيد من الانهيار. لماذا لا وجود للانتفاضة والانتحاريين؟ لأن الحالة اليوم مخيفة مع انهيار مؤسسات المقاومة الفلسطينية من دون ان ينبني بديل بعيداً من القنابل البشرية. لا حكم عندي على كل ذلك ولكنه ليس ملهماً بالنسبة الي البتة ان يفجر ولد في الخامسة عشرة نفسه. في الفيلم وجهة نظر سياسية تتلخص برفض مقابلة البربرية والوحشية الا بشيء حضاري أو نموذج ما حضاري، بما يفتح شباكاً امام العالم يؤكد على إمكانية حفاظنا على انسانيتنا برغم كل الرعب والوحشية. اذا كان لا بد من رسالة سياسية في الفيلم فهي ان الطريقة الوحيدة لمواجهة اسرائيل هي ان نشتغل على انفسنا لنكون أحلى واكثر انسانية وجاذبية منهم. المستقبل اللبنانية في 1 يناير 2006
بعد جمال سليمان وجومانة مراد وسلاف فواخرجي... الدراما المصرية تجتذب أيمن زيدان القاهرة - احمد السماحي Manually created - 13/12/05// بعد ان اجتذبت الدراما المصرية عدداً كبيراً من النجوم السوريين في الفترة الأخيرة مثل جمال سليمان، وسلاف فواخرجي، اللذين قاما ببطولة فيلم أمام النجم الراحل احمد زكي، وجومانة مراد التي شاركت في بطولة ثلاثة مسلسلات حتى الآن - وهي «الحب موتاً»، «الطارق»، «قلب حبيبة» والأخير هذا لم يُعرض بعد - وبعد استعداد المخرج حاتم علي لاخراج فيلم «محمد علي» للنجم يحيى الفخراني. وقع اختيار المخرجة نادية حمزة على النجم السوري أيمن زيدان لبطولة مسلسلها الجديد «كيد النسا» الذي يقع في 30 حلقة، ومن المقرر عرضه في رمضان المقبل. المسلسل من تأليف إلهامي عمارة وبطولة رغدة التي تعود الى الدراما التلفزيونية بعد توقف دام عامين حيث كان آخر عمل لها «أمس لا يموت». وعن سر اختيارها للنجم السوري تقول ناديا حمزة: «تربطني بالفنان أيمن زيدان علاقة احترام وصداقة وطيدة منذ خمس سنوات. والأعمال التي يقدمها تنال إعجابي، ولقد تمنيت دائماً بل حلمت أن يشارك في أحد أعمالي، وعندما جاء الوقت المناسب سعدت جداً بهذا لأن زيدان من الممثلين المخضرمين ومن النجوم المتمكنين جداً من أدواتهم الفنية وأشبه بالنجم العالمي انطوني كوين. وليس معنى هذا عدم وجود نجوم مثله في القاهرة، ولكنني لجأت إليه من باب التغيير خصوصاً أن الناس ملّت تكرار الوجوه، كما أن الدور تطلب وجوده لأنه يقوم بأداء دور رجل أعمال سوري». وأضافت نادية حمزة: «أعتقد بأن وجود زيدان في الدراما المصرية مكسب كبير لها لأنه من الممثلين المثقفين فنياً، والمتواضعين إنسانياً، والمتفانين والمحبين لأعمالهم، والدليل إلى ذلك نجاح أعماله الأخيرة التي عُرضت في رمضان الماضي مثل «ملوك الطوائف»، و»جوز الست»، و «أنا وأربع بنات»...». ونفت المخرجة أن يكون استعانتها بالنجم السوري راجع الى ظاهرة استعانة الدراما المصرية بنجوم عرب. يذكر أن نادية حمزة تقوم حالياً باختيار أماكن التصوير لمسلسلها الجديد، وانتقاء بقية الممثلين، على ان يبدأ تصوير المسلسل خلال شهر آذار (مارس) المقبل. الحياة اللبنانية في 13 ديسمبر 2005
«الشام» ضحية «انقلاب» خدام
كتب جمال آدم: الخبر ليس إشاعة بل حقيقة، فالشركة التي أخذت على عاتقها اسم «الشام»، وقدمت أهم الأعمال السورية في بداية التسعينات، هي الآن لا تعرف مصيرها بعد أن عاد مديرها الفنان أيمن زيدان من القاهرة على عجل، ليقطع أية مسؤولية له بالشركة معلنا تعليق كل الأعمال الدرامية بصفته مديرها الرسمي، بالإضافة إلى استقالته منها على خلفية تداعيات حديث نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام إلى قناة العربية. والمعروف أن باسم خدام، الابن الثالث لخدام، هو مالك شركة الشام الدولية للإنتاج، وبالتالي تعتبر الشركة واحدة من أملاك خدام الأب، أو هذا ما هو معروف في الوسط السوري، وعلمت البيان ان فنانين مشاركين في أعمال تنتجها شركة الشام الدولية توقعوا عدم الاستمرار بالتصوير لصالح الشركة التي لا يعرف مصيرها حتى الآن ولا يعرفون فيما إذا كان مالكها باسم خدام قد باعها إلى جهة مجهولة أم لا؟ وشركة الشام الدولية شكلت مفصلا حيويا للعديد من الأعمال السورية منذ عشر سنوات وحتى لحظة توقفها عن العمل، وقد كانت في شراكة مع قناة آي آر تي فيما يخص عملية الإنتاج والتوزيع للأعمال التي تقوم بها الشركة. وقال المدير السابق للشركة أيمن زيدان لـ «البيان»: «أنا رجل أحب وطني، وهذا لا مجال للمساومة عليه، وما قام به عبد الحليم خدام شكل صدمة لكل أطياف الشعب السوري وهو ما يتعارض مع أي شكل من أشكال الإحساس بالمواطنة أو الانتماء. وأنا كشخص أرفض رفضا قاطعا ان أتعامل بهذا المنطق، أو أن أتعامل مع الأشخاص الذين يظهرون على هذه الصورة، وأعتقد أنني اتخذت القرار الذي يناسبني كمواطن سوري وكفنان سوري، بأن أترك هذه الشركة التي تعتبر واحدة من شركات خدام الابن أو خدام الأب، بحيث يكون هذا شكلاً من أشكال الرفض الذي أستطيع أن أقدمه باعتباري فرداً من أفراد الشعب السوري على التصريحات التي قدمها خدام الأب عبر وسائل الإعلام لأننا كسوريين يجب ان نكون يدا واحدة في المحنة التي تستهدف بلدنا سوريا. وقد كانت «البيان» قبل أيام قليلة تحدثت عن انتهاء مرحلة مهمة من المسلسل التلفزيوني سفير فوق العادة الذي تنتجه شركة «الشام» والعمل كان مرشحا كأحد الانتاجات الضخمة للدراما السورية العام المقبل وقد أصبح مصيره معلقا إلى جانب مصير العديد من الأعمال التي كانت الشركة تصورها أو تنوي إنتاجها، فما الذي سيحدث لتلك الأعمال وما مصير شركة الشام أساسا..؟ هل ستصاب بالشلل كما حدث مع شركات خدام الأب المنتشرة هنا وهناك أم تم بيعها بسرية..؟ البيان الإماراتية في 3 يناير 2006 |
ضوء.... عصر الأطباق اللاقطة عدنان مدنات يسهل على أي إنسان إغلاق صنبور الماء لإيقاف تدفق الماء منه بعد الانتهاء من الغسل، ولكن.. هل يمكن وقف انهمار المطر ومنعه من التأثير على الطبيعة سواء سلبا أو إيجابا؟ هذا السؤال، طبعاً، مجازي، ومناسبته تزايد اللغط حول الظاهرة التي غزت العالم، وهي ظاهرة انتشار الأطباق أو الصحون اللاقطة للبث التلفزيوني الفضائي، والتي لا زالت تثور حولها، وبخاصة في العالم الثالث، زوابع النقاش الحاد الناتج عن المخاوف من الهيمنة المتزايدة للبث الفضائي على الحياة الاجتماعية وحلول عادة مشاهدة البرامج التلفزيونية محل العادات السابقة من نوع تبادل الأحاديث بين الناس أثناء السهر المشترك أو قضاء الوقت في القراءة أو الاستماع للموسيقى الصافية، وكذلك المخاوف من التأثيرات السلبية المتعلقة بانتشار هذه الأطباق على عقول وعواطف الناس. في حين انتشر الطبق اللاقط للبث التلفزيوني الفضائي في دول العالم المتقدمة بقوة وبكل أريحية وبات يسترخي فوق أسطح العمارات والبيوت ويتكاثر ويتناسل، فإنه تسلل إلى دول العالم الثالث، أو الدول النامية، خطوة خطوة وبحذر شديد متجاوزا الاعتراضات وما احتدم حوله من مظاهر الخصام بين مؤيد ورافض، مما يذكرنا بما قاله يوماً الطيب الذكر الشاعر العباسي المتنبي، حول شعره الذي اختلف فيه الناس: الخصام الذي دار في العالم الثالث حول انتشار الأطباق اللاقطة تم على مستويين: الأول رسمي يخص حكومات العالم الثالث وسياساتها الإعلامية، وبشكل أدق قوانينها الإعلامية التي تقوم على الرقابة والمنع والمصادرة على المعلومات وقمع حرية التعبير، ذلك أن تقنيات وسائل الاتصال الحديثة، ومن ضمنها الأطباق اللاقطة جعلت من السياسات الإعلامية المعمول بها في دول العالم الثالث، أشبه برأس النعامة المدفون في الرمال، فالنعامة في مثل ذلك الوضع، لا ترى ولكنها لا تدرك أن الآخرين من حولها يرون. ولأن واحدا من أكثر الأسئلة جذرية، والتي طرحت في حينه ولا تزال تطرح حتى الآن، فيما يتعلق بتأثير البث الفضائي على المجتمعات في الدول النامية يرتبط بمدى جدوى الرقابة بل وجدوى مفهوم الرقابة بحد ذاته، فإنه من المفيد تقصي نماذج عن البدايات الأولى، لتغلغل الأطباق اللاقطة وانتشارها المتسارع الخطى في دول العالم الثالث أو العالم النامي. والأمثلة على كيفية انتشار الأطباق كثيرة وسنذكر منها ثلاثة فقط يتميز كل منها عن الآخر بشكل أو بآخر وتغطي بمجملها الجوانب المختلفة لهذا الانتشار. المثال الأول: دولة كان مسيطرا فيها التيار المحافظ. ففي أوائل سبعينات القرن العشرين تناقلت وكالات الأنباء الغربية أخباراً أو تحقيقات مثيرة وطريفة حول الأطباق اللاقطة في تلك الدولة. وجاء في تلك التحقيقات الصحافية أن الأطباق اللاقطة انتشرت بعد أن خبأت فوق أسطح العمارات أو ضمن حدائق المنازل في الأحياء البرجوازية في المنطقة الغربية من العاصمة على الرغم من أنها ممنوعة رسميا، وهذا ما كان يمكن ملاحظته بسهولة من الطوابق العليا للفندق الفاخر، الذي ينزل فيه الضيوف والصحافيون الأجانب والقريب من مبانٍ رسمية، على الرغم من أن السلطات الحكومية ظلت تهدد بين فينة وأخرى بنزع الأطباق وتحذر مالكيها. وقبل الأطباق اللاقطة انتشرت أجهزة الفيديو الممنوعة وانتشرت الأفلام الممنوعة، وقدرت التحقيقات آنذاك وجود حوالي عشرين مليون جهاز فيديو يستخدمها الناس سراً. أما المثال الثاني فهو الضجة التي أثيرت في إحدى الدول من قبل بعض الأوساط الاجتماعية والمؤسسات الدينية ضد الأطباق اللاقطة، والتي لم تكن قد انتشرت بكثافة فقط بل كان قد بدأ تصنيعها محليا وكانت تباع بأسعار متفاوتة تناسب الجميع. فكيف إذن، تسمح الدولة بالأطباق وتجيز تصنيعها، في حين أن قوانين الرقابة على البث التلفزيوني المحلي كانت في غاية الصرامة؟ وقدمت دولة ثالثة مثالاً إضافيا يوضح كيف تم انتشار الأطباق اللاقطة، في وقت كان تركيب الأطباق فيه ممنوعاً. فقد انتشرت الأطباق أولاً فوق بيوت بعض الأثرياء المتنفذين وبعض المسؤولين وأعضاء السفارات الأجنبية، وبعد أن استقرت تم غض النظر عن تركيبها فوق أسطح بيوت الأغنياء في الأحياء الراقية. فكيف دخلت الأطباق البلاد رغم أن استيرادها كان ممنوعا؟ دخلت الأطباق عن طريق التهريب ثم فرضت نفسها. فقد تناقلت الصحف أخبار فضيحة تهريب كان يقوم بها أحد كبار المستوردين، الذي كان يستورد الأطباق عن طريق الميناء البحري، وبشكل رسمي، على أساس أنها ستصدر إلى دولة مجاورة، أي ترانزيت، ولكن القطع كانت تخرج من الميناء ولا تصل إلى هدفها المعلن، بل يتم تجميعها ومن ثم تركيبها في العاصمة فوق منازل القادرين على شرائها. معالجة الفضيحة تمت على طريقة السكوت عنها وتجاوزها نحو السماح بالاستيراد ومن ثم السماح لبعض الرأسماليين بعملية التصنيع المحلي. وهكذا تم فرض أمر واقع جديد. الخليج الإماراتية في 2 يناير 2006 يخوض تجربته بعيداً عن جغرافيا الوسط رشيد عساف: نفذت «الغدر» بعد أن «لطشوا» «رجاها»! حوار: نائل العالم يعد الفنان رشيد عساف واحدا من نجوم جيل الوسط في سوريا، شهد وساهم في نهضة الدراما في بلده بداية التسعينات، ويسجل له انه من أكثر الممثلين الذين جنحوا نحو الأعمال التاريخية بمعاونة المخرج المثير للجدل نجدة أنزور والكاتب هاني السعدي. لكن (ورد) البركان وصاحب البواسل والكواسر والفوارس، قرر، التخلي عن بطولاته التاريخية وأن ينقل ابداعاته إلى أجواء معاصرة وعصرية، فقدم في رمضان الماضي مسلسل «الغدر» بصفته ممثلا ومنتجا، ولاقى هذا العمل نجاحا، وإضافة جديدة إلى مسيرة الفنان السوري، عساف زار دبي وكان لـ «البيان» فرصة محاورته في العديد من الأمور الفنية الشائكة. · ما الذي أغراك في سيناريو الغدر حتى عدت إلى الدراما المعاصرة؟ ـ سبق وأن شاهدت رواية «بائعة الخبز» المأخوذ عنها مسلسل «الغدر» في عمل مصري قديم قامت ببطولته الفنانة شادية، وهي رواية تعتمد على القدرية والمصادفات ومشحونة بالعواطف، وهذه أمور تنطبق على طبيعة المجتمع العربي، ووجدت في العمل دوراً فاقعاً أعود به إلى ساحة الدراما المعاصرة، وهكذا كانت شخصية (نبيل الصاحب) في «الغدر» شخصية شريرة بعيدة عن أدوار الخير والفروسية التي صبغت الشخصيات التي جسدتها في السنوات الماضية.. ففاجأت الجمهور وأحدثت تجاهه نوعا من الصدمة. · هل كنت تضع على أجندتك تقديم عمل معاصر، أم أن الأمور جاءت مصادفة؟ ـ العودة إلى الدراما المعاصرة كنت مخططا لها منذ حوالي سبع سنوات، لكن الأمور جاءت بعكس ما أريد وبشكل تراكمي، فعندما كنت أعمل في مسلسل «الكواسر» عرض علي نص «البواسل»، وقبل نهاية تصوير «البواسل» تلقيت عرضا لبطولة «المسلوب»، ثم دخلت مسلسل «البحث عن صلاح الدين» ومن ثم «صراع الأشاوس»، وبطبيعة الحال فانا أتبع سياسة تقديم مسلسل واحد خلال السنة وهو أمر جعلني بعيدا عن الدراما المعاصرة مع أن كثيرا من النصوص الأخرى كانت تعرض علي ومنها «الخوالي»، إلا أن الظروف التي ذكرتها حالت دون تحقيق ذلك. · وماذا عن قصة التشابه التي أحاطت مسلسل «الغدر» مع آخر مأخوذ عن الرواية ذاتها عرض كذلك في رمضان الفائت؟ ـ قصة المسلسل الذي تتحدث عنها وهو «رجاها»، كنت اشتريتها قبل أن أتلقى سيناريو «الغدر»، واكتشفت فيما بعد أن المؤلف باع السيناريو لجهة إنتاجية أخرى، وكان من تلك الجهة أن اتفقت معي بأن نتشارك سوية في إنتاج العمل لكنهم (لطشوا) السيناريو.. ودخلت وإياهم في نزاعات قضائية لا تزال قائمة حتى الآن، وعلمت بعد ذلك أن هناك نصاً آخر مأخوذاً عن رواية «بائعة الخبز» تملكه شركة إنتاج أخرى فشاركتهم في إنتاج العمل ونفذته نكاية بمسلسل «رجاها» وكنت واثقا من نجاحه وتحقق ما أردت. · رغم هذه المشكلات إلا أن المسلسل كان فقيراً انتاجياً، ومعظم الممثلين من الصف الثاني، هل تتفق مع هذا الرأي؟ ـ أنت محق فيما يتعلق بالجانب الإنتاجي فكان بإمكاننا أن نحسن الصورة والأداء والسيناريو لو أتيحت لنا الفرصة وأسعفنا الزمن، أما الممثلون فجميعهم من الصف الأول لكن بسبب ظروف العمل كان هناك صعوبة في الاختيار، فقد بدأنا التصوير في شهر يونيو الماضي وكان هناك أكثر من عشرين مسلسلا سوريا تصور في الفترة ذاتها وعليه فان ارتباطات الممثلين كانت كثيرة. · كيف تقيم تجربتك الإنتاجية بعد «صراع الأشاوس» و«الغدر»؟ ـ الإنتاج عمل صعب ومضن والفائدة من ورائه شبه مادية، وإذا أردت أن تحقق وجودك على صعيد الإنتاج يجب أن تمتلك ميزانية كبرى، فأنا إذا أردت أن أنتج مسلسلا مشابها لـ «ملوك الطوائف» مثلا، يجب أن امتلك ما لا يقل عن مليوني دولار وهذا أمر صعب بالنسبة لي. وإضافة لذلك فان طريقة التسويق اختلفت، ففي حين أن الحلقة الدرامية كانت تباع للمحطات الفضائية بحوالي 3500 دولار، تراجعت القيمة إلى 1500 دولار اليوم، وفيما تراجع تسعير الساعة الدرامية، زاد متوسط أجور الفنانين من 200 دولار في الحلقة إلى حوالي ألف دولار. وهناك بعض الجهات تشتري المسلسل وتعرضه على أكثر من محطة في البلد الواحد. مغامرة الإنتاج بالنسبة لي كانت عبارة عن ربح معقول وعدم استنزاف الطاقات التمثيلية بالظهور المتكرر، وفي المحصلة باستطاعتي القول أن ما جنيته في مسلسل واحد مساو لما يمكن أن أجنيه من خمسة أعمال أقوم ببطولتها. · هل انفرط عقد المثلث الدرامي الناجح مع كل من نجدة أنزور وهاني السعدي؟ ـ لا لم تنفرط هذه العلاقة ولكنها متوقفة حتى وجود عمل مناسب يجمع الثلاثة، فنجدة أنزور يعلم ما يناسب رشيد عساف وأنا أعرف أنه دقيق في خياراته الفنية. تربطني بهذا المخرج علاقة ذات معايير فنية لا شخصية، وهذه المعايير هي التي تحدد إمكانية تواجدنا معا أو تنفيها، فأنا لست من الممثلين الذين اعتقدوا أنهم يجب أن يعملوا في كل المسلسلات التي يخرجها نجدة أنزور، كما لا اعتقد انه يراني في كل شخصيات مسلسلاته. · نراك بعيدا عن الوسط الفني في سوريا نائيا بنفسك عن أجوائه، ألا يؤثر هذا على تواصلك مع الحركة الفنية وما يجري على الساحة هناك؟ ـ لست بعيدا عن الوسط.. أنا بعيد عن جغرافيا هذا الوسط، أي قد لا تجدني في نقابة الفنانين ولا في التلفزيون، ولكنني أتواصل مع الفنانين السوريين بالقدر الذي يتطلبه منا العمل الدرامي وأتناقش وأتحاور في هذا الإطار ولا يعنيني الحياة الخاصة لأي من الزملاء، طالما أن علاقتي معهم مبنية على أساس العمل. · ألهذا لا نراك أنت وزملاءك من جيل الوسط، كسلوم حداد وجمال سليمان وأيمن زيدان في عمل درامي مشترك؟ ـ اجتماعنا في عمل واحد له علاقة بميزانية الأعمال الدرامية التي لا تتحمل وجود أكثر من 4أو 5 نجوم بأعمار متفاوتة في كل عمل درامي، وعليه فان كل واحد من الفنانين الذين ذكرت يحمل عملا واحدا، والشركات المنتجة تنسق فيما بينها في هذا الصدد والمسألة في المحصلة صحية لدينا في سوريا مجموعات تمثيلية متوازنة ولم نقع في مطب النجم الأوحد كما فعل المصريون، فقد استعانت الدراما التلفزيونية في مصر بجهود نجوم السينما لمواجهة العمل السوري الجماعي، وكان أن احترقت نجومية هؤلاء سينمائيا وفشلوا تلفزيونيا وتعرضوا للهجوم اللاذع في رمضان الماضي من الصحافة المصرية ذاتها. · كيف ترى المنافسة المصرية السورية في مجال الدراما وما هي الفروق الأساسية بينهما؟ ـ تستمد الدراما السورية قوتها من تناولها الصادق لهموم المواطن العربي وتفاصيل الحياة التي يقدمها المسلسل السوري تبدو متشابهة مع مثيلاتها في كل أنحاء الوطن العربي، بينما للمجتمع المصري خصوصية تجعل المشاهد العربي يشعر بغربة أثناء متابعته للمسلسل المصري. وأرضت المسلسلات السورية المشاهد من الناحية البصرية من حيث الإضاءة والديكور والتصوير الخارجي، نحن نصور بكاميرا واحدة بحيث يبدو المشهد سينمائيا، بينما يستخدم المصريون أربع وربما خمس كاميرات وكأنهم يحاولون نقل مباراة رياضية، وبالتالي فرض المنطق نفسه، الجمهور بات يطالب بالأعمال السورية التي يرى أنها تحترم عقله وتفكيره، والقنوات الفضائية أصبحت تقبل على المسلسل السوري لجودته وحسن صنعته. · يقال انك نقلت إقامتك إلى دبي وأسست مشروعا هنا؟ ـ وجودي في دبي ليس دائما رغم أنني أملك شقة هنا ومكتبا، ومؤخرا دخلت شريكا في مشروع تجاري، عبارة عن شركة عقارات اسمها «تجلي» مع أحد المواطنين الإماراتيين وأحد اللاعبين السابقين في نادي الأهلي المصري. البيان الإماراتية في 4 يناير 2006
|