شعار الموقع (Our Logo)

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

كتبوا في السينما

 

 

 

 

 

 

الأهرام العربي تنفرد بالرسائل الخاصة لمؤسسي السينما المصرية‏(4/2)‏

محمد كريم يتبرع بعشرة جنيهات لصوت الشيخ محمد رفعت

سامي كمال الدين

 

 

 

 

 

 

للأوراق الصفراء الباهتة قيمة أكثر من رائعة ليس للمؤرخين الذين يولعون بها فقط‏,‏ لكن لحبيبة هاجر حبيبها وولي العمر دون أن تراه‏,‏ ولأم ثكلي فقدت ابنها في الحرب‏,‏ ولفتاة ولدت لأم ألمانية وأب يعد أهم علامات تاريخ السينما المصرية وأحد مؤسسيها وصانعي أوائل أفلامها هي ديانا ابنة المخرج الراحل محمد كريم التي تقلب هذه الأوراق بين يديها وتتذكر هذا الزمن الجميل بابتسامة يملؤها الحزن علي هذا العمر الجميل الذي فر من بين يديها دون أن تستطيع إيقافه أو استرجاعه إلا من خلال الصور الفوتوغرافية العديدة لوالدتها وعمرها كله‏.‏

وأيضا من خلال الرسائل المتبادلة بين و الدها وعدد كبير من أصدقائه ونجوم الزمان البعيد الذين مازالوا نجوما حتي الآن‏.‏

فهذه رسالة من يوسف وهبي أرسلها من ألمانيا إلي صديق عمره المخرج الكبير محمد كريم‏,‏ مخرج كل أفلام عبدالوهاب ومخرج دليلة ومخرج أول فيلم ناطق أولاد الذوات يعود تاريخها إلي عام‏1921‏ يطلب فيها عملا في أي مكان‏,‏ حيث كتبها في‏9/21‏ من ذات العام يقول فيها‏:‏ عزيزي محمد ألف قبلة وسلام‏,‏ وصلني أمس خطابك وفرحت جدا لتقدمك في العمل‏,‏ ولعلي إن شاء الله أسمع بنجاح أعظم وأعظم‏,‏ وقد كنت أود أن تحضر هنا‏,‏ ولا أنكر عليك يا محمد أنني أنا أيضا أشتغل في السينما هنا‏,‏ ولعلك تستغرب ذلك‏,‏ لكنني سأشرح لك كل شئ عندما أراك‏.‏

عندما قرأت خطابك كنت عازما علي السفر الليلة إليك‏,‏ لكنني فضلت إرسال هذا الخطاب إليك‏,‏ فهل يمكنك يا محمد أن تجد لي شغلا معك أو في أي كوبانية؟

أخي هاتفني عند وصول هذا الخطاب في أوتيل‏Commecie‏ ولعلك تقدر فرحي لو أمكنني الاشتغال توا‏,‏ لأنني الآن بقي لي أكثر من ثمانية عشر يوما بدون شغل‏,‏ وأقول لك بصفتك أخي محمد إنني في احتياج للشغل لاحتياجي العظيم للنقود‏,‏ وأنا علي ثقة من أنك ستجتهد في ذلك كأنك تسعي لنفسك‏,‏ وسأرسل لك بمجموعة من صوري الحديثة‏,‏ وكن واثقا أني سأبيض وجهك في أي شركة أدخل فيها‏,‏ وقد نلت هنا نجاحا عظيما إلا أن الشركة وياللأسف فقيرة ولا تشتغل الآن‏,‏ فهيا يا محمد أسع لي لأجئ إليك ونشتغل معا ومنتظر تليفون أو تليغراف بإخباري بالحضور لأحضر لك حالا ودمت لأعز صديق لك‏.‏

يوسف وهبي

 

بالطبع ليس عيبا أن يكافح الإنسان ويبدأ حياته بحثا عن العمل في أي مكان‏,‏ وتثبت لنا هذه الرسالة كم تعب هذا الفنان حتي وصل إلي المكانة التي مازال فيها وصار فنان الشعب‏,‏ فقد كان هو ومحمد كريم منذ الطفولة يبحثان عن مكان لهما في محاولة لإيجاد ما يعبران به عما يدور بداخلهما وكان أهلهما يرفضون ذلك رفضا مطلقا باعتبار أن الفن وقتها عيب وقلة أدب مع أنه الآن كذلك وزمان كان احتراما‏.

وقد بدأ يوسف وكريم في حي الهدارة بعابدين يمثلان في الشوارع وعلي أسطح المنازل وفي كل مكان‏.‏

فهذه رسالة من محمد كامل حسن المحامي الذي يعد من رواد كتابة المسلسلات الإذاعية وقصص وسيناريوهات الأفلام المصرية‏,‏ وقد كان هناك مشروع فيلم يكتب محمد كامل حسن المحامي قصته وينتجه ويلعب بطولته محمد عبدالوهاب ويخرجه محمد كريم ويبدو أن هناك لبسا قد حدث‏,‏ وهذا يتضح من الرسالة المرسلة في‏1927/2/29‏ حيث تقول‏:‏

عزيزي الأستاذ محمد بك كريم

أحييكم في احترام وتقدير وبعد‏..‏

أرجو أن تتقبل هذا الخطاب مني كأنه صادر من أخ وصديق‏,‏ وأن تثق من أن الدافع الوحيد لكتابته هو رغبتي في أن أكون دائما عند حسن ظن إخواني الفنانين بي‏.

والأمر يتعلق بتأثركم مني لأنني في القصة التي قدمها لكم الأستاذ محمد عبدالوهاب اقترحت توزيع بعض الأدوار‏,‏ ولقد سبق أن أفهمتكم أن هذا الاقتراح مني كان مستمدا منكم فلم أذكر اسم أحد إلا وكان ممن تفضلون العمل معه‏,‏ فقد كنتم أنتم وحيي في ذلك‏,‏ ومع هذا‏,‏ أحب أن أؤكد لكم هنا أنني لم أفكر مطلقا في فرض أي رأي‏,‏ وأن الله يعلم كيف أحرص علي شعور زملائي وإخواني ويؤلمني جدا أن تظلوا متأثرين مني‏,‏ وأقسم لكم أن هذا الألم ليس مبعثه بأي حال من الأحوال بيع القصة أو عدم بيعها فإن لي ولله الحمد عددا غير قليل من الأفلام في الموسم القادم‏,‏ لكن ألمي مرجعه تقديري وحبي لكم‏,‏ ولم أكن أنتظر من نفسي أبدا أن أتسبب في إيلامكم ولو عن غير قصد‏,‏ ولا أطلب منكم شيئا سوي قبول اعتزازي للمرة الثانية‏,‏ وأنا لا أستنكف من اعتذار أعتبره عربون صداقة وحسن تفاهم بيني وبينكم‏,‏ ولكم أعمق تحياتي وتقدير مني‏.‏

المخلص

محمد كامل حسن المحامي

ت‏:96558‏

وفي نهاية الرسالة كتب ملحوظة‏:‏ أرجو أن تتأكدوا من أن الأقدار لعبت دورا غريبا‏,‏ لأن توزيع الأدوار وكتابتها لم يكن مني‏,‏ لكن من شخص لا أهمية له وقد مرت علي‏.‏

والرسالة لا تحتاج إلي تعليق‏,‏ لكن هناك رسالة أخري مهمة إلي الأديب الراحل أمين يوسف غراب أحد علامات القصة القصيرة‏,‏ وكان أمين يوسف غراب موظفا صغيرا في بلدية دمنهور ثم تحول إلي أديب كبير بمجهوده الخاص فهو لم يلتحق بأي معهد أو جامعة‏,‏ وهجر قريته التي ولد فيها في أحد مراكز دسوق ثم إلي دمنهور‏,‏ فالقاهرة التي كونت لديه وعيا كبيرا بالحياة ودواخلها ثم حصل بعد فترة قصيرة علي جائزة الدولة التشجيعية‏,‏ وترك ما يزيد علي الـ‏36‏ كتابا بين رواية وقصة قصيرة‏,‏ كما أن له‏15‏ قصة وسيناريو للسينما ومنها الفيلم الرائع شباب امرأة وله أربع مسرحيات منها ست البنات‏,‏ بالإضافة إلي سيرته الذاتية‏.‏

وتأتي رسالة المخرج الكبير محمد كريم كشهادة قيمة علي مكانة هذا الرجل وقيمته الإبداعية‏,‏ وقد كتبها إليه في‏23/1/1949‏ بعد أن أرسل أمين غراب إلي كريم ملخص لروايته المرأة الجديدة التي لم ترق لكريم سينمائيا إذ يقول له‏:‏

عزيزي الأستاذ أمين يوسف غراب‏:‏

كانت فرصة طيبة يوم اتصلت بي تليفونيا‏,‏ و قد كنت أنا في الواقع دائما شديد الرغبة في التعارف‏,‏ وذلك لما كانت تتركه قصصك الشيقة المحبوكة في نفسي من الأثر الحسن‏.‏

وصلني الملخص لروايتك السينمائية المرأة الجديدة واسمح لي أن أبدي لك في صراحة أنها لا تصلح للسينما‏,‏ إذ بها كثير من المآخذ أفضل أن أشرحها لك في جلسة هادئة‏.‏

وياحبذا لو أتاحت لك الظروف في التشريف بمنزلي في الوقت الذي يلائمك بشرط أن يكون ظهر أي يوم وأن تخطرني بيوم سابق له‏.‏

وفي لقاء قريب أرجو أن تتقبل خالص تحياتي وشكرا‏,‏ وحين أصيب الشيخ رفعت أجمل من ترنم بآيات الله‏,‏ وحدث له ذلك الاحتباس اللعين في صوته قام أحمد الصاوي محمد بعمل اكتتاب لعلاج الشيخ محمد رفعت‏,‏ لكن أولاده رفضوا هذا الاكتتاب‏,‏ وقال الشيخ‏:‏ أراد الله ولا راد لمشيئته‏,‏ وقبل هذا الاكتتاب قرأ محمد كريم ما كتب في مجلة المصور لما آل إليه حال الشيخ فكتب في‏13/8/1949:‏

حضرة صاحب العزة رئيس تحرير المصور الغراء‏..‏

بعد التحية‏,‏ تأثرت كثيرا وأنا أطالع في عدد المصور الأخير ما صارت إليه حال الشيخ محمد رفعت من ضيق وضنك في علاجه‏.‏ فهل للمصور أن يتم جميله فيقبل مني هذا المبلغ الصغير ليكون فاتحة لتبرعات قرائه‏,‏ مساعدة للمقرئ الموهوب الذي طالما استمعت إليه الملايين وهو يرتل كلام الله بصوته الملائكي فينزل علي قلوبها سلاما وهدي ورحمة؟

ولكم خالص الشكر‏,,,‏ 

وكتب بخط يده مرفق طيه مبلغ عشرة جنيهات وكم كان قلب هذا الرجل كبيرا ولا يتواني لحظة واحدة عن مساعدة أي إنسان في احتياج إلي مساعدة‏.‏
وكان كريم لا يتواني عن الكتابة تعليقا علي ما يطالعه في الصحف والمجلات‏,‏ فقد كتب لفكري أباظة‏:‏

حضرة صاحب العزة فكري بك أباظة‏..‏

تحية واحتراما وبعد‏,‏ فقد اطلعت علي نبذة في المصور أرفقها مع خطابي‏,‏ هذا عن نكتة صدرت من إحدي السيدات في دار الأوبرا الملكية‏,‏ فذكرتني هذه النبذة بما نعانيه من تعليق الجمهور في صالات السينما والمسارح أثناء التمثيل‏,‏ وبما نتمناه جميعا من القضاء علي هذه العادة السيئة التي لم أكن أتوقع أن تتفشي حتي تصل إلي دار الأوبرا وهي أقدس مكان عندنا للفن الروائي‏,‏ غير أنني أصارحكم بأنني لم أتألم لهذه الحادثة بمقدار ألمي للطريقة التي عرضت بها علي صفحات المصور‏,‏ لقد كنت أتمني أن تعرض في صورتها القبيحة الحقيقية وأن يتولي قلمكم البليغ إبراز ما فيها من سخافة‏.‏

وفي رسالة إلي كامل الشناوي كتب‏:‏

عزيزي الأستاذ الكبير كامل الشناوي‏..‏

أبعث إليكم بقصاصة من عدد السينما الممتاز لمجلتكم الغراء‏.‏

إن الصحفي الذي كتب إجابتي عن مستقبل السينما المصرية جاوز الحق‏,‏ فأنا لم أدل إليه بتاتا بأي حديث وأؤكد لحضرتكم أنه يقصد الإساءة إلي بما كتبه‏.‏

وإني لصديق مخلص لآخر ساعة أرجو أن تحتاطوا لمثل هذا الصحفي في أخباره فهو غير جدير بالانتساب إلي دار أخبار اليوم‏.‏

وكان يوسف السباعي قد رشح كريم لنيل جائزة الدولة التقديرية وطلب منه سيرته الذاتية فكتب إليه‏:‏

السيد الأستاذ‏/‏ يوسف السباعي‏,‏ السكرتير العام للمجلس الأعلي لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية‏,‏ مراقبة البحوث والتراجم

تحية واحتراما وبعد‏...‏

تسلمت بتاريخ‏10‏ أكتوبر‏1966‏ كتابكم الخاص بترشيحي لنيل جائزة الدولة التقديرية في الفنون والمؤرخ في‏9‏ أكتوبر سنة‏.1966‏

وإني إذ أبادركم بشكركم علي هذه الرسالة وهذا الترشيح الذي أعتز به‏,‏ أبعث لكم رفق هذا بالبيانات المطلوبة مدونة علي النماذج المرسلة‏.‏

مع خالص تحياتي واحترامي‏,,,,‏

‏11/10/1966‏

وهناك رسالة مرسلة إلي محمد كريم من جنيف في‏11‏ يناير‏1939‏ لا نعرف علي وجه الدقة مرسلها حيث كتب فيها‏:‏

عزيزي كريم‏..‏

وصلني خطابك الرقيق وإني أشكرك من صميم قلبي علي ما جاء فيه من آيات ودك ودلائل إخائك وحسن تعزيتك ولطيف عبارتك وأشكر كذلك زوجتك العزيزة وتشكرها وتشكرك زوجتي أسأل الله ألا يكدر خاطركم وأن يجعل الحياة أمامكم مشرقة علي الدوام‏.‏

ولقد صدقت في قولك إننا منا نغدق عليها النظرات ممزوجة بالأسي فإني أذكر أني كلما كنت أزورها في المستشفي كان قلبي يتقطع من الألم وأتمني لها الراحة‏,‏ ولقد نالتها أخيرا ونامت بين أخوات لها صغار علي ضفاف الرون في سفح الجورا‏,‏ وما تدري نفس بأي أرض تموت‏.‏

إن الله الكريم الذي اختارها إلي جواره أنزل علي قلبي الصبر عند فقدها فله المنة وهو القادر علي إلهام الصبر وتمهيد العزاء ودمت لأخيك‏.‏

ولم يكن يهمل كريم رسائل من أحد حتي لو كان رده بالرفض فها هو يكتب لمحمد عبدالقادر المازني‏:‏

القاهرة في‏29‏ أكتوبر‏.1944‏

حضرة المحترم الأستاذ محمد عبدالقادر المازني‏..‏

وصلني خطاب حضرتكم الخاص بكتابكم الصور المتحركة وأشكر لكم اهتمامكم بهذه الموضوعات السينمائية التي تقومون بكتابتها من وقت لآخر‏.‏

ويؤسفني عدم إجابة طلبكم الخاص بالرد علي أسئلتكم التي وضعتموها‏.‏

مع خالص تحياتي واحترامي‏,,,‏

أما المخرج الكبير حلمي رفلة فقد كتب إلي كريم من مونتريال قائلا‏:‏

أستاذي الكبير محمد كريم تحياتي إليك مع تحيات جميع الأولاد في مونتريال‏,‏ حيث أقوم بزيارتها للاطمئنان علي العائلة‏,‏ وإلي أن أراكم قريبا بخير وعافية أبعث إليكم وإلي العزيزة ديانا خالص تحياتي وقبلاتي‏.‏

المخلص حلمي رفلة

وهذة الرسالة علي كارت بوستال جميل عليه صورة لفندق الشيراتون‏*‏ 

في الحلقة القادمة

‏*‏ الوجوه الجديدة تطارد شيخ المخرجين

‏*‏ تصاعد الخلافات بين كريم وعبدالوهاب

‏*‏ تأسيس معهد السينما

الأهرام العربي في 20 نوفمبر 2004