برغم كل ما عاناه الممثل والنجم الكبير عماد حمدي علي شاشة السينما من ضيق.
وشجون ومتاعب في الحب.. والتضحيات.. لدرجة لم يعانيها ممثل آخر في تاريخ
السينما المصرية، إلا انه أستطاع ان يستحوذ على قلوب جمهور كبير من محبي
السينما بقدراته الإبداعية.
كممثل قادر علي الوصول بهذا الجمهور الي اعلي درجات الاهتمام والتفاعل معه
في كافة الشخصيات التي يعبر عنها. منذ فيلمه الاول (السوق السوداء) اخراج
كامل التلمساني عام ١٩٤٤، وحتى فيلمه الاخير (سواق الاتوبيس) عام
١٩٨٤واخراج عاطف الطيب.. وهما فيلمان يختلفان كثيرا عن اغلب أفلامه، ففي
الفيلم الاول له يواجه تجار السوق السوداء هو وأبناء منطقته، وفي الفيلم
الاخير يحارب مع ابنه الكبير لأجل الحفاظ على ورشة لأعمال الخشب يمتلكها من
اطماع بناته وأزواجهم.. وبين الفيلمان، قدم عماد حمدي علي مدي أربعين عاما
كل انواع المشاعر الجميلة والراقية على الشاشة، كما قدم التضحيات التي لم
يقدمها أحد لأجل الأبناء، ولأجل الحب، والحبيبة، او حتى خيالها بعد الرحيل،
وهو ما رأيناه في فيلم (أني راحلة)، لكن التضحية هنا يصبح لها معني أكبر
حين تكون لأجل الوطن كما نري في فيلم (الله معنا) عام ١٩٥٢ الذي اخرجه احمد
بدرخان عن حرب فلسطين.. وفيه يقوم بدور ضابط يذهب مع القوات المصرية وقت
النكبة، ولكنه يفقد زراعه في انفجار سلاح فاسد هجوم مضاد، ويعود للوطن بعد
إعلان دولة اسرائيل وهو ما جعله يفيض بالمرارة والغضب ويعلن بأنه على
استعداد للتضحية بحياته لأجل القضاء على الخونة، وهو ما قد يفسر لنا قبوله
لتقديم افلام تعلي من شأن التضحية والوفاء. بالعهد، والانتصار للمبادئ، وهو
ما نراه مثلا في فيلم (بين الأطلال) كبطل معذب، ومهزوم، وبعدها نراه في
شخصية قريبة في فيلم آخر هو (حياة او موت) اخراج كمال الشيخ عام ١٩٥٤ في
دور رجل مريض بالقلب تتركه زوجته من اجل دعم والدتها، برغم علمها بأنه طرد
من عمله، وحين يرفض، تصمم علي الذهاب لوالدتها تاركة طفلتهما معه، وهو ما
يضع الطفلة في موقف صعب حين يصاب بأزمة قلبية فتذهب الطفلة لإحضار الدواء
من الصيدلية، ويخطئ الصيدلي في تركيبته، ويضع مادة سامة في التركيبة،
وينتبه لهذا فيبلغ الشرطة التي تبحث عن الطفلة في الشوارع ثم تضطر للجوء
الي الاذاعة لتحذير الاب.. ولعل مشاهده القليلة في الفيلم. وهو يشعر بالمرض
ويشعرنا به ايضا من ابلغ المشاهد المعبرة عن هذه الأزمة.
ولعل الافلام التي ظهر فيها في دور الفارس المعذب تقاطعت مع تلك التي كان
فيها الرجل المضحي، وتزاوجت معها، مع استثناءات، لأفلام اخري قدم فيها
شخصية المتمرد بكل ملامحها، ولكن على طريقته الهادئة والمعبرة مثل شخصية
(أنيس ذكي) في فيلم (ثرثرة فوق النيل) عام ١٩٧١ عن قصة لنجيب محفوظ واخراج
حسين كمال الذي قام فيه بدور موظف في وزارة الصحة غائب عن وعيه لإدمانه
المخدرات وهو ما يقوده الي عوامة على النيل يجتمع فيها أمثاله ليصبح واحد
من مجموعة تعيش في عالم خاص بعيدا عن العالم الحقيقي للواقع. أنه الممثل
الرصين، والفتى الاول المعذب، والفارس المهزوم غالبا.. ولعل هذا ما جعله
الفتي الاول لجمهور الخمسينات، وقبل صعود جيل جديد. من النجوم. مثل نور
الشريف ومحمود يس، وحسين فهمي. |