شعار الموقع (Our Logo)

 

 

من منا لا يتذكر شخصية رؤوف في مسلسل الذئب وعيون المدينة وفي جزئه الثاني  النسر وعيون المدينة، تلك الشخصية التي تحمل الكثير من الامراض النفسية وتعاني من عدة اضطرابات أثرت كثيرا على الشخصية، تلك الشخصية التي اثارت الانتباه بشكل كبير لممثل شاب وقف ندا لعملاقين في فن التمثيل هما الفنان بدري حسون فريد الذي ادى شخصية  اسماعيل جلبي والفنان خليل شوقي الذي ادى شخصية عبد القادر بيك.

هذا الممثل الذي اثار انتباه غالبية الشارع العراقي بادائه لشخصية رؤوف المركبة شخصية ليست سوية ، شخصية تحمل عاهة جسدية ( الحدبًة )، شخصية تعاني من دكتاتورية الاب وتعاني من ظلم المجتمع الذي ينظر اليه نظرة دونية لانه مشوه جسديا وكل هذه المعطيات اثرت سلبيا على سلوكه الشخصي، مثل هذه الشخصية الفنان المبدع مقداد عبد الرضا.

كان عبد الرضا  في المسلسل نداً قويا للفنان بدري حسون فريد والفنان خليل شوقي لاثبات قدراته وموهبته العالية كممثل ونجح في هذا الاختبار  بدرجة امتياز كان اي ممثل من جيل مقداد يتمنى لو انه مثل شخصية رؤوف، ونجاحه في اداء هذه الشخصية ما زال حاضراً لهذه الساعة في الذاكرة الجمعية للفرد العراقي.

هذا الفنان الذي عرف بوعيه الكبير وقراءته لخريطة العراق الفنية وباختياره لادواره ولن يرضى لنفسه الإ ان يكون دائما بالصف الاول لقافلة المبدعين العراقيين، إنه لا يعمل عملا من اجل التواصل ابدا ، كان يهدف التواصل من خلال بقائه في ذاكرة اللفرد العراقي ولهذا نرى كل الاعمال التي قدمها  مقداد هي علامات مهمة في مسيرة الفن العراقي  إن كانت تلفزيونية ومسرحية وسينمائية ولا ننسى دوره الرائع والمهم في فيلم اللعبة لمحمد شكري جميل، هذا الفلم الذي ظهرت به قدرات مقداد مرة اخرى كواحد من اهم النجوم السينمائيين العراقيين والعرب ، لكن للاسف فان ضعف الانتاج السينمائي في العراق لم يتح لهذا المبدع الكبيران يأخذ موقعه الحقيقي  في خارطة السينما العربية .

رغم كل ما يحمله هذا المبدع من مميزات وصفات الفنان المتألق دائما ، بل يفتخر التألق لارتباطه بأسم مقداد عبد الرضا، هذا الفنان كان له موقف مهم  وشريف اثناء الحرب الاخيرة في بلدنا العراق وحرصا منه على عدم ضياع ارشيف السينما العراقية والافلام العراقية، كان له هذا الموقف  ونريد ان نقولها للتاريخ والامانة الفنية في سبيل عدم ضياع المواقف المشرفة لاصحابها حتى يحذو الاخرون بهذا الطريق الجميل المليء بالصدق ونكران الذات، واتمنى ان لا يزعل علىً فناننا المبدع بسردي لهذه الحكاية.

أثناء الحرب الاخيرة على العراق قامت قوات التحالف بقصف دائرة السينما والمسرح وهذه الدائرة من لايعرفها فأنها تحتوي على كل ارشيف الفن العراقي السينمائي والمسرحي ، كان القصف شديدا جدا على بغداد واخذت النار تلتهم دائرة السينما والمسرح وبما ان مقداد عبد الرضا يسكن في المجمع السكني الذي يقع خلف الدائرة سمع اصوات المخرجين السينمائين العراقين تخرج من العلب وتنادي عليه كانت أصوات عبد الهادي مبارك وعبد الهادي الراوي وصبيح عبد الكريم وصاحب حداد ومحمد شكري جميل وكامل العزاوي وهاشم ابو عراق وخيرية المنصور والاخرين تناديه لانقاذ ارواحهم ( افلامهم ) من الحريق ، انقاذ تاريخ السينما العراقية وارشيفه من النار .

نادوه باعلى أصواتهم وكأن صرختهم هي صرخة تلك المراة العربية التي نادت على المعتصم، وما كان من هذا الفنان المجنون بالسينما  بشكل لا يصدق إلا ان يلبي نداءهم تاركاً عائلته و أطفاله و حدهم في البييت رغم القصف الشديد على بغداد ، تركهم وذهب لينقذ كل تاريخ السينما العراقية ولم يعبأ بالنار ولا بحياته او أحتمال تعرض المبنى للقصف مرة ثانية  ويذهب هو شهيدأً لعيون السينما العراقية ، لم يفكر بكل هذا ، بل وضع امام عينيه هدفا واحدا فقط وبعدها لا يهمه ما يحدث، هدفه أنقاذ علب الافلام العراقية( والتي هي كل تاريخ السينما العراقية) والذهاب بها الى مكان آمن، وهذا ما قام به فناننا المبدع متحديا النار والموت من اجل عيون السينما العراقية، هذا موقف لفنان عرف بعصاميته ومصداقيته لفنه ولجمهوره .

لكن للاسف الشديد لم يذكر احد موقف مقداد هذا وكأنهم يستكثرون على فنان كل هذا الصدق مع نفسه ولفنه !!!

كأنهم يريدون  ان يدفنوا موقفه هذا، بل لا يريدون حتى الاشارة وهي اشارة للتاريخ لفنان لم يطاطئ رأسه لمسؤول من اجل سفرة خارج العراق او تكريم من جهات مشبوهه، فنان خجول حتى عندما تتكلم معه عن موقفه هذا لا يعطيه أهمية وكأنه شيء بسيط، ولا كأنه غامر بحياته ومستقبله ومستقبل عائلته .

مقداد عبد الرضا واحد من أهم الفنانيين العراقيين ابداعاً وصدقاً، راسخ  في ذاكرتنا لانه حقيقي وراسخ لانه لم يتاجربفنه وراسخ لانه أنقذ السينما العراقية من  الضياع.

تحية لك أيها المبدع أنساناً ومن ثم مبدعاً كبيراً يفتخر الفن العراقي بأنك أحد أبنائه.

لنرفع قبعاتنا له عالياً.

موقع "سينمائيون" في  14 مارس 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

ارفعوا القبعات له عالياً..

إنه مقداد عبد الرضا

أحمد شرجي