حَظيَتْ السينما العراقية باهتمام خاص، بل الأول من نوعه في الدورة السابعة لبينالي السينما العربية في باريس هذا العام من خلال تقديم لقطة مكبّرة عنها تضمنت عرض 18 فيلماً عراقياً ينحصر اخراجها بين الأعوام 1948 و2004. كما خصصت اللجنة المُنظمة للمهرجان ندوة خاصة عن السينما العراقية، فضلاً عن الفعاليات والأنشطة الثقافية الأخري التي أُقيمت علي هامش المهرجان. وهذه هي المرة الأولي التي يجتمع فيها السينمائيون العراقيون من الداخل والخارج ليتحدثوا عن هواجسهم السينمائية، وهمومهم الثقافية الأخري بحرية ومن دون رقيب. وحينما نضع، نحن المتخصصين في النقد، والمتابعات، والتغطيات الصحفية، حينما نضع المشهد السينمائي العراقي أمام أنظارنا، نكتشف فقر السينما العراقية، وضآلتها، كماً ونوعاً مقارنة بالمنجز السينمائي في البلدان العربية مثل مصر، وسورية، ولبنان، والمغرب العربي برمته، وكذلك البلدين الاسلاميين المجاورين للعراق وهما تركيا وايران اللذان قدّما منجزاً كبيراً للمكتبة السينمائية في العالم. يري العديد من المتخصصين في السينما العراقية بأن هذه اللقطة المكبرة لم تكن أفضل ما في السينما العراقية. ويبدو أن الدمار الكبير الذي لحق بدائرة السينما والمسرح لم يُبقِ من ذاكرة السينما العراقية الا القليل، وبالتالي فان هذه اللقطة المكبرة صارت مقرونة بما هو متوفر من أشرطة صالحة للاستخدام جلبها المعنيون من خارج العراق، وأخص بالذكر منهم الأستاذ انتشال التميمي، ولهذا فان الفيلم العراقي الأول عليا وعصام لم يُعرض منه سوي 32 دقيقة لأن القائمين علي المهرجان لم يتمكنوا من الحصول علي النسخة الأصلية التي تبلغ مدتها ساعة ونصف الساعة. ولكي نحيط القارئ علماً بهذه اللقطة المكبرة أجد نفسي مضطراً لاستعراض هذه الأفلام المنتقاة وهي علي التوالي: عليا وعصام 1948، اخراج الفرنسي أندريه شاتان، الحارس 1967، خليل شوقي، الظامئون 1972، محمد شكري جميل، المنعطف 1975، جعفر علي، الأهوار 1976، قاسم حول، النهر 1977، فيصل الياسري، المهد 1985، ليث عبد الأمير، في حقول الذرة الغريبة 1991، قاسم عبد، المرأة العراقية صوت من المنفي 1993، ميسون الباججي، حياة ساكنة 1997، قتيبة الجنابي، الخرساء 1999، سمير زيدان، مدخل الي نصب الحرية 1999، لعدي رشيد، شاعر القصبة 1999، لمحمد توفيق، جيان 2002، لجانو روشبياني، بغداد حاضرة غائبة 2002، لسعد سلمان، انسَ بغداد 2002 لسمير جمال الدين، عائد الي بابل 2002، لعباس فاضل، زمان رجل القصب 2003، لعامر علوان، 16 ساعة في بغداد 2004، لطارق هاشم، و نحن العراقيون 2004 لعباس فاضل. وهذه الأفلام الثمانية عشر، علي أهميتها، وامتلاك بعضها للمواصفات الفنية العالية، لا تمثل أفضل ما في المنجز السينمائي العراقي برمته، بل أن اختيارها كان مقروناً بتوافرها وغياب البعض الآخر منها. فهناك علامات فارقة في السينما العراقية مثل من المسؤول لعبد الجبار ولي، و سعيد أفندي لكاميران حسني، و نبوخذ نصر لكامل العزاوي، و قطار الساعة 7 لحكمت لبيب. وكان من المناسب اختيار أحد الفيلمين العراقيين اللذين بدأت بهما السينما العراقية بانتاج مشترك مع مصر وهما ابن الشرق لنيازي مصطفي، و القاهرة ـ بغداد لأحمد بدر خان وقد مثلّت في كليهما الفنانة المصرية القديرة مديحة يسري التي تم تكريمها في هذه الدورة، وكان من المستحسن لو أنها اشتركت في الندوة السينمائية العراقية، وتحدثت عن دورها في الفيلمين آنفي الذكر. وكان من الضروري، كما أشار المخرج قاسم حول، الي استدعاء من تبقي من عائلة المخرج أندريه شاتان لالقاء الضوء علي ظروف وحيثيات اخراج عليا وعصام ، واستدعاء أرملة المصور الفرنسي جاك لامار الذي صوّر هذا الفيلم. لا نريد أن ندخل في ملابسات الأفلام المشاركة من الداخل والخارج فبعض المخرجين الذين أنجزوا أفلامهم في الداخل يعيشون خارج العراق مثل الفنان خليل شوقي، وبعضهم أخرجوا أفلامهم في الخارج، لكنهم يعيشون الآن في الداخل مثل جان روشبياني. ومع ذلك فقد كان تمثيل العراق في هذا المهرجان من الداخل قليلاً، اذ اقتصر هذا التمثيل علي السينارست والناقد السينمائي صادق الصائغ، مدير السينما والمسرح، ومستشار وزارة الثقافة العراقية، كما حضر الفنان سامي قفطان، والفنانة شذي سالم. ولم نعرف ملابسات عدم حضور الفنان الكبير يوسف العاني الذي كان مرشحاً للمشاركة في هذا المهرجان هو والزميل المصور حاتم حسين. ندوة بلا محاور أشار المخرج قيس الزبيدي في مستهل حديثه بأنه لا يمتلك خبرة في ادارة الندوات، وأنه الشخص غير المناسب لادارة ندوة تتعلق بالسينما العراقية كونه قد غادر العراق منذ مدة طويلة من الزمن تجاوزت الثلاثين عاماً، وبالتالي فهو بعيد عن السينما العراقية، ولم يطلّع عن كثب علي مجرياتها في الداخل، ولكنه، علي حد قوله، طُلب منه أن يتحدث قليلاً عن السينما العراقية، ويدير هذه الندوة التي افتقرت مع الأسف الشديد الي محاور محددة تتعلق في صلب السينما العراقية وجوهرها. وكان بالامكان أن تُسفر عن نتائج جيدة لو أن القائمين علي تنظيم اللقطة المكبرة قد كلفوا السينمائيين العراقيين، أو بعضهم، في الأقل، ممن تتوافر لديهم الخبرة في الكتابة، نقداً، وتحليلاً، وأرخنة، علي اعداد أوراق ودراسات وأبحاث مطبوعة، وتحديد سقف زمني كأن يكون خمس عشرة دقيقة لكل متحدث ليقدم ملخصاً عن بحثه، أو دراسته، أو شهادته، علي أن توزع نصوص البحوث والأوراق علي الحاضرين، ومن ثم تُطبع في كتاب. لكن هذا الاجراء لم يتحقق، وظل كالعادة حلماً يراود المسكونين بهاجس الأرشفة. تحدث الزبيدي من دون ورقة عن أشياء كثيرة في السينما العراقية وحاول أن يستعين بالمخرج والناقد قاسم حول غير مرة كلما أراد ذكر رقم أو احصائية لعدد صالات السينما في العراق، أو عدد الأفلام الروائية، أو عدد الجهات المنتجة للأفلام العراقية. المخرج والناقد السينمائي قاسم حول الذي يمتلك معلومات دقيقة عن تاريخ السينما العراقية، ويمكن أن يكتب عنها بمصداقية، ونزاهة بعيداً عن الاخوانيات والمجاملات الشخصية لم يتحدث كثيراً في هذه الندوة، الأمر الذي حرم الحاضرين من معلوماته القيمة، والموثقة بشكل جيد، علماً أنه كان مشاركاً في لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية، وقد عرض له المهرجان فيلم الأهوار ، كما شاهدناه ممثلاً في فيلم الحارس لخليل شوقي. وقد اكتفي حول ببعض المداخلات المهمة التي صحح فيها أكثر من معلومة، كما قدم بعض المقترحات الجدية، ومنها سنّ قانون للسينما العراقية، واشتراط عدم خضوعها للدولة. كما تمني علي لجنة المهرجان لو أنها استدعت أولاد أو أحفاد كل من المخرج الفرنسي أندرية شاتان والمصور جاك لامار للوقوف علي الأسباب التي كانت وراء اختيارهما لاخراج وتصوير فيلم عليا وعصام ، وهما فرنسيان، وليسا بريطانيين مثلاً. وتساءل قائلاً: لماذا وقع عليهما الاختيار؟ هل لأنهما يهوديان، بغض النظر عن المعني السلبي أو الايجابي لهذه الكلمة؟ كما أشار حَوَل الي أن الشركات الانتاجية كان يؤسسها موظفون عراقيون يشترون بالأقساط أجهزة منزلية كهربائية كالتلفزيونات والثلاجات والمجمدات، ثم يبيعونها بأسعار مخفضة، وعندما يتكون عندهم مبلغ 1000 دينار يبدأون بانتاج فيلم ما، ثم يرهنوا هذا الفيلم في مصرف الرهون، ويظل الفيلم مرهوناً في خزانات المصرف الي أن يسترد المصرف ديونه، وقد تتعرض أشرطة هذه الأفلام المرهونة الي التلف لأنها مخزونة في أماكن غير مناسبة. هكذا كانت ظروف انتاج الأفلام العراقية المخرج عامر علوان، المقيم في فرنسا تحدث عن الظروف الصعبة التي صوّر فيها فيلم زمان رجل القصب قبل سقوط النظام، وقال ان الفنان سامي قفطان قد عرّض حياته للخطر سواء في أثناء التصوير أو خلال محاولاته المتعددة لاسترجاع الكاسيتات التي صادرها النظام لأسباب أمنية. وطالب علوان الدولة القادمة بضرورة دعم كتاب السيناريو والمخرجين والممثلين والتقنيين من أجل الارتقاء بالسينما العراقية. الفنانة مي شوقي التي صرحت بأن مشاركتها في السينما العراقية محدودة، وأنها قررت أن تعتزل العمل الفني خلال سنوات حكم النظام البائد الا أنها اعترضت علي وجود أناس غير متخصصين في السينما في هذا المحفل السينمائي، وقالت ان وجودهم يضر بالسينما العراقية، والغريب أن كل الحاضرين، ومن دون استثناء، كانوا اما مخرجين، أو ممثلين، أو مصورين، أو سينارست، أو نقاد، أو صحافيين محترفين دعاهم معهد العالم العربي اعتماداً علي كفاءتهم ليس الا. كما طالبت بتشكيل لجان خاصة لحماية المثقفين والفنانين العراقيين، وتمنت علي القائمين علي السينما والمسرح في العراق أن يفيدوا من التجارب التي أفرزتها مؤسسات الاذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح في البلدان الأوروبية المتحضرة. كما شددت علي ضرورة الافادة من الخبرات الفنية الشابة في الداخل والخارج، وطالبت بحفظ الأفلام العراقية التاريخية في المتاحف الأوروبية حفاظاً علي الارث السينمائي العراقي. واقترحت علي المخرجين العراقيين أن يصنعوا أفلاماً روائية تتناول شخصية المواطن العراقي الذي تعرض للظلم والاضطهاد والتهميش والمعاناة الشديدة خلال السنوات المؤسية للحكم البائد. وفي السياق ذاته هاجم المخرج عبد الهادي الراوي المؤسسة الرسمية للسينما والمسرح قائلاً: طوال عمر السينما والمسرح لم يترأس هذه المؤسسة سينمائي واحد وهو يعني أن كل رؤساء هذه المؤسسة كانوا من غير المتخصصين في السينما، في حين أن واقع الحال يشير الي غير ذلك، وحتي الرئيس الحالي صادق الصائغ هو ناقد سينمائي، وسينارست، وهو الذي كتب سيناريو فيلم المنعطف الذي اشترك في هذا المهرجان، كما كتب الكثير من النقود السينمائية طوال عشر سنوات. أهمية الانتاج المشترك الفنانة شذي سالم التي جاءت من العراق أكدت علي أهمية الانتاج المشترك مذكرة ايانا بأفلام مشتركة ساهم في اخراجها وتمثيلها فنانون من مختلف البلدان العربية مثل فيلم القادسية لصلاح أبو سيف، و الأيام الطويلة لتوفيق صالح، و المسألة الكبري ، كما توقفت عند فيلم اليرموك الذي لم يرَ النور بسبب بعض الخلافات الفكرية. ودعت الشركات المنتجة في العالم العربي الي توفير الفرصة للممثل العراقي في ظل الظروف الجديدة. بينما يري بعض المخرجين العراقيين المقيمين في الخارج بأن هذه الأفلام ذات النفس التاريخي كانت تساعد النظام الدكتاتوري السابق علي تبرير حروبه العبثية التي شنها ضد ايران، مثلما يبرر فيلم الملك غازي غزو صدام للكويت. الدكتور سعدي يونس بحري تحدث عن تجربته الشخصية في التمثيل والاخراج وقال بأنه بدأ في التمثيل وهو في سن السابعة في أفلام أنا العراق ، ثم شارك لاحقاً في قطار الساعة 7، والظامئون ، وقال بأن النظام السابق كان يمسك بخناق الفنان العراقي ولا يدعه يفكر الا وفق ما يريده النظام، ولكنه متفائل بمستقبل السينما العراقية ان هي اعتمدت علي نفسها وكوادرها الذاتية وتمويل الدولة غير المشروط لها. أما المخرج قاسم عبد المقيم في لندن الذي كان ينتظر تبدل الأوضاع السياسية في العراق منذ ثلاثين عاماً فقد قال استمعت الي ملاحظات مهمة عن الانتاج المشترك، وسن قانون السينما العراقية، ودعم الدولة غير المشروط، ولكنني أطالب كل السينمائيين أن يقدموا ما يستطيعون تقديمه للسينما العراقية في الداخل. علينا أن نبادر بشكل شخصي ونقدم أي شيء من دون أن ننتظر قراراً ما من الدولة. الفنان العراقي بحاجة الي كاميرا، وكتاب جديد، وفيلم حديث، وخبرة جديدة. لقد اكتشفت أن بعض السينمائيين الذين درسوا أربع سنوات لا يعرفون كيفية استخدام الكاميرا الديجيتال لأن الخبرة تنقصهم. ونقل عن طالبة تتدرب في معهد السينما الذي أنشأه في بغداد بعد سقوط النظام أنها بدأت تتعلم في هذا المعهد بيوم واحد ما يعادل سنتين من الدراسة! المخرج عبد الهادي الراوي أكد من جهته علي ضرورة دعم الدولة للقطاع السينمائي، واستشهد بدعم روسيا وايران للتجربة السينمائية، وطالب بأن تنفق الدولة العراقية القادمة علي السينما مثلما تنفق علي الصحة والتعليم. أما الفنان سامي قفطان فقد قال اننا عندما نلتقي نتحدث عن همومنا، ولا نتحدث عن السينما التي هي صنعة وفن. واستشهد ببعض الآيات القرآنية التي تركز علي المال قبل كل شيء في اشارة الي أهمية المال في صناعة السينما. وأشاد بجهود الفنانين العراقيين الموجودين في الخارج الذين يفكرون مرتين، عن أنفسهم مرة، وعن سينمائييهم في الداخل مرة أخري. خليل شوقي. . شهد ولادة السينما العراقية وموتها أما الفنان والمخرج خليل شوقي الذي عتب علي الزبيدي لأنه خصص له خمس دقائق للحديث عن السينما العراقية وهو الذي شهد ولادتها وشهد موتها كما يذهب شوقي. فما كان من الزبيدي الا أن يمدد الوقت الي عشر دقائق. ركز خليل شوقي علي ضرورة الاعتماد علي النفس، وقال بأن الطفل العراقي يعتمد علي أمه التي تُعد له الطعام، وحينما يتزوج يعتمد علي زوجته التي تهيئ له كل شيء، يا تري ماذا يصنع هو اذاً؟ قال شوقي أنه دخل الاذاعة عام 1947، وارتبط بالتلفزيون عام 1956، وعمل في المسرح ما يزيد علي نصف القرن وكان يعتمد علي نفسه دائماً. كما أكد علي ضرورة العمل الجماعي في المسرح والسينما والدراما التلفزيونية، فالشعر أو التشكيل أو كتابة القصة والرواية هو عمل فردي صرف، ولكن السينما والمسرح والتلفزيون يحتاج الي عمل جماعي. توقف شوقي عند بدايات السينما العراقية وقال أن المبادرين كانوا أحيانا أنصاف مثقفين أو أميين، ولا علاقة لهم بالسينما، ومع ذلك فقد أسسوا للسينما، ووضعوا لبناتها الأولي. ثم تحدث عن الصعوبات التي كانت تواجههم، وكيف كانوا يتغلبون عليها بالصبر والدأب والمحبة الكبيرة التي يكنونها للفن. وفي واحدة من ملاحظاته الطريفة أشار الي أنه كان ينقل كنبات بيته وأدوات المطبخ كلها لأغلب الأعمال الدرامية التي كان يمثل فيها، وقد ظلت هذه الكنبات تتكرر في الأعمال التلفزيونية وسط دهشة المشاهدين الذين لا يعرفون أنها تعود لفنان ما في العمل الفني. وقبل أن يتحدث المخرج العراقي- السويسري، من أصل يهودي، عن تجربته الاخراجية قال الزبيدي بأنه لا يعرف الي أي مدي هو عراقي أو سوري أو فلسطيني أو ألماني كونه عاش في هذه البلدان الأربعة لسنوات طوال. من هنا فقد طلب من المخرج سمير جمال الدين أن يتحدث، لكن هذا الأخير أجاب بما يشبه الاعتذار، وقال أنا جئت لكي أسمع، وأعرف ما حدث في العراق من خلال العراقيين، واكتفي بالقول بالانكليزية اننا نريد أن نبني جسراً بين العراقيين في الداخل والخارج. بينما كان الكثيرون يترقبون الحديث عن تجربته الاخراجية وبالذات عن فيلم انسَ بغداد الذي حصل علي العديد من الجوائز المهمة. أشار المخرج محمد توفيق الي أهمية الاستفادة من التجارب الأوروبية ومحاولة نقلها الي العراق الجديد، وطالب بدعم الدولة للكادر السينمائي من أجل خلق سينما حقيقية. أما صادق الصائغ، مستشار وزارة الثقافة العراقية، فقد أوضح للحاضرين الخراب الكبير الذي لحق بمؤسسة السينما والمسرح، فلا وجود لأرشيف، ولا أثاث، ولا أبواب أو شبابيك، ولا كراسي يجلس عليها الموظفون، فلقد نهب الرعاع كل شيء، ولكنه وعد الحاضرين خيراً بأن الدولة لابد أن تتدخل في المستقبل بصناعة السينما من خلال الدعم المادي لها، وقد طالب المؤسسات الثقافية في العالم العربي وأوروبا أن تمد يد العون للبدء بالخطوة الأولي الصحيحة من دون أن ينسي التأكيد علي الفن الحر، المستقل، الذي لا تؤدلجه الدولة أو الأحزاب. معرفة الطريق الي التمويل ومصادر الدعم المادي أما الشاعر شوقي عبد الأمير ممثل وزارة الثقافة العراقية لدي اليونسكو فقد سلط الضوء علي كيفية حصول المخرجين والمنتجين علي مصادر الدعم والتمويل. وقال ان المجموعة الأوروبية لم تصرف من ميزانيتها للمنطقة العربية مبلغاً كبيراً، وقد أعادت مبلغاً بفارق 4 ملايين يورو. وحينما سألت المختصين قالوا ان المعنيين لا يعرفون كيف يتعاملوا معنا. ويفترض أنهم يعرفوا ذلك عن طريق الكومبيوتر أو الدعاية، أو ما يسمي بالمناقصة الثقافية في المجموعة الأوروبية التي تستلزم تقديم العروض والطلبات التي يجهلون صيغها علي ما يبدو. أما منسق اللقطة المكبرة، والمدير الفني لمهرجان الفيلم العربي في روتردام فقد أكد علي أهمية هذه اللقاءات التي تجمع السينمائيين العراقيين، وشدد في الوقت ذاته علي أهمية الحصول علي مصادر الدعم والتمويل من الجهات والمؤسسات الأوروبية علي وجه التحديد. عاد قاسم حول معقباً علي أهمية ستوديو بغداد الذي يعد أهم ستوديو في المنطقة العربية، وأوضح بعض الأسباب التي أدت الي تعرضه الي حملات اعلامية عنيفة من قبل بعض الصحف المصرية واللبنانية بحجة انتماء بعض المساهمين اليهود الي الحركة الصهيونية والتجسس لصالحها. السينمات العراقية والأفلام المكشوفة أما المخرج سمير زيدان الذي عاد من العراق تواً فقد أشار الي أن أغلب السينمات العراقية تعرض أفلاماً اباحية واستثني منها صالات السينما الموجودة في كردستان العراق. كما استنكر الأفعال التي تقوم بها الجهات الأصولية التي فجرت عدداً من القنابل اليدوية في بعض من صالات مدينة الموصل. وفي ختام الندوة كانت مشاركة الحاضرين محدودة واقتصرت علي بعض الملاحظات التي طرحها نقاد وصحافيون أبرزهم السيدة انعام كجه جي التي قالت بأن العراق قد تعرض الي زلزال كبير، وهي تري أن هناك ضرورة قصوي لتصوير هذه الأماكن المدمرة في أغلب المحافظات العراقية ليس لأسباب اعلامية أو دعائية، وانما لقيمتها التوثيقية، وأهميتها التأريخية. وفي ختام الندوة تساءل الزبيدي ان كانت هناك امكانية لاصدار بيان صحافي يوضح النتائج التي توصلت اليها هذه الندوة السينمائية. انتهت الندوة، ولم يصدر عنها، كالعادة، أي شيء. القدس العربي في 31 يوليو 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
ندوة السينما العراقية في باريس: المطالبة بسن قانون للسينما العراقية والحصول علي دعم غير مشروط من الدولة عدنان حسين أحمد |
|