شعار الموقع (Our Logo)

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

كتبوا في السينما

 

 

 

 

 

 

المط والتطويل اصلاح وتهذيب للمشاهدين

محاكمة عاجلة لمسلسلات فوق ال 30

تحقيق: انتصار دردير ـ أسامة عبد اللطيف

 

 

 

 

 

 

رفضت المسلسلات الرمضانية هذا العام أن ترتدي ثوبا جديدا.. وأصرت علي أن تظهر بثوبها القديم المليء بثقوب المط والتطويل بلا حدود.. وأصبح المشاهد يستطيع أن يغلق التليفزيون ليوم أو اثنين وعندما يعود ليتابع أحد المسلسلات يكتشف أن الأحداث كماهي وأنه لم يفته الكثير!! فالمشهد الواحد يستغرق حلقة كاملة والحلقة هي صورة مكرر من الحلقة السابقة.. والدراما أصبحت بالوزن والمتر حتي ينجح تسويقها، وفشلت نجومية أبطال المسلسلات في انقاذ الدراما الرمضانية من التخمة التي اصابتها وحولتها 'بقدرة قادر' الي ثلاثين حلقة أو أكثر..

فمن المسئول عن الترهل الذي أصاب الدراما المصرية؟ وأين ذهبت قرارات اللجنة العليا للدراما التي رفضت ان تزيد حلقات المسلسل عن ال15 وأن تكون الحلقات الثلاثون في حالات محدودة للغاية.. هذه الاسئلة وغيرها نحاول الاجابة عنها في سطور هذا التحقيق..

الكاتب اسامة أنور عكاشة له رأي خاص وتجربة مميزة يتحدث عنها ويقول: المسألة ليست بعدد الحلقات. المهم مضمون المسلسل.. وللأسف الدراما تباع في السوق وفقا لمعايير تجارية.. والجودة والمستوي الفني اخر ما يؤخذ به وأصبح أسلوب الكم هو السائد.. ورغم تسليمنا بمسألة ان الدراما اصبحت سلعة تجارية الا انه للأسف لم يعد هناك اهتمام بجودة السلعة!!

ويضيف: كان مدهشا بالنسبة لي أن اقرأ علي لسان وزير الاعلام ان المسلسل الفلاني حقق اعلانات قيمتها كذا مليون.. أكثر من المسلسل الآخر.. ففوجئت بأن منطق اختيار الأعمال للعرض في رمضان كان يعطي الاعلانات الصدارة.. وهذا الكلام علي لسان أكبر مسئول.. وأن هذا هو منطق الاختيار عند وزارة سيادية مفترض انها تقدم خدمة ثقافية وليست تجارية..

ويؤكد اسامة أنور عكاشة انه يسلم بأن المبدع في النهاية يعمل ضمن كيان كامل معاييره الأولي هي التسويق والتجارة فالمبدع في النهاية يعمل من خلال منتج والمبدع الحقيقي في مأزق.. وأنا لا أتكلم عن أنصاف الموهوبين وللاسف هم غالبية ويتصدرون الشاشات لأنهم ببساطة أكثر قدرة علي تلبية احتياجات الانتاج وتفصيل أعمال علي مقاس النجوم!!..

وأنا مؤمن بأنه حتي في ظل معايير السوق فإن المبدع الحقيقي تسعفه موهبته.. ولي تجربة مع ليالي الحلمية التي كتبتها في 150 حلقة وكان المشاهد يتمني ان يري الجزء السادس منها لأن عندي طول نفس روائي.. وأعتقد أنه لم يشعر أحد بالملل من المسلسل في أجزائه الخمسة.. فهناك مسلسلات طويلة لاتملها كمشاهد وهناك سباعية نشعر كأنها جبل من شدة الملل رغم عدد حلقاتها المحدود..

والمهم هو أن يبتعد عديمو الموهبة وأهل الاسترزاق لأن هؤلاء يتعاملون مع الدراما بالكم وذلك مايمكن أن نراه في أعمال يمكن ان تكون سهرة لكنها تظل تعرض طوال الشهر بل هناك أعمال لاتستحق حتي مجرد السهرة نجدها في ثلاثين حلقة!!

واصبحنا نعيش حصارا من دراما الرغي ومشاهد القص واللصق التي تظهر واضحة في دراما هذا العام وأصبح معها الفن في خدمة الاعلان.. ولم يعد مهما يقدم المسلسل فالمهم هو النجم أو النجمة.. وأعتقد أن هذه الظاهرة في سبيلها للانتهاء لأن الجمهور بدأ يتشبع من نجوم رمضان الذين تفرضهم الاعلانات.

مسئولية النجم

وتؤكد الفنانة سميرة احمد انه لاتوجد قاعدة في تحديد وقت العمل الدرامي فهناك مسلسلات تحتمل تقديمها في أجزاء تتجاوز حلقاتها المئات.. وهناك مسلسلات حتي لو كانت عدد حلقاتها صغيرا فانها تعاني من التطويل.. والمط..

..وتضيف: لايوجد انتاج يستطيع ان يفرض شيئا علي النجم.. وهو ليس ضحية بل مسئول عن اختياراته والفنان الأصيل لن تدفعه المادة لتقديم عمل ينطوي علي كثير من الترهل أو التطويل لأن اسم الفنان أغلي من أي شيء ولو وقع فلن تعوضه أي فلوس.

أما الفنان الكبير كمال الشناوي فيبدي استياءه من سيطرة أسلوب الكم علي الكيف في الدراما التليفزيونية في شهر رمضان ويقول: اتفق المؤلف والمخرج والممثل علي ان يقدموا اطول حلقات ممكنة ولامانع من تسلل الملل والتطويل والضحية في النهاية هو المشاهد.. الذي ظل طوال عمره يؤمن بأن خير الكلام ما قل ودل وجاءت الدراما لتؤكد له ان الدراما هي من الملل والتطويل!! وللأسف كثير من الأعمال فقدت منعتها بسبب اسلوب الرغي وأصبحت متابعتها شكلا من أشكال التعذيب وأصبحت حلقة مدتها نصف ساعة لاتحمل أي معني ويمكن اختصارها في عدة مشاهد ولامانع من تسلل الحوار السوقي طالما ان ذلك يملأ ساعات ويقول كمال الشناوي: أنا لست ضد تقديم مسلسلات ال30 حلقة أو حتي المائة فهناك مسلسلات أجنبية تستمر لسنوات لا أشعر معها بالملل وفيها تشويق وتسلية وحوار ممتع.. وللأسف حتي الهدف من المسلسلات ضاع.. وأصبحت مجرد 'حدوتة' كانت تحكيها جدتي قبل النوم.. وبسبب أسلوب المط أصبحت الحواديت للكبار ولم تعد مقصورة علي الأطفال!

ويحذر كمال الشناوي من أن المشاهد بدأ يفقد الثقة في الدراما التي تقدم له والبعض بدأ يكرهها.. بسبب رغبة البعض في الاستيلاء علي التليفزيون.. وألا ينافسهم أحد فيه.. وأذكر أن أمتع الأعمال في الدراما التليفزيونية قدمت في 13 حلقة وهناك سباعيات تدرس بسبب مستواها الجيد.. ومنذ أن ظهرت هوجة ال 30 حلقة تراجع المستوي وأصبحنا نري أعمالا تفتقد للجاذبية وهي أهم ما يجب أن يميز أي عمل فني.

دفاع

ويعترض الفنان عزت العلايلي عن اتهام النجوم بأنهم يجرون وراء عدد حلقات المسلسل.. ويقول: الفنان لا يمكن أن يضحي بتاريخه ويقبل عمل ينطوي علي كثير من المط والتطويل لمجرد أنه سيحصل من ورائه علي أجر كبير وبالنسبة لي فأنا شخصيا أشطب من دوري لو شعرت بأي تطويل لكن يجب أن ننتبه الي أن طبيعة الدراما التليفزيونية مختلفة لأنها تتوجه الي ثقافات مختلفة فما يراه أحد النقاد تطويلا قد يراه مشاهد آخر ليس علي مستوي الناقد الثقافي بترا للأحداث فالمسلسل يحاول توصيل رسالة الي جمهور مختلف متعدد الثقافات ولابد أن نلتمس لبعض هؤلاء العذر في قدرتهم علي الاستيعاب فالتليفزيون 'ميديا' مختلفة عن السينما التي قد يصلح معها أكثر الايقاع السريع اللاهث.. وطالما أن القائمين علي هذه المسلسلات نجوم كبار لديهم الخبرة والدراية فلا يجب أن نشكك في نواياهم.

أما الفنان الكبير عبدالمنعم مدبولي فيقول: للأسف المط واضح ولا يحتاج لقوة ملاحظة من المشاهد فالحلقة الكاملة تنتهي دون أي فائدة أو اضافة.. وللأسف لا يصح أن يقع نجوم كبار في هذه الأخطاء التي نراها فأنا أشعر كأنهم مضطرين لهذه الأعمال أو أنهم يقدمونها دون تفكير..

وبصراحة شديدة يقول: لا أعتقد أن المؤلف هو المسئول عن التطويل والمط الذي نراه فالممثل هو الذي يتحمل هذه المسئولية.. فهو يسعي ليقدم أكبر كم من الحلقات لأن ذلك يعني أجرا أكبر!!

ويتعجب عبدالمنعم مدبولي من الضجة السنوية التي تثار بعد عرض المسلسلات عن المط والتطويل فيها وكأن مسئولي التليفزيون يفاجأون بهذه الأعمال ويتساءل: ألا يوجد من بين هؤلاء المسئولين من يشعر بالملل من المسلسل وهو لا يزال نصا مكتوبا!! ويضحك جدو عبده قائلا: للأسف هناك أعمال ترتقي لمستوي الجرائم وتحتاج الي محاكم فمن غير المعقول أن يظل المشاهد ضحية لمدة شهر يري مسلسلا يعيد نفسه كل حلقة.

ويضيف: أعجبني جدا موقف وحيد حامد الذي قدم مسلسله في 17 حلقة بينما أنا أعرف أن لديه قدرة علي أن يكتبه في ثلاثين مثل غيره لكنه كفنان يريد أن الابداع ليس بالكم فكان صادقا مع فنه..وهو للأسف تصرف غائب عن كثير من مبدعينا.. بعد أن أصبح الممثل يتعامل مع الحلقات علي أنه يذهب ليقرأ لا ليمثل فهو يدرك تماما أنه يعيد نفسه ولكنه في النهاية ليس مسئولا عن العمل.. وأعرف مسلسلا وجد المخرج نفسه يحتاج لأكثرمن حلقة ليحقق عدد الساعات المتفق عليه فيتم تأليف حلقات جديدة واضافة مشاهد لتنفيذ الكمية المطلوبة!!

وتقول الناقدة د. نهاد صليحة عن مسلسلات المط والتطويل: لا أستطيع متابعة قصة مصورة مملة وبطيئة علي مدي 25 يوما أو أكثر.. هذا ليس في طاقتي.. أنا يكفيني أنني أقرأ هذه الأعمال قبل إنتاجها فبصفتي عضوا بلجنة تقييم النصوص اقرأ كثيرا من الأعمال قبل إنتاجها.. وللأسف الشديد معظم ما أقرأه لا يستحق أكثر من سباعية وليس 30 حلقة أو أكثر وللأسف كان شكل السباعية من أنسب ماكانت الدراما التليفزيونية تقدمه بل لا أبالغ لو قلت أنني قرأت أعمالا في حلقات طويلة لاتستحق أكثرمن سهرة طويلة ولكن بالمط والتطويل تتحول السهرة إلي ثلاثين حلقة!!

وتضيف د. نهاد صليحة المسلسلات بصفة عامة تشبه فكرة الحكواتي وقال الراوي ياسادة ياكرام.. وهي ترضي نزعة عند المشاهد.. في التشويق والإثارة..

وللأسف ألاحظ علي معظم الدراما التليفزيونية إستخدام موقف رئيسي واللجوء إلي تفريعات جانبية بعضها له صلة بالموضوع وآخر لايمت للموقف الرئيسي بصلة.

وتضيف د. نهاد صليحة: المط في الحلقات ليس مهمة صعبة.. بل يمكن أن يستمر عمل درامي لسنوات مثل السير الشعبية فالمسلسل في الحقيقة هو إبن السيرة الشعبية .. وتقول: أنا أبدي ملاحظتي غالبا في التقرير الذي أكتبه عن المسلسل وأثبت في تقريري أن هناك تطويلا لا يخدم أي غرض وإذا تسبب التطويل في إضافة أجزاء غير مقنعة أشير إليها أما أن يؤخذ بكلامي أم لا فهذه ليست مهمتي!! فكل دوري هو إعداد تقرير فني وفكري عن سيناريو المسلسل قبل البدء في إنتاجه.

بيزنس وتجارة

معظم المسلسلات الرمضانية لا ينبغي أن تقدم سوي في سهرات تليفزيونية.. هذا ما يؤكده المؤلف محمود الطوخي.. الذي يؤكد أن الدراما تحولت إلي بيزنس وتجارة.. بقوله: أجور النجوم هي التي تسببت في إنهيار الدراما فأجر النجم يستحوذ علي قدر كبير من الميزانية والمنتج مضطر لزيادة الحلقات حتي يسترد ما دفعه.

والمط والتطويل سياسة فرضتها انتشار الفضائيات ولارتفاع أجور النجوم.. والكاتب يضطر للاستجابة لشروط المنتج لأنه يحصل علي جزء من أجره في البداية ويظل بقية أجره مرهونا بالتصوير.. فيضطر للمط ويلجأ سينارست كبير لكتابة مشهد عادي ليفرده المخرج في حلقة كاملة.. وأتصور لو أن للمؤلف حق أداء علني لم يكن ليستجيب لهذه الضغوط فمثلا عرض لي مسلسل 'مذكرات زوج معاصر' أكثر من عشرين مرة في محطات مختلفة وكان عائدها كفيلا بأن يجعلني أتوقف عن الكتابة لعدة سنوات.. وأنا أدافع عن الكاتب رغم رفضي التام لمبدأ التطويل مهما كانت الاغراءات فقد كان بامكاني مثلا أن أجعل من كل حلقة من 'زوج معاصر' سباعية كاملة وهذا ما رفضته..

ويري محمود الطوخي أن الأزمة ستظل قائمة حتي يظهر منتج جريء ويدفع بوجوه جديدة في أدوار البطولة فتقل التكلفة وبالتالي لن يتردد في تقديم مسلسل 15 حلقة كان يمكن اللجوء للأعمال الأدبية حتي تسد الفراغ في الكتابة الدرامية.. والمفروض أن تكون هناك لجان تقييم تحدد إذا كان العمل يحتمل هذه الحلقات أم لا..

الحل الوحيد

رياض الخولي يقول بصراحة شديدة آفة المسلسلات هي المط والتطويل.. وأعتقد أن الحل الوحيد لهذه المشكلة هو ألا نرتبط بساعات ولابد ألا نحدد العمل الفني بالكم لأن ذلك يتعارض مع الإبداع ولنترك المؤلف يقدم إبداعه كما يراه في شكله الأمثل.

وبشكل عام نحن لا نعترض علي مسلسل حتي لو بلغت حلقاته مائة حلقة المهم أن يكون يحوي مضمونا ولكن من غير المعقول أن يعمل الكاتب وعينه علي تقديم مسلسل 22 ساعة.. في هذه الحالة سيجد نفسه يقع في مأزق التطويل..

وعن تجربته الشخصية يقول: أنا أقبل أن يحذف من دوري ولا أقبل أي إضافة.. بل إنني عندما ألاحظ تكرارا أسجل ملاحظتي للمخرج ونتناقش في المسألة ولكن مبدأي هو رفض تقديم أي مشاهد مضافة كي تكتمل ساعات المسلسل بعدد معين.

وأي إضافة تتم بعيدا عني فأنا ليس لي الحق في الاعتراض علي ما يفعله الآخرون.

أخبار النجوم في 6 نوفمبر 2004