ملفات خاصة

 

صفحات

>>

04

03

02

01

<<

سابق

 
دراما رمضان التلفزيونية لعام 2021

12th APR - 12th MAY 2021

 

سيّر ومذكرات

 
   

فاروق الفيشاوي

«برنس السينما المصرية»

بقلم: أحمد الجمّال

على صفحات جريدة الجريدة الكويتية
 
 
 
 
 
 
 
 

فاروق الفيشاوي... «برنس السينما المصرية» (1 - 10)

خريج الجامعة يرفض الوظيفة الحكومية ويعمل «كومبارس»!

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      «آخر العنقود» يعاني مرارة اليُتم بعد رحيل والده المهندس الزراعي

·      بطل مسلسل «في بيتنا رجل» ينافس النجم العالمي عمر الشريف

·      النجم السينمائي ظـــل متعلـقـــاً بشخصية الرئيس الراحل جمال عبدالناصر

·      الفتي الوسيم حجز مقعداً في الصف الأول مع نجوم سينما السبعينيات

·      «أبنائي الأعزاء شكراً» بوابة عبور الممثل الصاعد إلى الدراما التلفزيونية

بدأت رحلة الفنان فاروق الفيشاوي في منتصف السبعينيات، وسطعت نجوميته خلال فترة قصيرة، وشارك في أكثر من ١٣٠ عملاً درامياً بين السينما والتلفزيون والمسرح، واستطاع على مدى نحو أربعين عاماً أن يحافظ على حضوره اللافت وموهبته المتفردة، وشكّل حالة خاصة في فضاء التمثيل والحياة، ونال الكثير من الجوائز والتكريمات، ولا تزال أعماله تثري وجدان الملايين من جمهوره في مصر وأرجاء العالم العربي. لاحقت الأضواء الفتى الوسيم خلال مسيرته الفنية البالغة الثراء، وتحوّل إلى نجمٍ يحظى بجماهيرية كبيرة، وفي الوقت ذاته يثير الجدل حول مواقفه في كواليس الفن والحياة، وتعدّدت أقنعته على الشاشة وخشبة المسرح، وتألق كممثل يميل إلى المغامرة والتجريب، ويمتلك الجرأة في سرد رحلته مع الإدمان، وزيجاته المتعددة، وعشقه للتمثيل، وحنينه الدائم إلى ذكريات الطفولة والصبا، وصراعه مع المرض حتى رحيله في 25 يوليو 2019.

استطاع فاروق الفيشاوي أن يحجز لنفسه مقعداً وثيراً في الصف الأول، وسط كوكبة من نجوم حقبة السبعينيات من القرن الماضي، مثل محمود ياسين ونور الشريف وعادل إمام ومحمود عبدالعزيز، وتعاون مع كبار المخرجين، وفي الثمانينيات كان أكثر الممثلين جماهيرية وظهوراً على الشاشة البيضاء، فخلال عقد واحد شارك في حوالي سبعين فيلماً بخلاف العديد من المسلسلات الدرامية، وكان نموذجاً للفنان المتطوِّر الذي يُطوِّع أدواته باستمرار ما بين السينما والتلفزيون والمسرح.

آخر العنقود

بدأت رحلة محمد فاروق الفيشاوي بمولده في الخامس من فبراير عام 1952، وشكّل ذلك العام علامة فارقة في حياته، ودلالة أنه من جيل ثورة يوليو المصرية، وظل يفاخر بحبه للزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وترسّخت في وجدانه معاني الوطنية والانتماء والعروبة، مما جعله فناناً استثنائياً، ومنشغلاً بقضايا وطنه وأمته، وباتت أعماله في تنوعها وثرائها، تنم عن وعي بماهية الفن، ودوره في نزع الأقنعة عن السلبيات، ورغبة جامحة في التغيير إلى الأفضل.

أصداءٌ تأتي من زمن بعيد، وتحكي كيف عاش الصبي فترة في مسقط رأسه بقرية «بني مزار» في محافظة المنيا (بصعيد مصر)، وكان ينتمي إلى عائلة ميسورة الحال، لديها خمسة أولاد «ثلاثة أبناء وابنتان» كان فاروق أصغرهم، فالأم ربة منزل، والأب يعمل مهندساً زراعياً، وبحكم عمله كان دائم التنقل بين المحافظات المصرية، حتى استقرت العائلة في قرية «سرس الليان» بمحافظة المنوفية (شمالي القاهرة)، وصار «آخر العنقود» نصفه فلاحاً والنصف الآخر صعيدياً.

وظلت تلك السنوات البعيدة عالقة في ذاكرة الفيشاوي، وتثير في نفسه الحنين إلى منزلهم الريفي، والحياة في فضاء الخضرة والزرع والعصافير، مما دفعه في أوج نجوميته إلى أن يشتري قطعة أرض ويشرف على زراعتها بنفسه في أوقات فراغه، ولا يتناول الخضراوات إلا من محاصيلها، وهناك تومض الذكريات، ويتنسم عبق الأيام الفائتة، ويتلاشى صخب الأضواء والشهرة.

ورود وأشواك

ذاق الفيشاوي مرارة اليُتم، حين توفي والده، ووقتها كان في الحادية عشرة من عمره، وتولى رعايته شقيقه الأكبر «رشاد»، حتى تخرج في كلية الآداب بجامعة عين شمس في القاهرة، وظهر حبه للتمثيل عقب انضمامه إلى فريق المسرح بالجامعة، وفي تلك الفترة كان كبار المخرجين يعملون مع فرقة الهواة، ويكتشفون المواهب الشابة، وأتاحت تلك الفرصة أن يشارك في أعمال من إخراج كرم مطاوع وكمال ياسين وعبدالرحيم الزرقاني وغيرهم.

وبعد تخرجه في الجامعة أخذ يتحسس خطواته الأولى في عالم التمثيل، وأدرك أن طريق الفن ليس مفروشاً بالورود، بل تعترضه الأشواك والحواجز، وعانى الفقر وصعوبة العيش، حين قرّر تخفيف الأعباء عن شقيقه «رشاد» وأن يعتمد على نفسه، ورفض أن يلتحق بوظيفة حكومية، رغم حصوله على شهادة جامعية، وتخصصه في اللغة التركية والفارسية، ليطرق أبواب المسارح، ويعمل «كومبارس»، ويتقاضى جنيهاً واحداً يومياً، ويترقب فرصة الانطلاق إلى فضاء النجومية.

وفي منتصف السبعينيات، بدأت رحلة انطلاق «الكومبارس»، وشارك بأدوار صغيرة في مسلسل «أرض النفاق»، وفيلم «الحساب يا مدموزيل»، و«الحب في طريق مسدود»، حتى جاءه دور «ماجد» الابن الأصغر للراحل عبدالمنعم مدبولي في مسلسل «أبنائي الأعزاء شكراً» 1979 ولفت الأنظار إليه، وبعدها ثبت قدميه بشكل أكبر في الدراما التلفزيونية.

وشكل هذا المسلسل علامة فارقة في مشواره الفني، حين أسند إليه المخرج محمد فاضل دور الطبيب «ماجد» أمام النجوم عبدالمنعم مدبولي وآثار الحكيم وصلاح السعدني ويحيى الفخراني وفردوس عبدالحميد، وتأليف عصام الجنبلاطي، وتدور أحداثه حول الموظف المتقاعد «بابا عبده» واكتشافه حقائق مختلفة عن أبنائه الذين رباهم بجهده وهم «طبيب ومهندس وصحافي وابنة تكمل تعليمها» ويجد أنه يحتاج للتعرف إليهم من جديد.

وفي ذلك الوقت، حقق المسلسل نجاحاً كبيراً، وتابع المشاهدون حلقاته بشغف، وتباينت ردود فعلهم بين تعاطف شديد مع شخصية «بابا عبده» والاستياء من عقوق أبنائه، لا سيما «ماجد» كأول ظهور حقيقي للفيشاوي على الشاشة، ولقاء محفوف بالمغامرة بين ممثل ناشئ وجمهور ظل يستنكر غروره وصلفه، حتى ثاب إلى رشده، وطلب الصفح من أبيه، وكان هذا العمل بوابة انطلاقه عبر الشاشة الصغيرة.

محفوظ عجب

وكان الفيشاوي على موعد آخر مع المخرج محمد فاضل، ومسلسل «ليلة القبض على فاطمة» في عام 1982، قصة الكاتبة سكينة فؤاد، وبطولة فردوس عبدالحميد وهالة صدقي وأمينة رزق وممدوح عبدالعليم، ودارت أحداثه في مدينة بورسعيد (شمال شرقي القاهرة)، ويرصد حياة الفتاة الوطنية «فاطمة» التي تتولى رعاية إخوتها بعد وفاة والدهم، وشهدت العدوان الثلاثي عام 1956 وتهجير سكان مدن القناة، وتنضم إلى الفدائيين، وتنسب بطولتها إلى شقيقها الانتهازي أمين (فاروق الفيشاوي) على الرغم من أنه مشروع خائن، وتعامل مع قوات الاحتلال، وجنى ثروة من وراء ذلك، بينما تحب صياداً شاباً يُدعى سيد وهو شخص متمسك بأخلاقه ووطنيته.

وبعد نحو عشر سنوات جسّد الفيشاوي شخصية «محفوظ عجب» الصحافي الانتهازي في مسلسل «دموع صاحبة الجلالة» (1993)، المأخوذ عن قصة للكاتب موسى صبري، وإخراج يحيى العلمي، وشارك في بطولة العمل النجمة ميرفت أمين وعمر الحريري ودلال عبدالعزيز وعبلة كامل وحسن حسني وشوقي شامخ، ودارت أحداث المسلسل في فترة أوائل الأربعينيات من القرن الماضي وما قبل ثورة يوليو 1952.

كانت شخصية «محفوظ عجب» من أبرز الأعمال التي تركت أثراً كبيراً لدى الجمهور، وبرع فاروق الفيشاوي في تجسيد شخصية الصحافي الذي لا يكترث بشيء سوى تحقيق الشهرة والمال من أجل كسب مزيد من التقرب إلى السلطة، ولعل تقديم الفنان الراحل مثل هذه التركيبة في مطلع حقبة التسعينيات، مغامرة كبيرة لأنها نموذج لشخصية شريرة، وخروج على المفهوم التقليدي للبطل في الأعمال الدرامية.

وقدّم الفيشاوي شخصيات درامية لا يمكن إسقاطها من ذاكرة المشاهد، ومنها دوره في مسلسل «الحاوي»، تأليف محسن زايد وإخراج يحيى العلمي، وبطولة إلهام شاهين ومعالي زايد وأسامة عباس ورشوان توفيق، وجسّد شخصية «فتحي» المخادع، وحقق هذا العمل جماهيرية واسعة حين عُرض على الشاشة الصغيرة في ذلك الوقت.

وبرزت نجومية الراحل في «الحاوي» من خلال تجسيده لنمط آخر من أدوار الشر التي كان يتلون فيها من عمل إلى آخر، لكنه هنا يحمل خصوصية كبيرة لهذا النمط، حيث إن تركيبة الزوج والحبيب المتلاعب الذي يخدع الآخرين، جعلته يقدم أداءً متميزاً في تباين الانفعالات الداخلية للشخصية التي يلعبها، بما يمثل احترافية خاصة من جانب الفنان في الدمج بين مدرسة التجسيد والتشخيص.

كناريا وشركاه

وفي عام 1995، ارتدى الفيشاوي قناع الشاب الوطني الثائر من خلال مسلسل «في بيتنا رجل» القصة الشهيرة للكاتب إحسان عبدالقدوس، وإخراج إبراهيم الصحن، وشارك في البطولة دلال عبدالعزيز وزهرة العلا ورشوان توفيق، وأحمد عبدالعزيز، وتدور أحداثه حول «إبراهيم حمدي» الذي يختبئ في منزل زميله بالجامعة، والمطارد من البوليس خلال فترة الاحتلال الإنكليزي، ويتخذ من منزل عائلة بسيطة مأوى له.

وتميز الفيشاوي بجرأة كبيرة، وغامر بأداء شخصية سبق أن قدمها النجم العالمي عمر الشريف في السينما عام 1961، وكان تحويل الرواية من عمل مقروء إلى مرئي سائداً في ذلك الوقت، ولكنها تلك المرة تخاطب المشاهدين في المنازل، وبعد نجاح هذا العمل، ظهرت على الشاشة الصغيرة الكثير من الأعمال التي سبق تقديمها على شريط سينمائي، مثل «رد قلبي» و»الزوجة الثانية» و»لا أنام» وغيرها.

وتتابعت رحلة الفيشاوي الدرامية، وارتدى قناع الشاب «سيد القوصي» في مسلسل «كناريا وشركاه»، تأليف الكاتب المبدع أسامة أنور عكاشة، وإخراج إسماعيل عبدالحافظ، وشاركه البطولة الفنانة سمية الألفي ونبيل الحلفاوي وتوفيق عبدالحميد ولوسي، ودارت أحداثه في إطار اجتماعي حول شخص يهوى تربية عصافير الكناريا، ويمارس عمله كخطّاط ومصمم أفيشات، وتضطرب علاقته مع زوجته المتطلعة للثراء، وتتسبب في دخوله السجن.

وحقق فاروق من خلال هذا المسلسل نجومية مغايرة، وفاجأ جمهوره بأداء شخصية الرجل الطيب، والأب لابن في المرحلة العشرينية للمرة الأولى، وهو الدور الذي كان بوابة التعارف بين الفنان محمد إمام والمشاهد، وبعد أن أصبح إمام نجماً في السنوات الأخيرة، تكرّر اللقاء بينهما من خلال فيلم «ليلة هنا وسرور» عام 2018 كضيف شرف، وكانت آخر إطلالة للفيشاوي على شاشة السينما.

وحرص الفنان الراحل على تقديم أدوار تقارب مزاجية الجمهور، الذي يريد مَنْ يُعبِّر عنه بأعمالٍ واقعية، ما جعل رصيده في الدراما، يحوي الكثير من الشخصيات المتنوعة، والمعبرة عن مراحل عمرية مختلفة، وصارت أدواره على الشاشة الصغيرة، بمثابة ألبوم كامل لمسيرة فنان في أيام شبابه وكهولته، وحالة من التوهج الإبداعي المتصل، والبحث عن التفرد والتألق، واحترام عقلية المشاهد، قلما مر بها ممثل خلال مشواره الفني.

الفارس يتغلب على آلامه في «البر الغربي»

عندما رشّح المخرج إسماعيل عبدالحافظ الفنان فاروق الفيشاوي لبطولة مسلسل «في البر الغربي» للمؤلف محمد جلال عبدالقوي، لتجسيد شخصية عرفان الجارحي، الذي يعمل خيّالاً في منطقة «نزلة السمان» القريبة من أهرامات الجيزة كان يعلم جيداً أنه يجيد الفروسية، من دون أن يدري أنه توقف عن ركوب الخيل منذ فترة، لإصابته بآلام في الظهر، حيث نصحه الأطباء بالعلاج الطبيعي.

وفي أول يوم تصوير استشعر الفيشاوي القلق في عيني المخرج، وحتى يزيل مخاوفه، سأل عن الحصان الذي سيمتطيه خلال المسلسل، وقاده في جولة استغرقت أكثر من ساعة بين الأهرامات وأبوالهول، وتسرَّب القلق إلى المخرج، حتى عاد بطل المسلسل، واتجه إليه مبتسماً، ولسان حاله يقول: اطمئن يا عبدالحافظ ما زلتُ فارساً قادراً على ركوب الخيل، ولا تقلق فقد شُفيِت من آلام الظهر بعد الالتزام بنصائح الأطباء. وبعد انتهاء أول مشهد تصوير، طلب الفيشاوي عدم تغيير ذلك الحصان، ليظهر به في باقي المشاهد، لاطمئنانه أنه هادئ ولن يسبب له مشكلات في المشاهد المتبقية، وحين عُرض المسلسل خلال عام 2001، حقق نجاحاً كبيراً، وتألق «الفارس» في دور «عرفان» أمام النجمة رغدة التي لعبت شخصية «ماريا الإنكليزية» والفنانة الكبيرة سناء جميل إلى جانب سوسن بدر وعبلة كامل وعزت أبوعوف.

 

الجريدة الكويتية في

07.05.2021

 
 
 
 
 

فاروق الفيشاوي... «برنس السينما المصرية» (2- 10)

الفتى الوسيم يقع في غرام سمية الألفي على خشبة المسرح

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      بطل مسلسل «علي الزيبق» حلم بأداء شخصيته على خشبة المسرح

·      ظهور الفتى الوسيم كضيف شرف في أعمال «الساحر» و«الزعيم» له سر

·      جمهور السينما صفّق للنجم الصاعد بعد إنقاذه ابن «المشبوه»

·      «بيرم التونسي» مغامرة درامية للفيشاوي مع نجوم «أهل الهوى»

·      الإدمان عجّل بانفصال النجمة سهير رمزي عن زوجها التاسع

·      والدة ليلى علوي رفضت زواج «البرنسيسة» من «الدونجوان»

طرق فاروق الفيشاوي أبواب الفن بعد تخرجه في الجامعة، ورفض الالتحاق بوظيفة حكومية، وتحوّل «كومبارس» المسرح إلى نجم تلفزيوني، ونال إعجاب المشاهدين بدوره في مسلسل «أبنائي الأعزاء شكراً» (1979)، وتألق بأدائه المتميز خلال العديد من الأعمال الدرامية الأخرى، وحجز لنفسه مقعداً وثيراً في الصف الأول بين نجوم الثمانينيات، وتوالت رحلته في عالم النجومية والشهرة. قطع الفيشاوي مسافة قصيرة للوصول إلى النجومية، وكانت أدوار مثل الشرير والانتهازي طريقه إلى التألق، ليغيِّر المفهوم النمطي للبطل الدرامي، رغم تخوف بعض النجوم من تجسيد هذه النوعية من الشخصيات، لكنه برع في أدائها، ورفض الفتى الوسيم فكرة الانتشار على حساب القيمة الفنية، وتصدَّر قائمة الممثلين الباحثين عن التفرد، وترك بصمة مهمة في السينما والدراما التلفزيونية.

في عام 1985، قام فاروق الفيشاوي ببطولة مسلسل «علي الزيبق» أحد أهم الأعمال الكلاسيكية في تاريخ الدراما المصرية، وجاءت الفكرة عندما استلهم الكاتب يسري الجندي، واحدة من قصص التراث الشعبي تدور أحداثُها إبان فترة حكم المماليك لمصر، وتحمس المخرج المتميز إبراهيم الشقنقيري لإخراجها، وذهب الدور الرئيس إلى الفتى الوسيم، وتوزعت الأدوار على كوكبة من النجوم، ولعبت الفنانة ليلى فوزي شخصية «المقدم دليلة»، والفنان أبوبكر عزت «المقدم سنقر الكلبي»، والفنان صلاح قابيل «شهبندر التجار»، والفنان حمدي أحمد «الشيخ حلاوة»، فيما أدت الفنانة الكبيرة هدى سلطان دور «والدة علي الزيبق».

وتوفرت لهذا المسلسل عناصر النجاح الفني من تمثيل وإخراج، وقام بتأليف الأغاني الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي، وصاغ الألحان الموسيقار إبراهيم رجب، وبرع الفيشاوي في تجسيد شخصية «علي الزيبق» الذي فقد والده بعد أن قُتِل على يد أعدائه من المماليك (المقدم دليلة والمقدم سنقر الكلبي) ويكبر علي وينتقم منهما بواسطة الحيل والألاعيب التي تعلمها من مساعد والده سالم (إبراهيم الشامي).

ظلت أصداء نجاح المسلسل تخايل الفيشاوي سنوات طويلة، وبعد مرور 34 عاماً على عرض «علي الزيبق» فوجئ المخرج مجدي الهواري، حين قابله صديقه فاروق ومعه نص مسرحي يريد تقديمه في عام 2020، عن تلك الملحمة الشعبية الشهيرة، لكنه رحل قبل أن يحقق حلمه، ومازال هذا العمل المتفرد يحظى بنسبة مشاهدة عالية على موقع «يوتيوب» والقنوات الفضائية.

أولاد آدم

كان النجاح حليف الفيشاوي في عام 1986، حين شارك في بطولة مسلسلين كتبهما المؤلف محمد جلال عبدالقوي، وتركا أثراً في وجدان المشاهد، أولهما المسلسل الاجتماعي «أولاد آدم» إخراج جلال غنيم، وتألق في دور الابن «إلهامي» أمام الفنان الكبير عبدالمنعم إبراهيم «الأب آدم»، والفنان أحمد مرعي، وأحمد ماهر، ومنى جبر، ودارت أحداثه حول علاقة أب بأبنائه بعد بلوغهم سن الشباب، ومحاولته تعديل مسار حياتهم إلى الأفضل.

وفي المسلسل الثاني «غوايش» لعب دور الشاب الريفي «حسنين» أمام الفنانة صفاء أبوالسعود «غوايش فتاة الموالد»، والفنان نبيل الحلفاوي «معلا عُمدة القرية» المتميز بقسوة القلب وحب التعالي، ويحتدم الصراع بين الخير والشر، ويتهم «حسانين» ظلماً بالقتل، وتتوالى الأحداث.

لقاء الأصدقاء

قطع الفتى الوسيم رحلة طويلة مع الدراما التلفزيونية، وفي عام 2002، أتته الفرصة في مسلسل «الأصدقاء» تأليف كرم النجار وإخراج إسماعيل عبدالحافظ، ليجتمع الفيشاوي بأصدقائه وأبناء جيله صلاح السعدني ومحمد وفيق، وجسّد شخصية صديقهما الثالث «حسن أبوسِنة» الرجل الأربعيني الفوضوي، الذي قضى عمره متنقلاً بين السجون والمعتقلات ثمناً لأفكاره التقدميّة، ليصل به الحال للعمل كمراكبي إلى أن يتزوج من ابنة مليونير. وبهذه الشخصية قدّم نموذجاً آخر من النماذج المجتمعية نادرة التناول في الدراما التلفزيونية، تشير إلى وعيه في اختياراته، والبحث عن الشخصيات غير النمطية.

دارت أحداث المسلسل حول ثلاثة أصدقاء من أبناء قرية واحدة، تربطهم علاقة قوية منذ صباهم، الأول المستشار رأفت الغندور قاضي بمحكمة الجنايات الذي كان فلاحاً بسيطاً، لكنه تعلَّم حتى وصل إلى هذا المنصب، وقام بدوره الفنان محمد وفيق، والثاني عالم فذ في أبحاث الذرة «الدكتور عزيز محفوظ»، ولعب دوره الفنان صلاح السعدني، وجسّد الفيشاوي شخصية الصديق الثالث «أبوسِنة»، وشاركهم البطولة النجمة صفية العمري في دور «ابنة المليونير»، وحمدي غيث، وجميل راتب، وهالة فاخر، وأشرف زكي، وحمدي هيكل.

وكان الفيشاوي على موعد مع تجربة درامية متفردة في عام 2013، وتحمس لأداء شخصية الشاعر الشهير بيرم التونسي في مسلسل «أهل الهوى»، تأليف الكاتب المبدع محفوظ عبدالرحمن وإخراج عمر عبدالعزيز، وشارك في البطولة دينا، ومادلين طبر، ومحمود الجندي، وسميرة عبدالعزيز، وإيمان، ونبيل نورالدين، وقام بدور «فنان الشعب سيد درويش» حفيده المطرب إيمان البحر درويش.

ويتناول المسلسل السيرة الذاتية للشاعر بيرم التونسي، الذي يعتبر رائداً لشعر العامية المصري، وعاش حياته بين الوطن والمنفى بداية القرن الماضي، كما يتناول سيرة سيد درويش فنان الشعب ومطرب ثورة 1919، ورغم إبداع الفيشاوي في تقديم الشخصية من واقع ثقافته وقراءاته عن الشاعر الكبير، بجانب تميزه في رسم ملامح مميزة للشخصية، ليضفي حالة من التألق في الأداء، والتأثير في وجدان المشاهد، فإن هذا العمل الدرامي لم يلق نصيبه من الاهتمام والدعاية الإعلامية، على الرغم من امتلاكه عناصر النجاح سواء على مستوى النص المكتوب أو الإخراج والتمثيل.

وامتدت تجربة الفيشاوي نحو 40 عاماً، وترك أعمالاً خالدة على صعيد الدراما التلفزيوينة تحديداً، لكنه لم يجعلها تأخذه من حبه لمعشوقته الأولى السينما، أو ينحصر في العمل بها، وكان شديد النضوج في اختياراته الفنية في كل عقد زمني يمر به، ففي الثمانينيات والتسعينيات جسّد الشخصية الانتهازية والنفعية، وأعقبها بأدوار الأب، ثم عاد في السنوات الأخيرة ليصبح «سونيور» يقدم الدعم للشباب أو أصحاب الفرص الأولى في البطولة المطلقة كما حدث في مسلسل «بعد البداية» أول بطولة مطلقة للفنان طارق لطفي، وأيضاً كضيف شرف أو يشارك في العمل كاملاً كما حدث في مسلسل «رأس الغول» مع النجم محمود عبدالعزيز، أو مع الزعيم عادل إمام في مسلسل «عوالم خفية”.

أسرار وحكايات

امتزج مشوار الفيشاوي الفني بحياة شديدة الثراء بتفاصيلها المثيرة، وتصلح لعمل درامي يسرد رحلته مع الحب والزواج والإدمان، وتبدأ بأشهر قصة حب وكفاح في حياة الفتى الوسيم، حين وقف على مسرح الجامعة بطلاً لمسرحية «السندريلا» أمام البطلة الجميلة «سمية الألفي»، وحينئذ كانت طالبة في السنة الأولى بكلية الآداب، وتخطو أولى خطواتها في عالم التمثيل، وخفق قلبه بالحب للمرة الأولى، وأدرك أن مصيره سيرتبط بمصير الطالبة الصغيرة، وستكون «سندريلا» حياته، فبادلته المشاعر ذاتها وجمعتهما قصة حب كبيرة وتحوّلت أحداث المسرحية إلى حقيقة، وتزوجا في عام 1974 مع بداية خطواتهما الأولى في عالم الشهرة.

واستمر زواج فاروق من سمية الألفي مدة 16 عاماً، وأنجب منها أحمد وعمر، وفوجئ الوسط الفني وجمهورهما بانفصالهما عام 1990، وفي العام نفسه تزوّج الفيشاوي من النجمة سهير رمزي، وكان الفيشاوي هو زوجها التاسع، وحصلت منه على الطلاق بعد فترة قصيرة، إثر معاناتها معه بسبب إدمانه المخدرات، وكانت آخر زيجاته من فتاة تُدعى نوران منصور من خارج الوسط الفني، ولم يظهرها كثيراً للإعلام ولم يتحدث عنها حتى انفصل عنها في عام 1998.

ظلت حياة الفيشاوي كتاباً مفتوحاً أمام جمهوره، سواء قصص زيجاته المتعددة أو رحلته مع الإدمان، ودائماً تتخللها مفاجآت تثير الدهشة حول طبيعة هذا الفنان الاستثنائي، والتناغم بين شغفه الدائم للتفرد والإبداع غير النمطي وعدم ارتكانه إلى الاستقرار الأسري، وكانت سمية الألفي الوحيدة التي تحملته، وتفهمت أبعاد شخصيته المتقلبة، واستمرت علاقتهما الوطيدة بعد الانفصال، ورعايتهما المشتركة لنجليهما أحمد وعمر، وكانت السيدة الوحيدة التي وقفت بجانبه في محنته الأخيرة مع المرض اللعين.

أسرار وحكايات الفيشاوي لا تنتهي، ومنها مشروع زواج قديم لم يكتمل من النجمة ليلى علوي، وبدأت قصته عندما تشاركا في بطولة مسرحية «البرنسيسة» عام 1984، وبالفعل تقدم لخطبتها، لكن والدتها رفضت أن تتزوج ابنتها من النجم «الدونجوان» بعد زيجاته المتعددة التي انتهت بالانفصال، وأصابه ذلك بخيبة أمل كبيرة، وحالة من الندم لعدم زواجه من «البرنسيسة».

غاوي مشاكل

وتبقى السينما دائماً صاحبة الإطلالة الخاصة في حياة النجوم، بعكس السنوات الأخيرة التي ارتبطت فيها نجومية الفنانين بالدراما التلفزيونية، والتجربة أثبتت أن عدداً قليلاً من النجوم هم الذين نجحوا في تقديم حالة توازن في عملهم بين السينما والتلفزيون، لعل الراحل فاروق الفيشاوي كان واحداً منهم، فقد بدأ رحلته من دراما الشاشة الفضية، وانطلق منها إلى الشاشة الكبيرة، بمشوار حافل قدّم خلاله العديد من الأعمال التي كشفت مساحات متنوعة في طاقاته التمثيلية والتي زاد وهجها كلما تقدم به العمر.

بدأت رحلة الفيشاوي مع السينما في عام 1980، وشارك في بطولة فيلم «الباطنية» مع النجوم فريد شوقي، ونادية الجندي، ومحمود ياسين، وأحمد زكي، كما شارك في أفلام مهمة منها «غداً سأنتقم»، و«عذاب الحب»، و«فتوة الجبل»، و«غاوي مشاكل»، و«الأشجار تموت واقفة».

وفي عام 1981، تردد الفيشاوي في قبول دور ضابط شرطة في فيلم «المشبوه»، أمام عادل إمام وسعاد حسني، لكن الزعيم أقنعه بتجسيد الشخصية، لاسيما أن هناك مشهداً سيصفق فيه الجمهور للفيشاوي، عندما ينقذ الطفلة، وبالفعل تألق النجم الصاعد، وحقّق الفيلم نجاحاً غير مسبوق لجميع طاقم العمل، لاسيما الفتى الوسيم الذي قام بدور «طارق» ضابط المباحث.

وحقق الفيشاوي رقماً قياسياً عام 1984 حين شارك في 16 فيلماً خلال العام نفسه، ما بين بطولة واستضافة، ومن هذه الأفلام «السطوح» للمخرج حسين عمارة، وبطولة النحم فريد شوقي، وبوسي، وشويكار، ووحيد سيف، وحسن مصطفى، وشارك مع النجمة نادية الجندي في «جبروت امرأة» إخراج نادر جلال، والتقى في «بيت القاضي» مع النجم نور الشريف، ومعالي زايد، وشويكار، ومحمد رضا.

بطل «الجراج» يتعلم لغة الإشارة

قدّم الفنان فاروق الفيشاوي عملين عن ذوي الاحتياجات الخاصة، أولهما فيلم «ديك البرابر» (1992)، سيناريو محمود أبوزيد، وإخراج حسين كمال، وتألق في شخصية الشاب المعاق ذهنياً أمام النجمة نبيلة عبيد والفنان الكبير عبدالله غيث، واستطاع أن يقدّم أداءً أبهر الجمهور والنقاد على حد سواء، وتخلى عن وسامته، كممثل مغامر يعشق التجريب وتعدد الأقنعة.

وكانت التجربة الثانية في فيلم «الجراج» (1995)، مع المخرج علاء كريم، وقام بدور عبدالله «عامل الجراج الأخرس» أمام النجمة نجلاء فتحي « نعيمة» حارسة العمارة، وهي أيضاً أم لسبعة أطفال، أما زوجها «زينهم» فهو عاطل عن العمل ومنحرف خلقياً ومتنكراً لمسؤوليته أمام زوجته وأطفاله، ويسعى للحصول على عقد عمل في الخارج، ويسافر تاركاً أطفاله لأمهم تتحمل وحدها عبء تربيتهم، ويساعدها عبدالله على مواجهة ظروفها الصعبة.

واستعان الفيشاوي بخبير لتعليمه لغة الإشارة الخاصة بذوي الهمم من الصم والبُكم، واكتشف أن هذه الفئة لديها مشاعر خاصة، ولديهم إحساس قوي بمشكلات الآخرين. وتعامل مع أبعاد الشخصية بوعي شديد، وهذا ما عبّر عنه في تعاطفه مع الأم ومشكلاتها مع أبنائها. كما حرص على مقابلة السيدة الحقيقية التي تناول الفيلم قصتها ليعرف منها أدق تفاصيل حياتها التي لم تأتِ في السيناريو.

 

الجريدة الكويتية في

09.05.2021

 
 
 
 
 

فاروق الفيشاوي... «برنس السينما المصرية» (3- 10)

«الدونجوان» يصطدم بالرقابة في «درب الهوى»

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      بطلة رواية نجيب محفوظ حائرة بين أداء الفيشاوي وصلاح منصور

·      «المنتج الخجول» يلتقي المخرج محمد خان في «مشوار عمر»

·      «استغاثة من العالم الآخر» يتصدى لظاهرة أفلام المقاولات

·      «عصفور في القفص» يتحرر من قيوده في كواليس «ماسبيرو»

تخطى فاروق الفيشاوي مرحلة البدايات الصعبة، وحلَّق في فضاء النجومية، ولاحقت الأضواء حياته الصاخبة، وتفاصيل زيجاته المتعددة، بينما واصل تألقه في تجسيد الأدوار المركبة، وتعاون مع كبار المخرجين والنجوم، وحقق حضوراً متميزاً كممثلٍ يجيد انتقاء أعماله، وحصد أرقاماً قياسية في بطولات عدد من الأفلام والمسلسلات التي شارك فيها خلال فترة الثمانينيات، وصار من أكثر الفنانين ظهوراً على شاشة السينما والتلفزيون، وتوالت الرحلة. كان الفيشاوي على موعد صدام مع الرقابة عام 1983، عندما شارك في بطولة فيلم «درب الهوى» قصة الأديب إسماعيل ولي الدين، وإخراج حسام الدين مصطفى، وفي هذا الفيلم جسّد شخصية الشاب المنحرف «مراد» أمام كوكبة من النجوم، منهم يسرا وأحمد زكي ومحمود عبدالعزيز وشويكار وحسن عابدين، وتوقف عرض الفيلم في دور السينما بعد أيام قليلة، وأثار ضجة حول مضمونه الجريء، وأحداثه التي تدور في فترة الأربعينيات من القرن الماضي.

في عام 1983 منعت الرقابة عرض فيلم «خمسة باب» للمخرج نادر جلال وبطولة عادل إمام ونادية الجندي وفؤاد المهندس، وتشابهت أحداثه مع «درب الهوى»، وأثار الشريطان السينمائيان أزمة كبيرة داخل البرلمان المصري في ذلك الوقت، وصدر قرار وزاري بسحب ترخيص عرضهما في دور العرض المصرية، وحظر الفيلمين من التداول على أشرطة الفيديو في مصر والكويت وعدة دول عربية أخرى.

وأثار قرار الحظر ضجة كبيرة بين مؤيد ومعارض، وبات الفيشاوي وزملاؤه في مرمى الاتهامات، وطاولتهم بعض الأقلام بانتقادات حادة ولاذعة، لمشاركتهم في هذا العمل، وقام المخرج حسام الدين مصطفى بتحريك دعوى قضائية ضد رفع الفيلم من دور العرض، وصدر الحكم بالإفراج عن «درب الهوى» في 26 يناير 1991، أي بعد 8 أعوام من منعه، وبالتالي أفرج عن الفيلم الآخر «خمسة باب»، ورغم جاذبية المنع التي تثير الفضول، والضجة التي صاحبتها، لم يصمد العملان كثيرا في دور السينما، مما جعل مخرج «درب الهوى» يتوقف عن تجربة الإنتاج السينمائي.

وطوى الفيشاوي تجربة «درب الهوي»، وفي عام 1984 شارك في المسلسل ذي الطابع الاجتماعي «عصفور في القفص»، تأليف كوثر هيكل وإخراج محمد شاكر، ولعب فيه دور الشاب «يُسري» أمام النجوم سناء جميل وأبوبكر عزت ودلال عبدالعزيز، ودارت أحداث العمل حول اختلاف وجهات النظر بين الزوجين «مدحت وسميحة» في بداية حياتهما الزوجية، إذ يكتشفان أن كلا منهما له مفهوم مغاير، فمدحت يرى أن المال والانطلاق سر السعادة، والزوجة تجد أنها في الاستقرار والحب، وتتأزم العلاقة بين الطرفين، ويتزوج مدحت من سيدة ثرية تكبره في السن، ويكتشف أنه دخل إلى قفص قيَّد حريته.

بداية ونهاية

وانتقل الفيشاوي من كواليس «ماسبيرو» إلى موقع تصوير فيلم «الطاغية»، وشارك في بطولته مع النجوم عزت العلايلي وليلى علوي وحسين الشربيني وصلاح نظمي وإبراهيم عبدالرازق وعبدالسلام محمد، وفي هذا الفيلم جسد شخصية الطبيب الشاب «سامي» حديث التخرج، الذي قرّر أن يعود إلى قريته، ويفتتح عيادة طبية، وهناك يتعرف إلى «جميلة» ابنة الثري محمود الرشيدي، ويتقدم لخطبتها، وفي ليلة الزفاف يكتشف حقائق صادمة عن صهره، وأنه تاجر مخدرات وتسبب في الماضي في مقتل والده، وتتتابع الأحداث المثيرة جدا.

وعاد «الدنجوان» الفيشاوي للظهور على خشبة المسرح، وشارك في بطولة مسرحية «بداية ونهاية» مع كوكبة من النجوم، منهم فريد شوقي ومحمود ياسين وحسين فهمي وكريمة مختار ومحسن سرحان وشهيرة وأبوبكر عزت، وممدوح عبدالعليم وإبراهيم خان ونجوى فؤاد، وقام بإخراج هذا العمل عبدالغفار عودة عن قصة أديب «نوبل» الكبير نجيب محفوظ، وأعدها للمسرح الكاتب أنور فتح الله، وحققت نجاحا كبيرا عام 1985.

وكانت تلك التجربة المسرحية مغامرة للفيشاوي وبقية النجوم، لاسيما أن المشاهد ارتبط وجدانيا بمعالجات درامية سابقة لقصة نجيب محفوظ، ومنها الفيلم الذي أخرجه صلاح أبوسيف عام 1960، ولعب بطولته فريد شوقي وعمر الشريف وسناء جميل وأمينة رزق وصلاح منصور وكمال حسين، وأيضا جرى تقديم الرواية على خشبة المسرح في الستينيات من القرن الماضي، واستطاع المخرج عبدالغفار عودة أن يقدم رؤية مغايرة لكل التجارب السابقة، وفي سياق يتأرجح بين التراجيديا والكوميديا، أو ما يُسمى «الكوميديا السوداء».

ومن المفارقات أن يلعب الفيشاوي دور الشاب الذي يحتال على «نفيسة» الشخصية المحورية في رواية محفوظ ويدخل في مقارنة مع الممثل الكبير صلاح منصور صاحب الدور في النسخة السينمائية، لكن الفنان المغامر قَبِل التحدي، وجسّد الشخصية بذاكرة انفعالية نابعة من فهمه وإدراكه لأعماقها، دون أن تطاله أصداء من طريقة أداء النجم صلاح منصور.

وفي العام ذاته اعتلى الفيشاوي خشبة المسرح مع «البرنسيسة» ليلى علوي، وشاركهما البطولة الفنانون محمود الجندي ومحمد متولي وسيد عزمي، وقام بإخراج المسرحية السيد راضي عن نص من تأليف الكاتب بهيج إسماعيل، ودارت أحداث العمل في إطار كوميدي حول الفتاة «سماح» التي ترفض الزواج، وتقرر الابتعاد عن العالم لتقوم برحلة في البحر، فتقع في حب قبطان السفينة الرافض أيضا للزواج، وتتغير رؤيتهما للأمر، ويقرران دخول القفص الذهبي.

ولم يكتف الفيشاوي ببطولة «البرنسيسة» بل قدم في العام نفسه مسرحية «السيدة حرمه»، من نوعية المسرحيات التي تعرض ليوم واحد أمام عدد محدود من الجمهور، وتعرض من خلال الشاشة الصغيرة، وقام بالإخراج المسرحي الفنان نبيل الهجرسي عن نص للكاتب مدحت يوسف، وأخرجها للتلفزيون يحيى العلمي، وشارك في بطولتها النجمة إسعاد يونس، إلى جانب شريفة ماهر وحسن حسين.

والمفارقة في «السيدة حرمه» أنها سُجِلَت للعرض التلفزيوني مرتين ببطلين مختلفين، هما النجمان فاروق الفيشاوي ويوسف شعبان، وجسدا شخصية «المفاتيحي» الرجل الذي توفيت زوجته، وذات يوم يشاهد امرأة ريفية تشبهها إلى حد كبير، فيلحق بها إلى بيتها، ويتفق معها أن تأتي إلى بيته لمدة محددة، لتلعب دور زوجته أمام ابنته التي لا تعلم أن أمها رحلت، وبالفعل توافق المرأة على ذلك مقابل مبلغ من المال، وتتوالى الأحداث.

أحلام غامضة

واتجه قطار الفن بالفيشاوي إلى اكتشاف فضاءات جديدة، ومعرفة خفايا وأسرار صناعة السينما، وقرر أن يخوض تجربة الإنتاج، فخلال مسيرته الفنية قدم عددا كبيرا من الأفلام السينمائية المميزة، التي ظلت عالقة بأذهان الجمهور المصري والعربي، لكنه لم يرد أن يكون ممثلاً فقط، وقاده الطموح إلى إنتاج فيلمي «استغاثة من العالم الآخر» و«مشوار عمر» اللذين يعتبران من التجارب المهمة والمميزة في السينما المصرية.

وتزامن دخول «الدنجوان» فاروق الفيشاوي إلى مجال الإنتاج مع انتشار «أفلام المقاولات» التي افتقرت في معظمها إلى شروط الفن الجيد، ففي عام 1985 كانت أولى تجاربه الإنتاجية من خلال «استغاثة من العالم الآخر»، تأليف أحمد عبدالرحمن وإخراج محمد حسيب، وشارك في بطولته أمام بوسي ومعالي زايد وهالة صدقي وصبري عبدالمنعم وشوقي شامخ.

ويعتبر هذا الفيلم تجربة سينمائية مختلفة، وتدور أحداثه في أجواء غرائبية عن سيدة تُدعى «تهاني» تتمتع بقدرة على الاتصال بأشخاص من العالم الآخر، ويراودها في الحلم طبيب نفسي يدعى «عدلي»، الذي يخبرها بوجود مفتاح آخر لخزانة في منزله، وعليها أن تبحث عنه وتكرر الكابوس المزعج نفسه، وأبلغت تهاني خطيبها المحامي صفوت (فاروق الفيشاوي) أنها متأكدة من مصرع الطبيب، وأنه يحاول أن يوصل إليها رسالة معينة، وتستمر الأحداث في حالة من الغموض والإثارة والتشويق.

حادث سير

وفي العام التالي أنتج الفيشاوي «مشوار عمر»، الذي يعد واحدا من الأفلام السينمائية المهمة والمختلفة، وقام ببطولته أمام مديحة كامل وممدوح عبدالعليم وزهرة العلا ومحمد رضا وأحمد عبدالوارث، بينما تولى إخراج الفيلم محمد خان، وشارك في كتابته مع السيناريست رؤوف توفيق.

ويسرد الفيلم حكاية «عمر» الشاب الثري المستهتر، الذي يعيش معتمدا على أموال والده الجواهرجي، ويكلفه الأب بتوصيل حقيبة مجوهرات إلى أحد عملائه في مدينة طنطا بمحافظة الغربية (شمال غربي القاهرة)، إلا أن سيارته الفارهة تتعطل في الطريق، ويتعرض للسرقة من سائق سيارة لوري وتابعه، وحينها ينقذه عامل في محطة وقود بإحدى القرى، ويصطحبه معه في رحلته أملا في الحصول على وظيفة بالعاصمة، ويصبحان صديقين ويتقابلان مع فتاة تدعى «نجاح» وتستمر الأحداث.

وعن كواليس مشاركة المخرج محمد خان فيلمه الأول مع الفيشاوي، فقد رواها الأول في كتابه «مخرج على الطريق»، حيث كشف أن طموحات فيلم «مشوار عمر» لم تكن على الورق فقط، بل كانت في التنفيذ ذاته، فهو «فيلم طريق» كما تسمى هذه النوعية من الأفلام، حيث تدور معظم أحداثه على الطريق.

وجاءت فكرة «مشوار عمر» عقب تعرض محمد خان لحادث سير، وبعد فترة اتصل الفيشاوي بالمخرج مقترحا عليه ذلك العمل، وانطلق سريعا في تحضيره، وحدد مواقع تصوير الفيلم على الطريق بداية من القاهرة لينتهي على ضفاف البحر الأحمر، وأيقن جميع العاملين في الفيلم أنهم أمام تجربة غير عادية، وأنه فيلم طريق بمعنى الكلمة، وينطوي على مضمون اجتماعي شديد الثراء والعمق، ويتفاعل مع معطيات حقبة الثمانينيات من القرن الماضي.

وخلال تصوير الفيلم ارتدى الفيشاوي قناع الممثل والمنتج في آن واحد، ووصفه المخرج الراحل محمد خان بـ»المنتج الخجول»، لاسيما أن مشكلات أفلام الطرق لا تخلو من المفاجآت والعقبات، والاعتماد الرئيس على سيارة من الممكن أن تصاب بوعكات كل فترة، وهذا ما كان يحدث بالفعل، ولكن فاروق كان دائما هادئا يتقبل مثل هذه الأمور بابتسامة تلقائية تخفي قلقه كمنتج.

«الملك لير» آخر ظهور مسرحي للفيشاوي

ارتبط الفنان فاروق الفيشاوي بالمسرح منذ بداية مشواره الفني، ورغم نجوميته في السينما والدراما التلفزيونية، حقق حضورا متميزا على خشبة المسرح على مدى أربعة عقود، وقدم الكثير من الأعمال المهمة للقطاعين العام والخاص، منها «الأيدي الناعمة»، و«الناس اللي في الثالث» و«مسيلمة الكذاب» و«اعقل يا دكتور»، و«ولاد ريا وسكينة»، و«بداية ونهاية»، و«البرنسيسة»، و«شباب امرأة» وغيرها.

ويعد الفنان يحيى الفخراني آخر من زامل النجم الراحل فاروق الفيشاوي في المسرح، حيث شاركه في بطولة مسرحية «الملك لير»، الذي انضم فاروق إلى بروفاتها في فبراير 2019، وكان حينها في صراع شرس مع المرض اللعين، وأصر على أن يقاومه بالإبداع.

وتدور أحداث المسرحية حول «الملك لير»، الذي قرر أن يوزع أملاكه على بناته الثلاث، ولأن ابنته الصغرى لم تشأ أن تنافقه فقد حرمها من نِعمِه، وأثناء توزيعه الأملاك اشترط أن يقيم مع كل واحدة من بناته فترة معينة، غير أن ابنتيه الكبيرتين تقرران الاستيلاء على كل شيء، وتطردان والدهما الذي لم يجد الملاذ سوى لدى ابنته الصغرى.

يشار إلى أن رائعة شكسبير «الملك لير» ترجمتها إلى العربية د. فاطمة موسى، وقام ببطولتها في هذا العمل المسرحي يحيى الفخراني وأحمد فؤاد سليم ونضال الشافعي وأحمد عزمي وريهام عبدالغفور ورانيا فريد شوقي وهبة مجدي وعباس أبوالحسن، وإخراج تامر كرم، وإنتاج المخرج مجدي الهواري.

ولعب الفنان فاروق الفيشاوي دور «جولستر»، وتألق في العديد من عروض المسرحية، لكنه في فبراير 2019، وبسبب ظروفه الصحية، اعتذر عن عدم السفر لعرض المسرحية في السعودية، وقام ممثل آخر بدوره، وبعد شهور قليلة رحل طائر الفن المغرد في 25 يوليو من العام ذاته.

 

الجريدة الكويتية في

10.05.2021

 
 
 
 
 

فاروق الفيشاوي... «برنس السينما المصرية» (4- 10)

النجم المصري يبحث عن مغامرة سينمائية في جُزر المالديف!

كتب الخبر أحمد الجمَّال

غامر النجم فاروق الفيشاوي بدخول تجربة الإنتاج في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، والتقى المخرج محمد خان في «مشوار عمر»، وأنتج فيلمه الثاني «استغاثة من العالم الآخر»، وعاد إلى المسرح مع «البرنسيسة»، و«السيدة حرمه»، و«بداية ونهاية»، واصطدم بالرقابة بعد عرض فيلم «درب الهوى»، وقدّم العديد من المسلسلات الدرامية من أشهرها «الحاوي»، و«علي الزيبق»، و«ليلة القبض على فاطمة»، وتوالت رحلة «برنس السينما». تحوَّل «مشوار عمر» إلى علامة سينمائية فارقة، وجمع بين مخرج بحث طوال مشواره الفني عن التفرد، وممثل لا يتوقف عن التجريب والشغف بتجسيد الأدوار الصعبة، وكان الاثنان على موعد مع مغامرة أخرى في أواخر عام 1984، وبدأت فور انتهاء المخرج الراحل محمد خان من تصوير هذا الفيلم، وأجّل مونتاجه لارتباطه مع الفيشاوي بفيلم آخر هو «يوسف وزينب»، إذ كان قد بدأ أسبوعاً من تصويره في القاهرة أوائل 1985، قبل أن ينتقلا مع طاقم العمل إلى جُزر المالديف.

تلك المرة لم تكن المغامرة مصادفة، فقد تلاقت أفكار «المخرج والممثل»، ولم يجد فاروق الفيشاوي مانعاً من ارتياد «مشوار» آخر مع محمد خان، لتصوير فيلم «يوسف وزينب»، هذا الشريط السينمائي الذي اتسم بالجرأة في تناول فكرة غير تقليدية، ويناقش المعنى الحقيقي للشعور بالانتماء، وكتبه السيناريست المتميز بشير الديك، مؤلف «مشوار عمر»، وبطولة فاروق الفيشاوي، وليلى علوي، وتوفيق الدقن، وأنعام سالوسة، ومن المالديف محمد عاصف، ومريم رشيدة.

وأثار الفيلم تساؤلات عن أسباب تصويره في جزر المالديف، وفي كتابه «مخرج على الطريق»، أجاب المخرج الراحل محمد خان، عن التساؤل ببساطة، إذ كانت تجمعه برئيس جمهوريتها مأمون عبدالقيوم صديق، علاقة صداقة بدأت منذ الصبا، حين كان يدرس في الأزهر الشريف بمصر، في المرحلة الإعدادية ثم الثانوية، وكان يجمعهما حب شديد للسينما تمثل في زيارة أسبوعية لأحدث ما يعرض في القاهرة من أفلام، خصوصاً أفلام هيتشكوك وأجاثا كريستي في تلك الفترة.

لم يكن غريباً، حين التقى الثنائي في القاهرة مرة أخرى بعد سنوات من الفراق، «صديق» كرئيس دولة و«خان» كمخرج سينمائي، أن يجتمع الاثنان على فكرة مشروع فيلم سينمائي مالديفي، ليخرج إلى النور فيلم «يوسف وزينب»، كأول فيلم «مالديفي» في تاريخ البلاد، ويقوم ببطولته فاروق الفيشاوي، وكان أول عرض له في المالديف بتاريخ 16 سبتمبر 1986، وفي دور السينما بالقاهرة في يونيو 1989.

وقد روى محمد خان واقعة طريفة مع أهالي الجزيرة عقب انتهاء تصوير العمل الذي استمر يومياً نحو ثلاثة أسابيع، بطلها الأول أغنية الموسيقار الراحل محمد فوزي الشهيرة «ذهب الليلُ»، وكانت الأغنية محور أحد مشاهد العمل، حين يقف المُدرِس (فاروق الفيشاوي) ليعلمها لطلابه، وحين يصل إلى عبارة «شاف القطة قال لها بِسبِس قالت له نو نو»، يجد الفتاة «زينب» التي يحبها قد عادت لتلحق بالفصل، بعد أن حرمها أهلها من الحضور بعد اكتشاف علاقة الحب التي تجمعها بالأستاذ ومقابلتها بالرفض، خصوصا أنها مخطوبة لأحد الصيادين، فتزداد نشوته مع ترديد الطلاب كلمات الأغنية خلفه.

وفي هذا السياق قال خان: «لم يخطر ببالي بتاتاً وأنا أصوِّر هذا المشهد أن بقية سكان الجزيرة الذين كانوا يتابعون التصوير قد حفظوا كلمات الأغنية عن ظهر قلب، وبينما حان وقت الرحيل عقب انتهاء التصوير، اصطف أهالي الجزيرة على ساحلها ليودعونا وهم ينشدون معاً: (ذهب الليل وطلع الفجر والعصفور صوصو)، لتسيل دموعنا جميعاً».

دارت أحداث «يوسف وزينب» حول مدرس مصري يمر بأزمة اقتصادية وعاطفية، حين تركته حبيبته المُعلِمة الحسناء لتتزوج من ثري وتهاجر معه إلى أميركا، بعد أن فاجأها بقبول الإعارة للعمل كمدرس للغة العربية في عاصمة جزر المالديف، معتقداً أنها ستحقق له حلمه في الثراء وادخار ما يكفيه لبداية حياة جديدة في بلده، وهناك يقع في حب فتاة هندية مسلمة تُدعى «هند» وتتبدل حياته تماماً.

وانضم هذا الفيلم إلى قائمة الأعمال النادرة في مشوار الفيشاوي، وكلما أبحرنا معه سنكتشف المزيد من دلائل التميز الفني، ورغم خسارته كمنتج لفيلمين، واصل البحث عن مغامرة جديدة، واستقر على سيناريو فيلم «السجين» وأراد أن يعيد به نجم الستينيات أحمد رمزي بعد غياب طويل عن الشاشة الكبيرة، وبالفعل اتفق مع المخرج خيري القليوبي على بدء تصوير المشاهد الأولى، لكن التجربة لم تكتمل، وظلت تراود الفنان الراحل فكرة تكرار تجربة الإنتاج، والبحث عن فرصة للتعبير عن طموحاته الفنية، بأسلوب «المنتج الهاوي» لا «المحترف».

«الأستاذ يعرف أكثر»

عاد فاروق الفيشاوي من جزر المالديف، وتجدّد طموحه في ارتياد تجارب سينمائية مغايرة، وقبل أن ينتهي عام 1985، شارك في عشرات الأعمال في السينما والدراما التلفزيونية، والتقى النجم الكبير فريد شوقي في بطولة ثلاثة أفلام، أولها «الأستاذ يعرف أكثر» (1985)، قصة الكاتب فتحي أبوالفضل، وإخراج أحمد السبعاوي، وشارك في البطولة بوسي وعماد رشاد. ودارت قصته حول الفتاة «مُشتهى» التي تهرب من بلدتها بعد أن يعتدي أحد الأهالي عليها، وتتوطد علاقتها بسائق تاكسي يُدعى «زكي» ويعجب بها رجل الأعمال الثري «صادق» ويشجعها زكي على الزواج منه حتى يستوليا على ثروته، ولكن كانت في انتظارهما نهاية غير متوقعة.

والتقى الفيشاوي «وحش الشاشة» للمرة الثانية في فيلم «الكف» سيناريو أحمد عبدالرحمن وإخراج أحمد النحاس، وتدور أحداثه في أجواء غرائبية حول شخصية «مختار» وخوفه الشديد على ابنه الثالث «عمر» بعد أن أخبره «قارئ الكف» بحدوث سوء لأبنائه في ليلة زفافه، ويحاول أن يمنعه من الزواج، ولكن الابن يصر على الارتباط بابنة عمه «إيناس» وتتصاعد الأحداث.

وجاء اللقاء الثالث في الفيلم الاجتماعي «قضية عم أحمد» سيناريو بهجت قمر وإخراج علي رضا، ويحكي عن رجل بسيط (فريد شوقي) يعيش مع أسرته في منزل قديم يمتلكه المقاول الثري شكري (جمال إسماعيل) والمعرّض للإفلاس، ويرفع شكري قضية لطرد عم أحمد من المنزل لإقامة مشروع يمكنه من استرداد وضعه المالي، ويقع ابنه رمزي (فاروق الفيشاوي) في حب حفيدة عم أحمد (معالي زايد) ويريد الزواج منها رغم الفارق الاجتماعي بينهما.

وجاءت تللك الأفلام الثلاثة بعد خمسة أعوام من لقاء «الحاوي ووحش الشاشة» في فيلم «الباطنية» عام 1980، مع المخرج حسام الدين مصطفى والكاتب إسماعيل ولي الدين، وتوطدت الصداقة بين نجمين من جيلين مختلفين، وتعلم فاروق الفيشاوي من فريد شوقي احترام موعد التصوير، وتنفيذ تعليمات المخرج، والتواضع الشديد في التعامل مع طاقم العمل، وكان الفيشاوي يشعر بالخجل الشديد من الفنان الكبير، عندما يعرف أنه سبق الجميع في الحضور إلى «البلاتوه».

وخرج الفيشاوي من «قضية عم أحمد» ليتقمص شخصية سائق التاكسي مرة ثانية في فيلم «الأوغاد» للمخرج أحمد النحاس، وشاركه البطولة النجمة بوسي، ومحيي إسماعيل، ووائل نور، وعبدالله محمود، ودارت أحداثه حول «السائق محمود» الذي يعيش مع زوجته «حُسنيّة» وفي أحد الأيام يقل في سيارته راكباً، وفي اليوم التالي يجري استدعاء محمود إلى مقر الشرطة ويُصدم عندما يخبره الضابط أن شخصاً مجهولاً قد أبلغ عنه بتهمة ضربه وسرقة مبلغ 50 ألف جنيه، وتتصاعد الأحداث.

بصمات فوق الماء

تميز مشوار فاروق الفيشاوي بالتنوع والثراء، وتقمص أدواره من خلال أطياف درامية مختلفة، وفي عام 1986 التقى المخرج ياسين إسماعيل ياسين المعروف بأفلامه ذات الطابع البوليسي، التي يؤلفها بنفسه، ويحاكي فيها أفلام المخرج الشهير ألفريد هيتشكوك، وفي أجواء من الغموض والإثارة، كان فيلمهما الأول «بصمات فوق الماء» وشارك في بطولته ميرفت أمين، ومريم فخر الدين، وهشام سليم، ويحكي عن زوجين سعيدين مع ابنتهما يتعرضان لملاحقة في أحداث مفزعة، ويعتقدان أن هناك شبحاً يطاردهما.

وفي العام نفسه، التقى الفيشاوي مجدداً مع النجمة ميرفت أمين والمخرج ياسين إسماعيل ياسين في فيلم «المنتقمون»، الذي تدور أحداثه في إطار تشويقي حول «أحمد» مدرب الملاكمة في الجامعة الذي يتشاجر دفاعاً عن والده ويدخل السجن، ويتعرف خلف القبضان إلى «عباس» وتمتد صداقتهما بعد الإفراج عنهما، ويتورطان في جريمة قتل، ويحاولان الهروب، ويواجهان نهاية غير متوقعة.

معالجة درامية

تعامل فاروق مع مخرجين وكتّاب يمتلكون ثقافة سينمائية غزيرة، ومنهم السيناريست المتميز بشير الديك، والأخير قرّر أن يخوض تجربة الإخراج لفيلم من تأليفه عام 1986، واستطاع أن يجمع بين «الساحر» محمود عبدالعزيز، و«الحاوي» فاروق الفيشاوي في فيلم «الطوفان»، وشاركهما البطولة هالة صدقي، وسمية الألفي، وأمينة رزق، ومحمود الجندي، وحسين الشربيني، ويحكي عن أشقاء يبيعون قطعة أرض يمتلكونها لشخص يريد إقامة أحد المشروعات عليها، مقابل مليون جنيه يدفع الشاري نصفها مقدماً والباقي عند التسجيل. ويظهر عمهم «عبدالمنعم» عقداً ابتدائياً يفيد بأنه اشترى الأرض من أبيهم قبل وفاته، وتقر الأم صحة هذا العقد، فيحاول الأبناء إقناع والدتهم بالشهادة الزور للطعن في صحة العقد فترفض بإصرار، وتؤجل القضية عدة مرات، وتحت إغراء المادة والحلم بحياة أفضل يتفق الأبناء على قتل الأم بإعطائها جرعة كبيرة من الدواء من دون علم الابن الأصغر «يوسف» الذي يذهب إلى المحكمة ويدلي بالحقيقة، ويشعر الأخوة بتأنيب الضمير وهم يعترفون بصحة العقد الابتدائي، ويطلب يوسف تشريح جثة والدته لمعرفة سبب الوفاة.

وبعد مرور ثلاثين عاماً على عرض «الطوفان» تحوّل الفيلم إلى مسلسل درامي، أخرجه خيري بشارة عام 2017 من خلال معالجة درامية للشريط السينمائي، قام بها السيناريست وائل حمدي ومحمد رجاء، ودخل أبطال المسلسل محمود عبدالمغني، وأحمد زاهر، وروجينا، وكِندة علوش، وأحمد صفوت في مقارنة مع نجوم الفيلم فاروق الفيشاوي، ومحمود عبدالعزيز، وهالة صدقي، لكن المسلسل أيضاً حقق نجاحاً كبيراً خارج المنافسة الرمضانية.

وعرض مسلسل «الطوفان» بعد رحيل الفنان محمود عبدالعزيز بعام واحد، بينما شاهده الفنان فاروق الفيشاوي وبشير الديك، وأبديا إعجابهما بالمعالجة الدرامية والإخراج وأداء النجوم الشباب، بل إن الديك كتب عام 2013 معالجة درامية للفيلم الشهير «الزوجة الثانية» وقام بإخراج المسلسل خيري بشارة، إلا أنه لم يحقق نجاحاً مماثلا للشريط السينمائي الذي أخرجه صلاح أبوسيف، وقامت ببطولته سعاد حسني مع شكري سرحان، وسناء جميل، وصلاح منصور، وبذلك انضم «الحاوي والساحر» إلى قائمة نجوم السينما التي تحوّلت أعمالهم إلى مسلسلات درامية.

الفيشاوي «مذيع» في لقاء نادر مع فريد شوقي

التقى الفنانان فاروق الفيشاوي وفريد شوقي في أعمال سينمائية ومسرحية عِدة، وتحوّلت زمالتهما الفنية إلى صداقة وطيدة، وفي بداية التسعينيات جمع بين الراحلين لقاءٌ تلفزيوني نادر، ولعب «الحاوي» دور «المذيع» بينما رحّب «وحش الشاشة» بأن يلعب دور الضيف، عندما علِم أن الفيشاوي سيقدم البرنامج، ودار بينهما حوار ممتع تحدث خلاله النجم الكبير عن قصة حياته وذكرياته في مشواره الفني.

وظلت الصداقة ممتدة بين النجمين الراحلين، وظهر الفيشاوي مع فريد شوقي في مناسبات عديدة، والتقطت لهما مئات الصور سواء في أثناء تصوير أعمالهما أو في لقاءاتهما بعيداً عن «البلاتوه»، وكانت آخر صورة لهما أثناء زيارة فاروق للنجم الكبير للاطمئنان على حالته الصحية، وتكررت زيارات الفيشاوي حتى آخر لحظة في حياة «وحش الشاشة»، وأصيب بصدمة وحزن شديد حين علم بوفاته يوم 27 يوليو عام 1998.

 

الجريدة الكويتية في

11.05.2021

 
 
 
 
 

فاروق الفيشاوي... «برنس السينما المصرية» (5- 10)

قرد خفيف الظل يخطف الأضواء من بطل الفيلم!

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      في كواليس «القرداتي» دارت مواقف طريفة بين الفيشاوي و«سمسم»

·      النجم الكبير يوصي ابنه بـ «أهم إنسانة في حياته»

·      آل باتشينو يقتحم لقاء أحمد الفيشاوي مع «مذيع لأول مرة»

·      عمر الفيشاوي يكشف أسراراً عن والده وشقيقه الأكبر

خاض الفنان فاروق الفيشاوي مغامرة جديدة مع المخرج محمد خان في جزر المالديف، وقدّم أول عرض سينمائي للجمهور المالديفي، والتقى «وحش الشاشة» النجم فريد شوقي في فيلمي «الكف» و«الأستاذ يعرف أكثر»، كما شارك الساحر محمود عبدالعزيز بطولة «الطوفان»، وتعثّرت تجربته الإنتاجية الثالثة مع النجم أحمد رمزي، وتوالت الرحلة الفنية الغنية بالتفاصيل. ضرب الفيشاوي رقماً قياسياً في عدد أفلام التي قام ببطولتها خلال فترة الثمانينيات، وفي عام 1987، شارك في بطولة 10 أعمال دفعة واحدة، منها فيلم «المرأة الحديدية» مع المؤلف مصطفى محرم والمخرج عبداللطيف زكي والنجمة نجلاء فتحي ويوسف شعبان وصلاح قابيل ووحيد سيف، ودارت قصته في إطار تشويقي حول زوجة يتعرّض زوجها للقتل في أيام شهر العسل، وتقرر الانتقام من القتلة الأربعة.

في «لعبة الكبار» للمخرج سعد عرفة، التقى فاروق الفيشاوي النجمين حسين فهمي وبوسي في فيلم تدور أحداثه حول فتاة فقيرة تكتشف أن رجل الأعمال مسعود يعمل مع زوجته في تهريب الذهب. ويبلغ خطيبها إسماعيل رجال الشرطة عنه، ولكن يجري الإفراج عنه لعدم كفاية الأدلة، ويشرع الرجل الثري في الانتقام من الفتاة وخطيبها.

واستمر الفيشاوي في تقديم أفلام «الأكشن»، والتقى مرة أخرى النجمة بوسي وميرنا وليد وأحمد لوكسر في فيلم «رجل في فخ النساء»، سيناريو محمد يوسف وإخراج أحمد صقر، وجسّد شخصية جابر عامل الجراج الذي يهوى قيادة السيارات، ويقوم بنزهات ليلية، ويتعرّض في إحداها لمكيدة من فتاتين، ويواجه الاتهام في جريمة قتل.

العبقري والحب

تنوعت أعمال الفيشاوي بين ألوان درامية مختلفة، وفي فيلم «العبقري والحب» التقى النجمة إلهام شاهين في كوميديا اجتماعية، للمؤلف فيصل ندا والمخرج أحمد السبعاوي، وشاركهما البطولة هدى رمزي ومحمود الجندي وسلوى عثمان وعايدة رياض، ودارت قصة الفيلم حول طبيبة الأمراض النفسية حنان، التي تؤجل حفل زفافها إلى زميلها الدكتور عمر وسفرها معه، حتى تطمئن على ثلاث مريضات لهن مشكلات مختلفة، ويقرر عمر التنكر والتدخل في حياتهن لكي يحل المشكلة ويتزوج بمن يحب.

وكان «القرداتي» من أجمل الأفلام التي قدّمها الفيشاوي في منتصف حقبة الثمانينيات، وحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً، لا سيما أنه آخر أعمال المخرج الراحل نيازي مصطفى، وعرض في دور السينما بعد عام من رحيله على نحو مأساوي، وتدور أحداث الفيلم حول اللص الشاب فتوح، الذي يتعرف إلى المعلم بيومي في أثناء وجوده بالسجن، وبعد خروجه يعود للنصب والاحتيال مرة أخرى، فتطارده الشرطة، فيلجأ للمعلم بيومي للاختباء لديه في حي «القرداتية»، ويطلب منه أن يعلّمه مهنة القرداتي، فيوافق ويعطيه القرد «سمسم» خفيف الظل الذي يدربه فتوح على السرقة.

ودارت في كواليس «القرداتي» مواقف طريفة بين الفيشاوي و«القرد سمسم» وأبطال الفيلم سميرة صدقي وسمية الألفي وآمال رمزي، والتقطت بعض الصور للقرد مع المخرج نيازي مصطفى، وهو يقرأ السيناريو معه، وفي لقطة أخرى يقبّل نجم الفيلم فاروق الفيشاوي.

وخاض الفيشاوي «مهمة صعبة جداً» مع المخرج حسين عمارة والنجمة نورا وصلاح السعدني وعايدة رياض وأحمد ماهر، وتدور قصة الفيلم حول شخصين (أحمد ووحيد) يتقابلان مصادفة، ويتفق أحدهما مع الآخر على أن يقتل زوج أمه، مقابل أن يقتل الثاني زوجته، ليستحوذ على بوليصة تأمين تخصها، وينفذ وحيد الاتفاق، أما أحمد فيتعرف إلى سلوى ويعترف لها بالخطة، ويساومه أحمد على دفع مبلغ له مقابل أن يطلِّق سلوى، فيخطف وحيد أمه، وتتصاعد الأحداث.

وفي عام 1988 قدّم الفيشاوي أربعة أفلام فقط هي «التحدي» في أول لقاء مع المخرجة إيناس الدغيدي، وشاركته البطولة النجمة نبيلة عبيد، والفيلم الثاني «المرأة والقانون» للمخرجة نادية حمزة وبطولة شريهان وماجدة الخطيب وسامي العدل، وفي «الدنيا جرى فيها إيه» للمخرج أحمد السبعاوي وبطولة النجمة ميرفت أمين وسناء جميل وأحمد راتب، والفيلم الأخير «ملف سامية شعراوي» إخراج نادر جلال وبطولة النجمة نادية الجندي.

المحاور والمشاغب

استهوى الفنان فاروق الفيشاوي أن يلعب دور المحاور في برامج تلفزيونية، والتقى مع بعض النجوم، واستعاد معهم ذكريات مشوارهم الفني، وفي برنامج «مذيع لأول مرة»، استضاف ابنه الفنان أحمد الفيشاوي، ودار بينهما حوار شائق عن تجربة الابن في عالم التمثيل، وولعه الشديد بالنجم الأميركي آل باتشينو، وأسلوب أدائه لشخصيات مختلفة، أبرزها شخصية مايكل كورليوني في «الأب الروحي» والضابط الكفيف في «عطر امرأة».

أصداء اللقاء بين الفيشاوي وابنه، تعود إلى سنوات بعيدة، حين تعلّق أحمد بعالم الأضواء والشهرة منذ طفولته، وشهد تألق والده كنجم سينمائي، ووالدته الفنانة سمية الألفي كنجمة تلفزيونية لعبت أهم الأدوار في الأعمال الدرامية، ومنها دور «الأميرة نورهان» في مسلسل «ليالي الحلمية» بأجزائه الأربعة، للكاتب أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبدالحافظ.

واعتاد الفيشاوي أن يصطحب ابنه إلى مواقع التصوير، ولم يعترض على دخوله عالم التمثيل، وظل يراقب تجربته من دون أن يتدخّل في طريقة أدائه، وأظهر الطفل الصغير موهبة لافتة، وشارك في بعض الأفلام، وكان يبدي آراءه للمخرجين في بعض المشاهد، ومنها مشهد يقتضي ظهوره في أثناء عودته من المدرسة، فطلب من المخرج أن يعدِّل من طريقة ارتدائه لملابسه، بما يوحي أنه كان طفلاً شقياً.

وفي تلك اللحظة اقتنع الفيشاوي «الأب» بأن ابنه موهوب بالفطرة، وبمرور الوقت تألّق أحمد في تجسيد أدوار متباينة، واستلهم طموح والده في خوض مغامرات فنية، أثبت خلالها أنه من أهم الممثلين في جيله، ولم يدخل المجال الفني بوساطة أو مجاملةً لأبيه، وشقّ طريقه بسرعة الصاروخ إلى النجومية، سواء في السينما أو الدراما التلفزيونية، وقدّم سلسلة من الأعمال المتميزة، منها فيلم «تلك الأيام» مع النجم محمود حميدة، و«الحاسة السابعة» إخراج أحمد مكي، ومسلسل «العمة نور» مع النجمة نبيلة عبيد.

وشكّلت الحياة الخاصة للفيشاوي الابن ردود فعل متباينة في الشارع المصري، وشغلت الرأي العام لفترة طويلة، مع بروز قضية زواجه العرفي من مهندسة الديكور هند الحناوي، والضجة الإعلامية حول نسب الطفلة لينا، وقد مرت تلك القضية بالعديد من المنعطفات؛ أهمها ظهور فاروق الفيشاوي في موقف المدافع عن ابنه، وانتهت القضية بحكم قضائي لمصلحة الحناوي بإثبات الزواج العرفي وأُبوة الطفلة لينا لأبيها أحمد الفيشاوي، في حين اعترف الأخير بنسب ابنته لينا إليه، بعد أن حسم القضاء أمر القضية. وظهر «الفيشاوي الأب» مع حفيدته في مناسبات عدة.

وسار الابن على خطى والده، وتزوج أربع مرات أخرى بعد زوجته الأولى، واقترن بوسام عاطف، لكن زواجهما لم يستمر أكثر من أسابيع قليلة، وتزوج من الألمانية دنيس ولمان، التي تعرف إليها خلال رحلة علاج والدته الفنانة سمية الألفي في ألمانيا، وما لبث أن انفصل عنها، ثم تزوج من الإعلامية اللبنانية رولا ديبس، لكن زواجهما لم يصمد طويلاً. وفي يوليو 2018 تزوج من ندى الكامل، ثم ظهر معها على السجادة الحمراء، خلال عرض فيلمه «عيار ناري»، ضمن فعاليات مهرجان الجونة السينمائي.

وأسفرت الزيجات الخمس عن أزمات متفرقة، وفوجئ «الفيشاوي الابن» بتلويح طليقته الألمانية دنيس ولمان بأنها ستحرك دعوى قضائية لإثبات نسب طفلها تيتوس (8 سنوات)، وكانت طليقته هند الحناوي، قد نشرت عبر حسابها الشخصي على موقع إنستغرام صورة لابنتها لينا وتيتوس، وأرفقتها بتعليق (لينا الفيشاوي وتيتوس الفيشاوي صورة قديمة من يونيو 2019، ننتظرك في يوليو 2020)، وتزامن ذلك التعليق مع مواجهة أحمد الفيشاوي حكماً بالحبس لمدة عام للامتناع عن سداد نفقة ابنته لينا.

وفي ذروة هذا الصخب، أصيب الفنان فاروق الفيشاوي بالمرض اللعين، وقال في لقاء تلفزيوني قبل وفاته، إن الوحيدة التي يتمنى أن تكون قريبة منه في محنته هي لينا الفيشاوي، وذكر اسمها بالكامل «لينا أحمد محمد فاروق فهيم الفيشاوي»، ووصفها بأنها «حبيبته وحبيبة قلبه»، وأنها أهم إنسانة في حياته حالياً، وأوصى ابنه أحمد بمراعاتها والاهتمام بها.

آخر العنقود

لا يعرف الكثيرون أن الفنان فاروق الفيشاوي أنجب ابناً آخر غير أحمد من زوجته السابقة الفنانة سمية الألفي، والمقربون من العائلة يعرفون أن عمر لا يفضل الأضواء، ولم يسع لدخول الوسط الفني إطلاقاً، وعلاقته بوالده ووالدته جيدة، خصوصاً أنه يعيش برفقة والدته، ويعد الأقرب إليها.

وابتعدت الحياة الخاصة لعمر عن أي أحداث مثيرة، على عكس شقيقه أحمد، فقد درس إدارة الأعمال، وتولى لفترة إدارة أعمال شقيقه، لكنّه لم يستمر طويلاً في العمل معه. وكان والده دائماً يصفه بأنه عاقل وحكيم ومتزن في تصرفاته أكثر من شقيقه الأكبر.

كان عمر وأحمد في سن صغيرة عندما انفصل والداهما، وكان الأمر صعباً، وحاول الشقيقان الصلح بينهما، لكن كل المحاولات باءت بالفشل، لأن كل طرف كان متمسكاً برأيه، وكانت الحياة قد استقرت إلى حد بعيد، وكل منهما أصبح له عالمه الخاص.

وظلت حياة الشقيقين منقسمة بين الأب والأم، وحاولا التوازن بين الطرفين في التعامل، وأيضاً كانت لهما حياتهما الخاصة، وعلى الرغم من انفصال فاروق وسمية، فقد جمعتهما حالة من الحب والاحترام، وكل منهما لا يتحمل أي سوء للآخر، ولذلك انهارت والدتهما عندما علمت بخبر مرضه، ولازمته طوال أيامه الأخيرة.

وبعد رحيل الفنان فاروق الفيشاوي، ظهر عمر للمرة الأولى على الشاشة من خلال برنامج «واحد من الناس» مع الإعلامي عمرو الليثي، وكشف أن والده تدهورت صحته بشكل مفاجئ في آخر ثلاثة أيام من وفاته فقط، فانتقل شقيقه أحمد للعيش مع والدهما خلال فترة علاجه، وذلك بعد أن عرفا بطبيعة مرضه.

وكشف «آخر العنقود» أسراراً عن والديه، منها أنهما حاولا أن يعودا معاً كزوجين، إلا أنهما رفضا الفكرة في النهاية، نظراً لأنهما اعتادا حياتهما منفصلين، وأن علاقتهما كانت قوية ومتينة رغم طلاقهما، وتطرّق عمر في حديثه عن شقيقه، حيث أشار إلى أنه كان طفلاً شقياً كثير الحركة، وعندما كبر ظل هكذا، وأن والده الراحل عندما كان ينزعج من تصرّفات أخيه، كان يتصل به ويشتكي له منه.

«شيطان التمثيل» يهدي سمية الألفي شقة فاخرة

عندما جسّد الفنان فاروق الفيشاوي شخصية الانتهازي «أمين» في مسلسل «ليلة القبض على فاطمة» (1982)، طلب من المخرج محمد فاضل أن يقدّم الشخصية في مراحلها العمرية المختلفة، وحقق المسلسل نجاحاً جماهيرياً كبيراً، وصار من أبرز أعمال الفيشاوي في الدراما التلفزيونية.

وتزامن عرض «ليلة القبض على فاطمة» مع شائعات حول خلافات بين فاروق الفيشاوي وزوجته سمية الألفي، لكن الأخيرة حسمت الأقاويل بالتعبير عن إعجابها بأداء زوجها في المسلسل، وأن «شيطان التمثيل» تقمصه، ليجسد الشخصية بتلك البراعة.

وفي ذلك الوقت، أهدى الفيشاوي لزوجته شقة فاخرة في أحد الأحياء الراقية بالقاهرة، وظل كل منهما يحاول تقبّل طبائع الآخر، بما يربط بينهما من مشاعر حب صادقة، حتى حدث الانفصال، وبعد سنوات اعترفت الألفي بأنها كانت تعاند قلبها بقرار الطلاق منه، معتقدة أنه الأفضل لهما، لأن نمط حياتهما مختلف، لكنها اكتشفت أنه كان يجب عليها أن توفّق بين طباعهما، ويستمر زواجهما.

وكان الفيشاوي قد تزوج سمية في فبراير 1979، بعد قصة حب كبيرة جمعتهما، ورُزقا بطفليهما أحمد وعمر، وبعد 16 عاماً من الحياة الزوجية المليئة بالكثير من أوقات السعادة الممتزجة باختلاف طبائعهما، فوجئ الوسط الفني بانفصال الثنائي عام 1992، لكن علاقة الصداقة ظلت تجمعهما حتى رحيل فاروق عام 2019.

 

الجريدة الكويتية في

12.05.2021

 
 
 
 
 

فاروق الفيشاوي... «برنس السينما المصرية» (6- 10)

بطل «الباطنية» يصدم جمهوره: كنت عبداً للهيرويين!

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      تصويره فيلماً في لوس أنجلس انتهى بتعاطيه «الكوكايين»

·      «شمة هيرويين» جعلته مستيقظاً يوماً كاملاً ليبدأ إدمان السم الأبيض

·      بطل «شباب امرأة» يبدّد إيرادات المسرحية مقابل «جرعة»

·      النجم المدمن هرب من برنامج العلاج إلى «الصومعة»

حقّق الفنان فاروق الفيشاوي رقماً قياسياً في السينما، وقدًم خلال الثمانينيات مجموعة من أهم أفلامه وأعماله الدرامية، وفتح الأبواب أمام ابنه «أحمد» لدخول عالم التمثيل، وأثبت نجله «الولد الشقي» أنه من أفضل فناني جيله، وأثار اهتمام الشارع المصري بموهبته وقضيته الشهيرة مع زوجته هند الحناوي، وحمل وصية من والده برعاية حفيدته «لينا»، وظهر الابن الثاني «عمر» ليكشف كواليس الحياة الخاصة لأسرة الفيشاوي.. وتوالت التفاصيل في حياة برنس السينما المصرية.

أدرك فاروق الفيشاوي منتصف رحلة التألق والنجومية في عام 1987، وجاء الاعتراف الصادم الكبير في حياته، ليعلن بقوة وجرأة لم يصل إليها غيره أنه كان مدمناً للهيرويين، بل صارح الجمهور بتفاصيل رحلة إدمانه وشفائه من خلال حوار صحافي طلب بنفسه أن يجريه مع الكاتب الصحافي الكبير صلاح منتصر، ليتحدث فيه عن هذه التجربة الصعبة، كي يحذِّر من خطورة الإدمان ويحمي الشباب من هذا الشبح القاتل.

تحت عنوان «كنت عبداً للهيرويين» وخلال حواره مع الصحافي الكبير صلاح منتصر اعترف فاروق الفيشاوي بتعاطيه السم الأبيض، ونشرت هذا الحوار مجلة «أكتوبر» المصرية بتاريخ 13 ديسمبر عام 1987، وتطرق فيه إلى تفاصيل حياته خلال تسعة أشهر كاملة كان فيها عبداً ذليلاً للهيرويين، وإلى دور زوجته وقتها الفنانة سمية الألفي في مساعدته على التعافي، وكان عمره حينها 37 عاماً، وفي أوج تألقه الفني، كأحد فتيان الشاشة، وواحد من ألمع نجوم الصف الأول.

التجربة المدمرة

في الموعد المحدد بين الفيشاوي ومنتصر كان جرس الباب يرتفع عالياً معلناً وصول الأول، وقبل أن يسرد حكايته، استهلها بقوله إن «قضية المخدرات والهيرويين بالذات، أخطر كثيراً مما نتصوّر، ولن نستطيع مواجهة هذا الخطر بغير معرفة كل أبعاده، والمصارحة بكل أسراره، فهذه الاعترافات ليست مجموعة حكايات للتسلية، وإن كان قد كتب عليّ أن أخوض جحيم التجربة وكتبت لي النجاة منها بفضل الله وفضل وقفة زوجتي (سمية الألفي آنذاك)، الصديقة والأم والحبيبة بكل مشاعرها المخلصة».

أدرك الفيشاوي أن رأسمال الفنان هو حب الجمهور، وكان إساءة إلى هذا الحب ما ارتكبه من خطأ، وعليه أن يستعيد كل ما كان يُقال له من نصائح، ويحاوله معه الذين يحبونه لإنقاذه، وفي الوقت نفسه يتذكر أنه رغم كل ما كان يحاوله البعض معه فإنه لم يكن يرى سواه، ولم يكن يحلم بغيره، ولم يكن يمتلك تفكيره شيئاً آخر عداه.. إنه وحش غريب، خطير، مرعب، هذا المسمى بالهيرويين... كل الناس كانت تتضاءل ويبقى وحده الكبير أمام عينيه.. كل الأحلام كانت تختفي وليس في خياله سواه.

ومن المعروف أن حدقة العين تلتقط وتسجل كل صورة ننظر إليها... ولكن عين المدمن مختلفة، وتنظر إلى آلاف الصور، وآلاف الناس، بينما لا ترى سوى صورة جرعة الهيرويين وحدها التي تحتل كامل حدقة العين ورؤيتها.

والمفارقة أن أول ظهور حقيقي للفيشاوي في السينما كان في فيلم «الباطنية» عام 1980، الذي تدور أحداثه حول تجارة المخدرات، ولكن اعترافاته الجريئة كانت تصلح لسيناريو جديد حول هذا العالم، ولعلها ستكون أكثر واقعية وتأثيراً، وترتكز على المواجهة المباشرة في سرد التجربة، وتأجل ظهور هذا المشروع السينمائي حول فنان شهير سقط في بئر الإدمان.

الدخان الأزرق

بدأت قصة النجم الوسيم مع المواد المخدرة منذ صغره، فقد كان يعيش أكبر من سِنه، ويندفع إلى مواجهة مخاطر التجربة، وفي مشوار تجاربه تعاطى «الحشيش» لكنه لم يتحمله بسبب الجو المغلق الخانق الذي يحيط به، وانقطع تماماً عن جلسات «الدخان الأزرق».

وذات يوم في عام 1986، قدّم له أحد الأشخاص خارج الوسط الفني، نوعاً اسمه كواديين فوسفات (Codeine Phosphate) عبارة عن بلورات صغيرة بيضاء، وقبل ذلك كان يسمع عن الكواديين كدواء أو مادة تدخل في تركيب دواء يُستخدَم كشراب في علاج السعال الشديد، لكنه مستخدمٌ في الأدوية بنسبةٍ مخففة، وإن كان ذلك لم يمنع بعض الذين أدمنوه من حرمان المرضى الحقيقيين الذين هم في حاجة إليه، باستيلائهم على زجاجات الكواديين من الصيدليات ليشربوها، ما كان من نتيجته وضع الكودايين في قائمة الممنوعات وحرمان المرضى منه، وهذا العقار نوع نقي ومُركز، لا يُشرّب ولكن يستخدم فقط بطريقة «الشم».

تفاصيل التجربة المدمرة، بدأت بعد أول مرة تعاطى فيها الكودايين، وشعر بنشوة إلى حد ما، ولكن الشيء الغريب أنه بعد انسحاب مفعوله بدأت تظهر عليه آلام مغص شديد وإسهال، كان من الضروري لكي يعالجها أن يستخدم الكودايين، ولكن بعد انسحاب مفعول الشم، دخل في دوامة جعلته مدمناً، كما أن له تأثيراً كبيراً في أن يجعل المتعاطى يتكلم كثيراً، ويظل مستيقظاً لأطول وقت ممكن. واستطاع الفيشاوي أن يقلع عن تعاطيه بعد عشرين يوماً.

الشبح القاتل

تتابعت رحلة الشهور التسعة، وسافر الفيشاوي إلى أميركا، لتصوير فيلم في لوس أنجلس، ورفض أن يصحب معه «الكودايين» وتحمل الآلام التي هاجمته بقسوة، وحدثت أزمة مع المنتج وقرّر تأجبل التصوير، وخلال فترة إقامته في الولاية الأميركية، تعرف بعدد كبير من المصريين، وطارده شبح الإدمان القاتل من جديد، وتعاطى «الكوكايين» العدو الأول الذي يواجه الولايات المحدة ويهدد شبابها.

وظهرت على الفيشاوي أعراضٌ أكثر خطورة، فهذا المخدر يجعل الإنسان في حالة يقظة، ويمكن أن يستمر من دون نوم لمدة عشرة أيام، ولكنه لم يستخدمه فترة طويلة، وعرف أن تأثيره رهيب على الجهاز العصبي، وأنه يجعل المتعاطي دائماً عصبياً ومندفعاً.

وعاد إلى مصر سعيداً لأنه شفي أولاً من استخدام الكودايين، وقرّر ألا يعود إليه، وأيضاً من الكوكايين الذي أراد بعض المصريين أن يحتفوا به في أميركا من خلاله، ومشكلة الفنان أن الذين يحبونه من الجمهور يريدون أن يجاملوه في الخير والشر أيضاً، وكما قدّم له أحد المعجبين «الكودايين» للمرة الأولى، قدّم له المعجبون في الولايات المتحدة الكوكايين.

وكان الفيشاوي على موعد مع أصعب تجاربه في بئر الإدمان، وبدأت تفاصيلها في فبراير 1987، عندما قابله أحد الأشخاص، وأعطاه «شمة هيروين» ودفعته غريزة حب التجربة إلى تعاطي أول جرعة، وكان تأثيرها أقوى من أي مخدر آخر، وجعلته مستيقظا ليوم كامل! وبعدها هاجمته آلام شديدة في جميع أجزاء الجسم، وبدأ إدمانه للسم الأبيض بشكل منتظم.

كان هناك شبح يطارده، ويناديه في أعماق نفسه بصوتٍ عالٍ، ويدفعه للبحث عن الرجل الذي أعطاه أول جرعة من الهيرويين، وبرغم الآلام التي عاناها، وافق على شراء السم الأبيض، وكان ثمن الجرعة 180 جنيهاً، وبعد شهر أصبح ثمنها 200، ثم 250 ثم 300 جنيه، وكان يستهلك غراماً واحداً يومياً، وبعد شهرين وصل استهلاكه إلى غرام ونصف، وفي آخر شهرين غرامين.

غيبوبة السجين

قطع الفيشاوي شوطاً كبيراً في طريق ضبابي، وصار سجيناً خلف أسوار عالية، ورفض كل الأفلام التي كانت تُعرض عليه في تلك الفترة، لخوفه من تعارض مواعيد العمل في الاستوديو مع مواعيد نومه، وحينها كان ينام في الثامنة أو التاسعة صباحاً، فوجد أنه لن يستطيع تعاطي الهيرويين، وانزلق إلى عزلةٍ لا تنتهي، واستسلم لغيبوبة لا يريد الإفاقة منها، وقامر بما حققه من نجومية وشهرة، وظهرت أعراض الإدمان على ملامحه وهيئته، من دون أن يستطيع الفكاك من التأثير الطاغي لجرعة السم الأبيض.

واتجه النجم السينمائي إلى المسرح، لأن مواعيده لا تتعارض مع تعاطيه «جرعة الهيرويين»، وقام ببطولة مسرحية «شباب امرأة» المأخوذة عن النسخة السينمائية التي أخرجها صلاح أبوسيف عام 1956، وشاركت في المسرحية فيفي عبده وتحية كاريوكا (بطلة الفيلم أيضاً) وحمدي أحمد ومحمد متولي.

واستمر العرض على مدار شهري سبتمبر وأغسطس عام 1987، وكان الفيشاوي يتقاضى نسبة من إيراد الشباك تصل إلى ثمن جرعة «الهيرويين» التي يتعاطاها يومياً، وكان يمثل كل ليلة من أجل الحصول على المال اللازم لشراء السم الأبيض، وأيام كثيرة كان إيراده أقل من المبلغ الذي يبدده من دون توقفٍ، بل تمادى في تجربة كادت أن تفضي إلى مأساة، وأشار عليه ندماء السوء أن يجرب التعاطي بطرق أكثر تأثيراً وسريعة المفعول، وبعد زوال أثرها، تتركه في صراع مع آلام جسدية لا تُحتمل.

صار الفيشاوي بطلاً في فيلم سوريالي، لا يستطيع التخلص من عبوديته للهيروين، بسبب فقدان الجسم أية مقدرة على ذلك، فالسم الأبيض يجعل من يستخدمه مستيقظاً لوقت طويل، ويبدأ الصراع بين رأس لا ينام وجسد متعب ويريد الراحة ولكنه لا يحصل عليها، بالتالي يحدث الانفصال بين الاثنين، فالرأس تغذيه المادة المنبهة الموجودة في الهيرويين والجسم منهار تماماً!

وتبدلت حياة النجم المتألق، وبات على حافة الانهيار، والهيرويين لا يترك له فرصة التفكير في أضراره، ولكنه أفاق ليحكي تجربته مع الكودايين والكوكايين، «هما من فصيلة واحدة ولكن الهيرويين شيء مختلف تماماً»، وما أكثر الذين كانوا ينصحونه بعدم تعاطيه، ولكن الكارثة أنه لا يرى غيره.. كأن له عيوناً تحدق فيه أينما ذهب، وصارت مشكلته الوحيدة أن يضمن وجوده دائماً، وتبدل برنامجه اليومي، وأصبح لا ينام إلا في وقت الضحى، ويستيقظ قرب الغروب، ويضبط مواعيد عمله لتتوافق مع «جرعة الهيرويين»!

رحلة العلاج

مضت رحلة الفيشاوي مع الإدمان إلى ذروتها، وامتد تأثيره المدمر إلى حياته الأسرية، وحاولت زوجته ـ آنذاك ـ الفنانة سمية الألفي أن تساعده في تخطي هذه المحنة، وذات مرة اصطحبته إلى أحد الأطباء، واتفق معه الطبيب على أن ينتقل هو وزوجته إلى أحد الفنادق للإقامة هناك، وبدء نظام علاجي على أساس تقليل الكمية التي يتعاطاها تدريجياً.

كان ذلك في يونيو عام 1987، بعد أن سار أربعة أشهر في طريق الهيرويين، ولكن نتيجة هذا العلاج كانت مخيبة للآمال، وبعد أن كان يستهلك غراماً واحداً يومياً، أصبح يستهلك غراماً ونصف الغرام، ثم غرامين ثمنهما 600 جنيه، وكانت أسباب الفشل أن الفيشاوي لم يكن يريد وقف إدمانه، ووقع تحت تأثير النداء الرهيب لوحش كاسر له قفازات حديدية وعيون تحاصره في المسرح والبيت وكل مكان، وكان يفرح بنزول الستار عن الفصل الأول أو الثاني ليجري مسرعاً إلى حجرته، ويوصدها من الداخل حتى لا يقتحم عليه أحد صومعته ويعطل لقاءه مع «جرعة الهيرويين»، وشيئاً فشيئاً وجد نفسه يعتزل الحياة!

أصعب اختبار مع فاتن حمامة

التقى فاروق الفيشاوي، في أكثر من عمل، الفنانة فردوس عبدالحميد، ومنها المسلسل الاجتماعي «أبنائي الأعزاء شكراً» (1979)، سيناريو عصام الجنبلاطي وإخراج محمد فاضل، وشارك في بطولته نجم الكوميديا عبدالمنعم مدبولي ويحيى الفخراني وآثار الحكيم وصلاح السعدني، وحقق العمل نجاحاً كبيراً.

وفي عام 1984، التقى فاروق وفردوس مُجدداً مع المخرج محمد فاضل في مسلسل «ليلة القبض على فاطمة»، قصة الأديبة سكينة فؤاد، وواجه البطلان اختباراً صعباً، حيث عُرِض المسلسل بعد فيلم يحمل الاسم نفسه، للمخرج هنري بركات وبطولة سيدة الشاشة فاتن حمامة والنجم شكري سرحان وصلاح قابيل ومحسن محيي الدين.

لعب الفيشاوي دور الشقيق الانتهازي الذي جسّده صلاح قابيل في الفيلم السينمائي، وتقمصت فردوس عبدالحميد شخصية «فاطمة» التي جسّدتها فاتن حمامة، ورغم نجاح الشريط السينمائي، فإن المسلسل حقق صدى جماهيرياً كبيراً هو الآخر، ويعد من أهم الأعمال الدرامية المميزة التي قُدِمَت في فترة الثمانينيات.

 

الجريدة الكويتية في

13.05.2021

 
 
 
 
 

لعب الفيشاوي دور الشقيق الانتهازي الذي جسّده صلاح قابيل في الفيلم السينمائي، وتقمصت فردوس عبدالحميد شخصية «فاطمة» التي جسّدتها فاتن حمامة، ورغم نجاح الشريط السينمائي، فإن المسلسل حقق صدى جماهيرياً كبيراً هو الآخر، ويعد من أهم الأعمال الدرامية المميزة التي قُدِمَت في فترة الثمانينيات.

 

الجريدة الكويتية في

11.05.2021

 
 
 
 
 

لعب الفيشاوي دور الشقيق الانتهازي الذي جسّده صلاح قابيل في الفيلم السينمائي، وتقمصت فردوس عبدالحميد شخصية «فاطمة» التي جسّدتها فاتن حمامة، ورغم نجاح الشريط السينمائي، فإن المسلسل حقق صدى جماهيرياً كبيراً هو الآخر، ويعد من أهم الأعمال الدرامية المميزة التي قُدِمَت في فترة الثمانينيات.

 

الجريدة الكويتية في

11.05.2021

 
 
 
 
 

لعب الفيشاوي دور الشقيق الانتهازي الذي جسّده صلاح قابيل في الفيلم السينمائي، وتقمصت فردوس عبدالحميد شخصية «فاطمة» التي جسّدتها فاتن حمامة، ورغم نجاح الشريط السينمائي، فإن المسلسل حقق صدى جماهيرياً كبيراً هو الآخر، ويعد من أهم الأعمال الدرامية المميزة التي قُدِمَت في فترة الثمانينيات.

 

الجريدة الكويتية في

11.05.2021

 
 
 
 
 

لعب الفيشاوي دور الشقيق الانتهازي الذي جسّده صلاح قابيل في الفيلم السينمائي، وتقمصت فردوس عبدالحميد شخصية «فاطمة» التي جسّدتها فاتن حمامة، ورغم نجاح الشريط السينمائي، فإن المسلسل حقق صدى جماهيرياً كبيراً هو الآخر، ويعد من أهم الأعمال الدرامية المميزة التي قُدِمَت في فترة الثمانينيات.

 

الجريدة الكويتية في

11.05.2021

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004