يمثل عماد حمدي
بالنسبة لي حالة فريدة ونادرة بين نجومنا وكبار ممثلينا، فهو الفنان اللغز
الذي لا نعرف كيف ظهر على الشاشة بكل هذا النضج والتمكن منذ بداياته، ذلك
على الرغم من محدودية خبراته وقتها في مجال التمثيل، فليس من المعروف في
سيرته أنه عمل في أي من الفرق المسرحية التي كانت منتشرة في شبابه، كما أنه
لم يدرس التمثيل بشكل منتظم، الثابت فقط أنه كان يمارس التمثيل في المسرح
المدرسي وتعلم فن الإلقاء على يد الفنان عبد الوارث عسر.
كذلك لم تكن لديه
خبرات سينمائية واسعة قبل أن يقوم بأول دور بطولة في فيلم السوق السوداء
1945 أحد روائع السينما المصرية لكامل التلمساني من رواد الواقعية، ليس هذا
فقط بل أن عماد حمدي وصل في هذه البداية المبكرة إلى درجة عالية من النضج
بل والجرأة في تقديم أسلوب أداء يختلف عن السائد وقتها، وإن كان مناسبا
لتيار الواقعية الذي بدأ يزدهر مع ظهوره.
فلا مبالغة في
التعبير ولا كليشيهات منسوخة من ممثلين سابقين مصريين أو أجانب مع إدراك
سليم لدرجة الانفعال المناسبة لحجم اللقطة، وقدرة فائقة على التعبير عن
أزمات الشخصية وصراعاتها بطريقة رصينة وهادئة تتفق مع الأسلوب الواقعي ولا
تضعف من الحالة المشهدية بقدر ما تضيف لها، ولم يفارق هذا الأسلوب الهادئ
الناضج في الأداء عماد حمدي طوال مسيرته الفنية الطويلة التي انتقل فيها من
الشاب اليافع النحيل إلى رجل في منتصف العمر إلى عجوز طاعن في السن.
هذا النضج الذي لازم
عماد حمدي هو سر استمراره واعتماد المخرجين من مختلف الأجيال عليه في أدوار
كبرت أو صغرت لكنها في كل الأحوال صعبة ولا يقدر على تقديمها سوى فنان
متمكن، كما رأيناه مثلا في المنزل رقم 13 مع كمال الشيخ 1952 وخان الخليلي
66 مع عاطف سالم وثرثرة فوق النيل 1971 مع حسين كمال والمذنبون مع سعيد
مرزوق 1975.
كما بدأ عماد حمدي
مشواره السينمائي بفيلم رائع ورائد في الواقعية فإنه ينهيه في آخر سنوات
ظهوره مع عاطف الطيب بفيلم سواق الأوتوبيس 1982 أحد أهم نماذج الواقعية
الجديدة وروائع السينما المصرية. |