شعار الموقع (Our Logo)

 

 

السينما المصرية الموعودة في الفترة القادمة بانتعاشة تعيدها لسنوات مجدها تخشي علي نفسها من نظام الانتاج الجديد الذي يقضي علي مستقبل الفيلم ببيع النيجاتيف، بعد أن أطاحت حمي البيع بتراث السينما وذاكرتها والتي تزيد عن ثلاثة آلاف فيلم.

ونظام الانتاج الجديد يتضمن قيام المؤسسات الكبري التي تمتلك الفضائيات بتمويل الافلام الجديدة مقابل حقوق ملكية النيجاتيف ويظل للمنتج حق عرض الفيلم داخل مصر فقط.

بعض السينمائيين يرفضون بيع النيجاتيف والبعض الآخر يراه فرصة للخروج من محنة الانتاج السينمائي.. ولكن تظل حمي بيع المستقبل تثير المخاوف حتي لو تحمس لها الجميع..

'أخبار النجوم' طرحت هذه القضية علي كبار الفنانين في هذا التحقيق.
يؤكد المخرج والسيناريست رأفت الميهي أن هذا النمط من الانتاج بدأته الشركة العربية حيث كانت تتفق مع المنتج علي تمويل الفيلم مقابل النيجاتيف علي ان يحصل هو علي ايرادات الداخل، ثم امتد هذا النمط ليصبح موضة كل الشركات.

ويضيف رأفت الميهي:

نيجاتيف الفيلم مثل الآثار، قد يبيعه أي شخص لآخر، لكن يظل لكل منهم حق الاستغلال التجاري فقط، واذا كانت مخاوفنا الحقيقية تأتي من الأضرار بالنيجاتيف أو أحراقه مثلا، فهذا مستحيل، لأن هناك مايسمي الحقوق الموازية وهي للكاتب والمخرج والممثل، وبالتالي فإن بيع النيجاتيف ليس جريمة، والدليل علي ذلك أنه حين اشترت شركات يابانية ستوديوهات كاملة في هوليوود بافلامها، وثارت الاقلام وكتب المتهمون بصناعة السينما عن الامر كان الرد عليهم بأن كل ماتم بيعه موجود في أمريكا.

ويضيف رأفت الميهي قائلا: الافلام مثل رصيد الذهب بالنسبة لأني دولة، واذا كانت تريد ان تحافظ علي هذا الرصيد فعليها ان تستخرج 'ديوب نيجاتيف' وتتفق مع شركات الانتاج علي ذلك، علي أن يكون ذلك علي حساب الدولة وليس المنتج وقد قمت بتجربة النمط الجديد للانتاج من خلال فيلم 'علشان ربنا يحبك'.

تمويل مشروع

منيب شافعي رئيس مجلس ادارة غرفة صناعة السينما يؤمن بما يحقق الهدف النهائي وهو وجود سوق سينمائي نشط وصناعة متصلة.. يقول:

هناك من يحتاج إلي التمويل ليصنع افلاما، ويري ان هذه هي الطريقة الوحيدة التي يستمر بها في سوق الانتاج السينمائي، فلماذا لا يعمل بهذا النمط، ويساهم في تنشيط الصناعة، خاصة أننا نسعي ليعود معدل الانتاج كما كان منذ فترة.

والشركات الممولة بشكل عام تمارس نشاطها في مصر حتي وإن كان مالكوها غير مصريين، لذلك لا أعتقد أن هناك مخاوف من هذا الامر، والمخاوف الحقيقية تبقي من توقف عجلة الانتاج السينمائي، وانهيار الصناعة، وبدلا من ان ننتج افلاما ولانحتفظ بالنيجاتيف لا يكون لدينا صناعة ولا نيجاتيف من الأصل!

الماضي والحاضر

يري الناقد السينمائي أحمد رأفت بهجت ان النمط الجديد من الانتاج والذي يتضمن وصول النيجاتيف إلي أيد غير مصرية جزء من منظومة بيع التراث الثقافي المصري، اما وقد نفد فقد جاء الدور علي المستقبل ويضيف قائلا:

الامر يحتاج إلي جدية في التعامل مع الموضوع، لذلك اقترح تكوين لجنة (من غير اصحاب المصالح) من العاملين في الوسط السينمائي الذي تربط معظمهم مصالح مع الذين يشترون الافلام، وعلي هذه اللجنة أن تجتهد لتتعرف علي تجارب انجلترا وفرنسا وغيرها من الدول في الحفاظ علي تراثها ومستقبلها السينمائي فنحن كمصريين لانقل عن الفرنسيين والانجليز، لكن الفارق بين مايحدث هناك وهنا، هو أن الفرنسيين ينظرون الي الامر من منطلق قومي، لكن لدينا الضمير يرتبط بالمصلحة الشخصية.

وعلينا بعد ذلك أن ننقل تجارب الآخرين، أصحاب الخبرة والضمير الحي بدلا من ضياع تاريخنا وتراثنا وحتي مستقبلنا بهذا الشكل ويضيف أحمد رأفت بهجت قائلا:

المشكلة ان هؤلاء الذين يشترون الافلام او حتي الذين ينتجونها اصبح مشكوك في المادة الفيلمية التي يقدمونها وأصبح السؤال الاهم ما اذا كان مايقدم سينما أم لا، ببساطة علينا ان نسعي للخروج من دائرة الفساد في مجال السينما لنعرف حقوقنا ونتمسك بها ونسعي الي الحصول عليها، بدلا من ان ننحت في كل شيء نملكه حتي يتحول الي صفر يشبه صفر المونديال وبدلا من ان يسحب البساط من تحت أقدامنا في كل المجالات بهذا الشكل.

عجلة الصناعة

يري السيناريست والمنتج فاروق صبري أن تمويل الانتاج مقابل الحصول علي النيجاتيف هو نوع من المشاركة في الانتاج، وشركاء الانتاج لهم ان يقسموا الحقوق كما يتراءي لهم، ويقول:

أتمني ان يسود هذا النمط من الانتاج ليزيد معدل الانتاج بشكل اكبر مع المحافظة علي مستوي الانتاج السينمائي.

ويضيف فاروق صبري:

النيجاتيف في كل الاحوال موجود في مصر، ولاتوجد مشكلة في الامر، فالممول الذي ظهر جديدا يقوم مقام الموزع الخارجي الذي كان يمول الافلام في المرحلة السابقة، لكن الممول الحالي يريد أسبقية، لقنواته الفضائية، وعلينا أن ندرك أن هؤلاء الممولين كان يمكنهم ببساطة أن يمارسوا نشاطهم في دولة اخري، فمثلا، لو أتوا بممثلين من لبنان وصوروا في لبنان لن يمنعهم احد وبالتالي فان فرصة عملهم في مصر هي لنا وليست علينا لان السينمائيين في هذه الحالة يعملون، والمعامل والفنيين وغير ذلك.

نهضة سينمائية

يري أبوعلم محمد رئيس قسم التوزيع بشركة مصر للاستوديوهات أن هذا النمط من الانتاج فرصة تعيد الفيلم المصري الي سوق السينما في المنطقة وتعيد اليه الريادة.

ويضيف ابوعلم محمد قائلا:

نحن نتعامل مع الانتاج وهو عملية اقتصادية بالدرجة الأولي، وقد تخلفنا في هذا المجال لفترة. وبدأت دول اخري تخطف السوق من ايدينا، لكن علي ما يبدو لم يتقبل الجمهور ذلك.

والفيلم المصري يتم تمويله من الخارج منذ سنوات طويلة سواء من الموزعين اليهود الذين تمصروا فيما بعد أو من شركة محمد علي صباح، وتطور الأمر حاليا للفضائيات التي اضافت عناصر جديدة تصب كلها لصالح انتاج الفيلم الجيد، فهي ترغب في الجديد الذي يباع لجمهور القنوات المشفرة ويجذبه لها.

وكانت أفلام المقاولات فيما سبق تقدم للمستغل الخارجي بهدف تعبئته بالاعلانات حين كانت الحكومة السعودية لاتسمح بالاعلانات علي قنواتها التليفزيونية، وحين سمحت بذلك، توقفت أفلام المقاولات ودخل الانتاج السينمائي في أزمة حادة.

والفارق هنا أن الجودة هي الفيصل، وهي التي تجذب الاعلانات والجمهور، وبالتالي نحن أمام ممول يطلب أفلاما جيدة وهو مستعد ايضا لتحمل الخسارة الناتجة، لأن هناك قاعدة مؤكدة وهي ان نسبة العشر فقط من الأفلام هي التي تحصد خلال ايراداتها من دور العرض تكلفتها بالاضافة الي ربح جيد، وباستثناء ذلك فان الأفلام لاتستعيد تكلفتها قبل خمسة أعوام علي الأقل. والفضائيات مؤسسات مالية ضخمة تستطيع ان تتحمل الخسارة أو 'تأجيل الأرباح' ولكن المنتج الفرد لايستطيع ان ينتظر استرداد أمواله بعد خمس سنوات لاينتج خلالها.

وتجربة التمويل بهذا الشكل بدأت من الشركة العربية وانتجت بالفعل 26 فيلما لم تسترد تكلفتها من الداخل وفشلت لأسباب عديدة منها تكتل الفن السابع الذي واجهها بالاضافة الي اخطاء سياستها الادارية فأحجمت عن الانتاج وبشكل عام هناك قاعدة اقتصادية مهمة خرجت بها بعد كل هذه السنوات وهي انه من المستحيل ان تنتج بدون تغطية مؤسسات مالية، وقد وجدت هذه المؤسسات حاليا وتمثلت في الفضائيات التي تعطي سلف توزيع وتمول وتأخذ العرض الأول فضائيا أو تحصل علي النيجاتيف، وأصبح هذا التمويل يغطي جزءا كبيرا من تكلفة الفيلم، وقد أخذت هذه المؤسسات شكلا مصلحيا فهي تريد ان تضمن لنفسها انتاج مستمر، وفي المقابل فان المنتج الفرد حين يحصل علي هذا التمويل وينتج فيلما فانه حر بعد ذلك في الانتاج بأي شكل، وبيع الحقوق بالطريقة نفسها التي باع بها فيلمه السابق دون ان ينتظر استرداد أمواله من السوق وهذا يحقق الطفرة التي نريدها ويصنع نهضة سينمائية وقضية نيجاتيف الفيلم أظن انها تحتاج فهما مختلفا لأنه ببساطة لا فائدة من نيجاتيف تحتفظ ولايراه الناس، لكن حين ينتشر الفيلم المصري ويشاهده الناس في كل الدول العربية وغيرها فان ذلك يعني تراثا حقيقيا والاحتفاظ بالفيلم سهل جدا ونستطيع الدولة استخراج سالب بديل للفيلم.

نيجاتيف بلا قيمة

ينفي فاروق عبدالخالق مدير مركز الثقافة السينمائية فكرة ازدهار صناعة السينما من الأساس، ويعلن بوضوح ان المنتج المصري القوي هو الضمان الوحيد لازدهار صناعة السينما وتطورها ويضيف قائلا:

لو اراد المنتج العربي القادم من خارج مصر ان ينتج افلاما جيدة تصلح للعرض السينمائي لفعل منذ ثلاثين عاما مضت، لكن هذا لم ولن يحدث، ولن نكون بحاجة الي النيجاتيف الذي يستعدون لانتاجه حاليا فلن يكون هناك فارق بينه وبين اي شريط فيديو، فهناك هجمة شرسة من أفلام ال16 التي اصدرت غرفة صناعة السينما في الثمانينات قرارا بمنع انتاجها لانها تهدد المستوي الفني والانتاجي للعمل، ورغم هذا المنع وفي الثمانينات كانت الأزمة الكبري للصناعة والتي تبعت من الأفلام قليلة التكلفة بما يعنيه ذلك عن 'استعجال' وعدم النظر الي المردود التجاري الذي يأتي عبر جذب الجمهور لشباك التذاكر واذا كانت الأفلام التي انتجت باسم المقاولات قد استهدفت تعبئة الاعلانات فيها، فان الافلام او الشرائط التي سوف تجد طريقها الي النور تتم صناعتها وتصوير من اجل ملء مساحات البث علي أكثر من اربعين قناة فضائية عربية تتنافس جميعها علي عدد محدد من المشاهدين.

وهناك اطمئنان تام بداخلي الي انه لن تكون هناك نهضة سينمائية لأن الأمر يعتمد بالأساس علي رأس المال الذي اذا كان يعي طبيعة دور الفيلم السينمائي فعلينا ان ندافع عنه، لكن اذا تم انتاج افلام سرية للعرض علي شاشات الفضائيات فهذه قضية اخري، فهي مشاريع انتاجية استهلاكية لاقيمة لها.

المادة الثقافية

يري الناقد علي أبوشادي رئيس المركز القومي للسينما أن القلق الحقيقي يجب أن يكون علي المادة الثقافية التي تقدم من خلال الفيلم، وليس علي النيجاتيف، ويضيف قائلا:

فيلم 'مواطن ومخبر وحرامي' لداوود عبدالسيد من المستحيل أن يأتي شخص بعد عشرين عاما ويقول أنه غير مصري و'باب الشمس' الذي انتج لشركة فرنسية ينسب الي مصر لأن مخرجه يسري نصرالله مصري وهناك اتجاه عام ينسب الفيلم الي مخرجه وحتي الأفلام التي يتم بيعها مقابل التمويل لن تخرج من مصر، صحيح أن رأس المال أجنبي لكن هذا طبيعي بالنسبة للانتاج السينمائي، فالموزع اللبناني يمول انتاج الفيلم منذ سنوات طويلة وما يحدث حاليا هو صيغة انتاج ليس إلا، ويوضح أبوشادي قائلا:

لدينا شعور بأن الآخرين يتربصون بنا وهو وهم لا أساس له في الواقع، فهي أفلام يتم انتاجها في مصر وتسجل في تاريخ السينما المصرية، واذا كنا نشعر بالقلق من بيع النيجاتيف للشركات الممولة، أعتقد أن الأولي بنا هو القلق علي الأفلام الجديدة التي تترك في معامل تركيا ولندن والهند.

ويتساءل رئيس المركز القومي للسينما:

ماذا لو لم تظهر شركات لشراء النيجاتيف.. هل كان تراثنا السينمائي سيظهر.. معظم أفلامنا كانت ضائعة بين المعامل والأفراد.. أعتقد أن رب ضارة نافعة، وأن ما أزاح التراب عن هذه الأفلام هو تصاعد قيمة النيجاتيف.. علينا أن نقلق علي المادة الثقافية التي تقدم في الفيلم أما النيجاتيف فهو مصري الي الأبد.

أخبار النجوم في 24 يوليو 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

قبل السقوط في فخ بيع مستقبل السينما

سحب الجنسية المصرية من نجاتيف الأفلام!