صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

40

39

38

37

36

 

التناغم بين الفن التشكيلي، والرسوم المتحركة في أفلام المخرج الروسي ألكسندر بيتروف

كتابة: ليليا عثمان الطيب/ الجزائر

 
 
 

أدّى التطور الحاصل في الفن التشكيلي إلى التطور الإبداعي للسينما، إذّ أصبح للبُعد السينمائي حضوراً مهماً داخل اللوحة التشكيلية، حيث أضفى السينمائيّ على اللوحة التشكيلية الحركة، وقد نحا الفن التشكيلي المعاصر عقب الحرب العالمية الثانية نحو اتجاهاتٍ فنية جديدة، ما أدى إلى انفتاح الفنان التشكيلي على عوالم افتراضية أخرى، الشيء الذي جسدته تيارات الفن السيبيرنيطيقي المستفيدة من ثورة النص الافتراضي، وبهذا، بدورها استفادت السينما من حقل l'infographisme خاصة في مجالات الرسوم المتحركة، والخدع السينمائية .

من بين أشهر مخرجي الرسوم المتحركة في العالم الذين يعتمدون في أفلامهم على تكنولوجيا الفن التشكيلي الحيّ المخرج الروسي ألكسندر بيتروف الذي درس الفن على يدّ مخرج الرسوم المتحركة الشهير يوري نورستين.

وُلد بيتروف في 17 يوليو سنة 1957 في روسيا، وتميز أسلوبه في التحريك بالطابع الواقعي الرومانسي القويّ، فالشخصيات المتحركة، والحيوانات، والمناظر الطبيعية في أفلامه هي أسلوب واقعي للغاية، لذلك حصلت العديد من أفلامه على جوائز عالمية من بينها جائزة الأوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة قصير.

تُعتبر الأعمال الأدبية الكلاسيكية المتحركة لبيتروف ذات أسلوبٍ تشخيصي مُبهر، فهو يرسم بطريقة فريدة، حيث يرسم بأطراف أصابعه بالطلاء الزيتي على الزجاج، وهي تقنيةٌ نادرة، وصعبة، ولا يُتقنها إلاّ القليل، حيث يستبدل الفرشاة بأصابعه لرسم لوحات فنية متحركة، فكلّ إطار في الفيلم يمثل صورة تشكيلية ناطقة في حدّ ذاتها، مما يخلق لغةً متناغمةً بين اللوحات الفنية، والرسوم المتحركة .
كلّ أفلام بيتروف رائعة من روائع الفن التشكيلي الحيّ، أبرزها فيلم
Marathon (1988)، وThe Cow (1989) الحائز على جائز الأوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة قصير الذي تقلّ مدته عن عشر دقائق إلاّ أنه يعبر عن حالةٍ إنسانية، وشاعرية بين صبيّ، وبقرة، وThe Dream of a Ridiculous Man (1992) المقتبس عن رواية للأديب فيدور ديوستوفسكي، Mermaid (1997)، The Old man And The Sea (1999) الحائز على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة قصير، وقصة الفيلم مقتبسة من رواية شهيرة للكاتب الأمريكي أرنست همنغواي تحمل نفس الاسم، واستغرق الفيلم أكثر من عامين في صنعه من مارس 1997 إلى أبريل 1999، ولوحات تتكون من 29،000 إطار ، ومدة الفيلم 20 دقيقة من المتعة البصرية للمشاهد، و Winter Days (2003)، وفيلم My Love (2006) الحائز أيضا على الأوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة قصير، وقد تمّ تقديم الفيلم في مسرح Angelika في شيبويا باليابان برعاية أستوديو غيبيلي Studio Ghibili الياباني المعروف كأول فيلم رسوم متحركة غربي في متحف مكتبة غيبيلي The Ghibili Library Museum .

إن أفلام بيتروف بعيدة عن التنميق، أو مجاملة المشاهد، بل تنقل له مشاعره كما يعيشها، في لوحات تشكيلية ناطقة تجمع بين متعة الصورة، وإبداع المخرج، وحوارات هي أشبه بهمسات منها إلى أحاديث صاخبة، لكنها تهزّ كيان المشاهد، لأنها تجمع بين الرمزية، والرومانسية، والإنسانية، بالإضافة إلى الموسيقى المعبرة التي تمثل لغة في الفيلم، ومزاوجة بين جمالية الصورة، والقصة، فلا يوجد بطل واحد في أفلام بيتروف، فكل شخصية وإن كانت ثانوية لها امتداد مع الشخصية الرئيسية.

سانتي بابانجير

"Santyé Papangèr"، فيلمٌ تسجيليّ طويل من إخراج لوران بانتاليون، وإنتاج عام 2020

تتشابك أحداثه مع مجموعةٍ من الشخصيات، حيث يعمل بول بتربية صغار الماعز في الفناء الخلفي لمنزله، وهو يدرك أنّ ما يهمّه ليس تربية الحيوانات، بل أن يكون ماكينيوناز، أيّ الوسيط الذي يشتري، ويبيع في السوق السوداء.

إنه ليس المؤيّد الوحيد لهذه الممارسة، فهناك أيضاً باتريس جامع الزجاجات، ويوسف مصلح أجهزة التلفزيون، وسيندي أخصائية تحضير، وبيع السمبوسة، وككوك بائع الأعشاب الطبية الشعبية، ويوهان ميكانيكيّ المنطقة التي يعيش فيها، وجان لوي حلاقٌ يمارس مهنته في أحد أركان شارع بالقرب من بيته، والعديد من الذين يعيشون من عدة أنشطةٍ غير معلنٍ عنها؛ مثل العديد من الرجال الذين لم يستسلموا لأقدارهم الصعبة، مما يرمز إلى نضال جزيرة ريونيون، وثروتها.

*****

بعد البكالوريا الأدبية في "السينما، والسمعي/البصري"، والدبلوم الوطني في الفنون والتكنولوجيا من مدرسة الفنون الجميلة في جزيرة ريونيون، بدأ لوران بانتاليون مسيرته المهنية كمخرجٍ مستقل، وأنجز العديد من الأفلام المؤسّسية.

في الوقت نفسه، ينجز سلسلةً من أعمال التصوير الفوتوغرافي، والفيديو حول هوية، وتراث جزيرة ريونيون.

في عام 2004 مع حركة  Kinoصوّر عدة سيناريوهات له.

تشير تلك الإنجازات إلى بدايات عالمه: أسلوب إخراجيّ يترك مكاناً مهماَ للصورة، والسرد المجازيّ، قريباً من مكانة الحكواتي.

بالنسبة له، ليست القصة هي المهم، بل طريقة سردها.

هذه القواعد الكلاسيكية، الخاصة بسكان جنوب ـ اجنوب، تبني أول فيلم قصير له بعنوان "الوجه الخفي لسانتا كلوز"، وهو عملٌ شاعريٌّ، ومنخرطٌ في واقع جزيرة ريونيون.

إلى جانب مهرجان استثنائي، سوف نتذكر لهذا الفيلم اختياره للمنافسة في مهرجان من الفئة أ، FESPACO  (مهرجان عموم أفريقيا للسينما والتلفزيون بواغادوغو)، أكبر مهرجان في إفريقيا.

تمّ اختيار "Baba sifon" ، ثاني أفلامه القصيرة ، في FESPACO عام 2019

Santyé papangèrهو أول فيلم طويل له.

كتبٌ باللغة العربية عن السينما التجريبية

هل توجد كتبٌ عربية عن السينما التجريبية مترجمة بشكلٍ جيد؟

الإجابة :

أصلاً لا توجد كتبٌ عربية عن السينما التجريبية .

الاستثاءات النادرة هي :

·      كتاب "السينما التجريبية : تاريخٌ، ومنظورٌ مستقبلي" للباحث الفرنسي "جان ميتري" صدر في عام 1974، وترجمه إلى اللغة العربية السوري "عبد الله عويشق"، وصدر عن وزارة الثقافة السورية عام 1997 (بعد 23 سنة من تاريخ إصدار الكتاب الأصلي)، وهذا يعني، بأن معلوماته توقفت عند عام 1974، ونحن حالياً في عام 2021، ولم أتحقق من دقة الترجمة.

 

·      كتاب آخر بعنوان "السينما كفنٌ تدميريّ" للباحث الأمريكي من أصلٍ نمساوي " أموس فوجيل"، صدر عام 1974، وترجمه إلى العربية البحريني "أمين صالح" في كتاب بعنوان "السينما التدميرية"، صدرت الطبعة الأولى منه عام 1995(بعد حوالي 21 سنة من تاريخ طباعة الكتاب الأصلي)، وصدرت الطبعة الثانية عام 2002، (بعد 28 سنة من تاريخ إصدار الكتاب الأصلي)، ونحن في عام 2021، والكتاب غير مخصص حصرياً للسينما التجريبية، ولكن، يتضمّن فصولاً عنها.

 

·      كتاب "منطق السينما التجريبية" وهو أطروحة دكتوراه للباحثة العراقية "بان جبار خلف"، صدر عن وزارة الثقافة السورية عام 2011، وهو كتابٌ يجعلك تكره السينما التجريبية، حيث تجاهلت الباحثة تاريخاً، وتراثاً عظيماً من السينما التجريبية، واكتشفت التجريب من مخيلتها، وطبقتها على أفلام ذنبها الوحيد أنها كانت مختلفة عن السائد، وهو أقصى مراحل التجريب بالنسبة لها (كتابٌ مؤذي فعلاً).

 

وهذا يؤكد بأننا في مجال الترجمة عن السينما بشكلٍ عام، والسينما التجريبية بشكلٍ خاص متأخرين جداُ جداً.

والملاحظة الأهم، بأن المترجميّن (عبد الله عويشق، وأمين صالح) ترجما الكتابين بمبادرةٍ شخصية منهما، وتحددت مبادرتهما بالترجمة فقط، بدون أن يكون لهما أي اهتمام حقيقي بالسينما التجريبية كحال النقاد، والباحثين، والمؤرخين الأجانب المتخصصين بهذه السينما تحديداً.

ما هو رسميّ، وغير رسميّ في مهرجان كان

تتوزّع فعاليات مهرجان كان السينمائي في أقسامٍ مختلفة (وهي كلها رسمية):

ـ المسابقة الرسمية (الأفلام الطويلة، والأفلام القصيرة، وأفلام الطلبة).

ـ نظرة ما.

ـ كلاسيكيات السينما.

ـ عروض الشاطئ.

ـ عروض خاصة خارج المسابقة.

وهناك أقسام تنافسية أخرى تنعقد خلال فترة المهرجان، وينظمها، ويديرها مؤسساتٍ فرنسية باستقلاليةٍ تامة عن المهرجان، وهي :

ـ أسبوع النقاد (النقابة الفرنسية لنقاد السينما).

ـ أسبوعا أفلام المخرجين (مؤسّسة مخرجي الأفلام).

ـ قسم "جمعية السينما المستقلة من أجل توزيعهاACID "

إذاً، كلّ هذه الأقسام، أكانت تابعة مباشرة لمهرجان كان، أو مؤسساتٍ فرنسية أخرى، تهتم (بالأفلام فقط)، ولا علاقة لها بـ(مشاريع، أو سيناريوهات)، ولا تختار (مشاريع، أو سيناريوهات)، لا في (الاختيارات الرسمية)، ولا (غير الرسمية).

فقط، هناك ما يُسمى "إقامة دراسية" يهتمّ بها قسم أفلام الطلبة  (Cinéfondation)، وفي كلّ دورة يتم اختيار مجموعة من المخرجين من كلّ أنحاء العالم من أجل اللقاء بينهم، وتطوير مشاريعهم بالتعاون مع محترفين من الصناعة السينمائية.

بالمقابل، وبالتوزاي.....

مهرجان كان فرصة سينمائية مهمة، ولهذا السبب، يعتبر المكان الأمثل لاجتماع الفاعلين في مجالات السينما من كل الاختصاصات، أفراداً، ومؤسّسات خاصة، وحكومية، ويجتمع هؤلاء في إطار "سوق مهرجان كان"، أو خارجه.

وفي هذا الزخم الهائل، هناك مؤسّسات مانحة، وصناديق دعم، ومهرجانات، وإقامات دراسية، وتدريبية،...

على سبيل المثال :

ـ يمكن أن يلتقي في مهرجان كان مجموعة من المخرجين حصلوا على منحة من مهرجان القاهرة (مثلاً)، من أجل نقاش مشاريعهم، وتطويرها، والبحث عن ممولين آخرين...لكن مشاريعهم لم تدخل، ولم تشارك، ولم يختارها مهرجان كان.

ـ هناك مؤسسة سينمائية فرنسية (المصنع)، وخلال مهرجان كان تجمع كلّ المؤسسات المانحة، وتلك المهتمة بمشاريع جديدة، وكل مؤسّسة تدعو مجموعة من المخرجين للاستفادة من هذه اللقاءات اليومية مع المخرجين، والمنتجين، والموزعين...إلخ.

بمعنى، هذه النشاطات الموازية لمهرجان كان، وأقسامه المختلفة، هي من تنظيم، وإدارة مستقلة من طرف هذه المؤسسات الأهلية، والحكومية.

إذاً...

لا علاقة لمهرجان كان ـ بكلّ أقسامه ـ بمشاريع الأفلام، مكتوبة، أو بصدد الكتابة.

وفي حالة مشاركة مخرج في ورشةٍ ما، أو إقامة ما، أو في أيّ مؤسسة مانحة، لا يوجد هناك توصيف "اختيار رسمي"، أو "غير رسمي"، يعني، لا يمكن لمخرج أن يذهب إلى مهرجان كان، ويشارك في هذه الورش، والإقامات بطريقةٍ غير رسمية، كل شيء مجهز من البداية.

توصيف "اختيار رسمي" يُطلق على الأفلام الجاهزة، والتي يتمّ اختيارها في أحد اقسام المهرجان الرسمية، يعني المسابقة الرسمية للمهرجان، أو خارج المسابقة.

المهرجانات في حالة المشاريع هي (الحاضنة))، أو (المكان) الذي تجتمع فيه، يمكن أن يكون دبي، القاهرة، كان، لوكارنو، أو برلين....ويمكن أن يكون جميعها، وهذا لا يعني بأن المشروع دخل هذا المهرجان، أو ذاك في الاختيارات الرسمية، أو غير الرسمية، حتى وإن جاءت المنحة من المهرجان نفسه (نقول حصلت على منحة من صندوق دعم مهرجان الجونة في مصر، ولا نقول دخل، أو شارك في المهرجان، لا في الاختيارات الرسمية، ولا غير الرسمية).

مهمة المخرج الانتقال بمشروعه من مهرجانٍ إلى آخر، لأن هذه المهرجانات هي مكان عمل، وهو يعمل من أجل مشروعه، كما الصحفي الذي يذهب إلى مهرجان ما من أجل العمل.

هذه معلوماتٍ أساسية عن مهرجان كان، وآلياته، وهي تقريباً تنطبق على أيّ مهرجان..

سينماتك في ـ  03 يناير 2023

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 09.09.2021

 

>>>

40

39

38

37

36

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004