كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

ندعوكم إلى مشاهدة ما يصنعه الشباب

عـدي صدام حسين في «برلين السينمائي».. ولا أحد من مصر

زياد عبدالله - برلين

مهرجان برلين السينمائي الدولي

الدورة الحادية والستون

   
 
 
 
 
 
 

صخب عروض أفلام الدورة الـ61 من مهرجان برلين السينمائي لن يغطي على ما شهدته مصر أول من أمس، خصوصاً أن مسعى القائمين على المهرجان أن يكون ما تحمله على شيء من الاتصال مع العالم واستقراء نبضه، أو كما يقول مدير المهرجان ديتر كوسليك «نحن ندعوكم إلى مشاهدة ما يصنعه الشباب من أفلام»، وأنت بدورك تسأل هل من أفلام ستأتي من «ميدان التحرير»، والإجابة ستكون نعم بالتأكيد، لكن دون أن نعرف إن كان أي من هذه الأفلام سيجد طريقه إلى «برلين السينمائي»، لكن يبقى الآن البحث جارياً عن السينمائيين المصريين هنا في برلين، ولتكون الإجابة الأولية هي التالية: ما من أحد مصري في هذه الدروة من صناع أفلام، أو حتى النقاد، بمن فيهم الناقد سمير فريد المواظب على متابعة المهرجان منذ أكثر من 40 سنة، هذه الإجابة قد تتغير ربما بعدما تحقق رحيل حسني مبارك عن الحكم.

حديث ربما على اتصال مباشر أو غير مباشر بما تشهده هذه الدورة، شيء من أنك ومن اليوم الأول ستقع على خيمة منصوبة في «بوسدام بلاتز» مخصصة للاعتصام للوقوف مع المخرج الإيراني جعفر بناهي عضو لجنة التحكيم المسجون، والتنديد بالحكم الجائر، حيث أكثر من 30 شخصاً قد وضعوا صورة وجه بناهي على وجوههم، كما لو أنهم جميعاً بناهي، وبالتأكيد وليس فقط لما يشكله بناهي وقضيته العادلة، بل لأن الشأنين الإيراني والتركي لن يكونا بغائبين أبداً عن المسابقة الرسمية للمهرجان، وعلى شيء يدفع لاستعادة ما قاله سائق التاكسي التركي الذي أقلني إلى «قصر فردريك» لمشاهدة فيلم رديء بعنوان «بديل الشيطان»، بأن نصف السائقين إيرانيون أو من أصول إيرانية، بينما النصف الآخر أتراك، فهي «ألمانيا» وليست «جيرماني» أو «دوتش لاند» كما هو عنوان فيلم ياسمين سامدرلي ضمن المسابقة الرسمية، كما أن المشاركة الإيرانية ستكون هذا العام مع أصغر فرهادي صاحب «عن ايلي».

وفي متابعة ربط السياسي بالسينمائي، والراهن بما تمثله السينما من رواية تاريخية موازية له تتخذ من الانسان محور رصدها وتوثيقها، فإني وقبل المضي مع عروض المسابقة الرسمية سأتناول فيلماً بعنوان The Devil`s Double «بديل الشيطان» عرض أول من أمس ضمن برنامج «بانوراما» الذي يشكل مثالاً فاقعاً على مدى اصرار مهرجان ممثل برلين أن يكون على اتصال مع شأن سياسي أو تاريخ، وربما على ارتباط مع لا شيء الانطباع الذي يتشكل بعد مشاهدة حجم التفاهة التي يحتكم عليها ذلك الفيلم، الذي يحمل لافتة تسويقية ذات جاذبية تتمثل بأنه عن عدي صدام حسين، وللدقة عن شبيه عدي أي الضابط لطيف يحيى، وليكون الدافع الرئيس لحضور مثل هذا الفيلم هو الفضول للتعرف إلى الكيفية التي قوربت فيها شخصية عدي المريضة خصوصاً أنها المرة الأولى، ولتكون الإجابة متمثلة في أنه إن كانت المقاربات على هذا الشكل فلتكن الأخيرة، كون الفيلم ليس بأكثر من فيلم «أكشن» رديء لكنه عن شخصية حقيقة، تمتزج فيها الوقائع وتختلط، ويمسي الكتاب الذي ألفه لطيف يحيى نفسه المفترض أن الفيلم مأخوذ عنه ليس بأكثر من وثيقة تستخدم وفق متطلبات المخرج النيوزلندي لي تاماهوري، حيث الاستعانة أولاً بما عرف عن عدي من ولعه بالنساء، وليشكل ذلك محور ما يبنى عليه الفيلم، لا بل حتى صراعات لطيف يحيى التي عاشها وهو يتحول إلى بديل يشبه في كل شيء عدي، ستبدو سطحية، وعلى شيء من ردات الفعل الانفعالية، والمواقف المفبركة التي ستأخذه إلى البطولة بمعناها السخيف، ولا شيء يفعله إلا الرفض، ودومينك كوبر الذي جسد الشخصيتين يرطن بالإنجليزية، كونها لغة الفيلم مع ورود خمس أو ست كلمات عربية طوال الفيلم «يلا» أو ما شابه، كما ليقول لنا الفيلم «يلا» لنشاهد مجموعة من المشاهد الجنسية والمطاردات وتبادل إطلاق النار وفق أي فيلم «أكشن» درجة ثالثة مصنوع بارتجال تجاري مملوء بالكليشهات المعدة مسبقاً.

كنت أتوقع أن يكون الفيلم على هذا النحو، لكن ليس لهذه الدرجة، وربما على شيء من الجاهزية التي يستدعيها حضور فيلم يراهن على اسم الشخصية وإشكالاتها التي يقدمها، الجاهزية التي يجب رفع درجاتها أكثر، ربما يجعلنا هنا ننتقل إلى أفلام المسابقة التي عرضت أول من أمس، وليكون أولها فيلم El Premio «الجائزة» الذي نضعه بعيداً جداً عن رداءة لي تاماهوري، ولنكون أمام فيلم للمخرجة الأرجنتينية باولا ماركوفيتش في تجربتها الروائية الطويلة الأولى، وعلى شيء يجعل من فيلمها الذي يروي قصة فتاة وأمها في مكان ناء وبيت على شاطئ بحر مهجور تتلاعب فيها الرياح، ولا شيء من شروط الحياة متوافرة فيه، إنهما هاربتان من شيء ما، سرعان ما يتبدى ويتضح أن الفيلم الجميل هو عن الديكتاتورية، عما كانت تعيشه الأرجنيتن في أواخر ستينات القرن الماضي، حيث الحكم العسكري، وهنا يحضر السؤال عن الكيفية التي قدمت فيها ماركوفيتش ذلك، والإجابة بالتأكيد تكمن في الفيلم الذي يضعنا مع حياة تلك الفتاة التي لم تتجاوز السابعة من عمرها وإدارة تمثيلها المدهشة، بحيث نكون أمام فيلم موهوب لمساحاتها الخاصة التي تخترعها رغم الهرب وخوف أمها وقلقها على والدها المطارد الذي انقطعت أخباره تماماً.

يكفي أن تشارك الفتاة بمسابقة خاصة بالجيش الأرجنتيني يقيمها للطلاب ليكتبوا عن الجيش حتى نعرف كل شيء، إنها ستكتب «أنا أكره الجيش، لقد قتل ابن عمي وهو يعزف على البيانو، وهناك طلقات اخترقت البيانو»، لكن هذه الورقة سرعان ما يتم استبدالها بكتابة أخرى عندما تعلم أمها أنها كتبت ذلك، وتنال جائزة أفضل نص كتب عن الجيش الأرجنتيني.

هذا المرور السريع لن يمنعنا من العودة إلى فيلم ماركوفيتش لاحقاً، ولننتقل الآن إلى فيلم الأميركي جاي سي شاندر Margin Call «مكالمة عاجلة» ولا أعرف إن كانت هذه الترجمة دقيقة لعنوان الفيلم لكن الفيلم يدور حول مكالمة مصيرية، ومعبراً كاملاً نحو أخلاقيات المؤسسات الرأسمالية الكبرى، حيث يكون هذا الفيلم المنتمي إلى السينما الأميركية المستقلة سرداً مكثفاً ومتسارعاً حيال الأزمة الاقتصادية، وهو من البداية لن يمهلنا ونحن نشهد طرد الموظفين، وأولهم مدير مهم يكون في منتصف إنجاز شيء مهم، الطرد الذي لا يمهله سوى بضع دقائق لجمع متعلقاته الشخصية والمضي وقطع كل شيء عنه، وليكون هذا الذي كان ينجزه ذاك المدير غاية في الأهمية، واكتشاف ذلك سيضع الشركة أمام الإفلاس أو النجاة بتدمير كل شيء.

الفيلم مصنوع ضمن 10 أو 15 موقع تصوير تقريباً، وله أن يقول كل شيء بخصوص ما تقدم والكيفية التي تدار بها الأزمات وبمشاركة كل من كيفين سبايسي وجيرمي ايرون وديمي مور، وهو الفيلم الأول لشاندر كما هي الحال مع أفلام كثيرة أخرى لها أن تضع «برلين السينمائي» تحت لافتة الاكتشافات.

 

####

 

«أبوظبي للأفلام» ومنتجون من الإمارات إلى «المهرجان»

أبوظبي ــ الإمارات اليوم

تتوجه لجنة أبوظبي للأفلام، إحدى مُبادرات هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، إلى مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الـ61 مع خمسة منتجين من الإمارات، بهدف الاستفادة من فرص إنتاج عالمية لأفلامهم وللقاء المنتجين العالميين والشخصيات المؤثرة في صناعة الأفلام الأوروبية، كجزء من شراكة اللجنة مع نادي المنتجين الأوربيين.

وتوفر هذه الشراكة لصنّاع الأفلام فرصة للسفر إلى برلين، لحضور سلسلة من الفعاليات الخاصة وورش العمل، لتوسيع شبكة علاقاتهم مع صناع الأفلام والمنتجين العالميين، في ضيافة نادي المنتجين الأوربيين ولجنة أبوظبي للأفلام. ولعبت لجنة أبوظبي للأفلام دوراً في تطوير صناعة السينما والتلفزيون في أبوظبي والإمارات بشكل عام، عن طريق الترويج للإنتاج المتوافر في الإمارات والمواهب العديدة والمبدعة، وذلك أمام مجتمع الإنتاج في مختلف أنحاء العالم وأوروبا خصوصاً. وتم اختيار المرشحين الخمسة بجهد مشترك بين لجنة أبوظبي للأفلام ونادي المنتجين الأوربيين، بناءً على خبراتهم ومشاركتهم الفعالة في صناعة وإنتاج الأفلام في الدولة.

وقال مدير لجنة أبوظبي للأفلام ديفيد شيبرد «مسرورون بحضور رواد صناع الأفلام الإماراتيين إلى مهرجان برلين إلى جانب فريق لجنة أبوظبي للأفلام، فهي فرصة رائعة لعرض مواهب هذه المجموعة الموهوبة بحق وإيضاح مدى خبراتهم التي أثمرت في صناعة الأفلام والتلفزة في الإمارات. ستكون هناك مشاركة قوية للإمارات في مهرجان برلين لهذا العام، ونحن نسعى إلى الاستفادة القصوى من ذلك عبر الترويج للمواهب والأفلام الإماراتية».

يذكر أن مرافقي لجنة أبوظبي للأفلام هم بثينة حامد كاظم، المنتجة الإماراتية للفيلم الوثائقي «رسائل إلى فلسطين»، ومنسقة «برامج أفلام مستقلة» في المركز الفني شيلتير في دبي. بالإضافة إلى إيفا ستار ساير التي تشغل منصب مديرة الأعمال في شركة فيريتاس للأفلام، والمنتجة المنفذة لفيلم (تيتا، ألف مرة) الحائز جوائز عالمية عدة. والممثل والمخرج والمنتج الإماراتي نواف الجناحي، الذي قام بإخراج العديد من الأفلام منها «مرايا الصمت» الحائز جوائز عالمية وكذلك الفيلم الطويل «الدائرة» الذي عرض في مهرجان الخليج السينمائي، وفيلم «ظل البحر» الذي يمر حالياً في مرحلة ما بعد الإنتاج.

وأمينة داسمال، المنتجة الإماراتية لفيلم «كوشوشي» الذي حاز جائزة ديسكفوري في مهرجان تورنتو السينمائي لعام ،2007 كما قامت بإنتاج «المرأة اللعوب» ، و«المنادي» و«تراش همبرز» وفازت هذه الأفلام بثمانية جوائز سينمائية رئيسة.

وتيم سميث، مؤسس شركة «فيلم وركس» والمنتج المشارك لبارامونت بكتشرز في تصوير فيلم «المهمة المستحيلة.. بروتوكول الأشباح» في دبي، بالإضافة إلى قيامه بتسهيل إنتاج أفلام عدة مثل «سريانا» و«المملكة» الذي تم تصوير مشاهد منه في كل من دبي وأبوظبي. كما أثبت سميث تميزه في الفيلم الإماراتي «دار الحي» للمخرج والمنتج الإماراتي علي مصطفى.

وسيقوم المشاركون بكتابة مذكرات يومية مكتوبة ومصورة خلال مهرجان برلين السينمائي الدولي، ليعبروا عن تجاربهم وتوقعاتهم من الفرصة التي قدمتها لهم لجنة أبوظبي للأفلام، إلى جانب تجاربهم أثناء تبادل الخبرات ومعارفهم التي سيكتسبونها خلال رحلتهم المملوءة باللقاءات مع الكثير من رواد الصناعة العالميين.

 

الإمارات اليوم في

13.02.2011

 
 
 
 
 

ما الذي لدى العرب ليعرضوه في برلين هذا العام؟

مهرجان برلين السينمائي الدولي (3)

برلين: محمد رُضا

* جدل لا ينفع

* هل يعرف القارئ كم من الوقت تطلبه الحصول على بطاقتي الصحافية لكي أشاهد عبرها الأفلام وأجول بين جميع النشاطات المقامة على هامش المهرجان وبسببه؟

من حين دخولي المكتب الصحافي: دقيقة واحدة.

بعد ذلك كان علي اجتياز المسافة الواقعة بين المكتب والعرض السينمائي لأول أفلام المسابقة «نداء جانبي» التي تبلغ 3 دقائق في دقيقة واحدة إذا استطعت، فالفيلم يبدأ التاسعة صباحا، لكن لم أكن أستطيع دخوله إلا بالبطاقة الصحافية. على الطريق استوقفني صديقان من قطر يعملان في «دوحة فيلم إنستتيوت» وبين الـ«أهلا وسهلا» و«كيف الحال» طار 5 دقائق.

حين وصلت إلى العرض متأخرا 8 دقائق. طلب مني الموظف الصعود إلى الطابق الخامس من قصر المهرجان. أدركت حينها أنني سأشاهد الفيلم من البلكون، أو بلغة السينما، من «عين الصقر»، لكن هذا هو النظام إذا أتيت متأخرا.. عوضا عن الطلب منك العودة من حيث أتيت لأن الفيلم بدأ، عليك أن تتحمل الجلوس في البلكون لأن دخول الصالة الرئيسية سيشتت نظر البعض بعيدا عن الشاشة وهؤلاء أحق بالمتابعة من سواهم لكونهم وصلوا في الوقت المحدد.

خرجت بعدما شاهدت الفيلم كاملا باستثناء تلك الدقائق التي أتيح لي مشاهدتها عبر الحصول على بطاقة خاصة لعرض تجاري لاحق.

خالد المحمود شاب في الثلاثينات من عمره ولد في أبوظبي وأحب السينما وانطلق نحوها بلا حدود. تلتقي به تجده شخصا دمثا ورقيقا وتشاهد أفلامه فتكتشف أنه - أيضا- موهوب. بعد تحقيقه عددا من الأفلام القصيرة طوال الأعوام العشرة الأخيرة، حقق في العام الماضي ما يحتمل أن يكون أفضل أفلامه: «سبيل».

فيلم من 20 دقيقة يدور حول شقيقين (حسن المرزوقي وحسين محمود) يبيعان الخضار والفاكهة وزجاجات الماء على قارعة طريق عام خارج إحدى مدن الإمارات (وإن كان اسم الإمارات ليس مذكورا لكنه مفترض). في صباح كل يوم يركبان الدراجة المحملة بالصناديق وينطلقان إلى الموقع ويجلسان على كتف الطريق الصحراوي ذاك وينتظران مرور تلك السيارات القليلة التي تقصده.

في مساء كل يوم يضعان ما تبقى من البضاعة فوق تلك الدراجة النارية ويعودان إلى البيت الجبلي المنعزل حيث تعيش جدتهما العجوز طريحة الفراش. يقومان برعايتها. ينامان. في صباح اليوم التالي يعاودان فعل ما قاما به في اليوم السابق.

يؤسس المخرج لهذا الروتين الحياتي جيدا. يضع المشاهد مباشرة أمام صنو حياة تمر بطيئا على بطليها وسريعا على الشاشة من دون تناقض. الأمر الوحيد الذي تساءلت عنه حين التقيت المخرج سريعا خلال عرض سابق هو: لماذا الصمت المطبق؟ ألا يؤدي ذلك إلى قدر من التغريب غير الواقعي (طالما أن الفكرة واقعية)؟

في الرد على ذلك قال المخرج: «هذا جزء من الجو العام المقصود. لا أدري ما الذي كان سيضيفه الحوار إلى الصورة في هذا الشأن. كل شيء واضح».

كنت مخطئا في وجهة نظري وكان على حق والفيلم الآن هو أحد فيلمين عربيين فقط معروضين في نطاق المهرجان. فيلمان فقط من 14 دولة عربية أنتجت سابقا أفلاما وبينها واحدة «مصر» هي الثقل الصناعي والإنتاجي لهذه السينما. الفيلم الثاني هو 7 دقائق للمخرج اللبناني أكرم زعيتر بعنوان «غدا كل شيء سيكون على ما يرام».. 7 دقائق حول ما يعتبره المخرج: «قصة أيقونية للحب وللخسارة والشوق تتكشف من خلال تبادل الأفكار بين شخصين».

بعيدا عن الشاشة، هناك حضور عربي متمثل في بعض الشخصيات التي تداوم الحضور على هذا المهرجان دورة وراء دورة. أقول بعض لأن هناك عددا من النقاد المصريين الذين منعتهم الأحداث من الحضور أو - ربما - الرغبة بالحضور. كذلك هناك من يعيش تحت وطأة الخسارة الكبيرة التي منيت بها السينما العربية برحيل المخرج الوثائقي السوري عمر أميرالاي قبل نحو أسبوع بحيث قد لا يشعر بالرغبة في المشاركة فيما يشبه الاحتفال ولو أن الابتعاد عنه، إذا كان الحضور سهلا ومتاحا، ليس القرار الصائب أيضا.

لكن حضور هذه الشخصيات، ومعظمها من المخرجين المستقلين والنقاد والصحافيين العائشين في المهاجر، ليس التميز الذي يمكن الكتابة مطولا فيه، بل هناك نقاط ضوئية مؤكدة مجسدة في وجود مؤسسات سينمائية عربية تسعى لإثبات وجودها عالميا عن طريق هذا الاحتفال.

مندوبون من مهرجاني دبي وأبوظبي موجودون من الأيام الأولى للمهرجان. وفي حين أن متابعة الأفلام ومعايشة الأجواء جزء من عمل هؤلاء المندوبين، فإن الجزء الأهم إلى حد كبير هو المشاركة في حدث يخطف إليه الأنظار من كل أنحاء العالم السينمائي حاليا بما في ذلك الترويج لكل مهرجان (وكلاهما يتنافسان على تبوء الأهمية الأولى في العالم العربي) والالتقاء مع سينمائيين وإبرام اتفاقات وعقود.

كذلك فإن وفدا من «مجلس الفيلم الأردني» سيصل خلال الساعات القليلة المقبلة، وحضوره يهدف إلى تعزيز وجود الأردن على الساحة السينمائية. فالدولة أنجزت خلال السنوات القليلة الماضية وثبات ملحوظة وأكيدة بدأت بإنتاج «الكابتن رائد» وشملت إنتاج أفلام قصيرة ثم فيلم روائي ثان هو «مدن ترانزيت» ونجحت في جذب هوليوود وأوروبا إليها من جديد كمكان لتصوير الأفلام العربية.

في ذلك، تتنافس الإمارات ومصر والمغرب مع غياب للدول الأخرى في هذا الإطار، إما لعدم وجود أرضية إنتاجية تؤمن ما يطلبه السينمائيون الغربيون من معدات وخبرة، وإما بسبب أوضاع سياسية وأمنية غير مواتية، كما الحال في الجزائر ولبنان ومصر، وهذه الأخيرة بسبب الأحداث الأخيرة حاليا، وإن كان التصوير هناك مقيدا أيضا بقوانين غير جاذبة للرأسمال الأجنبي.

إلى ذلك، هناك مجموعة من 5 مخرجين إماراتيين (أو يعملون ويعيشون في الإمارات) آتون من أبوظبي تبعا لبرنامج تشرف عليه «الهيئة العامة للثقافة والتراث» يستحق نظرة أوفى في وقت لاحق.

كذلك، فإن المهرجان مناسبة للإعلان عن صدور أول عدد من «فاراياتي أرابيا»، المجلة الشقيقة لـ«فاراياتي» المعروفة دوليا على أساس أنها مرجع السينمائيين إنتاجا وتوزيعا وتسويقا. المجلة تصدر من دبي بفريق عمل عربي وأميركي وباللغتين.

* فيلم اليوم

Margin Call «نداء جانبي»

* إخراج: ج. شاندور

* تمثيل: كفن سبايسي، بول بيتاني، جيريمي آيرونز، سايمون بايكر

* دراما / الولايات المتحدة / المسابقة

* حين قام المخرج أوليفر ستون بتحقيق فيلم «وول ستريت: المال لا ينام» الذي عرضه مهرجان «فانيسيا» قبل أكثر من عام، مزج رغبته في التعليق الاجتماعي على الانهيار الاقتصادي لعام 2008 بالرغبة في العودة إلى أحد أكثر أفلامه نجاحا (خرج الجزء الأول سنة 1987) على عادة مخرجين آخرين نراهم ينهلون من ماضيهم لأجل إحياء حاضرهم، خصوصا إذا ما كان الحاضر متعثرا. محاولة ستون «فاتت بالحيط» كما يقولون لأن الفيلم في نهاية أمره كان تلميعا لشخصياته والكم النقدي الذي فيه لم يخرج عن نطاق عرض عام لما بات منتشرا.

هذا لا يحدث في فيلم ج. شاندور الروائي الأول هذا لحسن الحظ.. المخرج القادم من خلال تحقيق الدعايات التلفزيونية، والذي لم يسبق له الوقوف وراء كاميرا فيلم روائي طويل من قبل، ينجز عملا صادقا يدور في نطاق النظام الاقتصادي الأميركي وكيف يدار ومن يدفع ثمنه من خلال حكاية تقع معظم أحداثها داخل مؤسسة مالية ضخمة (وغير مسماة) قائمة على البيع والشراء والحضور الحثيث للبورصة. مشاهده غالبا محصورة وحواراته دقيقة وتمثيله مشبع بلقطات محددة تضع المتحاورين في مواجهات تتناغم وتتعارض على نحو مستمر، حول أزمة انفجرت داخل المؤسسة بحيث بات عليها أن تبيع كل معاملاتها لأول ولكل من يشتري، في مواجهات.

سام روجرز (كفن سبايسي) يعمل مدير مبيعات هذه المؤسسة الذي عمل فيها لـ34 سنة ويتمتع بثقة رئيس مجلس إدارتها (جيريمي آيرونز) الذي يعقد اجتماعا طارئا لكبار الموظفين (وبعض الصغار منهم أيضا) للوقوف على حجم الأزمة الناتجة عن اكتشاف أن موجودات الشركة بولغ في تقديرها بحيث إنه إذا ما انتشر الخبر تهاوت وفقدت مصداقيتها.

طريقة الخروج من الأزمة هو بيع العقارات والأسهم والممتلكات بأسرع وقت ممكن. بين مطلع دوام العمل وموعد الغداء، كما يوصي الرئيس، مدركا أنه مع حلول الساعة الثانية بعد الظهر تكون مشكلات الشركة انتشرت وبات البيع مستحيلا.

لجانب كفن سبايسي وجيريمي آيرونز (وهما كافيان سببا لمشاهدة الفيلم) هناك أداء مفعم من أسماء جديدة نوعا ما، وأخرى متجددة: سايمون بايكر وبول بيتاني وزاكري كوينتو في النطاق الأول، وديمي مور وماري مكدونل في الثاني. المخرج شاندور لا بد أنه جلس مع ممثليه طويلا لكي يضمن أنه سيستخرج من كل واحد ما هو مناسب للفيلم وليس ما هو مناسب للممثل، وأنجز ذلك جيدا. من ناحيته، فإن مدير التصوير فرانك ديماركو، الذي من بين أفلامه الحديثة «جحر الأرنب» مع نيكول كدمان وآرون إيكهارت، حرص على منح لقطاته ذلك الحيز المطبق على الوجوه والأماكن. بما أن معظم التصوير داخلي، فإن المكاتب والغرف تؤدي دورا مهما في تثبيت البعد المرغوب: اللون الزرقاوي والرمادي واللقطات العالية المشرفة على المدينة النائمة تمنح الفيلم كل الخلفية الفنية المطلوبة.

تعليق المخرج على الوضع الاقتصادي الأميركي يتم من دون إعلانات وجود، وبلا عناوين كبيرة الأحرف، ولا حتى ذلك القدر من الاستعراض الذي نراه عادة في أفلام كثيرة أخرى تستنجد بالمؤثرات الدرامية المجانية كلما شعرت بأن المطروح لا يكفي. المؤكد أن شاندور واثق من نفسه ووسيلته وأنه استمد المزيد من هذه الثقة حال التفاف ممثلين مشهود لهم بالموهبة المتقنة والمتأنية حوله فيما يشبه التأييد لما يريد طرحه وللكيفية التي يريد إيصال هذا الطرح بها.

* سنوات برلين: 1978

* هذه كانت أول دورة من دورات هذا المهرجان العتيد التي تقام في شهر فبراير (شباط) عوضا عن موعده السابق في ربيع السنة. بذلك تم تحقيق دورتين كبيرتين في 9 أشهر بعدما كتب رئيس المهرجان وولف دونر إلى مجلس المستشارين مناشدا الموافقة على هذه النقلة التي أريد لها أن تبتعد عن السقوط في الحيز الضيق بين مهرجاني «كان» و«فنيسيا».. فكان له ما أراد. افتتح فيلم جون كازيفيتيز «ليلة الافتتاح» الدورة الثامنة والعشرين واختتمها ستيفن سبيلبرغ بفيلمه «لقاءات قريبة من النوع الثالث»، وما بينهما مرت أفلام كثيرة استحقت الاهتمام ولا تزال لليوم لكون معظمها لمخرجين ما عدنا نسمع عنهم رغم أن الكثيرين منهم ما زالوا أحياء. من هذه الأفلام:

«سنوات أبي السعيدة» لساندور سيمو - المجر.

«ليلة مليئة بالمطر» للينا فرتمولر - إيطاليا.

«راينغولد» لنيكولاس شيلينغ - ألمانيا (الغربية آنذاك).

«مثير للغضب» لرتشارد برنر - كندا.

«لاعبا الشطرنج» لساتياجيت راي - الهند.

رابح الدب الذهبي كان الفيلم الإسباني «تراوت» لجوزي لويس غارسيا سانشيز، وفي نطاق التمثيل الرجالي كريغ راسل عن «مثير للغضب»، وفازت جينا رولاندز بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم زوجها جون كازافيتيز «ليلة الافتتاح».

 

####

 

حديث جف بردجز عن دوره في «عزم حقيقي»

أول مرة عمل فيها الممثل جف بردجز تحت إدارة الأخوين كوون كانت قبل عدة سنوات، حين لعب بطولة «ليبوسكي الكبير»، كوميديا سوداء ذات حس بوليسي حول رجل يجد نفسه موضع خطر نتيجة خطأ في هويته. لم يكن من أفلام الأخوين كوون وإيثن الناجحة لكن بردجز صال وجال فيه عاكسا شخصية ليست بعيدة في سلوكها عن تلك التي في تشارلز شيناسكي كما أداها ميكي رورك سنة 1987 في فيلم «بارفلاي» لباربت شرودر.

المرة الثانية هي الحالية: «عزم حقيقي»، كما ورد في صفحات «الشرق الأوسط» السينمائية أكثر من مرة، هو الفيلم المعاد إنتاجه من فيلم بنفس العنوان أخرجه هنري هاذاواي سنة 1969 وذاك كان من بطولة جون واين الذي نال أوسكاره الوحيد عنه. مجرد قبول جف ببطولة إعادة هذا الفيلم وضع نفسه محط مقارنة بينه وبين واين. الحديث التالي بيننا بمناسبة عرض النسخة الجديدة كفيلم افتتاح للدورة الـ61، ينطلق من هذه النقطة.

·        في حديث سابق بين الأخوين كوون وبيني أعلماني أنك ترددت في قبول الدور الذي لعبته في هذا الفيلم. هل لك أن تضيف وجهة نظرك؟

- طبعا. ترددت لكني تحمست أيضا. أي فيلم يقوم المرء بتمثيله كان قد سبق لممثل آخر أن مثله يعرض الممثل الحالي للمقارنة بين كيف يجسد الشخصية وكيف جسدها الممثل السابق، خصوصا عندما يكون الممثل السابق في مكانة أيقونة اسمها جون واين. لهذا السبب ترددت كثيرا، ولكني تحمست، كثيرا أيضا، لرغبتي في تمثيل فيلم جديد للأخوين كوون، ولأنني أريد التمثيل في فيلم وسترن.

·        ما الذي بت في الأمر وجعلك تقبل؟

- تأكيد كوون وإيثن بأنهما لا ينويان إعادة تحقيق الفيلم السابق بل تقديم اقتباس للرواية. للكتاب. وأعتقد أن ذلك ما حدث. في الحقيقة لا أعتقد أنهما شاهدا الفيلم السابق أساسا، لكني متأكد أنهما سعيا للابتعاد عنه قدر الإمكان .

·        تقنيا لا يزال الأمر هو «إعادة صنع» A remake وهما أخبراني بأنهما شاهدا الفيلم السابق حين كانا شابين صغيرين. لكن السؤال الآن هو ما الذي تغير في علاقتك بهما بعد أكثر من 20 سنة؟

- لا أعتقد أن أيا منا تغير. الأخوان كوون من علامات السينما الأميركية اليوم ويؤكدان ذلك فيلما بعد فيلم. أنا ممثل أواصل التعلم والسعي لتقديم أفضل ما أستطيع ولا أدعي أنني وصلت.

·        هل كان الأوسكار الذي حصلت عليه في العام الماضي عن «قلب متيم» Crazy Heart علامة وصول؟

- وصول إلى الأوسكار يا صديقي (يضحك)!.. لكن الوصول إلى القمة الفعلية أمر مستحيل. لا أعتقد أنه ممكن على الإطلاق. كلما وجد الممثل نفسه قد فاز بفيلم يثبت فيه جدارته، وجد نفسه أمام تحد آخر في الدور المقبل.

·        هل تعتقد أن حصولك على أوسكار ثان هذا العام سيكون اعترافا ثانيا بجدارتك الفنية؟

- سيكون؟! (يضحك). لن أناقش هذا الأمر. هذا رأيك وليس رأيي.

·        لا أقصد أن أكون مادحا، لكني أبحث عن معنى فوزك بأوسكار ثان إذا ما حدث ذلك.

- بالطبع سأكون سعيدا جدا بهذا التقدير. لكني أنظر إلى باقي الممثلين خافيير باردم، هذا عملاق، كولين فيرث ممتاز، جيسي (أيزنبيرغ) وجيمس (فرانكو).. وأدرك أنني في حضرة ممثلين ممتازين وسأكون سعيدا لفوز أي منهم.

·        ظهرت في عدة أفلام وسترن، منها ما هو وسترن حديث («قلب متيم») أو كلاسيكي كما هذا الفيلم.. ماذا يعني لك هذا النوع من الأفلام؟

- لا أدري من قال إنه «النوع الأميركي الصافي». إنه أميركي تماما. جزء من التاريخ الخاص والثقافة الوطنية لأنه نحن. وأنا أحب تمثيل هذا النوع من الأفلام وأحب مشاهدته. لكن سؤالك مناسبة لكي أقول إن واحدا من الأسباب التي دعتني لتمثيل الدور في «عزم حقيقي» أن جون واين منح الشخصية وضعا مختلفا عن تفسيري أنا للشخصية. هي شخصية واحدة بلا ريب بأسلوبين وتفكيرين.

 

الشرق الأوسط في

13.02.2011

 
 
 
 
 

"عزم حقيقي": إعادة صنع او اقتباس عن رواية؟

محمد رُضا

في حديثهما لهذا الناقد، قال الأخوين جووَل وإيثن كووَن، ردّا على سؤال عما إذا كانا يعتبران فيلمهما الجديد  اقتباساً عن النسخة السابقة، أنهما شاهدا تلك النسخة من "عزم حقيقي" او True Gritمرّة واحدة وقبل سنوات عديدة. جووَل انبرى للكلام قائلاً: "شاهدته وأخي حين خرج الفيلم سنة 1969. كنت في الثانية عشر من عمري وشقيقي يكبرني بثلاث سنوات".

لكن في حديثهما للصحافة الألمانية، قالا ردّاً على سؤال مشابه: "لم نشاهد الفيلم السابق بل عمدنا الى الرواية  لكي نقتبسها بأمانة".

إنه فيلم الافتتاح للدورة الحادية والستين من مهرجان برلين السينمائي الدولي المقام حالياً واختيار مهرجان برلين لفيلم الأخوين جووَل وإيثَن كووَن الجديد هذا،  يحتوي على التقدير الخاص لسينمائيين استطاعا استحواذ إعجاب النقاد والمثقفين بسلسلة من الأعمال المصنوع غالبها بذكاء وعين على المكان والسلوك الشخصي لأبطالها، ولو أن بعضها لا يعدو هزلاً تقمّص رداءاً فنياً فبقي هزلاً ضعيفاً علي أي حال

الرواية المذكورة وضعها تشارلز بورتيس (خامس أعماله) في منتصف الستينات وقام هنري هاذاواي باصطيادها فيلماً من بطولة جون واين. تقنياً، ومهما كانت درجة الأمانة فإن "عزم حقيقي"- نسخة كووَن هي إعادة صنع طالما أن هناك فيلماً سابقاً مقتبساً عن الرواية ذاتها.

?عزم حقيقي?« في نسخة هاذاواي? ? قدّم جون واين (في الدور الذي حقق له أوسكاره الوحيد) في  ?دور روبرت روستر كوغبيرن المارشال الذي? "?لا? ?يدخل الخوف عقله?" ?على حد وصف أحدهم له والذي? ?تطلب منه الفتاة ماتي? ?روس? (?كيم داربي?) ?القبض على قاتل أبيها توم تشايني? (?جف كوري?) ?الذي? ?التحق بعصابة? ?يرأسها ند بَبر? (?روبرت دو?ول?). ?روستر كوغبيرن? ?يوافق على مضض على أن? ?يقوم بالمهمّة وحده،? ?لكن ماتي? ?تصر على أن تصحبه?. ?معهما في? ?المغامرة الشاب لابيف? (?غلن كامبل?) ?الذي? ?يريد القبض على توم لأسباب أخرى?. ?الفيلم تألّف من رحلة الثلاثة في? ?براري? ?الغرب?.

? ?

في? ?الترجمة السينمائية الجديدة،? ?يقدم الأخوين كووَن على النهل من الرواية وليس من الفيلم،  ?لكن كون الأصل أيضاً? ?اعتمد الرواية من دون كثير تعديل،? ?فإن النتيجة شبه واحدة سواء استلهم الأخوين الكتاب او الفيلم? خصوصاً وأنه لا يمكن إغفال حقيقة أن الأحداث واحدة مع اختلاف في أسلوب التعامل مع الغرب: عند هاذاواي المحترف التقني الرفيع هو وسترن كلاسيكي، وعند الأخوين المذكورين هو وسترن مع عصير حامض  لزوم منح الفيلم طعماً ليبرالياً في مقابل طعم يميني النكهة في نسخة هاذاواي/ واين.

في النسخة الجديدة جف بردجز في? ?شخصية روستر?  (?وبعصبة سوداء أيضاً? ?كما حال الشخصية في? ?الفيلم السابق?) ?وهايلي? ?ستاينفلد في? ?دور الفتاة بينما? ?يؤدي? ?مات دايمون دور لابيف?. ?الملخص أعلاه? ?يصلح تماماً? ?لإيجاز أحداث نسخة كووَن لأن المتغيّرات قليلة?. ?لكن النبرة مختلفة تماماً?. ?فيلم هاذاواي? ?كان احتفائياً? ?بالممثل واين وبالوسترن كنوع أدمن ذلك الممثل عليه حتى أصبح هو تعبيراً? ?عنه?. فيلم الأخوين كووَن بلا احتفاء على الإطلاق?. ?حتى التغني? ?بالغرب الأميركي? ?كنوع سينمائي? ?أمر? ?غير وارد?. ?عالم الأخوين كووَن هنا مؤلّف من سرد ملتزم بالحكاية من دون نوستالجيا او تعبير من أي? ?نوع سوى تلك البرودة الساخرة التي تتسرّب مثل جدار يشح بالماء،  وهذا سيء لمتلق كان الوسترن بالنسبة له نوعاً ?من المعايشة وجدانياً? ?مع عصر ولّى ولا? ?يزال مثيراً? ?للاهتمام كتاريخ وكبيئة زمنية واجتماعية?.?

يؤم الشقيقان كووَن الوسترن بأقل قدر من المرجعية?. ?إذا كان لابد،? ?فهو بالتأكيد شبيه بأفلام وسترن السبعينية من حيث التشكيل اللوني? ?للتصوير والتشكيل السلوكي? ?للشخصيات?. ?وهو رصين ومُلاِحظ لكنه ليس ثقيلاً? ?ولا تفصيلياً?. ?وأسلوب العمل هو? ?غير استعراضي? ?وغير مبهر بحد ذاته وفي? ?وقت واحد?. ?الناحية الأولى جيّدة،? ?الثانية ?عامل آخر مفقود في? ?هذا الفيلم الذي? ?يمر بهدوء نهر صغير?  و-أحياناً- بملله.

لاحقاً،? ?في? ?مكان ما وسط الفيلم،? ?ينتهج الأخوين تقسيماً? ?لغوياً? ?آخر?: ?روستر وماتي? ?على حصانيهما في? ?منطقة شجرية?. ?الكاميرا تتحرّك وراءهما ببطء? ?يماثل بطء تقدّمهما الى منطقة جديدة،? ?ثم تنتقل الى أمامهما لتتراجع عنهما بذات البطء?. ?هنا? ?ينتبه روستر على أن هناك شيئاً? ?خطأ في? ?المكان? ?يتوجّب الحذر منه?. ?بذلك تكون الكاميرا واكبت الإحساس قبل بدايته حتى تتيح للمشاهد الشعور به?. ?حزء كبير من نجاح المهمّة? ?يعود الى مدير تصوير الأخوين كووَن المفضّل? (?والدائم?) ?روجر ديكنز?.?

 ?اعتماد المخرجين على الرواية من دون تدخّلات من جانبهما لجذب الفيلم في? ?أي? ?اتجاه أمر? ?يساعدهما على إتقان تنفيذ الفصول من حيث التأليف اللغوي? ?لمشاهد كل فصل?. ?لكن بمراجعة الكتاب، الذي أعيد طبعه بمناسبة خروج الفيلم الى الصالات الأميركية (وهو عُرض هناك قبيل نهاية العام لكي يُتاح له التنافس على الأوسكار)  ?ندرك كم كان الأخوين كووَن أمينان حيال الحوار الوارد في? ?النص الأصلي? ?خصوصاً? ?وأن الكاتب بورتيس كان ذكياً? ?في? ?استخدام حواره?. ?ما? ?يخفقان به هو شحن الأزمات الواقعة بين الأطراف الثلاثة بقدر من الحرارة?. ?بسبب ذلك،? ?فإن الحوار المتبادل بين شخصية جف بردجز وشخصية مات دامون دائماً? ?أقل أهمية مما? ?يبدو عليه الأمر في? ?الوهلة الأولى?. ?المشاهد ذاتها بينهما لا تبدو طبيعية بين رجلين من ذلك العصر كل منهما? ?يدّعي? ?أنه مقاتل أفضل من الآخر?. ?النتيجة هي? ?أنهما? ?يبدوان أقرب الى امرأتين عجوزين تتناوبان الردح كل للأخرى خصوصاً? ?في? ?مشهدين ضعيفين للغاية?: ?المشهد الذي? ?يهزأ روستر كوغبيرن من لابيف،? ?وذاك الذي? ?يتنافسان فيه على إصابة أهداف طائرة?. ?وهما مشهدان وردا على بعد ثلث ساعة كان الفيلم خلالها قد? ?غطس في? ?مستنقع راكد لم? ?يخرج منه الا قبل نحو ثلث ساعة من نهايته?.?

لكن ماذا عن الفيلم الأول؟

المقارنة ليست لصالح الفيلم الجديد رغم حسنات هذه النسخة وسيئات النسخة السابقة. هنري هاذاواي قدّم عملاً مشحوناً في أجواء الغرب الأميركي وهذا ليس أمراً علي الناقد أن يمر عليه بسهولة. بصرف النظر عن رسالة الفيلم وسلوك بطله اليمينيين فإن التنفيذ ناجح فيما انصرف الفيلم إليه : تقديم وسترن تشويقي بمعارك فاصلة. حين مقارنة جون واين يركب حصانه ويهاجم الأشرار الأربعة وقد وضع الرسن بين أسنانه وحمل مسدّساً بيد والبندقية بيد، تجد تشخيصاً تقنياً وذاتياً مؤمناً في مقابل استخدام المشهد كجزء من السياق فقط كما الحال في فيلم كووَن
طبعاً رسالة الفيلم الستيني تتبع وجهة نظر واين: رجل القانون يحق له تنفيذه بصرف النظر عن القضاء. في حين أن رسالة الفيلم الحالي هو باردة حيال كل من بطله وموقفه.

 

الجزيرة الوثائقية في

13.02.2011

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004