شعار الموقع (Our Logo)

كتبوا في السينما

 

مختارات

جديد الأفلام الروائية القصيرة، والتسجيلية في السينما العربية

السينما المصرية الشابة ووعد التغيير

بعض الحقائق عن السينما العربية تكشفها الدورة الرابعة لمهرجان الفيلم العربيّ في روتردام 

إحتفاءٌ بالعلاقة بين مدير التصوير طارق التلمساني والمخرج خيري بشارة

مباشرة العمل في مشروع " صمت وذاكرة "

منتصف الطريق..

إلى منتصف الليل

بقلم: عائشة المحمود

(الكويت)

 

خاص بـ "سينماتك"

 

 

 

 

 

 

 

 

باشرت "شركة السينما الكويتية" عرض الفيلم السينمائيّ الكويتيّ "منتصف الليل" لمؤلفه, ومخرجه "عبد الله السلمان", وبطولة عبد الرحمن العقل, إبراهيم الحربي, وأحمد السلمان.

وهي التجربة السينمائية الثانية بعد "شباب كوول", الأولى في خطوات السينما الكويتية, والتي إنطلقت هذه السنة,  ّعلى نفس الطريق بإتجاه تأصيل تيار سينمائيًّ كويتي جديد, بعد أن شهدت الكويت ـ شأنها في ذلك باقي بلدان الخليج ـ غياباً عن الواقع السينمائيّ العربيّ في ظلّ حضور طاغّ على صعيد أوجه الثقافة المُختلفة, وهو أمر بالفعل يحير كلّ راغب في إستقراء هذا الواقع.

وقد سبق لي أن تحدثت عن "شباب كوول" للمخرج "محمد دحّام الشمري", والكاتب "حمد بدر"، وإعتبرته تجربةً كوميديةً خفيفة, حملت مضامين أكثر مما بإمكانها أن تحتمله, مما أسقطها قليلاً من ميزان التقييم النقدي, ولكنها كتجربة أولى جديرة بالاحترام, والتقدير، وقد إستقطب الفيلم أعداداً غفيرة من المتفرجين إنتظرت طويلاً  للحصول على تذاكر الدخول، بينما حرص البعض على حضور العرض أكثر من مرة.

في "منتصف الليل", ومع بداية الإعلان عن تقديمه في صالات السينما, نفذت التذاكر من شبابيك العرض, وهو أمر يتوجب تحيةً خاصة للجمهور الذي قدر الجهد المبذول, وحرص على دعم الصناعة من خلال حضوره، وهو أمر ينمّ عن تعطش لوجود سينما محلية تُحاكي المجتمع, وقضاياه, إلى جانب وعيّ حقيقيّ بأهمية السينما كصناعة, وكمعلم من معالم الإبداع, والتميّز عند الشعوب.

فيلم "منتصف الليل" كمحاولة في خطوات السينما الكويتية مختلفة جملةً, وتفصيلاً عن "شباب كوول"، كان الأول كوميدياً رومانسياً, بينما الثاني بوليسياً تشويقياً, يجدر الإشارة  بأن مخرج العمل قد أنجز مسبقاً مسلسلاً بوليسياً بعنوان "الخطر معهم", فحمل أجواء هذه البوليسية إلى فيلمه، مما أثر على إقترابه من الفنّ السابع، وبعيداً عن التقييم الموضوعي للسيناريو, أو الحبكة الرئيسية للعمل، سأنتقل مباشرة إلى التقنية، حيث جاء الفيلم مهتزاً على صعيد التنفيذ, والصورة, ومنذ مشهد البداية, طغت المُبالغة على كلّ ماعداها, حتى أن الجمهور نفسه لم يقتنع بتلك المشاهد, مما أثار ضحكه, وإستهزائه.

ومن أبرز الأخطاء, ما ظهر في شريط الصوت الذي سُجل في مرحلة لاحقة على الصورة, فقد كان في غاية السوء, ويظهر جلياً فيه إختلاف التوقيت الزمني بين الاثنين، إلى جانب دخول الصوت في المشهد الواحد في أكثر من حالة مثل, وجود الهواء, وإحساس الفراغ المُصاحب لظهور الصوت, وعلوه, وهبوطه دون أيّ منطق, ولا أخفيكم, بأن جمهور العرض كله, حتى ذاك الذي لا يتمتع بخبرة سينمائية كافية تؤهله لتقييم العمل الفني, كان من السهل عليه إكتشاف تلك الأخطاء.

وقد وجدت في الصورة بعض اللقطات المُنفذة بشكل جيد, مثل المُطاردة في آخر الفيلم، ولكن, كان بعضها الآخر مضحكاً, وغير منطقيّ, ولم يكن المونتاج مُوفقاً تماماً. وكانت الصورة باهته, وغير واضحة في بعض المشاهد, حتى وكأننا نراها بدون ألوان.

وقد عانى الحوار الكثير من الأخطاء على صعيد اللهجة المحكيّة على لسان أبطال العمل, حتى أن جمهور الصالة, وهي سابقة أراها للمرة الأولى, كان يُصحح أخطاء الحوار, ويُعلّق عليها، كما كان هناك تكراراً لبعض الكلمات, والجُمل, فضلاً عن المطّ, والتطويل في بعض المشاهد الأخرى, بلا مبررات حقيقية, مما جعل المشاهد يشعر بالملل في بعض الأحيان.

من جهة أخرى, كان الأداء مُفتعلاً لكلّ النجوم بلا إستثناء, حتى أولئك من ذويّ الخبرة في مجال العمل التلفزيونيّ, مثل “عبد الرحمن العقل<, كانت مفاجأة لي ذلك الأداء الباهت الضعيف في بعض المشاهد, والمُفتعل المُبالغ فيه في مشاهد أخرى، كما وقع النصّ في فخّ الخطابية الواضحة, تلك التي تُنفر المشاهد, وتُشعره بأنه في مدرسة يتلقى خطبةً عصماء من أحد أساتذته.

بالنسبة للقصة, كانت جيدة, لولا وقوعها في بعض المطبات, مثل إقحام الفكاهة في غير مواضعها المنطقية, كما عمد المؤلف إلى اختيار فئة من المجتمع, والسخرية منها بشكل مبالغ فيه, بهدف إستدرار ضحكات الجمهور، وربما يُسهم هذا الأمر في  تشكيل صورة عن المجتمع, كونه يميل لتحقير الآخر, أو الحطّ من شأنه, وهو بعيدُ تماماً عن الحقيقية.

إستخدام القضايا المحلية, ومحاولة تسليط الضوء عليها, كقضية دعم العمالة الوطنية, أو قضية إستهتار الشباب, ورعونته كان جميلاً,  لو تمّ إستغلالها بشكل أكثر عمقاً, وجدية.

وبما أن السينما مرآة لمجتمعها, فمن لا يعرف الكويت سوف يرى جزءاً منها على الشاشة, فقد ساءني أن تدخل أغنية بلا أيّ هدف ضمن سياق العمل, وبلا أدنى إضافة للسيناريو, ويمكن أن تساهم بتقديم فكرة مغلوطة عن هذا المجتمع.

في المحصلة, كانت تجربة جيدة تُحسب لأصحابها, فمشاهد الحركة, والمؤثرات الخاصة, تعتبر صعبة التطبيق، وأن تأتي في المرة الأولى على نحو مقبول, أمر يؤكد على مقدرة فنية هائلة بحاجة للصقل من خلال التجربة, والخبرة التي تؤمنها السنوات, والعمل، ونحن ننتظر التجربة الثانية, والثالثة لـ"السلمان", ونتمنى أن تكون أجمل بكثير.

لقد كنت أنتظر خروج "منتصف الليل" بشكل أفضل، وأعلم بأنني أطمع كثيراً, ولكنه طموح مشروع, تُعززه رغبتي الحقيقية في خلق سينما وطنية حقيقية.

9 سبتمبر 2004