شعار الموقع (Our Logo)

 

 

نتواصل في هذه الحلقة من كتاب عالم نجيب محفوظ السينمائي للمؤلف وليد سيف الذي يتناول فيها اعمال نجيب ما بعد العام 1972 فيقول عن هذه المرحلة: بدءا من عام 1972 وحتى عام 1975 هي مرحلة العودة للواقعية على مستوى جديد «الكرنك» و«المرايا»، و«حضرة المحترم» وتختلف نبرة محفوظ في هذه المرحلة تماما اذ يطل علينا ابطال مختلفون يشعرون بأنهم مواطنون من حقهم المشاركة في تحديد مصير وطنهم الذي يقاسمونه افراحه واحزانه، اعياده وويلاته» (بوراجييفا لوتس: من كتاب نجيب محفوظ في مرآة الاستشراق ـ ص 111).

واذا كانت باقي روايات محفوظ من 1975 وحتى الآن يصعب ضمها تحت اسلوب واحد الا ان اهم ما يميزها هو مسألة تنوع الاسلوب وان اشترك معظمها في نفس المضمون وهو شعور الشخصيات بحقها في المشاركة في تحديد مصير الوطن، تشترك في هذا روايات «قلب الليل» و«الباقي من الزمن ساعة» و«قشتمر» وتشترك روايتا «الحب تحت المطر» و«الكرنك» في تناولهما لمشاكلنا اليومية المعاصرة .

وما نعانيه من ضغوط وتعبر احداث الروايتين عن فترة قريبة نسبيا من فترة صدورهما وتمتليء كل منهما بالاحداث والشخصيات وتتميزان بالبساطة والوضوح وتبقى ثلاث روايات من هذه المرحلة قدمتها السينما وهي «الحرافيش» و«عصر الحب» و«قلب الليل» وتشترك الروايات الثلاث في انها تتناول فترة تاريخية طويلة وتتعقب اجيالا متلاحقة من الاجداد والابناء والاحفاد .

ولا تتناول الواقع المعاصر لتاريخ كتابتها بقدر ما تهتم بأن تضرب في جذور تاريخنا منذ بداية القرن العشرين تقريبا متتبعة مصير الشخصيات والابناء وتتميز رواية الحرافيش بما تشغله من مساحة كبيرة وما تحتويه من اجيال كثيرة متعاقبة، كما تتصف من حيث الشكل بوحدة فصولها.

حيث تشكل كل قصة داخل الرواية وحدة متكاملة وان اشتركت مع باقي القصص في انتماء ابطالها الى جدهم الاكبر عاشور الناجي وكذلك في الرؤيا العامة الشاملة التي يتضمنها البناء الروائي عن عالم الفتوات والحرافيش، وربما يكون اكتمال وحدة البناء داخل كل قصة هو الذي اغرى السينمائيين بتناول كل قصة في فيلم سينمائي.

اما رواية «عصر الحب» فعلى الرغم مما تحتشد به من احداث ومواقف درامية وصراعات ومواجهات الى جانب ما تحتويه من مشاهد في الحانات والملاهي الا ان شخصية البطل تفتقد البحث عن هدف كبير يمكن ان يتعاطف معه المشاهد او يتابعه بشغف، وان كان يبحث عن السعادة بمعناها المطلق، وربما يتوافق هذا مع الطابع الفلسفي المحدود للرواية، ولكنه يصعب جدا ان يرضى جمهور السينما.

وتشترك رواية «قلب الليل» في عناصر كثيرة مع الرواية السابقة ومنها تمرد الابناء وما يسببه لهم من حياة مستقرة، وبحث كلا البطلين عن السعادة وان كان جعفر الراوي في بحثه عن السعادة في قلب الليل يسلك طرقا عديدة ويتواصل مع طبقات مختلفة وهو يحمل هدفا كبيرا وهو ان يقدم للبشرية شيئا جديدا، ولكن الفارق بين الروايتين يكمن اساسا في وضوح الخط الفلسفي في قلب الليل ومناقشته فكرة علاقة الانسان بالاصل ووضوح الرمز في شخصية الجد وشدة التباين بين العوالم التي يحياها البطل.

وبقدر وضوح هذه الجوانب بقدر ما يكون العبء في تقديمها سينمائيا، ولهذا سوف تكون هذه الرواية والفيلم المأخوذ عنها هما ثالث الاعمال التي سنتناولها بالتحليل.

وهكذا تكون الاعمال الثلاثة التي سوف نتناولها بالتحليل هي «خان الخليلي» و«ميرامار»، و«قلب الليل» وقد راعينا الاعتبارات الآتية في هذه الاختيارات:

كل رواية تمثل مرحلة من مراحل ادب نجيب محفوظ وتعبر عن قضية اساسية تأخذ مساحة كبيرة من فكر كاتبنا واعماله.

كل فيلم يمثل مرحلة تاريخية وفنية سينمائيا، كما تمثل مراحل تطور وعي الجمهور واستيعابه لمفردات العمل السينمائي.

تمثل هذه الافلام اعمالا مهمة لثلاثة مخرجين كبار، ومن اهم المخرجين الذين تناولوا اعمال نجيب محفوظ، كما ان كل فيلم منهم اثار اهتمام النقاد وحقق قدرا من النجاح.

جريدة البيان في  29 فبراير 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

بسام الذوادي ـ لقاء

      مهرجان البندقية.. يكرم عمر الشريف

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

آسيا جبّار عبّرت عن الهواجس الدفينة للمرأة

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

عالم نجيب محفوظ السينمائي:

شخصيات إيجابية تبحث عن أدوارها الوطنية

مقال ذات صلة

نجيب محفوظ في السينما المكسيكية

السينما المصرية وأدب نجيب محفوظ