ملفات خاصة

 

لاحق

>>

04

03

02

01

<<

سابق

 
دراما رمضان التلفزيونية لعام 2021

12th APR - 12th MAY 2021

 

سيّر ومذكرات

 
   

رجاء الجداوي

نجمة الأناقة في السينما المصرية

بقلم: أحمد الجمّال

على صفحات جريدة الجريدة الكويتية
 
 
 
 
 
 
 
 

رجاء الجداوي... نجمة الأناقة في السينما المصرية (1 - 5)

سمراء القاهرة تحصد لقب «ملكة جمال البحر المتوسط»

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      تلميذة «الفرنسيسكان» أجادت الفرنسية والإنكليزية والإيطالية في سن مبكرة

·      ابنة شقيقة «تحية كاريوكا» عملت محاسبة في «كراج»!

·      «غريبة» أول ظهور سينمائي لها أمام نجوم كبار

·      المخرج هنري بركات أعاد اكتشافها في «دعاء الكروان»

تركت الفنانة رجاء الجداوي بصمة متفردة في عالم التمثيل، وقدّمت مئات الأدوار خلال مسيرة فنية قاربت 62 عاماً، وارتدت نجمة الأناقة أقنعة الكوميديا والتراجيديا، لتتحول من عارضة للأزياء إلى أيقونة على شاشة السينما وخشبة المسرح، حيث شاركت في الكثير من المسلسلات التلفزيونية والإذاعية، ولا يزال حضورها يتجدد رغم رحيلها المفاجئ في 5 يوليو الماضي، إثر إصابتها بـ «كورونا». لعبت المصادفة دورها في حياة الطفلة «نجاة علي حسن الجداوي»، حين أقامت مع خالتها الفنانة الشهيرة تحية كاريوكا، وتلقت تعليمها الأول في مدارس الفرانسيسكان في القاهرة، وأجادت الفرنسية والإيطالية والإنكليزية في سن مبكرة، وحين بلغ عمرها 14 عاماً تركت دراستها لتعمل محاسبة في «كراج»، ثم عملت في قسم الترجمة بإحدى الشركات الإعلانية.

كان عام 1958، بداية دخول الفنانة رجاء الجداوي إلى عالم الأضواء والشهرة، وحصلت على «وشاح سمراء القاهرة» في كرنفال أقيم بحديقة الأندلس في القاهرة، ونالت من خلاله لاحقاً لقب «ملكة جمال حوض البحر الأبيض المتوسط»، كما فازت بلقب «ملكة جمال القطن المصري»، وحازت أيضاً جائزة «ملكة القطن المصري» في مسابقة ثقافية باعتباره أشهر المنتجات المصرية التي كان يجري تصديرها في خمسينيات القرن العشرين، وفازت باللقب بعد نجاحها في الإجابة عن سؤال حول أنواع القطن المختلفة والفرق بينها.

إشاعة حب

واتجهت «سمراء القاهرة» للعمل في مجال عروض الأزياء، ولفتت انتباه المخرج أحمد بدرخان، لتخوض تجربتها الأولى في عالم التمثيل بدور صغير في فيلم «غريبة» (1958)، وتقف أمام الكاميرا مع النجوم أحمد مظهر، وأحمد رمزي وعماد حمدي وزوزو ماضي، واختار لها بدرخان اسم «رجاء» حتى لا يتشابه اسمها مع اسم بطلة الفيلم المطربة نجاة الصغيرة.

ودارت أحداث الفيلم حول ابنة وحيدة لأب حريص على عدم الزواج إكراماً لها، وقد طلَّق أمها التي تزوجت من رجل مرموق، وتسافر إلى أمها وينتهز والدها الفرصة ليتزوج من امرأة أخرى، وتشعر الفتاة بأن منزل أمها لا يوافقها، خصوصاً بسبب المضايقات المتكررة من أخيها لأمها، وتحاول الأم مع زوجها مساعدتها للتخلص من عزلتها، وإقناعها بالزواج من ابن الجيران، وبداية حياة جديدة.

وفي هذا الفيلم كشفت الممثلة الصاعدة عن موهبتها في تلقائية الأداء، ما جعل المخرج هنري بركات يرشحها لتلعب دور «خديجة» في فيلم «دعاء الكروان» (1958)، المأخوذ عن قصة لعميد الأدب العربي طه حسين، وتلك المرة وقفت أمام سيدة الشاشة فاتن حمامة وأحمد مظهر وزهرة العلا وأمينة رزق وعبدالعليم خطّاب.

لعبت رجاء دور الفتاة المرحة في فيلم «غريبة»، بينما في «دعاء الكروان» جسّدت دور الفتاة الطيبة التي تساعد آمنة (فاتن حمامة) على تخطي أزمتها، ورغم ظهورها في مشاهد قليلة، فإنها تركت انطباعاً جيداً لدى جمهور الفيلم، وعادت للظهور على الشاشة مرة أخرى في فيلم «إشاعة حب» عام 1960، للمخرج فطين عبدالوهاب، ولعبت دور الفتاة الأرستقراطية «زيزي» أمام النجمة سعاد حسني وعمر الشريف ويوسف وهبي وعبدالمنعم إبراهيم.

وفي ذلك الوقت استطاعت رجاء أن تحقق نجوميتها في مجال آخر، وصارت من أشهر عارضات الأزياء في مصر، وتصدرت صورها صفحات الجرائد والمجلات الفنية، وظلت تمارس التمثيل كهواية، بينما كرّست اهتمامها للمشاركة في عروض الأزياء، من دون أن تقطع الخيط الرفيع الذي يربطها بشاشة السينما، ولعل نجمة الأناقة كانت تبحث عن فرصة حقيقية، لتثبت أنها جديرة بأدوار البطولة، لكنها مثل سائر الفنانين الكبار، أظهرت براعة فائقة في الأدوار التي جسدتها، من دون أن تكترث بمساحة الدور المعروض عليها.

طريق الفن

بدأت رحلة رجاء الجداوي، بمولدها في 6 سبتمبر 1938، في مدينة الإسماعيلية (شمال شرقي القاهرة)، لأسرة عربية ميسورة الحال تعود أصولها إلى ينبُع في غربي الجزيرة العربية، من أب من أصل حجازي وأم من أصل نجدي، وكان جدها الأكبر «الجداوي» يعمل في تجارة البحر بين مصر والحجاز، واستقر في مدينة السويس بعد أن تزوج منها، وأنجب جدها «حسن» بينما جدها الثاني من مواليد السعودية، وكان يملك صندلاً بحرياً قبل الانتقال والعيش في السويس، ولا تزال لهم أصول تعيش في السعودية حتى اليوم.

واهتم جدها حسن (والد أبيها) بتنشئة أطفاله على العادات والتقاليد الأصيلة، فزوّج ابنه «علي» بالسيدة فاطمة النبوية وهي ابنة رجل من العقيلات من منطقة عنيزة في القصيم، فأنجبت رجاء، وبعد فترة انفصلت أمها عن أبيها، وانتقلت الطفلة ذات الثلاثة أعوام برفقه شقيقها الأصغر «فاروق» للإقامة مع خالتها الفنانة تحية كاريوكا التي تولت رعايتهما بعد طلاق والدتها.

لعبت المصادفة دوراً كبيراً في حياة الطفلة الصغيرة، وتفتح وعيها على عالم مختلف، وباتت خالتها مثلها الأعلى، ووجدت عندها الحنان والرعاية، والتحقت بمدرسة «الفرنسيسكان، وبقيت معها حتى بلغت 14 عاماً، وقررت أن تتخلى عن حياتها المرفهة، وتبحث عن عمل، للوقوف إلى جانب والدتها في أزمتها، بعدما أفقدتها قرارات التأميم في مصر إبان عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ممتلكاتها.

وقطعت الجداوي دراستها في المدرسة الفرنسية، بعد أن حازت المركز السادس على «القُطر المصري»، ما كان سيؤهلها للفوز بمنحة لإكمال دراستها في فرنسا، إلا أنها خلفت كل ذلك وراءها، ولجأت إلى أحد أصدقاء خالتها تحية، الذي وظفها كمحاسبة في «كراج» لشركة نقلٍ عام يملكها.

قطار النجومية

وتتابع التحوُّل في نمط حياة الجداوي بعمرٍ مبكر، وشاء القدر أن تعيش بعيداً عن والديها، وبدلاً من أن تذهب إلى فرنسا، ذهبت إلى «الكراج» وتلك النقلة من مدرسة داخلية ومربية إيطالية، إلى العمل بكراج، دفعتها للتوازن النفسي، بينما قد يتسبب لغيرها بخلل نفسي رهيب، ولكنها قررت أن تترك منزل خالتها، رغم أنها كانت بمثابة الأم التي ربتها، وتدين لها بالكثير، واختارت أن تحقق ذاتها كفتاة ناضجة، ولديها قدر كاف من التعليم، مع إجادتها الإنكليزية والفرنسية والإيطالية.

وبعد فترة قصيرة من عملها كمحاسبة في «الكراج» وخلال حضورها مع والدتها إحدى الحفلات على ضفاف النيل، اختيرت بالمصادفة للفوز بلقب «سمراء القاهرة»، حينما جرى تسليط الأضواء الكاشفة على الحضور لاختيار فتاة لنيل اللقب، بسبب عدم رضا اللجنة عن الفتيات اللواتي تقدمن رسمياً للمسابقة، وتأهلت بهذا الفوز للمشاركة في منافسات «ملكة القطن المصري»، فشاركت فيها بالفعل وعينها على الجائزة التي كان من شأنها أن تعيد قطار العمر إلى مساره نحو النجومية والشهرة.

في تلك الفترة، تعاملت عارضة الأزياء مع السينما كضيفة شرف، وشاركت في بداية الستينيات بأدوار صغيرة في عدة أفلام، منها «مخلب القط» و«الفرسان الثلاثة» و«الضوء الخافت» (1961)، و«القاهرة في الليل» (1963)، والأخير قام بإخراجه محمد سالم، وبطولة شادية وصباح ونادية لطفي وفؤاد المهندس، ومها صبري وليلى طاهر، ودارت أحداثه في إطار غنائي حول مجموعة من الشباب (ثلاثي أضواء المسرح) يحاولون مقابلة الفنانة صباح لكن انشغالها يجعلها تؤجل المقابلة، وفي أثناء تواجدهم بمبنى التلفزيون يقومون بالعديد من المغامرات الكوميدية.

أزمة كاريوكا

عاشت رجاء مع خالتها 11 عاماً، وظلت ترعاها كابنة لها، وعوّضتها عن حرمانها من الأمومة، وبعد رحيل الفنانة تحية كاريوكا بعدة سنوات، جسّدت الجداوي دورها في مسلسل «السندريلا» (2006)، للمخرج سمير سيف، ودارت أحداثه حول قصة الفنانة سعاد حسني، وشارك في بطولته منى زكي ومدحت صالح.

واعترضت رجاء وورثة الفنانة الراحلة تحية كاريوكا على تقديم سيرتها في عمل تلفزيوني، وطالبوا بعرض السيناريو عليهم قبل التصوير حتى لا يُساء إليها. كما هددوا القائمين على العمل بمقاضاتهم في حال بدء التصوير من دون الاطلاع على السيناريو.

وفي ذلك الوقت رشحت الفنانة وفاء عامر لتقوم بدور «كاريوكا» وخضعت لتدريبات مكثفة في الرقص والاستعراضات مع الفنان عاطف عوض، وبدأ تصوير المسلسل في عام 2011، تأليف فتحي الجندي وإخراج عمر الشيخ، وشارك في بطولته عزت أبوعوف، وأيتن عامر، وفادية عبدالغني.

وواجهت الشركة المنتجة أزمة تسويقية كبيرة بعدما رفض عدد كبير من القنوات الفضائية شراء حق عرض المسلسل في رمضان خلال عام 2012، بدعوى أن بطلته ليست من نجمات الصف الأول، وهو الأمر الذي سيؤثر سلباً في نسبة المشاهدة والإعلانات في هذه المحطات، لذلك، رفضت القنوات شراء المسلسل، ما تسبب في أزمة كبيرة لشركة الإنتاج، لكنها أجرت مفاوضات جديدة مع محطات أخرى، وظهر المسلسل على الشاشة في ماراثون هائل من المسلسلات، وتميز بتكلفة إنتاجية ضخمة، لكن الأزمة التسويقية قللت من ارتفاع نسبة المشاهدة.

في تلك الأثناء، أبدت رجاء الجداوي، استياءها من مسلسل ‹كاريوكا› الذي يرصد حياة خالتها، ورأت أن قصة المسلسل بعيدة كل البعد عن حياتها الحقيقية، وكل ما يجري مشاهدته في المسلسل لم يحدث، مثل ظهور شقيق كاريوكا وهو يلقمها الطعام والشراب وهي جالسة بجوار الحائط، ومشهد تواجدها في منزل الراقصة بديعة مصابني وهي تقبل يدها وكأنها خادمة لديها، والحقيقة أن كاريوكا حينما ذهبت إلى منزل مصابني جعلت منها نجمة في أسرع وقت.

وقبل بدء تصوير هذا المسلسل ذهبت رجاء إلى مؤلف العمل فتحي الجندي وطلبت أن تقرأ السيناريو، لكن المؤلف تجاهل كلامها تماماً، واستاءت لعدم لجوئه إلى عائلة كاريوكا لجمع المعلومات عن حياتها، لا سيما أن العديد من أفراد أسرتها ما زالوا على قيد الحياة، وأن الورثة الشرعيين أقاموا بالفعل منذ فترة دعوى قضائية ضد القائمين على العمل الذي لا يمسّ حياة كاريوكا بأي شيء، وأنها ليست معترضة على تجسيد زميلتها وفاء عامر لشخصية كاريوكا، لأنها فنانة موهوبة ومجتهدة.

وطلب المؤلف فتحي الجندي وأسرة المسلسل من الجداوي أن تؤجل اعتراضها حتى مشاهدة كل الحلقات، لأن معلوماته التي جمعها عن شخصية «تحية كاريوكا» والفترة التاريخية التي عاشتها استند فيها إلى مذكرات الراقصة الراحلة مع المفكر إدوارد سعيد والكاتب صالح مرسي، والإعلامي إمام عمر.

عرّافة تنبأت بموتها في حادثة عالمية!

في مفارقة عجيبة، توقعت سيدة تقرأ الوَدع (عرّافة) وفاة رجاء الجداوي في حادثة عالمية، وذلك في عام 1960، حين كان يجري تصوير مشاهد فيلم «إشاعة حب» في فيلا عبدالرحمن باشا لطفي بمدينة بورسعيد. وأثناء التصوير لمح مصمم ديكورات الفيلم عثمان حسين هذه العرافة تقف على باب الفيلا حاملة سلة في يدها، فتوجه إليها وعرف أنها تقرأ الودع وكانت تحمل في يدها سلة بداخلها قواقع. وكان ذلك في رابع أيام تصوير الفيلم، وطلبت منه مقابلة سعاد حسني لكنه اعتذر لها وتركها، ثم لاحظ أنها لا تزال واقفة أمام الفيلا، وخلال استراحة التصوير تحدث عن ذلك الموقف أمام نجوم العمل، فلم يمانعوا دخولها على سبيل التجربة، فأدخلها مصمم الديكور وجلسوا في حديقة الفيلا، وبدأت بالحديث مع رجاء الجداوي وأخبرتها أنها سترى الكثير في حياتها وستسمع أخبار صديقاتها وأبناء صديقاتها، فقالت لها رجاء: «هل تقصدين أنني سأعيش حتى أصبح عجوزاً؟». فقالت العرافة: سنموت جميعاً يا ابنتي»، وتابعت: «قد يكون ميعادك في حرب كبيرة مثل الحرب العالمية الثانية، أو في هوجة بحر لا يستطيع أحد صدها». ويبدو أن النبوءة تحققت بعد 60 عاماً مع رحيل رجاء متأثرة بإصابتها بفيروس كورونا الذي شكل جائحة عالمية.

«عارضة مصر الأولى» بأمر الرئيس عبدالناصر

كانت رجاء الجداوي على موعد مع الحظ، في أحد أيام عام 1958، حيث كان بين أعضاء لجنة تحكيم مسابقة «ملكة القطن المصري»، المخرج هنري بركات، الذي اختارها لدور «خديجة بنت المأمور» في فيلم «دعاء الكروان» كما لفتت أنظار مصمم الأزياء اليوناني «بيير كولوفاس»، فقرر تأهيلها للدخول إلى عالم عروض الأزياء، وبذلك تكون هذه المصادفة بوابتها لبناء مسيرتها المهنية الممتدة على مدى أكثر من 60 عاماً، كممثلة وعارضة أزياء.

وفي عام 1961 مثلت رجاء الجداوي مصر في الهند، لتقديم عروض أزياء تروج للقطن المصري، وتزامنت مع زيارة رسمية للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وحينما اكتشف بالمصادفة أنها عارضة الأزياء المصرية الوحيدة إلى جانب أجنبيات في الوفد المصري، وجَه بتكليفها لتدريب عارضات أزياء مصريات، بحيث يكون تمثيل البلاد بالمحافل الدولية حكراً على المصريين، وبذلك أصبحت رجاء لسنواتٍ طويلة «عارضة مصر الأولى».

 

الجريدة الكويتية في

19.04.2021

 
 
 
 
 

رجاء الجداوي... نجمة الأناقة في السينما المصرية (2 - 5)

فاتن حمامة تطلب من الممثلة الصاعدة مغادرة غرفة الماكياج!

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      «شقيقة» أحمد رمزي تتحدث العربية بصعوبة في أول أفلامها

·      خلال الستينيات ظهرت في أفلام قليلة نظراً لانشغالها بعروض الأزياء

·      «عارضة الأزياء» تجسد شخصيتها الحقيقية في «الشنطة مع مين؟»

·      «أيام معه» أول مسلسل إذاعي يجمع بين «السندريلا» و«المانيكان»

·      التمثيل والالتزام تعلمتهما من فاتن حمامة وسميحة أيوب

·      لم تقدم خلال مشوارها الطويل أدوار بطولة لكنها كانت بطلة بأدوارها المتنوعة

عاشت رجاء الجداوي مرحلة الطفولة مع خالتها الفنانة تحية كاريوكا، وأجادت اللغات الإنكليزية والفرنسية والإيطالية، وعملت محاسبة في «كراج»، ثم مترجمة، ودخلت إلى عالم الفن بالمصادفة، ونالت لقب «ملكة جمال القطن المصري» في الخمسينيات، وأعاد المخرج هنري بركات اكتشافها في فيلم «دعاء الكروان» وطافت عارضة الأزياء حول العالم، وتتابعت رحلة نجمة الأناقة. اجتازت الممثلة الصاعدة أولى خطواتها في مجال الفن من دون مساعدة من خالتها، التي أشفقت عليها من رحلة الشقاء التي مرت بها، حتى حققت نجوميتها، ونصحتها بأن تكمل تعليمها فقط، ولكن المصادفة غيَّرت مجرى حياتها بعد أن رشحها عبدالعزيز جاد (المخرج المساعد في فيلم «غريبة») للقيام بدور سميحة (شقيقة الفنان أحمد رمزي) لأنه رأى أنها تشبه الشخصية، رغم أنها لم تكن وقتها تتحدث العربية بشكل جيد، بينما تتحدث الفرنسية والإيطالية والإنكليزية بإتقان شديد.

اقتحمت الفنانة رجاء الجداوي عالم التمثيل، بعد أن تركت عملها في «الكراج» وراتبها الشهري البالغ سبعة جنيهات فقط، وذات يوم كانت في حفلة بحديقة الأندلس برفقة والدتها، فوجئت أثناء سيرها بأشخاص يقتربون منها، ويلبسونها «وشاحاً» لتجد نفسها تشارك في مسابقة ملكة جمال القطن المصري، وسبقها اختبار ثقافي نجحت فيه بجدارة. وانتخبت ملكة جمال العام حينها، وأخبروها أنها ستسافر إلى فرنسا للمشاركة في مسابقة الجمال، وحدثت مشكلة من إحدى المتسابقات بعد أن شككت والدتها في النتيجة، ورحلت من دون جائزة، ويومها كان المخرج هنري بركات موجوداً ورشحها للمشاركة في فيلم «دعاء الكروان» مع النجمة فاتن حمامة.

وفي أول يوم تصوير، ذهبت رجاء إلى غرفة الماكياج الخاصة بالنجمة الكبيرة فاتن حمامة، ودخلت دون استئذان، فطالبتها سيدة الشاشة بالخروج من الغرفة وطرق الباب، وتعلمت في هذا العمل حب الالتزام وكيفية التعامل مع المحيطين بها، ويومها قرَّرت أن تفكر في كيفية فرض الاحترام على الآخرين من خلال تعاملها معهم.

وكانت مشاركتها في فيلم «إشاعة حب» الأصعب في مسيرتها، لأنها في بدايتها، وكان من بطولة قمم فنية مثل يوسف وهبي وعمر الشريف وسعاد حسني وعبدالمنعم إبراهيم، وشعرت رجاء بتوتر شديد في «بلاتوه التصوير»، لكنهم ساعدوها كثيراً لتظهر بشكل جيد، لأنهم كانوا نجوماً رائعة تحب وتساعد الجميع.

وخلال مشوارها تعلمت من فاتن حمامة وسميحة أيوب الالتزام والتمثيل وتعلمت من أشرف عبدالغفور اللغة العربية، وعندما عملت في مسلسل «العائلة» مع الفنان محمود مرسي، كان يعاملها بمودة شديدة، ووقف بجانبها طوال فترة التصوير.

وتميزت الفنانة رجاء الجداوي بإطلالتها الأنيقة، وسلوكها الملتزم، وعملت مع أجيال من النجوم، وأحبت الأجيال الشابة مثلما أحبوها، وشاركت في أعمالهم سواء في السينما أو الدراما التلفزيونية، لكنها لمست بعض التغيُّرات في الوسط الفني، وغياب روح الفريق لدى البعض، وتَسارُع إيقاع الزمن على عكس ما كان في الماضي، وأن الجيل الجديد رائع لأنه يعيش في ظروف أصعب مما مر به جيلها، وأن هناك أعداداً كبيرة من الشباب، فرضوا حضورهم على الشاشة، لأنهم يمتلكون الموهبة، ولم يكن لديها أي موانع للتعاون معهم، لكنها لم تكن تستطيع العمل مع مخرج أو فنان أو حتى شخص عادي لا تحبه، لأنها شخص مسالم يحركه الحب، وتحب كل الناس، وصلتها لا تنقطع بأحد، وكانت لديها قناعة بأن الفنان الحقيقي هو الذي يشعر بزملائه وكل من يحيط به ويساعدهم.

معسكر البنات

توالت أعمال نجمة الأناقة في السينما، وخلال فترة الستينيات من القرن الماضي ظهرت على الشاشة في أفلام قليلة، نظراً لانشغالها الدائم بعروض الأزياء، التي كان يحضرها سيدات المجتمع والنجمات المشهورات وأبرزهن كوكب الشرق أم كلثوم، ولم يغامر المخرجون بإعطائها أدوار البطولة، رغم طلتها المميزة بملامحها المصرية، وتلقائيتها في تجسيد الشخصيات، واكتفت بشهرتها كعارضة أزياء، وظل التمثيل يراودها كهواية، لا سيما أن خالتها تحية كاريوكا، حذرتها من دخول الوسط الفني بما فيه من معاناة وشقاء.

وظهرت الجداوي في فيلم «معسكر البنات» عام 1967، تأليف إبراهيم الورداني وإخراج خليل شوقي وقامت بدور الفتاة «انصاف» أمام النجوم أحمد مظهر وعزت العلايلي وليلى طاهر وسمير صبري وجلال عيسى ونوال أبوالفتوح ومديحة حمدي وجورج سيدهم، ودارت أحداثه في إطار كوميدي، حول معسكرين متجاورين في منطقة «أبو قير» بمدينة الإسكندرية الساحلية، الأول للطلاب والآخر للطالبات، وتحاول المشرفة «نادية» أن تفصل دوماً بين البنات والبنين، أما المشرف «حسن» الذي يتولى معسكر الطلاب، فإنه يبدو منفتحاً، ويحاول إتاحة الفرص للشباب للاستمتاع بالإجازة، وشيئاً فشيئاً تتلاقى وجهات النظر.

وفي العام ذاته، تعاونت للمرة الثانية مع المخرج فطين عبدالوهاب في فيلم «كرامة زوجتي» المأخوذ عن قصة الكاتب إحسان عبدالقدوس، بعد ظهورها في «إشاعة حب»، وأسند إليها دور «سهير» أمام النجمة شادية وصلاح ذوالفقار وعادل إمام وجورج سيدهم وشريفة ماهر، ودارت أحداثه في إطار كوميدي حول المحامي «محمود» المضرب عن الزواج، ويحاول التقرب إلى «نادية» زميلته في النادي لمدة خمس سنوات ولكنها تصده ما يضطره إلى طلب الزواج منها، وتشترط عليه أن يخلص لها، ويوافق محمود، وتتوالى الأحداث.

وشاركت رجاء الجداوي في فيلم «أيام الحب» عام 1968، إخراج حلمي حليم وبطولة أحمد مظهر وعبدالمنعم إبراهيم وصلاح منصور وزوزو ماضي وعادل أدهم ومحمد رضا وتوفيق الدقن، وتدور أحداث القصة حول مخرج يبحث عن فتاة ذات وجه سينمائي جديد لتقوم ببطولة فيلمه بعد أن تخلت البطلة الأساسية عن العمل، لكنه يفشل في ذلك، فيذهب إلى الإسكندرية ليقابل بائعة، ويقرر تعليمها وتقديمها للأوساط الراقية على أنها واحدة من سيدات المجتمع الراقي، وبعد نجاح فيلمها تتمرد على المخرج، فيقوم بكشف حقيقتها للناس، وهنا تتركه وتعود إلى الإسكندرية مرة أخرى لتمارس عملها السابق.

وظهرت رجاء في الجزء الأول من فيلم «ثلاث نساء» عام 1968، تأليف إحسان عبدالقدوس وإخراج صلاح أبوسيف، وقامت بدور «سامية» أمام كوكبة من النجوم منهم صباح وشكري سرحان وأحمد رمزي وصلاح ذوالفقار وميرفت أمين وهدى سلطان وعبدالمنعم إبراهيم، ويحكي الفيلم ثلاث قصص، الأولى قصة «هناء» التي تحب «عادل» ولكنها تلتقي «سامي» لتقع أيضاً في حبه، والقصة الثانية عن الأرملة «توحيدة» التي تحب الموظف «يوسف» لكنه متزوج، والقصة الثالثة عن المطربة «شمس» التي يحبها «فتحي» ويتردد في الاقتران بها، وتصل القصص الثلاث إلى نهايات مفتوحة، وتترك للمشاهد الإجابة عن مصير النساء الثلاث.

واللافت أن الجداوي خلال مشوارها الفني الطويل، لم تقدم أدوار بطولة، ولكنها كانت بطلة بما قدمته من أدوار متنوعة، وبرعت في أداء شخصيات كوميدية وتراجيدية، فأحبها الجمهور عبر ظهورها على الشاشة في مراحل عمرية مختلفة، وأثبتت أن الدور ليس بحجمه ولكن بقيمته وتأثيره، وأن الفرق لديها هو بطل المشهد وليس البطل العام للعمل الفني، فهناك نجوم قدموا أدواراً صغيرة وكانوا أكثر أهمية من بطل العمل.

نوسة وريم

وكان أول ظهور تلفزيوني لنجمة الأناقة في عام 1964 من خلال المسلسل الكوميدي «الشنطة مع مين؟» تأليف بهجت قمر وإخراج يوسف مرزوق، وقامت رجاء الجداوي بتجسيد شخصيتها الحقيقية كعارضة أزياء أمام كوكبة من النجوم، منهم سهير البابلي وأبوبكر عزت وسيد زيان ووتوفيق الدقن والسيد راضي وزوز ماضي وبدر الدين جمجوم وإبراهيم سعفان وسهام فتحي وحسين عبدالغني.

وفي عام 1967 تعاونت مرة ثانية مع المخرج يوسف مرزوق، وشاركت في السهرة التلفزيونية «نوسة» للكاتبة وفية خيري، وبطولة صلاح ذوالفقار وزيزي البدراوي وعبدالمنعم إبراهيم وزوزو ماضي وشاهيناز وحسن السبكي وفادية عكاشة.

وكان «أيام معه» عام 1964 أول مسلسل إذاعي لـ«المانيكان»، وثاني لقاء مع «السندريلا» سعاد حسني، والمأخوذ عن قصة للأديبة كوليت خوري، وأخرجه محمد علوان، وشارك في بطولته أحمد مظهر وسمير صبري وعبدالرحمن أبوزهرة وسهام فتحي وعزيزة حلمي، ويحكي المسلسل قصة الفتاة «ريم» صاحبة موهبة تأليف الشعر، التي تجد نفسها واقعة في غرام الموسيقي «زياد» صاحب الشخصية المتحررة، على الرغم من خطبتها الصورية لأحد أقارب أمها، وتتوالى الأحداث.

ذكريات مع يسرا في كواليس الفن والحياة

ارتبطت الفنانة رجاء الجداوي بصداقات قوية مع عدد من زميلاتها في الوسط الفني، وكانت النجمة يسرا من أقرب صديقاتها على مدار سنوات طوال، وشاركت معها في العديد من الأفلام والمسلسلات منها «أوان الورد» و«شربات لوز» وتشابهت شخصياتهما إلى حد كبير، فكلاهما بارٌ بوالديه ولهما إسهامات كبيرة في العمل الخيري والاجتماعي، ويتميزان بالأناقة والرقي في التعامل، وإجادة اللغات الفرنسية والإنكليزية والإيطالية، والاهتمام بكافة تفاصيل العمل الفني، وتجسيد شخصيات مختلفة على الشاشة خلال مسيرتهما الفنية.

واعتادت الجداوي ويسرا إضفاء أجواء من البهجة وروح الأسرة أثناء تواجدهما في «البلاتوه»، وخلال فترة التصوير تقومان يومياً بالإفطار معاً وتجهيز الفول والبيض العيون بالسمن البلدي والإفطار مع العمّال والفنيين الموجودين في موقع التصوير بمنتهى الحب والتواضع، ولا يعرفان الكراهية والغرور، ما جعل فريق العمل يلتف حولهما، ويكن لهما مشاعر التقدير والمحبة.

وتوطدت صداقة النجمتين خلال سنوات طويلة، رغم أنهما من جيلين مختلفين، وتشابهت ظروف دخولهما مجال التمثيل إلى حد كبير، ويتمتعان بثقافة رفيعة، وتراكمت لديهما سنوات من النضج، وعلى الجانب الإنساني لديهما حضور مميز، ومواقف كثيرة تشي بالنقاء والصدق ومحبة الخير للآخرين، وكلاهما حافظ على نجوميته، وقام بتطوير نفسه، ولم بتشبثا بأدوار الفتاة الصغيرة، وظلت طاقتهما الفنية متوهجة، وتعادل القوة والحماس لدى الأجيال الجديدة.

وحين رحلت رجاء الجداوي تركت صدمة كبيرة لدى صديقتها يسرا، وكانت الأخيرة دائمة الاتصال بها بعد إصابتها بفيروس كورونا، ودخولها إحدى المستشفيات بمدينة الإسماعيلية، وبفقدها تملك الحزن يسرا، واستشعرت فراغاً هائلاً، وودعتها بكلمات مؤثرة تفيض بالألم لفراق أعز صديقاتها.

رحيل درامي لوالدها بعد مكالمة هاتفية

انتقلت الطفلة الصغيرة للعيش مع خالتها الفنانة تحية كاريوكا، وتغيرت حياتها تماماً، وبعد أن كانت تعيش في أسرة متوسطة انتقلت إلى الطبقة الأرستقراطية، وتعلمت في مدرسة داخلية لمدة طويلة، وانقطعت صلتها بأبيها «علي حسن الجداوي» سنوات طويلة.

وأتاحت المصادفة أن تحضر رجاء وفاة والدها «الحاج علي»، الذي انفصل عن والدتها منذ أن كانت بعمر ثلاث سنوات، ورغم أنها التقته مراراً في حياته، فإنها لم تشعر تجاهه بعاطفة الابنة تجاه الأب، لانشغاله الدائم في أعماله وإقامته في مدينة الإسماعيلية (شمال شرقي القاهرة)، حتى تلقت خبر وفاته عبر مكالمةٍ هاتفية غامضة أثناء تقديمها أحد العروض المسرحية.

وذهبت رجاء مع إخوتها في صباح اليوم التالي لتقديم واجب العزاء، وفوجئت أن والدها لا يزال على قيد الحياة، وتحوّل حزنها الشديد إلى فرحة طاغية، ويومها طلب المسامحة من أبنائه «رجاء وأشقائها» لما اعتبره خطأ بحق والدتهم (زوجته السابقة) واستبقاهم على الغداء الذي دعا إليه إخوتهم غير الأشقاء، وبعدها ذهب ليأخذ قيلولة، انتهت بصدمة وفاته في حضورهم بشكل درامي!

وفي ذلك اللقاء الأخير، شعرت رجاء أنها استعادت الأب الذي فقدته سنوات طويلة، وتملكها الحزن لرحيله بعد أن استشعرت عاطفة الأبوة الصادقة في رغبته للقاء أبنائه، واعترافه بتقصيره نحوهم، وحينها اكتشفت أنّ والدها «رجل هايل» على حد تعبيرها، لأن القدر أسعفه بطلب المسامحة من أولاده، وتصفية قلوبهم تجاهه في ساعات حياته الأخيرة.

 

الجريدة الكويتية في

20.04.2021

 
 
 
 
 

رجاء الجداوي... نجمة الأناقة في السينما المصرية (3- 5)

«ملكة جمال القطن» تمثِّل في فيلم يُبكي الرئيس السادات

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      «المانيكان» تعتزل عروض الأزياء من أجل التمثيل

·      «زوجة المؤلف» تمثل أمام عادل إمام في «أحلام الفتى الطائر»

·      قصة حب على متن الطائرة تنتهي بالزواج في كواليس مسرحية «روبابكيا»

·      «سونيا» تغادر بنسيون «أشجان» بعد «جريمة الساعة 11»

تتابعت رحلة الفنانة رجاء الجداوي، وشاركت في أفلام سينمائية قليلة مع نجوم الستينيات، واتجهت إلى الدراما التلفزيونية والإذاعية، واجتازت مرحلة البدايات بعد فيلمي «دعاء الكروان»، و«إشاعة حب»، وتعلمت خلالهما الالتزام، وكيفية التعامل مع زملائها في «البلاتوه»، ولكن أدوار البطولة تباعدت عن نجمة الأناقة، بينما لاحقتها الأضواء كعارضة أزياء. شهد عام 1969 حضوراً مميزاً للفنانة رجاء الجداوي، وظهرت على الشاشة الصغيرة في ثلاثة مسلسلات درامية أولها «ليلى»، المأخوذ عن قصة للأديب إبراهيم عبدالقادر المازني، وإخراج يحيى العلمي، وبطولة مديحة سالم، وأحمد عبدالحليم، وعبدالعليم خطاب، ومحمود التوني، ومرسي الحطاب، والمسلسل الثاني «جراج عميقة» تأليف يوسف جوهر، وإخراج إبراهيم الصحن، وبطولة صلاح قابيل، وسهير البابلي، وصلاح منصور، ومحمود الحديني، وشاركت في مسلسل «ألف ليلة وليلة» تأليف أحمد رشدي صالح، وإخراج شوقي جمعة، وبطولة سهير المرشدي، وعبدالرحمن أبوزهرة، ومحمد الدفراوي، وبوسي، وهالة فاخر، وحسن مصطفى.

طوت الجداوي فترة الستينيات من دون أن تحسم قرارها بالتفرغ للتمثيل أو عروض الأزياء، وظلت حائرة بين ثناء الجمهور والنقاد على موهبتها وتلقائيتها في الأداء، ونجوميتها في مجال الأناقة، وقرّرت التركيز في التمثيل فقط، لتخرج من شخصية الفتاة الأرستقراطية، وأعاد المخرجون اكتشاف قدراتها في تجسيد شخصيات متنوعة، وتعددت أقنعتها على الشاشة، وتضاعف رصيدها الفني خلال فترة السبعينيات.

سيداتي آنساتي

وقدمت نجمة الأناقة الكثير من الأدوار المتميزة في الدراما التلفزيونية، ومنها المسلسل الاجتماعي «للأزواج فقط» عام 1970، المأخوذ عن قصة للأديب أمين يوسف غراب، وإخراج نظمي بغدادي، وبطولة زهرة العلا، وتوفيق الدقن، ومديحة سالم، وبدر الدين جمجوم، كما شاركت في مسلسل «سيداتي آنساتي» للمخرجة أنعام محمد علي، من بطولة النجوم نور الشريف، ومحسن سرحان، وأبوبكر عزت، وصلاح قابيل، وقام بتأليفه وفية خيري، وعاصم توفيق، ومصطفى كامل، وتدور أحداثه في حلقات منفصلة لكل حلقة قصة مختلفة، بطاقم عمل مختلف.

وفي نفس العام، أسند إليها المخرج يحيى العلمي دور الفتاة الطموحة «سونيا» في مسلسل «أشجان» بطولة سهير رمزي، وسناء جميل، وزوزو ماضي، وأشرف عبدالغفور، وسيد زيان، ويدور حول فتاة فقيرة تُدعى «أشجان» تعيش في بنسيون مع صديقتها «سونيا»، التي تطمح أن تصبح سيدة غنية، لكنها تتعرض للقتل، وتشاهد أشجان القاتل قبل هروبه، وتتوالى الأحداث.

وقدمت نجمة الأناقة دوراً متميزاً في مسلسل «العصابة» للمخرج إبراهيم الصحن، وبطولة كوكبة من النجوم منهم عبدالله غيث، ونبيلة عبيد، وعزت العلايلي، ومحمود المليجي، وبوسي، ومريم فخر الدين، وسعد أردش، وعبدالمنعم إبراهيم، وعبدالوارث عسر، ورشوان توفيق.

وشاركت أيضاً في مسلسلين من نوعية الأكشن والإثارة خلال عام 1971، أولهما «جريمة الساعة 11» للمخرج رفعت قلدس، من بطولة زيزي البدراوي، ومحمود المليجي، وأبوبكر عزت، وثانيهما «المجنون» مع النجوم عبدالله غيث، وكريمة مختار، وشفيق نور الدين، وأحمد عبدالحليم.

القاهرة والناس

وفي عام 1972 شاركت الجداوي في مسلسل «القاهرة والناس»، الذي اعتُبر بداية جديدة لمشوارها في الدراما التلفزيونية، لاسيما أنه من أشهر الأعمال الدرامية ذات الطابع الاجتماعي، وامتدت حلقاته من منتصف الستينيات، ودارت أحداثه حول العلاقة بين أفراد أسرة مصرية من خلال سلسلة من الحكايات المنفصلة في كل حلقة، وكتبه المؤلفان عاصم توفيق ومصطفى كامل، وأخرجه محمد فاضل، وشهد هذا العمل ظهور الكثير من النجوم في بداية مشوارهم الفني، ومنهم نور الشريف، ومحمود ياسين، وصفية العمري، وبوسي، وعفاف شعيب، وصلاح قابيل، وصلاح السعدني، وحمدي أحمد وغيرهم.

والتقت الجداوي للمرة الأولى المخرج نور الدمرداش في المسلسل الشهير «الدوامة»، الذي عُرض عام 1973 قصة الكاتب إبراهيم الورداني، وبطولة النجوم محمود ياسين، ومحمود عبدالعزيز، ونادية الجندي، ونيللي، ويوسف فخرالدين، ومحمد توفيق، وتدور أحداثه حول أزمة الشاب «محمود» وشعوره بالرتابة والعزلة، ويحاول أصدقاؤه إقناعه بالبحث عن الحب والزواج، لكن سرعان ما تنقلب الأمور، ويقع في دوامة كبيرة لا يدرك لها نهاية.

وعادت الجداوي إلى الدراما الاجتماعية من خلال مسلسل «لحظة اختيار» عام 1978 للكاتبة فتحية العسال، والمخرجة علوية زكي، وقامت بدور «ناهد» أمام سيدة المسرح سميحة أيوب، وعبدالرحمن أبوزهرة، وخيرية أحمد، ونعيمة وصفي، وتدور قصته حول أزمة زوجة بعد انفصالها عن زوجها، بينما ابنها يعمل بعيداً عنها، ولكنها تقاوم اليأس، وتبدأ حياة جديدة.

وفي العام نفسه التقت للمرة الأولى النجم عادل إمام في المسلسل الشهير «أحلام الفتى الطائر» سيناريو وحيد حامد، وإخراج محمد فاضل، ولعبت رجاء دور «سوسن» المتزوجة من المؤلف حسين رأفت (الفنان عمر الحريري)، وتتطلع إلى الثراء، فتطلب منه الطلاق، وتنقلب حياته رأساً على عقب، ويصبح نزيلاً في مستشفى الأمراض العقلية.

وتتشابك قصة «سوسن وزوجها» مع شخصية «إبراهيم الطاير»، التي جسدها عادل إمام وعودته مرة أخرى لنشاطه المعتاد في السرقة، حيث يقوم بعملية ضخمة لتهريب الأموال ويقوم بالاختباء مع الأموال المهربة في مستشفى للأمراض العقلية بالاتفاق مع مدير المستشفى، وبعد موت المدير يهرب إبرهيم بصحبة «المؤلف» ويختبئ من الشرطة والعصابة التي تريد الأموال الموجودة معه، وتتصاعد الأحداث.

زائر الفجر

وشاركت الجداوي خلال فترة السبعينيات في ثمانية أفلام، أولها «أصعب جواز» عام 1970، للمخرج محمد نبيه، وقامت بدور الفتاة الريفية «سميرة» مع النجوم حسن يوسف، ومحمد عوض، وميرفت أمين، وعبدالمنعم مدبولي، ونبيلة السيد، ودارت قصته في إطار كوميدي، حول هروب ثلاث شقيقات من منزل والدهن الرجل الريفي الحازم إلى القاهرة، بعد تحديده موعد زواجهن من أولاد عمهن الثلاثة، وتُقِمن عند خالهن الذي يقف بجانبهن.

وفي عام 1973، شاركت الجداوي في فيلم «زائر الفجر» للمخرج ممدوح شكري، بطولة ماجدة الخطيب، وعزت العلايلي، ويوسف شعبان، وتحية كاريوكا، وسعيد صالح، ودارت أحداثه في إطار بوليسي حول كشف لغز مقتل صحافية في شقتها، وتتسع دائرة التحقيقات حول ملابسات وفاتها، ومحاولة التوصل إلى الجاني.

ولعبت نجمة الأناقة دور «نادية» في فيلم «ليتني ما عرفت الحب» عام 1976، أمام النجوم محمود ياسين، وميرفت أمين، وعادل أدهم، ومحمود المليجي، وعماد حمدي، وإخراج أنور الشناوي، وتدور أحداثه حول فتاة تهرب من ماضيها بالسفر من القاهرة إلى بيروت، وهناك تتعرف إلى شاب مصري يطلب منها الزواج، بينما يطاردها شخص يعرف سرها، وأنها هربت من مستشفى الأمراض العقلية، فتعترف لخطيبها بماضيها المأساوي.

وفي العام نفسه، شاركت الجداوي في الفيلم الكوميدي «أزواج طائشون» للمخرج نيازي مصطفي، ولعبت دور «شهيرة» أمام النجوم عادل إمام، وسعيد صالح، وسمير غانم، وصفاء أبوالسعود، ومديحة كامل، وتدور قصته حول معاناة الصديقين «شريف وفكري» من انشغال زوجتيهما الدائم، فزوجة «شريف» تعمل عارضة أزياء، وزوجة «فكري» معلمة، وتتصاعد الأحداث.

وعادت نجمة الأناقة، لتجسيد شخصيتها كعارضة أزياء في فيلم «نساء في المدينة» عام 1977، للمخرج حلمي رفلة، وبطولة حسين فهمي، وميرفت أمين، ومحمود المليجي، ومديحة كامل، وفي العام التالي قامت بدور «سلوى» في فيلم «ابتسامة واحدة لا تكفي» تأليف مصطفى يركات، وإخراج محمد بسيوني، وبطولة نور الشريف، ويسرا، ومصطفى فهمي، وإيمان سركيس وهياتم.

زواج بالمصادفة

جرف تيار الفن نجمة الأناقة، وتلاحق ظهورها على شاشة السينما والتلفزيون، وتأجل تفكيرها في الزواج عاماً بعد آخر، وشعرت والدتها بالقلق، وألحت عليها بأن تسرع في البحث عن شريك العمر، قبل أن تصل إلى مرحلة العنوسة، وكانت رجاء على موعد مع مصادفة طريفة، حين التقت بحب حياتها ـ كما كانت دائما تصفه ـ الكابتن حسن مختار حارس مرمى المنتخب المصري لكرة القدم مطلع سبعينيات القرن الماضي، وكانت خالتها الفنانة تحية كاريوكا قد طلبت منها أن تؤدي الدور الذي تلعبه الفنانة نبيلة عبيد في عروض مسرحية «روبابكيا» في دولة السودان، بعد اعتذار نبيلة.

وانتهت قصة تعارف رجاء والكابتن حسن الطريفة بالزواج خلال أيامٍ قليلة من عودتهما إلى مصر على متن الطائرة ذاتها، ليصبح حارس مرمى قلبها، كما وصفته أكثر من مرّة... هي لم تكن تعرف شيئاً عن كرة القدم، وهو لا يملك أدنى فكرة عن طبيعة عملها كعارضة أزياء، لكنّ صوت العقل الذي طغى على رنين نبضات القلب وقتها، كان مقدمة لقصة حبٍ كبير امتد نحو 46 عاماً، فترة زواجهما التي اعتبرت من الأطول في الوسط الفني المصري، وأثمرت عن ابنتهما الوحيدة أميرة، وانتهت بوفاة حسن مختار في عام 2016، وظلت تعيش على ذكريات «حب عمرها».

ذكريات فيلم

وفي تجربة مهمة أضافت الكثير إلى رصيدها السينمائي، شاركت الفنانة رجاء الجداوي في فيلم «لا تبكي يا حبيب العمر» عام 1979، وحقق العمل نجاحاً جماهيرياً كبيراً في دور العرض، وكتب قصته وقام ببطولته النجم فريد شوقي، وأخرجه أحمد يحيى، وشارك فيه النجوم نور الشريف، وميرفت أمين، وعبدالوارث عسر، وأحمد الجزيري، ودارت أحداثه حول طبيب جراح شهير يواجه أصعب عملية جراحية في حياته، وحين يخفق في إجرائها، تنقلب حياته رأساً على عقب.

واعتادت الفنانة رانيا فريد شوقي، استعادة ذكريات وأهم أعمال والدها الفنان الراحل فريد شوقي، وذات مرة نشرت بعض الصور من هذا الفيلم، منها صورة تجمع بين «ملك الترسو» و«نجمة الأناقة» مصحوبة بتعليق جاء فيه: «الفيلم الذي أبكى الرئيس أنور السادات، بل كان باعة المناديل يقفون أمام السينما ليشتري الجمهور المناديل حتى يمسحوا دموعهم أثناء مشاهدة الفيلم بدلاً من التسالي المعتادة!».

شاروخان ينقذ رجاء من السقوط على المسرح

تعرضت الفنانة رجاء الجداوي لأزمات عديدة مرت بها في حياتها الخاصة، أو خلال مشوارها الفني، وكانت تعاني أزمة عدم الثقة في موهبتها، وأصابتها الرهبة عندما شاركت في مسلسل «العائلة» أمام الفنان الكبير محمود مرسي، واستشعرت أنه غير راضٍ عن وجودها في العمل، وشعرت بتوتر بالغ حين واجهته أمام الكاميرا، لكن بعد انتهاء أول مشهد بينهما، أثنى على أدائها، وقال لها مبتسماً: «أول مرة أحب بنت سمراء».

والموقف الثاني عندما أُصيبت رجاء الجداوي بورم في الغدة أثناء عرض مسرحية «الواد سيد الشغال»، ما تسبب في زيادة وزنها، فاعتزلت بسببه عملها كعارضة أزياء، لكنها لم تُحبَط واهتمت بالتمثيل، وأظهرت موهبتها في الأداء الكوميدي والتراجيدي، مما جعلها الممثلة الأكثر حضوراً في السينما والدراما التلفزيونية.

وكانت نجمة الأناقة تعتقد أنها ثقيلة الظل ولا تصلح للأدوار الكوميدية، ولكن النجم عادل إمام أقنعها بالتمثيل الكوميدي، وشاركته خلال مواسم عديدة في مسرحيتي «الواد سيد الشغال» و«الزعيم»، وبالفعل وقفت أمامه في المسرح وتخطت أزمتها، وكانت تعتبر أن ظهورها اليومي على خشبة المسرح أصعب اختبار للممثل ولا يحتمل الخطأ أو النسيان، مما أكسبها ثقة كبيرة في قدرتها على مواجهة الجمهور.

وواجهت الفنانة رجاء الجداوي موقفاً طريفاً أثناء تكريمها عام 2019، ضمن فعاليات موسم الترفيه بالعاصمة السعودية الرياض، وكان عليها الصعود إلى خشبة المسرح عبر درجات بلا جوانب، وكان هذا الأمر شديد الصعوبة بالنسبة إليها، وخشيت السقوط والتعرض للحرج. وحينما ذكروا اسمها، توجه إليها النجم العالمي شاروخان، وأخذ بيدها، وصعد بها، ومرت أزمتها بسلام.

 

الجريدة الكويتية في

21.04.2021

 
 
 
 
 

رجاء الجداوي... نجمة الأناقة في السينما المصرية (4- 5)

عارضة الأزياء تستعير ثوب زفافها من سهير البابلي

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      يوسف شاهين يمنحها فرصة الظهور في «حدوتة مصرية»

·      «المانيكان» ترفض عمليات التجميل بعد مشوارها الفني الطويل

·      دعوة على العشاء بمنزل فريد شوقي تنتهي في المسرح الكوميدي

·      «طنط ظاظا» تُضحك الجمهور في حضور «الواد سيد الشغال»

·      «الثعلب في الملعب» يخطف الممثلة الكبيرة من «مسرح الزعيم»

تتابعت رحلة الفنانة رجاء الجداوي في السينما والدراما التلفزيونية، واتخذت أصعب قرار في حياتها، باعتزال عروض الأزياء، وتفرغت للتمثيل، وقدّمت خلال فترة السبعينيات الكثير من الأدوار المتميزة، والتقت للمرة الأولى النجم عادل إمام على الشاشة الصغيرة، وقادتها المصادفة في كواليس مسرحية «روبابكيا» إلى الزواج من «حبيب عمرها»، وباتت على أعتاب مرحلة جديدة في مشوارها الفني. خشيت الأم على ابنتها من انشغالها بالتمثيل، وأن يفوتها قطار الزواج، وأخذت تبحث لها عن عريس، وطرق الكثيرون باب نجمة الأناقة، لكنها رفضت أن ترتبط بشكل تقليدي، حتى التقت حسن مختار (حارس مرمى المنتخب المصري)، ووجدت فيه مواصفات شريك العمر، ودام زواجهما نحو 46 عاماً، حتى وفاته في عام 2006.

عندما بلغت رجاء الجداوي السابعة والعشرين من عمرها، خشيت عليها والدتها من العنوسة، وألحت عليها كثيراً للزواج، وحينها سافرت إلى السودان بالمصادفة برفقة خالتها الفنانة تحية كاريوكا، لكي تشارك في مسرحية «روبابكيا» كبديلة للفنانة نبيلة عبيد التي اعتذرت عن عدم السفر مع الفرقة، وفي الفندق كان يوجد بعض لاعبي كرة القدم، وقام الفنانون بمصافحتهم، ما عدا واحد منهم كان يقرأ في كتاب، فسألت رجاء: «مين المثقف ده؟»، فقالوا لها إنه الكابتن حسن مختار.

وفي اليوم التالي كانت تضع ماكياج الشخصية، فوجدته أمامها، وقال لها مازحاً: «النهارده شكلك أفضل.. امبارح كنتِ عاملة زي البلياتشو» وعرَّفها بنفسه، وسألها عن طبيعة عملها، فقالت له: «أنا مانيكان»، وشرحت له معناها، وعرّفها بنفسه بأنه حارس مرمى، وطلب منها أن يحادثها في الهاتف فوافقت.

وسافرت رجاء إلى الخرطوم ولحق بها حارس المرمى إلى هناك، وفوجئت بحضوره ومعه صحافي من مجلة رياضية، وطلب منها الصحافي صورة مع خطيبها، فنفت علاقتها به، لكنه أكد للصحافي أنه سيكون خطيبها، وبعدها وجدته معها على الطائرة نفسها، وعرض عليها الزواج، فسألته عن راتبه، فقال إنه يتقاضى 55 جنيهاً في الشهر، إضافة إلى خمسة جنيهات أخرى مع كل صدة للكرة، فقالت مازحة: «يعني أنا اتجوزك وأقعد أقول يا رب يصدّ الكرة؟»، وأخبرته أنها أكبر منه، وأن راتبه لا يتناسب معها، وتريد أن ترتبط بشخص كبير في السن، إلا أن مختار أصر على الارتباط بها، وبعد هبوط الطائرة ذهبت رجاء للتسوق في السوق الحرة، لتشتري هدية لوالدتها عبارة عن طقم أطباق صيني، فوجدته هناك، وطلب منها استقباله في بيتها للقاء والدتها، وأبدت استغرابا من إصراره، وفوجئت في اليوم التالي، باتصاله بوالدتها، فرحبت بمجيئه، واكتشفت أن أمها تعرفه كلاعب كرة، وتزوجت رجاء من اللاعب المشهور في يوم 22 نوفمبر 1970، بعد ستة أيام فقط من الخطوبة، وأحبته بعد الزواج، وأنجبت منه ابنتهما الوحيدة «أميرة»، وأدركت وقتها أن والدتها كان لديها بصيرة بموافقتها على الزواج من النجم الرياضي حسن مختار.

وخلال فترة الخطوبة، حدثت بعض المواقف الطريفة مع زوجها، فحين ذهبا لشراء «خواتم» الزواج كتب الجواهرجي اسم خطيبها على الخاتم «حسن مختار»، وهو الخاتم الذي لم تخلعه من إصبعها، والموقف الثاني أنها في ليلة الزفاف لم ترتد فستان فرح، بل استعارت من صديقتها الفنانة سهير البابلي «بلوزة» برتقالية اللون ولم تردّها، واحتفظت بها للذكرى.

بريق عينيك

استطاعت الجداوي أن توفق بين الفن وكونها زوجة وأماً، بل تضاعف نشاطها بعد الزواج، وشاركت في العديد من الأفلام والأعمال الدرامية، ومنها فيلم «موعد على العشاء» عام 1981، للمخرج محمد خان، وجسدت شخصية «عنايات» أمام النجمة سعاد حسني، وأحمد زكي وحسين فهمي وزوزو ماضي، وفي العام التالي ظهرت كعارضة أزياء في «عصابة حمادة وتوتو» للمخرج محمد عبدالعزيز، وبطولة النجم عادل إمام ولبلبة وصلاح نظمي وسامي العدل، ودارت أحداثه في إطار كوميدي.

ولم ينته عام 1982 من دون أن تشارك في ثلاثة أفلام أخرى، ولعبت دور «ليلى» في فيلم «انهيار» للمخرج أحمد السبعاوي، وبطولة النجوم كمال الشناوي وحسين فهمي وسهير رمزي، وأسند لها المخرج محمد عبدالعزيز دور «راجية» في فيلم «بريق عينيك» مع النجم نور الشريف ومديحة كامل، كما وقع اختيار المخرج يوسف شاهين لنجمة الأناقة للعمل معه في فيلم «حدوتة مصرية»، وقد اعتبرت هذا الفيلم نقطة تحوُّل في مسيرتها الفنية، لأنها تعاونت مع مخرج عالمي وصاحب فلسفة خاصة.

مغامرة مسرحية

ومثلما دخلت مجال التمثيل مصادفة، دخلت الجداوي إلى عالم المسرح مصادفة أيضاً، عندما دُعيت لتناول العشاء في منزل «وحش الشاشة» فريد شوقي، وكان النجم عادل إمام من بين الحضور، وطلب منها أن تعمل معه في المسرح، ووقتها كان يجري بروفات مسرحية «الواد سيد الشغال»، وتخوفت نجمة الأناقة من المغامرة ومواجهة الجمهور في مسرحية كوميدية، إلا أنه أقنعها أنها خفيفة الظل ولديها حضور جيد، وفي ذلك الوقت أُصيبت بورم في الغدة الدرقية، وتسبب العلاج في زيادة وزنها، فانسحبت من عروض الأزياء، وتفرغت للمسرح، وقدّمت المسرحية الشهيرة على مدى ثماني سنوات، سافرت خلالها إلى مختلف دول العالم.

وبدأت نجمة الأناقة تعاونها الفني مع نجم الكوميديا عادل إمام، قبل نهاية سبعينيات القرن الماضي، وشاركته في عدد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية، ومنها فيلم «أزواج طائشون» للمخرج نيازي مصطفى، ومسلسل «أحلام الفتى الطائر» للكاتب وحيد حامد، والمخرج محمد فاضل، وتعتبر هذه التجربة الدرامية نقلة فنية كبيرة في مشوارها الفني، لا سيما أن المسلسل لاقى نجاحاً كبيراً في عام 1978، وما زال يحظى بنسبة مشاهدة عالية حين يُعرض في القنوات الفضائية.

واستمر عملها في المسرح مع الفنان الكبير عادل إمام مدة 17 عاماً، مما أكسبها خبرات تمثيلية فائقة، وقدرة على مواجهة الجمهور، بل إنها اكتشفت موهبتها الكوميدية، وأنها قادرة على الإضحاك بتلقائيتها وحضورها المميز، وأدركت أن الوقوف على خشبة المسرح بمنزلة «ترمومتر» لقياس درجة التفاعل بين الفنان والمُشاهِد، وكانت «وحياة طنط ظاظا» من العبارات الضاحكة التي رددتها أمام نجم الكوميديا خلال مسرحية «الواد سيد الشغال» بطولة عمر الحريري، ومصطفى متولي، ومشيرة إسماعيل، وبعدها شاركت في مسرحية «الزعيم» حتى مطلع الألفية الجديدة.

وأثناء مشاركتها في مسرحية «الزعيم» خاضت تجربة مسرحية أخرى هي «الثعلب في الملعب» عام 1994، إخراج عبدالغني زكي، وبطولة الفنان محمد رضا وأحمد آدم ومحمد الشرقاوي وعزة كمال، ودارت الأحداث في إطار كوميدي، وتعد من العروض المسرحية التي انتشرت في تلك الفترة، ويتم عرضها ليوم واحد أمام عدد محدود من الجمهور، ويجري تسجيل العرض لإذاعته من خلال الشاشة الصغيرة.

وتوقف نشاط رجاء المسرحي فور إسدال الستار على مسرحية «الزعيم»، على الرغم من شعورها بمتعة العمل على خشبة المسرح، وتجاوب الجمهور معها، إلا أنه استنزف كثيراً من وقتها وجهدها، وجعل كثيرا من المخرجين والمنتجين يتجنبون التعاون معها، ولذا فضّلت التركيز أكثر على السينما والدراما التلفزيونية.

وكانت نجمة الأناقة تحرص على توثيق أغلب الذكريات بصور من مشوارها الفني، وتعتز بصورها مع الفنان عادل إمام بخاصة من مسرحية «الواد سيد الشغال»، وتحب أن تجلس مع حفيدتها «روضة» وتتصفح معها ألبوم ذكرياتها، وتستمع لآرائها في أعمالها الفنية.

فن الإتيكيت

ارتبطت رجاء الجداوى بعالم الجمال والأناقة والجمال، واحتفظت بلقب «نجمة الأناقة»، على الرغم من اعتزالها عروض الأزياء، وبجانب عملها كفنانة وممثلة قديرة أثرت الفن بالعديد من أعمالها الهادفة طوال مشوار حياتها، إلى جانب أن هناك العديد من البرامج التي قدمتها للفتيات والسيدات عن فن التعامل الراقي والإتيكيت من خلال الشاشة الصغيرة.

واكتسبت الفنانة الراحلة فن التعامل والإتيكيت منذ طفولتها، فكانت دراستها في مدرسة داخلية، وكانت تهتم فيها بدروس اختيار الملابس، والمشي بخطى ثابتة، وآداب الطعام، كما علّمتها خالتها الفنانة الراحلة تحية كاريوكا فنون التعامل مع الآخرين، وشاركت في صباها بعروض أزياء لأشهر دور الأزياء الفرنسية، فاكتسبت خبرات كثيرة في فنون الإتيكيت وآداب الحديث والمشي.

ورأت نجمة الأناقة أن الجمال والتعامل مع الآخرين لا يحتاج إلى دورس وخبراء، ولكن يحتاج إلى احترام الآخرين، ويمكن لأي فتاة وسيدة أن تكون أنيقة، إذا كان هناك احترام في التعامل، وكانت تردد دائماً أن «الجمال ليس بارتفاع التكاليف، لكنه يمكن أن يكون بأدناها، ويجب على الفتاة الاختيار السليم للملابس التي تعالج عيوب كل مرحلة حياتية، وارتداء الملابس النظيفة والمهندمة ذات الألوان المتناسقة التي تجذب نظرات من حولها باحترام”.

كانت الجداوي من الفنانات القليلات اللواتي يبحثن عن الجمال الداخلي، وصفاء الروح، وتدريب النفس على البعد عن الأحقاد وتجنب الصراعات، وعدم التدخل في حياة الآخرين، والتركيز في العمل وتحقيق النجاح، ولم تخشَ من تقدّم السن وظهور التجاعيد، ولذا رفضت إجراء عمليات التجميل، وأدركت أن كل تجعيدة علامة في مشوار حياتها، ولا تدعو للخجل منها، وأن الجراحة التجميلية إذا أصلحت بعض خطوط الوجه، لن تنجح في إصلاح القلب الذي يعيش في شيخوخة.

كاريوكا تعترف بموهبة رجاء قبل رحيلها بعامين

ظلت العلاقة متوترة بين رجاء الجداوي وخالتها الفنانة تحية كاريوكا، حين انتقلت للعيش مع والدتها بسبب ظروفها، وهنا كانت القطيعة التي استمرت نحو عامين، واتهمتها تحية بالجحود، لكن حينما مرضت «كاريوكا» ودخلت أحد المستشفيات، ذهبت رجاء ووالدتها إليها وجرى التصالح.

وكانت كاريوكا تعارض دخول ابنة شقيقتها مجال الفن، ولم تُبدِ طوال حياتها رأيها في رجاء كممثلة إلا قبل وفاتها بعامين (1999)، وحينها قالت لها: «أنتِ ممثلة كويّسة (جيدة)، لكن في بدايتك كنتِ بتخرّجي الجُملة بشكل غريب»، وطلبت منها، حينما تقف أمام الكاميرا أن تتعلم وتسمع الجُمل الحوارية وتشعر بها ثم تُخرجها من لسانها.

وجاء اعتراف كاريوكا بموهبة ابنة شقيقتها، بعد نحو 38 عاماً من دخول رجاء إلى عالم الفن بالمصادفة، حين ذهبت ذات يوم إلى منطقة وسط القاهرة لشراء هدية لوالدتها بمناسبة عيد الأم، وكان عمرها 15 عاماً، فتقابلت مع أحد الأشخاص الذي اقترب منها، وقال لها إنه يريدها في فيلم، لأنه يرى أن الكاميرا تحبها، فرفضت متعللة بأنها لا تحب التمثيل ولا تجيده، وإذا كانت تريد أن تدخل الوسط، فخالتها هي الفنانة تحية كاريوكا، وتستطيع أن تفعل ذلك، لكنه أصرّ على إعطائها رقم هاتفه، موضحاً لها رغبته في أن تحضر إلى مكتب المنتج رمسيس نجيب.

وأخبرت رجاء والدتها بما حدث، فرفضت الأم تماماً دخول ابنتها مجال التمثيل، على الرغم من سوء ظروفهم المادية وقتها، ولكن بعد إلحاح من رجاء على الذهاب من أجل المال للمساعدة في أحوالهم الصعبة، وافقت الأم.

وبالفعل، ذهبت رجاء إلى المنتج وتعاقدت بمبلغ خمسين جنيهاً مصرياً، ومن هنا كانت انطلاقتها الفنية، حيث شاهدها في أثناء تصويرها الفيلم المنتج سعيد صادق، ورشحها للعمل في فيلم «غريبة» مع الفنانة نجاة الصغيرة مقابل 100 جنيه، وبعدها شاركت في فيلم «دعاء الكروان» مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة وأحمد مظهر وزهرة العلا والمخرج بركات، وجسدت من خلاله شخصية «خديجة» الفتاة الأرستقراطية ابنة المأمور.

 

الجريدة الكويتية في

22.04.2021

 
 
 
 
 

رجاء الجداوي... نجمة الأناقة في السينما المصرية (5 - 5)

فيروس كورونا يطفئ بريق النجمة الكبيرة في مستشفى العزل

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      نجمة الموضة تكشف سر إطلالتها الساحرة بعد أن تخطت الثمانين

·      369 عملاً للفنانة المحبوبة في «قاعدة بيانات السينما المصرية»

نالت الفنانة رجاء الجداوي تأشيرة دخول إلى المسرح في منتصف الثمانينيات، وأعاد النجم عادل إمام اكتشاف موهبتها في التمثيل الكوميدي، وتابعت مشوارها في السينما والدراما التلفزيونية، وقدّمت الكثير من الأدوار الناجحة، واقترب ألبوم الذكريات من صفحته الأخيرة، لنجمة استثنائية بلا بطولات مطلقة، طرقت باب العالمية، وحصدت الجوائز والتكريمات وحب الجمهور خلال رحلة تجاوزت ستين عاماً. تصدّرت أعمال نجمة الأناقة قائمة «إحصاءات السينما المصرية»، برصيد 369 عملاً، بين السينما والمسرح والتلفزيون، وهو رقم ضخم جداً، حتى بالقياس إلى مسيرة امتدت أكثر من نصف قرن، ومن اللافت أنه من بين تلك الأعمال لا توجد لها سوى أدوار قليلة مميزة، ولكنها حققت نجومية كبيرة، وظلت إطلالتها الأنيقة تلازمها في مرحلة الشباب والنضج، وتألقت مع أجيال من النجوم، وكانت دائماً «صديقة» للفن المصري ومُصاحبة لمراحله المختلفة طوال عقود، فإذا لم يكن هذا بسبب موهبة تمثيل كبرى، فلماذا بَقيت رجاء الجداوي؟

اقتصر حضور الفنانة رجاء الجداوي وقتاً طويلاً على أنها «الفتاة الجميلة» أمام سيدة الشاشة فاتن حمامة في «دعاء الكروان» عام 1959 للمخرج هنري بركات، أو صديقة للسندريلا سعاد حسني في «إشاعة حب» عام 1960، والنجمة شادية في «كرامة زوجتي» عام 1967، للمخرج فطين عبدالوهاب، وغيرها من الأفلام التي كان حضورها فيها مبهجاً. وتركت الممثلة الشابة في ذلك الوقت انطباعاً جيداً لدى المشاهد، باعتبارها تتميز بتلقائية الأداء من دون تكلف أو مبالغة، وفي مرحلة الشباب أيضاً خلال السبعينيات والثمانينيات، لعبت دور «صديقة للبطلة» مع النجمة نادية لطفي في «على ورق سيلوفان» عام 1975، قصة الدكتور يوسف إدريس وإخراج حسين كمال، ومع السندريلا مرة أخرى في «موعد على العشاء» عام 1981 للمخرج محمد خان.

ومع نهاية الثمانينيات، كانت الجداوي تجاوزت الخمسين من عمرها، ودخلت في مرحلة جديدة، ميّزها شيئان، الأول هو صداقتها والكيمياء الفنية بينها وبين الممثل الكبير عادل إمام، وهو ما جعلها شريكته في العديد من الأعمال طوال 30 عاماً، سواء في المسرح «الواد سيد الشغال» 1986 و«الزعيم» 1993، أو في السينما مثل «حنفي الأبهة» 1991، و«التجربة الدنماركية» و«بوبوس» 2009، أو بالتلفزيون مثل «أحلام الفتى الطائر» 1978، و«عوالم خفية» 2018، وغيرها من الأعمال التي اعتبرتها علامات مهمة في مشوارها الفني.

وكان للمسرح حب كبير في قلبها، واكتشف موهبتها المسرحية النجم عادل إمام، وكانت أول مسرحية لها هي «الواد سيد الشغال» عام 1986، وكــــــانت رجـــاء ترفض العمل في المسرح، لأنها لا تعرف كيف تُضحك الجمهور، فأقنعها الزعيم بخفة ظلّها، فوافقت وكانت المسرحية سبباً في شهرتها على النطاق العربي، لأنها عُرضت على مدار ثماني سنوات في العديد من الدول العربية، وبعدها قدمت مع عادل أيضاً مسرحية «الزعيم» التي عُرضت على مدار تسع سنوات، ثم قدمت بعض التجارب في المسرح الخاص، منها «الثعلب في الملعب» مع الفنان محمد رضا.

وعلى الشاشة الفضية، قدمت رجاء عدداً كبيراً من المسلسلات، مثل «يوميات زوجة مفروسة» و«شربات لوز» و«أزمة سكر» و«للعدالة وجوه كثيرة» و«جراند أوتيل» و«حلاوة الدنيا»، وكان آخر مسلسل لها هو «لعبة النسيان».

الأيام العصيبة

ظلت الجداوي في ذروة تألقها الفني، حتى أصيبت على نحو مفاجئ بفيروس «كورونا» أثناء تصوير الحلقات الأخيرة من مسلسل «لعبة النسيان» ونقلت في 24 مايو 2020 إلى أحد مستشفيات العزل في مسقط رأسها بمدينة الإسماعيلية، وفقاً لتوصية من وزيرة الصحة المصرية الدكتورة هالة زايد. وقيل إنها التقطت العدوى أثناء تقديمها واجب العزاء في وفاة رجل الأعمال السعودي صالح كامل خلال شهر رمضان الماضي.

وسرى الخبر المحزن عبر وسائل الإعلام والإنترنت، وأحدث صدمة بالغة لجمهورها في مصر والعالم العربي، في حين بقيت الفنانة المحبوبة تحت العلاج في المستشفى 43 يوماً، وخلال الأيام الأخيرة، تدهورت حالتها الصحية بشكل حرج إلى أن توفيت صباح الأحد 5 يوليو 2020 عن عمر ناهز 86 عاماً. وفي بيان لها وصفت وزارة الثقافة المصرية الجداوي بأنها «إحدى نجمات الزمن الجميل ونموذج للفن الجاد ونجحت بحسها الراقي في خلق شكل مميز للأدوار التي لعبتها طوال تاريخها الفني الممتد».

أدركت الجداوي محطتها الأخيرة، وتركت فراغاً هائلاً في الساحة الفنية، ولكن حضورها يتجدد في قلوب محبيها في أرجاء العالم العربي، بما قدمته من خلال الفن عبر أكثر من نصف قرن، وتعد الممثلة الأكثر ظهوراً في السينما المصرية، وشاركت في أفلام مهمة مع أجيال من الفنانين، ولكن النسبة الأكبر من مسيرتها الفنية كانت مع الدراما التلفزيونية، ووصلت أحياناً إلى ثمانية مسلسلات في عامٍ واحد. كما شاركت في خمسة مسلسلات في عام 2018، وهي في الثمانين من عمرها، وكانت تبرر دوماً كثافة حضورها بأنها «تحب التمثيل والكاميرا» ولذلك أحبها الجمهور، وصارت نجمة استثنائية وظاهرة في عالم التمثيل غير قابلة للتكرار.

فان دام يرثي النجمة المصرية على صفحات «نيويورك تايمز»

أفردت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية تقريراً كبيراً تحدّثت فيه عن الفنانة رجاء الجداوي بعد رحيلها بأيام قليلة، وذكرت أن الراحلة لم تؤدِّ أدوار البطولة المطلقة، لكنها كانت محبوبة بشدة من الجمهور، وكانت تحافظ على جمالها وأناقتها حتى أصبحت أيقونة للجمال والرقي.

وألقت الصحيفة الضوء على مسيرة الفنانة المصرية التي امتدت ستة عقود متتالية، لافتة إلى أنها تتمتع بحب الجمهور في مصر، وأوضحت أنّ مسيرتها بدأت في العصر الذهبي للسينما المصرية، وتنوّعت أدوارها ما بين العمل في السينما والتلفزيون والمسرح، ووصل عدد أعمالها إلى أكثر من 300 عمل، مؤكدة أن أداء الفنانة الراحلة كان يتميز بالتلقائية والكوميديا.

وأشارت الصحيفة أيضاً إلى رثاء نجم أفلام الحركة في هوليوود «فان دام» الفنانة الراحلة، وأنه حَزِن جداً لوفاتها ونعاها برسالة مؤثرة، حيث أكد النجم العالمي أنها كانت فنانة تتمتع بالبهجة وحب الحياة، وأنه تأثر برحيلها لدرجة أنه لا يصدق أنها رحلت، واصفاً الأمر بأنه صدمة بالنسبة إليه.

ميرفت ودلال تحتفلان مع رجاء بعيد ميلادها الأخير

احتفلت رجاء الجداوي بآخر عيد ميلاد لها في سبتمبر 2019، بصحبة صديقتيها ميرفت أمين ودلال عبدالعزيز وعدد آخر من الصديقات المقربات لها، وتعد النجمتان من أشهر صديقاتها في الوسط الفني إلى جانب يسرا، وتربطهن علاقة قوية منذ سنوات طويلة، وكن دائمات اللقاءات والمقابلات معاً، كما أنهن لا يتأخرن عن الحضور في المناسبات الاجتماعية، سواء لزملائهن في الوسط الفني، أو لأشخاص آخرين، وبمرور الوقت تحولت صداقتهن إلى ترابط أسري وثيق.

بدأت صداقة رجاء بميرفت أمين منذ سنوات وتحديداً عندما تعاونا معاً في فيلم «أصعب جواز» عام 1970، بينما تعرفت الجداوي إلى دلال عبدالعزيز في مسلسل «شقة بدون سقف»، حيث كانت رجاء تُحضِر طعمية وفلفل وباذنجان وتأكل مع العمّال، واندهشت دلال من هذا التصرف، وبعدها توطدت صداقتهما حتى رحلت رجاء عن عالمنا في 5 يوليو العام الماضي.

أميرة تكشف أسراراً لا يعرفها أحد عن «مهر» والدتها

استعادت أميرة حسن مختار، ابنة الفنانة الراحلة رجاء الجداوي، ذكريات الاحتفال الأخير بعيد ميلادها، ونشرت عبر حساب والدتها الراحلة على تطبيق «إنستغرام» مقطع فيديو للاحتفال الذي أقيم داخل منزلها، واتضح في الفيديو صوت الإعلامية بوسي شلبي، وهي تهنئ صديقتها رجاء بعيد ميلادها، وتتمنى لها الصحة والعافية، كما ظهرت الفنانة الراحلة وهي تتحدث متمنية للجميع الصحة والعافية.

ولا تزال أميرة تنشر صوراً من ذكريات أمها لتحافظ على تواصلها مع جمهور والدتها، وكشفت سرا عن والدتها، حيث نشرت صورة لمهرها الذي طلبته أسرتها عند زواجها من حسن مختار، في 22 نوفمبر 1970، والذي كان يبلغ 25 قرشاً مصرياً (مبلغاً زهيداً جداً)، وعلقت أميرة على الصورة قائلة: «مهر ماما.. أحلى قصص الحب».

تفاصيل الأيام الأخيرة في حياتها

مرت الجداوي بأصعب اللحظات، حين دخلت مستشفى العزل، بعد إصابتها بفيروس كورونا، وأجريت لها ثلاث مسحات «pcr»، كانت الأولى بعد دخولها بثلاثة أيام، وظهرت نتيجتها إيجابية، والثانية عقب حقنها بمصل البلازما بيومين، وظهرت أيضاً نتيجتها إيجابية، والمسحة الثالثة تمت قبل رحيلها بأيام، وكانت نتيجتها إيجابية.

وخلال فترة إقامتها بالمستشفى، توطدت علاقتها بالأطباء وطاقم التمريض، وأشرف على علاجها الطبيب المصري محمد خالد، وكانت تعتبره مثل ابنها، وتناديه باسمه من دون ألقاب، وبعد فترة طويلة من متابعته حالتها الصحية، حكت له بكل ود وألفة عن حياتها وأقرب الناس لقلبها، وعن مولدها بمحافظة الإسماعيلية، وكيف جاءت للعلاج بها بعد إصابتها بـ «كورونا»، وأن القدر شاء أن تعود مرة أخرى إلى المدينة التي ولدت فيها.

وكانت الفنانة الراحلة دائمة التفاؤل، قليلة الطلبات، وملتزمة للغاية ببروتوكول العلاج، وبجميع تعليمات الطاقم الطبي، وتتعاون مع الجميع، وكانت ودودة، وتتمتع بالرقي في تعاملها، ولديها قوة تحمل كبيرة، وبمثابة الأم والأخت والصديقة للجميع بالمستشفى، وبادلها الجميع الحب والتقدير، واعتادوا وجودها بينهم، لذا جاء مشهد وفاتها مؤثراً وصادما للجميع.

كانت الجداوي حريصة على ترديد عبارات «يا رب.. راضية بقضاء الله»، وكانت دائمة التسبيح والاستغفار طوال وجودها بالمستشفى، وكانت دائما تقرأ القرآن، وشاشة التلفزيون الموجودة داخل العناية المركزة تذيع القرآن طوال اليوم، وظلت الجداوي حتى آخر لحظات حياتها توزع طاقة حبها للناس، محتفظة بإنسانيتها وإحساسها بالآخرين والقيام بواجبها تجاه أحبائها رغم مرضها وشدتها.

ومن المواقف المؤثرة للفنانة الراحلة، أن طبيبها محمد خالد، تأكدت إصابته بفيروس كورونا، بعد استمراره بالعمل أكثر من 100 يوم متصلة داخل مستشفيات العزل الصحي في الإسماعيلية، وتم احتجازه بنفس المستشفى، وكانت الفنانة لا تزال بالعناية المركزة، وحين علمت بإصابته من ابنتها أميرة، كانت دائمة السؤال عنه للاطمئنان عليه».

 

الجريدة الكويتية في

23.04.2021

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004