صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

40

39

38

37

36

 

نظرةٌ جديدةٌ على السينما الأمريكية المُستقلة

ترجمة وكتابة: صلاح سرميني/ باريس

 
 
 
 

أصبح من الصعب تحديد معنى "السينما المُستقلة" في الولايات المتحدة، مع إنتاج أكثر من ألف فيلم كلّ عامّ، وتقلص أعداد الأفلام التي تُنتجها الاستوديوهات، يمكن لأيّ شخصٍ الادّعاء بأنه "مستقلّ"، وبسبب هذا التوسّع، فقد المُصطلح معناه.

عندما بدأ مفهوم "السينما المُستقلة" بالظهور في ثلاثينيّات القرن العشرين - تمّ تطبيقه على حركاتٍ متنوّعة غير الأفلام، مثل (تجمّع السينما، والتصوير الفوتوغرافي)، وأول سينما طليعية - كان يشير إلى أعمالٍ تختلف جوهرياً عن تلك التي كانت تنتجها السينما التجارية في هوليوود:

 

ـ أشكال إنتاجٍ مختلفة.

ـ استراتيجيات توزيعٍ مختلفة.

ـ أشكال عرضٍ مختلفة.

ولكن، الأهمّ، وقبل كلّ شيء

ـ الأشكال الجمالية، والسياسية المختلفة.

 

قليلٌ من العناوين التي يمكن الإشارة إليها بالسينما الأمريكية المُستقلة اليوم، تشبه أيّ شيءٍ آخر غير الإنتاج الأقلّ تكلفةً مادية لما يُمكن أن نجده بسهولةٍ في التلفزيون، أو في المجمّعات السينمائية.

لحسن الحظ، لا تزال الروح الأصلية للسينما المُستقلة تعيش اليوم، وفي أغلب الأحيان في الأعمال التي تمرّ من "تحت أجهزة رصد" وسائل الإعلام الكبرى، والمهرجانات الرئيسية.

 

(الدليل الفصلي للسينماتيك الفرنسية، خريف 2018، ريتشارد بينا، وليفيا بلوم إنغرام، بمناسبة الحلقة الثالثة من برنامج عروض استعادية تحت عنوان: نظرة جديدة على السينما الأمريكية المُستقلة).

*****

في صباح يومٍ فيسبوكيّ، كحال كلّ الأيام، والليالي الفيسبوكية، أثار مخرجٌ عربيّ في صفحته موضوع السينما المُستقلة، ومن بين تعليقاتي:

أعتقد بأننا لو كتبنا منذ الآن، وحتى الغد، تعليقاتٍ مُقتضبة، أو مُسهبة، أو حتى دراساتٍ، لن تغيّر من المفهوم السطحيّ، والتسطيحي للمعنى الجوهري لمصطلح السينما المُستقلة، والذي، كحال أيّ موجة جديدة في السينما، ظهر في فترةٍ معينة، في الستينيّات، وتطوّر مفهومه إلى سينما بديلة، وموازية، وطليعية، وشخصية، وتجريبية...

وبعده، اختفى المُصطلح، أو كان عليه أن يختفي، أو ننساه، لأنّ السينما السائدة، وكعادتها، استوعبته، وكعادتها أيضاً، استحوذت عليه، وأصبح بالإمكان مشاهدة أفلاماً مختلفة، وطليعية، وتجريبية في إطار السينما السائدة نفسها.

هناك مثالٌ منسيٌّ، ونسبيٌّ في السينما المصرية، وهو فيلم "حكاية الأصل، والصورة في إخراج قصة (نجيب محفوظ) المُسمّاة (صورة)" للمخرج مدكور ثابت، وأيضاً فيلمه التسجيلي القصير "ثورة المكن".

وهناك مثالٌ آخرّ نسبيّ في السينما السورية، "اليازرلي" للمخرج العراقي قيس الزبيدي...وكانت هذه الأفلام من إنتاجٍ حكوميّ...

في الولايات المتحدة، كانت الاستقلالية تعني إيجاد بدائل من أجل مواجهة سيطرة الأستوديوهات الكبرى....

والموضوع طويلٌ، ومتشعبٌ....المهم، أن يفهم المخرجون العرب الجدد بأن التمويل الذاتي، أو الفقير لا يعني الاستقلالية....

مثال آخرٌ من لبنان، المخرج اللبناني غسان سلحب ينجز أفلاماً شخصية مستقلة، وبالآن ذاته، أفلاماً روائية في إطار السينما السائدة...

السينما المُستقلة مفهومٌ اقتصاديٌّ، وجماليّ.

إذا كان المخرجون العرب الجدد يستخدمون مصطلح السينما المُستقلة لأنهم يمولون أفلامهم بأنفسهم، أو لأنها فقيرة الإنتاج، فهذا يعني بأن كلّ هؤلاء : يوسف شاهين، شادي عبد السلام، داود عبد السيد، خيري بشارة، رضوان الكاشف، وعشرات غيرهم، مخرجون غير مستقلين، بينما حضرة، وجناب، ومعالي المخرج المبتدئ، الفقير، الغلبان، الذي موّل فيلمه القصير الأول، أو الثاني بنفسه، مخرجٌ مستقل، والأهم، يعتقد بأنه توصيفٌ إيجابيّ، بينما هو في الحقيقة، مخرجٌ لم يتمكن من العثور على تمويلٍ لأكثر من سبب، فاضطر مرغماً تمويل فيلمه بنفسه، أو اعتمد على خدماتٍ تطوعية، وهذا المنهج الاقتصادي لن يوصله إلى شيئ إذا لم يكن مستقلاً حرفياً، أيّ يهجر عن طواعيةٍ آليات السينما السائدة، وينجز أفلاماً أخرى مختلفة تماماً.

اليوم، لم يعدّ هناك ضرورة لاستخدام هذا التصنيف "السينما المُستقلة"، لأنه، كما أشرتُ أعلاه، ظهر في فترةٍ تاريخيةٍ معينة، وفي بلدٍ معين، وبعد سنواتٍ فقد معناه، أو أصبح فاقد الصلاحية، لأنه، ليس الشرط الوحيد للسينما المُستقلة أن تنتج خارج إطار السينما السائدة، ولكن، هناك شروط التوزيع، والعرض، والأهمّ، الشروط الجمالية...

وهذا ما يتوّجب أن يدركه أيّ مخرج عربي (يدّعي الاستقلالية)، حيث أن المشهد السينمائي الحالي (العالمي)، تجاوز هذا المفهوم القديم، واستوعبه، وحتى احتضنه.

يعني، حالياً، وعلى سبيل المثال، مخرج فيلم تجريبي خالص سوف يجد أماكن عرض في كلّ مكان بدون أيّ مشكلة، بينما كان الأمر مختلفاً في سنوات ظهور، وصعود مفهوم "السينما المُستقلة"، وما كان ينتج من أفلام تحت عنوان "الأندرغراوند" بأليات إنتاج، وعرض، وتوزيع مختلفة عن أفلام الإستوديوهات الكبرى، يمكن إنتاجها اليوم، أو ما يشابهها، بأليات إنتاج، وعرض، وتوزيع (في وضح النهار) إن صحّ التعبير.

نفس حال "بيان الدوغما 95" الذي لم يصمد لأنّ المشهد السينمائي استوعبه، وهضمه (ويعود الفضل إلى الأداة، أيّ الفيديو).

ونفس حال ما ناضل من أجله السينمائيون العرب، وسموه "السينما البديلة" التي لم يعدّ لها معنى، ...

حتى السينما التجريبية التي كانت تُوصف بأنها "بيتوتية/منزلية"، أصبح بإمكان أيّ شخص إنجاز فيلم بطريقةٍ "بيتوتية/منزلية".

إذاً، هل يُعيد المخرجون العرب النظر في استخدام مصطلحاتٍ، وتوصيفاتٍ بدون أن يفهموا معناها؟

سينما التحريك، وثنائية جميل/قبيح

فيلم الرسوم المتحركة "الجميلة، والوحش" نموذجاً

ليليا عثمان الطيب/ الجزائر

يُنظر إلى الرسوم المتحركة اليوم كلغةٍ عالمية شبيهة باللغة الطبيعية في إيقاعها، ففيلم الرسوم المتحركة Animated Movie كشكلٍ فنيٍّ ليس وليد جهد فردي، بل هو نتيجة أبحاث، وتجارب عدد كبير من الفنانين، والمفكرين .

تُعرّفها الموسوعة البريطانيةThe Encyclopaedia Britain  بأنها : "فنّ صناعة الأشياء الجامدة لتبدو متحركة"،

وتتعدد مواضيع الرسوم المتحركة، فهي ليست موجهة للصغار فقط، بل ينجذب إليها الكبار أكثر من الصغار، فهي تنقل لنا العالم في لوحاتٍ خيالية متحركة ساحرة، وتقدم لنا قوالب معرفية ضمن سياق ثقافي معين، فالجمال، والحب، والطبيعة، والصدق، والصداقة، والسلام، والمغامرة، كلها كانت، ولازالت مواضيع مُحرّكة لأفلام سينما التحريك خاصة مع اعتمادها على ثنائيات الخير/الشر، الحب/الكراهية، الحرب/السلام، والجميل/القبيح، كلّ هذه الثنائيات لا يخلو منها مجتمع خاصة الجمال، ونقيضه، بل ما قد نراه قبيحاً قد يظهر في مجتمع آخر هو الجمال بعينه، فكلّ مجتمع لديه وجهة نظر خاصة تتعلق بالجمال، ومن بين أفلام الرسوم المتحركة التي قدمت مفهوم الجمال في شكلٍ مختلف، وجديد نوع ما هو فيلم ديزني "الجميلة والوحشّ" Beauty And The Beast الصادر سنة 1991 .

تدور أحداث الفيلم حول أمير وسيم، ولكنه أنانيّ، وغير لطيف، حيث تحوّل ساحرة مظهره الجميل إلى مظهر وحش، ليصبح جوهره هو نفسه مظهره، ومن أجل كسر اللعنة لابدّ أن يقع في الحب، وقد تمّ تحديد موعد نهائي لذلك، وإلاّ سيظل وحشاً للأبد، ويتمثل ذلك في أن عليه كسر اللعنة قبل سقوط البتلة الأخيرة من الوردة الحمراء السحرية، وبعد لعنه يسجن فتاة شابة اسمها بيل Belle، ليقع كلّ من بيل والوحش في حب بعضهما خلال أحداث الفيلم، وينتهي الفيلم بكسر اللعنة، وزواج بيل والوحش.

تناقش سوان Swan بأن تقسيم الأدوار بين بيل كانسان، والوحش كحيوان، تظهر جلية بالفعل من خلال العنوان، فهي تلخص المفاهيم العديدة التي يتم تقديمها لتسمية هذه الثنائية المتناقضة الحيوانية/البشرية، وضمن هذه التناقضات يمثل الوحش مفهوم القبح، والقنص، واللاتفكير، بينما تمثل بيل مفهوم الجمال، والحرية، والتفكير، فهي مختلفة عن الفتيات في قريتها، حيث تعشق المطالعة، وتشعر بالملل من حياتها العادية، ومكرسة نفسها لدعم والدها المخترع العجوز، فهي تجمع بين الجمال الخارجي، والجمال الفكري .

إن سمة حب القراءة التي تتميز بها بيل هي من بين الأمور الذي تحدد مفهوم الجمال في الفيلم، فمن خلال الكتاب يتمّ إظهار غاستون Gaston كشخصية قاسية، وغبية، وذلك رغم وسامته، واعجاب فتيات القرية به، حيث يظهر في أحد المشاهد وهو يلقي كتاب بيل في الوحل، ويدوس عليه بحذائه القذر، بينما حين تكون أسيرة في قلعة الوحش، يقوم الوحش بمفاجأتها، ودعوتها لمشاهدة مكتبة كبيرة التي ستعمل لاحقاَ على تغيير سلوك الوحش.

يتمّ تصوير بيل في الفيلم كمعلمة للوحش، حيث تعلمه كيف يأكل بالشوكة، والسكين، وتعلمه القراءة، وتعلمه كيف يطعم الطيور، وبلعب بالثلج، فهي تمثل بالنسبة لهنري جيرو Henry Giroux نموذجاً للحضارة خاصة فيما يتعلق بأخلاقيات المائدة، وآداب السلوك، وتحول الوحش سلوكياً من حيوان شرس، ونرجسي إلى كائن كريم، وحساس، تقول كاتي مايو Kathi Maio :

 "إذا كانت المرأة جميلة بما فيه الكفاية، فيمكنها أن تحول وحشاً عنيفاً بلا ترويض إلى أمير ساحر".

ومع ذلك، ظهر في الفيلم أن جمال بيل الروحي هو الذي ساهم في تغيير طباع الوحش، فجمالها في الفيلم لم يمنع الوحش من سجنها أن يكون معها قاسيا في البداية.

في نفس الوقت تتعلم بيل من الوحش كما يتعلم هو منها، حيث تتعلم أن القبح الخارجي لا يعني شيئاً، وأن الجمال الحقيقي يأتي من الداخل، فالفيلم يدعو إلى إيجاد الجمال داخل الذات، وليس خارجها، وبأن هناك داخل كل منا شيئاً جميلاً، وقبيحاً، ومطلوب من بيل في الفيلم استخراج الجمال من قبح الوحش، لذلك، فإن صفات بيل الداخلية مثل الرحمة، والشجاعة، والشرف، هي التي تدفع الوحش للتخلي عن صفاته الحيوانية، واكتشاف صفات نبيلة مخفية في شخصيته، هذا التحول الجذري هو الذي يساهم في وقوع كلاهما في الحب، على الرغم من أن هذه المشاعر تتطوّر بشكلٍ بطيء، إلاّ أن بيل تحتاج إلى وقت، ومسافة لإدراك أنها فعلا تحب الوحش، ويتجسد ذلك من خلال دفاعها عنه أمام القرويين ثم حزنها عليه حين تظن أنه مات  .

إن ديزني تقدم من خلال هذا الفيلم نظرة جديدة عن الجمال تختلف عن أفلامها السابقة التي تتعلق بحكايات أميرات ديزني، حيث اعتدنا أن نرى أميرات ديزني يقعن في الحب من النظرة الأولى، والأمر نفسه بالنسبة للأمراء، حيث يقع الأمير في حبها لجمالها حتى قبل أن يعرف اسمها على عكس بيل، فالحب من أول نظرة غير موجودة في الفيلم، كما أنه يكاد مستحيلاً، لكن الاهتمام المتبادل، وحسن السلوك الذي يعبر في الحقيقة عن جمال داخلي، هو ما شكل عاملاً رئيسياً في نشوء قصة حب بين بيل، والوحش.

المهرجان الدولي للسينما الجرولاندية في تولوز

من 20 إلى 26 سبتمبر 2021، يحتفل المهرجان الدولي للسينما الجرولاندية في تولوز(فرنسا) بالذكرى السنوية العاشرة مع برنامج أفلام بروحٍ جرولاندية، مذهولة، ومُنذهلة حسب الرغبة، أفلام هجاء اجتماعي، أو دعابة مجنونة، كلّ ذلك برفقة العديد من الضيوف.

لمدة 7 أيام، في الصالات المُظلمة، وفي الهواء الطلق، أو في أماكن العرض غير المُعتادة، سيتمّ تقديم أكثر من مائة عرض، بالإضافة إلى الحفلات الموسيقية، والمسرح في الشوارع، والمعارض، والاجتماعات الأدبية ...

ستُقام قرية Gro في الفترة من 22 إلى 26 سبتمبر في ميناء فيجري، وستكون مسرحاً للعديد من الأنشطة اليومية، وتنظيم أول ألعاب جرولمبيك، الجرولمبياد.

سيتمّ تقديم 10 أفلام روائية طويلة في المسابقة إلى تحكيم سيلفي الرهيبة (المقصود سيلفي بيالا)، المُحققة السيادية للمشيّخة (إمارة جرولاند)، التي ستقدم جائزة أمفورا الذهبية (وتعني الجرّة الذهبية).

أنتجت مع شركتها حوالي أربعين فيلماً طويلاً للسينما، ولم تعدّ تُحصي العديد من الاختيارات، والجوائز سواء في مهرجان كان، أو في جوائز سيزار، أو حتى في حفل توزيع جوائز الأوسكار.

كان من الضروري ما لا يقلّ عن سيدة السينما العظيمة من أجل 10 سنوات من المهرجان.

11 فيلما قصيرا ستُكمل اختيار الأفلام في المسابقة.

أفلامٌ في عروضها الفرنسية الأولى، وأخرى في عروضها العالمية الأولى، وأفلامٌ يُعاد اكتشافها بعد سنين من النسيان ...

سيتوفر في كلّ الأقسام 66 فيلماً طويلاً، و 9 برامج أفلام قصيرة موزعة على 107 عرضاً.

سينماتك في ـ  03 يناير 2023

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 19.09.2021

 

>>>

40

39

38

37

36

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004