شعار الموقع (Our Logo)

 

 

كرمت نقابة الفنانين السوريين بمناسبة عيدها الحادي عشر، عددا من الفنانين المخضرمين والشباب، كما تم تكريم اعمال مسرحية وتلفزيونية واذاعية وسينمائية كان لها اصداء طيبة.ومن الاعمال السينمائية وقع الاختيار على الفيلم القصير «متر مربع» لتكريمه، نظرا لفوزه بجائزتين في مهرجان القاهرة الدولي السابع لسينما الاطفال. فقد حاز على الجائزة البرونزية في مسابقة الافلام القصيرة، بعد الفيلم الهندي «سباندان» واللبناني «ليمونادة» وجاء في قرار لجنة التحكيم بمنح فيلم «متر مربع» الجائزة البرونزية لوضوح رسالته السينمائية التي تحذر من خطورة الزواج المبكر للفتيات.

كما حصل فيلم «متر مربع» على الجائزة الفضية للافلام العربية المشاركة في المهرجان مع جائزة مالية قدرها ثمانية الاف جنيه مصري، وهي جائزة خصصتها ادارة المهرجان للافلام العربية القصيرة المشاركة، وذلك لرسالته الواضحة بلغة سينمائية متميزة ضد الزواج المبكر للفتيات.

كتب سيناريو فيلم متر مربع للمخرج السينمائي عبداللطيف عبدالحميد واخرجه وليد حريب وانتجته المؤسسة العامة للسينما، وادت الدور الرئيسي الطفلة دانا محايري، وقام بالتصوير عبدالقادر شربجي والمونتاج علي ليلان وصممت المناظر عتاب حريب، ويدور موضوعه حول آثار الزواج المبكر للفتيات.

ابن بادية الشام

ونجد في تكريم الفيلم مناسبة للحديث عنه وعن مخرجة وليد حريب الذي نشأ وترعرع في البادية وتحديدا في مدينة الميادين علي الحدود السورية العراقية، وعندما اتجه لدراسة الفن السينمائي اختار مهنة المونتاج السينمائي ودرسة في المانيا، وعندما عاد للعمل لم يكن في مؤسسة السينما سوى بضعة فنيين يتقنون فن المونتاج، ونتيجة لذلك تحمل عبئا كبيرا وكانت حصيلة عمله القيام بمونتاج اكثر من اربعين فيلما روائيا وتسجيليا من انتاج مؤسسة السينما.

وبعد فترة من عمله وجد نفسه مؤهلا لخوض تجربة الاخراج، فاخرج عددا من الافلام الروائية والتسجيلية القصيرة والمتوسطة، وحصل لقاء هذه الافلام على جوائز عديدة في المهرجانات السينمائية. وشغل في مؤسسة السينما مناصب ادارية وفنية منها رئيس قسم المونتاج، ومدير الانتاج في المؤسسة، كما انتخب عضوا في مجلس نقابة الفنانيين لعدة دورات. ولم تغب البادية عنها مجموعة من الافلام ذات الطابع الانساني مستشعرا حالات مؤثرة يمتزج فيها الهم الخاص في اطار انساني شفاف.

طقوس الفرات

ففي فيلم «العجاج» يصور معاناة الانسان من الاثار القاسية في المواسم التي تجتاح الرياح العاتية البادية السورية، وهي رياح شديدة مدمرة محملة بغبار كثيف تحجب الرؤية، وهي تودي كل عام بأرواح وممتلكات.

ويتناول حريب في فيلم «حنين» اثر الاغتراب في حياة الانسان من خلال اهالي المغتربين في منطقة الجزيرة في اقصى شمال سوريا ونرى الامهات يطلقن زفرات الحنين الى الشباب المهاجر الى اوروبا بحثا عن لقمة العيش بأغنيات فلكلورية مليئة بالشجن والحزن.

ويصور علاقة الانسان بالنهر في فيلم «طقوس فراتية» ويمزج فيه بين الاسطورة والحلم والواقع. فمن اسطورة تقديم قرابين لدرء فيضان النهر، الى اصحاب الطرق الذين يغرزون الشيش «سيخ حديدي» في بطونهم ورقابهم دون ان يصابوا بأذى وهي الظاهرة التي حيرت العلماء. وفي فيلم «يوم في مزرعة جديدة» يصور انتقال الانسان من البيوت الطينية الى قرى نموذجية، واثر هذا الانتقال على عمله ونفسيته.

وتتسم افلام وليد حريب التي عالج فيها قضايا الاطفال بالدخول في جوهر مشكلات الطفولة في العصر الراهن، ويمكن القول انه كان يركز على الطفولة المعذبة.

فقبل ان ينتقل الى الحديث عن البادية ومنظمة الفرات، كان اول افلام وليد حريب «النداء» عن موضوع خطير يعاني منه اطفال العالم ولاسيما العالم الثالث، وهو اجراء تجارب الدواء على الاطفال يعني استخدامهم كفئران تجارب للادوية قبل توزيعها.

ويعالج فيلم «لحظة فرح» مشكلة تشغيل الاطفال، من خلال طفل يعمل على حمل مواد البناء كأكياس الاسمنت، وقد شارك الفيلم في احد عشر مهرجانا ونال عنه عدة جوائز، منها الجائزة الفضية في مهرجان القاهرة لسينما الاطفال منذ عامين. ويتحدث عن مشكلة الزواج المبكر واثرها على الافراد الذين يخوضون هذه التجربة غير الطبيعية وتؤدي الى انعكاسات سلبية على الجميع،. وتحدث بشكل خاص شرخا في نفسية وسلوك الفتاة التي تقحم بهذا الوضع من خلال معاناة طفلة مرت بهذه التجربة.

وقد التقينا المخرج وليد حريب في حديث حول محتوى فيلم «متر مربع» ورسالته فقال: يقدم الفيلم رسالة انسانية مؤثرة تتضمن الدعوة الى نبذ هذه الظاهرة غير الطبيعية المنتشرة في المجتمعات المتخلفة، والاهتمام بهذه المشكلة التي تعاني منها فئة حيوية في المجتمع واتاحة فرصة التعليم للفتيات وان تطبق القوانين والانظمة المنصوص عليها بحق من يقوم او يساعد على تزويج الصغيرات، وهي ظاهرة لاتقتصر على شريحة معينة منه، بل توجد عند مختلف الطبقات والمستويات التعليمية وفي المدن والارياف.

·         ما أثر الفيلم السينمائي في طرح القضية او توصيل الفكرة؟

ـ ان اهمية الفيلم السينمائي ودوره ينبعان من خلال عرضه على جمهور واسع كالمهرجانات والتلفزيون، وبالتأكيد ستصل الرسالة من خلال الصدق في الطرح والاسلوبية المؤثرة في المشاهد، مع الاخذ بعين الاعتبار ان العمل الفني والسينمائي لا تنحصر مهمته في نقل الواقع بل في اعادة تكوين الصورة رؤية فكرية وفنية تمس قضية حيوية في المجتمع، وفي هذه الحالة يصبح الفن فعالا ومؤثرا في بناء الاسس السليمة في المجتمع، وتطلع الى حياة اكثر تقدما وحيوية، وهذا ما حاولت ان أقدمه في فيلم «متر مربع».

·         تتعاون للمرة الثانية مع المخرج عبداللطيف عبدالحميد، ماذا يضيف هذا التعاون الى عملك؟

ـ المخرج عبداللطيف عبدالحميد فنان مبدع وله اسلوبية انسجم معها واحبها، ودائما ارى ان التعاون مع عبداللطيف يشكل اضافة ابداعية جديدة تدون في سجل المؤسسة العامة للسينما خاصة والفن السينمائي السوري عامة.

·         نلاحظ ان القضايا الانسانية الخاصة تستأثر بأفلامك، لماذا تهتم بها اكثر؟

ـ من طبيعتي الخاصة، وبرأيي ان خصائص اي عمل فني ناجح هو الصدق، ومن هنا تبرز المبررات لمعالجة اي موضوع من خلال مضمونه، ومعالجته انسانية واجتماعية ذات بعد عميق وشفاف.

ان القضايا الانسانية هي مواضيع عولجت من قبل كثير من الفنانين، ولكن اسلوب المعالجة والعمق في الطرح والشفافية والصدق هو الذي يحدد مشروعية تناول اي عمل فني ونجاحه.

·         غلب التكثيف على بناء الفيلم، لماذا لم تدخل في بعض التفاصيل؟

ـ الفيلم القصير له خصائص ومواصفات اهمها التكثيف وان اضافة اي مشهد ولقطة لا لزوم لها يضيع على المشاهد متعة التفكير والاحلام، ودائما احب ان اترك نهاية مفتوحة وبنفس الوقت واضحة وحادة لا لبس فيها.

·         كنت سأسألك عن هذه النقطة بالذات، لماذا تركت مصير الفتاة مفتوحا؟

ـ إن ترك النهاية مفتوحة حول مصير الفتاة هو تركها لمصيرها المحتوم وبنفس الوقت تمديد هذه النهاية في إحداث شرخ في نفسية وسلوك الفتاة التي تقحم بهذا الزواج المبكر الذي يؤدي الى انعكاسات سلبية على المجتمع، وقد تفهم نهاية الفيلم من اسمه أيضا.

·         في (لحظة فرح) تعالج قضية عمالة الاطفال، ما الذي أثارك في هذا الموضوع؟

ـ دائما أحاول ان أختار مواضيع لها صلة بالواقع وقضايا الناس، لأقدم فيلماً يعطي محاولة لكشف شيء ما.

في فيلم لحظة فرح حاولت التركيز على مشكلة عمالة الاطفال، وما أثارني في هذا الموضوع ما قرأته في صحيفة عربية ان تسعة ملايين طفل عربي يعانون من سوء التغذية ومن تشغيلهم في مهن شاقة، وهذا الرقم مخيف وعلينا ان نوليه الاهتمام على جميع المستويات السينمائية والتلفزيونية والثقافية والاجتماعية.

·         متر مربع هو فيلمك الثالث عن الأطفال، لماذا توجهت الى الطفولة بشكل خاص في أفلامك الاخيرة؟

ـ لا أريد أن أدخل في الخطابات الاعلامية، إن الاطفال هم مستقبل الوطن وأحلامه فإذا لم نفكر بالأطفال فلن نستطيع بناء الحلم والوطن القادم.

·         لماذا قمت بمونتاج فيلمك بنفسك؟

ـ لقد عملت نحو عشرة أفلام قصيرة إخراجا، ولكن عملي الأصلي هو المونتاج السينمائي، حيث درست المونتاج في المانيا، وقمت بمونتاج أكثر من اربعين فيلما طويلا وقصيرا.

·         هناك رسالة واضحة في الفيلم، هل يمكن ايصال هذه الرسالة من خلال فيلم قصير؟

ـ ان أهمية الفيلم السينمائي ودوره، ينبعان من خلال عرضه على جمهور واسع وعريض، وتصل الرسالة من خلال صدق وأسلوبية الفيلم، ويمكن ان يلعب دورا قويا في تعرية أية مشكلة، أو طرح أي موضوع من خلال الجدية في الطرح والأسلوب الذي يكسبه مبررات تألقه وتوهجه وبلوغ أثره.

ان أي عمل فني حقيقي لا تنحصر مهمته في نقل الواقع فقط، بل في اعادة تكوين هذه الصورة وفق رؤية متطورة.

وفي هذه الحالة يصبح الفن فاعلا ومساهما في بناء الأسس السليمة والملائمة لمجتمع يتطلع باستمرار الى حياة أكثر تقدما وازدهارا.

·         كيف تنظر الى الجوائز والتكريم الذي حظي به الفيلم؟

ـ الجائزة لها قيمة معنوية كبيرة، والأهم كما نقول دائما حب الناس لهذا الفيلم أو ذاك.

انني أشعر بخوف وتوتر شديدين قبل عرض الفيلم، وأحس برغبة قوية في معرفة رأي الناس قبل الحصول على جائزة، وبلاشك تضيف دفعة قوية لمتابعة الانتاج وتطويره والا يقف عند حدود.

البيان الإماراتية في 6 أغسطس 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

بمناسبة تكريم فيلمه «متر مربع»

وليد حريب

العمل موجه ضد تزويج الفتيات المبكر

دمشق/ محمد قاسم