شعار الموقع (Our Logo)

 

 

افتتح <<الجنى/مركز المعلومات العربي للفنون الشعبية>> مساء الجمعة الفائت، في الثامن من تشرين الأول الجاري، الدورة الثالثة ل<<مهرجان جنى الدولي لسينما الأطفال والشباب>> بعنوان <<أطفال ضواحي العالم يبدعون الأفلام>>، في صالة <<مسرح مونو>> في الأشرفية. تُقام هذه الدورة بدعم من <<الاتحاد الأوروبي>> و<<دياكونيا>> و<<معهد غوته (بيروت)>>، وتستمر لغاية يوم الخميس المقبل.

لا يكتفي منظّمو <<مهرجان جنى الدولي لسينما الأطفال والشباب>> بإحياء دورة سينمائية عادية، تُعرض في خلالها مجموعة من الأفلام المتنوّعة الخاصة بالأطفال والشباب على حدّ سواء. فالعرض السينمائي مهمّ، لكنه محتاج إلى تفعيل أكبر لمضمونه وهويته وأهدافه، يستند إلى نشاط مواز يتّسع لأدوات فنية أخرى تُعبّر عن هواجس بعض الأطفال والمراهقين العاملين مع <<مركز المعلومات العربي للفنون الشعبية>>، كمعرض صُوَر فوتوغرافية التقطها أطفال في كالكوتا في الهند قدّموا فيها خلاصة علاقتهم بالمدينة والشوارع والناس وفن الصورة، وصناعة أفلام صوّروا فيها بعضا من مشاعرهم وأحلامهم، وإصدار مطبوعة احتوت على مقالات وحوارات صحافية مع معنيين بالسينما. تنويع إبداعي يتكامل مع عرض الأفلام في مناخ أريد له أن يكون مرآة حيّة لما تعنيه السينما من التزام فني وجمالي بالإنسان وحكاياته وعوالمه، ولما تقدّمه صناعة الفنون البصرية من أدوات قادرة على ابتكار أنواع شتّى من العناوين الإبداعية المختلفة.

بدأت الدورة الثالثة بافتتاح معرض الصُوَر الفوتوغرافية الملتقطة بالأسود والأبيض، قبل أن تنطلق عجلة العروض اليومية (باستثناء اليوم الاثنين) في <<مسرح مونو>> بحضور عدد لا بأس به من المشاهدين المدعوين الذين استمعوا إلى عدد من الأطفال والمراهقين وهم يقدّمون هذه الدورة بروح مليئة بالفرح والحبّ، وهم يعلنون بدء عيدهم السينمائي والفني المنفتح على المدى الأوسع للحكايات. ولعلّ اختيار <<ليموناضة>> ليكون الفيلم الأول الذي يُعرض في هذه الدورة كامن في رغبة منتجيه (الجنى) في تقديم شكل آخر من أشكال نشاطهم الثقافي، وهو إنتاج أفلام يحقّقها المركز مع بعض الأطفال الفلسطينيين المقيمين في مخيمات فلسطينية في لبنان. هناك أيضا المطبوعة الصحافية التي صدر منها عدد أول وُزّع في اليوم الأول: مقالات وحوارات وشهادات وضعها أطفال شاركوا في لجنة الأطفال لاختيار الأفلام، علما أن العدد الثاني والأخير سيصدر يوم الخميس المقبل، أي في اليوم الأخير للدورة الثالثة. هذه تجربة مفيدة، تُكمل خطّة المركز في تفعيل الوعي المعرفي والجمالي لأطفال ومراهقين وجدوا في السينما والصورة المتحركة والجامدة حيّزا للغتهم الطفولية الجميلة، وفيها ما يشي بنواة إبداعية محتاجة إلى مزيد من الصقل والمعرفة، في صنع الفيلم والتقاط الصورة وكتابة نص نقدي، لا يتمّ الأول بينهما (الصقل) إلاّ بتطوير الثانية (المعرفة). كما أن النواة الواضحة محتاجة إلى رقابة ترتكز على ضرورة تنبيه هؤلاء إلى ما يرد في أعمالهم من أخطاء فنية أو تقنية أو لغوية أو أدبية. صحيح أن ترك النتاج الإبداعي على حاله احترام واضح لعمل الأطفال والمراهقين، لكن أليس من الأفضل تصحيح الأخطاء الواردة في النصوص المكتوبة تحديدا، بدل نشرها كما هي؟ أليس الأجدر بالمشرفين على هذا النشاط أن ينبّهوا الأطفال والمراهقين إلى هذه الأخطاء ويساعدوهم على تصحيحها؟

مطبوعة

في العدد الأول من المطبوعة، كتب أريج خدّاج (15 عاما) ما يشبه الافتتاحية: <<بقدر ما هي كثيرة مهرجانات الأفلام السينمائية المحترفة، بقدر ما هي قليلة مهرجانات أفلام الأطفال المبتدئين. وتلك الأخيرة يكاد ينعدم وجودها في العالم العربي لولا بعض المهرجانات المتفرّقة هنا وهناك، ومن بينها المهرجان الذي يقيمه مركز المعلومات العربي للفنون الشعبية الجنى لعرض أفلام موضوعها الأطفال أو قد أعدّها الأطفال والشباب>>. أضاف خدّاج أن <<لمهرجان أفلام الأطفال أهمية كبيرة في المجتمع، فتلك الأفلام التي تُعالج مواضيع الأطفال تعطي صورة صادقة وواقعية عن الجانب المطروح، خصوصا إذا كان الفيلم يركّز على معاناة معينة يعيشها الطفل. وبالتالي يعرض الفيلم حيثيات تلك المعاناة من أسباب ونتائج وإحصائيات وغيرها، فيفتح المجال أمام المشاهدين أو المعنيين لملاحقة هذا الموضوع وإيجاد الحلول المناسبة. يحرك الفيلم فيهم روح العمل الجاد والإنسانية والرغبة في المساعدة ومدّ يد العون إلى من هم بحاجة إليها كالأطفال ذوي الحاجات الخاصة، المعوّقين، أو الأيتام أو المشردين أو المرضى>>. ورأى أريج خداج أن <<الأفلام التي يعدّها أطفال فتؤثر في المجتمع أكثر من تلك التي موضوعها الأطفال. فمهما اختلف موضوعها تبقى المرآة الحقيقية لما يشعر ويفكر به الأطفال، وخير معبّر عن نظرة الأطفال البريئة النابعة من قلب صادق تجاه الحياة وجوانبها المختلفة>> (اجتماعية، إنسانية، عملية، علمية، دينية، وطنية، اقتصادية).

بالإضافة إلى أريج خداج، احتوى العدد الأول على كتابات لمروة الشاب وروان كيالي وأحمد العايدي ومحمود حليمة ومازن سلامة وعدنان سليمان وأسيل البابا وأحمد الخطيب وأمين بدر الدين وطلال الحلبي وفراس دهام وفراس فاضل ونور شمعون، بالإضافة إلى حوار أول مع هشام كايد (منسّق المهرجان والمشرف على تحقيق فيلم <<ليموناضة>>) أجراه الخطيب والعايدي وسليمان، وثان مع كالمان (مدير مهرجان هنغاريا للأطفال) أجرته شمعون.

يُعتبر <<ليموناضة>> جديد الأفلام الروائية القصيرة التي أنتجها مركز <<الجنى>> وأشرف عليها هشام كايد متعاونا مع مؤسّس المهرجان معتز دجاني. ذلك أن المركز بدأ مسيرته الإنتاجية هذه في العام 2001، في إطار البحث عن شكل آخر للتعبير يستطيع أطفال فلسطينيون أن يستعينوا به أداة قول ولغة حوار. في ذلك العام أنتج المركز <<أحلامنا متى>> و<<الله يستر>>، وفي العام التالي حقّق <<طفولة بين الألغام>> و<<سكّر يافا>>، واليوم هناك <<ليموناضة>> الذي كتبه ثلاثة أشقاء هم عزّ الدين وبلال ولطفي أبو الحايجة، وأدّوا فيه شخصياتهم الحقيقية إلى جانب والدتهم وشقيقتهم، في مخيم برج البراجنة حيث يقيمون منذ أعوام عدّة بعد لجوئهم إلى لبنان إثر الغزو العراقي للكويت في مطلع التسعينيات، حيث كانوا منفيين. اقتبس الأشقاء الثلاثة قصة الفيلم من واقعهم الإنساني الخاص، وبنوا عليه حكاية تشبه حكايات فلسطينيين عانوا الأمرّين جرّاء المنافي والفقر والعذاب، من دون أن يفقدوا رغبة العيش وحب الحياة. عمل هؤلاء الأشقاء في بيع الليموناضة، وواجهوا تحدّيات عدّة، كي يؤمنّوا لقمة العيش ويجمعوا بعض المال للدراسة. لكن الحلم أكبر، والسؤال أفظع: هل سيحقّ لهؤلاء العمل في لبنان طالما أن القوانين تمنعهم؟ هل سيبقون لاجئين فيه؟ هل سيهاجرون إلى منفى آخر؟

أحلام الطفولة

حفل اليومان الأولان (الجمعة والسبت، في الثامن والتاسع من تشرين الأول الجاري) بعدد من الأفلام المتنوّعة، التي اختيرت من إيران والنروج والأرجنتين وإسبانيا والهند وأوستراليا وسوريا والمملكة المتحدة وإيطاليا والدانمارك وفلسطين وأرمينيا وألمانيا. تنويع بصري عاديّ من روائي قصير إلى تحريك ودمى وشيء من الوثائقي، وأفلام أنجزها مخرجون صغار، وقصص عن الصداقة والأحلام والطفولة والعيش والرغبات. ولعلّ الأبرز منها فيلمان نروجيان <<تهديد خفي>> لأندرياس إيريكسن و<<ضوء الشارع>> لإيليف لاندسند وإدوارد بيوكلاند: الأول سلس ومثير للضحك العفوي، بشخصية المرأة العجوز التي تخاف من الجموع وترتاب من أي جديد، إذ إن خطأ غير مقصود ورّطها في علاقة هلع بينها وبين هاتف خلوي وجدته في حقيبة يد ليست لها. أما الثاني فعبارة عن لقطات متتالية وسريعة ومولّفة بشكل متين، عن شاب يستيقظ صباحا ويسرع في الذهاب إلى عمله لكنه يصطدم دائما بعمود إنارة، وحين ينتبه إليه يقع في مفارقات مضحكة. هذه المفارقات مصنوعة بشيء من عبثية الحياة في <<الوقت الضائع>> للنروجي ستيان أولسن: شاب يستيقظ صباحا فيكتشف أنه موجود في مكان آخر. ينظر إلى نفسه ويدخل في دوّامة من الضياع كأنه يسعى إلى الخروج من متاهة القدر. هناك فيلم إنكليزي بعنوان <<هل بيلي هنا؟>> لكريس كيمب: الفتاة الصغيرة بث تقرّر زيارة صديقها بيلي، لكنها تثير حركة ناشطة في الحيّ بسبب رغبتها في إصدار أصوات أقرب إلى الأنغام الموسيقية من خلال أداة تطرق بها على أي شيء يصادفها في الطريق. فإذا بأبناء الحيّ جميعهم يدخلون في اللعبة و<<يعزفون>> معا أنغاما متنوّعة.

من ناحية أخرى، قدّم الفيلم الإيراني <<الشتاء مرّة أخرى>> لعلي فازيريان حكاية صبيّ لا يتوانى أبدا عن تقديم يد المساعدة لأي كان حتى ولو تبلّل بماء المطر وأصيب بزكام أقعده أياما في بيته، حيث يعيش مع أمه الصمّاء البكماء، التي اشترت له مظلّة بدا مولعا بها. لكن الشمس سطعت، وبات الصبي سارحا في الباحة الخارجية للصفّ منتظرا هطول المطر. سخر منه رفاقه، وكادوا يضيّعون مظلّته. لكنه في النهاية، حين هطل المطر فتح مظلّته لتحميه ورفيقين له من البلل.افتتح <<الجنى/مركز المعلومات العربي للفنون الشعبية>> مساء الجمعة الفائت، في الثامن من تشرين الأول الجاري، الدورة الثالثة ل<<مهرجان جنى الدولي لسينما الأطفال والشباب>> بعنوان <<أطفال ضواحي العالم يبدعون الأفلام>>، في صالة <<مسرح مونو>> في الأشرفية. تُقام هذه الدورة بدعم من <<الاتحاد الأوروبي>> و<<دياكونيا>> و<<معهد غوته (بيروت)>>، وتستمر لغاية يوم الخميس المقبل.

لا يكتفي منظّمو <<مهرجان جنى الدولي لسينما الأطفال والشباب>> بإحياء دورة سينمائية عادية، تُعرض في خلالها مجموعة من الأفلام المتنوّعة الخاصة بالأطفال والشباب على حدّ سواء. فالعرض السينمائي مهمّ، لكنه محتاج إلى تفعيل أكبر لمضمونه وهويته وأهدافه، يستند إلى نشاط مواز يتّسع لأدوات فنية أخرى تُعبّر عن هواجس بعض الأطفال والمراهقين العاملين مع <<مركز المعلومات العربي للفنون الشعبية>>، كمعرض صُوَر فوتوغرافية التقطها أطفال في كالكوتا في الهند قدّموا فيها خلاصة علاقتهم بالمدينة والشوارع والناس وفن الصورة، وصناعة أفلام صوّروا فيها بعضا من مشاعرهم وأحلامهم، وإصدار مطبوعة احتوت على مقالات وحوارات صحافية مع معنيين بالسينما. تنويع إبداعي يتكامل مع عرض الأفلام في مناخ أريد له أن يكون مرآة حيّة لما تعنيه السينما من التزام فني وجمالي بالإنسان وحكاياته وعوالمه، ولما تقدّمه صناعة الفنون البصرية من أدوات قادرة على ابتكار أنواع شتّى من العناوين الإبداعية المختلفة.

بدأت الدورة الثالثة بافتتاح معرض الصُوَر الفوتوغرافية الملتقطة بالأسود والأبيض، قبل أن تنطلق عجلة العروض اليومية (باستثناء اليوم الاثنين) في <<مسرح مونو>> بحضور عدد لا بأس به من المشاهدين المدعوين الذين استمعوا إلى عدد من الأطفال والمراهقين وهم يقدّمون هذه الدورة بروح مليئة بالفرح والحبّ، وهم يعلنون بدء عيدهم السينمائي والفني المنفتح على المدى الأوسع للحكايات. ولعلّ اختيار <<ليموناضة>> ليكون الفيلم الأول الذي يُعرض في هذه الدورة كامن في رغبة منتجيه (الجنى) في تقديم شكل آخر من أشكال نشاطهم الثقافي، وهو إنتاج أفلام يحقّقها المركز مع بعض الأطفال الفلسطينيين المقيمين في مخيمات فلسطينية في لبنان. هناك أيضا المطبوعة الصحافية التي صدر منها عدد أول وُزّع في اليوم الأول: مقالات وحوارات وشهادات وضعها أطفال شاركوا في لجنة الأطفال لاختيار الأفلام، علما أن العدد الثاني والأخير سيصدر يوم الخميس المقبل، أي في اليوم الأخير للدورة الثالثة. هذه تجربة مفيدة، تُكمل خطّة المركز في تفعيل الوعي المعرفي والجمالي لأطفال ومراهقين وجدوا في السينما والصورة المتحركة والجامدة حيّزا للغتهم الطفولية الجميلة، وفيها ما يشي بنواة إبداعية محتاجة إلى مزيد من الصقل والمعرفة، في صنع الفيلم والتقاط الصورة وكتابة نص نقدي، لا يتمّ الأول بينهما (الصقل) إلاّ بتطوير الثانية (المعرفة). كما أن النواة الواضحة محتاجة إلى رقابة ترتكز على ضرورة تنبيه هؤلاء إلى ما يرد في أعمالهم من أخطاء فنية أو تقنية أو لغوية أو أدبية. صحيح أن ترك النتاج الإبداعي على حاله احترام واضح لعمل الأطفال والمراهقين، لكن أليس من الأفضل تصحيح الأخطاء الواردة في النصوص المكتوبة تحديدا، بدل نشرها كما هي؟ أليس الأجدر بالمشرفين على هذا النشاط أن ينبّهوا الأطفال والمراهقين إلى هذه الأخطاء ويساعدوهم على تصحيحها؟

السفير اللبنانية في 11 أكتوبر 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

مهرجان جنى الدولي لسينما الأطفال والشباب

مبدعون صغار يقدمون معاناتهم ويفعّلون هوامش العرض

جرجوره نديم

"مهرجان جنى الدولي لسينما الأطفال والشباب" ينطلق اليوم في "مونو"

الصورة بين أيدي الأطفال لوعي ثقافتها ونقدها

ريما المسمار

ينطلق اليوم "مهرجان جنى الدولي الثالث لسينما الأطفال والشباب" ممتداً لستة ايام في مسرح مونو ومرفقاً بأنشطة على الهامش. ينظم المهرجان في دورته الثالثة مركز المعلومات العربي للفنون الشعبية وهو واحد من أنشطة عدة، يأخذ المركز على عاتقه إحياءها في إطار تحفيز الموارد البشرية لاسيما عند الأطفال وتعزيز حضور نتاجها الثقافي والفني. فمهرجان الأطفال يُقام بالتناوب مع مهرجان سينمائي آخر كل عامين هو "فلسطين في السينما الجديدة" المعني بتقديم الانتاجات الفيلمية الفلسطينية المنجزة خلال عامين وبالتزامن مع ورش عمل وأنشطة في المخيمات الفلسطينية لاسيما التي تهم الأطفال انطلاقاً من تنمية مواهب الجيل الجديد. والواقع ان الدورة الحالية لمهرجان الأطفال اتسعت لتعبر عن روح عمل المركز. فخلال التحضير للدورة قبل أشهر من موعد انعقادها، تلقى المركز ما يفوق المئة فيلم من العالم وقام باختيار الافضل بينها من خلال لجنة مشاهدة تألفت من صحافيين ونقاد (من بينهم كاتبة هذه السطور) في مجال السينما ومن آراء أطفال ومراهقين هم المعنيون اولاً وأخيراً بتلك الأعمال. وقد ذهبت جلسات المشاهدة الى أبعد بتحولها حلقات نقاش، ارتكزت في أحيانٍ كثيرة على آراء وتعليقات نقدية لافتة للأطفال بما يعزز ضرورة الالتفات الي غرس الثقافة البصرية والسينمائية في جيل الأطفال على اسس النقاش والحوار. ولعل ذلك يشكل رداً مضاداً على سلوكيات المشاهدة السائدة لاسيما، التلفزيونية منها، التي تطلب من مشاهدها ان يكون سلبياً منساقاً خلف الصورة بدون مساءلة. الى جانب ذلك، قام المركز بخطوة تعزيزية عبر إحياء ورشة عمل لتعليم الأطفال أسس كتابة نص نقدي حول عمل فيلمي، ستصدر في مجلة خلال المهرجان.

يتوجه المهرجان الي جمهور الأطفال بين العاشرة والثامنة عشرة من خلال أفلام أنجزها أطفال من مرحلة عمرية مماثلة او شاركوا في إنجازها او تمحورت القصة حولهم. بعض الافلام المعروضة أخرجها أطفال وبعضها الآخر كتبها او صورها. اللافت ان عدداً كبيراً من تلك الافلام هو نتاج منهاج مدرسي، يدخل السينما في برنامجه، وعدد غير قليل ايضاً هو ثمرة ورش عمل بما يعزز فكرة التعاون والتبادل بين تلك الأطراف المستقلة الواعية لثقافة الصورة ولأهمية إدراجها في انشطة الأطفال عن طريق تعليم الحرفة والمشاهدة الواعية لئلا تتحول وسيلة هشة تعيد انتاج السائد او تقلده. ولعله من هنا، استوحى القيمون على المهرجان، في مقدمهم هشام كايد المدير الفني، العنوان الفرعي للدورة الثالثة "أطفال ضواحي العالم يبدعون الافلام" حيث ان وصف ضواحي هو دلالي اكثر منه واقعياً ويشير الى وقوع تلك الافلام في خانة الانشطة الهامشية المستقلة البعيدة من خطوط الثقافة والفن السائدة.

اذاً، بين 8 و14 تشرين الاولر الحالي، يستضيف مسرح "مونو" "مهرجان جنى" لسينما الأطفال والشباب الذي يحتوي على اكثر من ستين فيلماً من لبنان وفلسطين وسوريا ومصر وايران واوستراليا واميركا واسبانيا وارمينيا والمانيا وايطاليا والارجنتين وبلجيكا وبريطانيا وهولندا وكرواتيا وهنغاريا وروسيا والهند والنروج وبلغاريا والدانمارك. تعالج معظم الافلام موضوعات من عالم الأطفال والمراهقين، بلغة فنية متفاوتة مع الإشارة الى ان شروط الإختيار استلزمت مرونة لاستحالة التعاطي مع تلك الأعمال بنظرة احترافية كلية. برغم ذلك، لم يكن الاختيار سهلاً. فالجلوس امام شاشة تبث صوراً من عالم غير مألوف بالنسبة الى المشاهد العادي الا من خلال كليشياته عنه، أمر في غاية الغرابة والاثارة معاً. من هنا، يعثر المتفرج على التماعات حقيقية في الفكرة او المعالجة او جرأة الطرح. وغني عن القول، ان التواصل بين أطفال من بيئات مختلفة من خلال هذه الافلام هو في حد ذاته هدف ووسيلة بصرف النظر عن قيمة الافلام. ان يشاهد طفل لبناني او فلسطيني كيف يعبر آخر اميركي او دانماركي عن هواجسه او كيف يبث تمرده من خلال الصورة هو دون شك دفع لدرجة الوعي عند الاول بمشكلاته وبمحيطه وفوق كل شيء لإحساسه بالآخر وباختلافه. لم تخلُ النقاشات من أسئلة "الصح والخطأ" او "ما يجوز وما لا يجوز". فهل أطفالنا جاهزون مثلاً لمشاهدة فيلم يناقش مسائل الحمل المبكر قبل الزواج؟ مع عناوين من هذا النوع، تحولت الأنظار الي القيمة الفنية للفيلم واسلوب المعالجة وكيفية تقديم الفكرة لحسم النقاش. مع افلام اخرى، مال الاختيار الى اهمية الموضوع مثل الادمان والأكل وسواهما. وفي أحيانٍ قليلة كان الابتكار الدافع الى اختيار فيلم. في بهذا الإطار، برز دور افلام التحريك والرسوم المتحركة بحيويتها وابتكارها كلغة تقوم على الاختزال والاستعارة. في مطلق الأحوال، يشكل "مهرجان جنى" لسينما الاطفال والشباب خطوة في اتجاه تعزيز حضور وجوه أخرى للصورة ولثقافتها. وهو بهذا المعنى، يتخذ مكانه على خارطة المهرجانات المحلية التي تميل الى الخصوصية والاستقلالية من "ايام بيروت السينمائية" الى "مهرجان الفيلم الوثائقي" مروراً بـ"نما في بيروت".

يبدأ برنامج العروض اليومي للجمهور في الثامنة مساءً مع تخصيص المدارس والجمعيات بعروض صباحية. تتبع العروض المسائية نقاشات تتوخى توسيع إطار مشاركة جمهور الأطفال وتفعيل حواره مع جمهور الكبار وتترافق العروض مع معرض صور فوتوغرافية في باحة المسرح في عنوان "صوت صورنا" بتوقيع أطفال من كالكوتا بالهند، تلتقط ظروف الحياة اليومية في محيطهم. كما يحيي المركز علي هامش العروض ورش عمل للأطفال عن تقنيات افلام الكرتون والدمى المتحركة بإشراف متخصصين من السويد ومصر.

المستقبل اللبنانية

8 أكتوبر 2004