ملفات خاصة

 

لاحق

>>

04

03

02

01

<<

سابق

 
دراما رمضان التلفزيونية لعام 2021

12th APR - 12th MAY 2021

 

سيّر ومذكرات

 
   

حسن حسني

جوكر السينما المصرية

بقلم: أحمد الجمّال

على صفحات جريدة الجريدة الكويتية
 
 
 
 
 
 
 
 

حسن حسني... جوكر السينما المصرية (1-5)

حسين رياض يشيد بالتلميذ الصغير في مسابقة التمثيل

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      «لا وقت للحب» أول لقاء بين عاشق التمثيل وفاتن حمامة

·      «أنطونيو» يحصل على كأس التفوق في المدرسة الخديوية

·      مخرج الروائع حسن الإمام يعيد اكتشافه في «حب وكبرياء»

·      ظهور اسمه على «الأفيش» يجذب الجمهور إلى شباك التذاكر

انطوت رحلة الفنان حسن حسني على حضور متميز، وعلى مدى نحو 60 عاماً قدّم أكثر من 500 عمل فني بين المسرح والسينما والدراما التلفزيونية، وتعدّدت أقنعته في فضاء التمثيل، وأجاد تقمص الأدوار المُركّبة، ونال النجومية والشهرة في سن متأخرة، وحصد العديد من الجوائز، ودخل قلوب الملايين من عشاق فنه الراقي، سواء في مصر أو العالم العربي.

تراوحت أعمال حسن حسني بين الكوميديا والتراجيديا، ورغم غيابه عن أدوار البطولة المطلقة، باستثناء أعمال قليلة، كان أكثر الفنانين تمثيلاً في تاريخ السينما المصرية على الإطلاق، وخطف الأضواء من بعض النجوم، وبات نجاح أعمالهم، مرتهناً بحضور هذا الممثل العملاق، ويكفي ظهور اسمه على "أفيش" الفيلم أو المسرحية، لجذب الجمهور إلى شباك التذاكر.

أصداء لا يمكن إغفالها في مشوار فنان، تعلّق بالتمثيل منذ طفولته، وشق طريقه بصعوبة بالغة، وسد فراغاً هائلاً بعد رحيل كبار الممثلين، من أمثال زكي رستم، وصلاح منصور، ومحمود المليجي، وعادل أدهم، وظل محتفظاً ببصمته المتفردة، وأطلق عليه "القشاش"، و"المشخصاتي"، و"أبو الكوميديانات في مصر"، و"الجوكر" لقدرته على التنوع والإقناع، سواء كان الدور كوميدياً أو تراجيدياً.

وحفلت مسيرة حسني بثراء تجربته الفنية، وخلال عمره الذي امتد إلى 89 عاماً توقف في محطات عِدة، وعايش أجيالاً من النجوم والمخرجين، واتسعت دائرة حضوره في أعمال خارج مصر، سواء في دول الخليج أو سورية أو المغرب العربي، وتوّثقت علاقته بزملائه من الفنانين العرب، وحظي بتقدير كبير من الأجيال الشابة، واعتاد هؤلاء أن يطلقوا عليه لقب "الأب"، أو "العم"، أو "الخال".

وكان الفنان أشرف عبدالباقي يناديه دائما بـ"الخال حسن"، لأنه قام بدور خاله في إحدى المسرحيات، وأطلق عليه البعض "رأس الحَربة" الذي لا يمكن الاستغناء عنه في مباريات كرة القدم، أو جلوسه على دِكة البدلاء، وأيضاً اشتهر أنه "تميمة الحظ" في موجة الأفلام الشبابية والأعمال الفنية بصفة عامة، ورأى البعض أن "حسن حسني يأتي مع الفيلم الخام"، أي أنه حاضر دائماً في أذهان المؤلفين والمخرجين، ويرجع ذلك إلى أنه عاش حياته عاشقاً للفن والتمثيل.

شكسبير والتلميذ

بدأت رحلة حسن حسني بمولده في 19 يونيو 1931، في حي القلعة بالقاهرة، لأب يعمل "مقاولاً"، وانتقل مع الأسرة إلى حي الحلمية الجديدة، والتحق بالمدرسة الابتدائية في سن السادسة، وحينئذ تعرّض لصدمة بالغة بفقد والدته، ما أسبغ عليه هالة من الحزن الدفين، وظهرت عليه علامات الانطواء، وعدم اللهو مع أقرانه، وأفرغ كل طاقته في مطالعة كتبه المدرسية، وأشاد معلموه بتفوقه، لاسيما قدرته على القراءة وكتابة موضوعات التعبير.

كان والد حسن يجمع بين الطيبة والحزم، ويسعى جيرانه وأصدقاؤه لمشورته ويعملون بها، وتأثر الابن بوالده إلى حد كبير، وسادت بينهما علاقة قائمة على التوجيه بالكلمة والإقناع بالمنطق، من دون ميل إلى القسوة، وحاول قدر استطاعته أن يخرجه وإخوته من حالة الحزن بعد وفاة والدته.

في تلك الفترة، كانت المدارس المصرية تهتم بتنمية الهوايات الفنية والأدبية، بجانب المناهج الدراسية، ولم يكن غريباً أن يتواجد كبار الأدباء والفنانين آنذاك مع تلاميذ المراحل المختلفة، ويلقنونهم خبراتهم في مجالاتهم، ومنهم الموسيقار محمد عبدالوهاب، والمخرج عزيز عيد، وحسين رياض، وإسكندر منسي، وغيرهم.

وبدأ مشوار حسني مع التمثيل، عندما كان طفلاً في المدرسة الابتدائية، واستهوته حصة المحفوظات، وكان مُعلِم اللغة العربية يتبع طريقة مختلفة بعيداً عن الحفظ التقليدي والتلقين، ويوزِّع على التلاميذ الأدوار، ليؤدوها بشكل تمثيلي، ومن هنا جاءت اللحظة الفارقة في حياة التلميذ النابه، وقادته قدماه إلى مسرح المدرسة.

شارك حسني في فريق التمثيل، وسمع للمرة الأولى اسم الكاتب الإنكليزي ويليام شكسبير، واختاره المخرج لأداء دور البطولة بتجسيد شخصية "أنطونيو" في مسرحية "انطونيو وكليوباترا"، التي تدور أحداثها في أجواء تراجيدية حول قصة الحب بين القائد الروماني والملكة الفرعونية.

وبعد الانتهاء من البروفات، شاركت هذه المسرحية في مسابقة التمثيل بين المدارس، وحصل من خلالها على كأس التفوق بالمدرسة الخديوية، وتوالت العروض التي شارك في بطولتها، وحصل على العديد من ميداليات التقدير من وزارة التربية والتعليم، وتصادف حضور الفنان حسين رياض في إحدى لجان التقييم، وأشاد بموهبة ذلك الممثل الصغير، وتنبأ له بمستقبلٍ باهر.

لا وقت للحب

حصل حسن حسني على شهادة التوجيهية عام 1956، وطرق أبواب المسارح واستوديوهات السينما، وقام بأدوار ثانوية، وفي بداية الستينيات شارك في فرقة المسرح العسكري، وهناك توطدت صداقته بزميله الفنان حسن عابدين، وكلاهما نال نجوميته في سن متأخرة، وتشاركا في العديد من الأعمال السينمائية والدرامية والمسرحية، ومنها مسرحية "ع الرصيف".

وبعد صدور قرار بحل هذه الفرقة عقب نكسة الخامس من يونيو عام 1967، تنقل حسن حسني بين مسرح الحكيم والمسرح القومى والحديث، ثم انضم لفرقة جلال الشرقاوي وعمل فيها لما يقرب من عشر سنوات، ووقف أمام نجوم العصر الذهبي للمسرح مثل عبدالله غيث، وسميحة أيوب، وسناء جميل، وعبدالرحيم الزرقاني، وكرم مطاوع، وسهير البابلي وغيرهم.

وظلت مشاركات حسني في المسرح خلال عقد الستينيات، لا تتجاوز الأدوار الصغيرة، وتعد من أصعب الفترات في مشواره الفني، ما دفعه إلى البحث عن فرصة حقيقية في السينما، وسجّل أول ظهور على الشاشة البيضاء في فيلم "لا وقت للحب" عام 1963، قصة يوسف إدريس، وإخراج صلاح أبوسيف، ولعب دوراً صغيراً أمام فاتن حمامة ورشدي أباظة، وفي العام نفسه تواجد مع سيدة الشاشة العربية في فيلم "الباب المفتوح"، قصة لطيفة الزيات، وإخراج هنري بركات، ذلك الشريط الذي حصد جائزة أفضل فيلم في مهرجان جاكارتا السينمائي، وفي عام 1964 ظهر في فيلم "بنت الحتة" للمخرج حسن الصيفي، وبطولة شكري سرحان، وزهرة العُلا، وأحمد رمزي.

وغاب حسن حسني عن السينما حتى عام 1967، انشغل خلالها بعمله في المسرح، حتى أسند إليه المخرج أحمد بدرخان دوراً صغيراً في فيلم "النصف الآخر" قصة الأديب عبدالحميد جودة السحار، وبطولة سميرة أحمد، وعماد حمدي، ومديحة يسري، وأبوبكر عزت، وأحمد رمزي.

حب وكبرياء

واستمرت رحلة حسني خلال السبعينيات، وشارك عام 1970 في فيلم "سوق الحريم" للمخرج يوسف مرزوق، وبطولة صلاح ذوالفقار، ومريم فخر الدين، وسميحة أيوب، وعبدالمنعم مدبولي، وبعد عامين منحه مخرج الروائع حسن الإمام فرصة ذهبية بدور "رئيس العمَّال" في فيلم "حب وكبرياء" أمام النجوم محمود ياسين، ونجلاء فتحي، وحسين فهمي، وعماد حمدي، وسمير صبري.

وكانت تلك الفترة اختباراً حقيقياً لموهبته، واتساع دائرة الأدوار التي يجسدها، وبدأت ملامحه تستقر في أذهان الجمهور، وشارك في فيلم "مدينة الصمت" 1973 للمخرج كمال عطية، ولعب دور الشرطي أمام نور الشريف، ونيللي، ومحمود المليجي، وصلاح نظمي، وفي العام التالي ظهر مرة أخرى مع المخرج حسن الإمام في فيلم "أميرة حبي أنا" بطولة سعاد حسني، وحسين فهمي، وسهير البابلي، وكريمة مختار.

وظهر مع السندريلا سعاد حسني في دور صغير من خلال فيلم "الكرنك" عام 1975، قصة نجيب محفوظ، وإخراج علي بدرخان، وجسد شخصية نادل "مقهى الكرنك" أمام كوكبة من النجوم، منهم فريد شوقي، ونور الشريف، وكمال الشناوي، وتحية كاريوكا، ويونس شلبي، وشويكار، وفايز حلاوة. وبعد عامين شارك في فيلم "قطة على نار" للمخرج سمير سيف، وبطولة فريد شوقي، وبوسي، ونور الشريف، ومريم فخرالدين.

وجاءت البداية الحقيقية لمشواره الفني عام 1979، حين أسند إليه المخرج محمد فاضل دور "فتحي سكرتير الشركة" في المسلسل التلفزيوني الشهير "أبنائي الأعزاء شكراً"، بطولة عبدالمنعم مدبولي، وآثار الحكيم، وفاروق الفيشاوي، ويحيى الفخراني، وصلاح السعدني، وفردوس عبدالحميد.

سواق الأتوبيس

وفي عقد الثمانينيات، شارك في العديد من الأعمال الدرامية في استوديوهات دبي وعجمان، التي عُرضت في دول الخليج العربي، ولفت الأنظار كممثل قادر على أداء أدوار الشر في فيلم "سوّاق الأتوبيس" عام 1982 للمخرج عاطف الطيب، ولعب دور "عوني" أمام نور الشريف، وميرفت أمين، وعماد حمدي، ويعد هذا الشريط السينمائي من أهم الأعمال في تاريخ السينما المصرية.

وبرزت موهبة حسني من خلال أعماله التالية مع المخرج عاطف الطيب، ومنها "البريء" (1986)، سيناريو وحيد حامد، وبطولة أحمد زكي، ومحمود عبدالعزيز، وإلهام شاهين، وصلاح قابيل، وجميل راتب، وناهد سمير، ولعب دور "الشيخ قيسون" في فيلم "البدرون" (1987)، أمام سهير رمزي، وسناء جميل، وممدوح عبدالعليم.

وفي فيلم "دماء على الأسفلت" للكاتب أسامة أنور عكاشة، جسّد شخصية الموظف البسيط "كامل نور الحسن" أمام نور الشريف، وإيمان الطوخي، وحنان شوقي، وطارق لطفي، وفي فيلم "الهروب" (1991)، قام بدور "مساعد وزير الداخلية" أمام أحمد زكي، وهالة صدقي، وزوز نبيل، وعبدالعزيز مخيون، وأبوبكر عزت، والفيلم يدور حول ثلاث شخصيات إجرامية تحاصر الشاب الصعيدي منتصر (أحمد زكي) فيتحوّل إلى مجرم متسلسل.

وعلى الرغم من ابتعاد حسن حسني عن المسرح عدة سنوات، فإنه عاد إلى اعتلاء خشبته في منتصف الثمانينيات، فقدم في عام 1985 المسرحية الكوميدية "اعقل يا مجنون" تأليف أنور عبدالله، وإخراج عادل صادق، وبطولة الفنان الكوميدي محمد نجم، وهالة صدقي، وسهير الباروني، ونبيل الهجرسي، وبعد عامين التقى كلاً من نجمة المسرح سهير البابلي، وصديق عمره الفنان حسن عابدين في مسرحية "ع الرصيف" تأليف نهاد جاد، وإخراج جلال الشرقاوي، وشارك في بطولتها أحمد بدير، وأحمد حلاوة، وفؤاد خليل، وحققت المسرحية نجاحاً جماهيرياً كبيراً.

«المشخصاتي» يهدي جائزته لصلاح منصور وزكي رستم

نال حسن حسني العديد من الجوائز، منها جائزة عن دوره في فيلم "ليه يا بنفسج" عام 1993، تأليف سامي السيوي، وإخراج رضوان الكاشف، وبطولة فاروق الفيشاوي، ولوسي، ونجاح الموجي، وأشرف عبدالباقي، وتدور قصته في حي شعبي يسكنه أربعة شباب تجمعهم الصداقة وطموحات متباينة للارتقاء اجتماعياً.

ويعد "ليه يا بنفسج" من الأفلام السينمائية التي مهدت لانتشار الفنان حسن حسني، ومنحه بطاقة تعارف حقيقية مع جمهور الفن السابع، وفي العام نفسه نال جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "دماء على الأسفلت" للكاتب أسامة أنور عكاشة والمخرج عاطف الطيب.

والطريف أن "المشخصاتي" أهدى جائزته للفنانين الراحلين صلاح منصور، وزكي رستم، بما يوحي أنه امتداد لهذين العملاقين، ولم يهدها إلى أحد من نجوم "الجان" أو أدوار الفتى الأول، لقناعته أن الممثل لا تقاس موهبته بحجم الدور، بل بقدرته على تجسيد الشخصية، والأثر الذي يتركه في عقل ووجدان المشاهد.

21 حُقنة بسبب «عضة قرد»!

تعرض حسن حسني لموقف صعب أثناء تصوير فيلم "سارق الفرح" عام 1994 للمخرج داوود عبدالسيد، وبطولة لوسي، وماجد المصري، وحنان ترك، ومحمد هنيدي، وكان حسني يجسِّد شخصية "قرداتي"، وتسبب المشهد في تعاطيه 21 حقنة، بعد أن عضّه القرد، وعقر مساعد المخرج، وصور حسني بقية المشاهد في حالة من الخوف والفزع.

الطريف أن القصة الأصلية التي كتبها الأديب الراحل خيري شلبي، لم تكن بها شخصية "القرداتي ركبه"، بل أضافها المخرج وكاتب السيناريو داود عبدالسيد إلى الشخصيات المحورية لهذا الفيلم، وجسدها الفنان الراحل ببراعة فائقة، وحصل على جائزة أفضل ممثل.

 

الجريدة الكويتية في

28.04.2021

 
 
 
 
 

حسن حسني... جوكر السينما المصرية (2-5)

لقاء استثنائي مع النجم العالمي عمر الشريف

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      "الممثل الطائر" ينتظر وصول فريد شوقي إلى "قهوة المواردي"

·      "ضربة معلم" يظهر براعة ممثل في مشهد وحيد لا يمكن إلغاؤه

·      "القشاش" يحقق حضوره المتميز في "أفيشات" سينما الثمانينيات

·      مغامرة سينمائية مختلفة مع حسين فهمي تكشف جريمة قتل غامضة

انطلق الفنان حسن حسني إلى عالم الأضواء والشهرة، وطرق أبواب السينما والمسرح في فترة الستينيات، وشارك بأدوار ثانوية مع كبار المخرجين والنجوم، ومنحه المخرج صلاح أبوسيف فرصة الظهور الأول في فيلم "لا وقت للحب"، وأعاد مخرج الروائع حسن الإمام اكتشافه في فيلم "حب وكبرياء" وتسارعت خطواته في فضاء التمثيل، واتسعت دائرة حضوره على الشاشة في السبعينيات، وتوالت الرحلة.

كانت هناك أسباب عِدة وراء تأخر نجومية حسني حسني في السينما، رغم طاقاته الفنية الهائلة، وقد ظل يبحث عن فرصة حقيقية لإثبات موهبته، ما دفعه إلى التركيز في الدراما التلفزيونية، وغاب عن مصر لفترة، وشارك خلال عقد السبعينيات في العديد من المسلسلات باستديوهات دبي وعجمان، وحينها أطلق عليه زملاؤه "الممثل الطائر"، وكذلك أطلق عليه الكاتب الصحافي موسى صبري لقب "القشَّاش" ويعني القطار الذي يقف في جميع المحطات.

ورغم تراكم أعماله الفنية، ظل مشغوفاً بالوجود في كواليس السينما والمسرح، وطرق أبواب دراما الشاشة الفضية، كأنه يرفض الاستسلام لذكريات بعيدة، والتي جرفت ذات يوم الطفل اليتيم إلى مسرح المدرسة، وأصبح عاشقاً للتمثيل، ولا يرى نفسه في مهنة أخرى، ليقطع مرحلة طويلة في سجن الأدوار الثانوية، وفي كل مرة يترك أثراً، ويكشف عن موهبته المتقدة، ويلقى الثناء من المخرجين وزملائه من النجوم، من دون أن تسيطر عليه عقدة غياب أدوار البطولة المطلقة.

نأسف لهذا الخطأ

وجاءت إطلالته في سينما الثمانينيات، مغايرة للعقدين السابقين، وتشكلت ملامحه كممثل في أذهان الجمهور، واستقر اسمه في "أفيشات" الأفلام، ومنها فيلم "قهوة المواردي" عام 1982، للمخرج هشام أبوالنصر، المأخوذ عن رواية للكاتب محمد جلال، ودارت أحداثه في أجواء الحارة الشعبية، وجسَّد شخصية "غُباشة" أمام النجوم فريد شوقي ونبيلة عبيد ويوسف شعبان وفاروق الفيشاوي، ويعتبر هذا الفيلم من بين أوائل الأفلام المهمة التي تناولت فترة الانفتاح الاقتصادي في مصر، وحقّق نجاحاً جماهيرياً كبيراً.

وفي العام نفسه، عاد حسني مرة أخرى إلى الشاشة الصغيرة، وشارك في الفيلم التلفزيوني "الحل اسمه نظيرة"، قصة نجيب محفوظ، وإخراج سعيد عبدالله، وبطولة ليلى علوي وسعيد صالح وعقيلة راتب ووحيد سيف، وأسند إليه المخرج حسن الإمام دور "موسى عبدالحميد" في فيلم "ليالٍ"، قصة الكاتب جورج إبراهيم الخوري، وبطولة سهير رمزي وحسين فهمي ومحمود عبدالعزيز وتحية كاريوكا.

وغاب "الممثل الطائر" عن السينما لمدة أربعة أعوام، وعاد في عام 1986 بدور محوري في فيلم "وداعاً يا ولدي"، للمخرج تيسير عبود وبطولة النجمة سميرة أحمد وصلاح قابيل وهالة صدقي وممدوح عبدالعليم، ولعب دور أب لديه طفلان يُسجن ظلماً ويموت في السجن حزناً، وتتفانى الأم في تربية الابنين، ولكن أحدهما يفشل في دراسته ويتاجر في المخدرات ويحسِّن وضع الأسرة، والثاني ضابط شرطة يلاحق تجّار المخدرات.

وفي العام ذاته، قدّم حسني دور "قُرني" في فيلم "رجل قتله الحب" للمخرج شريف حمودة، ودارت أحداثه في إطار من الدراما الاجتماعية الممزوجة بالإثارة والتشويق، وشارك في بطولته أبوبكر عزت، وعايدة عبدالعزيز وهياتم. كما جسّد أيضاً شخصية "شفيق" في فيلم "نأسف لهذا الخطأ" للمخرج حسن سيف الدين، وبطولة فاروق الفيشاوي وإلهام شاهين وبوسي، ودارت قصته حول "صادق" الكاتب البسيط بمكتب المحامي "عصام" الذي يتعرض لمآزق عديدة.

فيش وتشبيه

ولعب حسني دور ضابط شرطة يُدعى "بهجت سليمان" في فيلم "فيش وتشبيه" للمخرج عدلي يوسف، وبطولة أحمد بدير ودلال عبدالعزيز ومحمود الجندي، وتدور قصته في إطار كوميدي حول الشاب الريفي "غريب" الذي يصل إلى القاهرة بعد أن باع أرضه ليقع في أيدي نصاب، يوهمه بعمل مشروع ويستولي على أمواله، وتتشابه أحداث هذا الشريط السينمائي مع فيلم "العتبة الخضراء" الذي أُنتِج عام 1959 للمخرج فطين عبدالوهاب، وبطولة نجم الكوميديا إسماعيل ياسين.

ولا ينتهي عام 1986 من دون أن يظهر حسني في فيلم "رجل في عيون امرأة"، وأسند إليه المخرج جمال عمَّار دور عامل الطاحونة "عبدالمتعال" أمام صلاح ذوالفقار وإلهام شاهين وحاتم ذوالفقار، وتدور قصته حول فتاة صغيرة تعيش مع والدها "عبدالمتعال" ويرغب ابن صاحب الطاحونة في الزواج منها، ويعارض والده إتمام تلك الزيجة، بسبب الفارق الاجتماعي بينهما.

وفي عام 1987، ظهر اسمه على "أفيشات" ستة أفلام، وبدأت بالفيلم التلفزيوني الاجتماعي "يوميات امرأة عصرية" للمخرجة أنعام محمد علي، وبطولة ليلى طاهر وصلاح قابيل ورجاء الجداوي، وعاد إلى السينما في فيلم "زوجة رجل مهم" سيناريو رؤوف توفيق وإخراج محمد خان، ولعب دور "عميد الشرطة" أمام أحمد زكي وميرفت أمين وزيزي مصطفى ونظيم شعراوي.

وتجدّد لقاء حسن حسني بالمخرج عاطف الطيب في فيلم "البدرون" سيناريو عبدالحي أديب، وجسّد شخصية صاحب العمارة "الدندراوي" أمام سهير رمزي وليلى علوي وسناء جميل وعايدة عبدالعزيز وجلال الشرقاوي وأحمد بدير، وتدور قصة الفيلم في إطار اجتماعي حول الأرملة الفقيرة "أم الخير" وأولادها يوسف وعائشة ورقية، وتتطلع الأخيرة للثراء، وترتبط بصاحب العمارة، وتتصاعد الأحداث.

وتراوحت أعمال حسن حسني بين التراجيديا والكوميديا، وشارك خلال عام 1990 في فيلم "أنا وحماتي والزمن" ولعب دور "زوج الحماة" أمام أحمد بدير وميمي جمال وعايدة رياض، وحاول المخرج نبيل زكي أن يستعيد أصداء نجاح سلسلة أفلام الحماوات، مثل "حماتي قنبلة ذرية" (1952)، و"الحموات الفاتنات" 1953، للمخرج حلمي رفلة، وبطولة نجمة الكوميديا في الخمسينيات ماري منيب.

النظرة الأخيرة

واستقر "القشاش" في دور الأب بأقنعته المتعددة، وأراد تحقيق المعادلة الصعبة بين الانتشار وجودة العمل الفني، وعثر على ضالته في أفلام عاطف الطيب كمخرج متميز ينتقي أعماله المُعبِّرة عن المجتمع، وحين قرأ حسني سيناريو "ضربة معلم" أدرك أنه أمام مغامرة سينمائية مغايرة، وفوجئ بالطيب يمنحه مشهداً واحداً فقط في هذا الفيلم لكنه ظهور مؤثر ولا يمكن إلغاؤه، ليقف أمام كوكبة من النجوم منهم نور الشريف وكمال الشناوي وليلى علوي.

وظهر حسن حسني في فيلم واحد فقط خلال عام 1988، وخاض تجربة مختلفة، مع المخرج ياسين إسماعيل ياسين، والمعروف بأفلامه ذات الطابع التشويقي، والتي تحمل أصداءً من أفلام المخرج الأميركي ألفريد هيتشكوك، وقام حسني بدور "آدم" في "ولو بعد حين"، بطولة حسين فهمي وناهد يسري وسعيد عبدالغني وصلاح نظمي، ودارت قصته حول جريمة قتل يتهم بها شخص ظلماً ويُحكم عليه بالإعدام، ويستمر ضابط المباحث وخطيبة المتهم بالبحث حتى يتمكنان من معرفة القاتل الحقيقي.

ويذهب "القشاش" إلى أجواء الريف المصري، ويتقمص دور المزارع "الصاوي" في فيلم "النظرة الأخيرة" للمخرج شريف حمودة، وبطولة بوسي ويوسف شعبان، وتدور قصته حول سائق شاب يرغب في الزواج من "فرحة" ابنة "الصاوي" المتورط في أعمال غير مشروعة، ويتعقبه محمود "ضابط المباحث" ويبلغ الصدام ذروته في نهاية غير متوقعة.

فارس في المدينة

وانضم حسني إلى نادي "أصحاب المواهب الطاغية" مثل صلاح منصور وزكي رستم وحسن البارودي، وهؤلاء كانت لا تعنيهم أدوار البطولة المطلقة، بل أسهم حضورهم في منح تلك الأعمال أسباب التفرد، والكثيرون من ممثلي الأدوار الثانية كانوا بمثابة ركيزة لنجاح العمل السينمائي أو الدرامي، بما لديهم من حضور وتوهج يمتد أثره العميق إلى وجدان المشاهد.

وخلال مسيرة "الجوكر" ترك بصمات متفردة، ومنها لقاؤه مع المخرج المتميز سعيد مرزوق، وتقمصه دور الأب في فيلم "المغتصبون" عام 1989، سيناريو الكاتب فيصل ندا، وكان هذا العمل من التجارب الصعبة في الأداء، لما يحمله هذا الشريط السينمائي من كشف صادم لجريمة اغتصاب حقيقية، وحقّق نجاحاَ جماهيرياً كبيراً، وقام ببطولته ليلى علوي ومحمد كامل وحمدي الوزير.

وبعد غياب طويل عن أفلام المخرج صلاح أبوسيف، عاد في عام 1991، بدور من أهم علامات مسيرته الفنية، وهو دور "حمدان الويشي" المتعهد في فيلم "المواطن مصري" ليلتقي للمرة الأولى النجم العالمي عمر الشريف، وفي هذه الشخصية أبدع حسني من خلال اهتمامه بتفاصيل دقيقة، لإبراز ملامح المزور المخادع، والعقل المدبر لتزوير أمر استبدال ابن الغفير بابن العمدة ليؤدي عنه الخدمة العسكرية في زمن الحرب.

وسطعت موهبته المتوهجة في مشهد جمعه مع "العمدة" الذي قام بدوره النجم عمر الشريف، وهو يحاول الحصول منه على أية مبالغ إضافية من المال، فيتفتق ذهنه الشيطاني عن فكرة استخراج شهادة وفاة مزورة لابن الغفير ليؤمِّن موقف "العمدة" في حال ما عاد الشاب حياً من جبهة القنال وطالبه بحقوقه.

ويمضي "القشاش" في طريق الأدوار المتفردة، ويلعب دوراً مهماً في فيلم "فارس في المدينة" للمخرج محمد خان وأول بطولة للنجم محمود حميدة، بل إن شخصية "عبدالعظيم القُرُنفُلي" تحتاج إلى شريط سينمائي منفرد، بما تحمله من رهافة ومشاعر إنسانية بالغة العذوبة، ويتخذ مسارها الدرامي بُعداً فلسفياً، فهذا الرجل يكسب عيشه من ادعاء الإصابة في حوادث متفرقة، ومن خلال أداء بسيط وفهم لأعماق هذا النموذج الإنساني، استطاع أن يؤثر في وجدان المشاهد،

لا سيما عند لقائه بالشاب "فارس" اللاهث وراء جني المال، ويمنحه سر السعادة، وأن عليه أن يستمتع بحياة هانئة، ويقنع بما هو متاح.

جائزة عالمية بتوقيع «سارق الفرح»

كان عقد التسعينيات من القرن العشرين نقطة انطلاق حسن حسني إلى النجومية في عالم السينما، وظهور اسمه بشكل دائم في "أفيشات" الأفلام، وعمل مجدداً مع المخرج عاطف الطيب في فيلم "على الأسفلت" (1992)، للكاتب المبدع أسامة أنور عكاشة وبطولة نور الشريف وحنان شوقي وإيمان الطوخي وطارق لطفي، ولعب حسني شخصية موظف نزيه يعمل "سكرتير في محكمة"، ويُتهم زوراً بتقاضي رشوة.

وحاز عدة جوائز على دوره في هذا الفيلم، منها جائزة أحسن ممثل من المهرجان القومي للسينما المصرية عام 1993، متفوقاً على عدة أسماء بارزة منها نور الشريف وأحمد زكي ومحمود عبدالعزيز. ونال أيضاً جائزة أحسن ممثل من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي عن دوره في فيلم "فارس المدينة" للمخرج محمد خان. ثم قدم شخصية "ركبة" القرداتي الصعبة والمركبة في فيلم "سارق الفرح" إنتاج عام 1994، ونال على هذا الدور خمس جوائز منها جائزة عالمية من إيطاليا.

«المنشار» يكشف سر كثرة ظهوره

استطاع الفنان حسن حسني أن يفرض نفسه على الساحة الفنية، ويحطم الأرقام القياسية في عدد مشاركاته السينمائية والتلفزيونية، وتعددت أقنعته في تجسيد شخصيات متباينة بأعمال كوميدية وتراجيدية، حتى لقبه البعض بـ "القشاش"، لبراعته الشديدة في إقناع المتفرج، وقدرته على التلون وصدق انفعالاته، ليثبت أنه ممثل من طراز نادر.

ومن أغرب الألقاب التي حصل عليها "المنشار" وأطلقه عليه المخرج خيري بشارة، لمشاركته في عدد كبير من الأعمال الفنية، وكان السبب الحقيقي لكثرة مشاركاته، أنه عشق التمثيل ولا يتخيل أن تخلو حقيبته من سيناريوهات جديدة، وأن يصحو من نومه من دون الذهاب إلى الاستديو أو موقع تصوير فيلم أو مسلسل درامي.

وفي السنوات الأخيرة من حياته، تباينت مشاعره بين الضيق من كثرة العمل والخوف من الوحدة والاعتزال الجبري، وأن يأتي يوم لا تعرض عليه أي أعمال فنية، وكان النص الجيد شرطه الوحيد لقبول العمل، وبعد ذلك مخرج ذو خبرة وفنانون على كفاءة عالية.

 

الجريدة الكويتية في

29.04.2021

 
 
 
 
 

حسن حسني... جوكر السينما المصرية (4-5)

«والد أم كلثوم»... أهم أدواره على الشاشة الصغيرة

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      «أرابيسك» مواجهة درامية بين «الرسام» وصلاح السعدني

·      «الجنايني» يدخل في مباراة تمثيلية مع بطل فيلم «رد قلبي»

·      تقمّص دور الجد للمرة الأولى من أجل «ترويض النمرة»

·      «القشاش» يرتحل مع صفاء أبوالسعود إلى «سباق الثعالب»

انطلقت نجومية الفنان حسن حسني في التسعينيات، وحقق مزيداً من الانتشار غير المسبوق مع أجيال من المخرجين، منهم صلاح أبوسيف وهنري بركات وعاطف الطيب، وتقمّص عشرات الأدوار في زمن قياسي، وأصبح امتداداً لعمالقة التمثيل في زمن الفن الجميل، وحصد جوائز أفضل ممثل، رغم ابتعاده عن أدوار البطولة المطلقة، وتوالت رحلة "الجوكر" في السينما والمسرح والدراما التلفزيونية، حاصداً في كل محطة فنية حب الجمهور له ولأدائه المتفرد.

تراكمت أعمال حسن حسني خلال أكثر من 55 عاماً، وصارت مكتبةً تضم مئات الشرائط السينمائية والدرامية والمسرحية، وتحمل بصمته المتفردة في تقمص شخصيات مختلفة، وكان من الطبيعي أن يتم تتويج تلك المسيرة البالغة الثراء لهذا الفنان المتميز بحصوله على بعض مظاهر التكريم، وعلى عددٍ كبير من الجوائز والأوسمة وشهادات التقدير المحلية والدولية.

واتسعت دائرة انتشار "الجوكر" عبر الشاشة الصغيرة، وضمت عدداً كبيراً من المسلسلات الدرامية، منها "سباق الثعالب" عام 1981، وأسند إليه المخرج حسام الدين مصطفى دور "عبدالسلام رئيس تحرير إحدى الصحف" أمام محسن سرحان وصفاء أبوالسعود وإبراهيم خان ومحمد خيري، ودارت قصته في أجواء بوليسية حول شركة سياحية وهمية تديرها عصابة خطيرة، وتقوم "راوية" الصحافية بتتبع أخبار العصابة من أجل كشفها أمام الرأي العام، وتتصاعد الأحداث.

وشارك في عام 1985 من خلال مسلسل "الزنكلوني" تأليف إبراهيم محمد علي، وإخراج فايز حجاب، وظهر في عدة حلقات أمام نجم الكوميديا محمد رضا وآثار الحكيم وحسين الشربيني، وتدور أحداث المسلسل في حلقات متصلة منفصلة، حول قصص مختلفة، وفي كل حلقة يقترف "الزنكلوني" العديد من الأخطاء، ولكن ضميره يلازمه ويؤنبه دائماً على كل خطأ.

وفي العام التالي، حقق نجاحاً جماهيراً كبيراً حين ظهر كضيف شرف في مسلسل "غوايش"، تأليف محمد جلال عبدالقوي وإخراج محمد شاكر، وبطولة فاروق الفيشاوي وصفاء أبوالسعود ونبيل الحلفاوي، وأحمد بدير وزوزو نبيل ومحمد توفيق، وتحكي قصته عن فتاة تساعد والدها البائع المتجول، وتتنقل معه بين القرى، وتصادفهما الكثير من المتاعب في ترحالهما اليومي.

بوابة الحلواني

وتتابعت أعمال "الجوكر" خلال عقد التسعينيات، وقدّم عدداً من أهم أدواره على الشاشة الصغيرة، منها مسلسل "بوابة الحلواني" 1992، الذي دارت أحداثه في حقبة تاريخية أثناء فترة حكم الخديوي إسماعيل وحفر قناة السويس، ويحكي عن مجموعة من العائلات من بينها عائلة الكاشف، وقام حسن حسني بتجسيد شخصية "شريف الكاشف" الذي يقع في غرام مطربة، لكنها ترفض الزواج منه، ويتعرض لصدمة نفسية كبيرة.

المسلسل ضم مجموعة كبيرة من الفنانين مثل عبدالله غيث، وخالد النبوي، وسميرة عبدالعزيز، وليلى طاهر، وصلاح قابيل، وسعاد نصر، وعلي الحجار، وسمية الألفي، ومن تأليف محفوظ عبدالرحمن، وإخراج إبرهيم الصحن، ويعد من أهم الأعمال الدرامية خلال حقبة التسعينيات.

ومن ذلك النجاح إلى نجاح آخر، حيث شارك حسني عام 1993 في المسلسل التلفزيوني الشهير "المال والبنون"، وتقمص شخصية "الصول شرابي" الذي ينتمي للحارة الشعبية، ويحمل أحلاماً يتمني تحقيقها، أهمها أن يصبح ابنه ضابط شرطة، والمسلسل بطولة عبدالله غيث، ويوسف شعبان، وأحمد عبدالعزيز، وشريف منير، وعبلة كامل، وزيزي البدراوي ووحيد سيف، وسيد زيان، وتأليف محمد جلال عبدالقوي، وإخراج مجدي أبوعميرة.

كذلك لعب دور "الرسام وفائي" وجسّد شخصية مليئة بالحزن والشجن، وهو رجل قعيد تقوم ابنته الصغرى برعايته ورعاية ابنة أختها الصغيرة بعد وفاة الأم، وقدمها من خلال مسلسل "أرابيسك" في عام 1994، بطولة صلاح السعدني، وهدى سلطان، وكرم مطاوع، وهالة صدقي، وسهير المرشدي، وتأليف أسامة أنور عكاشة، وإخراج جمال عبدالحميد.

ودارت قصة "أرابيسك" حول مجموعة من الشخصيات تسكن في حي شعبي بالقاهرة، وتربطهم علاقة وطيدة بالشاب "حسن" الذي يمتلك ورشة لصناعة فن الأرابيسك في حي شعبي، يتميز بالشهامة والرجولة والوقوف إلى جانب الآخرين في مشكلاتهم وأزماتهم، ما يعرضه لأزمات متكررة، حتى يواجه أصعب اختبار في حياته المهنية.

على باب الوزير

ولعب "الجوكر" دور الموظف البسيط في مسلسل "على باب الوزير" 1995، تأليف سمير عبدالعظيم وإخراج أحمد صقر وبطولة شريف منير وشيرين سيف النصر ووحيد سيف ووائل نور وسامي مغاوري. وتدور قصة المسلسل حول "كمال عبدالصمد" الطالب في كلية الطب، الذي يعمل والده موظفاً في مصلحة الضرائب ويحب زميلته الثرية "نورا" بنت الجزار "حلاوة العنتبلي"، الذي يرفض بشدة ارتباطهما، ويلفق لوالده جريمة رشوة يدخل بسببها السجن.

وانضم هذا المسلسل إلى قائمة الأعمال المأخوذة عن أفلام سينمائية، وأراد المؤلف سمير عبدالعظيم أن يستثمر نجاح فيلم "على باب الوزير" (إنتاج 1982) للمخرج محمد عبدالعزيز، وبطولة النجم عادل إمام ويسرا وسعيد صالح، ولكن النسخة الدرامية وضعت صنّاعها في اختبار صعب، ومقارنتهم بأبطال الفيلم، وتألق حسن حسني في تجسيد شخصية الموظف البسيط، من دون أن يتأثر بأداء الفنان توفيق الدقن، وكلاهما أدى الدور ببراعة، وأضفى على الشخصية بصمته المتفردة في الأداء.

وقي عام 1996، حجز "الجوكر" لنفسه مقعداً في مسلسل "أبوالعلا 90" الجزء الثاني من "أبوالعلا البشري"، للكاتب أسامة أنور عكاشة والمخرج محمد فاضل، وقام بدور "ياسين أبو سمانة" أمام الفنان محمود مرسي وكريمة مختار وسوسن بدر ومحمود الجندي ومدحت صالح، ويدور المسلسل عن شخص ريفي شديد المثالية بالفطرة، ويتعرف إلى "الأستاذ فهلوة" خبير في النصب والاحتيال ويعيش معه أبوالعلا الكثير من المغامرات على طريقة الشخصية الشهيرة "دون كيخوتي" للكاتب الإسباني ثربانتس.

وللمرة الثانية يلتقي حسن حسني مع المخرج جمال عبدالحميد والفنان صلاح السعدني في مسلسل "حلم الجنوبي"، ولكن في ثوب وشخصية مختلفين، لعب فيه دور "عمران الجارحي"، رجل صعيدي فقير تقع في يده بالمصادفة قطع أثرية ويصبح من أغنياء المدينة من التجارة في الآثار، ويمثل السعدني على الجانب الآخر مدرس التاريخ الذي يحاول الحفاظ على تراث بلده فيدخل في صراع مع الجارحي. والمسلسل من تأليف محمد صفاء عامر، وشارك في بطولته معالي زايد ومحمود الجندي وعبدالله فرغلي وأبوبكر عزت وسناء شافع وسيمون وطلعت زكريا. وحقق نجاحاً كبيراً حين عُرض على الشاشة الصغيرة في يناير 1997.

حواء واللص

وللمرة الأولى يجسد حسني شخصية "الجد" من خلال مسلسل "اللص الذي أحبه" تأليف رؤوف حلمي وإخراج أحمد صقر وبطولة شيرين سيف النصر وشريف منير ورجاء الجداوي وياسر جلال وهاني رمزي وعايدة كامل وفؤاد خليل، وتحكي قصة "الجد إبراهيم الأسيوطي" مع حفيدته المدللة "رشا" ومعاناته من سوء تصرفاتها، فيقرر الاتفاق مع الشاب "أكمل" الذي يعمل كبير المهندسين في شركته، ويحاولان تغيير سلوكها، وتحدث الكثير من المفارقات الكوميدية بينهما.

وهذا العمل يحمل أصداءً من فيلم "آه من حواء" للمخرج فطين عبدالوهاب وبطولة رشدي أباظة ولبني عبدالعزيز وحسين رياض، والمأخوذ عن مسرحية "ترويض النمرة" للكاتب الإنكليزي ويليام شكسبير، وهناك العديد من الأعمال المقتبسة عن هذا النص، منها فيلم "استاكوزا" للمخرجة إيناس الدغيدي، وبطولة أحمد زكي ورغدة وحسين الإمام.

ولا ينتهي عام 1997، من دون أن يشارك الممثل "القشاش" في مسلسل "جمهورية زفتي" للكاتب يسري الجندي والمخرج إسماعيل عبدالحافظ، وتقمص حسن حسني دور "حشمت باشا" أمام صابرين وممدوح عبدالعليم وعبدالرحمن أبوزهرة، ودار المسلسل حول مدينة صغيرة تشغل حيزاً جغرافياً صغيراً في إحدى محافظات مصر، تُسمى "زِفتى" هذه المدينة وفي أعقاب ثورة 1919 أعلنت استقلالها بعد معاناة أهل البلدة من ظلم وبطش الباشاوات والإنكليز والإقطاع والسُخرة التي يتعرض لها قطاعٌ كبير من سكانها.

ولعبت المصادفة دورها، ليجسد حسن حسني شخصيتين، سبق أن جسدهما الفنان حسين رياض، الأولى شخصية "الجد" في مسلسل "اللص الذي أحبه" والثانية في مسلسل "رد قلبي" عام 1998 المأخوذ عن قصة للكاتب يوسف السباعي وإخراج أحمد توفيق، ولعب شخصية "الريس عبدالواحد" وهو رجل بسيط يعمل جنايني في قصر الباشا، والعمل يحكي عن الفترة التي سبقت قيام ثورة يوليو عام 1952، وقام رياض بتجسيد هذه الشخصية في الفيلم المأخوذ عن ذات القصة ويحمل الاسم ذاته، وأخرجه عزالدين ذوالفقار عام 1957.

وارتبط مسلسل "رد قلبي" بذكريات مر عليها أكثر من نصف قرن، عندما شارك حسن حسني في فرقة المسرح المدرسي، وأثنى عليه الفنان حسين رياض، وتنبأ له بمستقبل واعد في التمثيل، وبعد تلك الأعوام رشحه المخرج أحمد توفيق، ليقوم بدور "الجنايني" واستطاع أن يتقمص الدور برؤية محتلفة من دون أصداء من أداء رياض في النسخة السينمائية.

وفي العام ذاته، شارك في مسلسل "قط وفار"، تأليف لينين الرملي وإخراج رائد لبيب، وبطولة ياسمين عبدالعزيز وأحمد راتب وممدوح وافي ويوسف داوود، وتدور القصة الكوميدية حول شخصين أحدهما شرير واﻵخر طيب، ويتتبعان بعضهما البعض مثل "القط والفأر" في مواقف طريفة.

وتابع حسني أدواره الكوميدية في مسلسل "يوم عسل ويوم بصل" عام 1999، تأليف فيصل ندا وإخراج محمد عبدالعزيز، وبطولة شريف منير وشويكار وحنان شوقي وحسن مصطفى وعبدالله فرغلي وفام بدور "بيومي"، وتدور أحداث المسلسل في إطار كوميدي حول صديقين يتزوجان من شقيقتين وبعد فترة طويلة من الزواج يشعران بالملل، فيفكر الصديقان في تغيير نمط حياتهما الأسرية لكسر حدة الملل بعد زواج روتيني استمر سبع سنوات.

كوكب الشرق

وكان حسني حسني على موعد مع دور استثنائي في عام 1999، حين جسّد شخصية "إبراهيم البلتاجي" في مسلسل "أم كلثوم" الذي يحاكي السيرة الذاتية لكوكب الشرق أم كلثوم، ولعب فيه حسني شخصية والدها المنشد في الموالد وصاحب الصوت الأصيل الذي أورثه لابنته، وكان إحدى المحطات المهمة والدافعة في نجاحها الأول.

ولاقى المسلسل نجاحاً كبيراً، ولعبت دور "أم كلثوم" الفنانة صابرين، وشارك في البطولة كمال أبورية، وأحمد راتب، وسميرة عبدالعزيز، ورشوان توفيق، وعبدالعزيز مخيون، ورياض الخولي، ويعد من أهم أعمال الكاتب محفوظ عبدالرحمن والمخرجة إنعام محمد علي، ولا يزال يحظى بنسبة مشاهدة عالية عبر القنوات الفضائية والإنترنت.

آن الأوان

ومن أم كلثوم إلى وردة، حيث شارك حسني حسن الفنانة الجزائرية في آخر أعمالها الفنية، من خلال مسلسل "آن الآوان" عام 2006، وهو العمل الذي حقق نجاحاً كبيراً، ودرات أحداثه حول مطربة مشهورة لها معجبون يفتقدونها بعد اعتزالها الغناء حين شعرت أنها بلغت القمة وأن المناخ بدأ يتغير فأنشأت معهداً خاصاً لتعليم الغناء لاكتشاف المواهب الحقيقية والمشاركة في الارتقاء بمستوى الأغنية العربية، وهناك العديد من الصور التي تجمع وردة بـ"الجوكر" أثناء كواليس التصوير.

فاتن حمامة تستعين به لتهدئة أحمد رمزي

حفلت مسيرة الفنان حسن حسني بالعديد من المواقف الطريفة بين كواليس أعماله الفنية، وارتبط بأجيال من النجوم منذ الستينيات وحتى رحيله، ومن بين هؤلاء سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وظهر معها في بداياته عام 1963 من خلال فيلمي "لا وقت للحب" 1963 للمخرج صلاح أبوسيف و"الباب المفتوح" إخراج هنري بركات وتجدد اللقاء معها عام 2000 في مسلسل "وجه القمر" للمخرج عادل الأعصر.

وشارك حسني في هذا المسلسل، بعد سبع سنوات من فوزه بجائزة أحسن ممثل بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1993، وحينها شعر بالسعادة لأن تلك الجائزة كانت تحمل اسم فاتن حمامة، تلك الفنانة التي عاصرها في أوج تألقها الفني، واتسمت بالتواضع الشديد، وتتعامل مع فريق العمل بمحبة بالغة من دون استثناء.

وتعرض حسني لموقف في كواليس "وجه القمر" وكان الفنان أحمد رمزى عصبياً جداً، وأحياناً يغادر الاستوديو غاضباً، فكانت سيدة الشاشة تتساءل: "حسن حسني فين؟" لأنها تثق أنه سيقنعه بأن يعود للتصوير، وذات يوم كان حسني نائماً في غرفته، وطلبت أن يوقظوه سريعاً، وأن يذهب إلى رمزي ليهدئه، وبالفعل نجح في مهمته واستأنف النجم الغاضب تصوير المسلسل.

 

الجريدة الكويتية في

30.04.2021

 
 
 
 
 

حسن حسني... جوكر السينما المصرية - الأخيرة

الممثل العملاق يودِّع جمهوره برصيد 500 عمل فني

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      زوجة الفنان الراحل تكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة من حياته

·      «تميمة الحظ» في أعمال النجوم الشباب

·      عاشق التمثيل ينهي مشواره السينمائي في «قهوة بورصة مصر»

·      رامز جلال يقنع «العم حسن» بمشاركته «أحلام الفتى الطائش»

تتابعت رحلة الفنان حسن حسني، وشارك في أهم الأعمال الدرامية خلال التسعينيات، وتعددت أقنعته بين "الرسام والجنايني والموظف البسيط" ولعب دور "والد أم كلثوم" في المسلسل الشهير، وبعد غياب 37 عاماً التقى مرة أخرى بسيدة الشاشة فاتن حمامة في مسلسل "وجه القمر". وتقمص للمرة الأولى دور الجد في كوميديا "اللص الذي أحبه" وحقق انتشاراً غير مسبوق مع أجيال من المخرجين والنجوم، وحتى رحيله في 30 مايو 2020.

تحوَّل مسار الفنان حسن حسني من أدوار الشر إلى الكوميديا، ومع بداية الألفية الثالثة، صار "تميمة الحظ" للنجوم الشباب، وشارك عام 2002 مع محمد سعد في فيلمه "اللمبي" الذي حقق وقتها إيرادات هي الأعلى في تاريخ السينما المصرية، وفتح المجال لسلسلة من الأفلام الشبابية، وظهور نجوم جُدد في الساحة الفنية، منهم محمد هنيدي وعلاء ولي الدين وأحمد حلمي وكريم عبدالعزيز وغيرهم.

ويعد محمد سعد من أكثر الممثلين الشباب الذي شاركهم حسن حسني أعمالهم، برصيد 12 فيلماً، منها "كركر" و"عوكل"، يليه هاني رمزي برصيد 9 أفلام، منها "محامي خلع" (2002) و"غبي منه فيه" (2004)، ويأتي أحمد حلمي في المرتبة الثالثة بـ7 أعمال، منها فيلم "ميدو مشاكل" (2003) و"جعلتني مجرماً" (2006)، وآخرها فيلم "خيال مآتة" (2019).

واشترك حسني مع كريم عبدالعزيز في أربعة أفلام منها "الباشا تلميذ"، وكان علاء ولي الدين من أوائل الوجوه الشابة التي ساعد في تقديمها، والتقى معه في أعمال عِدة منها "عبود على الحدود" (1999) و"الناظر" (2000) و"ابن عز" (2001).

وكان الفنان الراحل بمنزلة الأب أو العم لبعض هؤلاء النجوم، ومنهم الشقيقان ياسر ورامز جلال، وكان الأخير في عمر سبع سنوات، عندما تعرف إلى صديق والده المخرج المسرحي جلال توفيق، وبحكم عمله في المجال الفني، التقاه في أكثر من عمل، سواء تلفزيوني أو مسرحي أو سينمائي، وظل يناديه بلقب "عم حسن" حتى في الكواليس، وظلت تربطهما علاقة أسرية وطيدة، بحكم الصداقة العميقة مع والده.

وحين بدأ رامز مشوار الاحتراف الفني، جاءت لحظة حاسمة وفارقة بالنسبة إليه، وأُسنِدت إليه بطولة فيلم "أحلام الفتى الطائش" (2007)، فاقترح على صنّاع الفيلم الاستعانة بحسن حسني، لكنهم خافوا أن يرفض وألا يتحمس لرامز كبطل في فيلم كوميدي.

وحكي رامز تفاصيل هذا الموقف، قائلاً: "أخذت سيناريو الفيلم وذهبت إلى منزله بلا ميعاد، وقلت له بالحرف: (وحياة جلال توفيق ما تبيعني)، فضحك وقال لي: (انت ابني)، واتصلت بأبي وأعطيته عم حسن، ودار بينهما حديث قصير، انتهى بأن قال لي: (هات العقد بسرعة ماقدرش أقول لأبوك لأ)"، وتوالت الأعمال بعد ذلك مع "العم حسن".

قطار العمر

وكان آخر ظهور سينمائي للفنان حسن حسني عام 2019، حين شارك في فيلم "قهوة بورصة مصر" إخراج أحمد نور وبطولة رانيا محمود ياسين ومصطفى قمر ولطفي لبيب، الذي عرض يوم 26 يونيو، وبعد شهر واحد عرض آخر شريط سينمائي له وهو فيلم "خيال مآتة" للمخرج خالد مرعي وبطولة أحمد حلمي ومنة شلبي، وخالد الصاوي.

وفي عام 2020 ودّع الممثل العملاق جمهوره بعد مشاركته بدور "عم تحسين" في مسلسل "سلطانة المعز" للمخرج محمد بكير، وبطولة غادة عبدالرازق ومحمود عبدالمغني ومحمود البزاوي، ودارت الأحداث في إطار درامي شعبي، حيث تقوم سيدة تُدعى سلطانة وهي شخصية مؤثرة في شارع المُعز لدين الله الفاطمي بالقاهرة وفي حياة أشقائها، بإدارة محلات ورثتها عن والدها، ولكن سرعان ما تتغير حياتها تماماً.

المحطة الأخيرة

أدرك الفنان حسن حسني محطته الأخيرة، وترك الكثير من المواقف والذكريات لأسرته وأصدقائه وزملائه في الوسط الفني، وبعد الرحيل كشف هؤلاء الجانب الإنساني لهذا الممثل العملاق، وكيف كرّس حياته للتمثيل وترك بصمة متفردة، وحضوراً يتجدّد مع مكتبة فنية حافلة بأكثر من 500 عمل بين مسرح وتلفزيون وسينما وإذاعة.

وفي غمار تلك الرحلة الطويلة لقطار العمر، شهد الكثير من لحظات الحزن والفرح، وطوى أحزان الطفل اليتيم بعيداً عن جمهوره، وبين حين وآخر يذكر أفضال عمته التي رعته كأم، حتى اطمأنت على استقراره مع زوجته الأولى، لكنه تعرّض في السنوات الأخيرة لصدمتين، الأولى حينما توفى الفنان علاء ولي الدين، وظل لأكثر من 20 يوماً لا تتوقف دموعه، والثانية عندما توفيت ابنته "رشا" عام 2013، متأثرة بمرضها بالسرطان، ومر بأقسى فترة حزن منذ وفاة والدته وهو لا يزال طفلاً.

وحفلت حياة الفنان الراحل بجوانب إنسانية مميزة، انعكست في سلوكه مع زملائه والمقربين منه، وسردت زوجته "الثانية" ماجدة حميدة مواقف وذكريات مع رفيق عمرها، حينما منحها الناقد الفني طارق الشناوي فرصة الكتابة عن زوجها، في كتابه "المشخصاتي" الذي قدّمه بمناسبة تكريم الدورة الأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي لحسن حسني عام 2018، ومنحه "جائزة فاتن حمامة التقديرية".

وهذا التكريم أسعد الراحل كثيراً، ويبدو أنها كانت أمنيته التي انتظرها، ووجه وقتها الشكر إلى المهرجان لكونهم كرموه وهو على قيد الحياة، ومنحوه جائزة باسم فنانة يفتخر بالتمثيل أمامها في بداية مشواره السينمائي، وأيضاً الشعور بالسعادة من المحبة الغامرة من زملائه وأصدقائه في الوسط الفني.

سردت أرملته ماجدة حميدة كيف التقت زوجها بالمصادفة، حينما كانا معاً في إحدى المسلسلات عام 1995، وحينها كانت تعمل بالإنتاج وكان هو ممثلاً في المسلسل، وظهرت اهتمامات مشتركة بين الثنائي، وكانت هناك كيمياء خاصة تجمعهما فعرض عليها الزواج، ووافقت من دون تردد، ومن يومها لم يفرقهما سوى رحيله، وخلال رحلة دامت 25 عاماً، كان زوجاً مثالياً، يعيش بين عمله ومنزله وأسرته، وكان شعلة من النشاط داخل المنزل وخارجه.

كما تذكرت الأزمة المرضية التي مرت بها، واستدعت سفرها إلى الصين من أجل العلاج، ولم يتركها زوجها في تلك المرحلة، بل إنه كان يسافر بين القاهرة وبكين، مثلما كان يتحرك من منزله إلى منطقة "مصر الجديدة" (شرقي القاهرة)، وظل يرعاها في أزمتها ويهون عليها الألم، كما حرص على تقديم أعماله الفنية والوفاء بالتزاماته في مصر، واعتاد أن يزين غرفتها بالمستشفى في الصين ويضع بها الزهور والأنوار كي يحتفل بها، حتى تم شفاؤها.

وكانت ماجدة الزوجة الثانية للفنان الراحل، وخلال رحلة زواجهما، تعلمت منه التسامح لأقصى درجة، كما روت أنه كان يعشق المسرح، وهو ما كان يجعله يسهر كثيراً، وهي على العكس منه كانت تحب النوم مبكراً.

وكانت تتوقع منه حينما يعود إلى المنزل مرهقاً أن ينام، لكنه على العكس من ذلك كان يرغب في السهر أيضاً، وهو ما كان يغضبها، لذلك قالت له في إحدى المرات "من حقي الإنساني إني أنام"، وهو الأمر الذي ظل يتذكره، وفي كل شجار كان يقول لها: "حقك الإنساني... أوعي تنسي حقوقك الإنسانية"، ما يحوِّل الشجار إلى فكاهة.

الأب الروحي

قدّم الفنان الراحل حسن حسني صورة مثالية لزوج الأم، وعوض أبناء زوجته عن حنان وعطف الأب، فأعطى نموذجاً حياً للإنسانية بكل معانيها التي لا يغيرها أي ظرف أو موقع يوضع فيه الإنسان، وكان خير مثال لتحطيم الصورة التقليدية الراسخة عن "زوج الأم" في الأذهان.

وجسّد حسني شخصية الأب في التمثيل والحياة، وكان بالفعل أباً لجيل كامل من الفنانين الشباب ساعدهم فى بداية مشوارهم وكان سنداً لهم حتى صعدوا سلم النجومية، وكان في حياته يتعامل كأب لأبناء زوجته ماجدة من زوجها السابق المخرج أشرف فهمي "مصطفى وإنجي" اللذين تربيا فى بيته وبين أبنائه، من طفولتهما وحتى تزوجا، وظهر الفنان حسن حسنى كأب في فرح إنجي ابنة زوجته، وكانت له مواقف فارقة في حياتهما.

أصداء الذكريات لاحقت مصطفى فهمي نجل أرملة الفنان حسن حسني، ورثاه بكلمات مؤثرة:"شرفت بمعرفته منذ كان عمري عشر سنوات، وشاءت الظروف الطيبة أن يكون الفنان حسن حسني، والدي الروحي الذي رباني، ويكون والدي الفعلي المخرج الراحل أشرف فهمي، وهما اسمان ثقيلان جداً على كتفي".

وسرد الحفيد حسن هشام حسني، تفاصيل حياة جده والذكريات التي جمعتهما، خصوصاً الأزمة الكبرى التي مر بها وسببت له ألماً كبيراً طوال حياته، وكيف كان صديقاً لأحفاده الستة، وحينما كان أحدهم يريد أي شيء ويرفضه والده، يذهب إلى جده فيحققه له على الفور.

وكانت النقطة الفاصلة في حياة حسن حسني، حين مرضت ابنته "رشا" بالسرطان وكانت تتألم، ولم يستطع أن يخفي شعوره بالحزن البالغ، وعندما توفيت، أصبح شخصاً مختلفاً تماماً عن الذي يعرفه من حوله، وظهرت عليه علامات السِن، حتى التمثيل الذي كان مصدر السعادة الوحيد، تحوّل لأمر روتيني، وشعرت أسرته أنه لم يعد لديه طاقة لتأديته.

وتراجع نشاط حسني في العامين الأخيرين من حياته، ورغم مقاومته الشديدة للانهيار بعد رحيل ابنته، تمكن الحزن منه، وبات مُقِلاً في أعماله، حتى تعرّض لأزمة قلبية مفاجئة، دخل على إثرها المستشفى قبيل وفاته في 30 مايو 2020، عن عمر ناهز 84 عاماً، قضى منها أكثر من نصف قرن في فضاء التمثيل، وترك فراغاً هائلا في الساحة الفنية.

جوائز وتكريمات

نال الفنان الراحل الكثير من الجوائز والتكريمات خلال مشواره الفني، من أبرزها ما يلي:

- اختيار خمسة أفلام اشترك فيها ضمن قائمة "أفضل مئة فيلم في ذاكرة السينما المصرية"، حسب استفتاء النقاد عام 1996 وهي: "الكرنك" (1975) و"سواق الأوتوبيس" (1983)، و"البريء" (1986)، و"زوجة رجل مهم" (1988)، و"ليه يا بنفسج" (1993).

- حصل على جائزة من مهرجان الأفلام الروائية عن فيلم "دماء على الأسفلت" عام 1992.

- فاز بجائزة أحسن ممثل بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1993، وفي العام نفسه أيضاً فاز بجائزة أحسن ممثل من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي، عن دوره في فيلم "فارس في المدينة".

- حصل على خمس جوائز عن دوره في فيلم "سارق الفرح" عام 1995.

- كرمته الدورة الأربعون لمهرجان القاهرة السينمائي عام 2018، بمنحه "جائزة فاتن حمامة التقديرية".

«مكتبة الجوكر» تحطم الأرقام القياسية في الدراما الإذاعية

ضمت مكتبة حسن حسني أعمالاً كثيرة يصعب حصرها، وأسهم في إثراء الإذاعة المصرية بعدد كبير من الأعمال الدرامية المتميزة على مدار ما يزيد على أربعين عاماً، ومنها المسلسلات "قشتمر" و"الجريمة المزدوجة" و"سلام لحضرة الناظر" و"أبوعلي عامل أرتيست" و"سكر وعليوة" و"بمبة كشر" و"خلي بالك من كلامك" وكل هذا الحب" و"رحلة إلى كوكب السعادة" و"العمر لحظة" و"فارس بني مر" و"أشجع رجل في العالم" و"أغرب القضايا" و"عودة ريا وسكينة".

وشارك الفنان الراحل في مسلسلات "سيت كوم"، ومن بينها: "حرمت يا بابا" و"شباب البومب" الجزء الأول والثاني، وأيضاً عدد كبير من مسلسلات الرسوم متحركة ومنها "افهمني شكراً" و"فتفوتة" و"مغامرات لومة والمعلم سلومة" و"سوبر هنيدي" الجزء الثالث والرابع، و"عائلة رمضان كريم" الجزء الأول والثاني.

وبخلاف مشاركاته السابقة شارك أيضاً ببطولة بعض التمثيليات والسهرات التلفزيونية ومنها "سواق التاكسي" و"حد الهاوية" و"بدون تحقيق" و"موقعة المرتبة" و"الناس والخوف" و"أحلام صغيرة" و"دموع الإنسان الآلي" و"الوريث" و"الخيط الأخضر" "وما زال الزواج مستمراً" و"وجهة نظر" و"مع خالص اعتزازي" و"فندق النجوم الزرقاء".

 

الجريدة الكويتية في

13.04.2021

 
 
 
 
 

إن المخرج أوليفر ستون يقدم من خلال فيلمه هذا، إدانة جديدة لأمريكا وجنودها، كما يقدم إدانة لكل الحروب بشكل أو بآخر. لقد قدم المخرج فيلماً متقناً في حرفيته، يعد من بين أهم أفلام الحركة والتكنيك السينمائي الأمريكي، ولكن هذا لا يجعله يتميز كثيراً عن الجيد من أفلام حرب فيتنام.

 

الجريدة الكويتية في

02.05.2021

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004