المنسقة الاعلامية لمهرجان رام الدولي للسينما مي عودة زارت بيروت لبضعة ايام عملت خلالها علي عرض مجموعة افلام لمخرجين فلسطينيين شباب في اطار مهرجان خاص نظم لهذه الغاية في الجامعة الامريكية في بيروت. القدس العربي التقتها في حوار استطلع احوال هذا المهرجان الذي عقد للمرة الاولي في تموز الماضي. كما كانت ثمة اطلالة علي المشهد الثقافي في فلسطين المحتلة. هنا نص الحوار: · ربما يستغرب احدنا عندما يسمع بوجود مهرجان دولي للسينما في مدينة رام الله التي تعيش حصارا دائما وعمليات عسكرية يقوم بها المحتل. فما هو ردك؟ من وهج هذا الاستنتاج الذي طرحته اتي مهرجان رام الله الدولي للسينما. صحيح نحن نعيش في وسط الدمار والحرب والاستشهاد، وقد لا يخطر في البال تنظيم احتفالية ثقافية بهذه الضخامة، لكن الحاجة لأن نكون بشرا يتابعون حياتهم كما كل الناس هي التي دفعتنا لذلك. هدفنا الاول في الحياة هو تحرير بلدنا والي جانب ذلك نحن بشر نحب الحياة ونريد ان تكون لنا احتفالاتنا. احتفاليتنا بمهرجان السينما تشبه نضالنا عبر الحجر، انهما وجهان نضاليان يدعم احدهما الآخر رغم تناقضهما. الانسان الفلسطني ليس فقط مقاوما وشهيدا، بل في حياته حيزا ثقافيا تشكل السينما احد وجوهه. من كل هذا ولد مهرجان رام الله للسينما. · متي ولد المهرجان؟ لقد انبثق عن معهد رام الله للسينما ونحن نعمل لولادة هذا المهرجان منذ سنتين ونصف، وتمكنا من عقد المهرجان الاول في تموز 2004 وهو النشاط الاول للمعهد. · وهل جمع المهرجان حضورا دوليا؟ استضفنا عددا من المخرجين والمنتجين والصحافيين الاجانب، وكان مفترضا ان يحضر المهرجان الاول الممثل عمر الشريف، انما تأجيل المهرجان أكثر من مرة بسبب الاحداث حال دون قدومه لأنه تضارب مع مواعيد أخري لديه ومن المقرر ان نستضيفه في العام المقبل. · كيف تصفين اهتمام الشارع الفلسطيني بهذا المهرجان؟ المشهد الثقافي الفلسطيني يختلف عن ما يتصوره من هم خارج فلسطين. في فلسطين معاهد لتعليم الرقص والدبكة الشعبية، اضافة الي تعليم العزف علي مختلف الآلات الموسيقية، انما السينما تبقي شبه مغيبة لذلك نجد الجمهور متعطشا لها. لم تكن لدينا بنية تحتية للسينما. ونحن من خلال مهرجان رام الله الدولي للسينما نرغب بسد هذه الفجوة التي تم تغيبها بسبب الاحتلال. · كون فلسطين ومعها شعبها تختصر في الجانب النضالي فهل يرحب الجزء الاكبر من هذا الشعب بالمشاريع الثقافية ام هناك انقسام كبير؟ الشعب الفلسطيني يرحب بالنشاطات الثقافية بكافة فروعها ،ومهما قدمنا له من نشاطات ثقافية فهو لن يرفضها لحاجته لها. انه بحاجة الي الغذاء الروحي كما انه بحاجة لأن يرفه عن نفسه في ظل الاجواء الضاغطة التي يعيشها. الفسحة الثقافية يمكنها ان تساعد المواطن الفلسطيني علي مواجهة الاحتلال والدمار الذي يحيط به. · ما نعرفه عن السينما الفلسطينية ان الاحتلال هو الموضوع الابرز في السيناريوهات. فكيف تصل هذه السينما الي الشعب الفلسطيني؟ القضية الفلسطينية وما يعيشه المواطن الفلسطيني يوميا في ظل الاحتلال هو الذي يطغي علي موضوعات السينما عندنا. انها افلام تنبع بشكل عام من الموهبة التي تنقصها الامكانيات. غالبا ما تتحدث تلك الافلام عن يوم في حياة المخرج امضاه داخل منطقة يحاصرها الاحتلال، او عن رغبات فتي فلسطيني،او توقعات الشعب للمستقبل. حتي لو طرح احد المخرجين موضوعا عن الحب نجد انه في النهاية يكون محاصرا بوجود الاحتلال. الاحتلال في فلسطين موجود حتي في رغيف الخبز الذي نتناوله فكيف للسينما ان تقول موضوعات اخري . · هل يمكن التعرف الي جهات التمويل لأفلام العديد من المخرجين الشباب في فلسطين؟ جميعهم يحصل علي التمويل من جهات غير رسمية. ووجود معهد السينما هو في الواقع من اجل دعم هؤلاء الشباب لينطلقوا نحو مشهد سينمائي متكامل في فلسطين. · الي جانب ايجاد حركة ثقافية في الاراضي الفلسطينية المحتلة كيف تحددين الاهداف الاخري لمهرجان السينما؟ من اهدافنا اظهار الوجه الآخر للشعب الفلسطيني واتاحة الفرصة امام المخرجين الشباب لتطوير القطاع المرئي والمسموع في فلسطين. والي جانب ذلك تمكن المهرجان من كسر عزلة الشعب الفلسطيني من خلال قدوم المخرجين والمنتجين والذين اتوا الينا بدافع فني وليس سياسيا. كل ذلك ساهم في خلق مشهد جديد في رام الله. كما ان المهرجان لم يقتصر علي عرض افلام بل كان بموازاته ورش عمل قدمها المخرجون في كيفية كتابة السيناريو، وفي كيفية تطوير الانتاج السينمائي. وعلي هامش المهرجان جرت مسابقة في كتابة القصة بين جميع مدارس الضفة والقطاع وكان عنوان القصة اللحظة التي لم اعد فيها طفلا . شارك في هذه المسابقة 8000 طفل ما بين الـ11والـ15سنة من العمر، وقد اخترنا منها ثماني قصص الامر الذي اتاح لأصحابها الخضوع لدورة في كتابة السيناريو من قبل مخرج ايطالي. وبعد انتهاء المهرجان قررت القناة الخامسة في التلفزيون الفرنسي تطوير هذه السيناريوهات وتحويلها الي افلام قصيرة تعرض علي شاشتها. · ومن سيخرجها ؟ الاطفال انفسهم سوف يقومون بالمهمة بمساعدة مخرجين محترفين. · الي اي حد يرحب المتفرج الفلسطيني بأفلام تتحدث عن غير القضية؟ وهل كان قادرا علي التماهي مع افلام المخرجين الاوروبيين الذين شاركوا في المهرجان؟ لو كان السؤال معكوسا عن كيفية تماهي الفلسطيني مع افلام تحكي قضيته التي يعيشها كل يوم. المشاهد الفلسطيني يحتاج لمشاهدة افلام تحكي عن ثقافات اخري. الشعب الفلسطيني يرحب بكل المنتوج السينمائي الذي يصله. · هل يحظي المهرجا بقبول كل الاطراف السياسية في فلسطين؟ لأن المهرجان بعيد عن الصيغة الرسمية وهو من تنظيم جماعة اهلية وهو ثمرة جهود شباب يقومون علي ادارة معهد رام الله للسينما، ولأنه ذو وجه ثقافي بحت ربما لم يجد معارضة من اي من الاطراف. · ماذا علمتكم التجربة الاولي في شهر تموز الماضي؟ لقد كان المهرجان الاول بمثابة البذرة التي علينا ان نعتني بها أكثر في المرات اللاحقة. هناك بعض الجوانب ستبقي ثابتة ضمن المهرجان، وسنطور نواحي أخري من اجل الوصول الي مهرجان أكبر في الدورات المقبلة. · هل كانت هنالك ثمة عناية بالمشاهدين في فلسطين الداخل او ما يعرف بـ48؟ نتمني الوصول الي كل الشعب الفلسطيني اينما كان في فلسطين المحتلة. وفي الدورة الثانية نبحث في مسألة ايجاد شاحنة كبيرة تتنقل في ايام عرض المهرجان في المدن الفلسطينية التي تتمكن من الوصول اليها. واذا نجحنا في ايجاد الترتيبات الضرورية فهي ستصل الي فلسطين الداخل. · وماذا عن مشاركة المخرجين الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني ضمن هذا المهرجان؟ جميع المخرجين الفلسطينيين هم جزء من المهرجان وعلي سبيل المثال كان المخرج ايليا سليمان رئيس لجنة التحكيم الخاصة بالافلام الفلسطينية،كذلك نحن نرحب بالافلام التي يقدمها فلسطينيو الشتات. عدد لا بأس به من العاملين في اطار معهد رام الله للسينما هم من الداخل. · هل كان ثمة حيز للأفلام العربية في المهرجان؟ بسبب ضيق الوقت لم يكن هناك حيز هذا العام للأفلام العربية، لكننا نسعي لتجاوز هذه الثغرة في المهرجان الثاني. · كمنسقة اعلامية للمهرجان ما هي اهداف وجودك في بيروت؟ انها فرصة كبيرة لنا ان نتواجد في بيروت لعرض السينما الفلسطينية علي مدي ايام في الجامعة الامريكية، وبالتالي هذا التواجد هو جزء من تجسيد التعاون العربي العربي في اطار ثقافي يختص بفلسطين. من ناحية اخري نحن نسعي بشتي السبل لكسر العزلة المفروضة علي شعبنا الفلسطيني من شتي النواحي. نحن كفلسطينيين نعيش تحت الاحتلال نحتاج لأن نري بأم العين هذا التضامن معنا ومع قضيتنا. هذا التضامن حين نلمسه لمس اليد يكسبنا دفعا الي الامام ويزداد انتاجنا. · هل وجدت ما كنت تنتظرينه في بيروت؟ صراحة وجدت كل الترحيب. لمست اننا والشعب اللبناني نعيش الهموم نفسها وكذلك الايديولوجيا نفسها. مهما بعدت بيننا المسافات تبقي الشعوب العربية واحدة. القدس العربي في 22 أكتوبر 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
مي عودة: هدفنا الأول تحرير وطننا لكننا بشر ونحبّ الحياة
بيروت/ من زهرة مرعي |