شعار الموقع (Our Logo)

 

 

عندما كان يشاهد التلفزيون وهو صغير في زحلة، لم يكن ينبهر "بستيف اوستن" لشخصيته الاسطورية كما  معظم الاولاد في سنه، بل كان يسأل امه دائما: "ماما من الذي يصنع الافلام وكيف يقومون بذلك؟". ففي العاشرة من عمره كانوا يسألونه: "شو بدك تعمل لما تصير كبير يا سامر؟" وكان يجيب: "مخرجاً". نعم صبي في العاشرة كان يعرف جيدا ما معنى كلمة مخرج، لكنه كان يعرف ايضا ان والده لن يوافق على ميوله الفنية هذه، لذلك لم يكن يجرؤ امامه على ان يقول سوى انه يرغب في ان يصبح... طبيبا. هذه العلاقة الخاصة مع الاب هي التي دفعت سامر دعبول، وبعد 26 عاما من احلام زحلة والسفر الى الولايات المتحدة لدراسة الاخراج سرا، الى العودة للوطن وكتابة سيناريو نابع من معاناته الشخصية عنوانه "حرب رامي" التي تدور بينه وبين والده على خلفية الحرب اللبنانية. في الزمن الذي تتهافت فيه المواهب اللبنانية الشابة للسفر الى الخارج بغية دراسة السينما او العمل في بلدان تصنع السينما وتوليها اهتماما، قرر سامر دعبول ترك الولايات المتحدة وهوليوود وجامعة USC (احدى اهم جامعات السينما في اميركا التي فيها تخرّج جورج لوكاس مخرج سلسلة "حرب النجوم" وروبرت زيميكس مخرج "فورست غامب"). وفرص العمل الكثيرة والحظوظ الكبيرة للنجاح، والعودة الى لبنان لتحقيق نفسه في وطنه. وتماما كما الافلام دعونا بواسطة الفلاش باك نعود الى الوراء يوم ترك سامر دعبول ابن زحلة وطنه قاصدا ولاية اوهايو وهو مصمم على دراسة السينما في السر. في اوهايو دخل الصف التحضيري الجامعي حيث يدرس مواد كثيرة منوعة من ضمنها مادة واحدة حول السينما. وفي نهاية العام طلب استاذ المادة من طلابه تصوير فيلم قصير وعندما شاهد ما صوره سامر قال له: "مكانك ليس هنا بل في جامعات مخصصة للسينما مثل USC في لوس انجلس او NYC في نيويورك". وهكذا طار سامر الى لوس انجلس ودرس خمسة اعوام الانتاج والاخراج السينمائي اضافة الى النقد السينمائي. عن تلك المرحلة يتذكر سامر انه رفض قوانين الجامعة وقلب الدنيا رأسا على عقب: "اول قاعدة كانت ان يصور طلاب السنة الاولى فيلما قصيرا بالابيض والاسود مع ممثلين اثنين فقط في موقع تصوير واحد داخل غرفة مقفلة. اما فيلمي انا فكان يضم دزينة ممثلين وسبعة مواقع تصوير بين داخلي وخارجي. كما انني صورت تحت الماء وكان فيلمي مليئا بالكومبارس وهذا كله ممنوع". لم يشعر يومها سامر انه يصور ضمن اطار الجامعة بل في الاستوديو لذا كان يصور ليلا ونهارا ويعمل كأنه يتحدى نفسه وقدراته. حماسته وموهبته هما اللذان دفعاه الى اقتراح تصوير فيلم روائي طويل مع زملائه قبل تخرجهم بفترة قصيرة. وهكذا بدأوا بجمع المال ثم انطلق التصوير مع 50 الف دولار فقط اضافة الى مساهمة من شركات كاميرا "بانافيجن" التي قدمت لهم الكاميرات والاضاءة. وبعد 23 يوما انتهى التصوير. لكن لبدء عملية المونتاج والتوليف كان سامر يحتاج فعلا الى مبلغ ضخم ولذا قام بتصوير كليب قصير يحتوي لقطات سريعة من المشاهد المصورة كانت اعلانا عن شريطه SUICIDE RIDE (رحلة انتحارية) الذي عرضه على ممولين كثر انبهروا بما رأوا وقدموا التمويل المطلوب. ومع مئة وخمسين الف دولار استطاع دعبول وفريق عمله من الزملاء الذين لم يقبضوا فلسا واحدا، انهاء الفيلم الذي تم عرضه امام مجموعة من الموزعين فكانت النتيجة ان حصل دعبول وزملاؤه على ثلاثة عروض لتوزيع الفيلم من شركات كبيرة فاختاروا شركة CURBENTERTAINMENT.

في اميركا وزع الفيلم تحت اسم SUICIDE RIDE  وفي العالم تحت اسم FINDING INTEREST وقد عرض في التلفزيونات الاميركية وفي دور السينما في المانيا وشارك في مهرجاني هايدلبرغ وبروكسل السينمائيين عام .1996 اما في الشرق الاوسط فقد عرض الفيلم ايضا على شاشات "المؤسسة اللبنانية للارسال" و"محطة واو" اضافة الى "فيلم شانل". ورغم ان المخرج الكبير روبرت زيميكس علق على فيلم دعبول قائلا: "كل شيء في الفيلم مصنوع بشكل محترف، والقصة تشد الانتباه والممثلون ممتازون"، الا ان دعبول المخرج والمنتج شعر بأن نقطة ضعف الفيلم تكمن في السيناريو. وهكذا قرر ان يتعلم كتابة السيناريو حتى ينجح في صناعة فيلم متكامل. اربعة اعوام امضاها في كتابة السيناريوات قبل ان يقرر كتابة معاناته الشخصية. ومن هنا جاء قراره بالعودة الى لبنان: "لقد شعرت بأن كتابة سيناريو "حرب رامي" تحتاج الى نضج معين ومعرفة تامة بالموضوع والاجواء والمناخ". اواخر 2001 عاد دعبول الى لبنان ومعه بداية خجولة لسيناريو لم يشعر بأنه سيحمل النكهة اللبنانية المطلوبة إن تابع كتابته في اميركا. اليوم السيناريو اصبح جاهزا بنكهته المطلوبة وعنه يقول سامر: "لم يكن همّي كتابة فيلم عن الحرب اللبنانية بل ان اعبّر عن مشاعر رامي الصغير نتيجة الحرب الخارجية والداخلية التي يفجرها والده". اذاً "حرب رامي" مزيج من السيرة الذاتية التي عاشها المؤلف فعلا في عائلته اضافة الى الخيال القصصي. يروي السيناريو قصة رامي الذي يعيش مع عائلته في ضواحي بيروت. لمناسبة عيد ميلاده اهداه الجد كاميرا فقام رامي بتصوير مظاهر الحرب ثم مزجها بصور من بساطة القرية وجمالها. لكن موهبة رامي ستصطدم بغضب الاب وقسوته الناتجين من شعوره بالخوف من الحرب ونتائجها على عائلته. اذاً الوالد ينفّس توتره من الحرب بالغضب الذي يصبه على رامي الصغير الخائف من الارهاب والحرب الداخليين. الاب استسلم لواقع الحرب لكن رامي مصمم على اظهار بشاعة الحرب من خلال الفيلم الذي يصوره.

صحيح ان مرحلة كتابة السيناريو انتهت وكانت رائعة بالنسبة الى سامر دعبول لأنها جعلته يشعر بمعنى كلمة وطن وجعلته يقرر العودة في حين ان سواه يتمنون الرحيل الى حيث كان هو، ولكن مرحلة اخرى صعبة بدأت لتوها. سامر عاد الى وطنه لأنه يريد ان يحقق شيئا هنا في الارض التي تعنيه. ولكنه يدرك جيدا ان مرحلة ايجاد التمويل المطلوب لن تكون سهلة في بلاد لا تولي السينما اهمية كبرى. اولى خطوات البحث عن التمويل يقوم بها دعبول مع شركة "انتاج" ليوسف ايوب وهو لا يستبعد امكان التعاون الاوروبي لانتاج مشترك. اما عن فريق العمل فيقول سامر انه التقى فترة كتابته السيناريو الكثير من الشباب الموهوب اثناء القائه محاضرات حول صناعة السينما في هوليوود في جامعات مثل كسليك وL.A.U وA.L.B.A. "مع هؤلاء الشباب ارغب في صناعة فيلمي لأنني اريد ان امنحهم الفرصة وادربهم واعلمهم ميدانيا. هدفي تقديم فيلم على مستوى هوليوودي، لكن ليس بالمؤثرات والاكشن بل بالقصة والتمثيل والتصوير والتقنية الجيدة". البحث عن التمويل بدأ وكذلك الكاستنغ لاختيار الممثلين الذين عرف منهم حتى الآن كل من رفيق علي احمد ونضال الاشقر في دور جدّي رامي وجوزف بو نصار وجوليا قصار في دور الوالدين. اما عن بدء التصوير فيأمل سامر دعبول في ان يكون مع بداية الخريف المقبل... اما نحن فنأمل ان يكون شريطه ربيعا جديدا للسينما اللبنانية.

جريدة الحياة في  5 مارس 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

ترك عاصمة السينما العالمية وعاد إلى لبنان:

عامر دعبول: سأقدم فيلماً بمستوى هوليوود

جوزفين حبشي