محمد رُضا

 
جديد محمدكتب في السينمامشاهداتأوراق ناقدسينما مجهولةما يشبه المذكرات
 
 
 

كتب في السينما

 
 
 
     

 

 

 

 

 

 

 

 

 

     
 
 
 
 
 
 

 

 
 

كتاب السينما: ما بين الجذور والحاضر

محمد رُضا - خصيصاً لـ «سينماتك»

 

كنت فتى صغيراً عندما رغبت في أن أكتب مرجعاً فانكببت على القرآن الكريم لكتابته بخط يدي. لكني كنت خائفاً من أن يكون ذلك فعلاً محرّماً أو مكروهاً فسألت والدتي (رحمها الله) عن ذلك ولم تدر ما تقول لكنها ذهبت إلى دار الأزهر (المرجع السنّـي في لبنان) والذي كان على بعد خمسين متر من منزلنا وسألت أحد كبار الشيوخ فطمأنها وأخبرها أن هذا فعل حسن.

لكني لم أمض طويلاً في هذا المضمار حتى بعدما أخبرتني أمي أن هذا فعل حسن. تابعت دراستي الابتدائية وخلالها بدأت أكتب قصصاً قصيرة وأشاهد الأفلام مع والداي. حين غاب والدي بحثاً عن عمل في بلد عربي آخر أصبحت الرفيق الدائم لوالدتي وجدتي (وأحيانا جدي) رحمهم الله جميعاً.

كان يعود من الغياب كل بضعة أشهر وينضم إلينا. مجموعة من الأبرياء أمام سحر السينما. اعتاد أخذي إلى صالات سينما البرج، وسط بيروت. يبحث عن فيلم أكشن أو وسترن أو مغامرات وندخله معاً. أتذكر كيف كانت إمارات السعادة تبدو على وجهه إذا ما أعجبني الفيلم. في طريق العودة كنا نمر بدكان تابع لشركة "جلول" للمرطبات. كان يشتري زجاجتين تمر هندي نكرعهما ونمضي. في بعض الأحيان كان يشتري زجاجة واحدة لي فقط. أعتقد أنه لم يكن يملك ما يكفي لشراء زجاجة أخرى. ما أجمله.

خلال آخر سنتين من عمله في الخارج بدأت أذهب بمفردي إلى صالات السينما. وكوّنت منهجاً لحفظ ما أراه. كل فيلم أشاهده أضعه في قائمة في دفتر كبير وأعطه رقماً وأكتب بجانبه اسم المخرج واسم البلد واسم النوع (وسترن، تاريخي، بوليسي الخ…) وتقييماً بالنجوم. بعض هذه الدفاتر المبكرة ما زالت عندي واستمريت في تسجيل كل فيلم أراه منذ عقود وحتى هذه اللحظة. حين أقول أنني شاهدت أكثر من 16 ألف فيلم في حياتي فإني أعني ما أقول. ليست كلها مسجلة للأسف، وبعض ما سجلته ضاع من كثرة الانتقال من وإلى بلدان العالم، لكني أقبلت على السينما كإقبالنا جميعاً على الأكسجين. بالنسبة لي لم يعد هناك عالماً سوى السينما. ما أعيشه هو الخيال والسينما هي الواقع.

أعرف أن هذا تطرّف في حب السينما، وأعرف أنه ليس صحيحاً تماماً، فالواقع الذي نحياه لا زال هو الواقع الوحيد. السينما هي الخيال، لكن أرضى باستبدال هذا الواقع بما توفره السينما من "وقائع" بكل رحابة صدر. حتى من قبل أن يخرج وودي ألن «وردة القاهرة الأرجوانية» سنة 1985 فكّـرت أنني لا انتمي إلى هذا العالم. أنا شخصية من أحد الأفلام خرج إلى العالم بخطأ ما، بل تصوّرت ما حدث.

في أحد الأفلام البوليسية دخلت على بطل الفيلم وفي يدي مسدس مستعد لقتله. لكنه كان أسرع مني وأطلق عليّ النار من مسدسه وجرحني. عند هذه اللحظة اشتعل الفيلم (أيامها في الستينات كان الفيلم ما زال كيماوي العناصر) ووجدت نفسي في أرض الصالة. من يومها وأنا أحاول دخول الفيلم ذاته من جديد لاستكمل دوري فيه، لكن بلا فائدة.

إذ كررت هذه القصّـة بضع مرّات في حياتي، خصوصاً في التسعينات، اعتقد بعض معارفي أنني بدأت أفقد رجاحة عقلي. فتوقفت. آخر ما يود العاقل أن يُـتهم به هو الجنون. لكن حبي للتدوين استمر قبل وبعد هذا الخيال الجانح. كنت أشتري كتب السينما (ولا زلت) وأهتم بتلك المراجع السينمائية التي تنقل إلى القارئ ما تم عرضه خلال سنة من السنوات. في العام 1982 لاحظت أن هذه الكتب (الأجنبية: أسبانية وإنكليزية وفرنسية وإيطالية الخ…) تهتم فقط لاحتواء الأفلام التي عرضت في البلد الواحد خلال عام. فالكتاب البريطاني يتضمن الأفلام التي عرضت في بريطانيا من تاريخ لآخر، والأميركي يتضمن الأفلام التي عرضت في الولايات المتحدة خلال السنة، وكذلك كل كتاب آخر… فكرت ماذا لو أنني وضعت كتاباً لكل ما أشاهده من أفلام ومن دون الالتزام بموقع واحد.

كنت خلالها، ولا زلت، نشطاً ومنتظماً في حضور المهرجانات، وهذه وحدها إضافة غير مطروقة للنماذج التي كنت أشتريها. وهكذا وُلد الكتاب الأول سنة 1981، من ذلك التاريخ وإلى هذا اليوم أصدرت تسعة أعداد.

لن أسرد هنا تاريخ كل عدد وظروفه وما نتج عنه. لكن ما كنت أرغب في تحقيقه ليس ما انتهيت إليه. كانت رغبتي هي أن أنجز كل سنة عدداً بالأفلام التي شاهدتها في السنة المنصرمة. أفلام  العام 1992 مثلاً موضوعة في كتاب صادر مطلع 1993. لو تم لي هذا لكان العدد الحالي هو العدد 35 وليس التاسع.

لا أربت على ظهري طلباً للعذر… لكن إصدار مثل هذا الكتاب المرجعي الشاسع ليس سهلاً على مؤسسة أو دار نشر، لك إذن أن تتصوّر كم هو صعب على فرد.

في الأساس كنت مدركاً أنه لا يوجد من سيتبنّـى فكرتي فلم أضيع الوقت في المحاولة. دفعت من جيبي 300 دولار لنشر الكتاب الأول (هذه كانت كلفته العملية آنذاك) ولم أنتظر أحداً. طبعاً بعد عددين أو ثلاثة تنامت الطموحات وكان يمكن لأي مؤسسة ثقافية، بل وحتى وزارة من وزارات الثقافة في أي بلد تطلبني وتقول لي: "اسمع يا رضا، نريد أن نأخذ عن كاهلك هذا المشروع. تكتبه وتستكتب فيه وترأسه تحريرياً وانتاجياً وسنقوم نحن بإصداره". كنت سأسأل: "ولماذا تفعلون ذلك؟" وكنت سأسعد لو جاء الجواب: "لأن هذا دورنا في هذا الجزء من العالم. نشر الثقافة ومكافأة من يقوم بها بتخليصه من أعباء النشر لكي يتفرّغ لعمله".

هذا العرض لم يأت ولن يأت. عيني بصيرة ويدي قصيرة على العكس تماماً من وزارات الثقافة والمؤسسات السينمائية ومن يتولّـى إحاطة من فيها بحلقات من الموظفين الذين يضعون رواتبهم فوق أي اعتبار. بعضهم يسرق الأفكار وينسبها إليه ولو أن ذلك مجال آخر من الحديث.

آخر ما أصبو إليه أن أتبوأ منصباً. ما زلت الإنسان الذي يضع حب السينما ونشر ثقافتها فوق أي اعتبار. هذا في منظور أصحاب رأس المال ضرباً من العبط. لكن في منظور أصحاب الرسالات هو واجب الإنسان صوب مجتمعه وثقافته ووطنه الكبير.

هذه المرّة أعود في العدد التاسع من هذا الكتاب ونيّـتي تحقيق ما فاتني سابقاً: إصداره كل سنة. باع الكتاب أو لم يبع. استرجع كلفته أو لم يسترجع. هذا ليس ضرباً من العبط أو الجنون، بل ضرب من السينما في الأساس. فإذا كان هذا السحر الرائع والصافي بالأبيض والأسود وبالألوان وعلى شتّـى أنواع حكاياته وأصناف انتاجاته هو الواقع الذي انتمي إليه، فمن الواقع جداً أن أستمر فيما أقوم به.

"كتاب السينما" ليس لكي أبرهن فيه عن شيء. لا هو جاه مادي ولا هو غايتي لكي أبرهن على أنني ناقد لا يُـجارى. ما أنا عليه هو أمر مكتسب وليس استعارة. فإذا كنت ناقداً سينمائياً جيداً فهذا في عرف الناس ونتيجة لجهد مبذول، وإن لم أكن فذلك في عرف الناس ونتيجة لجهد لم أبذله وتقصير واضح. «كتاب السينما» ما زال مثل فيلم السينما: رؤية فنية- ثقافية تهدف لمد هاوي السينما أساساً، ومحترفيها أيضاً، بالمعلومات التي تشكل ثقافته ومعرفته. الكثير من الأفلام يمر بلا تعليق، وحتى تلك التي يتاح للعربي مشاهدتها فيها أكثر مما يتبدّى على الشاشة. والنقد فن إيصال المعلومات الصحيحة وممارسة المعرفة الفنية والتقنية والصناعية للأفلام قبل تكوين الرأي الناتج عن كل ذلك. لهذا، أصبو أن أقدّم دائماً النقد الذي يختلف عن سواه بسعة ما يتناوله وبشموله لكل أنواع الأفلام لا يهم عندي إذا كانت روائية أو كرتونية أو تسجيلية، ولا من أين جاءت ومن صنعها، ولا حتى إذا كانت جيدة أو رديئة. أريد أن يكون "كتاب السينما" سديداً في رأيه وحكمه وهذا أصعب ما في كل هذه الخلطة لكن من دونها لا أهمية للرأي على الإطلاق.

حياتنا يا أخوتي هبة من الله لا نملك حق إهدارها بالعيش تحت ظل الخوف من الخروج من صناديقنا الذاتية. تعالوا نبني عالماً سعيداً يبدأ بكل داخل كل ذات منا. تعالوا نتكاتف ولتذهب فلسفة رأس المال إلى الجحيم. تعالوا نعمل لأوطاننا بما فيه خير هذه الأوطان ساعدتنا في ذلك مؤسساتها أو لم تساعدنا. عبر ذلك نلتقي ونؤسس وننمو ونتمتع بهبة الحياة الغالية. نتوقف عن هدر الوقت فيما لا طائل منه سوى إثارة البغضاء والغيرة والحسد والفساد بين الناس. الوقت ليس ملكنا بل هو جزء من تلك الهبة. حياتنا من المحطة الأولى إلى المحطة التي نموت فيها هي وقت ثمين. كيف نستغله هو الثمن.

 

محمد رضا

2 يوليو 2016

 

 

 

 
 

«عبدالكريم قادري» يكتب:

«كتاب السينما».. مرجع نقدي لأفلام اليوم العربية والأجنبية

 

 
 
 

 

 

الكتاب العاشر

يصدر قريباً - 2022

 

       
    2022 2016
    يصدر قريباً

    العاشر التاسع
   
       
       
2013 2008 2005 2004

الثامن السابع السادس الخامس
       
 
       
1991 1988 1985 1983

 

الرابع الثالث الثاني الأول
       
 

 

 
 
 

العنوان

الناشر

تاريخ النشر

1

الكتاب الأول

محمد رضا

1983

2

الكتاب الثاني

محمد رضا

1985

3

الكتاب الثالث

محمد رضا

1988

4

الكتاب الرابع

محمد رضا

1991

5

الكتاب الخامس

المجمع الثقافي ـ أبوظبي

2004

6

الكتاب السادس

المجمع الثقافي ـ أبوظبي

2005

7

الكتاب السابع

المجمع الثقافي ـ أبوظبي

2008

8

الكتاب الثامن

منشورات "كتاب السينما" ـ دبي ـ الإمارات العربية المتحدة

2013

9

الكتاب التاسع

"كتاب السينما" ـ 

2016

10

الكتاب العاشر

"كتاب السينما" ـ  يصدر قريبا

2022

 
 
 
 
 
 
 

مقدمة عامة

 
 

 

كيف نشأ وكيف ساعدني على تجاوز المحن؟

محمد رُضا - خصيصاً لـ "سينماتك" 

 

 

 

ذات مرّة في مطلع العام 1983 قررت كتابة ونشر سلسلة من الكتب تحت عنوان "كتاب السينما". لم أكن يوماً من رجال الأعمال، ولم أكن من بين الزملاء الذين ارتبطوا بدور نشر، وبل لم يكن معي كلفة طبع كتاب أول. كل ما كان عندي هو طموح ومعرفة ورغبة في سكبهما في عمل يأخذ شكلاً موسوعياً.

كنت صغيراً حين حاولت كتابة القرآن الكريم. جلست وأخذت أكتبه بخط يدي وطلبت من أمي أن تسأل الشيخ إذا ما كان ذلك حراماً أم لا. لم تكن تعرف الجواب فسألت شيخاً من دائرة الإفتاء اللبنانية التي كانت على مقربة فأجاز لي ذلك… لكني لم أكتب الا بضع صفحات. لم يكن هناك هدف من ذلك ولا نيّـة إنجاز شيء ما لكن إذ أتذكّر هذه الواقعة أحاول أن أقول إن الكتابة المرجعية كانت طموحاً عندي.

بعد ذلك عندما دخلت الصف الأول ثانوي في مدرسة الفاروق في بيروت بدأت أكتب في الموسيقا الغربية أولاً ولنحو سنة ثم ولجت الكتابة في السينما. بعد سنوات قليلة استلمت طلباً من الناقد الإنكليزي بيتر كاوي يسألني فيه إذا ما كان ممكناً لي الكتابة عن السينما اللبنانية لمطبوعة بإسم International Film Guide. لم أكن، وأنا لا زلت في السادسة عشرة سنة أو نحوها، متمكّـناً من لغتي الإنكلزية لدرجة أن أكتب مقالاً بالإنكليزية،   لكني كنت أستطيع أن أقرأ وكنت أعرف عن هذا الدليل السنوي من خلال إعلانات منشورة في مجلة "فيلمز أند فيلمينغ" التي كان بيتر كاوي واحداً من نقادها. في كل الأحوال كتبت عن السينما اللبنانية مقالاً وبعثته فأعاد الناقد صياغته بإنكليزية سليمة ونشره.

كتاب بيتر كاوي، الذي كان يصدر عن دار نشر متخصصة بالمنشورات السينمائية أسمها "تانتيفي برس" في لندن، كان إحصاءً سنوياً عن الإنتاجات السينمائية حول العالم بأسره. وما لفت نظري أنه كان الكتاب السينمائي الوحيد الذي يجمع بين دفّتيه إعلانات. داومت الكتابة في هذا الدليل لبضع سنوات قبل أن تتاح لي زيارة لندن ولقاء بيتر كاوي شخصياً قبل سنوات قليلة من قراري بوضع كتابي عن السينما العربية والعالمية.

رغم أن كتابه كان في البال حين خططت لهذا العمل، الا أن رغبتي كانت مختلفة. قررت أنه إذا ما كان كتاب كاوي هو عن السينما من نواحي صناعية وإنتاجية فإن كتابي عليه أن يكون نقدياً للأفلام المنتجة. هنا أيضاً سعدت لملاحظة ثانية. نعم في بريطانيا وفي فرنسا وفي الولايات المتحدة وفي دول أخرى، هناك كتب نقدية عن أفلام العام، لكن كلاً منها مكتف بما يعرض داخل البلد منشأ المؤلّف او مكان عيشه. كتابي من العدد الأول كان عن كل الأفلام التي أراها من دون مركزية.

بقيت مسألة التمويل. هذه اتجهت لأجلها لمعارفي من المنتجين والموزّعين وإذا بعدد منهم يقبل على الإعلان في هذا الكتاب لا في العدد الأول فقط، بل في الأعداد الثاني والثالث والرابع أيضاً. في الحقيقة لم أخسر في أي كتاب نشرته، ولا لاحقاً عندما تكفّل "المجمّع الثقافي في أبوظبي" بنشره (التحية واجبة هنا لمسعود أمرالله الذي واكب العددين الخامس والسادس من خلال عمله في مطلع العقد الأول من القرن الحالي).

كنت أملت أن ينتظم الكتاب كنشاط سنوي. لكن بعد حين قلّت الإعلانات بينما ارتفعت التكلفة. ومن ناحية أخرى سافرت إلى لوس أنجيليس مبتعداً بنفسي عن العالم العربي. هناك لم يكن من الممكن العمل عليه من المنطلق نفسه. عدت إلى لندن واشتغلت في محطة mbc حين كانت هناك منتجاً وكاتباً ومقدماً لبرنامج السينما وهذا كلّه أخذ من وقتي. في أواخر التسعينات، وكنت عدت إلى هوليوود، قررت الإستمرار وهذا ما يفسر القطيعة الطويلة كما يفسّـر العودة وإصدار ثلاث كتب بفضل "المجمّع الثقافي" في أبوظبي.

لقد كُـتب الكثير عن هذا الكتاب في الصحف العربية المختلفة. ككل فرد عندي أصدقاء وعندي أعداء وعندي أصدقاء لا أفهم لم  لا يتصرّفون كأصدقاء، لذلك ثلث من أعرفهم هو من كتب. هذا لا يضير. نحن النقاد عادة ما نعتقد أننا نملك نبض القاريء او نسيّره او نؤثر فيه… لكن الحقيقة أننا مثل نسمات خفيفة ومتباعدة. جمهورنا قليل وتأثيرنا مهما بدا كبيراً الا أنه محدود.

أكتب ما سبق لأن "كتاب السينما" يعود مع نهاية هذا العام: المبدأ نفسه لكن بشكل أفضل وبمعرفة أكثر شمولية. "كتاب السينما" الثامن ليس لا يؤرخ فقط للأفلام (وإذا ما وضع المرء الأعداد كلّها لوجدها أنها تؤرخ لحقباتها) بل هي تؤرخ لنفسي. لا زال شاغلي هو أن أكتب النقد حتى ثمالته. ولكي أفعل ذلك كان عليّ أن أدرس وأن أقرأ كثيراً في التاريخ وفي جوانب العمل السينمائي وأن ألم بالمستحدث من التقنيات و-الأهم- أن أشاهد من الأفلام كل ما أستطيع. هذا الكتاب فيه نحو 365  فيلم (على عدد أيام السنة) وربما أكثر. وهذا نحو ثلثي ما شاهدته من أفلام. معظم الثلث الباقي هو أفلام قديمة.

لا أرتوي. لا أقرر- كما يفعل آخرون بيننا- أن عليّ أن أشاهد فقط "أمهات الأفلام". من يفعل ذلك، في اعتقادي، لا يحب السينما. من لا يصرف وقته كله فيها لا يكترث لها. لديه حسابات أخرى. بعضنا، منهم الزملاء حسن حدّاد وهوڤيك حبشيان وناجح حسن وكمال رمزي وثلّة آخرون، يدرك أنه لم تكن لدينا نيّة أن نكف حتى حينما كانت هناك فرصاً لذلك. شخصياً عرضت عليّ وظائف أكثر ضمانة في بيروت وخارج لبنان (بينها وظيفة ملحق صحافي لسفارة عربية) قبلتها لنصف شهر ثم خفت من أن أعمل في وظيفة لها مستقبل وضمان إجتماعي ومركز وجواز سفر دبلوماسي… فاستقلت… عدت إلى المغامرة…. ويا ليتها من مغامرة… وعلى حد قول كلود ليلوش "المغامرة هي المغامرة".

كنت أود أن أصبح مغني روك أند رول حين كنت في الرابعة عشرة وحتى بلغت السادسة عشرة، وكنت أود أن أخرج الأفلام، وفي سن الثامنة عشرة قمت وثلاثة من الأصدقاء الذين لا أدري اليوم ما حل بهم، بكتابة وتحقيق أفلام قصيرة في بيروت أواخر الستينات. أردت الإستمرار في العمل كمخرج وككاتب سيناريو. وإلى اليوم أعيش هذا الحلم، لكنه على عكس حلم "كتاب السينما" أصعب منالاً. خير صورة لي في هذا النطاق هي صورة رجل نزل من القطار في محطّـة لا يعرفها، ثم انطلق القطار وتركه فيها…. حتى حقيبته تركها في ذلك القطار…. تركها في ذلك القطار!

محمد رضا

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004