تُفتتح الدورة السادسة ل<<مهرجان بيروت الدولي للأفلام الوثائقية>> السابعة والنصف مساء اليوم الاثنين في الأول من تشرين الثاني الجاري، في صالة سينما <<أريسكو بالاس>> في منطقة الصنايع، بتكريم المصوّر السينمائي اللبناني حسن نعماني الذي صوّر عدداً كبيراً من الأفلام الوثائقية والروائية اللبنانية والأجنبية لسنين طويلة، فارتبط اسمه بسينما لبنانية حاول صانعوها أن يخرجوا بها إلى آفاق إبداعية رحبة، أدّت بهم إلى تأسيس <<سينما محلية جديدة>>، لا تزال آثارها واضحة لغاية الآن. يلي التكريم عرض الفيلم الأميركي <<أطفال نساء الليل>> لزانا برينسكي. اختير ثلاثون فيلماً من لبنان وخمس وعشرين دولة عربية وغربية للمُشاركة في المسابقة الرسمية الخاصة بالأفلام الطالبية والقصيرة (أقلّ من خمس وأربعين دقيقة)، تشاهدها لجنة تحكيم تألّفت من أكرم زعتري (لبنان) ومسعود أمر الله آل علي (الإمارات العربية المتحدّة) وساندرين آلوف (فرنسا) وكريستينا فورش (ألمانيا) وماريكي يانبولت (هولندا). إلى خمسة وثلاثين فيلماً متنوّعاً تُعرض كلّها يوميا (بدءاً من السادسة مساء) لغاية العاشر من الشهر الجاري، الذي تُعلن فيه النتائج النهائية وتوزّع الجوائز على الفائزين بها. خلاصة النتاج الوثائقي بعد مرور ستة أعوام على ولادته، بات <<مهرجان بيروت الدوليّ للأفلام الوثائقية>> أحد أبرز المهرجانات السينمائية المُقامة في لبنان والمنطقة العربية، بتميّزه بسمات عدّة: تخصّصه بالفيلم الوثائقي. حفاظه على توجّه ثقافي وفني يُعلي من شأن نوع سينمائي لا يزال مهمّشاً في الوعي الشعبي العربي. قدرته على التحوّل إلى ما يشبه بوابة دخول الفيلم الوثائقي الغربي إلى آسيا، بعد أن نجح في فرض حضوره في المشهد الوثائقي الغربيّ، مما أتاح له الحصول على <<العرض الأول>> الآسيويّ لعدد من الأفلام الوثائقية الدولية. اتّساع رقعة الاهتمام الغربيّ به، إثر توصّله إلى مرتبة عالية من التواصل مع المهتّمين العرب والأجانب بهذه السينما الوثائقية، منتجين ومخرجين ومدراء مهرجانات وموزّعين ومسؤولي محطّات تلفزيونية عربية وغربية تُعنى بالفيلم الوثائقي بثّاً وإنتاجاً أو مشاركة في الإنتاج. إفساحه مجالاً متواضعاً أمام الفيلم الطالبي اللبناني والعربي والغربيّ، في محاولة تفعيل تواصل ما بين الطلاّب جميعهم، تتجدّد في كل عام بالسعي إلى أفضل إنتاجاتهم وأجمل أعمالهم، على الرغم من أن النتاج الطالبيّ اللبناني والعربيّ محتاجٌ إلى مزيد من التخصّص العلمي والوعي المعرفيّ. قبل ستة أعوام، ولد <<مهرجان بيروت الدوليّ للأفلام الوثائقية>> بفضل مبادرة قام بها الثنائيّ مرسيل برسودير ومحمد هاشم، انطلاقاً من رغبة ذاتية في بلورة علاقة سوية بين هذا النوع السينمائي والجمهور، ومن مسعى شخصيّ إلى تفعيل حضوره في المجتمع والثقافة. في هذه الأعوام الستة كلّها، <<حاول المهرجان أن يُقدّم خلاصة النتاج السينمائي الوثائقي العربي والغربي لجمهور لبناني وعربي مقيم في لبنان، لا يزال يتعاطى مع هذا النوع السينمائي بحذر شديد>>، كما جاء في تقديم الكرّاس الصحافيّ الخاص بالدورة السادسة، في حين <<أن الأعوام الخمسة الفائتة بدوراتها الخمس توصّلت إلى تبديد شيء كبير من هذا الحذر، بمدّها جسراً للتواصل مع السينما الوثائقية من خلال عدد لا بأس به من أفلام ذات سوية فنية وتقنية وإبداعية جيّدة وجديرة بالمشاهدة والاهتمام والقراءة النقدية>>. وفي نصّ آخر في الكرّاس نفسه، قال محمد هاشم إن فكرة المهرجان انطلقت <<من تعلّقي الشخصي بالسينما الوثائقية، ومن شعوري الدائم بأن المهرجانات السينمائية الموجودة هنا وهناك تتعامل مع الفيلم الوثائقي كأنه <<درجة ثانية>>، فأردت إيجاد حيّز خاص بهذه السينما، ومساحة مستقلّة تعطي الفيلم الوثائقي حقّه كفنّ وصناعة وثقافة وإبداع>>. فقر وذاكرة يُشكّل فيلما افتتاح دورة جديدة وختامها، عادةً، رسالة ثقافية تتّخذ من السينما منبراً لها. لا أقصد ب<<رسالة>> خطاباً تنظيرياً ينتقص من قيمة السينما ويجعلها مجرّد بيان حزبي، بل تعبيراً عن رأي أو موقف أرادت إدارة المهرجان إعلانه، أكان الرأي/الموقف إنسانياً أم فنياً أم اجتماعياً إلخ. ليس شرطاً أن تكون ال<<رسالة>> سياسية أو نضالية أو ثقافية، إذ يكون الاختيار، أحياناً، انعكاساً لرغبة إدارة المهرجان في تأكيد بُعد تجديدي أو إبداعي مختلف للسينما بحدّ ذاتها، أو في تثبيت أولوية اللغة البصرية على المضمون. في هذا المجال، يُمكن القول إن منظّمي الدورة السادسة هذه أَوْلُوا البُعد الإنساني أهمية أساسية في اختيارهم فيلم الافتتاح، وأعادوا رسم صورة حيّة عن جزء من التاريخ الإنساني والسياسي والاجتماعي والثقافي للبنان والمنطقة العربية في انتقائهم فيلم الختام. اختاروا <<أطفال نساء الليل>> لزانا برينسكي للافتتاح، لما فيه من تصوير حسّي لأطفال نساء كالكوتا ولمصيرهم الموغل في الفقر والمعاناة جرّاء البغاء وضياع الأفق والمستقبل، و<<حكاية جريدة>> لمحمد سويد للختام، بسبب التقاطه نبض بيروت ومحيطها العربي في خلال ثلاثين عاماً هي عمر الصحيفة اللبنانية العربية <<السفير>>، محاولاً أن يسبر أغوار التحوّل السياسي والإنساني بين العامين 1974 و2004، بمناسبة مرور ثلاثين عاماً على تأسيس الصحيفة التي لم تكتفِ بأن تشهد على زمن ومجتمع، بل جعلت من صفحاتها مرايا للناس والتفاصيل والحكايات، ومن حضورها الصحافي والثقافي والفكري ذاكرة لمدينة عاشت محطّات ولعبت أدواراً وشاركت في تحديد مصائر. السفير اللبنانية في 1 نوفمبر 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
"أطفال نساء الليل" يفتتح مهرجان بيروت الوثائقي السادس السينما كمنبر إنساني نديم جرجوره |