شعار الموقع (Our Logo)

 

 

فجر شريط فيديو لفيلم ديل السمكة في السوق الأيام الماضية قضية جديدة علي السينما المصرية وهي قضية القرصنة أو مافيا ضرب الأفلام‏,‏ فرغم أن الفيلم مصرح بعرضه فيديو كاملا وبشكل قانوني إلا أننا فوجئنا بأن الفيلم مطروح في السوق السوداء مشوها ومبتورا وبدون أحد أبطاله رؤوف مصطفي الذي حصل عن دوره علي جائزة أحسن ممثل في مهرجان الإسكندرية منذ عامين‏,‏ الأمر الذي أثار أزمة بين الرقابة والشركة الموزعة‏,‏ وفيما يظل مصدر شريط الفيديو المضروب غامضا إلا أن المشهد داخل السوق السوداء يؤكد أن السينما المصرية تدخل مرحلة جديدة مثل الإنترنت اسمها القرصنة‏,‏ هذه القضية أزعجت صناع السينما كثيرا لدرجة أن بعضهم توقف عن طرح أفلامه فيديو‏,‏ بينما تدرس الرقابة مع غرفة صناعة السينما شكلا جديدا للحفاظ بشكل نهائي علي حقوق الملكية الفكرية‏.‏

لكن السؤال هنا كيف يتم التعامل مع أفلام الفيديو في الفترة القادمة؟ ألم تكن هناك مباحث لضبط هذه الجرائم وما مصير مرتكبي هذه الجرائم؟ وما الذي يجب أن تفعله أجهزة السينما المصرية؟

ماحدث لفيلم ديل السمكة فتح هذا الملف الذي ناقشناه مع متخصصين وسينمائيين‏.‏

وكانت البداية مع مؤلف الفيلم المجني عليه وحيد حامد الذي قال بإنزعاج شديد البلد بتغرق ومش عارفين إحنا رايحين علي فين فما حدث لفيلمي ظاهرة إرهابية واعتداء علي مصنف فني وعلي حق الملكية ويذكرني بالضبط بما حدث منذ سنوات لروايات الكاتب إحسان عبدالقدوس‏,‏ عندما قام أحد الناشرين بحذف بعض الصفحات من أعماله لاحتوائها علي بعض العبارات والجمل الجنسية التي تخدش الحياء العام من وجهة نظره‏,‏ رغم أن هذا غير قانوني والمادة‏7‏ من قانون‏354‏ لعام‏1954‏ وتعديلاته تنص علي أن المؤلف هو صاحب الحق الوحيد في مصنفه الفني ولا يجوز لأحد غيره أن يعتدي علي المصنف بالحذف أو الإضافة‏.‏

ويستطرد حامد قائلا‏:‏ لا أعرف كيف تتصرف شركة من تلقاء نفسها وتحذف دورا مهما مثل دور رؤوف أو حتي جملة أو عبارة فهذا إن دل علي شيء فيدل علي فكر متخلف وإرهاب فكري‏,‏ وناس تريد فرض ذوقها ومنطقها وفلسفتها علي الناس بالإجبار لهذا أطالب وزارة الثقافة والرقابة بحماية الفن والفكر من مثل هؤلاء الذين أطلقت عليهم في أحد أفلامي طيور الظلام‏.‏

جريمة

جريمة هو الوصف الذي صاغته الفنانة إلهام شاهين‏,‏ تعليقا علي تشويه فيلم ديل السمكة حيث قالت‏:‏ إذا لم يعجب الفيلم صاحب الشركة لا يأخذه من الأساس لكن تشويهه جريمة بكل المقاييس‏.‏

ظاهرة خطيرة

أما الفنانة نبيلة عبيد‏,‏ فترفض المصادرة علي أي عمل فني من منطلق أن المبدع من حقه التفكير كما يريد وتقديم رؤيته الخاصة التي إذا قمعها المجتمع فهذا يعني أنه مجتمع متخلف‏,‏ وتضيف ما حدث لفيلم ديل السمكة ظاهرة خطيرة لا ينبغي النظر إليها بوصفها شيئا بسيطا أو حالة فردية أو خطأ غير مقصود أو غيرها من المبررات‏,‏ فالموضوع أكبر وأعمق من هذا بما يحمله في طياته من أبعاد خطيرة وشائكة لا يمكن السكوت عليها أو التهوين من شأنها‏.‏

موضة

المخرج منير راضي‏,‏ يعلن استنكاره لما تعرض له فيلم ديل السمكة ويري أن ما حدث موضة جديدة لم تشهدها السينما من قبل‏,‏ ويخشي أن تصبح ظاهرة في‏2004,‏ ويضيف طالما الرقابة عرضت الفيلم كاملا لا يجب المساس به بالحذف أو الإضافة‏.‏

كارثة

أن يتحول كل شخص إلي رقيب‏,‏ فهذه كارثة كبري لهذا ينبغي علي الرقابة أن تدافع عن نفسها وتحاكم المسئول عن الحذف وعلي المبدعين التصدي لهذا الخطأ لحماية فكرهم‏,‏ بهذه الكلمات بدأ الناقد السينمائي طارق الشناوي حديثه معنا وقال عندما عرض هذا الفيلم قلت إن وحيد حامد قدم شخصية الشاذ جنسيا التي جسدها رؤوف مصطفي‏,‏ بدرجة ملحوظة من التعاطف ليس مع السلوك ولكن بتبرير هذا السلوك علي اعتبار أن الإنسان لم يختر اسمه ولا ديانته ولا بلده وهو أيضا لم يختر أن يصبح شاذا جنسيا‏,‏ ورغم اختلافي مع فكر وحيد حامد بالنسبة لطرحه لهذه الشخصية إلا أنني لست مع الحذف إطلاقا لأن هذا ضرب للإبداع‏,‏ وهذه الحادثة تذكرني بما حدث لفيلم الجمال الأمريكي الذي عرض في القاهرة منذ سنوات قليلة في إحدي دور العرض في مدينة نصر وتدخل بعض مسئولي دور العرض وحذفوا منه بعض المشاهد بعد موافقة الرقابة‏,‏ ولم يشفع للفيلم حصوله علي جائزة الأوسكار‏.‏

محضر

هذا وأبدي مدكور ثابت رئيس الرقابة اندهاشه الشديد من الواقعة وقال لقد صرحنا بعرض الفيلم كاملا ولم نحذف منه مشهدا واحدا سواء في السينما أم الفيديو وما حدث شيء غريب لأننا عادة نتوقع العكس بمعني أن نطلب من الشركة المسئولة عن توزيع فيلم ما حذف بعض المشاهد‏,‏ والشركة لا تلتزم بهذا‏,‏ وعموما القانون يسمح للرقابة بتحرير محاضر لكلا الحالتين سواء من لا يلتزم بالحذف أم من يبادر من تلقاء نفسه بحذف مشاهد من فيلم مصرح بعرضه كاملا‏,‏ ولذلك نناشد من خلال الأهرام العربي من يكتشف حالة مثل هذه أن يبلغ إدارة التفتيش بالرقابة لاتخاذ اللازم أو يقدم لنا الشريط المكتشف لتحريزه ضمن القضية‏,‏ فقد يكون شريطا مزورا من الأصل وليس ضمن الأشرطة المرخص بها للشركة الموزعة‏.‏

القرصنة

المثير أن محمد عبدالمنعم‏,‏ صاحب الشركة التي طرحت الفيلم نفي تماما أن يكون هو المسئول عن الحذف الذي حدث وقال لقد طرحت الفيلم كاملا والدليل علي صدق كلامي أن نسخة الإيداع الموجودة في الرقابة كاملة وكذلك النسخة الموجودة في شركتي‏,‏ ثم إنني من مصلحتي عرض الفيلم كاملا لاسيما بالمشهد الذي حذف منه لأنه مشهد جنسي والجمهور يقبل علي مثل هذه المشاهد‏,‏ ويفجر عبدالمنعم‏,‏ قضية خطيرة جدا وهي قرصنة أفلام الفيديو حيث يقول‏:‏ أكيد الفيلم وقع في يد عصابات مافيا ضرب الأفلام الذين يقومون بشراء نسخة واحدة جيدة ثم ينسخون الآلاف من النسخ ويأجرونها بجنيهات قليلة للعديد من الأشخاص في اليوم الواحد أو يقومون ببيعها‏,‏ ويفعلون ذلك بدلا من شراء نسخ الأفلام بأوراق رسمية يحاسبون عليها ضريبيا‏,‏ وياريت الأمر يتوقف عند هذا بل إنهم يعبثون بالأفلام بالحذف أو الإضافة‏,‏ ويشوهونها كما حدث لفيلم ديل السمكة وغيره من الأفلام والمسرحيات‏.‏

ضرب حب البنات

يتفق وليد فريد‏,‏ موزع أفلام وصاحب شركة فيديو مع عبدالمنعم‏,‏ ويضيف ملايين من الجنيهات تضيع علي الدولة نظير التهوين من خطورة ظاهرة القرصنة‏,‏ فالشركة التي تعمل في إطار قانوني تسدد لخزانة الدولة نسبة‏%25‏ من قيمة شراء حقوق عرض أي فيلم علي شرائط الفيديو كضريبة مبيعات‏,‏ بينمالا تتحصل الدولة علي مليم واحد في حال طبع الفيلم وتداوله عن طريق القراصنة‏,‏ والغريب أن أسماء القراصنة وعناوينهم معروفة للجهات المعنية‏,‏ ومنذ أيام ظهر ممدوح الليثي‏,‏ رئيس جهاز السينما في أحد البرامج التليفزيونية وذكرهم بالاسم بعد ضرب فيلم حب البنات من السينما‏,‏ الكارثة أيضا لحقت بفيلم سهر الليالي الذي سرق من دور العرض وعرض علي شرائط فيديو مشوها تماما حذفت منه بعض المشاهد والجمل الحوارية‏.‏

الدولة

بغضب شديد يقول أسامة الفرماوي‏,‏ صاحب شركة فيديو‏,‏ ما يفعله قراصنة الفيديو فيه ضرر كبير لصناعة السينما ويجعل العناصر الشريفة المحبة للسينما تتوقف سواء في مجال الإنتاج أم التوزيع أم الفيديو‏,‏ فليس من المعقول أن تستنفد طاقات المتضررين ماديا ومعنويا في الإنشغال بحماية مصالحهم بدلا من التفكير في كيفية تطوير عملهم‏,‏ بينما تقف الدولة مكتوفة الأيدي وكأنها لا تدرك الخطر الذي يهدد صناعة مهمة مثل السينما يمكن أن تنعش الاقتصاد المصري‏,‏ ولن تتم السيطرة فعليا علي قراصنة الأفلام إلا من خلال العقوبات الرادعة الصارمة‏,‏ فالعقوبات الحالية مجرد غرامة مالية تتراوح ما بين‏500‏ إلي‏5000‏ جنيه وينتهي الموضوع بتسديد المخالف للغرامة ثم يعود مرة أخري لضرب الأفلام لأنها عملية مربحة جدا‏*

الأهرام العربي في  13 مارس 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

الرقابة آخر من يعلم

إغتيال سمكة

وحيد حامد

تحقيق: أحمد السماحي