شعار الموقع (Our Logo)

 

 

حمال (..) بالسّل، الذي يرتدي ثياباً سوداء، ويتخفى بالليل، ويسرق الاولاد بغية بيعهم لليهود، حكاية قديمة تعود الى زمن الحكم العثماني، عندما كان الاتراك يخطفون الشبان بغرض تجنيدهم.. في فيلمه "في الشهر التاسع"، يتساءل المخرج الفلسطيني علي نصار عما اذا كان فلسطينيو الداخل لا يزالون الى هذا اليوم يعيشون تحت وطأة مثل هذه الخرافات، من خلال حكاية احمد التي امتدت داخل الفيلم على مدار عشرة اعوام، ما بين (1991 - 2001).

واحمد شاب كغيره من الشبان، يعمل ويعد نفسه للزواج من خطيبته سناء، التي ظهرت في المشاهد الاولى وهي تخطب في الجماهير، خلال تظاهرة ضد الحرب على العراق، قبل ان تتدخل الشرطة الاسرائيلية وتفرق التظاهرة، التي تم تنظيمها في احدى قرى الخط الاخضر، بالغاز المسيل للدموع والرصاص.

تنقلب حياة احمد، الذي يجسد دوره الممثل اشرف برهوم، بعد تمكن شقيقه الاكبر خليل من العودة الى الوطن، متخفياً، بعد غياب استمر عشر سنوات، قضاها في لبنان، بسبب ملاحقة السلطات الاسرائيلية له.

خليل يختبئ في احدى المغازت، ويطلب رؤية زوجته سميرة، التي تجسد دورها الممثلة نسرين فاعور، فيبدأ احمد بتحركات ليلية شبه يومية، يقوم من خلالها بتهريب زوجة شقيقه من منزل ذويها عبر نافذة المطبخ، وايصالها الى حيث شقيقه، الذي لا يعرف بأمر وصوله الا هو وسميرة، التي يسعى والدها لتزويجها.

بعد محاولات للضغط عليها باستصدار امر من المحكمة لتطليقها من زوجها، بدعوى انه مفقود، ولا يعلم احد ان كان حياً ام ميتاً. في تلك الفترة يفقد احد سكان القرية ولده، فتتجه اصابع الاتهام الى احمد، ذي التحركات المريبة ليلاً، ليصبح هو، حسب اغلبية سكان البلد، حمال (...) في السل الذي يسرق الاولاد ويبيعهم لليهود.

وتتعقد الامور اكثر، عندما يتم اتهامه باقامة علاقة غير شرعية مع زوجة شقيقه، بعد ان شاهدهم بعض سكان البلدة برفقة بعضهما ليلاً، الامر الذي وتر العلاقة لدرجة كبيرة مع خطيبته ومحبوبته سناء.

يقرر خليل، الشقيق المطارد، ان يهرب وزوجته الى لبنان، خصوصا انها حملت منه، خلال ترددها الى المغارة ليلاً، الا انه يفشل المخططات لاصراره على رؤية والدته، ما جعل السلطات الاسرائيلية تطوق المكان، بعد انباء عن وجود خليل في المنطقة، الا انه تمكن من الهرب دون زوجته، التي باتت مهددة بالقتل بعد ان لم يصدقها احد بأن زوجها لا يزال على قيد الحياة.

يضطر احمد الى فسخ خطوبته من سناء، ليتزوج سميرة، زوجة اخيه، بعد تطليقها منه غيابياً في المحكمة، كي ينقذ حياتها، وحياة ابن اخيه القادم.. العلاقة بين الزوجين كانت علاقة اخوية الى ان توفيت سميرة وهي تضع ولدها امل الذي صار في حضانة عمه، او والده احمد.

يكبر امل، يصبح في سن العاشرة، يسمع انباء عن ان والده (احمد) خطف امه من ابيه، وانه حمال (...) في السل يخطف الاولاد لبيعهم لليهود.. يقرر الانتحار، الا ان احمد يتمكن من اقناعه بالعدول عن ذلك، ويبدأ برواية القصة بأكملها.

فيلم مختلف

الفيلم، الذي عرض في مركز الفن الشعبي قبل ايام، على هامش مهرجان السينما الفلسطيني احلام امة، اثار ردود فعل ايجابية في مجملها، رغم اعتراض البعض على ما وصفوه بـ «مشاهد التعري » التي تقوم من خلالها بعض النسوة بالكشف عن صدورهن خلال الدعاء، وهو طقس كان سائداً في زمن مضى، وربما لا يزال على نطاق ضيق، اضافة الى مشاهد حميمية بين سميرة وزوجها، او سناء وخطيبها..

وتقول الممثلة نسرين فاعور عن ذلك: اعتقد ان كل المشاهد التي صورتها كانت محترمة جداً، وكان الامر الاهم بالنسبة لي هو ان اعرض مشاكل ومأساة سميرة بكافة جوانبها..

كان هناك حوار متواصل بيني وبين المخرج حول ما هو مناسب لهذا المشهد او ذاك، وما الى ذلك، وكان يقنعني بأمور وأقنعه بأمور اخرى، لكنه لم يطلب مني على الاطلاق تصوير اي مشاهد تحتاج الى اي جرأة سلبية بهدف الاغراء فقط.. لم اكن لأوافق في مثل هذه الحالة.

وعن المشهد الذي تكشف فيه ام حسن، وهي احدى شخصيات الفيلم عن صدرها، وتدعو الله ان يعيد اليها ولدها، تقول فاعور: كانت هناك فنانة عربية قامت بهذا الدور، وبعد ان تم تصوير المشهد وتجهيز الفيلم، طلبت ان تقوم ممثلة اخرى بادائه، لأنها رأت انه من الافضل ان لا تطل على الجمهور من خلال هذا الدور.. انا احترم رأيها، ولا اعرف ان كان رفضها قراراً شخصياً ام نتيجة لضغوطات ما.

وتضيف فاعور: في المشهد الاخير كل النساء المشاركات كشفن عن صدورهن الا انا.. لا استطيع ان افعل ذلك، ثمة حدود لا يمكن تخطيها.

وتتابع فاعور: عموماً مسألة التلامس الجسدي لم تمر بسهولة عند البعض.. عديدون تحدثوا عن هذه النقط بالتحديد.. هناك الكثير من الامور التي لم نعتد عليها.. من الممكن تقبل مشاهد كهذه في افلام تأتينا من الخارج، لكن الامر جديد بالنسبة للفيلم المحلي.. اعتقد اننا بحاجة لمشاهدة افلام اكثر، كي ندرك اهمية الصدق في افلامنا، التي هي في النهاية مرآة يتعرف العالم من خلالها، علينا.

شائعات

وكانت شائعات انتشرت خلال فترة تصوير الفيلم، مفادها ان نسرين فاعور تظهر عارية وتقوم بدور زائد عن الحد.. تقول فاعور: آلمتني كثيرا هذه الانباء.. كان ردي هو انني ضد الاغراء والاغواء، وان السينما فيها الكثير من الخدع البصرية التي من الممكن الاستعاضة فيها عن قيام ممثل بأداء دور ما، كما تساءلت مستنكرة ان كان مشهد ارضاع الام لابنها، ام الكشف عن صدرها عند الدعاء يعد تعرياً، ثم انه من الضروري ان يعرف الناس، ان في المشهد الاخير، الذي يضم 21 امرأة كشفن عن صدورهن، كانت اجسادهن مطلية بلون ابيض ما شكل حاجزاً يحول دون اي خيال او تفصيل امام المصورين وحتى المشاهدين.. كان بمثابة القناع.

وعن دورها في الفيلم، تقول فاعور: انا راضية تماما عن الشكل الذي خرجت فيه الشخصية.. عندما قرأت النص آمنت بهذه الشخصية، رغم انني اعتقد ان المخرج كان يريدني لتجسيد شخصية اخرى.

البيان الإماراتية في  18 مارس 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

بعض المشاهد أثارت الجدل

في "الشهر التاسع" لعلي نصار..

السينما في مواجهة الواقع

يوسف الشايب