شعار الموقع (Our Logo)

 

 

اشارات

إن الخاصية الصورية للفيلم السينمائي هي ما يسمح لنا بمتابعة تمثلاتَه غير المحدودة، عميقة الارتباط بطرائق تجسيده للمحتوى النصي. فقد تعيننا " الصفة البصرية " - اكثر من غيرها - على اكتشاف " بلاغة الصورة " لا في قدرة تجسيدها المضمون فحسب، إنما في قوة إيصاله. وهنا استفادت القراءة النصية للفيلم - على نحو خاص - من قابليات التحليل البنيوي على الممارسة الإجرائية، لكن بخيارات محدودة تؤكد من جديد عدم وجود منهج عمومي لتحليل الأفلام، إلا أن الجهود النقدية للمحللين، فضلاً عن عدها الفيلم وحدة تحليلية وخطابية، ارتبطت - من حيث هي محاولة في الاتجاه الجديد باللمح النظري للناقد (رولان بارت) المتمثل في كون (الصورة دلالة اكثر منها اتصال) - إشارة إلى ما ذهب إليه (امبرتوايكو) - وحاولت تطوير تلك الإشارة الجوهرية بوصفها إسهاماً أولياً في مخطط دراسة الشريط السينمائي.

وإذ نتحدث عن (الصورة)، فإننا نُعين فيها مستوى خاصاً من اللغة. يقارب هذا المستوى طبيعة اللغة - خارج الفيلم - كلما كان نسقاً إشارياً اكثر منه حوارياً، يرتكز في فاعليته الصورية على العلاقات الإيقونية (الإيحاءات والحركات) بشكل يمنحه طاقة إيحائية وشحنة عاطفية انفعالية تحفز المتلقي على مراقبة التمثيل المحترف لحيوية الكلمة المُشفَّرة (وفقاً لرأي" يوري لوتمان "). فيكون أليق لبحث سيميائية الفيلم التوسع في قراءة (متنه الجمالي).  وتراهن جمالية المعطى السينمائي من جهتها على غالبية العناصر المكونة للأسلوب الفيلمي (كالموسيقى والإضاءة وفن المونتاج والأداء التمثيلي) ويمكنها مجتمعة أن تقدم - فــي آن واحـد - " الفكرة " في أقصى تمثلاتها حيوية على الشاشة.

يخالف هذا الطرح - بدرجة ما - التحديد العام الذي وضع الفيلم في امتياز تعبيره عن أفعال الإنسان، حركاته وردود فعله (منظوراً إليها من الخارج)، في مقابل امتياز الأدب عامة بصفة التعبير عن عوالم البشر الداخلية (كتجليات اللاشعور المُعبر عنها بقدرة الجمل الكلامية على استبطان الذات في عمقها). ولنا أن نرى في هذه النقطة بالذات الجاذبية الخاصة للفيلم إذا ما تناول الجانب السايكولوجي في حياة الشخصية أو ما يتمظهر فيها من حالات ذهنية تحتاج منه على الدوام لغة سينمائية رفيعة تلامس (أوهام العمق) بتعبير (آلان روب غرييه).

إن ذلك التحديد لم يشكل مانعاً يذكر أمام التحديات الجمالية لرهان الفيلم السينمائي. كما لم تحد الانحيازات المبدئية الصورة الفيلمية عن نزوعها لتصوير الواقع النفسي للبشر الذي تطلب منها - خاصة - تمرير معنى فكرتها في حقل الابتكارات المتعددة للبناء والأسلوب.

وما نراه مُجسَداً اليوم على الشاشة هو مغامرة الفيلم اللاحقة للأغراء المتعين في ذلك النمط من القصص، بما تتوفر عليه من تشويق نصي وبصري، يجعلها فرصة ذهبية لصانعي أفلام (هوليود) من جهة، ومطلباً عاطفياً للجمهور من جهة أخرى. ومع المتلقي تحديداً يكتمل الطراز الفني الخاص من الغواية والمماهاة، لتعلن " الصورة " عن جمالها الذي تؤطره علاقة صميمية تنمو باستمرار - على قدر نجاح المحاولات السينمائية - منذ رائعة(دكتور جيكل ومستر هايد) وليس انتهاءً بفيلم (الحاسة السادسة) للمخرج (نايت شيالامان).

وبضرورة هذه الإشارة تبدو عظمة الشكل الفني تاريخاً لبلاغة الصورة السينمائية ونظاماً دلالياً محكماً لاستبدال الجملة المحكية بالإشارة الصامتة.

موقع "إيلاف" في 16 أكتوبر 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

حول جمالية الفيلم السينمائي

أحمد ثامر جهاد