صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

90

89

88

87

86

 

مقدمة

حول السينما الشعرية

كتابة: صلاح سرميني

 
 

بعد مختاراتٍ من الأفلام التجريبيّة الفرنسية في الدورة الثانية لمُسابقة أفلام من الإمارات، وسينما التحريك في الدورة الثالثة، فكرتُ، أنا، ومسعود أمر الله آل علي (مدير المُسابقة آنذاك) بتيمةٍ أخرى نقدمها في إطار الدورة الرابعة، والتي انعقدت خلال الفترة من 2 إلى 7 مارس2005 في أبو ظبي/الإمارات العربية المتحدة.

وفي ظهيرة أحد أيام شهر يوليو من عام 2004، وتحت شمس مدينة أصيلة المغربية بمناسبة المُلتقى الأول لسينما جنوب ـ جنوب قال لي مسعود:

ـ ما رأيكَ بتيمة السينما الشعرية؟

في تلك اللحظة، ارتعبتُ، وتملّكني الخوف، تناقشنا، وتجادلنا حولها، لقد بحث من طرفه، وعرف بأنه لم يهتمّ بها أيّ مهرجان سابقاً، وكنتُ أعرف بدوري، بأنّ المهرجانات الأوروبية تخصّصت بكلّ المواضيع، والتيمات، ماعدا السينما الشعرية، لماذا؟ لا أعرف.

قلتُ:

ـ يا مسعود، إنها فكرةُ جميلةُ، وجديدة، ولكنها صعبة التنفيذ، والتحقيق، وخاصةً لمهرجان مثل مُسابقة أفلام من الإمارات، ويجب العودة إلى ميراث السينما بشكلٍّ عام، للبحث عن علاقتها مع الشعر، واصطياد الجواهر من أفلامها الشعرية.

ومن وجهة نظرٍ عامّة، فإنّ الصورة السينمائية نفسها تتضمّن نفسَاً شعرياً، منذ الشرائط الأولى لـ الأخوين لومييّر، وفانتازيات ميليّيس، وحتى آخر إنتاج سينمائيّ مُعاصر بما فيها أفلام الخيال العلميّ، وأفلام الرسوم المُتحركة، والأفلام التجريبية، .. وحتى الأفلام التسجيلية عن الحيوانات.

ومن وجهة نظرٍ أكثر دقةً، وتفحصاً، فإنّ السينما الشعرية، أو الشعرية في السينما، بدأت تتجسّد أكثر فأكثر مع الأفلام التي واكبت الحركة السوريالية في نهاية العشرينيّات: أندريه بروتون، مان رايّ، لويّس بونويل، سلفادور دالي، جيرمين دولاك،..، ومن ثمّ الواقعية الشعرية الفرنسية في الثلاثينيات: مارسيل كارنيه، جان كوكتو، روبير بريسون، جاك تاتي،..، وبعد ثلاثة عقودٍ من الزمان، جاء السينمائيّون الشعراء من جمهوريات الاتحاد السوفيّيتي السابقة: تاركوفسكي، بارادجانوف،...ليقدموا لنا شعريةً سينمائيةً من الصعب التخلص من آثارها.

النقاش، والجدل سوف يجعل دائرة الشعرية في السينما تتوسّع أكثر، فأكثر، حتى نعثر عليها في كلّ فيلم نشاهده.

ماهي السينما الشعرية إذاً؟ وكيف يمكن تقديمها في تظاهرة سينمائية تحتفي بها؟

 

«ثمة تعبير أصبح الآن مألوفاً، وشائعاً: السينما الشعرية، ويعني السينما التي تبتعد بجسارةٍ في صورها عمّا هو واقعيّ، وماديّ مُتماسك، كما يتجلى في الحياة الواقعية، وفي الوقت نفسه، تؤكد السينما وحدتها التركيبية الخاصّة، لكن، ثمة خطراً متوارياً يواجه السينما في ابتعادها عن نفسها، السينما الشعرية، عادةً، تلدّ رموزاً، مجازاتٍ، ومظاهر أخرى، أيّ، أشياء لا علاقة لها باللغة الطبيعية المُلائمة للسينما".

أندريه تاركوفسكي ـ ترجمة: أمين صالح

 

و"مازلنا نتردّد أمام صيغة الفيلم/ القصيدة، أو، من أين نستمدّ الشرعية، لو تجرأنا على المحاولة في قصيدة النثر السينمائية!!.

حينها، سوف يبدو بأننا سوف نتعثر في مأزق شحّ المصادر الفيلمية، والنقدية التي تجرّأت بقوةٍ للخوض في الجانب الشعريّ لفنّ الصور المرئية المُتحركة، في حين، أننا سوف نجد بالمقابل حديثاً طويلاً عن شاعرية السينما في مناسبة، أو أخرى، وكنا قد شهدنا كيف أنّ الفيلم القصير أخذ على عاتقه مهمّة الخوض في مغامرة الشكل الشعريّ بجرأة، ووضوح".

حسن بلاسم

 

مُسابقة أفلام من الإمارات حتمّت علينا الاهتمام بالأفلام القصيرة فقط "روائية، تسجيلية، تحريكية، تجريبية،..وشعرية" من خلال بانوراما دولية واسعة، والتركيز على بعض الأسماء المجهولة للمتفرج الإماراتيّ، والعربيّ بشكلٍّ عام، مثل:

الفرنسيّ/الأرمينيّ سيرج أفيديكيان، الأرمينيّ أرتافازد بيليشيان، الجيورجيّ ميخائيل كوباخيدزة، ..وتسليط الأضواء على ما هو شعريّ في السينما العربية، واكتشاف طبق طائر "الرغبة، والطين" لمخرجه العراقيّ باز شمعون الذي يُدفئ إقامته في كندا بالسينما، والشعر، والتشكيل.

بعد القلق، والخوف الذي أصابنا في أصيلة المغربية عند اقتراح الفكرة، احتفينا بتظاهرة سينمائية اكتسبت مكانة الشرف في الدورة الرابعة لمُسابقة أفلام من الإمارات، أهميةً، حجماً، ومساحةً، وكانت قابلةٌ لأن تكون مهرجاناً لوحدها: المهرجان الأول للسينما الشعرية، وربما تكون المُبادرة الأولى من نوعها في العالم، بدون مبالغة.

لقد تمّت الاختيارات النهائية من مجموع 400 فيلم وصلت إلى أيدينا لهذا الغرض، و300 فيلم وصلت للبرامج الأخرى.

وتمحورت الأفكار، والموضوعات، والمُعالجات البصرية للأفلام المُختارة حول الثيمة المُقترحة بمعناها الواسع:

الفيلم الشعريّ، الفيلم/قصيدةٌ سينمائية، شعريةُ الفيلم، شعريةُ الصورة، شعريةُ الحوار الداخليّ، الصورة الشعرية، الشعر والشعراء في الفيلم، الحوار الشعريّ، المُعالجة الشعرية، شعريةُ المكان والزمان السينمائيّين، أفلام الشعراء... إلخ.

وقد تمّ تنظيم تلك التظاهرة بالتعاون مع أهمّ المهرجانات، والمؤسّسات في فرنسا، والعالم:

*المهرجان الدوليّ للأفلام القصيرة في كليرمون فيرون/فرنسا.

*معهد العالم العربيّ، بينالي السينما العربية في باريس.

*جماعة السينما الشابة، ومهرجان باريس للسينمات المُختلفة.

*المخرج الفرنسي سيرج أفيديكيّان.

*الجمعية الفرنسية لسينما التحريك.

*شركة أفلام أركيّون في باريس.

*مجموعة البحوث، والدراسات السينمائية في باريس

*Unifrance

*وكالة الفيلم القصير في باريس.

*مهرجان الفيلم القصير في بانتان/فرنسا.

*انتشال التميمي، مهرجان الفيلم العربيّ في روتردام/هولندة.

*معهد الفيلم النرويجيّ.

*مهرجان سينيمانيلا السينمائيّ الدوليّ/الفيليبين.

*مهرجان أدنبره السينمائيّ الدوليّ/بريطانيا.

*German-Films /ألمانيا.

 

كانت الحصيلة النهائية في طريقها للتطوّر، ولكن، في لحظة ما قبل انعقاد المهرجان، كان علينا أن نتوقف، أو تتضاعف أيامه، وهو مالا يمكن أن يحدث.

خلال الفترة من 2 إلى 7 مارس 2005، عاش الجمهور الإماراتيّ، متفرجين، ومحترفين، حالةً من النشوة مع مشاهدتهم لأفلام لم يتعوّدوا عليها في الصالات التجارية، وكانت فرصةً أيضاً للتحليق في سماء سينما شعرية صافية، وحالمة.

وفي تلك المُناسبة، قدم لهم المهرجان كتاباً، هو بمثابة جولة لطيفة، ومُمتعة "حول السينما الشعرية"، يتضمّن دراساتٍ، مقالاتٍ، وقصائد للسينما، وعنها، كتبها:

·      المخرج الراحل أندريه تاركوفسكي/روسيا

·      بييّر أربوس/فرنسا

·      أرتافازد بيليشيّان/أرمينيا

·      ميخائيل كوباخيدزة/جيورجيا

·      باربارة بالمر ـ ستوتز/ألمانيا

·      سيرج أفيديكيان/أرمينيا/فرنسا

·      بندر عبد الحميد/سورية

·      أمين صالح/البحرين

·      حسن بلاسم/العراق/فنلندة

·      صلاح سرميني/سورية/فرنسا

·      كورش قادر/العراق/إيران

·      حسن حداد/البحرين

·      محمد غُنيّم/مصر/إيطاليا

·      باز شمعون البازي/العراق/كندا

·      فراس عبد الجليل الشاروط /العراق

السينيفيليّ، والسينيفاجيّ

يختلف "المتفرج السينيفيليّ" عن "المتفرج السينيفاجيّ".

"المتفرج السينيفاجيّ" يلتهم الأفلام عن طريق أيّ وسيط، وهو ليس بالضرورة دقيقاَ، ورُبما لا يمتلك ثقافةً سينمائية.

هدفه الأول، وما يعشقه، أن يشاهد، ويستهلك أكبر عدد من الأفلام.

على العكس من "المتفرج السينيفيليّ"، صحيحٌ بأنه يشاهد أكبر عدد من الأفلام، ولكنه لا يتوقف عند المشاهدة فقط، بل يحاول أن يكون عارفاً لأقصى ما يمكن من المعلومات، يقرأ كلّ شييء عن السينما، ويمتلك ثقافةً سينمائيةً دقيقة، باختصار، عاشقٌ حقيقي للسينما هو "سنيفيليّ".

بينما شخص يكفيه ابتلاع آلاف الأفلام هو "سينيفاجيّ".

بشكلٍ عام، "المتفرج السينيفاجيّ" لا يُفرّق بين تحفة، وفيلماً جيداً، ما هو هامٌّ بالنسبة له، الاستمتاع بالفرجة على فيلم.

ما يحبه هو التسلية الخالصة.

"المتفرج السنيفيليّ"، وبالإضافة إلى عنصر التسلية، يحاول أن يكون موضوعياً من وجهة نظرٍ تقنية، وفنية.

*****

ما هو أصل كلمتيّ "سينفيلي"، و"سينفاجي"، ولماذا أطلق عليهما هذا الاسم؟

cinéphile

هو الشخص الذي يعشق السينما، وهي كلمة، أو مصطلح مكوّن من اجتماع

كلمتين :

ciné+phile

سينما+حب

بالفرنسية نقول philosophie، وتعني حب الحكمة.

Cinéphage

وتعني الشخص الذي يلتهم/يستهلك السينما، وهي كلمةٌ، أو مصطلحٌ مكوّن من اجتماع كلمتين :

Ciné+phage

ونقول ايضاً Téléphage، وهو الشخص الذي يشاهد التلفزيون كثيراً، ويمكن نحت مصطلح جديد

facebookphage

الشخص المُدمن على الفيس بوك.

سينماتك في ـ  18 يناير 2023

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 03.07.2022

 

>>>

90

89

88

87

86

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004