صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

20

19

18

17

16

 

العرب خارج الصّورة... والتصور أيضاً

كتابة: خميّس الخياطي/تونس

 
 
 

كان أستاذي في مادة السينما الوثائقية بجامعة نانتير (باريس 10)، تلك الجامعة التي أتت جرّاء انتفاضة الطلبة عام 68 من القرن الماضي، والتي انتصبت في ضاحية باريس الشمالية ذات المناخ العماليّ المُتعدّد الجنسيات، والأيديولوجيات اليسارية… كان أستاذي مع أساتذة آخرين منهم التونسي ـ الفرنسي "ألبير مامي"، والفرنسييّن "جان بودريار"، و"جان روش"، و"هنري لانغلوا"، وغيرهم، قبل أن أنتقل إلى جامعةٍ أخرى

إنّه الايطالي، ومن صقلية تحديداً، الراحل "انريكو فولكينيوني"، صديقٌ حميميٌّ لروسوليني، وملازمٌ لأعمال فيسكونتي، وفلليني، ودي سيكا، وغيرهم، صاحب أيام قرطاج السينمائية حينما كان المهرجان "يعبّر" في الساحة العالمية تحت إدارة الراحل الطاهر الشريعة بالتحديد، والتفصيل.. فولكينيوني كان حينها، كما المُؤرخ جورج سادول، والنقاد جان لوي بوري، وميشيل كلوني، وغيرهم، ينظر إلى قرطاج كمنبع لصورةٍ عربية، وليس تجديداً لها… كما لو أنّ هذه الصورة لم تُوجد قطّ.

بعد ذلك، وتحديداً في عام 1975، أصبحنا زملاء في برنامج "بانوراما" لإذاعة "فرنسا الثقافية"، وكنا نلتقي يومياً على الهواء مباشرةً في نقاشاتٍ عن مواضيع عدة، وبعضها عن إشكاليات الأدب، والسينما، والمسرح، والفنون التشكيلية، والسياسة الخاصة بالدول العربية التي عرفها الراحل من ألفها إلى يائها لجهة عمله باليونسكو، ورئاسته المجلس الأعلى للسينما، والتلفزة بهذه المؤسّسة أيام الأرستقراطي الأفغاني نجم الدين بمات.

وحينما كان الأمر يتعلق بالسينما العربية، وبالصورة السينمائية تحديداً، كان أنريكو فولكينيوني برصانة الحكيم الذي ذاق حلوّ، ومرّ النهضة الأوروبية، وزعزعة فلاسفة الأنوار، يواجه "أدلجة" الثائر الهوائي الذي كنتُ بجملةٍ أتذكر معناها تحديداً: "يا عزيزي خميس، لا تنزعج لقد أعطيتم، أنتم العرب، للعالم الشعر، يكفيكم أن تكون لديكم الكلمة في جميع مفاتيحها… إلاّ أنكم لم تمرّوا بنهضةٍ قلبت الموازين، وفتحت الآفاق، وبفلاسفةٍ هزّوا المفاهيم… وبالتالي، الصورة لديكم هي البلاغة بمضامينها المتعددة… أما الصورة المرئية، فذلك عالمٌ مازال بعيداً عنكم"...

الريبة، والتوجّس

كان الحوار يحتدّ بتدخل أطرافٍ أخرى من حضاراتٍ، وأديانٍ، ومعتقداتٍ مختلفة، ويصل حدّ سوء الفهم دائماً، ولولا معرفتي، وممارستي الشخصية، والقديمة بالمُتدخلين، لاستخلصت المنحى العنصري، والتفوّق الثقافي اليهودي ـ المسيحي ـ البوذي ـ الكنفوشيوسي، وغيره… ومهما جاهدت في الدفاع عن السينما العربية لمنتصف الثمانينات، ومشروعها النهضوي، إلاّ وجابهني فراغ الحضارة العربية ـ الإسلامية من زاوية الصورة المرئية (بغضّ الطرف عن المنمنمات الفارسية ـ الشيعية، طبعاً)… فمقابل التراكم الأوروبي من هذا الجانب منذ استلهام فناني العصور الوسطى الأوروبيين الإرث اليوناني، لا نجد في الثقافة العربية ـ الإسلامية إلاّ الريبة، والتوجّس من الصورة المرئية المُجسّدة للحالة الإنسانية ما لم تعتمد على الكلمة

وبالتالي، حينما يقوم مخرجٌ "غربيٌّ" بالعمل على مناخاتٍ من العصور الوسطى، وما قبلها، أو بعدها قبل وجود الصورة الشمسية، فإنه يجد المرجعيات اللازمة للتصوّر، ويكون نتاج عمله، إن لم يكن صادقاً، فهو لا يتضمن تصوراتٍ تاريخية خاطئة… في حين نجهل نحن (بصرياً) ما كنا عليه في العصور السابقة إلاّ ما أتت به ريشة، ورسومات الفنان الغربي، سواء من كان مع بونابرت في حملته المصرية، أو من كان مع الجيوش الفرنسية في حملتهم الاستعمارية للجزائر

عند مشاهدة الأفلام، والمسلسلات التاريخية، أتعجب من براعة أجدادنا، وأُعجب بهم، لأنهم غزوا العالم حينها وهم على تلك الهيئة من اللبس، والشعر، واللحية.. إنّ تحريم الصورة في الإسلام (كما حصل كذلك لفتراتٍ قصيرة في الديانات السماوية الأخرى) من جهةٍ، وقلة معرفة ـ أو جهل مخرجينا السينمائيين كما التلفزيين ـ بأمهات النصوص الفلسفية ـ الأدبية العربية للقرن الرابع الهجري وما بعده، على سبيل المثال، أصابت، وتصيب الصورة المتحركة العربية بالفقر العضويّ… لقد كتب مرةً الشاعر اللبناني "صلاح ستيتيه" نصاً في منتصف الستينات زبدته هي: إذا أردنا البحث عن مخرجٍ سينمائيّ "مسلم" بالمعنى الحضاريّ للكلمة، لوجدنا أنّ الفرنسي "آلان ريني"، أو الإيطالي "بيار باولو بازوليني" هما مخرجان مسلمان لتجسيدهما مقومات الصورة من جانب تسلسل الزمن، وترابط الأحداث، ونسق الإضاءة، وحتى زاوية الكاميرا

الجانب الآخر من الوجه

الفرضية التي أتى بها ستيتيه، ودَعَمها فولكينيوني، ونشاهدها يومياً في الغالبية الغالبة لما ننتج في سينماءاتنا، وفضائياتنا، وحتى على مستوى المنتوج المُستلهم للأحداث الدينية فرضيةً تجبرنا على إعادة النظر، وغربلة إنتاج قرنٍ من الصور المتحركة العربية على امتداد العالم العربي… وذلك حتى تخرج من حصار التحريم العقائدي، الذي، وإن ليس له مفعولٌ ظاهريّ، فقد كوّن زاويةً للرؤية لا ترى في الصورة إلاّ واقعيتها مثل ذلك الفلاح المصري الذي أمام رسم "بروفيل" له من وضع أحد مرافقي بونابرت، تحول وراء الصورة بحثاً عن الجانب الآخر من وجهه

فلنتذكر تلك الحيلة التي وجدها في فيلم "الرسالة" الراحل مصطفى العقاد في "اللقطة الذاتية" للرسول وهو فوق الناقة.. لقد استعمل العقاد، وهو الذي عاش بين أحضان السينما التجارية الأمريكية، أحد الأساليب السردية لمُجانبة تحريم التجسيد… وهذا ممكنٌ في لقطةٍ اعتراضيةٍ قد لا يتفطن لها المُشاهد في غمرة الحماس الايمانيّ، ولكن، كيف سيكون الأمر مع ساعةٍ ونصف الساعة من الحكي المرئي الفيلمي؟ كيف سيكون الأمر حينما يتعلق بمسلسلٍ به 30 حلقة… وهو ما يحصل الآن لمسلسل "الاسباط" الذي لم يجد حتى هذه الساعة بلداً يحتضنه، لا لسببٍ إلاّ لأنه "قد" يُجسّد الحسن، والحسين"….

قال الشاعر ماياكوفسكي إنّ "السينما فنٌ جديد، ولن يترعرع إلاّ عند أمة جديدة".. ونحن أمةٌ قديمةٌ، أصيلةٌ، لها عروقٌ ضاربةٌ في التاريخ… وبالتالي، الصورة

ألم يقلّ صديقي الصقلي فولكينيوني أننا، نحن العرب، خارج تاريخ الصورة المتحركة… كان ذلك في منتصف الثمانينات اليوم، ونظراً للانغلاق الثقافي، والعقائدي الذي يتراءى من الآفاق الأربعة، لسنا خارج الصورة فقط… بل، تماماً خارج التصوّر، أيضاً.

الجمعية الفرنسية للبحث في تاريخ السينما

تأسّست "الجمعية الفرنسية للبحث في تاريخ السينما" في عام 1984 من قبل جان أ. جيلي، وجان بيير جينكولاس، وفينسنت بينيل، وهي جمعيةٌ غير ربحية (خاضعة لقانون 1901)، وتجمع معظم المتخصصين الفرنسيين في تاريخ السينما، بالإضافة إلى عددٍ معينٍ من الباحثين الأجانب.

وهي لا تهدف فقط إلى الجمع بين المُؤرخين العاملين في مجال السينما، وتشكيل مكانٍ دائمٍ للتبادل، والنقاش، والدعاية لأبحاثٍ جديدة في هذا المجال، ولكنها، تستهدف أيضاً جميع المهتمين بتاريخ السينما.

يتمثل النشاط الأول للجمعية في نشر ثلاثة أعدادٍ كلّ عام من مجلة 1895 عن تاريخ السينما، وأعداد خاصة موضوعاتية، أو مرتبطة بحدثِ مُعين.

كما تدعم نشر الأعمال المتعلقة بتاريخ السينما، ومناهجها، وأدواتها، وتركزّ منشوراتها على أحدث الأبحاث في التأريخ، وتاريخ الأفلام، بالإضافة إلى تحرير، وإعادة طبع، و/ أو ترجمة النصوص النادرة، والمحفوظات، والمراسلات.

كما تُنظمّ الجمعية عروض أفلام، ومؤتمرات، كما تشارك في إصدار DVD للأفلام النادرة، أو المرممّة.

في عام 2007، افتتحت الجمعية نشاطاً جديداً، وهو اجتماعاتٍ بعنوان "وجهات النظر المتقاطعة حول تاريخ السينما"، وتهدف إلى إثارة الحوارات، والمناقشات حول تاريخ السينما.

لقد شهد تاريخ السينما تغيراً عميقاً على مدى الثلاثين عاماً الماضية من حيث أساليبه، ومجالاته، وأغراضه، فهو يزحزح الأفكار، والأنماط التي لطالما نظمّ هذا المجال، ولا يزال يغذّي معظمه بجميع أنواعه (نقد، جماليات ...) ..

الرؤساء السابقون للجمعية:

·      جان متري (1984-1988)

·      ريمون شيرات (1988-1992)

·      جان بيير جينكولاس (1992-1996)

·      جان أ. جيلي (1996-2001)

·      ميشيل ماري (2001-2004)

·      لوران مانيوني (2004-2005)

·      لوران فيراي (2005-2010)

·      فاليري بوزنر (2010-2014)

·      فاليري فيجنو (2014-2019)

·      ديميتري فيزيوغلو (2019-)

السينماتك ـ متحف

ابتكارٌ سينيفيليٌّ في قلب تراث السينما في فرنسا (1944-1968)

هذا أحدث كتابٍ صدر في فرنسا عن السينماتك (بصيغة المُفرد، والجمع) من تأليف الباحثة ستيفاني إيمانويل لويس.

من عام 1944 إلى عام 1968، رسّخت مكتبات السينما ـ متاحف السينما نفسها كنموذجٍ مُهيمنٍ لتطوير تراث السينما في فرنسا.

يتجذّر تطوّرها في المُمارسات السينيفيلية، وعلى وجه الخصوص، إمكانية مشاهدة، وإعادة مشاهدة الأفلام التي تُشكّل تاريخ السينما.

تلعب السينماتك الفرنسية، ومؤسّسها هنري لانجلوا دوراً حاسماً في هذه العملية، لكن المبادرات الأخرى، التي تُعيد استثمار هذا النموذج، تؤكد في الوقت نفسه حدودها.

إنشاء "خدمة أرشيف الأفلام" التابعة للمركز الوطني للسينما في نهاية الستينيّات، والتي تُعدُّ جزءاً من حركة تعددية اللاعبين المتخصصين في التراث السينمائي، يؤكّد حدوث تغييرٍ عميقٍ في تنظيم السياسة الثقافية.

·      440  صفحة/87 رسم توضيحيّ

·      ستيفاني إيمانويل لويس، حصلت على درجة الدكتوراه في التاريخ المُعاصر من EHESS (المدرسة العُليا للدراسات الاجتماعية)، ودافعت عن أطروحتها في عام 2013 حول تراث السينما في فرنسا بين الأعوام 1944 و 1968، يجمع نهجها بين علم المتاحف، والدراسات المرئية، وتاريخ السياسات الثقافية، والاستخدامات الاجتماعية في الماضي.

·      تعمل بالتعاون مع معهد تاريخ الزمن الحاضر (IHTP-CNRS) منذ عام 2007.

Media Pros Africa

هي هيئة توزيع أفلام مقرّها كينيا، صمّمت كتالوج على الإنترنت للمحتوى الأفريقي الأصلي.

تتوفر فيه العديد من الأنواع التي تتراوح بين المسرح، والأفلام الوثائقية، ونمط الحياة، والأفلام، والموسيقى، والرسوم المتحركة بشكلٍ رئيسيّ من كينيا.

يوضح وانجيسي موراج ، المدير الإداري لـ Media Pros Africa.

"نعتزم تقديم المزيد من الأنواع، ومزيجاً من المحتوى من بلدانٍ أفريقية أخرى، وتجري حالياً محادثاتٍ مع مزوّدي المحتوى من تنزانيا، أوغندا، رواندا، نيجيريا، غانا، وجنوب إفريقيا"

تسعى شركة Media Pros Africa إلى تقديم أفضل البرامج الترفيهية، والتعليمية ليتمّ بثها للجمهور عن طريق التلفزيون، و OTT، والهواتف المحمولة في جميع أنحاء العالم.

سينماتك في ـ  29 ديسمبر 2022

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 17.06.2021

 

>>>

20

19

18

17

16

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004