عملاقا إخراج يتوفيان في يوم
واحد
الوسط - محرر
فضاءات
تبدو الأقدار غريبةً، وخصوصاً حينما تقرر أن يتوفى مخرجان
عالميان
كبيران في
يوم واحد، على رغم أن أولهما في السويد، والآخر في إيطاليا، فإن ما
جمعهما كان حياة ذات خط إبداعي واحد، ونهاية واحدة.
حدث ذلك إذ توفي يوم
الإثنين الماضي 30 يوليو/ تموز الماضي المخرج السينمائي السويدي الأسطورة
انغمار
بيرغمان عن عمر ناهز 89 عاماً، إلى جانب وفاة المخرج الإيطالي
مايكل أنجلو
أنطونيوني عن عمر ناهز 94 عاماً.
وحفلت حياة كلا المخرجين بالكثير من
الإنجازات المتميزة في مجال السينما، إذ يعد بيرجمان أحد أكثر المخرجين
أهميةً في
مجال صناعة السينما في القرن الماضي، والذي دفن في جزيرة فارو
السويدية (جزيرة
الخراف) الواقعة على بحر البلطيق، والتي كان يعيش فيها منذ ستينات القرن
الماضي
واختارها لنفسه مدفناً.
أخرج بيرغمان أكثر من أربعين فيلماً طوال حياته
الفنية الطويلة، بينها «صرخات وهمسات» (1972) و «مشاهد من
الحياة الزوجية» (1974) و
«سوناتة
الخريف» (1978) و «فاني وإلكسندر» (1982) وهو فيلم بمثابة
وصية.
واختار المخرج في خريف حياته العيش وحيداً معزولاً عن العالم
ومكث
غالبية
الوقت في جزيرته، وعجز عن تخطي وفاة زوجته الأخيرة آنغريد فون روزن في
العام
1995.
بموازاة الإخراج السينمائي، شمل إبداع بيرغمان المسرح أيضاً
وأخرج
الكثير من
المسرحيات ولاسيما مسرحيات لاوغوست ستريندبرغ، مثاله الأعلى في
شبابه.
بدأ عمله المسرحي في الأربعينات بدورة في الإخراج المسرحي في
أوبرا
ستوكهولم
وفي 1960 انضم مخرجاً إلى المسرح الملكي للفن المسرحي
(دراماتن).
وفي 1945، استخلص أن الوسيلة الحديثة الوحيدة للتعبير عن
الأفكار
هي
السينما وقال بهذا الصدد: «إن إخراج الأفلام هو بالنسبة إلي غريزة، حاجة
مثل
الحاجة إلى الأكل والشرب والحب».
وغطى نتاجه السينمائي كل النصف الثاني من
القرن العشرين وكان من معاصري فيديريكو فيليني ولويس بونويل
واكيرا كوروساوا. كما
كان من كبار محبي السينما وكان يهوى السينما الأميركية في حقبة الأربعينات
والسينما
الفرنسية في الثلاثينات والأربعينات.
وشهد العام 1955 أول نجاح دولي
لبيرغمان من خلال فيلمه «بسمات ليلة صيفية» الهزلي، غير أن أفلامه ازدادت
سوداوية
اعتباراً من نهاية الخمسينات وعالج فيها بارهاف كبير صعوبة
العلاقة بين الرجل
والمرأة وأسئلة الإنسان عن وجود الله ومواجهة الموت، كما تغنى بسحر الحياة
وتفاصليها الصغيرة.
أما المخرج الايطالي مايكل أنجلو أنطونيوني - الذي دفن
بمسقط رأسه ببلدة فيرارا (شمال إيطاليا) - فقد حقق نجاحاً
كبيراً في الستينات من
خلال عدد من الأفلام مثل «انفجار» و «نقطة زابريسكي».
كان المخرج الايطالي
برع في تصوير الوحدة وعدم التواصل والضيق والحب المستحيل. ويترك انطونيوني
نتاجاً
من ضمنه 20 فيلماً من روائع السينما كرسته دولياً بين كبار
المخرجين.
وفاز
بجائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية العام 1964 عن فيلم «الصحراء
الحمراء»
والسعفة الذهبية في مهرجان كان العام 1967 عن فيلم «بلوو آب» (الصورة
المبكرة)
وجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان كان العام 1982 عن فيلم «التعرف إلى
امرأة».
كما كافأته هوليوود بجائزة أوسكار عن مجمل نتاجه الفني في
العام 1995
ومهرجان
البندقية بجائزة أسد ذهبي عن أعماله السينمائية في العام
1997.
وولد انطونيوني في 29 سبتمبر/ أيلول 1912 في فيراري (شمال
إيطاليا) من
عائلة برجوازية وكان طالباً لامعاً في الاقتصاد في جامعو بولونيا، وبدأ
العمل
ناقداً سينمائياً في مجلة محلية قبل الانتقال إلى روما حيث التحق بمركز
السينما
التجريبي وساهم في مجلة «سينما» وكلاهما كان يعد من مراكز
المقاومة ضد
الفاشية.
عمل مساعداً للمخرج الفرنسي مارسيل كارنيه العام 1942 في باريس
أثناء
تصويره فيلم «لي فيزيتور دو سوار» (زوار المساء) قبل المساهمة في كتابة
سيناريو فيلم «عودة طيار» للمخرج الايطالي روبرتو روسيليني.
وفي 1943 صوّر
أول فيلم وثائقي له بعنوان «أهل بو» وأخرج أول أفلامه العام 1950 بعنوان
«يوميات
حب».
غير أن أسلوبه الفريد تأكد مع الثلاثية «المغامرة» (لافنتورا)
العام 1960
و «الليل»
(لا نوتي) العام 1961 و «الكسوف» (ليكليسي) العام 1962 والأفلام
الثلاثة من بطولة ممثلته المفضلة مونيكا فيتي التي كانت رفيقته وملهمته
طوال عشر
سنوات.
أصيب انطونيوني العام 1985 بجلطة في الدماغ تركته نصف مشلول،
وكان
يعاني في
السنوات الماضية من صعوبة في التنقل والتكلم فلجأ إلى عالم اللون مبتكراً
أعمالاً فنية ولوحات وملصقات (كولاج) عرضت في روما في أكتوبر/ تشرين الأول
2006 تحت
عنوان «الصمت بالألوان».
وعلق اختصاصي السينما الايطالي المدير الفني
لمهرجان فلورنسا للسينما الفرنسية الدو تاسوني: «توفي
انطونيوني يوم وفاة برغمان.
كلاهما عبر عن القلق المعاصر ذاته، عن القيود العاطفية ذاتها في عالم ما
بعد
الحرب».
وتابع تاسوني «كان رجلاً يتمتع بحس الفكاهة إلى حد بعيد. كان
يقول
إنه يحب
الضحك، ولكنه كان يقول أيضاً إنه حين يمسك الكاميرا يلاحظ أنه في غاية
البرودة».
|