شعار الموقع (Our Logo)

 

 

بدأت نجومية الفنان المغربي الاصل (سعيد طغماوي) منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، وقد شارك في بداية حياته الفنية بأكثر من فيلم في معظم بلدان العالم، منها الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، ايطاليا، الا ان فرصته الثمينة كانت بادائه احد الادوار في فيلم «ثلاثة ملوك» للمخرج شارلز راسيل، الى جانب عدد من اشهر نجوم السينما الاميركية جورج كلوني، مارك والبرغ .. ) وكان ذلك بحد ذاته سبباً رئيسياً في الوصول الى عاصمة السينما الاميركية هوليوود.

وكانت النجمة الفرنسية الشهيرة (كاترين دنوف) قد ارسلت في طلبه ليشاركها بطولة مسرحية من النوع الكوميديا الرومانسية بعنوان «غرفة للايجار». كما بادرت مجلة (بريميير) الفرنسية الى تسجيل حوار شامل معه، تالياً نصه:

·         حدثنا عن مسيرتك منذ كنت طفلاً...؟

- ولدت في احدى ضواحي مدينة (فيبانت) في العاشر من تشرين الاول عام 1973، وكغيري من الاطفال عشت طفولتي في الضواحي البسيطة، كما ان عائلتي هاجرت منذ زمن بعيد مع الكثير من المهاجرين الى مختلف بقاع العالم واكثرهم حطوا هنا في فرنسا.

وعندما هاجر والداي اللذان كانا كبيرين في السن وقتها من المغرب الى فرنسا، كان معهما سبعة اطفال، نشأت في ضاحية فقيرة، فقد كنا نأكل ونشرب فقط لما يبقينا على قيد الحياة .. ولا اتخيل ان هنالك ضواحي في باقي دول العالم كالتي عشت فيها، لكنني فوجئت ان هنالك اناساً - عند وصولي الى فرنسا - يعيشون مثلنا حياة القهر والبؤس الشديد، الا انها - فرنسا - صاحبة تاريخ عريق ونمط حياة رائع لا مثيل له.

ارى نفسي مضطرا الآن كي اتحدث عن الآلام، فقد مررت بكثير من خيبات الامل سياسياً.

.. في هذا الوقت، بدأت ارتاد المكتبات واقرأ كثيراً في كل المواضيع، واعيش واقعاً كأنه حلم، وبسبب الحروب وتناقض انظمة الحكم السياسية وجدتني حائراً .. اقول لنفسي «هذا جنون، من يفكر مثلي فعلاً هو انسان مجنون، هذا الواقع السياسي الذي ترى فيه الابيض يقتل الاسود والغني يفتك بالفقير والعربي يسبب للاوروبي توجساً!! وهذا من شأنه ان يهمشني كثيراً، فقد كنت اكذب على نفسي احياناً بأن المسألة مسألة حظ .. وفي احد الايام سيأتيني الحظ، لم اكن انظر الى رفض اتاحة الفرصة لي للعمل في السينما، باعتباره احد اشكال التفرقة العنصرية، بل على العكس من ذلك فهناك - في فرنسا - عدالة اجتماعية على كل المستويات والتي لم اجدها في اميركا وبريطانيا!!

ففي فرنسا، لن يدهشك ان ترى هندياً يركب سيارة، ولكن احياناً وللأسف اذا ركب عربي سيارة فارهة، فانك ستجد كثيرين يقولون عنه، «انه تاجر مخدرات». هنا تكمن المشكلة .. في الربط العشوائي للأمور .. فصورتنا - يا صاحبي - نحن العرب مشوهة، وما يزال امامنا الكثير الكثير حتى نوصل حقيقتنا للآخرين.

·         من المعروف انك كنت ملاكماً..؟

- اجل، منذ زمن طويل، فهذه الرياضة صعبة جداً ولكنها ممتعة ايضاً، بالنسبة لنا - نحن القادمين من الأحياء الفقيرة كمحمد علي كلاي مثلاً - يعتبر اسطورة في الملاكمة.

والملاكمة كما اتصورها تنجح بواسطة قبضات اليد، او العقل فيجب ان يكون في ذراعك .. عندها سوف ترى ما يمكن ان تقوم به يداك!

وقد نلت لقب «بطل باريس» في الملاكمة .. وبعدها «بطل فرنسا» .. وانا ما ازال على مقاعد الدراسة الثانوية!!

وعندما علم مدربي بأنني سأتوجه للسينما، غضب مني وحاول كثيراً ان يعيدني الى حلبة الملاكمة .. الا انه لم يستطع، ولكن ومحاولة مني لرد الجميل ظللت على علاقة بالملاكمة حتى خلال عملي في السينما.

·         متى بدأت العمل في السينما؟

- عندما كنت ملاكماً، انضممت لمجموعة من الشبان الفنانين لأعمل معهم في المسرح، وبعدها ظهرت في التلفزيون.

في عام 1992، اتصل بي (اوليفييه داهان) من اجل القيام بأحد الادوار في السينما .. في البداية رفضت، فالسينما بالنسبة لي «كذبة بيضاء»! وقلت لهم: «اعطوني اسم اي شخص مثلي يشبهني اصبح نجماً حقيقياً او نجح في السينما».والمثير انهم اجابوني «اجل، انت على حق، لا يوجد احد يمتلك مثل صفاتك، ولذلك اخترناك»!!

·         الفنان عمر الشريف ذو الاصل العربي، هل تعتقد انه ما يزال نجماً عالمياً؟

- عندما اتيت الى السينما، كان عمر الشريف مرجعيتي وكنت اراقب اعماله، متى يعمل في فيلم، متى يتوقف، لماذا جسد هذه الشخصية، ولماذا رفض تلك .. و .. و..!! انه نجم عالمي بكل المقاييس، ولكن عامل الزمن لا يجب تجاوزه، فالاشياء تتغير مهما كانت .. لا شيء يبقى كما هو، وفي السينما هنالك امور كثيرة تغيرت ..، وعلى الممثلين من ابناء جيلي ان يعوا ذلك، كما ان علينا ان نضع خططاً سينمائية ومعايير معينة لاختيار الادوار وصولاً لاستراتيجية سينمائية تتيح لنا الحرية كاملة في تناول المواضيع.

عندما مشاركتي في فيلم «الاخوة» وهو من الافلام الصعبة من عدة نواح منها الاداء، قابلت بالصدفة احد المنتجين والذي اعجب بادائي وهمس في اذني «انت ممثل جيد وموهوب»، ولم افكر يوماً ان ألج في عالم السينما بهذا الشكل .. وفي وقت من الاوقات قررت ان اجمع ما استطيع من مال لانتج فيلماً، من اجل صنع سينما جادة .. وهادفة .. وخارجة عن الانماط السائدة، وان اكرس اهتمامي بالجالية العربية في فرنسا لأبدأ بتناول المشاكل والعوائق التي توضع امام العربي من اي بلد كان. منطلقاً من ايماني العميق بأن الصورة - اي السينما - هي افضل طريق او اداة للوصول الى الحقيقة، العدالة، الانصاف، والنزاهة ..

مؤخراً انتهيت من تصوير فيلم المقامر، وهو فيلم عن عالم العاب الفيديو والكمبيوتر بحسناته وسيئاته، والقصة تدور حول طفل مولع بالعاب الفيديو منتظراً جائزة المليون ليحقق حلمه بأن يكون مليونيراً.

·         وماذا عن فيلم «كراهية»؟

- انا اعتبره من افضل الافلام بالنسبة لي، وهو فيلم كان عليناً صنعه بلا تردد، والفيلم مغرق في الواقعية، والقيم الانسانية، فتارة تجده يعزف على وتر الواقعية وتارة اخرى تجده يعزف على قيمة الاخلاص والوفاء .. انه فيلم نظيف، فيلم سينمائي حقيقي مع شيء من السياسة، واعتقد - بدون مبالغة - انه فيلم يترك بصمة واضحة على جدران تاريخنا!!

·         لقد عملت في كثير من الاعمال السينمائية الاوروبية ..؟

- اجل، فيلم «كراهية» اعجب الايطاليون فيه كثيراً.. فقد كنت قد عملت في خمسة افلام ايطالية بأدوار رئيسية اثنان منهما قمت بدور الايطالي، اما الباقية فقد كانت شخصيات لرجل مغربي ملاحق من المافيا ..

·         هنالك حديث حول اشتغالك على فيلم بعنوان «مراكش اكسبرس»؟

- كان عليّ ان اعمل في فيلم باللغة الانجليزية، ولم اكن بحاجة الى ما يُعرف (Super Accent) اي اللهجة الدارجة، وقد طُلب مني القيام بدور شاب عربي رحال اسمه بلال، ولكن قبل التصوير ذهبت لمقابلة مؤلف الرواية وشقيقته ووالدته .. والذين بدورهم وجدوني متحمساً للقيام بدور بلال واعتقدوا جازمين بأنهم سوف يرون بلالاً الحقيقي ..

·         وماذا عن الممثلة كيت وينسليت، نجمة «تايتانيك»؟

- وجدتها لطيفة للغاية، وممثلة جيدة .. ولا تحب الظهور كثيراً.

·         كيف استطعت العمل في فيلم «3 ملوك»؟

- لقد نال فيلم «كراهية» شهرة كبيرة في العالم، وشاهد الفيلم المخرج المتميز (سبايك جونز) واعجب بادائي وطلب مقابلتي من اجل العمل معه في احد الافلام ذوات الميزانية الكبيرة التي تنتقد اميركا، حيث بقينا ثلاثة اشهر في الصحراء.

·         وكيف كانت النتيجة؟

.. مخيفة! فقد كنا ننام جميعاً في الهواء الطلق حتى النجم جورج كلوني لم يحضر الكارافان الخاص به، بل شاركنا النوم كأي عامل في الفيلم .. لكنها «الحرب» فأثناء النهار كنا كما النجوم تتلألأ .. نتدرب على حمل السلاح واستخدامه والتسديد بالاضافة لممارسة الرياضة، كل هذا انجز في 3 اشهر.

·         مع من تحب ان تعمل في السينما من مخرجين وممثلين ..؟

- احب العمل مع كل المخرجين الجيدين .. والممثلين الجيدين ايضاً. باختصار احب كل شيء جيد.

·         هل تعتبر نفسك فرنسياً، مغربياً، او اوروبياً، ام عربياً؟

- لا اشعر بانتمائي الى بلد معين، فأنا انتمي للحظة التي اعيشها في هذا العالم الذي يشهد متغيرات كثيرة .. لذلك اقول انني ابن هذه اللحظة، وفقط.

الرأي الأردنية في 10 سبتمبر 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

ممثل مغربي يترك حلبة الملاكمة للعمل في التمثيل ..

طغماوي: السينما كذبة بيضاء وانا ابن اللحظة

ترجمة وتقديم: تيسير أبو شومر