قالت: وصية والدي لـ «طارق الشناوي» مزورة كاملة أبو ذكري: أشعر بالغيرة من جيل عاطف الطيب.. وبالرعب من مصير مخرج «زمن حاتم زهران» يبدو أنه مقدر ومكتوب علي السينما المصرية أن تنتظر عشر سنوات حتي تولد في سمائها مخرجة موهوبة، تفرض اسمها وفكرها وأفلامها علي مهنة يسيطر عليها الرجال. فبعد إيناس الدغيدي، كان علينا أن ننتظر طويلا حتي تأتي ساندرا نشأت.. وبعد ساندرا وسنوات من ظهورها وتألقها يبدو أن القلم يكتب الآن شهادة ميلاد مخرجة جديدة واعدة.. اسمها كاملة أبو ذكري. واسم كاملة ليس جديدا علي الوسط السينمائي، فقد لفتت إليها الأنظار بفيلمها القصير الأول «قطار الساعة السادسة» الذي أنتجه المركز القومي للسينما، وعرض في العديد من المهرجانات، وفاز بأكثر من جائزة، وبإجماع نقدي بأن مخرجته تستحق فرصة أكبر، لأنها تحمل فكرا سينمائيا راقيا، وبصمة خاصة، وموهبة لافتة. وحصلت كاملة علي فرصتها الأولي، وظهر ابنها البكر فيلم «سنة أولي نصب».. ورغم النجاح الذي حققه، ومكالمات ومقالات الإعجاب التي تلقتها ومازالت، إلا أن كاملة تشعر أن فرصتها ليست كاملة.. فقبل عرض الفيلم بساعات فقدت والدها الكاتب الكبير وجيه أبو ذكري، وهي التي عاشت تنتظر يوم ميلادها الفني، لتري نظرة الإعجاب والفرح في عينيه، ليتأكد أنها كانت علي حق عندما اختارت السينما، وصممت علي عشقها. وبعد نزول الفيلم بساعات وجدت نفسها في «خناقة» لم تتوقعها، كان طرفها هو الناقد السينمائي اللامع الزميل طارق الشناوي، الذي كتب مقالا لاذعا ضد الفيلم حمل عنوانا ساخرا «سنة أولي نصب سينمائي»، وكان من الممكن جدا أن تبلعه كاملة، فقد تعلمت أن عليها أن تحترم النقد، وتقبل كل وجهات النظر.. فقرة واحدة في المقال هي التي أزعجتها وأثارت غضبها، يروي فيها طارق الشناوي أن والدها الكاتب الكبير وجيه أبو ذكري أوصاه بابنته خيرا قبل رحيله، لكنه مع اعتزازه بالوصية لا يستطيع أن يكتم استياءه من تلك البداية لابنته.. لم تكن كاملة فقط هي التي أغضبتها العبارات الصريحة، بل كانت الناقدة الكبيرة حُسن شاه أشد غضبا، وكتبت تهاجم طارق وتعاتبه بمرارة.. وهكذا وجدت كاملة نفسها في مأزق.. تحكي لي بتأثر: «شوف.. أنا من يوم ما دخلت معهد السينما وأنا متفقة مع والدي ـ الله يرحمه ـ أنه لا يتدخل في عملي، ولا يستغل شهرته وحب الناس له لمساعدتي.. أيا كانت المساعدة.. وفعلا قعدت فترة طويلة الناس لا تعرف أنني ابنة وجيه أبو ذكري.. علشان كده انزعجت من كلام الأستاذ طارق.. وأقدر أقول لك إن بابا لم يكن يعرفه جيدا حتي يوصيه علي، ثم إنه كان الأولي أن يوصي ـ إن فعل ـ أصدقاءه المقربين مثل الأستاذة حُسن شاه، وهي تعلم أنه لم يطلب منها مرة أن تقدمني لشركة إنتاج أو نجم كبير.. بابا ـ الله يرحمه ـ كان محترم اتفاقي معه جدا، ولما الأستاذ طارق ييجي ينسف كل حاجة في لحظة فهذا ما أغضبني، خاصة أن بابا لم تكن قد مرت علي وفاته سوي أيام، ولا يستطيع تكذيب هذا الكلام.. فعلا الكلام حسيت أنه جرحني.. لأنه دخل في منطقة مقدسة بالنسبة لي..وأنا لست ضد النقد.. كل واحد حر في رأيه، لكن عندما يتجاوز النقد دوره، ويتحول إلي تجريح وهدم فهذا ما لا أقبله». وربما خفف علي كاملة المكالمات التي تلقتها من أساتذة كبار، يشدون علي يديها، ويهنئونها بذلك المستوي الذي يبشر بموهبة واعدة.. وبينها مكالمة كادت تطير من الفرح بعدها، لأنها من مخرج بحجم توفيق صالح، قال لها جملة واحدة: يا بنتي انتي عملتي فيلم حلو.. ولأن الجميع يعرف أن توفيق صالح لا يعجبه العجب، فهذا يعني أن الفيلم هايل. أسعدتها كذلك مكالمات علي أبو شادي ونادر جلال ومني زكي وحنان ترك.. وتامر حبيب الذي لا تخفي كاملة انحيازها الشديد له كسينارست، بل وتقول بصراحة: «أنا مش شايفة من الجيل الجديد لكتاب السيناريو عندنا غير تامر حبيب.. هو الوحيد الآن في جيلنا اللي يقدر يعمل المعادلة الصعبة بين الفن والسوق.. وهو يذكرني بالمخرج المبدع عاطف الطيب، وغيره من نجوم جيل الثمانينيات.. تعرف كان نفسي أكون موجودة في هذا الجيل.. كان المناخ مختلف.. والذوق مختلف.. يعني أفلام زي «سواق الأتوبيس» و«موعد علي العشاء» و«زوجة رجل مهم» و«ضد الحكومة».. نجحت والجمهور أقبل عليها أيامها.. كان فيه المنتج الذي يغامر بفلوسه.. النهاردة لا يوجد جمهور ولا منتجين تغريهم هذه الأفلام، في ظل طوفان الكوميديا والأفلام الخفيفة. أنا أعتبر جيل الثمانينيات السينمائي جيل محظوظ.. يا بختهم قدروا يعملوا بصمة، وأسمائهم ستظل في الذاكرة.. أنا أحيانا اسأل نفسي: يا تري إحنا كجيل نقدر نعمل سينما بنفس المستوي؟!.. وأعترف أن خوفا شديدا يملؤني.. خايفة أبقي من جيل منسي، مثل مخرجين ظهروا في فترة السبعينيات ولم يقدموا شيئا واختفوا دون أثر...». وأسأل كاملة: «سنة أولي نصب».. هل هي البداية التي تمنيتها كمخرجة؟!.. بعد لحظات صمت تقول: الحقيقة لا.. كان نفسي أبدأ بفيلم «تقيل».. كان نفسي يكون عندي عزيمة وقدرة وصبر واحد زي رضوان الكاشف رفض أن يعمل سينما والسلام لمجرد التواجد والانتشار، وصمم علي أن يقدم السينما اللي بيحبها. كان نفسي في بداية قوية زي بداية محمد النجار، وأفلامه الأولي مثل «زمن حاتم زهران».. لكن في نفس الوقت كنت مرعوبة أقعد خمس سنين في بيتنا زي النجار ما قعد بعد «زمن حاتم زهران».. كلنا عندنا بيوت ومسئوليات والتزامات ولازم نشتغل.. وهذا لا يعني أنني تنازلت عن أحلامي.. أبدا.. أنا احترم السينما التجارية، ولا أراها عيبا ولا جريمة.. «سنة أولي نصب» فيلم لطيف، لا تندم أبدا أنك تفرجت عليه.. وهذا هو المطلوب.. المهم أن تتاح لي الفرصة فيما بعد أن أقدم السينما التي أحلم بها». وأسأل كاملة: عن مشروعاتها القادمة فتقول: عندي فيلم مع المطرب محمد فؤاد، مازال فكرة في مرحلة الكتابة والتحضير ولم نستقر علي اسمه..». ورغم تلك الخطوات الطيبة والاستقبال الحافل إلا أن «كاملة» تشعر ببعض التشاؤم.. توضح: صناعة السينما الآن لا تدعو للتفاؤل.. أسعار كل حاجة عمالة ترتفع.. وخايفة نرجع تاني للأفلام قليلة التكلفة قليلة الجاذبية.. لأن السينما في النهاية إبهار.. والإبهار يعني فلوس. ولكن الصورة ليست قاتمة كلها.. فهناك نقاط ضوء، أبرزها هؤلاء المخرجون الجدد الواعدون مثل هاني خليفة وأحمد نادر وإيهاب لمعي..». ولتسمح لنا مخرجة «سنة أولي نصب» أن نضع اسمها في تلك القائمة.. وننتظر منها سنة تانية سينما. جريدة القاهرة في 17 فبراير 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
المصرية "كاملة أبوذكري": أشعر بالغيرة من جيل عاطف الطيب أيمن الحكيم |
مقالات ذات صلة: المخرجة كاملة أبو ذكري في أول أفلامها: أخرجت فيلمي الأول كما أريد "كاملة أبو ذكري": لا أعتقد بأن هناك سينما للمرأة وأخرى للرجل
|