شعار الموقع (Our Logo)

 

 

يعد المصور والمنتج السينمائي محمد الرواس من الرعيل الأول في العمل السينمائي ويزيد عمره السينمائي على نصف قرن، فقد كان من المصورين الأوائل في قسم السينما في الجيش منذ أوائل الخمسينيات، وهو الهيئة الحكومية الوحيدة التي استقطبت السينمائيين في ذلك الوقت. ويعد الرواس في مقدمة المنتجين الذين اسهموا في انطلاقة السينما السورية في مرحلة التأسيس والانطلاق.

وتقديراً لجهوده في تصوير عدد كبير من الأفلام يناهز عددها خمسة وثلاثين فيلما، تم تكريم السينمائي المخضرم محمد الرواس بمناسبة العيد الماسي للسينما السورية، باعتباره واحدا من المؤسسين الاوائل انتاجاً وتصويراً، وقد التقينا به حيث تحدث حول عمله في السينما.

معنى التكريم

يقول المصور والمنتج المخضرم محمد الرواس عن معاني الاحتفاء وتكريم السينمائيين الرواد: اعتبر تكريم السينمائيين الاوائل بادرة طيبة من القائمين على الشأن الثقافي بشكل عام، والشأن السينمائي بشكل خاص، نحو اولئك المغامرين الاوائل الذين اتجهوا لصنع افلام سورية تضع بلدنا على خريطة هذا الفن الجديد الذي اكتسب شعبية كبيرة في بدايات ظهوره.

وكما هو معروف ـ وكما كتب الباحثون في السينما السورية ـ كان التأسيس الحقيقي والعملي للسينما السورية وحركتها الانتاجية الواسعة في عام 1964، وتحديداً بعد عرض فيلم (عقد اللولو) بطولة صباح وفهد بلان ودريد لحام ونهاد قلعي، حيث شجع نجاحه المادي الراغبين الاستثمار في الاقدام على الانتاج السينمائي في بلدنا.

وطبعا لا ننسى الرواد الاوائل الذين كرموا في مناسبات سابقة، فلهم ولكل الاجيال السينمائية تحية حب وتقدير، واحيي كل من يعمل باخلاص في سبيل بلده، ومن اجل اناسه الطيبين العاملين الذين يبذلون جهدهم ويعملون فيه بصمت ودأب.

البداية السينمائية

  • هل يمكن ان يعرف الجيل الجديد لمحة عن بدايات عملكم السينمائي؟

ـ البداية كانت في عام 1952 عندما كنت اعمل في المكتب الفني بوزارة الدفاع، وكان يديره المخرج الرائد اسماعيل انزور والد المخرج نجدت أنزور، عندما طلب مني المصور آزاد تصوير زيارة الوفد السوري الذي ذهب الى القاهرة برئاسة الشيشكلي للتهنئة بقيام ثورة (يوليو) في مصر ولقاء زعماء الثورة محمد نجيب وجمال عبدالناصر.

حيث تولى هو التصوير الفوتوغرافي واعطاني الكاميرا السينمائية لتصوير اللقاء سينمائياً، ولا اخفيك انني كنت متهيباً للموقف، ولكن بعد ان اصبحت داخل الحدث ذهب الروع، وكانت نتائج العمل جيدة.

ومن ذلك الحين بدأت بالتصوير السينمائي، ولم اكن مصوراً سينمائياً قبل ذلك، بل كنت مساعدا في بعض الاعمال للمخرج والمصور السينمائي جوزيف فهدة، وللمصور آزاد الذي كان يعمل في المكتب في التصوير السينمائي والفوتوغرافي، وعندما عرفوا في الوزارة انني اصور بكاميرا السينما وشاهدوا نتائج ما قمت به على الشاشة اسندوا الي التصوير السينمائي لمختلف الاحداث والاعمال والمناسبات.

  • ألم تكن على صلة بالتصوير السينمائي قبل ذلك؟

ـ طبعاً قبل ذلك كان هناك بعض الاطلاع على التصوير والكاميرا والعمل السينمائي عندما كنت أذهب مع خالي محمد الزعيم احد الرواد الاوائل في العروض السينمائية في سوريا، وكان الدافع الأولى لمتابعتي للتصوير السينمائي حبي لهذا العمل الذي اتخذته مهنة لي.

  • ما هي الأعمال التي قمت بها في استديو الجيش؟

ـ وعملت مع زملائي في استديو الجيش في اصدار الجريدة السينمائية، وكانت تعرض في دور السينما قبل عرض الفيلم الطويل فيما كنا نسميه آنذاك (المناظر)، وكنا نتبادل الجريدة ذات الطابع الاخباري مع دول اوروبا ونضمن جريدتنا مشاهد اخبارية مما كان يردنا من هناك.

إلى روما

  • في مرحلة تالية من حياتك عملت في مصر، ماذا كنت تريد ان تحقق في السينما المصرية؟

ـ بقيت في استديو الجيش حتى عام 1959، وكانت سوريا ومصر قد اصبحتا دولة واحدة، وبدأت الصلات تزداد في كل المجالات، وقد ذهبت الى مصر بدعوة من احد المعارف واسمه حسن مراد، وعندما وصلت قال لي انني وصلت متأخراً، فعملت مع سينمائي سوري كان يملك عدة صالات في القاهرة.

وعند افتتاح التلفزيون العربي في القاهرة كان حسن حلمي مدير البرامج في التلفزيون، وكان يعرف عملي، كما كان يعرفني وزير الثقافة في الجمهورية المتحدة عبدالقادر حاتم، وتم ايفادي الى روما لصالح تلفزيون القاهرة مع عدد من الفنانين والفنيين لاتباع دورة في العمل التلفزيوني، فعملت دورة اختصاصية في التصوير ودورة عامة في الاخراج والمونتاج والاضاءة.

  • من كان معكم في روما؟

ـ كان هناك موفدون من تلفزيون دمشق ومنهم خلدون المالح وسامي جانو، اما انا فكنت موفداً من تلفزيون القاهرة لأننا كنا دولة واحدة آنذاك وكان معي من مصر المخرج حسين كمال والفنان الكبير الشاب آنذاك محمود مرسي وكان سبق له الدراسة في معهد السينما بباريس، وقد تخصص في الاخراج ولكن يبدو ان التمثيل اعجبه أكثر فاتجه إليه.

وعندما عدت للعمل في تلفزيون القاهرة وجدت جيشاً من الفنانين، فتقدمت بطلب للوزير عبدالقادر حاتم لنقلي الى تلفزيون دمشق، ووافق عليه مشكوراً.

تلفزيون دمشق

  • ماذا عملت في تلفزيون دمشق؟

ـ عينت رئيساً لشعبة التصوير بشقيه السينمائي والتلفزيوني، اضافة الى الاذاعات الخارجية، وكنا نعمل في الاستديو القائم فوق قمة قاسيون قبل انشاء مبنى التلفزيون السوري في ساحة الامويين، وطبعا مرهقاً وعملنا فيه اعمالاً كثيرة.

عقد اللولو

  • وكيف عملتم في انتاج فيلم عقد اللولو؟

ـ قدمت مسرحية عقد اللولو في عدد من مسارح سوريا ومنها مسرح المعرض، ولقيت اقبالاً من المشاهدين، وعرضها التلفزيون السوري على شاشته، وأصبحت حديث الناس آنذاك.

وعندما فكرت في الانتاج السينمائي اخترت هذه المسرحية لنقلها الى السينما، باسم شركة سيريا فيلم وتمت كتابة السيناريو من جديد للسينما.

وساهم في الشركة شقيقي فوزي، ومهندس الديكور سعيد النابلسي، ثم انسحب النابلسي وبقيت انا وشقيقي، ولا نزال شريكين حتى الآن.

  • لماذا اسندتم بطولة الفيلم لصباح والاخراج ليوسف المعلوف وهما من لبنان؟

ـ كان العمل بين الفنانين السوريين واللبنانيين قائماً، ولكن كنت اريد نجمة مشهورة بهدف التسويق في الاقطار العربية، وكنت اريد مخرجاً له تجربة، فاخترت صباح التي كانت انذاك في لبنان تصور فيلم (مرحباً أيها الحب) من اخراج محمد سلمان.

وهناك ايضاً رأيت عملاً للمخرج اللبناني يوسف المعلوف الذي سبق له العمل في السينما المصرية، فاخترته لإخراج عقد اللولو، وقد طلبت صباح اجراء (تيست) تجربة للفيلم ـ وهذا حقها ـ وبعد مشاهدتها للتجربة في سينما ريفولي ببيروت وافقت على العمل بالفيلم، واذكر ان اول يوم تصوير لفيلم عقد اللولو كان في لبنان بتاريخ 28 مارس 1964.

النابلسي يسخر ويعتذر

واذكر بهذه المناسبة ان الفنان الكوميدي عبدالسلام النابلسي حضر تصوير بعض المشاهد اثناء عملنا في لبنان، حيث كان يشارك صباح بطولة فيلم (مرحبا ايها الحب) وطوال تواجده اثناء التصوير كان يتحدث بطريقة ساخرة ويقوم ببعض الحركات التي تعبر عن نظرة غير مناسبة تجاه عملنا.

وكان يظن اننا لن نصل الى نتيجة ايجابية، ولم اعط اهتماماً لما كان يقوم به، وعندما عرض الفيلم جاء إلي واعتذر مني.

  • لماذا لم تخرج الفيلم مع انك اتبعت دورة سينمائية؟

ـ احببت التصوير وجعلت اهتمامي به، ولم ارغب في الازدواجية في العمل، وكنت ارغب ان يعمل كل سينمائي باختصاصه، ومشكلة السينما السورية في بداياتها ان السينمائي كان هو البطل والمخرج والمنتج، حدث هذا مع أيوب بدري وزهير الشوا.

  • هل عملت مع رواد السينما؟

ـ لم اعمل معهم، لكنني تابعت اعمالهم، وكانت لهم طريقة خاصة في جذب الجمهور، مثلاً كان ايوب بدري وبطل الفيلم وبعض نجومه يسيرون في سوق الحميدية ويبيعون بطاقات شرف لحضور الفيلم.

  • كيف تم تأمين الأجهزة السينمائية؟

ـ استوردنا اجهزة اضاءة وتصوير، وقمنا بالعمليات الفنية في لبنان، وقد بدأ عرض الفيلم في شهر يوليو 1964، وحقق الفيلم نجاحاً ملحوظاً حيث استمر عرضه 22 اسبوعاً، ومن هذا التاريخ بدأ الانتاج السينمائي السوري حركة واسعة.

ولي الشرف بأني أطلقت السينما السورية في صالات السينما العربية، الامر الذي كان ارهاصاً فيما بعد لانتشار الدراما السورية.

  • هل تتذكر الأفلام التي صورتها؟

ـ انها كثيرة وتبلغ ثلث الافلام السورية تقريباً، اذكر منها اغلب أفلام دريد ونهاد (لقاء في تدمر ـ غرام في استانبول ـ خياط للسيدات ـ الصديقان ـ صح النوم ـ الثعلب)، والافلام التي انفرد ببطولتها دريد لحام بعد مرض نهاد قلعي ومنها امبراطورية غوار ـ الحدود ـ التقرير ـ كفرون.

  • نلاحظ انك اسندت البطولة الى ممثلات من مصر ولبنان في اغلب الافلام التي انتجتها، وهذا ما فعله المنتجون السوريون تقريباً؟

ـ كان هذا بسبب التنويع، وايضاً لتسويق افلامنا وممثلينا، وبصراحة المنتج السينمائي جبان ككل منتج ولا يحب ان يغامر كثيراً، وأنا احببت ان اغامر ولكن مغامرة مدروسة بحيث نضع اسساً للنجاح وكانت النتائج تؤيد نظرتي الى المغامرة الانتاجية في السينما.

وقد وقفت امام الافلام السورية التي قمت بتصويرها اغلب نجمات السينما المصرية واذكر منهن نوال ابو الفتوح، نبيلة عبيد، شادية، ناديا لطفي، نجلاء فتحي، سهير المرشدي، مريم فخر الدين، يسرا، نيللي وغيرهن، ومثل فيها ايضاً عدد كبير من نجوم الشاشة السينمائية.

تراجع السينما السورية

  • ما سبب تراجع القطاع السينمائي الخاص في سوريا برأيك؟

ـ هناك أسباب يتحملها المنتجون السينمائيون، حيث كانوا يبحثون عن الربح السهل ويظنون انهم يحسنون صنعاً دون نظرة ثاقبة الى كل جوانب العمل الذي بين يديهم، وهناك جانب تتحمله الجهات المشرفة على العمل السينمائي، اذ لم تعطه الاهتمام الكافي ولم تقم وتوجه العمل في الاتجاه الصحيح والسليم، وكان الانتاج يحارب احياناً.

ولعب نقاد السينما دورا في هذا الجانب حيث كانوا يهاجمون افلام القطاع الخاص ولم يكن احد يجرؤ على التحدث عنها بطريقة موضوعية، وكانوا يمدحون افلام القطاع العام لمجرد انها من انتاج مؤسسة السينما.

  • هل يمكن ان يعود الانتاج السينمائي الى عهده السابق؟

ـ من الصعب ان يعود القطاع الخاص بمفرده الى الانتاج كما كان في السابق، لأن كل الظروف اختلفت، تغير الجمهور وتغيرت الصالات وتغيرت ظروف المشاهدة من فيديو وفضائيات.

ولا أقصد بكلامي ان الحملة ميئوس منها لكنها تحتاج الى متطلبات وفي مقدمتها الموضوع الذي يشد الناس والتقنيات والممثل القوي، وان يكون مختلفاً عما يظهر على شاشة التلفزيون.

وبشكل عام تحتاج السينما السورية الى ولادة جديدة تأخذ بعين الاعتبار الظروف المستجدة، وعن طريق ابناء السينما وليس من الدخلاء عليها، ويجب ان يكون للدعم الحكومي مادياً ومعنوياً دور كبير في استعادة حركة الانتاج السينمائي.

  • ولماذا توقفت عن العمل في التصوير؟

ـ السبب الرئيسي لتوقفي عن العمل هو التقدم في السن وكما يقال في الأمثال الدارجة السن له حق، ومع ذلك اذا اتت فرصة جيدة يمكن ان انسى مسألة السن وان اعمل بحيوية.

جوائز العلاقات الشخصية

  • كيف تنظر الى سينما الشباب، ولا سيما التي حققت جوائز عالمية؟

ـ اعتقد ان الجوائز في المهرجانات السينمائية تمنح عن طريق العلاقات الشخصية، وهناك افلام كثيرة مليئة بالأخطاء ونالت جوائز من المهرجانات.

  • وماذا يجب على المخرج المؤهل اكاديمياً ليأتي عمله متكاملاً؟

ـ الدراسة الاكاديمية مهمة، لكن في الوقت نفسه على المخرج الدارس للسينما قبل اخراجه لفيلم طويل ان يكتسب خبرة مع سينمائي محترف يمتلك الخبرة والتجربة.

البيان الإماراتية في  16 مارس 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

نصف قرن من العمل السينمائي:

"محمد الرواس"

كنت مع إنطلاقة السينما بفيلم "عقد اللولو"

محمد قاسم