مدخلنا لقراءة هذا الفيلم هو ما كتبناه انتقادا لفيلم «الشجيع» او THE PUNISHER منذ يومين وقلنا ان النموذج الذي قدمه لم يكن مناسبا او مواكبا للمدنية التي اجتاحت العالم بأسره فما بالنا ان نجد النموذج المقهور في ولاية اميركية، وقلنا ايضا ان الدول النامية قدمت هذا النموذج وقت ان كانت خارجة من عصر السيطرة الاستعمارية ودخولها تجربة الاعتماد على النفس في المسائل الامنية واذابة الفوارق بين الطبقات فكشفت مراكز القوة التي تلعب بأمن المواطنين . وتستغلهم ابشع استغلال ومن حيث انتقدنا ذلك الفيلم يأتينا فيلم آخر انتبه جيدا لهذه الفكرة فاخترع مكانا افتراضيا لتدور فيه الاحداث واختار «باي سيتي» اسما للمكان، وبغض النظر ان كان الاسم بمعناه يعني ضواحي المدينة او عنوان المكان افتراضياً فالمهم ان المضمون لابد وان يتماشى مع حيثيات الواقع على اعتبار اننا في الالفية الثالثة، والشيء الآخر ان فيلم «ستارسكى وهاتش» لم يكتف بافتراضية المكان بل عاد الى الوراء منوها ان الاحداث تجرى في فترة السبعينيات. وهي اضافة منطقية اخرى تحسب للقائمين على الفيلم، وعلى الرغم من ان البداية كانت مقدمة تعرفنا على مدينة قتلت قانونها واصبح كل شخص يطبق قانونه الخاص فانتشر العنف وتجارة المخدرات، الا ان الفيلم كان مشغولا بشيء آخر وهو تقديم الفكرة في اطار كوميدي شديد السخرية اي انه لم يركز على الامور والتجاوزات المعروفة للجميع بقدر قصديته للسخرية من اوضاع قديمة جديدة على طريقته الخاصة، المشهد الاول من الفيلم يركز على رجل الاعمال «زيس». وهو مجتمع برجاله على ظهر يخت فاخر ويحاسب احدهم على فقدان طائرة خاصة، ويقوم بقتل المسئول عن ذلك ويلقيه في البحر، في هذه الاثناء يأتينا صوت «ستارسكى» ليعرف بنفسه على انه شرطي يطارد المجرمين الاخذين في الزيادة المستمرة في مدينة «باي ستي» وعلى الرغم من جبروت الخارجين على القانون الا انه يبدى اصرارا على القيام بعمله مهما كانت الظروف المعيشية التي يمر بها افراد الشرطة وقلة مواردهم ورواتبهم الضعيفة، ثم تنتقل الكاميرا الى مشهد سرقة بالاكراه يقوم به رجل ملثم وهو يستولى على اموال احد الاشخاص، وحين تداهم الشرطة المكان يرفع السارق لثامه معرفاً بنفسه على انه الشرطي «��اتش». وهو يفعل ذلك للدخول بين افراد العصابات حتى يصل الى الزعيم، لكن رئيسه يوبخه ويذكره بأنه قام بعدة سرقات ولم يتوصل الى زعيم العصابة ولم يسلم النقود التي يسرقها، هكذا يقدم الفيلم مفاتيح الشخصيات ممهدا لشراكة الشرطيين في العمل واستلامهم ملف قضية الوصول الى زعيم عصابة لتهريب وترويج المخدرات، ويبدأ الشرطيان «ستارسكى وهاتش» في جمع المعلومات عن جثة قتيل ألقته الامواج الى الشاطيء ومن بطاقته يستدلان على اسمه . ومكان عمله فتتفتح امامهما ابواب لم يعرفاها من قبل فيضطران الى الاستعانة بأحد الاشخاص السود ليمدهما بالمعلومات ويدفعانه في النهاية للعمل لدى «ريس» حتى يتمكنا من القبض عليه متلبسا غير ان المحاولة تفشل عندما يداهمان احد المخازن التي يمتلكها «ريس» حسب المعلومات المتوفرة بوجود المخدرات فيها وعندما يقبضان على «ريس» امام المدعوين في بيته اثناء احتفاله بعيد ميلاد ابنته ويأخذانه الى المخزن ليفاجئا بأن المخزن لا يحتوى على مخدرات انما على حصان كان هدية لابنة «ريس». وهنا يقوم ضابط المخفر بعزل الشرطيين وتجريدهما من شارتيهما وسلاحيهما بعد ان اساءا لجهاز الشرطة بأفعال مشينة، غير ان الشرطيين يعودان للعمل من تلقاء نفسهما ومن دون حماية رسمية ويتوصلان في النهاية الى الخيط الذي يمكنهما من القبض على «ريس» متلبسا بحيازة الهروين وهو يوزعه على رجاله في حفلة علنية امام الناس. قلنا ان الفيلم اختار الانحياز الى الطابع الكوميدي الساخر للخروج من عملية رصد الواقع كما هو، وقد نجح في ذلك ولم يشعر المشاهد انه يتابع عملا كلاسيكا مملا بقدر ما كان يضحك من المفارقات الجميلة، اما المأخذ الوحيد على الفيلم فهو اعتماده على الايحاءات الجنسية الكثيرة خصوصا بين الرجال، وليس مطلوبا مجاراة ميول سجين شاذ لكي تسهب اللقطة في ابراز ذلك سواء بالصورة او الحوار، ولذلك يستحسن عدم اصطحاب الاطفال لمشاهدة هذا الفيلم. البيان الإماراتية في 9 مايو 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
الصغار يمتنعون HUTCH & STARSKY تجليات للكوميديا الساخرة عزالدين الأسواني |
|