شعار الموقع (Our Logo)

 

 

في هذه الحلقة من كتاب سينما اوليفر ستون للمؤلف كيغان نتواصل مع مسيرة ستون السينمائية ونتوقف عند فيلم «كونان الهمجي» الذي قام ستون بتعديلات في الشخصيات وهو يكتب السيناريو وعن هذه الشخصية يقول المؤلف: كونان الهمجي شخصية من قصص الثلاثينيات الخيالية لبطل ابتكره المؤلف روبرت هوارد. وهو بطل يمتلك قوة عضلية ويحارب ضد سادة الحرب الأشرار والسحرة الذين يمارسون السحر الأسود وأشراراً أخرين في العصر الايبوري الخيالي الذي اخترعه الكاتب هوارد. وقد نشرت القصة الأولى من قصص كونان وهو بعنوان «العنقاء والسيف» في عدد ديسمبر عام 1932 من مجلة «حكايات غريبة».

وفيها يصف المؤلف كونان بأنه «شخص مولع بالقتل.. يغرز سكينه في لحم فريسته ويحرك النصل عميقاً حتى يتفجر الدم بغزارة، وهو يجري في خفة نمر عظيم وتتحرك عضلاته الفولاذية تحت جلده البني المحروق».وقد كتب هوارد ثماني عشرة قصة إلى ان توفي عام 1926 منتحراً.

وفي أوائل الخمسينيات، صدرت طبعة فخمة لمجموعة قصصه عن دار نشر «جنوم برس» في نيويورك، وصدرت الطبعات الشعبية منها في الستينيات في كتب تعتمد على رسوم الفنان فرانز فرازيتا لشخصية كونان المفتول العضلات والحسي. وفي السبعينيات صدرت القصص في طبعات مصورة عن دار مارفل.

وكانت بداية مشروع فيلم «كونان» عام 1976 عندما أسس المنتج ادوارد برسمان شركته الخاصة للإنتاج. وشاهد برسمان واطلع على كل ما صدر من كتب ومجلات مصورة عن شخصية كونان، وانبهر بها كثيراً، وتحمس لفكرة ان يكون أول منتج يقدم الشخصية في السينما. وقام برسمان بنفسه بكتابة معالجة سينمائية عام 1976.

واستغرقت مفاوضات شراء حقوق استخدام الشخصية في السينما أربع سنوات. وسرعان ما ظهر ممثل مغمور هو ارنولد شوارزينيغر في الصورة، وكان هو الآخر مهتماً بشراء القصص. واستقر الأمر على تأسيس شركة مع برسمان باسم «شركة كونان» تمتلك كل الحقوق سواء للنشر في كتب أو للاخراج السينمائي، شريطة الاخلاص للشخصية كما ظهرت في القصص الأصلية.

وبينما كان برسمان لا يزال يتفاوض حول شراء الحقوق التقى بأوليفر ستون، ووجد أنه يحاول أيضاً كتابة فيلم عن كونان، وأن تصوره للشخصية والموضوع قريب من تصور برسمان. وشعر برسمان ان سمعة ستون بعد فيلم «قطار منتصف الليل السريع» ستساعد في الحصول على التمويل اللازم للإنتاج، وكان برسمان قد انتج فيلم «اليد» مع ستون.

وأعد ستون سيناريو ثانياً لفيلم «كونان» يبدأ من بداية قصة حياة كونان، واستخدم شخصية «ثولسا دوم» كنقيص للبطل. وفي حديث معه عام 1981 قال ستون «عندما طلب مني كتابة سيناريو كونان حصلت على حرية كاملة لأن الميزانية لم تكن قد تحددت بعد».

ويقوم سيناريو اوليفر ستون على فكرة ان جيشاً من الكائنات الغريبة احكم السيطرة على الكوكب الارضي وظل كونان ـ البطل الوثني والاسطوري الشبيه بطرزان ـ طليقاً. وقد اعجب ستون بفكرة ان كونان كان قد اصبح اسيراً للعبودية وعانى كثيراً خلال ذلك، ثم تحول من فلاح الى ملك.

وفي نهاية سيناريو ستون يقول الملك كونان لأميرته لا استطيع ان اكون ملكاً بهذه الطريقة.. بالزواج منك.. لا استطيع ان ارث العرش.. لكني سأحصل عليه». ثم يقود حصانه ويرحل في اتجاه مغامرة اخرى تمهيداً لأن تأتي قصص اخرى فيما بعد على شاكلة سلسلة افلام جيمس بوند.

وتم تكليف المخرج جون ميليوس فيما بعد باخراج الفيلم. ويقول هو عن ذلك: كان السيناريو مدهشاً. لقد كانت هناك جيوش من الكائنات الغريبة فيه وهو امر قد يستغرق سنوات لإعادة وتحقيقه سينمائياً. لكني قرأته وقلت لنفسي انهم سيصنعون فيلماً عن كونان ويجب ان يكون هذا فيلمي.

وتم الاتفاق بعد ذلك على ان يسند الاخراج الى ميليوس وان ينتج الفيلم دينو دي لورنتس ويصبح برسمان المنتج المنفذ. وأعد ميليوس سيناريو ثالثاً غطى فيه شخصية كونان في مرحلة الشباب. وقد لاقى الاعجاب لأنه قدم فيه تفسيراً لتاريخ كونان ودوافعه وقام بتجسيد تطور شخصيته، من طفل مستعبد الى محارب مجيد. لكن ظلت فيه اشياء كثيرة من سيناريو ستون في العلاقات والشخصيات والاحداث.

وكما في كل مشاريع افلام ستون السابقة، تبدو الحياة الحقيقية قناعاً للوهم. فقوى الظلام والفوضى تهزم الاسرة والارادة الجماعية، ويختفي والدا كونان في لحظة ويتركونه وحيداً عديم الحيلة تماماً.. ويصبح المجتمع في افضل حالاته همجياً، وفي اسوأها استعبادياً. ويغيب الذكاء والعاطفة او يصبحان من المستحيلات، فالشقراء الجميلة التي تحب كونان لا تستطيع ان تفهم مشاعره ناهيك عن عدم قدرتها على جعله يبادلها الحب، وهي فقط تموت من اجله.

اما انتصارات كونان فهي انتصارات المغالاة في القوة والعنف والتشكك والهجومية. ويمكن اعتبار «كونان الهمجي» فيلماً مثالياً من افلام اوليفر ستون في تكثيفه للعزلة وانعدام الثقة.والحقيقة ان المقالات النقدية التي ظهرت عن الفيلم ركزت على الرؤية المتطرفة للوجود الانساني في السيناريو والفيلم.

ويلاحظ فنسنت كانبي في «نيويورك تايمز»(15 مايو 1982) ان الفيلم في جوهره يعتمد على سيناريو ميليوس وستون عديم الرؤية على العكس من افلام مثل «حرب النجوم» و«غزاة الهيكل المفقود».. فاللقطات فارغة كالقصة التي تبدأ، ضمن اشياء اخرى، بملاحظة خرافية ثم تصبح تدريجياً اقل ثباتاً الى ان تتوقف. وفي لحظات التوتر عندما يقطع رأس ثولسا دوم مثلاً، يبدو كونان فظاً كما لو ان شخصاً ما وضع قطعة من اللبان في ماسورة حلقه».

ويلقي ديفيد دنبي اضواء على انتقادات كانبي للسيناريو فيكتب في صحيفة «نيويورك» (24 مايو 1982) يقول: «نعم في فيلم «حرب النجوم» بأسلوبه المصطنع الفخم ولغوه الفارغ ايضاً كانت هناك احداث مبالغ فيها من العصور الوسطى.. ولكن جورج لوكاس منح القصة مسحة من المحاكاة الساخرة..

فهو يجعلك تعرف انك تشاهد حكاية بسيطة، ولذا تستطيع حسب عمرك واهتماماتك، ان تستمتع بالفيلم، سواء كمغامرة رومانسية او كمحاكاة شعبية ساخرة.. اما ميليوس فهو باقتباساته من مصادر فنية، مختلفة، لا يبقى له كثير في القصة التي يرويها وتجيء حبكته مفتقرة الى الحيوية والايقاع الشخصي. ويأتي الفيلم على شكل مقاطع كل منها مصور بأسلوب مختلف (الساموراي السبعة، سبارتاكوس، لص بغداد، ثم الساموراي السبعة مرة اخرى وهكذا).

وتترنح القصة الكئيبة ما بين «الواقعية» العنيفة والابهة المهيبة والخيال الصاخب والرمزية المسيحية».اما بيرج ناقد مجلة «فاريتي» فيلخص المشروع معتبراً اياه مملاً جداً وغير مكثف. «كونان عديم الروح وبالتالي فإنه يغادر الفيلم دون تأثير. والسيناريو ليس اكثر من مجموعة من المغامرات الفارغة والاحالات الغامضة الى ان تحل المواجهة المتوقعة في النهاية. عندئذ تصبح المحصلة قليلة جداً ومتأخرة جداً».

ويجد بيرج ان كتاب سيناريو الفيلم يخلطون بين الطابع القديم للفترة والطابع العصري الدارج، ويستخدمون الاول عندما يحتاجون الى الواقعية، والثاني لتحقيق التأثير الكوميدي الذي يريح المتفرج. «والنتيجة ان الفيلم يبدو تقريباً كما لو كان هناك شخص ما يقص على المشاهدين نكتة. ورغم الجهد المبذول في خلق اجواء العصور الاسطورية، فإن هذه كلها ليست سوى «نكتة» بداخلها. اذا ما أمكننا حتى اعتبارها كذلك».

البيان الإماراتية في  7 مارس 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

سينما "أوليفر ستون":

توظيف جديد لشخصية "ثولسا" في فيلم "كونان الهمجي"