شعار الموقع (Our Logo)

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

كتبوا في السينما

 

 

 

 

 

 

فصل جديد من حكايات المنع والمصادرة في مسلسل

"بنت من شبرا"

إحالة أوراق ماريا على البابا وشيخ الأزهر

وائل عبد الفتاح

 

 

 

 

 

ليلى علوي تتساءل عن اسباب منع بنت من شبرا

رياض أبو عواد

القاهرة(ا ف ب)- اكدت النجمة المصرية ليلى علوي اليوم الجمعة على "حق" العاملين في مسلسل "بنت من شبرا" الذي قامت ببطولته في "معرفة اسباب منع عرض المسلسل على شاشات التلفزيون المصري" خلال شهر رمضان رغم عرضه على شاشة "الراي" الكويتية. وقالت ليلى علوي في حديث لوكالة فرانس برس "لم يقدم لنا اي شخص كان تفسيرا لمنع عرض المسلسل الذي يستند اساسا الى رواية نشرت قبل ما يقارب من عشرين عاما لكاتب مصري كبير وافقت عليها الجهة المنتجة +صوت القاهرة+ التابعة للتلفزيون".

واضافت "من حقنا كفريق عمل ان يتعرف على هذه الاسباب خصوصا وان الجهة المنتجة ابلغتنا انها تقوم بترجمة المسلسل ودبلجته الى اللغتين الالمانية والاسبانية".
واشارت الفنانة التي كانت تامل في ان يعرض مسلسلها في ساعات الذروة في رمضان خاصة بعد ان بدأ التلفزيون المصري بالاعلان عنه وعن مواعيد عرضه الى ان "المسلسل يبحث في العلاقة مع الاخر والتواصل معه اكثر منه في العلاقة بين المسلمين والمسيحيين ولا اعرف حتى اللحظة ايضا لماذا قام وزير الاعلام باحالة المسلسل الى الكنيسة والازهر رغم انهما جهتان لا يحق لهما القيام بتقييم الفن والابداع".

وكان وزير الاعلام المصري ممدوح البلتاجي اكد خلال ندوة نظمها برنامج "البيت بيتك" في التلفزيون المصري قبل ايام ان المسلسل لن يعرض "في اي شهر رمضان اخر على شاشات القنوات المصرية الفضائية والمحلية". وبرر الوزير قراره قائلا "لن اسمح لاي منتج ان يفرض علي فكرا من الممكن ان يؤثر على الوحدة الوطنية والقواعد الاجتماعية الراسخة منذ مئات السنين". وكان نقاد مصريون توقعوا ان يثير المسلسل الذي اخرجه جمال عبد الحميد عن رواية للروائي الراحل فتحي غانم تحمل الاسم ذاته الكثير من الجدل خصوصا وانه يتطرق الى علاقة حب بين البطلة وهي ايطالية من مواليد مصر وبين شاب مسلم ويغطي فترة تمتد من 1938 الى 1985.

واوضحت ليلى علوي ان "المسلسل يرسم خطوطا درامية تدور حول التواصل مع الاخر الغربي الذي يختلف في الكثير من العادات والتقاليد والثقافة وكيف يتحول هذا الاخر فور ان يتنازل عن عزلته والاجواء التي نسجها حوله وعزل نفسه من خلالها عن الواقع الاجتماعي الذي يعيش فيه".

وهكذا "استطاع زوجي في المسلسل طارق لطفي ان يحملني تدريجيا باتساع صدره وعقله على ادراك سماحة الاسلام وقدرته على التعامل مع الاخر باحترام وحب وتفاهم الى جانب تقديسه الشعور الوطني مما ادى الى اختلاف مفاهيمي التي كانت تعزلني عن المجتمع المصري بفضل هذا الزوج المسلم الذي مات متحسرا على هزيمة حزيران/يونيو 1967". وفي ختام المسلسل الذي تدور احداثه من خلال "مذكراتي التي ارسلها الى حفيدي المعتقل بسبب انتمائه للجماعات الدينية المتطرفة بالدين والوطن يعي هذا الحفيد موقفي تجاه محافظتي على ديانتي المسيحية وانا متزوجة من رجل مسلم".

هذا الخط الدرامي "يوضح تماما ان الهدف من المسلسل ليس استفزاز المشاعر الدينية بقدر ما يسعى الى الحوار مع الاخر داخل الوطن ومع الاخر في بلاد اخرى وحضارات مغايرة". وتعتبر هذه هي المرة الاولى التي يقوم بها وزير اعلام مصري بمنع عرض مسلسل تلفزيوني بسبب تعرضه للعلاقة بين المسلمين والمسيحيين.

وكان مسلسل "اوان الورد" للمخرج سمير سيف وتاليف كاتب السيناريو وحيد حامد وبطولة يسرا الذي عرضه التلفزيون منذ اربع سنوات قد اثار جدلا ونقاشا في حينه لتطرقه الى زواج سيدة مسيحية من رجل مسلم وبقائها على ديانتها.

فقد احتجت الكنيسة القبطية على المسلسل ولم تهدأ الامور الا بعد ان التقى المخرج وكاتب السيناريو وعدد من المثقفين المصريين بابا الاسكندرية والكرازة المرقصية البابا شنودة الثاني حيث تمت تصفية الامور. وتكرر الموقف مرة اخرى منتصف العام الحالي مع عرض فيلم "بحب السيما" الذي اخرجه اسامة فوزي ووضع قصته هاني فوزي، وكلاهما مسيحيان، وقامت ببطولة ليلى علوي ايضا.

وعن هذا الفيلم قالت الفنانة الذي قامت فيه بدور سيدة مسيحية بدأت ليبرالية وانتهت محافظة لوكالة فرانس برس "لا اعتقد ان الفيلم مسيحي او اسلامي انه عمل فني جميل يمكن له ان يصلح لاية ديانة او مجتمع وفي اي زمن". ورات ان دليلها على ذلك "ما كتبه النقاد المصريون والعرب وما قاله الفنانون المصريون واشادتهم برسالة الفيلم الذي لم ينظروا اليه كدين او قومية، فالمهم في الفن ان يوصل المتعة واللغة البصرية الجيدة وهذا ما برر مشاركته في العديد من المهرجانات التي اشادت به ومنحته جوائز يستحقها عن جدارة".

موقع "إيلاف"

19 نوفمبر

 

فى العادة يمكن ان نسمي ما حدث مع مسلسل "بنت من شبرا": مذبحة. او كارثة. او حتى ازمة. فهي حكاية جديدة من حكايات المنع والمصادرة: المسلسل الذي كان موضوعا على جدول رمضان. اختفى. وصدر قرار من وزير الاعلام قبل عرضه بساعات قليلة تحيل اوراقه على اثنين من رجال المؤسسات الدينية: شيخ الازهر. وبابا الكرازة المرقسية. في سابقة هي الاولى من نوعها على حد علمي.

لكنني هذه المرة لا اجد حماسا لاستخدام مثل هذه الاوصاف.

لان المهم في هذه الحكاية ليس الفعل الذي تعودنا عليه في سنوات الارتباك الاخيرة. حين يضحي مسؤول كبير بعمل فني لصالح استمراره على مقعده. الحفاظ على الكرسي اهم 100 مرة من الحرية او الفن.

المفارقة التي لا نتأملها كل مرة هي ان هناك قبولا لفكرة المنع او المصادرة.
هناك خوف كبير يسيطر على القرارات.

خوف يشل الايدي وقبلها العقول عن التفكير. والاكتشاف. هناك ليبرالية في اشياء كثيرة. الازياء. الاعلانات. الا في الاقتراب من فكرة غريبة او غير معتادة.
المثير هذه المرة انها تكشف عن حالة شلل رعاش متفشية من المسؤول الكبير الى الموظف الصغير. كل على قدر مستواه يبحث عن استقرار الاوضاع. مهمته ان لا يحدث مشاكل.

المهم في حكاية "بنت من شبرا" ليس الرقابة. لانه لم يعد هناك شيء قابل للمنع في عصر ملاعب مفتوحة مثل الانترنت والفضائيات.

المهم هو تفاصيل الحكاية. ابطالها. والولع بوضع الخطوط الحمراء.

هي حكاية تكشف عن طريقة ومنهج في النظر والتفكير.

بطلتها لا تتكرر كثيرا. خارج المواصفات النمطية: ماريا. ساحرة الانوثة. ايطالية لم تر غير القاهرة. "واحدة من امل بنات شبرا في الثلاثينات.." ظلت تحلم بمجد روما كما رسمه في خيالها ابوها حلاق القصر الملكي. وكما بشر بها الدوتشي الايطالي الشهير موسوليني.

وهي كاثوليكية اصبح حفيدها زعيم جماعة من جماعات التطرف الاسلامي.
هذه هي ماريا. او خطوطها الخارجية كما رسمها فتحي غانم في رواية صدرت عام 1986. وكما حاول المسلسل (كتبه مصطفى ابراهيم واخرجه مال عبد الحميد) الاقتراب منها مع ليلى علوي او ماريا التليفزيونية (استمتع باداء مرتفع لها يوميا)

لماذا احال الوزير اوراق ماريا على السلطة الدينية؟!

الحكاية على لسان الوزير

كان الوزير حادا وهو يحكي الحكاية:

فى ليلة الرؤية اتصلت بي مجموعة من كبار المفكرين والمثقفين الذين اثق بهم. تليفونات كثيرة في البيت. قالوا لي ان عرض مسلسل "بنت من شبرا" سيحرق البلد. لا اعرف لماذا لم يقولوا لي قبلها بأيام. المهم انني قررت ايقاف عرض المسلسل.

·         لماذا يا سيادة الوزير؟!

قال: "..وهل تريدون ان اكرر ماحدث في مسلسل اوان الورد؟!..".

·         لكن المسلسل يعرض على قنوات فضائية عربية؟!

الوزير: "..وانا لست ضد عرضه لكنني ارسلت نسخة من السيناريو كاملا الى كل من شيخ الازهر والبابا شنودة طلبا للراى..والمشورة.."

·         "شيخ الازهر.. والبابا ؟!.."

كدنا ان نقول: ".. يا خبر اسود"

الوزير لم ينزعج من فكرة تطوع مفكر او مثقف لكي يحذر من خطورة مسلسل لم يره بل سمع عنه من الصحف.. لكنه انزعج من التوقيت: "..لماذا لم يقولوا لى قبل ان اضع المسلسل على خريطة رمضان؟".

·         اين رأي المثقفين والمفكرين المتطوعين الحلقات التي ستشعل البلد؟

ومن هم هؤلاء؟!

الوزير لم يلتفت الى الاسئلة وتحدث بفخر عن اللجوء الى المؤسسة الدينية في الاسلام والمسيحية باعتبارهما الحل الذي سيحميه.. لكن كل منهما مع احترام وضعه الروحي سيرى المسلسل بمعيار ديني وليس فني وهذا يعني ان احالة السيناريو لهما يعني مسبقاً: القرار بعدم عرض المسلسل نهائيا.

كما ان فكرة المنع اصبحت بلا معنى والمسلسل يعرض على قنوات فضائية (الرأي الكويتية مثلا) يوميا.

·         لماذا خاف الرقباء المتطوعون ( يمكن ان نسميهم وشاة؟!) من ماريا الى هذا الحد؟!

حكاية ماريا الهاربة من زمن الدوتشي الى البابا والشيخ فتحي غانم مغرم بتتبع شخصيات بعينها عبر العصور. مزج بين اسلوب الصحافة (عمل في روزاليوسف وغيرها من مدارس الصحافة المصرية).. وبين اسلوب الوعي المنتشر في ادب الخمسينات والستينات. الاسلوب الاول منحه القدرة على بناء المعلومات في اطار درامي سلس يخص كل شخصية. والاسلوب الثاني منحه قدرة تحليل تصرفات الشخصية ودوافعها الخاصة وحسب موقعها على الخريطة الاجتماعية.

كتب "بنت من شبرا" بين اعمال تحفر في تاريخ مصر الاجتماعي والسياسي خلال السبعين سنة الاخيرة من القرن العشرين. "الافيال".. "زينب والعرش".

لكنه مع ماريا التقط شخصية وشعر بالفتنة من احلامها وتناقضاتها. هواجسها. احباطاتها. واكتفى بها كعامل يكشف له جانبا من ازمة الروح والجسد. الدين والحياة.

حكاية ماريا يرويها المحامي الذي طلبت منه ان يدافع عن حفيدها المتطرف. تركت له مذكراتها بالايطالية ليرى كيف عبرت السنوات لتصل الى النقطة التى تبحث فيها عن مخرج لابنها المسلم المتطرف وهي الكاثوليكية التى كانت تشعر بالقرف من المصريين والمسلمين؟!

رحلة ماريا ساندرو.. التى ارادها ابوها ان تغزو بفتنتها الطاغية قصور النبلاء والامراء.. لتحقق مجده الذي ضاع مع قتل ابنه في الحبشة مع جيوش موسوليني.

جسد ابنه ماريو مثل جسد ابنته ماريا كان الجسر الذي تعبر عليه احلامه التي تشبه احلام الدوتشى الذي كان حليف هتلر. يحلم بعودة الامبراطورية الرومانية.. وكون جيشا من اصحاب القمصان السوداء ليحقق الحلم الضائع. افكاره الفاشية كانت تجد صداها في الاف الاشخاص العاديين الباحثين عن فرصة للصعود.

كان ابوها "اميليو ساندرو" يرى ان غزوات جسد ماريا هي وسيلته لاقتناص فرصة انتصار لا يأتي مرتين.. ماريا اجمل بنات العائلات الايطالية واليونانية في شبرا.

"كان معظم افراد تلك العائلات من الحرفيين. بعضهم كان يعمل بالفنادق او المطاعم كرؤساء خدم او او سعاة او طهاة. وبعضهم كان يعمل في ورش صيانة السيارات او دكاكين بيع الاجهزة الكهربائية وكان بينهم من يعمل في تفصيل بدل الرجال او ازياء النساء.. وكان بينهم بنات كثيرات يعملن بائعات في المحلات الكبرى او صالونات التجميل... وكان المصريون في تلك الايام لم يعرفوا بعد تلك الحرف. وكانت النساء في المدينة لم يخرجن للعمل بعد. الا في اضيق الحدود. وبينما كان اولاد الفلاح المصري يتجهون الى وظائف الحكومة كمدخل الى عالم السلطة والنفوذ كان لبعض افراد الجالية الايطالية وسائلهم الخاصة للوصول الى مصدر السلطة في مصر عن طريق العمل في القصور الملكية فكان بينهم سائقون وميكانيكيون وطهاة اتصلوا بالملك.. وبالاميرات واصبحت لهم كلمة ونفوذ في البلاد..".

اميليو كان يبحث عن فرصة عبر بيع فتنة ابنته. حاول الاقتراب من الملك المشهور بصولات وجولات في عالم الجميلات. وفى حفلة تنكرية استطاعت ماريا لفت انتباه الملك وقادها سكرتيره لشؤون العشق والغرام الى استراحة متواضعة.. صدمتها هي اولا فهي كانت اقل تواضعا من صور خيالها عن اماكن الملوك.

لكن مغامرة الملك العاجز. فتحت امامها ابواب نبلاء ايطاليا في مصر. وهم عينة اخرى غير معسكر الطموح الايطالي في شبرا وما حولها. صحيح ان كلاهما كان ينتظر قدوم الدوتشي منتصرا. لكنه يهرب من احضية الغاضبين في روما ويتحول يشه الى اسرى في صحراء مصر.

وفاتنة شبار لا تجد احلامها ولا احلام ابيها (مات مشلولا) الا في معزة طلبتها من سانت تريز وعى ان يعود الشخص الذي قابلها من سنوات بعينين قويتين وطلب منها الزواج على سنة الله ورسوله. وانتشرت شائعات انه مات. وصلت هي من اجل ان يرجع.

و لبت سانت تريز الدعوة لتهرب من اسر كوستا اليوناني. رئيسها في المحل الذي تبيع فيه العطور. والذي قال لها انه عندما نام معها انتقم لبلاده مما فعله جيش الدوتشي في بلاده. ظلت ماريا اسيرة كوستا حتى حررها المصري المسلم ( كريم صفوان الجد) الذي كانت تحتقره.

وقتها كانت مثل: "..المحارب الذي اثخنته الجراح وصهره لهيب المعارك.."
ولذلك تبدو المقارنة عجيبة بين الجدة ماريا وحفيدها.. فبينما كانت ماريا بركانا يفور بالمشاعر الانسانية المتناقضة، تتصارع في اعماقها الاهواء واسباب الضعف والغواية والشع والطمع في الدنيا حتى تجاوزت كل امتحان وعبرت كل ازمة فتحطم غرورها واسلمت نفسها لنور الحب والهداية.. نجد كريم قد اغلق نفسه تماما ومنع اي معركة داخلها..واعلن انه واثق تماما.. وهو صبي في الخامسة عشرة، من ايمانه الذي لا يتزعزع وهو لا يشك في صحة مواقفه ويرفض ان يناقشه اد فيقول له: انت اخطأت لانه يعلم ولانه يدرك ولان الكلمة التي يقولها هي حكم نهائي حاسم. وأمام هذه الثقة بالنفس بلا حدود اصبح كريم مهيأ لان يقتل او يحرق او يدمر كل ما يصادفه من عقبات. يحكم عليها بانها عقبات في مجتمعه. اما العقبات التي تكمن في اعماق النفس فهذا امر يجهله كريم تماما ولا يفهمه..".

ماريا في الرواية ليست كاثوليكية تزوجت مسلما. هذا هو ظاهر الحكاية. لكنها حكاية عن اشياء كثيرة. عن الخروج عن مؤسسات الدين على الارض وان نهتم باحتياج الناس الى بعضهم البعض.. وليس في القطيع الذي ينتمون اليه.

·         لماذا اكتفى الرقباء المتطوعين بظاهر الحكاية وحرضوا الوزير على منع عرض المسلسل؟!

الخوف والشلل الرعاش.. مرة اخرى.

واخيرا... حكاية البطل الأكثر بياضاً الذي تحبه الحكومة

قرار الوزير في اطار اعادة ترتيب الرسالة الاعلامية.

انه يريد من التليفزيون ان يرسم صورة البطل.

يعطى مثلا من الافلام الاميركية بطل او (ُْمو) كما يحب ان تنطقها.

وهو غضب حينما قلت له انه اسلوب جهاز البروباغندا في الدولة الشمولية التي تريد رسم كتالوج للحياة وللمواطن الصالح.

وقلت كيف يمكن ان توفق بين "البروباغندا الشمولية.." و"الليبرالية " التي تجعل الاعلانات تتحكم في حق البرامج والمسلسلات في العرض..؟!

هل من حق الوزير ان يمنع " بنت من شبرا.."؟!

هل تفسد ماريا البطل الذي يحلم به الوزير والذى يبدو اقرب الشبه الى الشخصيات التي كانوا يرسمونها لنا في كتاب المطالعة الرشيدة زمان ؟!

ربما. فالتليفزيون هو صوت الدولة. والدولة تفضل احداث توازن لا توفير حقوق. اي انها تحاول ترضية كل طرف لا ارساء قواعد وحقوق متساوية للجميع.

يمكن ان توافق على انتاج مسلسل عن زواج المسلم من مسيحية (وهي حالات متكررة تقول مصدر في المجمع المقدس انها بين 5000 الى 7000 حالة (.. ولن تسمح بالعكس طبعا لانها حالات ضد القانون). فالتليفزيون لا يمكن ان يخالف القانون بل يتصالح معه ويهرب من كل القضايا الشائكة.

تليفزيون دولة يريد ابطالاً على مزاج وهوى الدولة التي تتساهل في كل ما يتعلق بليبرالية اقتصادية لكنها تغلق ممرات الليبرالية السياسية والاجتماعية.

ولهذا سيرفضون ماريا.. التي تقول موجهة كلامها الى راوي قصتها: "..اكتب حكايتي من البداية بكل ما فيها. بلا خجل ولا مواربة سوف تجد اسرارا لم تتوقعها وازمات تقضي على اية بنت في مثل ظروفي.. ولم اتغلب على ذلك الا لاني اعرف طريقي. اذا كان هناك شيء عرفت قيمته من كاثوليكيتي فهو القدرة على الاعتراف.. وتقبل المغامرة كمسيحية ككاثوليكية اعترف على كرسي الاعتراف.. ولم تتغير مشاعري الكاثوليكية عندما تزوجت كريم لان الدين واحد والرب واحد ولا اريد الان الاعتراف في الكنيسة على كرسي الاعتراف بل الاعتراف الى البشر... كل البشر.. لنواجه انفسنا كمسيحيين او مسلمين.. فالدين ليس مخبأ نهرب فيه، ولا دعوة للكتمان وعدم المصارحة وليس فترينات للدعاية ولاشىء بعد ذلك..".

هي شخصية لا تبحث عن بطولة من النوع الابيض الملائكي منزوع الحياة. هي نصف عاهرة نصف قديسة. عاشت على خط دقيق بين العهر والرهبنة. بين الدير وصالات الرقص.

بحثت عن حياتها بعيدا عن التطرفين. مرة اخرى هي رحلة بحث. والبحث مقلق لمن يريد صناعة بطل اكثر بياضا.

لكن "بنت من شبرا" لم تكن رواية عن دين ابطالها. لكن رواية عن مصائر ابطال في مهب عواصف الحرب العالمية الثانية وابطالها المهووسين بالمجد والامبراطوريات الفاشية.

المستقبل اللبنانية في 11 نوفمبر 2004