ملفات خاصة

 

لاحق

>>

04

03

02

01

<<

صفحات

 
دراما رمضان التلفزيونية لعام 2021

12th APR - 12th MAY 2021

 

سيّر ومذكرات

 
   

عبدالمنعم مدبولي:

ناظر مدرسة الكوميديا

بقلم: أحمد الجمّال

على صفحات جريدة الجريدة الكويتية
 
 
 
 
 
 
 
 

عبدالمنعم مدبولي... ناظر مدرسة الكوميديا (1 - 5)

الطفل اليتيم يكتشف موهبته في مسرح المدرسة

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      جورج أبيض يتنبأ للممثل الشاب بمستقبل كبير بعد أن بلع شاربه

·      عاشق التمثيل يطرق أبواب الإذاعة المصرية في زمن «الراديو»

·      النجم الكوميدي يصدم جمهوره بدوره في فيلم «المرأة والساطور»

·      «الحفيد» يضع الفنان الضاحك في مباراة تمثيلية مع عماد حمدي

انطلقت شهرة الفنان عبدالمنعم مدبولي، في زمن الراديو، وعرفه مستمعو الإذاعة المصرية منذ عام 1953 من خلال البرنامج الفكاهي «ساعة لقلبك»، وصار حالة فنية متفردة، وتاريخا طويلا من العطاء سواء في المسرح أو السينما أو الدراما التلفزيونية، وتنوَّع إبداعه بين التمثيل والتأليف والإخراج المسرحي، وعلى مدى نصف قرن تربع على عرش الكوميديا، حتى رحيله في التاسع من يوليو 2006 عن عمر تجاوز 85 عاماً.

ترك الفنان الراحل رصيداً كبيراً من الأعمال الفنية، وقدّم نحو 60 فيلماً و120 مسرحية و30 مسلسلاً درامياً، وشكَّل حضوره نقلة نوعية في الأداء الكوميدي والتراجيدي، وظل قادراً على إضحاك الجمهور، على الرغم من ظهور أجيال من الفنانين الشباب، بل إنه اكتشف موهبة الكثيرين منهم، ومنحهم أول فرصة على طريق الاحتراف، وبعضهم أدرك قمة النجومية، مثل عادل إمام وشويكار وسعيد صالح ومحمد صبحي ويونس شلبي وغيرهم.

امتلك مدبولي حضوراً طاغياً كممثل كوميدي وتراجيدي، ومثلما أضحك جمهوره على الشاشة وخشبة المسرح، استطاع أن يؤثر في وجدانهم بأدواره التراجيدية، وأحياناً كان يمزج بين قناعي الدراما في عمل واحد، من دون الانزلاق إلى التقمص الميلودرامي والمبالغة في الأداء، وإزاء هذا السهل الممتنع، أصبح أحد عظماء فن التمثيل في العالم العربي.

وسار مدبولي في طريق الفنانين الكبار، ولم يهتم بترتيب اسمه على «أفيشات» الأفلام والمسرحيات و«تترات» الأعمال الدرامية، بل شارك بأدوار قصيرة في بعض الأعمال، ومنها دوره في مسرحية «الزوج العاشر» (1964)، إخراج السيد بدير، وبطولة أبوبكر عزت وعقيلة راتب ونجوى فؤاد، وبمجرد ظهوره كان الجمهور يتفاعل معه، ويدوي الضحك والتصفيق في أرجاء قاعة المسرح.

وهذا المزيج بين الاحترافية والموهبة المتفردة، جعله يغامر بنجوميته كممثل كوميدي، ويقدِّم دوراً صادماً لجمهوره في فيلم «المرأة والساطور» (1996)، إخراج سعيد مرزوق وبطولة نبيلة عبيد وأبوبكر عزت، وللمرة الأولى يتقمص مدبولي دور الشرير، ولكن بأداء هادئ من دون مبالغة، ويعطي درساً في التقمص لتلك النوعية من الأدوار، يضعه في مصاف نجومها الكبار أمثال زكي رستم ومحمود المليجي وصلاح منصور وعادل أدهم وغيرهم.

وحاول البعض أن يربط بين مدبولي والفنان علي الكسار، لتقارب الشبه بينهما، ولكن أسلوبهما في الأداء كان مختلفاً ولا يعقد أية صلة بين فنانين من جيلين مختلفين، فالكسار ظل المنافس التقليدي للفنان نجيب الريحاني، سواء في المسرح أو سينما الثلاثينيات والأربعينيات، بينما مدبولي شق طريقه منفرداً ببصمته الخاصة، من دون أن تطاوله أصداء من هذين النجمين الكبيرين، وبظهوره مع الفنان فؤاد المهندس، كونا ثنائياً فنياً رائعاً، وأسهما بموهبتهما الكبيرة في إثراء الكوميديا منذ عقد الستينيات وحتى رحيلهما.

بابا عبده

تعددت أقنعة مدبولي خلال مشواره الفني، وكان بالنسبة إلى أجيال كثيرة الأب الحنون طيب القلب، وقد أطلقوا عليه «بابا عبده» بعد نجاحه الكبير في مسلسل «أبنائي الأعزاء شكراً» عام 1979، تأليف عصام الجمبلاطي وإخراج محمد فاضل، وشاركه البطولة مجموعة من النجوم الصاعدين آنذاك، هم يحيى الفخراني وصلاح السعدني وفاروق الفيشاوي وآثار الحكيم وفردوس عبدالحميد ومحمود الجندي، وكذلك الفنانون الكبار عبدالوارث عسر وحسن عابدين ورشوان توفيق وصبري عبدالعزيز، وفي هذا المسلسل لا ينسى أحد أغنيته الشهيرة «الشاطر عمرو» التي غناها مع الطفل وليد يحيى، باعتبارها واحدة من أبرز أغاني الصغار.

ودارت أحداث هذا المسلسل حول «بابا عبده»، الموظف الذي تجاوز الستين، ويتعرض لمواقف متباينة وردود فعل أبنائه الذين رباهم بجهده، وهم طبيب ومهندس وصحافي وابنة تكمل تعليمها، ليكتشف الأب حقائق مختلفة، ويجد أنه يحتاج للتعرف إليهم من جديد، ويكتشف الأبناء أنهم ابتعدوا عن أبيهم كثيراً وأنهم بحاجة إليه دائماً كما يحتاج هو إليهم.

وجسَّد مدبولي شخصية الأب بكل نوعياتها، فهو الأب والزوج المكافح الذي يعمل كثيراً حتى يعلّم ويزوج أبناءه في فيلم «الحفيد» (1974)، وشارك في بطولته كريمة مختار وميرفت أمين ونور الشريف ومحمود عبدالعزيز، وهذا الشريط السينمائي يمثل الجزء الثاني من فيلم «أم العروسة» (1963)، بطولة تحية كاريوكا وعماد حمدي وحسن يوسف وسميرة أحمد، والفيلمان من إخراج عاطف سالم عن قصة للأديب عبدالحميد جودة السحار.

وحقّق «الحفيد» نجاحاً مماثلاً لفيلم «أم العروسة»، واستطاع مدبولي أن يجسِّد شخصية الأب بأداء مختلف عن الفنان عماد حمدي، وأضفى على الشخصية طابعاً كوميدياً، ويعد من أهم أدواره على الشاشة، كممثل يجمع بين الكوميديا والتراجيديا، ويغيُّر المفهوم السائد عن تصنيف الفنان، وحصره في مجال درامي واحد، وعدم اكتشاف مواهبه في جانب آخر.

وفي هذا السياق، انضم مدبولي إلى ممثلين قلائل، تمردوا على حصارهم في نطاق الكوميديا أو التراجيديا، ومنهم الفنان الكوميدي نجيب الريحاني، ودوره «التراجيكوميدي» في فيلم «غزل البنات» (1949)، وأيضاً عميد المسرح العربي يوسف وهبي، بعد أن خلع قناع التراجيديا، وأثبت أنه فنان كوميدي من طراز نادر، حين أقنعه المخرج فطين عبدالوهاب، بالمشاركة في فيلم «إشاعة حب» (1961) مع عمر الشريف وسعاد حسني وهند رستم وعبدالمنعم إبراهيم ورجاء الجداوي.

الطفل اليتيم

تداخلت أقنعة الدراما في حكاية عبدالمنعم مدبولي، وبدأت بصرخته الأولى في يوم 28 ديسمبر 1921 في حي باب الشعرية بالقاهرة، ليولد أصغر إخوته يتيماً، فقد توفي والده وهو يبلغ من العمر 6 أشهر، وكانت والدته شابة ولديها ثلاثة أطفال، وأكبر أبنائها يبلغ من العمر ست سنوات، وكان «آخر العنقود» طفلاً ضعيفاً يعاني حساسية الصدر، ويمرض كثيراً، فحظي باهتمام كبير من والدته ورعاية خاصة، وكانت تحيطه بحنانها كثيراً.

وظلت أصداء الطفولة عالقة في ذاكرته، وترك فقدانه لوالده وهو رضيع، أثراً نفسياً طوال حياته، ولذلك كان أباً حنوناً لدرجة كبيرة، ويحتوي أولاده بشكل كبير ويتأثر كثيراً عندما يرى أي طفل يتيم يقابله ويحتضنه، وأحياناً يبكي، وزاد هذا الشعور بشكل كبير عندما كبر في السن.

كانت والدة مدبولي، أماً وأباً في الوقت نفسه، وحازمة في التعامل معه وأشقائه، وكرّست حياتها لتربيتهم بعد وفاة والدهم، وعلى الرغم من أنها كانت على قدر بسيط من التعليم، فإنها كانت مهتمة بتعليم أبنائها على مستوى عالٍ، وكانت حريصة على أن تحضر لأصغر أبنائها معلمين في البيت، وتسمِّع له الدروس رغم أنها لم تكن تفهم ما تقوم بتسميعه، ولكنها أرادت أن تطمئن على أنه يذاكر دروسه جيداً، وكانت تمسك له العصا أثناء التسميع، حتى يحرص على أن يذاكر جيداً.

وفي ذلك الوقت كان عبدالمنعم طفلاً خجولاً، يميل إلى الانطواء، حتى ظهرت اهتماماته الفنية في سن مبكرة، منذ أن كان طالباً في المرحلة الابتدائية، وفجأة تفجرت مواهبه، وتحوَّل إلى نجم بين أقرانه، وكانوا يستعينون به في مسرح المدرسة، ليؤلف ويخرج ويمثِّل، وأصبح المسؤول عن الفريق الفني بالمدرسة، ومرت فترة مراهقته هادئة جداً بعيدة عن أية مشكلات.

كما كان مدبولي يحب الرسم ويتابع المسارح المتجوِّلة، ويشاهد الأعمال التي تقدم عليها من دون مقابل، وهو ما نمّى موهبته في التمثيل، وكان يستمتع بهذه المسرحيات، وتعلّم منها الكثير، وبخلاف عبدالمنعم مدبولي، كانت تلك الفرق حافزاً لكثير من أبناء جيل الثلاثينات، لدخول عالم الفن، ومنهم فريد شوقي ومحمود المليجي وإسماعيل ياسين وغيرهم.

مدرس النحت

عندما بلغ عبدالمنعم مدبولي 17 عاماً، قادته قدماه إلى مسرح جورج أبيض، واجتاز الباب باحثاً عن أول فرصة للوقوف على خشبة المسرح، وحينها كانت لتلك الفرقة شهرة كبيرة، وتعرض المسرحيات التراجيدية، وتَحقّق حلمُ الفتى الصغير، وأسند إليه دور رجل مُسِن، وفي إحدى ليالي العرض، تعرَّض لموقف محرج، حين بلع جزءاً من شاربه، لكنه تدارك الأمر، ووضع منديلاً على فمه، حتى لا يلاحظ الجمهور أي شيء غريب، وأكمل أداء دوره، ووقتها تنبأ له جورج أبيض بأنه سيكون ممثلاً كبيراً.

وفي ذلك الوقت تخرج في كلية الفنون التطبيقية، وعمل بها مدرساً في قسم النحت حتى منتصف السبعينيات من القرن الماضي في أوج شهرته ومجده، واكتشف آنذاك الكثير من الموهوبين في التمثيل من طلاب الكلية، ومنهم الفنان نبيل الهجرسي. والتحق مدبولى بالمعهد العالي لفن التمثيل العربي ليتخرج فيه عام 1949 بتقدير جيد، في ثاني دفعة تخرجت في المعهد، ومن بين زملائه عبدالمنعم إبراهيم وعدلي كاسب وأحمد الجزيري ومحمود عزمي وإبراهيم سكر ومحمد الطوخي، وأصبح هو وكل دفعته من ألمع نجوم الفن بعد ذلك.

الخروج عن النص من أجل المهندس وشويكار

شكّل النجمان عبدالمنعم مدبولي وفؤاد المهندس، ثنائياً فريداً، وتوطدت صداقتهما لأكثر من خمسين عاماً، وعملا معاً في الإذاعة المصرية أواخر حقبة الأربعينيات، وشاركا في برنامج الأطفال الشهير «بابا شارو» للإعلامي محمد محمود شعبان، وفي عام 1953 التحقا بالبرنامج الفكاهي «ساعة لقلبك»، وكان محطة فارقة في حياتهما الفنية، وانطلقا بعدها إلى عالم الأضواء والشهرة.

وجمعت «الثنائي» الصداقة وأعمال فنية كثيرة، وعملا معاً في المسرح الحر والمسرح الحديث وبعدها أخرج عبدالمنعم مدبولي العديد من المسرحيات لفؤاد المهندس، منها مسرحية «أنا وهو وهي» عام 1963، وفي أثناء عرض المسرحية شعر مدبولي بأن هناك قصة حب تجمع بين المهندس وشويكار، وقام بالإعداد لمشهد يجمع بينهما ويعترف فيه فؤاد بحبه لها، وكان هذا المشهد بمثابة تشجيع له بأن يخرج عن النص ويفاجئ شويكار بما يحمله لها من حب حقيقي في قلبه، ويطلب منها الزواج قائلاً: «تتجوزيني يا بسكوتة؟».

وكان مدبولي يعتبر فؤاد المهندس من أغلى الأصدقاء، وقدما الكثير من الأعمال الناجحة في المسرح والسينما منها «حالة حب» و«حواء الساعة 12» و«أنا وهو وهي» و«السكرتير الفني» و«أخطر رجل في العالم» و«الوصية» وظل تعاونهما الفني ممتداً لسنوات طويلة، وقد رحل فؤاد المهندس في 16 سبتمبر 2006 عن عمر يناهز 82 عاماً، بعد رحيل رفيق عمره عبدالمنعم مدبولي بشهر واحد فقط!

«المنولوجست» يتابع يوسف وهبي على مسرح رمسيس

بدأ عبدالمنعم مدبولي رحلته مع الفن، منذ كان في الصف الثاني الابتدائي، وقدَّم بعض العروض الفنية والمونولوجات أمام زملائه ومدرسيه، منها مونولوج من تأليفه يقول فيه: «أنا شنجر دنجر دنجورة... عثمان بقى ملك الطمبورة».

وفي منتصف الثلاثينيات، دفعه عشقه الشديد للمسرح، إلى الذهاب كل يوم خميس ليشاهد مسرحيات الفنان يوسف وهبي في مسرح رمسيس بوسط القاهرة، حتى أنه شاهد معظم أعمال عميد المسرح، وأيضاً كان شديد الإعجاب بأداء حسين رياض وزكي رستم وعباس فارس ونجيب الريحاني.

وكان الشاب الصغير مدفوعاً بقوة إلى عالم الفن، واتجه في دراسته إلى كلية الفنون التطبيقية، ليشبع موهبته في مجال الفن التشكيلي، وبعد تخرجه عمل بالتدريس في الكلية، وظل بها حتى سن التقاعد، واستفاد من عمله الأكاديمي كمخرج مسرحي، وتمكن من توظيف هذه الفنون على المسرح في الديكور وتنسيق المناظر واختيار الأكسسوارات وغيرها من جماليات العرض المسرحي.

 

الجريدة الكويتية في

13.04.2021

 
 
 
 
 

عبدالمنعم مدبولي... ناظر مدرسة الكوميديا (2 - 5)

أول فنان عربي تكتب عنه دائرة المعارف النمساوية

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      «أيامي السعيدة» أول ظهور سينمائي لنجم كوميدي وراء الميكروفون

·      بطل «ساعة لقلبك» يتحول إلى مؤلف وممثل في فيلم «حيجننوني»

·      «أنا وهو وهي» نسخة سينمائية بتوقيع مخرج المسرحية الشهيرة

تتابعت رحلة الفنان عبدالمنعم مدبولي، واكتشف الطفل اليتيم مواهبه في المدرسة الابتدائية، وتعدّدت أقنعته بين التأليف والتمثيل والرسم، والتحق بفرقة جورج أبيض، وتنبأ له الأخير بمستقبل باهر، وانتقل إلى فرقة فاطمة رشدي، وتوجه بعدها إلى دار الإذاعة المصرية، وانضم إلى فريق البرنامج الفكاهي «ساعة لقلبك» ليتحوَّل مسار حياة الأستاذ بكلية الفنون التطبيقية، ويجمع بين العمل الأكاديمي والاحتراف الفني.

حقّق مدبولي نجاحاً كبيراً وراء ميكروفون الإذاعة، واشتهر بكلمة «حيجننوني» خلال فقراته التمثيلية، وكان واحداً من أبرز نجوم «ساعة لقبلك»، ومنهم فؤاد المهندس، وخيرية أحمد، وأمين الهنيدي، وجمالات زايد، وأحمد الحداد، ومحمد يوسف، وتوجهت إليهم أنظار صُنَّاع السينما في الخمسينيات، لاستثمار النجاح الساحق لهذا البرنامج، ومنحوهم أول فرصة ظهور على الشاشة.

وشهد عام 1958 أول فيلم لمدبولي بعنوان «أيامي السعيدة»، وأسند إليه المخرج أحمد ضياء الدين، دوراً صغيراً أمام فيروز، وحسن فايق، وعبدالفتاح القصري، وعبدالمنعم إبراهيم، وفي عام 1960 كُتبت شهادة ميلاده الحقيقية على الشاشة، وتحوّلت كلمته الشهيرة «حيجننوني» إلى عنوان لفيلم قام بكتابة قصته، وأخرجه فطين عبدالوهاب، وشارك فيه بالتمثيل مع إسماعيل ياسين، وسامية جمال، وتوفيق الدقن، وشفيق نورالدين.

ويسرد الفيلم في قالب كوميدي، قصة رجل يضطر إلى إرسال ابنه المريض وزوجته إلى مدينة الإسكندرية الساحلية، ويواصل عمله مع نجمة السينما كمصفف شعر، التي تقرر إبلاغ الشرطة بأعمال زوجها المشبوهة، بعد حدوث خلاف بينهما، وعندما يأتي المصفف إلى منزل الفنانة، يكتشف مقتلها، ويبلغ الشرطة التي تتولى التحقيق، وحين تظهر براءته، تطلب منه الجهات الأمنية أن ينضم إلى العصابة، للمساعدة في القبض على أفرادها.

وفي العام نفسه، كتب القصة والسيناريو والحوار للفيلم الرومانسي «غراميات امرأة» بطولة كمال الشناوي، وأحمد رمزي، وسعاد حسني، وسميرة أحمد، وفردوس محمد، ومن إخراج طلبة رضوان، وتدور أحداثه حول طبيب شاب تطارده فتاة غامضة، ويكتشف أنها الممرضة الجديدة، وتتصاعد الأحداث.

وبعد نجاح مسرحية «أنا وهو وهي» التي كتبها وأخرجها عبدالمنعم مدبولي، قام بتحويلها إلى فيلم سينمائي عام 1964، من بطولة فؤاد المهندس، وشويكار، وتوفيق الدقن، وعادل إمام، والضيف أحمد، ونبيلة السيد، ونظيم شعراوي، وكتب السيناريو عبدالحي أديب، وأخرج الفيلم فطين عبدالوهاب.

ويسرد هذا الشريط السينمائي حكاية «حمدي» المحامي الذي يعاني مشكلات كبرى مع السيدات تتسبب في إيقافه عن العمل، ليذهب إلى فندق في مدينة الفيوم (جنوبي القاهرة) للاستجمام، ويُقام في الفندق حفل رأس السنة، وتمطر السماء بشدة فيضطر ضيوف الحفل إلى المبيت في الفندق، ويقابل سيدة تبدل مسار حياته، وتتصاعد الأحداث.

وتستمر رحلة مدبولي مع التأليف السينمائي، وحينئذ كان الفنان كمال الشناوي يؤلف بعض الأفلام السينمائية، وألف فيلم «غرام في أغسطس» 1966، ليتعاون معه عبدالمنعم مدبولي، ويكتب السيناريو والحوار بمشاركة الفنان حسين عبدالنبي، والفيلم من بطولة فؤاد المهندس، وشويكار، وعماد حمدي، ومن إخراج فطين عبدالوهاب.

ويسرد الفيلم قصة سلوى التي تعيش في سعادة مع خطيبها، ولكن في ليلة الزفاف تصاب بصدمة نفسية، حينما يموت خطيبها في حادث سيارة، وتنجو سلوى من الموت، وتمر الأيام ولا تنسى الفتاة الحادث إلى أن فوجئت أن زوجها لم يمت، حين تقابل فريد، وهو شبيه زوجها، لكنها سرعان ما تتفهم الأمر، فتتعامل معه على أنه زوجها، ويحاول فريد إقناعها بالحقيقة لكنها لا تقتنع بالمرة، ويطلب والد سلوى من فريد أن يمثل عليها أنه زوجها حتى لا تزداد عقدتها، وحتى يتم شفاؤها، فيتقرب إليها الشاب، ويبدأ في التعاطف معها، ثم لا يلبث هذا التعاطف أن يتحول إلى حب وتبدأ سلوى في اجتياز أزمتها النفسية، وتعرف الحقيقة.

شنطة حمزة

تحوَّل عبدالمنعم مدبولي إلى فنان شامل خلال فترة الستينيات، وأسهم في اكتشاف عدد كبير من نجوم الكوميديا، ومنحهم فرصة المشاركة في أعماله المسرحية، بينما اكتفى بدوره كمخرج يقف خلف الستار، أو ممثل يمنح زملاءه أدوار البطولة، ومنهم محمد عوض في مسرحية «مطرب العواطف» (1963)، وفي العام نفسه أعاد اكتشاف أمين هنيدي زميله في برنامج «ساعة لقلبك»، ومنحه دوراً في مسرحية «أصل وصورة» من تأليف سمير خفاجي، ليدفع به إلى طريق النجومية.

والتقى مدبولي وهنيدي في أعمال أخرى، منها مسرحية «لوكاندة الفردوس» (1964) وظهر اسمه على «الأفيش» مرتين كممثل ومخرج، وهذا العمل شارك في بطولته نجوى سالم، وثريا حلمي، وسلامة إلياس، ولأول مرة الفنان صلاح السعدني في بداية مشواره، وأيضا الفنانتان «الشقيقتان» بوسي ونورا، وجسدا دور طفلتين صغيرتين.

وتدور المسرحية حول «عبدالمتجلي سليط» المدرس القادم من القرية إلى «لوكاندة الفردوس» بعد أن لاقى عدم ترحيب من صديقه «عطية الشلشلموني» وزوجته «شفيقة» ومعه بناته الأربع، ويعاملهم جميعاً بحزم وقوة، بينما كانت «سميحة» جارة عطية دائمة الشجار مع زوجها مسعود بسبب غيرتها الزائدة، وتتابع الأحداث.

كما ذهب مدبولي مع الهنيدي إلى كواليس الإذاعة عام 1967، ومعه مسلسل كوميدي من تأليفه بعنوان «شنطة حمزة»، وحقق العمل نجاحاً كبيراً عند إذاعته خلال شهر رمضان، وبعد أشهر قليلة، أعاد تأليفه للسينما في فيلم بنفس العنوان، بطولة أمين الهنيدي، ونجوى فؤاد، ومحمود المليجي، ومن إخراج حسن الصيفي.

وتناول الفيلم حكاية «حمزة»، الموظف الصغير الذي يعمل مُحصِّلاً ويتسم بأمانة شديدة، ويجد نفسه في مأزق، حينما يقوم بعض اللصوص بإخفاء مبلغ من المال سرقوه من أحد الأثرياء في حقيبته، وذلك أثناء مطاردة رجال الشرطة لهم وتستمر الأحداث في إطار كوميدي.

وبعد مرور سبع سنوات على رحيل عبدالمنعم مدبولي، ظهرت مرة أخرى «شنطة حمزة» عام 2017 من خلال فيلم يحمل العنوان نفسه، من دون إشارة إلى المؤلف الأصلي، وقام ببطولته المطرب حمادة هلال، ويسرا اللوزي، وبيومي فؤاد، وأحمد فتحي، وتأليف أحمد عبدالله، وإخراج أكرم فاروق.

وحاول المؤلف أن يقدم معالجة سينمائية مغايرة للنسخة الأولى من «شنطة حمزة»، ودارت أحداث الفيلم حول «حمادة هلال» النصاب المحترف، الذي يقع في حب فتاة قوية الشخصية، كانت تعمل هي الأخرى مع إحدى العصابات المشهورة بالنصب، وتتصاعد الأحداث في إطار تشويقي يمتزج بالمفارقات الكوميدية.

أبطال الضحك

استطاع مدبولي، خلال حقبة الستينيات، أن يحقق حضوره كمخرج مسرحي، وبدت مشاركاته التمثيلية في المرتبة الثانية، ولعب دوراً كبيراً في إثراء المسرح الكوميدي، وتمتع بشعبية جارفة، وأثنى عليه النقاد، وتناول مورخو الفن مسيرته الإبداعية، كما يُعد أول فنان عربي كتبت عنه دائرة المعارف النمساوية.

وتصدرت صورته غلاف كتاب «أبطال الضحك في تاريخ السينما المصرية» لمؤلفه الناقد الفني الكبير محمود قاسم، والأخير تناول المشوار السينمائي لمدبولي، بوصفه مؤلفاً للأفلام وممثلاً غلب عليه طابع الأداء المسرحي، حتى أعاد المخرج عاطف سالم اكتشاف طاقاته التمثيلية الهائلة في فيلم «الحفيد» (1974)، وحينئذ كان «ساحر الارتجال» قد أبطأ عجلة الإخراج المسرحي، وكرّس جل وقته للتمثيل فقط.

«بابا شارو» يجمع مدبولي وكريمة مختار قبل «الحفيد»

شهد البرنامج الإذاعي «بابا شارو» للإعلامي محمد محمود شعبان، أول ظهور لكثير من النجوم في منتصف الخمسينيات، ومنهم عبدالمنعم مدبولي، وكريمة مختار، ومن خلاله اشتهرت الأخيرة كصوت إذاعي مميز يجيد تقديم الأعمال الدرامية عبر أثير الإذاعة، وشاركها مدبولي في العديد من الفقرات التمثيلية.

وفي ذلك الوقت، كان «بابا شارو» من أشهر برامج الأطفال في الإذاعة المصرية، ويحظى بنسبة استماع كبيرة من مختلف الأعمار، وآنذاك بات محطة مهمة لمدبولي وكريمة محتار، وتزوجت الأخيرة من المخرج نور الدمرداش عام 1958، وأسند لها دور البطولة في فيلم «ثمن الحرية» (1968).

وبعد أكثر من أربعين عاماً، التقى مدبولي ومختار في فيلم «الحفيد» (1974)، وفي لقاء تلفزيوني للفنانة الراحلة، سردت ذكرياتها في كواليس هذا العمل الذي حقق نجاحاً كبيراً، وعن المشهد الذي لم تنسه في العمل، قالت: «عندما كنت أشتري الفراخ (الدجاج) مع الفنان عبدالمنعم مدبولي لابنتنا بعد ولادتها، وكنت أطلب من البائع رقماً كبيراً، ونظرة مدبولي في ذلك الوقت للفراخ كانت مرعبة بسبب خوفـــه من الحســـــــــــاب، هـــــــــــــذا المشهــــــد لا أنساه خصوصا أنه كان يحمل طابعاً كوميدياً».

قدّمت كريمة مختار شخصية «زينب» في فيلم «الحفيد»، زوجة حسين (عبدالمنعم مدبولي) وأم «ميرفت أمين، ومنى جبر، ودينا عبدالله»، وكانت تتدخل دائماً في حياة ابنتها لتخالف اتفاقها مع زوجها بعدم الإنجاب، ما يتسبب في انفصالها عن زوجها، كما تصوِّر شخصية زينب، نمط الأم المصرية المدبرة التي تسيِّر بيتها بالتدبير والحكمة، وكذلك قدَّمت في الفيلم نفسه نمط للحماة الواعية التي تتمتع بكلمة مسموعة لدى أزواج بناتها. أما دور مدبولي، فكان نقلة نوعية في أدواره السينمائية، وقد طرح نفسه بقوة كممثل يجمع بين قناعي الدراما التراجيديا والكوميديا، ما جعل المخرج سعيد مرزوق يختاره في دور مغاير تماماً، وجسَّد شخصية شرير في فيلم «المرأة والساطور» (1997)، وعدّه البعض مقامرة من نجم كوميدي يحظى بشعبية جارفة، ولكن أصداء الإعجاب بأدائه، جعلت جمهوره يتقبل هذه الشخصية المؤثرة في السياق الدرامي لأحداث الفيلم.

العندليب يشيد بأداء مدبولي في أغنية «زمان»

أتقن الفنان الراحل عبدالمنعم مدبولي الدراما الكوميدية والتراجيدية، وفي عام 1976، كشف موهبته في الغناء، عندما شارك في فيلم «مولد يا دنيا» للمخرج حسين كمال، وبطولة محمود ياسين، وعفاف راضي، ولبلبة، وسعيد صالح، ومحيي إسماعيل، وحقّق هذا الشريط السينما نجاحاً جماهيرياً كبيراً.

وفي ذلك الوقت أشاد العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ بأغنية «زمان» التي قدمها مدبولي في سياق الفيلم، خصوصاً الجملة الشهيرة التي يقول فيها «طيب يا صبر طيب»، وقال عنه إن «أداءه رائع، وبالرغم من صوته الأجش فإنه كان داخلاً في المقام الموسيقي، وكان قمة في عظمة الأداء والتمثيل والإحساس بالموقف، لدرجة أن المتفرج لابد أن يبكي مع صوته».

بدأت الحكاية قبل فيلم «مولد يا دنيا» بأعوام، فقد شارك عبدالمنعم مدبولي، في مسرحية «بمبة كشر» من إخراج حسين كمال، وبعده بعدة سنوات طلب منه المشاركة في الفيلم، وقال له: «زي ما بتقدر تضحك الناس بقوة، لازم تبكيهم بقوة، داخل الفيلم أغنية جديدة شكلاً ومضموناً وأنت ستؤديها، كلمات مرسي جميل عزيز، وألحان كمال الطويل».

ووافق مدبولي على الغناء، وأجرى بروفات كثيرة مع كمال الطويل، وحضر حسين كمال لاختيار وتحديد مناطق الحزن، والوقت الذي يبكي فيه، وكان في وسط الأغنية موسيقى يرقص عليها عبدالمنعم مدبولي، وقام بعزفها الموسيقار عمار الشريعي على آلة الأورج، وبعد الانتهاء من تسجيل الأغنية دخل جميع الموجودين في الاستديو في حالة من البكاء بعد سماعها.

ووقتها كشف الفنان الراحل سر إتقانه الغناء بهذا الشكل المؤثر، بقوله إنه كان يحتفظ في ذاكرته بصورة سائقي «الحناطير» الذين يقفون أمام مدرسته الابتدائية بحي باب الشعرية، ويرتدون البذل السوداء المستعملة، وينتظرون أن يطلبهم أحد، ليسيروا بعرباتهم التي تجرها الخيول أمام الجنازة، أو يطلبوهم ليقدموا القهوة في أماكن العزاء، وخلال انتظارهم ساعات طويلة، كانوا يرددون المواويل وأغاني الصير بأصوات مليئة بالشجن والحزن.

 

الجريدة الكويتية في

14.04.2021

 
 
 
 
 

عبدالمنعم مدبولي... ناظر مدرسة الكوميديا (3 - 5)

عاشق التمثيل يقدّم عروضه المسرحية في «مدرسة المدبوليزم»

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      «ساحر الارتجال» يقنع الموسيقار محمد عبدالوهاب بالتلحين للمسرح

·      مدير المسرح الكوميدي يترك منصبه من أجل «حواء الساعة 12»

·      «اللص الشريف» ينهي علاقة مدبولي بفرقة «الفنانين المتحدين»

·      لقاء كوميدي بين «المخرج الجوال» وميرفت أمين في «مطار الحب»

·      أمين هنيدي يستعين بصديق العمر ليخرج «أجمل لقاء في العالم»

تحوَّل عبدالمنعم مدبولي إلى فنان شامل، واقتحم عالم السينما كمؤلف لأعمال كوميدية، وخلال فترة الستينيات كتب عشرات الأفلام، وشارك فيها بأدوار صغيرة، وظل المسرح عشقه الأول، وحقّق حضوره المتفرد كممثل أمام الجمهور ومخرج خلف الستار، وقدّم للساحة الفنية الكثير من النجوم، منهم محمد عوض، وأمين هنيدي، وتتابعت رحلة «ساحر الارتجال» في فضاء الإبداع الفني، وواصل تنويع أدواره بين التراجيديا والكوميديا.

كان عبدالمنعم مدبولي رجل المهام الصعبة، وحلَّق منفرداً بمواهبه المتعددة، ولم يرتكن إلى فكرة النجومية، أو البحث عن فرصة البطولة المطلقة، وبعد تجربته في فرقتي جورج أبيض وفاطمة رشدي، التحق في بداية الخمسينيات بفرقة المسرح المصري الحديث، التي أسسها الفنان زكي طليمات، وقدَّمت بعض الأعمال ذات الطابع التراجيدي، وتوقف نشاطها في عام 1952.

وفي العام ذاته، قاده طموحه الفني إلى تأسيس فرقة «المسرح الحُر»، واضطلع بالإخراج والتمثيل في أعمالها، ومن أبرزها «الأرض الثائرة»، و«حسبة برما»، و«الرضا السامي»، و«خايف أتجوز»، و«مراتي نمرة 11»، و«كوكتيل العجائب»، وشارك في كتابة بعض العروض مثل «كفاح بورسعيد»، وكانت عبارة عن مجموعة من المشاهد (اسكتشات) أخرجها الفنانان سعد أردش، وصلاح منصور.

وبعد إنشاء التلفزيون المصري في عام 1960، انضم مدبولي إلى «فرقة التلفزيون المسرحية»، وكانت تضم مجموعة من الفرق الكوميدية والتراجيدية والفنون الاستعراضية، ويرأسها الفنان السيد بدير، وأسند الأخير إلى مدبولي مسؤولية «فرقة المسرح الكوميدي»، وأخرج العديد من أعمالها، منها «جلفدان هانم»، و«أنا وهو وهي»، و«مطرب العواطف»، و«أصل وصورة»، و«حلمك يا شيخ علّام»، و«المفتش العام»، و«السكرتير الفني»، و«وسط البلد».

في تلك الفترة، تحوّل مدبولي إلى شعلة من نشاط وحركة دائبة، وبات حديث الوسط الفني، وأثار دهشة زملائه بقدرته على التوفيق بين مواهبه المتعددة وعمله كأستاذ في كلية الفنون التطبيقية، وفي غمار مهامه الصعبة، استعان به أصحاب الفرق المسرحية الخاصة لإخراج بعض أعمالهم، ومنها «فرقة إسماعيل يس»، التي أخرج لها عملين، هما «3 فرخات وديك»، و«أنا وأخويا وأخويا».

وأسهم «ساحر الارتجال» في تأسيس فرقة «ساعة لقلبك» المسرحية، التي ضمت مجموعة كبيرة من نجوم البرنامج الإذاعي الشهير، الذي كان يحمل الاسم ذاته، مثل محمد أحمد المصري (أبو لمعة)، وفؤاد راتب (الخواجة بيجو)، ومحمد يوسف (المعلم شَكَل)، وتولى مدبولي إخراج عروضها، ومنها «أنا مين فيهم» (1958)، و«دوَّر على غيرها» (1959)، و«طلعت لي في البخت» (1960)، و«البعض يفضلونها قديمة» (1961).

ولم تصمد تلك الفرقة طويلاً في الساحة المسرحية، لأسباب إنتاجية، وتفرق شمل أبطالها بين الفرق الأخرى، واندثرت جميع أعمالها، وبقيت تسجيلات برنامج «ساعة لقلبك» في أرشيف الإذاعة المصرية، كشاهد على بزوغ موهبة مدبولي وزملائه، ورغم مرور نحو 70 عاماً على بث هذا البرنامج الفكاهي، فإنه لايزال يحظى بنسبة استماع عالية من هواة البرامج القديمة في الراديو ورواد مواقع الإنترنت بمختلف أعمارهم.

نشنت يا ناصح

شارك عبدالمنعم مدبولي في عروض الكثير من الفرق المسرحية، وأخرج لفرقة «المسرح الضاحك» عرضاً بعنوان «مطار الحب» (1968)، وشارك في بطولته مع ميرفت أمين، ويوسف شعبان، وفي العام التالي أخرج «البنات والثعلب» ولفرقة «عمر الخيام» مسرحية «الشنطة في طنطا»، وقدَّم عملين متباعدين لفرقة ثلاثي أضواء المسرح التي أسسها مع ثلاثي أضواء المسرح سمير غانم، وجورج سيدهم، والضيف أحمد، والعملان هما «حدث في عزبة الورد» (1968)، و«نشنت يا ناصح» (1995) بطولة جورج سيدهم، وأحمد آدم، وحنان شوقي، وفاروق فلوكس، وحسين الشربيني.

كما أخرج مدبولي لفرقة «الكوميدي المصرية» مسرحيات: «طبق سلطة» (1969)، و«العبيط» (1970)، و«يا ما كان في نفسي» (1974)، وحين أسس الفنان أمين الهنيدي فرقته المسرحية، استعان بصديق عمره ليخرج عروضها، ومنها «سبع ولا ضبع» (1972)، و«أجمل لقاء في العالم» (1973)، و«أنا آه أنا لأ» (1977)، وكذلك أخرج لفرقة «الريحاني» مسرحيتي «الملاك الأزرق» (1974)، و«أولاد علي بمبة» (1975)، وأخرج لفرقة «محمد نجم» مسرحيتي «الواد النمس» (1983)، و«البلدوزر» (1986).

وارتحل «المخرج الجوَّال» إلى فضاء المسرحيات المصوَّرة، عندما انتشرت تلك الموجة خلال فترة التسعينيات، إثر تراجع الإقبال على دور المسرح، واقتصار النشاط المسرحي على موسم الصيف فقط، ولجأ المنتجون إلى جذب الفنانين لعروض اليوم الواحد أمام الجمهور، وتصويرها تلفزيونياً، ومن بينها مسرحية «أنا نسيت اسمي»، التي أخرجها عبدالمنعم مدبولي، وشارك في بطولتها مع محمد نجم، وإسعاد يونس، ونبيل بدر، وعبدالسلام محمد، وفؤاد خليل.

حالة حب

عقب قرار بضم الفرق التابعة للتلفزيون إلى مؤسسة «فنون المسرح والموسيقى والفنون الشعبية - إدارة وزارة الثقافة» عام 1966، قرّر مدبولي وعدد كبير من النجوم آنذاك الانسحاب من عضوية فرقة «المسرح الكوميدي» بعد رفض طلباتهم الفنية والمالية، وحينها كان صديقه الكاتب والمنتج سمير خفاجي يتحمل مسؤولية تأسيس فرقة «الفنانين المتحدين» وتعاون معه نخبة من الكتّاب وكبار نجوم الكوميديا.

وأخرج مدبولي باكورة أعمال «الفنانين المتحدين» بعنوان «أنا وهو وسموه» عام 1966، تأليف سمير خفاجي وبهجت قمر، وبطولة الثنائي الشهير فؤاد المهندس وشويكار، وحققت هذه المسرحية نجاحاً كبيراً ثبت أقدام الفرقة، فاستمرت مسيرتها إلى بدايات القرن الحالي - أي لما يقرب من خمسة وثلاثين عاماً - وقد قدمت خلال مسيرتها الفنية أربعين مسرحية، وكانت تقدم أحياناً في بعض المواسم أكثر من مسرحية من خلال شعبتين أو ثلاث شعب.

وشهدت «أنا وهو وسموه» أول لقاء بين «ساحر الارتجال» وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، الذي وضع ألحان المسرحية، وكتب أغانيها الشاعر حسين السيد، وكان حدثاً فنياً كبيراً، جذب الجمهور إلى شباك التذاكر، ودارت أحداث المسرحية حول شاب يطمح في أن يكون روائياً ولكن كل محاولاته لكتابة رواية تبوء بالفشل، بينما تؤنبه زوجته دائماً لعدم قدرته على الكتابة، وتتغير حياته بعد عودة ابن عمه المليونير المهاجر إلى الوطن.

وتتابعت رحلة مدبولي مع «الفنانين المتحدين»، وأخرج مسرحية «حواء الساعة 12» عام 1968، اقتباس سمير خفاجي وبهجت قمر، وحقق هذا العمل نجاحاً جماهيرياً كبيراً، ودارت أحداثه في إطار كوميدي حول المؤلف سامي الباجوري (فؤاد المهندس)، وزوجته الغيور محاسن (زهرة العُلا)، وخلال عمله على كتابة رواية، يباغته ظهور شبح زوجته الأولى فكرية (شويكار) وتنقلب حياته رأساً على عقب.

وفي العام ذاته، أخرج مسرحيتي «المغفل»، و»زنقة الستات»، والأخيرة بطولة ميمي شكيب، ونبيلة السيد، وفايزة فؤاد، وأسامة عباس، وإبراهيم سعفان ومحمد يوسف، وفي عام 1969 أخرج مسرحية «سري جداً جداً» بطولة شويكار وفؤاد المهندس، وفي عام 1971 اختتم مشواره مع «الفنانين المتحدين» بإخراج مسرحية «اللص الشريف»، وشارك في بطولتها مديحة كامل، ومحمود المليجي، وسعيد صالح، وأحمد زكي، وحسن مصطفى، وعبدالله فرغلي، ونظيم شعراوي.

وشارك مدبولي بالتمثيل فقط في بعض العروض المسرحية للفرقة، ومنها مسرحية «الزوج العاشر» (1964)، إخراج نور الدمرداش، وبطولة السيد بدير، ونجوى فؤاد، وكوثر رمزي، و»البيجاما الحمراء» (1967)، وإخراج كمال حسين، وبطولة أبوبكر عزت، وعادل إمام، وعقيلة راتب، ونجوى سالم، وسعيد صالح، وفي العام ذاته شارك في «حالة حب» إخراج فؤاد المهندس، وبطولته مع شويكار، وزوزو شكيب، وسهير الباروني، وسناء يونس، ومسرحية «العيال الطيبين» (1972) إخراج حسن عبدالسلام، وبطولة نور الشريف، ونيللي، ونبيلة السيد، ونظيم شعراوي.

مدرسة المدبوليزم

واستمرت رحلة «ساحر الارتجال» مع فرقة «الفنانين المتحدين» حتى انفصل عنها في عام 1973، من دون أسباب واضحة، وترك بصمته المتفردة كمخرج وممثل، وأسهم في إبراز نجومية الكثير من الوجوه الشابة آنذاك، ولعب دوراً مؤثراً في تاريخ تلك الفرقة، كواحد من أبرز مؤسسيها الأوائل، وظلت أعماله شاهدة على أزهى مراحلها، سواء على مستوى القيمة الفنية أو النجاح الجماهيري.

وبعد «استراحة المحارب» انطلق مدبولي مرة أخرى، وكوّن في عام 1975 فرقته الخاصة «المدبوليزم» وقدّم من خلالها عروض مسرحيات «راجل مفيش منه» (1976)، و«حمار ما شالش حاجة» (1977)، وقام بالإخراج والتمثيل في مسرحية «مولود في الوقت الضائع» (1978)، وشاركه البطولة عقيلة راتب، ومحمد نجم، وزيزي مصطفى، وسلامة إلياس، وحسن حسين.

وأسدل الستار على فرقة «المدبوليزم» عام 1979، بعد أن حققت مسرحية «مع خالص تحياتي» نجاحاً كبيراً، وأخرجها مدبولي وشارك في بطولتها مع ثريا حلمي، وفؤاد أحمد، وعماد رشاد، وسناء يونس، وفؤاد خليل، ودارت أحداث المسرحية حول هاشم (عبدالمنعم مدبولي) الذي يعمل موظفاً بإحدى الشركات، ويتعرض للعديد من المواقف الكوميدية في منزل رئيس مجلس إدارة الشركة.

وحققت «المدبوليزم» نجاحاً هائلاً، وعرضت أعمالها في العديد من العواصم العربية، وطارت إلى النمسا وألمانيا، وأصبحت خير سفير للفن المصري، وقد أطلق هذا لقب «مدبوليزم» على مؤسس الفرقة خلال فترة نشاطه المسرحي في الستينيات، ونظراً لأسلوب أدائه المتفرد، وعلى الرغم من الانتقادات التي تلقاها في البداية، بسبب اعتماد أعماله على الارتجال، فإنه لاقى نجاحاً كبيراً، وأصبح ظاهرة فنية سميت «مدرسة المدبوليزم»، وتخرجت فيها أجيال من نجوم الكوميديا.

«قلم رصاص» أول جائزة فنية لتلميذ «مدرسة باب الشعرية»

واجه عبدالمنعم مدبولي العديد من المواقف الصعبة، واستطاع أن يتغلب على مأساة فقده لوالده، وانطلق الطفل اليتيم صوب الكوميديا ليصبح من أبرز نجومها في الساحة الفنية العربية، وظل حتى تجاوز الثمانين من عمره يتذكر المراحل المبكرة من حياته، وكيف تخطى الحواجز في طريقه، حتى حقق حضوره المتفرد في فضاء الإبداع الفني.

اعتاد الطفل اليتيم أن يذهب لأحد الشوادر بحي باب الشعرية التي تقدم عروضاً مسرحية لفرق شهيرة منها «فرقة الفار»، و»فرقة سليم»، وكان المسرح عبارة عن ساحة من دون أي ديكورات، ومنحته تلك العروض القدرة على التخيل، والخروج من أحزانه، ليضحك ويتبادل النكات مع زملائه أثناء دراسته بالمرحلة الابتدائية، وكوَّن فريقاً من التلاميذ الصغار، وكانوا يمثلون في فناء المدرسة وقت الفسحة أو في أحد الشوارع بعد انتهاء اليوم الدراسي.

وكان هذا أول فريق للتمثيل كوَّنه مدبولي في حياته، وعمره لا يتجاوز الثمانية أعوام، وفي إحدى الحفلات طلب من ناظر المدرسة أن يتيح له الفرصة ليقدّم مع زملائه عرضاً مسرحياً مدته 20 دقيقة فقط، ووافق الناظر على الفكرة، وقام المؤلف والمخرج الصغير بتدريب التلاميذ على العرض، وحصل على أول تصفيق في حياته سواء من داخل المدرسة أو الجيران الذين يشاهدون العرض من النوافذ والشرفات، وانتزع ضحكاتهم ووقف يحييهم بثقة كبيرة.

ونال الفنان الصغير أول جائزة في حياته، وهي عبارة عن «قلم رصاص» أعطاه له الناظر وانتهز تلك الفرصة وطلب منه إعفاءه من دفع المصروفات الدراسية بسبب ظروفه الصعبة، وعدم قدرة والدته على تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقها من دون أن تشكو، فاحتضنه الناظر بحنان شديد، وقال له: سأعفيك من المصروفات بشرط أن تقوم بتكوين فريق للتمثيل في المدرسة تنافس به فرق المدارس الأخرى».

وكلفه الناظر بكتابة هذه المسرحيات وإخراجها، وبالفعل كوّن مدبولي فريقاً متفوقاً وفاز على كل الفرق الأخرى، ونال شهرة كبيرة في أرجاء حي باب الشعرية، فقام أيضاً بتكوين فريق من أبناء الحارة، وكان يوزع عليهم الأدوار ويحتفظ لنفسه بدور البطولة، ووقتها حقق معهم نجاحاً جيداً، وانطلق بعدها إلى عالم الأضواء والشهرة.

 

الجريدة الكويتية في

15.04.2021

 
 
 
 
 

عبدالمنعم مدبولي... ناظر مدرسة الكوميديا (4 - 5)

«ناظر المشاغبين» يسترد وظيفته في النسخة السينمائية

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      مدبولي يواجه فريد شوقي في «صراع مع الموت»

·      مثّل مع شويكار بعيداً عن «أخطر رجل في العالم»

·      «شيء من العذاب» يجمع نجم الكوميديا وسعاد حسني

حقّق الفنان عبدالمنعم مدبولي حضوراً لافتاً في فترة الستينيات، وتألّق كمخرج وممثل مع فرق مسرحية عِدّة، واتجه إلى تأسيس فرقته الخاصة تحت اسم «المدبوليزم»، وقدّم الكثير من المسرحيات الناجحة، منها «مطرب العواطف» و«مولود في الوقت الضائع»، وعُرضت في العديد من العواصم العربية، وطار بها إلى ألمانيا والنمسا، وتتابعت رحلة «ساحر الارتجال»...

مرّ مدبولي بمراحل مختلفة في مشواره الفني، وخلال السنوات العشر الأولى من عمله في السينما، لم يقدّم سوى 25 فيلماً فقط، بواقع فيلمين تقريباً كل عام، بسبب انشغاله في ذلك الوقت بالمسرح الذي كان يعتبره «بيته الأول»، وكانت أبرز تلك الأفلام مع الثنائي فؤاد المهندس وشويكار، وتميّزت بطابعها الكوميدي المتنوِّع في الفكرة والمضمون، وحققت نجاحاً كبيرا في عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.

ولعب الفنان البارز دوراً مؤثراً في نجومية «شويكار والمهندس» على شاشة السينما، وشارك معهما في عشرات الأفلام، منها «اقتلني من فضلك» (1965)، و«غرام في أغسطس» (1966)، و«المليونير المزيف» (1968)، إخراج حسن الصيفي، وفي العام نفسه قدّم «عالم مضحك جداً» إخراج حسام الدين مصطفى، و«مطاردة غرامية» من إخراج نجدي حافظ.

وتعاون مدبولي مرة أخرى مع «الثنائي» كمؤلف للفيلم الكوميدي الشهير «العتبة جزاز» عام 1969، إخراج نيازي مصطفى، ودارت أحداثه في إطار فانتازي عن مزاولة أفراد إحدى شبكات التجسس نشاطه في أحد الملاهي، ويرأس الشبكة شخص يُدعى «عباس»، وفي الوقت نفسه تجنِّد أجهزة الأمن «هدى» مساعدة عباس لمصلحتها، وبعد فترة يتردد «عبدالحفيظ» الشبيه بـ «ماكس» على الملهى، فيعتقد أفراد الشبكة أنه لم يمت، وتستمر الأحداث.

ولعب مدبولي دور «السجين حتحوت» في فيلم «ربع دستة أشرار» عام 1970، تأليف الضيف أحمد وإخراج نجدي حافظ، وشارك في بطولته فؤاد المهندس شويكار وسعيد صالح وعبدالله فرغلي ونظيم شعراوي ومحمد صبيح، ودارت قصة الفيلم في إطار كوميدي ممزوج بأجواء الحركة والإثارة من خلال مطاردة الشرطة لإحدى العصابات الخطيرة.

حواء والقرد

وهناك أفلام أخرى، شارك فيها مدبولي مع شويكار بعيداً عن المهندس، مثل «أشجع رجل في العالم» (1968)، سيناريو أنور عبدالله، وإخراج حسن الصيفي، وشارك في بطولته أمين الهنيدي وتوفيق الدقن ونجوى فؤاد ومحمد رضا وعباس فارس، وبعدها قدّم المهندس فيلم «عودة أخطر رجل في العالم» عام 1973، وشاركته البطولة ميرفت أمين، بدلاً من «شويكار» رفيقة مشواره في الفن والحياة.

وحلَّق مدبولي بعيداً عن «الثنائي» في أفلام أخرى، منها «آخر حنان» عام 1965، مع أحمد رمزي وعماد حمدي، وإخراج عيسى كرامة، وقدّم مع السندريلا سعاد حسني «التلميذة والأستاذ»، بطولة شكري سرحان عام 1968 وإخراج أحمد ضياء الدين، وفي العام نفسه شارك في فيلم «حواء والقرد» بطولة محمد عوض وإخراج نيازي مصطفى، و«شيء من العذاب» بطولة يحيى شاهين وحسن يوسف وإخراج صلاح أبوسيف و«فتاة الاستعراض»، إخراج محمود ذوالفقار.

وأسدل مدبولي الستار على فترة الستينيات، عقب مشاركته عام 1969، بثلاثة أفلام، هي «للمتزوجين فقط»، تأليف وإخراج إسماعيل القاضي، مع الفنان أحمد رمزي وميرفت أمين، و«من أجل حفنة أولاد»، إخراج إبراهيم عمارة وبطولة رشدي أباظة وسهير رمزي وسهير المرشدي، و«أصعب زواج» بطولة مديحة كامل وحسن يوسف ومحمد عوض، ورجاء الجداوي ونبيلة السيد، وإخراج محمد نبيه.

الحسناء واللص

وفي حقبة السبعينيات قدّم مدبولي 52 فيلماً سينمائياً، وهذا الرصيد يفوق بكثير أفلامه في الستينيات، وأعاد المخرجون اكتشاف طاقاته التمثيلية الهائلة، وتنوّعت أدواره بين الكوميديا والتراجيديا، وشارك في عام 1970 بفيلمين مميزين هما «صراع مع الموت» بطولة فريد شوقي وسهير زكي، ومحمود المليجي، و»سوق الحريم» مع صلاح ذوالفقار ومريم فخرالدين وسميحة أيوب، وكلا الفيلمين من إخراج إبراهيم عمارة.

وشارك في العام التالي بفيلم «الحسناء واللص» مع ميرفت أمين وحسن يوسف وسهير رمزي وإخراج نجدي حافظ، وفي عام 1972 التقى نبيلة عبيد ومحمد عوض وناهد يسري ونبيل الهجرسي في «جنون المراهقات»، تأليف فاروق صبري وإخراج تيسير عبود، وجسّد مدبولي شخصية رجل أعمال يُدعى «بيومي بك» تواجهه مشكلة مع بناته الثلاث اللواتي يرفضن الزواج إلا من فتى أحلامهن، فالأولى تحلم بالزواج من «كازانوفا»، والثانية من «هولاكو»، والثالثة من «جيمس بوند»، ويضطر لعرضهن على طبيبة أمراض نفسية، وتتتابع الأحداث من خلال مفارقات كوميدية.

ناظر المشاغبين

وكان مدبولي أول من شارك بدور «الناظر» في المسرحية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» عام 1973، بطولة عادل إمام وسعيد صالح وسهير البابلي ويونس شلبي وأحمد زكي وعبدالله فرغلي وسمير ولي الدين ونظيم شعراوي، وأخرجها جلال الشرقاوي، وبعد أسابيع قليلة انسحب مدبولي من المسرحية، وحل بدلاً منه الفنان حسن مصطفى.

وفي العام نفسه، استردّ مدبولي دور الناظر في النسخة السينمائية للمسرحية، وحمل الفيلم العنوان ذاته، وشارك في بطولته مجموعة أخرى من النجوم، منهم نور الشريف وميرفت أمين ومحمد عوض وسمير غانم وجورج سيدهم ويوسف فخرالدين وإخراج حسام الدين مصطفى، لكن الفيلم لم يحقق نجاحاً مماثلاً للمسرحية.

ولاقت «المشاغبين» كمسرحية وفيلم هجوماً من النقاد، بدعوى أنها تحرِّض على الانفلات الأخلاقي، والخروج على آداب تعامل الطلاب مع أولياء أمورهم ومعلميهم، وتدور فكرتها حول مجموعة من الطلاب المشاغبين في إحدى المدارس الثانوية، المجتمعين في فصل واحد بزعامة «بهجت الأباصيري» (عادل إمام) يتسببون في العديد من المشكلات لمُعلِّمي المدرسة جراء استهتارهم الشديد، مما يدفع ناظر المدرسة للبحث عن مُعلم جديد، وترسل اﻹدارة التعليمية الآنسة «عفت» (سهير البابلي) التي تحاول أن تتبنى منهجاً مختلفاً في التعامل مع أولئك الطلاب المشاغبين، لتضع نفسها في تحدٍ كبير.

وخلال مشواره المسرحي والسينمائي، سنجد أن عبدالمنعم مدبولي كان طرفاً رئيساً في أعمال سبق تقديمها، وعادت للظهور مرة أخرى، وتفاوت النجاح بين العمل الأصلي أو المقتبس، ومنها مسرحية «حالة حب» المأخوذة عن الفيلم السينمائي «إشاعة حب»، ومسرحية «مطار الحب» من فيلم «مطاردة غرامية»، وحتى «مدرسة المشاغبين» في نسختها المسرحية والسينمائية، فإنها مقتبسة من فكرة فيلم «إلى المعلم مع الحب» (1963)، بطولة النجم الأميركي سيدني بواتييه، وقد عُرض آنذاك في دور السينما بالقاهرة باسم تجاري «مدرسة المشاغبين».

سيدة تلد في مسرحه من كثرة الضحك!

صادف الفنان عبدالمنعم مدبولي موقفاً طريفاً أثناء عرض مسرحية «حالة حب» مع الفنان فؤاد المهندس، ووسط ضحكات الجمهور فوجئ بصراخ وصياح بصوت عالٍ، فإذا بسيدة حامل كانت تجلس بين المشاهدين فاجأتها آلام الولادة من كثرة الضحك، فاضطر إلى وقف العرض وإدخالها إحدى غرف المسرح، وحضر لها الطبيب وأنجبت، وفوجئ بها تصرّ على إطلاق اسم «مدبولي» على وليدها.

وتعرّض الفنان الراحل لموقف آخر، منافيا للموقف السابق، حين كان عائدا ذات ليلة في ساعة متأخرة لشقته بالإسكندرية بعد انتهاء العرض، ويحمل راديو صغيرا (ترانزستور)، وفجأة ظهر له جاويش وطلب منه التوقف، فلم يستجب له وواصل سيره، فأسرع خلفه واستوقفه بالقوة، فنظر له وفوجئ بأنه لا يعرفه، وهذا كان شيئا غريبا لم يصادفه لكونه نجما مشهوراً، وحين قال له إنه الفنان عبدالمنعم مدبولي استنكر الجاويش كلامه، وأصر على اصطحابه لقسم الشرطة، فنظر له الضابط وهو يجذبه ويدفع به أمامه في ذهول شديد، وبعدها أصبح صديقا لرجال الشرطة في المنطقة.

سر انسحابه من «مدرسة المشاغبين»

ظل انسحاب الفنان عبدالمنعم مدبولي من دور «الناظر» في مسرحية «مدرسة المشاغبين، يثير تساؤلات كثيرة، ووقتها لم يفصح النجم الكبير عن دوافعه للانسحاب من عمل مسرحي حقق نجاحاً جماهيرياً غير مسبوق خلال فترة السبعينيات، وحلّ بدلاً منه الفنان حسن مصطفى، وتم تسجيلها وعرضها من خلال شاشة التلفزيون المصري.

وبعد رحيله، كشفت ابنته «أمل» غموض انسحاب والدها من «المشاغبين»، وذلك لأنّ أبطال المسرحية كانوا يرتجلون كثيراً ويخرجون عن النص، مما كان يزيد من مدة عرض المسرحية كثيراً، ولفت الفنان عبدالمنعم مدبولي نظرهم، لأنه كان يحب الالتزام، لكنهم لم يعيروا لذلك انتباهاً، وفي أحد أيام العرض بعد المسرحية نشبت مشاجرة بين زوجين وصلت إلى حد الطلاق بسبب انتهاء المسرحية في وقت متأخر جداً، بعد انتهاء وقت عمل المواصلات، مما جعل مدبولي يقرر عدم الاستمرار في العرض.

واستنكرت ابنة الفنان الراحل ما أثير من أقاويل ذهبت إلى أن انسحاب والدها كان بسبب غيرته من أبطال العمل الشباب، أو بسبب مطالبته بزيادة أجره، فالمعروف عنه أنه كان يشجع الفنانين الجُدد، وتخرَّج على يده نجوم كُثُر مثل عادل إمام، والضيف أحمد، وسعيد صالح، ويونس شلبي، ومحمد صبحي وغيرهم، وظل لآخر حياته مكتشفاً لأصحاب المواهب من جيل الشباب، وداعماً لهم.

«اللمبي» يمنع مدبولي من الظهور في مسلسل تلفزيوني!

واجه الفنان الراحل عبدالمنعم مدبولي، الكثير من المواقف الصعبة خلال مشواره الفني، إلا أنه تلقى صدمة موجعة في عام 2004، وحينها كان يتأهب للاحتفال بعيد ميلاده الحادي والثمانين، وثارت ردود فعل متباينة عقب قوله لإحدى المحطات الفضائية إن الفنان محمد سعد حقق بشخصية «اللمبي» ما لم يحققه عملاق المسرح يوسف وهبي، ورائد فن الكوميديا نجيب الريحاني، بل وكوكب الشرق أم كلثوم.

وجاءت ردود الفعل واسعة النطاق بداخل الوسط الفني بصفة خاصة وجماهير السينما والمسرح بصفة عامة، وصدر أغرب قرار يتعرّض له فنان بقيمة ومكانة عبدالمنعم مدبولي الذي حمل على عاتقه لواء المسرح الكوميدي المصري طوال نصف قرن، باستبعاده من المشاركة في مسلسل «راجعلك يا إسكندرية»، بعد الاتفاق عليه ودراسته للشخصية التي سيقدمها، وتردد حينها أن تصريحاته عن محمد سعد أغضبت مسؤولاً إعلامياً كبيراً، فطالب باستبعاده لهذا السبب. وحاول شيخ الفنانين أن يفهم أسباب استبعاده من مخرج المسلسل هاني لاشين، لكنّ الأخير اعتذر لمدبولي، وقال له إن دوره قد جرى حذفه بشكل كامل من السيناريو، مما أصابه بالدهشة والأسف في الوقت نفسه، ولم يصدق الأمر، وتأكد أن هناك أسبابا أخرى لاستبعاده، واضطر إلى التعقيب على التحريف وسوء الفهم لتصريحاته بشأن «اللمبي»، وأنه يقصد نجاحه على صعيد الإيرادات التي حققها في أفلامه الأخيرة، لا على صعيد الموهبة والقدرات الفنية التي يمتلكها عمالقة الفن يوسف وهبي ونجيب الريحاني وأم كلثوم، وأنه لم يصل إلى درجة التخريف لكي يقول إن محمد سعد أفضل من هؤلاء النجوم الكبار.

ولاحقت تداعيات أزمة «اللمبي» مدبولي بسيل من الشائعات، حول أسباب توقّف عرض آخر مسرحياته «ريا وسكينة في مارينا» عام 2006، بدعوى خروج إحدى الفنانات عن النص، والظهور بملابس غير لائقة، وتوجّه إليه البعض باللوم الشديد، لكونه وافق على الرغم من اسمه وتاريخه الكبير على المشاركة في هذا العرض، رغم ما اشتهر به من جديّة والتزام وضبط إيقاع كل الفنانات اللواتي عملن معه في الستينيات والسبعينيات، ومنهن الفنانة شويكار، ليوضح أن هذا الكلام لا صلة له بالحقيقة، وهذه الفنانة إذا كانت فعلت هذا الأمر، كان سينسحب من المسرحية حفاظاً على تاريخه، لكن العرض توقّف لظروف إنتاجية.

 

الجريدة الكويتية في

16.04.2021

 
 
 
 
 

عبدالمنعم مدبولي... ناظر مدرسة الكوميديا (5 - 5)

رحيل «جدو عبده» بعيداً عن خشبة المسرح

كتب الخبر أحمد الجمَّال

·      التقى جمهوره للمرة الأخيرة في مسرح «مارينا»

·      «الكلام المباح» آخر مسلسل شارك فيه عام 2005

·      السادات يكرِّم مدبولي لأدائه المتميز في مسلسل تلفزيوني

·      الأطباء يدرسون «حالة مدبولي» في قهر المرض اللعين

تتابعت رحلة عملاق التمثيل عبدالمنعم مدبولي، وحقّق بصمته المتفردة في فضاء الكوميديا، وأعاد مخرجو السينما اكتشاف طاقاته التمثيلية، وظل المسرح «بيته الأول» حتى تجاوز الثمانين من عمره، ليترك أرشيفاً فنياً متنوعاً بين التأليف والتمثيل والإخراج والرسم والنحت، ولايزال الفنان الشامل يتجدّد حضوره كأيقونة خالدة في تاريخ الفن العربي.

شكلت الدراما التلفزيونية إحدى المحطات المهمة في مشوار مدبولي، وشارك في بطولة عدد كبير من المسلسلات، وقدّم مع المخرج محمد فاضل أشهر أدواره الدرامية، ومنها دور «بابا عبده» في المسلسل الشهير «أبنائي الأعزاء شكراً» (1979)، وشخصية «الحاج يونس» في مسلسل «الشارع الجديد» (1997)، وأسند إليه المخرج إسماعيل عبدالحافظ دور «عم يوسف» في مسلسل «العائلة» (1994)، مع محمود مرسي، وليلى علوي، وخيرية أحمد، وحمدي غيث، ومحمد رياض.

وارتدى النجم الكوميدي عبدالمنعم مدبولي قناع التراجيديا في مسلسل «لقاء السحاب» (2004)، تأليف الكاتب مهدي يوسف، وإخراج هاني لاشين، وشاركه البطولة ليلى طاهر، وكمال الشناوي، وعمر الحريري، ومديحة حمدي، وميرنا المهندس، وصبري عبدالمنعم، وقام مدبولي بدور «عم صابر»، الرجل الذي تقسو عليه الحياة، ويفقد الذاكرة، ويصبح بلا مأوى.

وكان آخر ظهور تلفزيوني للفنان عبدالمنعم مدبولي في مسلسل «الكلام المباح» عام 2005، قصة الكاتبة سناء البيسي، وإخراج إبراهيم الشقنقيري، وشاركه البطولة حسين الإمام، ودلال عبدالعزيز، والمنتصر بالله، وميمي جمال، وفي العام ذاته وافق على أداء دورٍ صغير في فيلم «أريد خُلعاً» مع الفنان أشرف عبدالباقي، والمخرج أحمد عواض، وجسّد شخصية الزوج المخلوع بعد زواج دام 47 عاماً.

وأثنى الجمهور على أدائه المتميز في «أريد خُلعاً»، وكان دوره يمثِّل الوجه الآخر لمأساة «السيدة العجوز»، التي جسَّدتها ببراعة الفنانة أمينة رزق في فيلم «أريد حلاً» (1975)، بطولة فاتن حمامة، ورشدي أباظة، وإخراج سعيد مرزوق.

وبعد مسيرة مسرحية دامت لأكثر من 60 عاماً، ودَّع مدبولي جمهوره في عام 2006 ببطولة «ريا وسكينة في مارينا» مع ماجد المصري، ونهلة سلامة، ومحمد أبوالحسن، والعمل تأليف سمير الطائر، وإخراج أحمد البدري، وتدور الأحداث في إطار كوميدي، ومحاكاة للقصة المعروفة تاريخياً للسفاحتين «ريا وسكينة»، ولكن العرض توقف لظروف إنتاجية، ولم يحقق نجاحاً مماثلاً لمسرحية «ريا وسكينة» (1982)، إخراج حسين كمال، وشارك في بطولتها مدبولي بدوره الشهير «حسب الله»، أمام شادية، وسهير البابلي، وأحمد بدير.

حاصد الجوائز

وقد نال مدبولي خلال مشواره الفني العديد من الجوائز وشهادات التكريم، كرد اعتبار لنجوم الكوميديا، وكان يشعر بالحزن لتهميشه وزملائه، ووضعهم في خانة أدنى من فناني التراجيديا، حتى منحه الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات شهادة تقدير خاصة في أكاديمية الفنون، وذلك عن دوره في مسلسل «أبنائي الأعزاء شكراً»، وفي أثناء التكريم، قال له الرئيس السادات: «يا بابا عبده أنا باسهر كي أشاهد مسلسلك وأطلب منهم أن يسجلوا الحلقة لو كنت مشغولاً».

وحصد «ساحر الارتجال» الكثير من الجوائز الأخرى، منها جائزة أحسن ممثل في السينما عن أفلامه «الحفيد» (1974)، و«مولد يا دنيا» 1976، و»أهلا يا كابتن» 1978، وفي عام 1983 حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وفي العام التالي مباشرة نال جائزة الدولة التقديرية عن مجمل أعماله، وحصل عام 1986 على جائزة تكريم في مهرجان زكي طليمات، وقام المهرجان القومي للمسرح المصري في يوليو 2006 بتكريم اسم الفنان الراحل عبدالمنعم مدبولي.

قصة حب

ترك مدبولي تساؤلات كثيرة بين زملائه وجمهوره، حول تعدد أنشطته الفنية، وقدرته على التوفيق بين حياته الخاصة وتألقه الإبداعي، وكان وراء ذلك زوجة عظيمة تقف خلفه، وتوفر له الاستقرار والسعادة، وعاشا معاً أكثر من نصف قرن في حب دائم، ومنذ أول يوم لزواجهما، تفرغت للبيت وتربية أبنائهما الثلاثة (أمل ومحمد وأحمد)، وعوضتهم غياب والدهم المتكرر بسبب العمل.

تزوج مدبولي من رفيقة العمر، بعد قصة حب جارفة، وكانت ابنة صاحب العمارة التي يقيم فيها، ومنذ المرة الأولى التي رآها، تبدلت حياته تماماً، وتملكته مشاعر لا يستطيع الفكاك منها، ووقتها كان يسهر الليل، ويستمع لأغاني أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، وظل فترة طويلة يحلم بالتحدث إليها، وقرّر أن يتقدم للزواج منها، واكتشف لاحقاً أنها كانت تبادله نفس المشاعر.

وأظهرت رفيقة العمر قدراً كبيراً من التفهم لطبيعة عمل زوجها، وكانت بمنزلة الصديق والأم بالنسبة إليه، وتعيش معه لحظات الفرح بميلاد عمل فني جديد، وفي بعض الأحيان توجه نقداً لاذعاً، إذا رأت أن العمل ليس جيداً، وتحرص على مشاهدة مسرحياته، ويدور بينهما نقاش طويل، وكان مدبولي سعيداً بحماسها الشديد، ليقدم الأفضل دائماً، ولم يأتِ ذلك من فراغ، فزوجته خريجة كلية التربية الفنية وأستاذة رسم، ودرست فن السيناريو، وكانت ترغب في العمل كمذيعة، لكنها ضحت بأحلامها من أجل سعادة أسرتها.

وحين أصابها المرض، ساءت حالته النفسية كثيراً، وكان يشعر بالألم والخوف عليها والحزن بسبب مرضها الشديد لارتباطه وجدانياً بها، لأنه لم يكن يتمنى أن يراها بتلك الحالة، وكانت تحمل عنه كل المسؤوليات، وذراعه اليمنى، ولما مرضت وأصبحت قعيدة، كان يغلق عليه باب غرفته، حتى لا يراه أحد من أبنائه وهو يبكي بحرقة.

الأب الحنون

كان معظم فناني الجيل القديم، لا يرغبون في أن يعمل أبناؤهم بالفن، حتى لا يتعرضوا لمتاعب هذه المهنة الشاقة، ويواجهون الصعاب التي مروا بها، وحين رغب أحد أبناء مدبولي في الدخول إلى عالم التمثيل، نصحه بأنها مهنة مرهقة، واقتنع الابن بكلام والده، من دون أن يحمل في داخله أي مشاعر غاضبة منه، والتحق بكلية الهندسة، وتخرج فيها بتفوق، وصار مهندساً مرموقاً.

وكان مدبولي حنوناً على أبنائه، ويعوضهم عن فترة غيابه عن المنزل، وخلال تحضيره لعمل فني، كان يغلق باب غرفته من أجل زيادة التركيز، وبدورهم يتجنبون التعامل معه حتى لا يخرج عن تركيزه، بينما كان يكافئهم باصطحابهم معه إلى المسرح، وتعلموا منه الكثير من الأشياء المهمة في حياتهم، ومنها احترام المواعيد، والالتزام في العمل.

امتزجت شخصية مدبولي بكل الشخصيات التي جسدها على الشاشة، واعتاد أن ينصت جيداً لأبنائه، ويشعرهم أنهم أصحاب القرار، وأن يتحملوا المسؤولية، ويعتمدوا على أنفسهم، ومن المواقف التي لا تنساها ابنته «أمل»، أنها عندما بلغت 18 سنة طلبت منه سيارة، فأجابها بطريقة كوميدية، واصطحبها إلى مكان لا تعرفه، وقال لها: «هذه ورشة إصلاح السيارة إذا احتجت إليها»، وفي طريق عودتهما، أشار ناحية مبنى، وقال لها: «هذا قسم البوليس الذي سأدخله لو ارتكبت مخالفة».

كما كان مدبولي تلقائياً بسيطاً في تعاملاته مع الجمهور في الشارع، وكان يسعده أن يناديه المارة بـ»بابا عبده»، أو «جدو عبده»، وذات مرة تناول طعام الإفطار في شهر رمضان مع عمال محطة وقود في القاهرة، عندما ضرب مدفع الإفطار وهو بالشارع يمون سيارته بالبنزين، فجلس معهم على الأرض وشاركهم الطعام والتقطت له صورة طريفة تسجل هذه الذكرى.

قاهر السرطان

بدأت قصة عبدالمنعم مدبولي مع المرض في منتصف الثمانينيات، وأثناء عرضه إحدى حفلات مسرحية «ريا وسكينة»، وليلتها سقط على المسرح، وتبين أنه يعاني السرطان في الكبد، فسافر إلى باريس وأجريت له عملية جراحية وتم شفاؤه نهائياً، وعاد مرة أخرى ليقدم فوازير «جدو عبده» وبعد عامين من تقديمها، أصابه مرض في المرارة وتم علاجه وشَفِيَ منه تماماً.

وذكرت ابنته أمل أنه لصعوبة الحالة وغرابة نجاح والدها في تجاوز الأزمة من وجهة نظر العلم، جرى تدريسها للأطباء في المستشفى بباريس، بعد أن أطلقوا عليها «حالة مدبولي»، لما تحمله من إصرار وقوة في مواجهة المرض وتحدّيه والانتصار عليه، وبعدها عاش النجم الكبير 25 عاماً بصحة جيدة.

وفي عام 2006 وقبل وفاته بأشهر قليلة، أصيب بالسرطان مرة أخرى، ولكن في الطحال، فسافر مجدداً إلى فرنسا، لكن الأطباء هناك أخبروه أن حالته الصحية وكبر سنه سيمنعان إجراء أي عملية له، فعاد إلى مصر، وتعامل مع مرضه بالحقن والأدوية، إلا أن حالته تدهورت كثيراً، وأصيب بمرض السكري بسبب الأدوية التي يتناولها، وبدأ يقل تركيزه وأصبح لسانه ثقيلاً في الكلام، حتى أن أبناءه لا يستطيعون فهم ما يقوله.

وفي أواخر أيامه أصيب مدبولي بالتهاب رئوي أدى إلى نقله إلى العناية المركزة في أحد المستشفيات، وتوفي بعدها بأسابيع قليلة في التاسع من يوليو عام 2006 عن عمر تجاوز 85 عاماً، ورحل فارس الكوميديا على فراش المرض، من دون أن تتحقق أمنيته في الرحيل فوق خشبة المسرح.

أسرار المكالمة الأخيرة مع فؤاد المهندس

ارتبط النجمان الراحلان عبدالمنعم مدبولي وفؤاد المهندس، بصداقة دامت أكثر من 50 عاماً، وشكلا ثنائياً فريداً في المسرح الكوميدي، ولم تظهر على السطح أي خلافات بينهما، وطاولتهما الشائعات قبل رحيلهما بأعوام قليلة، حول خصامهما عقب اعتذار المهندس عن عدم تقديم فوازير رمضان، وإسنادها إلى مدبولي.

والتزم النجمان الكبيران الصمت حيال تلك الشائعات، حتى كشفت ابنة مدبولي (أمل) حقيقة هذا الخلاف بعد رحيلهما، وأن فؤاد المهندس على مدى سنوات عديدة، قدم فوازير «عمو فؤاد» في رمضان، وكان ينتجها التلفزيون المصري، حتى اختلف مع المخرج، وطلب مخرجاً آخر، فرفض المسؤولون طلبه.

واعتذر المهندس عن عدم مواصلة تقديم الفوازير، فعرضوا على مدبولي تقديم برنامج وفوازير للأطفال في رمضان بعنوان «جدو عبده»، فأخبرهم أنه لن يوافق إلا بعد الاتصال بزميله، ويعرف سبب الاعتذار. وكانت هذه الأخلاق السائدة بين الفنانين وقتذاك، فأخبره فؤاد أنه معتذرٌ، ولن يعمل في الفوازير مرة أخرى، فوافق مدبولي على تقديم «جدو عبده»، ولاقى العمل نجاحاً كبيراً.

وعن علاقتهما في أيامهما الأخيرة، ذكرت أمل مدبولي: «اتصل فؤاد المهندس على تليفوني ليطمئن على والدي، وهو في العناية المركزة، فأعطيته لأبي وخرجت من الغرفة، وقام الطبيب المعالج بوضع التليفون على أذن أبي، ولم يفهم فؤاد المهندس كلام أبي، وشعر بأنه في أيامه الأخيرة وأخبرتني زوجة ابنه محمد، بأنه بكى، وحزن كثيراً على أبي، ولحق به فؤاد المهندس بعـــــد شهـــور قليلــــة، وكأنهمـــا لا يستطيعان أن يفترقا».

لقاء نادر مع الأديب العالمي نجيب محفوظ

نشر الفنان خالد النبوي على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، صورة نادرة تجمعه بالأديب العالمي نجيب محفوظ، ونجم الكوميديا عبدالمنعم مدبولي، وكشف عن مناسبة التقاطها، قائلاً: «في منزل الأديب الكبير، كان ذلك وقت عرض مسرحية (الجنزير)، يوم عظيم»، وجاء ذلك اللقاء عقب نجاة أديب «نوبل» من محاولة اغتياله عام 1995.

وتدور مسرحية «الجنزير» للكاتب محمد سلماوي، حول شاب إرهابي، يقوم باختطاف أحد الأسر ويحتجزها كرهينة، وخلال مدة الاحتجاز يرتبط الشاب بالأسرة، فيتغير فكره المتطرف، ويرفض في النهاية أوامر قائد الجماعة بقتل الأسرة.

وقام مدبولي ببطولة النسخة الأولى من المسرحية، وشاركه مجموعة من النجوم، منهم خالد النبوي، وماجدة الخطيب، ووائل نور، وقام بإخراجها جلال الدين الشرقاوي. وأخرجها للتلفزيون المخرج محمد الشال، وحققت نجاحاً كبيراً على خشبة المسرح القومي خلال عامي 1994 و1995.

 

الجريدة الكويتية في

18.04.2021

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004