شعار الموقع (Our Logo)

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

كتبوا في السينما

 

 

 

 

 

 

رشيد مشهراوي:

التلفزيون محوٌ والســـينما ذاكــــرة

دمشق ـ فاطمة شعبان

 

 

 

 

 

 

 

رشيد مشهراوي مخرج مجد ونشيط رغم صعوبة الظروف التي مرت وتمر بها السينما الفلسطينية، فقد استطاع تحقيق ثلاثة أفلام روائية هي:حيفا (1995) وتذكرة إلى القدس (2002)، وحتى إشعار آخر (1993)، ويعمل حالياً على فيلمه الرابع انتظار، وله أكثر من عشرة أفلام تسجيلية منها: جواز سفر(1987)، أيام طويلة في غزة (1991)، توتر (1998)، هنا صوت فلسطين (2001

ينتمي رشيد مشهراوي إلى موجة السينما الفلسطينية الجديدة، وهي السينما التي تعتبر في جانب من جوانبها رداً على السينما الشعاراتية الأيديولوجية التي أنتجتها منظمة التحرير الفلسطينية· ويقدم مشهراوي في السينما التي يصنعها إلى جانب ميشيل خليفي وإيليا سليمان، الوجه الآخر للفلسطيني، الوجه الإنساني، أو ما يسميه أنسنة صورة الفلسطيني في السينما وليس المقولات النضالية·

حول السينما ودروها، وحول فيلمه الجديد كان لنا معه الحوار التالي:

·         تعمل على فيلم جديد يحمل اسم ''انتظار'' يعالج مشكلة اللاجئين، ما الهدف من الفيلم؟

هدف الفيلم الأساسي هو الربط بين الفلسطينيين عبر الخارطة الإنسانية لفلسطين، وأحد أهدافي في هذا الفيلم هو طرح وفضح وتفجير موضوع اللاجئين الفلسطينيين، حيث نعرض من خلال هذا الفيلم حياة بشر، فكل شخص له حياة متكاملة، وكل شخص هو عملياً حكاية بحد ذاتها· وفكرة الفيلم الرئيسية تتعامل مع علاقة اللاجئين الذين يعيشون خارج فلسطين بموضوع العودة، وهو يأتي في الوقت الذي لا يرغب أحد بالحديث عن هذا الموضوع، وترفض الكثير من الجهات العربية والأوروبية والأميركية الخوض فيه، وتعتبره موضوعاً شائكاً يجب التعامل معه بحساسية ويفضل أن يظل مغلقاً ومسكوتاً عنه حتى يجدوا له تخريجة ما·

·         ما هي قصة الفيلم؟

 "انتظار'' فيلم سينمائي روائي طويل مدته ساعة ونصف، السيناريو كتبته بنفسي، يتحدث عن مخرج ومصور ومذيعة تلفزيون، يخرجون من غزة للقيام بجولة في مخيمات اللاجئين في الأردن وسوريا ولبنان، بهدف تكوين فرقة للمسرح الوطني الفلسطيني المستقبلي، أي بعد انتهاء الانتفاضة وإنجاز الدولة، ولأن المسرح مسرح وطني فلسطيني يجب أن يشمل كل الفلسطينيين من داخل فلسطين وخارجها· خلال هذه الجولة يقوم أبطال الفيلم بالبحث عن ممثلين يشاركون في هذا المسرح، وعلى الممثلين لعب دور الانتظار لكي يتم اختبارهم للانضمام لفرقة المسرح· هذه فكرة الفيلم الرئيسية، ولكنها ليست كل ما يحدث في الفيلم، فسحر العودة حتى ولو عبر فرقة مسرحية يدفع الكثير من الناس للتظاهر بأنهم ممثلين من أجل العودة إلى فلسطين· من خلال هذا السياق وهذه الجولة يعطينا الفيلم فرصة لدخول المخيمات ورؤية بيوتها وشوارعها وناسها وتصوير الكثير من التفاصيل خارج الفكرة الرئيسية للفيلم· ويرمز المسرح الوطني إلى الكيان الوطني الفلسطيني الذي نريد تكوينه وتكوين أشخاصه من خلال جمع كل الفلسطينيين وعلى رأسهم اللاجئين· وأثناء الجولة يخرب المشروع تدريجياً والبلد يخرب، ويتوقف البناء في المسرح، وفي النهاية يقصف المسرح·

·         كيف ترى السينما الفلسطينية وعلاقتها بمؤسسات السلطة؟

 السينما الفلسطينية هي سينما أفراد وليست سينما مؤسسات، والمخرجون الفلسطينيون الذين استطاعوا تحقيق إنجازات بهذا الخصوص يعدون على أصابع اليد، هؤلاء استطاعوا عرض أفلامهم في مهرجانات عالمية ودور عرض وتلفزيونات، هم عملياً بنوا أنفسهم بأنفسهم بدون استثناء، حمل كل واحد منهم على عاتقه مشروعه الخاص ومشى به وحقق نتائج مذهلة، الكثير من المخرجين الفلسطينيين حاولوا جاهدين والذين استطاعوا الوصول قلائل·

السلطة لم تنتج أفلاما سينمائية في الداخل، ولا يوجد ما يسمى سينما السلطة، هناك الأفلام التي قامت منظمة التحرير بإنتاجها في فترة لبنان والشتات وتونس، والتي أرى أن القليل منها يعتبر أفلاما فنية تعبيرية أو سينمائية، ولكنها في حقيقتها أفلام مبنية على شعارات أيديولوجية، وتابعة لأحزاب سياسية لها أهداف واضحة، تعاملوا فيها مع الفلسطيني ضمن مفهوم ثورة حتى النصر، أظهرت الفلسطيني صاحب حق ومناضل قوي جبار لا يشعر بالضعف ولا يبكي· في أحد أفلامي ظهر شخص فلسطيني يبكي، وهذا سبب صدمة للكثير من الفلسطينيين الذين شاهدوا الفيلم، لأن الفلسطيني من وجهة نظرهم لا يبكي· السينما الجديدة جسدت الشخصية الفلسطينية بكل تفاصيلها ومعالمها، الفلسطيني إنسان قبل كل شيء ولكننا استطعنا من خلال الأفلام التي قدمناها أنسنة صورة الفلسطيني في السينما·

·         ما الذي على السينما أن تقوله في موضوع شائك مثل الموضوع الفلسطيني؟

أولاً يجب أن نميز بين فن السينما المأخوذ من مجتمع فلسطيني له خصوصياته ومواصفاته ''لغته، عاداته، تقاليده، لونه، إيقاعه···''، وما يعرض على شاشات التلفزيون· أنا من الناس الذين ينادون بأنه ممنوع على السينما الفلسطينية أن تكون ردة فعل على أي شيء يقوم به الإسرائيليون، لأن هذا عمل التلفزيونات والمحطات الإخبارية، بإمكانهم تغطية الحدث القوي جداً الذي لا تستطيع السينما تغطيته· التلفزيون يمحو الذاكرة، فما رأيناه بالأمس وأول أمس وما نراه اليوم يحدث في فلسطين والعراق وأفغانستان على شاشته، يأتي ما يحدث غداً ليمح ما رأيناه في السابق، ويصبح السابق طي النسيان· مهمة السينما مختلفة تماماً، مهمتها الحفاظ على الذاكرة لان السينما وثيقة مأخوذة من ثقافة شعب يحاول الاحتلال إلغاءها، نحن كسينمائيين لا نريد أن ندع إسرائيل فوق احتلالها الأرض والناس أن تحتل السينما أيضاً، على الأقل علينا تحرير السينما من الاحتلال الإسرائيلي·

·         كيف تتعامل شخصياً مع الموضوع؟

تبذل إسرائيل الكثير من الجهود وتوظف الكثير من الوسائل مالياً وإعلامياً وبإقامة تحالفات وتضامنات في العالم كله، واستخدام ترسانتها العسكرية وغيرها من الوسائل لتثبت شيئاً بسيطاً جداً، تريد أن تقول ''إن هذه الأرض لنا''· في المقابل لا يملك الفلسطينيون شيئاً من هذه الإمكانيات التي تملكها إسرائيل وأخطاؤنا أكثر من أخطائهم ولكن الأرض التي يحاولون إثبات ملكيتها لهم، هذه الأرض تقول ''الفلسطينيون لي''، لذلك نجد أن الإسرائيليين عندهم مشكلة مع الأرض، مع كل ما عليها من شجر وبشر وحجر وجبل، مع شكل بيوتنا، مع لغتنا، مع لون بشرتنا، مع موسيقانا، حتى مع أكلنا، هذه الأشياء هويتنا، والهوية يمكن إظهارها في السينما· هناك عمل كبير يقع على عاتق السينمائيين، وعليهم خلال عملهم هذا أن يبتعدوا عن الحدث الساخن وتركه مهما كان قوياً ويهزنا من الداخل، حتى لو كان يبكينا ليل نهار، السينما لا تستطيع أن تبكيك ولكنها تقول لك من أنت، لماذا أنت هكذا·

·         هل تفرض عليكم الجهات الممولة للفيلم شروطاً معينة؟

بالتأكيد لا، الأفلام التي أقدمها تستغرق مني وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً جداً حتى أستطيع تأمين التمويل المناسب لها· وقد ينتظر الفيلم سنتين وأحياناً خمس سنوات حتى يجد التمويل من الجهات المناسبة· أنا شخصياً وصلت لوضع إعلامي في العالم يمكنني من أن أقدم كل سنة فيلم أو فيلمين لو أردت أن أصنع أفلاماً سهلة التمويل ، لكن تصميمي على عمل الفيلم الذي أريده حسب السيناريو الذي كتبته بالضبط، وحسب الموضوع الذي أعالجه، يجعل فيلمي محتاجاً إلى وقت طويل حتى يجد من يموله من دون فرض شروطه·

الإتحاد الإماراتية في 19 نوفمبر 2004