كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

'على كف عفريت' لكوثر بن هنية:

اغتصاب تونس

العرب/ أمير العمري

مهرجان كان السينمائي الدولي

الدورة السبعون

   
 
 
 
 

في قسم نظرة ما الموازي للمسابقة الرسمية، عرض الفيلم التونسي على كف عفريت للمخرجة كوثر بن هنية ضمن 18 فيلما تتنافس على الجوائز التي تمنحها لجنة تحكيم خاصة برئاسة الممثلة الأميركية أوما ثيرمان.

كان (فرنسا) – “على كف عفريت هو الفيلم الطويل الثالث للمخرجة التونسية كوثر بن هنية بعد شلاط تونس” (2014) التسجيلي المطعم بخيط روائي وبعض الخيال المبتكر، يصور موضوعا ينطلق من الواقع ويبحث في ظاهرة الشلاط التي عرفتها تونس العاصمة، وهو الشاب الذي كان يمزق سراويل الفتيات الضيقة من الخلف بسكين، تلاه فيلم زينب لا تحب الثلج” (2016) الذي ترصد فيه المخرجة تطور حياة طفلتين انتقلتا مع والديهما للعيش في كندا، من خلال فيلم لا يسعى إلى أكثر من التوثيق والتسجيل دون أن يكون لديه موضوع محوري أو قصة محددة المعالم، لكنه كفل لمخرجته على أي حال الحصول على تمويل من جهات عديدة أوروبية، لإخراج أول أفلامها الروائية الطويلة.

تسعة فصول

فيلم على كف عفريت الذي عرض في قسم نظرة ما بمهرجان كان في دورته السبعين يعتمد من ناحية الموضوع على واقعة الاغتصاب التي تعرضت لها فتاة في تونس عام 2012 من جانب رجلي شرطة وكيف قضت الليلة بكاملها تحاول إثبات واقعة الاغتصاب، وظلت تنتقل ما بين أقسام الشرطة والمستشفيات، حيث تعرضت للمزيد من الإهانات والإهمال المتعمد واللامبالاة والتهديدات المختلفة.

وقد وثقت الفتاة، واسمها مريم بن محمد، ما وقع لها في كتاب بعنوان مذنبة بأنني أغتُصبت وضعته بالتعاون مع إيفا جمشيدي وصدر بالفرنسية عام 2013.

لا شك أن كوثر بن هنية تقدم في هذا الفيلم خطوة كبيرة إلى الأمام، فهي تقدم عملا قويا، يمسك بتلابيب الموضوع، ويترك تأثيرا كبيرا على المشاهدين، بسبب طريقتها في الإخراج التي تجعل الفيلم بأسره يبدو رحلة ليلية كابوسية خانقة، وتجسد ما تمر به الفتاة من تداعيات مع الشرطة والمؤسسة الطبية الرسمية والإعلام، ما يظهر من هذه التداعيات وما يختفي وتكتفي بن هنية بالإيحاء بوجوده أو بما يمكن أن ينتج عن انتقال حقيقة ما وقع إليه.

بن هنية تجعل من اغتصاب مريم فيلما يمتزج فيه السياسي بالاجتماعي بالنفسي، بحيث يصبح في النهاية كما لو كان يفضح المؤسسة الاجتماعية العتيقة بقيمها البليدة والمتخلفة التي تجعل من الضحية مذنبة، فيصبح الفيلم كموضوع، وكأنه معادل درامي لاغتصاب تونس نفسها من جانب ذلك النظام الدكتاتوري القمعي الذي كانت المؤسسة الأمنية تعيث فيه فسادا.

لكن الأمر لا يتوقف فقط عند حدود مؤسسة الشرطة بل يصور الفيلم بوضوح كيف أن النظرة السائدة المستقرة عن المرأة، وعن الجنس، كان من الطبيعي أن تنتج هذا التشوه وتلك التداعيات التي أضافت إلى مأساة مريم الكثير من المآسي الأخرى.

اختارت بن هنية شكلا تسعة فصول متعاقبة لرواية قصة مريم، يحمل كل فصل رقما بالترتيب، ويشمل كل فصل مشهدا مصورا في لقطة واحدة تدور فيها الكاميرا وتتوقف أمام الشخصيات، وتنتقل فيما بينها داخل الديكور الواحد (غالبية الفيلم في ديكورات طبيعية)، بحيث نصبح وكأننا نشاهد أمامنا إعادة تجسيد لما شهدته مريم في تلك الليلة في زمن أقرب ما يكون إلى الزمن الطبيعي للحدث ممّا بعد منتصف الليل حتى مطلع الصباح.

في الفصل الأول نشاهد مريم الطالبة الجامعية ترتدي فستانا يكشف عن جسدها الفائر المثير، في حفل أقامته الجامعة لطلابها، تتعرف مريم في الحفل على يوسف وهو شاب كان يقف وحيدا والواضح أنه لا ينتمي إلى طلاب الجامعة، ويدور حوار قصير بين الاثنين، لا نسمع تفاصيله بسبب طغيان الموسيقى، لكن نفهم أن مريم تشير ليوسف بأن يأخذها إلى الخارج؛ إلى شاطئ البحر القريب.

وفي الفصل الثاني مباشرة نرى مريم تجري وهي تبكي ويوسف يجري وراءها يحاول اللحاق بها ويطلب أن تتوقف، طريقة صياغة المشهد على هذا النحو تجعل المشاهدين يعتقدون أن يوسف ضايق مريم بشكل أو بآخر وأنها تهرب بعيدا عنه بينما يحاول هو اللحاق بها. ولكننا سرعان ما نكتشف أن مريم تعرضت لتوها للاغتصاب من جانب شرطيين، نشاهد سيارتهما تمر في الليل بجوار يوسف ومريم التي تكتشف أيضا أنها نسيت حقيبة يدها الصغيرة داخل السيارة وفيها هاتفها المحمول وأوراق هويتها.

وقعت بن هنية في اختيار خاطئ تماما من وجهة نظر كاتب هذا المقال، فقد اختارت عامدة ألا تصور الحدث الأهم في الفيلم كله وهو حادث الاغتصاب، ولكن المتفرج سيعتقد طيلة الوقت أنها تدخر المشهد الحقيقي الصادم إلى وقت لاحق، وهو توقع لا يصيب أبدا، فهي تكتفي بالتركيز على ما بعد الحادث، أي تردد مريم بمساعدة يوسف الذي يصر على ضرورة تسجيل الحادث بالذهاب إلى مستشفى خاص لإجراء فحص لإثبات وقوع الاغتصاب، لكن العاملين يرفضون التعامل مع حالة مريم، لأنها لا تحمل بطاقة هوية.

عندما يتوجه الاثنان إلى قسم الطوارئ في مستشفى حكومي يرفضون أيضا التعامل معها بدعوى أن الاغتصاب ليس من حالات الطوارئ، وتقول لها الطبيبة بوضوح إنها غير مختصة بل وغير مؤهلة لفحص حالات الاغتصاب الذي هو من مهام الطب الشرعي.

أما الطبيب الشرعي فينصحها بضرورة إثبات الحالة في قسم الشرطة أولا قبل أن تعود إليه، وعندما تتوجه إلى القسم التابع للمنطقة التي وقع فيها الاغتصاب تعامل باستهانة وتوبيخ وسخرية ويوهمونها بأنهم يدونون تقريرا في حين أنهم يحاولون بشتى الطرق التستر على زميلهم.

الفيلم يجسد ما تمر به الفتاة المغتصبة من تداعيات مع الشرطة والمؤسسة الطبية الرسمية والإعلام

وفي الوقت نفسه يحاول ضابط القسم استفزاز يوسف الذي نفهم أنه كان مشتركا في تظاهرات الاحتجاج، وعندما يذهب يوسف ومريم إلى المركز الرئيسي للشرطة يواجهان هناك بمجموعة من الضباط الذين يمارسون كل أنواع الضغوط النفسية والإهانات والتهديدات لدفع مريم إلى التنازل عن شكواها، وحتى الشرطية وهي سيدة حامل، تبدي في البداية نوعا من التعاطف مع مريم، لكنها سرعان ما تتراجع وتتهرب من تحمل أي مسؤولية تجاهها وتتركها فريسة للضباط الذين يعتبرون شكوى من هذا النوع إذا ما تم قبولها، إساءة للنظام السياسي في تونس.

تبريرات واهية

أمامنا مجموعة من الرجال الذين يتخذون من ملابس مريم المتحررة مادة للتعريض بها وكأنهم يبررون تعرضها للاغتصاب بسبب ملابسها، وتارة أخرى يتوقفون أمام علاقتها القصيرة بيوسف، وكيف أنها كانت وحدها معه على الشاطئ في الليل، ويصرون على أن من اعتديا عليها إن كانت صادقة في دعواها، ليس من الممكن أن يكونا من رجال الشرطة بل مجرمان ينتحلان صفة الشرطيين.

هذه الدراما الكابوسية تنتقل من مكان إلى آخر، والاعتماد الأساسي في الفيلم من الطبيعي أن يكون على الميزانسين، أي على تصميم اللقطات وعلاقة الكتل بالفراغ، الضوء الشاحب الذي يميل إلى الاصفرار، الظلال، الديكورات الضيقة الخانقة والكاميرا الثابتة في معظم المشاهد.

وفي مشهد ما عندما يظهر لنا الشرطيان اللذان ارتكبا الجريمة داخل قسم الشرطة، يحاولان تهديد مريم بوضع الشريط المسجل بكاميرا الهاتف المحمول على موقع فيسبوك وهو ما يمكن أن يتسبب في فضيحة لها أمام أهلها، تقاوم مريم ثم يدفعها أحدهم فتسقط مغشيا عليها وبجوارها يسقط الهاتف المحمول وعلى شاشته الصغيرة نتابع ما يفهم منه أنه مشهد الاغتصاب، ولكن دون تفاصيل ومن خلال لقطة قريبة لوجه مريم وهي تصرخ وتتألم.

وكان من الأفضل دون شك أن تعيد بن هنية تقطيع مشهد الاغتصاب وجعله يتداعى في ذاكرة مريم وهي تغالب الغياب عن الوعي، ولكن لأسباب غير مبررة فضلت المخرجة استبعاد المشهد الصادم الذي يظل في فيلم كهذا حجر الأساس في الموضوع، فجميع التداعيات التي نشاهدها هي نتيجة لفعل الاغتصاب.

يعاني الفيلم أيضا من بعض الإطالة خاصة في الفصول الثلاثة الأخيرة، ومن غلبة الحوار والوقوع في الكثير من الاستطرادات وتكرار المعنى نفسه بأكثر من طريقة عبر عبارات الحوار. ولكن رغم أي ملاحظات سلبية، يبقى الفيلم متمتعا بالكثير من الحيوية بسبب سيطرة بن هنية على الإيقاع في معظم المشاهد، مع التحكم في الأداء التمثيلي وهو متميز من جانب مجموعة الممثلين جميعا، والصورة المتميزة لمدير التصوير السويدي يوهان هولمكيست.

العرب اللندنية في

23.05.2017

 
 

«الشرق الأوسط» في مهرجان كان (6):

«كان» يتجه للاحتفاء بالسينما العربية

فيلم ميشال هنيكه الجديد يصيب ويخيب في الوقت نفسه

كان: محمد رُضا

شهد مهرجان كان الفرنسي العالمي هذا العام حضورا لافتا تخللته أنشطة فنية مختلفة. فعلى الصعيد السينمائي شهد حفل المهرجان غداء سنويا أقامه مهرجان دبي السينمائي الدولي، ودعا إليه لفيفا كبيرا من أصدقاء المهرجان ومن الإعلاميين والسينمائيين. هذا الحفل يدعم علاقة المهرجان الإماراتي بمهرجان «كان» المعروف يأتي مصاحباً للمركز الذي داوم المهرجان على إنشائه في «قرية المهرجانات»، وهي عبارة عن مجمّع ممتد على الساحل تشغله دول ومؤسسات سينمائية عالمية.

وجاءت المنصّة الثانية بعد بضع ساعات وكان مركزها مكتب شركة «ماد سوليوشنز» لرئيسها علاء كركوتي الذي يواصل حشد طاقاته المختلفة في سبيل دعم السينما العربية على مستوى المحافل الدولية.

حفلة هذا المركز كانت لقاءً ضم لفيفاً إعلامياً من بينهم النقاد العرب الذين شاركوا في الدورة الأولى باعتبار أنه تقليد جديد ستقوم به الشركة وهو تقديم جوائز للأفلام العربية التي تجد السبيل للعرض العالمي في المهرجانات والأسواق الدولية.

جوائز هذه الدورة توزعت على النحو التالي:

- جائزة أفضل فيلم: «آخر أيام المدينة» لتامر السعيد، الذي سبق لنا هنا أن قدّمناه بكثير من الإعجاب المستحق.

- جائزة أفضل مخرج ذهبت إلى المصري محمد دياب عن فيلمه «اشتباك» كما أن جائزة أفضل سيناريو ذهبت إليه وشقيقه خالد دياب.

- جائزة أفضل ممثلة نالتها هبة علي عن دورها في «أخضر يابس».

- جائزة أفضل ممثل ذهبت إلى التونسي ماجد مستورة عن «نحبك هادي».

وكل هذه الأفلام مرّت أمام أعين النقاد خلال تغطيتهم لمهرجانات برلين وكان خلال دورة العام الماضي ومن يعرف علاء كركوتي يعرف أنه لا يتوقف عن الإتيان بالمزيد من الأفكار التي تعود على السينما العربية من ناحية وعلى شركته كفاعل رئيسي في توجيه دفة العمل الإعلامي والتوزيعي صوب الأفلام العربية المستحقة.

المنصّة الثالثة وقعت ليلاً عندما أقامت «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» حفلتها السنوية أيضاً التي تخللها إعلان الجمعية عن منحة 100 ألف دولار لمؤسسة Film Aid International التي تعنى بشؤون توفير الأفلام السينمائية لضحايا التهجير حول العالم. في كلمته نبّه رئيس الجمعية لورنزو سوريا (Soria) إلى الأزمة الكبيرة الناتجة عن وجود أكثر من 30 مليون لاجئ حول العالم نتيجة عوامل الحروب أو الظروف الاقتصادية والسياسية المختلفة.

في الوقت ذاته، كانت هناك منصّة رابعة لم يستطع النقاد حضورها لأنها تزامنت مع فيلم ميشال هنيكه الجديد «نهاية سعيدة» وحفلة «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» التي دعا إليها مهرجان «الجونة» الذي ستنطلق دورته الأولى في سبتمبر (أيلول) تحت إدارة الزميل انتشال التميمي.

هذه الاحتفالات، التي هي أكثر من حفلات عامرة الموائد أو ساهرة، تؤكد أهمية «كان» كحاضن للمشاريع السينمائية التي توظف أهميته وحجمه الكبيرين، لإعلان عن ولاداتها أو اتجاهاتها الجديدة وهناك الكثير مما نسمعه عن هذه الاتجاهات والنشاطات من مكاتب مختلفة لكن المؤكد أن المهرجان المصري الجديد لا يأتي وحده في عداد ما يتم تحضيره من مهرجانات عربية.

من ناحيته، أثبت «مهرجان الشارقة لسينما الأطفال» حضوره مجدداً معلناً عن أن دورته المقبلة تأتي تجسيداً لمرحلة جديدة أوسع نشاطاً وأهم حضوراً مما سبق. من ناحية ثانية تم الإعلان عن ولادة مهرجان جديد آخر هو مهرجان «عمان السينمائي» في العاصمة الأردنية. السيد جورج ديفيد، مسؤول «الهيئة الملكية للأفلام» ذكر أن الوقت حان لانضمام الأردن لمهرجانات السينما الجادة في سبيل نشر ودعم السينمات المحلية والعربية.

يمكن القول إن أحداً لم يكن بانتظار فيلم ميشال هنيكه الجديد «نهاية سعيدة» هو كالاعتقاد بأن مهرجان «كان» يقع في المكسيك. أحد أكثر أفلام المسابقة إثارة للاهتمام والتوقعات، وأحد أكثرها حضوراً هو عمل هنيكه الذي يضع نصب عينيه خروج المخرج بسعفة ثالثة بعد سعفتين سابقتين. الأولى عن «الشريط الأبيض» (2009) والثاني عن «حب» (2012) وذلك ضمن جوائز أخرى نالها من هذا المهرجان من بينها جائزة أفضل مخرج عن فيلم «مخبوء» (2005) وجائزة لجنة التحكيم الكبرى عن «أستاذة البيانو».

لم يقض على اللهفة لمشاهدة الفيلم الجديد سوى ذلك التنظيم السيئ الذي تتسبب به إدارة المهرجان دورة بعد أخرى، حيث يتأخر عرض الفيلم لنحو نصف ساعة بعدما ترك المهرجان ألف مشاهد مزروعين على الرصيف المقابل بانتظار فتح الأبواب. الحجة يوم أول من أمس أن تم اكتشاف قنبلة. هذا مقبول. الحجة ليل أمس (وقبله في مرات متعددة) أن الفيلم السابق بدأ بدوره متأخراً، كما لو أن هذا العذر مقبول من مهرجان يصرف نحو 20 مليون يورو على كل شاردة وواردة لكنه لا يجد سبيلاً لتنظيم مواعيده على نحو يتقيد فيها هو بالبرنامج المعد.

عندما بدأ الفيلم أرخى ميشال هدوءاً حذراً. بادر المشاهدين بلقطات مصوّرة بالهاتف (عاد إليها لاحقاً) ثم بدأ بسرد منواله من تقديم الحدث وإطاره على نحو يلفه الغموض. المخرج النمسوي (75 سنة) يعرض هنا حال عائلة فرنسية برجوازية (حسب الكلمة المستخدمة في منشورات الفيلم ذاته) تعيش في بلدة ساحلية (كاليه) ولا تتعايش مع مشكلاتها التي تشبه الصرخات المكبوتة.

صاحبة هذه الصور - كما سنعرف لاحقاً - هي فتاة اسمها إيف عمرها 13 سنة توحي فيها بتوجهها نحو نوافذ التواصل الاجتماعي لكي تخترق وحدتها القاسية داخل أسرتها خصوصاً من بعد أن تم إيداع أمها في المستشفى إثر جرعة دواء زائدة عن الحاجة يشتبه أن زوجها (والد الفتاة) مسؤول عنها. دور الأب (يقوم به ماتيو كازوفيتز) يعيش الرابطة العائلية التي تشده إلى طاقم أسروي يجتمع عند أوقات الغداء ويختلف عليها وبعدها. هناك الجدد جورج (جان - لوي ترتنيا) وابنته (إيزابيل أوبير) وابنها الشاب بيير (فرانز روغوفسكي)، وهذا الأخير يؤمن بأن العالم ينضوي تحت هيمنة المؤسسات الكبيرة ما سيخلق فجوة أكثر اتساعاً بين من يملك وبين من لا يملك.

عندما ينتقل هنيكه بين شخصياته هذه يتقصد الإمساك بخيوطها حتى لا تبوح بأكثر ما يريدها أن تبوح. لديه أكثر من مشهد (بعضها قرب النهاية) تكمن فيه الكاميرا بعيداً عن الشخصيات وأفعالها. لا نسمع ما تقوله ولا نستطيع أن نتبين تحديداً أي حركة صادرة منها. بذلك عين الكاميرا هي عين المراقب التي دائماً ما هي هنيكية (نسبة إلى المخرج هنيكه). هذا ورد في أفلامه كلها كما وردت تلك اللقطات المأخوذة من كاميرا مراقبة أو كومبيوترات. الغاية هي التذكير بأن هناك دائماً من يراقب ما يدور. الأمر كان مثالياً في فيلمه «مخبوء» (Hidden)، إذ تم استخدامه لتقديم عائلة من ثلاثة أفراد تجد أنها مراقبة بإصرار من قِبل مجهولين.

لكن هنا، تبرد التفاعل مع الوارد على نحو أسرع. يبدو الفيلم طرقاً للأبواب المطروقة سابقاً من دون جديد فعلي يضيفه. الشخصيات مثيرة للاهتمام فيما تؤمه من بحث عن الذات والمعنى وبما تكتشفه من قيمة غائبة للعلاقات، لكنها ممهورة بأخطائها بما في ذلك أخطاء البحث الذي لا يؤدي بالضرورة إلى الخلاص.

في أحد المشاهد نجد جورج يخرج من البيت إلى كاراج السيارات. إنه شخص مقعد لكنه يستطيع قيادة إحدى هذه السيارات ويخرج بها تاركاً البيت الذي يراه (كما هنيكه) عنواناً لنهاية الحضارة الغربية (الأوروبية تحديداً). غيابه المفاجئ يثير اهتمام ابنته لكنه لن يدفعها للبحث جدياً عنه إلا لاحقاً كتدليل آخر على أن البيت الماثل أمامنا متداع من الداخل.

يعود المخرج إلى جورج وهو يقود نفسه على الكرسي المتحرك في أحد شوارع المدينة. يوقف (في مشهد آخر ملتقط من بعيد لا نسمع فيه ما يدور) مهاجرين أفارقة ويتحدث إليهم. هذا المشهد وسواه يزيد من غموض ومن الصلات المفككة بين المشاهد. هذه المرّة، ونسبة لما سبق لنا وأن شاهدناه من أعمال هنيكه، الفيلم الجديد هو قديم الطرح والأسلوب بالنسبة لمن شاهد أعمال هنيكه السابقة، لكنه مثير لمن لا يعرف تلك الأعمال أو لا يعرف الكثير منها.

ليس هناك أخيار في هذا الفيلم باستثناء من لا ينتمي إلى عائلة لوران مثل الخادمين رشيد (حسان غنزي) وجميلة (لبنة عبيدار). وينتهي الفيلم بأن الجميع، وأن ببعض التفاوت، مسهم في انهيار مثاليات الحياة الأوروبية. حتى الرسالة تأتي متكررة مع الاعتراف بأنها ما زالت مثيرة للاهتمام. نهاية «نهاية سعيدة» هي أبعد ما يمكن عن السعادة لكن عبر ما تبثه من إيحاءات عزلة وتناقض وضياع وعدم الوثوق بالمستقبل فإنها تتحوّل إلى تعليق ساخر في فيلم متجهم في معظم ما يعرضه.

الشرق الأوسط في

23.05.2017

 
 

نشاط سينمائي عربي علي هامش كان

رسالة كان أسامة عبد الفتاح

تشهد مدينة كان الفرنسية نشاطا سينمائيا عربيا ملحوظا علي هامش الدورة السبعين لمهرجانها السينمائي الدولي‏,‏ والتي تختتم الأحد المقبل‏,‏ حيث تم أمس‏-‏ في جناح الأردن بالقرية الدولية التي يقيمها المهرجان علي شاطئ الريفييرا‏-‏ إطلاق مهرجان عمان السينمائي الدولي تحت عنوان أول فيلم‏,‏ لتعقد أولي دوراته العام المقبل بمفهوم مغاير في السوق السينمائية بالعالم العربي‏.‏ وتنظم المهرجان الهيئة الملكية الأردنية للأفلام بالتعاون مع مركز السينما العربية.

يخصص المهرجان الوليد مسابقاته الرئيسية للعمل السينمائي العربي الأول ليس فقط في مجال الإخراج, وإنما في ست مهن سينمائية أخري هي: الكتابة, التصوير, المونتاج, الموسيقي, الديكور, والتمثيل. وتشمل المسابقات الأفلام الروائية والوثائقية الطويلة والقصيرة. كما يعرض المهرجان, خارج المسابقة, أفلاما من مختلف أنحاء العالم علي أساس العمل الأول أيضا. وهناك قسم للسينمائيين البارزين يعرض من خلاله فيلمهم الأول إضافة إلي فيلمهم الأخير وبحضورهم.

وقدمت الأميرة ريم علي, رئيس المهرجان, الحدث قائلة: نطلق اليوم هذا المهرجان الفريد من نوعه من حيث تشجيعه وتركيزه علي المواهب. هذا المهرجان يتفق مع ما نتطلع لتقديمه: وهو تطوير وترويج سينما عربية تعكس الإبداع في المنطقة وتتناول قضاياها الراهنة. وأضافت: أملنا كبير في أن يصبح هذا المهرجان منصة رئيسية وبيتا للمواهب الجديدة في العالم العربي.

وأعلنت أنه سيتم تطوير ملتقي وظائف السينما والتليفزيون, وهو حدث سنوي يهدف إلي التعاون بين مختلف العاملين في المجال السينمائي والتلفزيوني في عمان, ليكمل المهرجان وأهدافه, مما يفسح المجال للاحتفاء بأصحاب الحرف السينمائية والتليفزيونية. وأكدت أنها تهدف إلي تشجيع كل الذين يعملون في كواليس صناعة السينما مع الأمل أن يحظوا علي اعتراف أكبر بدورهم في المنطقة.

ومن المقرر أن يقام مهرجان عمان السينمائي الدولي أول فيلم من20 إلي25 يونيو.2018
من ناحية أخري, أقامت الإمارات العربية المتحدة, في جناحها بالقرية الدولية أمس, لقاء تحت عنوان قابل صناع السينما العرب يستهدف تنظيم لقاءات بين ضيوف المهرجان الأجانب والسينمائيين العرب المتواجدين في كان لزيادة التعاون المشترك. كما أقام مهرجان دبي السينمائي الدولي عرضا في سوق الفيلم بقصر المهرجانات لمقتطفات من الأفلام التي يشارك في تمويلها- علي هامش دورته المقبلة المقرر إقامتها من6 إلي13 ديسمبر المقبل- بهدف تسويقها
.

وتقيم تونس في جناحها اليوم مؤتمرا صحفيا لإطلاق الدورة28 من أيام قرطاج السينمائية, والمقرر إقامتها من4 إلي11 نوفمبر المقبل تحت إدارة جديدة لنجيب عياد بعد استقالة مديرها السابق إبراهيم لطيف. وقال عياد- في بيان- إنه سيقدم خلال المؤتمر عرضا لأقسام وبرامج الدورة الجديدة مع التأكيد علي هوية المهرجان العربية والأفريقية.

الأهرام المسائي في

23.05.2017

 
 

رسالة كان | هانيكه ولانثيموس وموساوي: موعد مع العدمية!

 عثمان تزغارت

كانمع بداية عروض الأسبوع الثاني من «مهرجان كان»، كانت الكروازيت، أمس، على موعد مع العدمية في أشكالها الأكثر عنفاً وقتامة. تُرجم ذلك من خلال ثلاثة أفلام، في مقدمتها «نهاية سعيدة» للمعلم النمساوي مايكل هانيكه، الذي لم يحمل من السعادة سوى عنوانه المخاتل، و«اغتيال الأيل المقدس»، لعرّاب السينما الغرائبية، اليوناني يورغوس لانثيموس، الذي نجح في أن يعود بفيلم أكثر قتامة من رائعته «جراد البحر»، التي صدمت وأبهرت الكروازيت، في آن معاً، قبل عامين.

فيلما هانيكه ولانثيموس ينافسان، بالطبع، على السعفة الذهبية. أما الجزائري كريم موساوي، فقد سلّط في فيلمه «في انتظار السنونوات» (عُرض ضمن تظاهرة «نظرة ما» وينافس أيضاً على «الكاميرا الذهبية»، بوصفه العمل الأول لمخرجه)، نظرة مغرقة في اليأس وصفاء الرؤيا ــ في آن معاً ــ على بلاده المشلولة التي تراوح مكانها، متخبطة بين كوابيس ماضيها الدموي وآفاق المستقبل المسدودة، في انتظار بوادر ربيع طال تأجيله.

بالرغم من عنوانه المخادع، قطع هانيكه في «نهاية سعيدة» شوطاً إضافياً على درب العنف العدمي، مستعيداً تيمة الشيخوخة، التي صوّر فجائعها وخيباتها، ودفعت بشخوصه الى اليأس والانتحار في رائعته «حب» (السعفة الذهبية – 2012).

بطل «حب» النجم جان لوي ترانتينيان، يعود هنا ليلعب دور جد سبيعيني يحاول الانتحار مراراً، بعدما أقدم على خنق زوجته العجوز، لتحريرها من معاناة صراع دام ثلاث سنوات ضد مرض مستعص على العلاج. لكن هانيكه لم يكتف بعدمية اليأس من الحياة الناجمة عن آلام الشيخوخة، بل جعلها تتقاطع وتتفاعل مع جيل جديد من العدميين الشباب، الذين ربتّهم شبكات التواصل الاجتماعي. برز ذلك في الفيلم من خلال «إيف» (حواء)، حفيدة جان لوي ترانتينيان (جورج لوران)، التي تتسلى بتسميم فأرة أهديت لها في عيد ميلادها، لكسب اللايكات على فايسبوك. وإذا بها تكرر فعلتها مع والدتها، إثر خلاف عابر بينهما! حين يعلم جدها بالأمر، يجد فيها ضالته لإيجاد وسيلة فعالة للانتحار. تساعده، بالفعل، في وضع كرسيه المتحرك على حافة البحر. لكن ابنه (ماثيو كاسوفيتش) وابنته (إيزابيل أوبير) يلحقان به، في آخر لحظة، قبل أن يغرق. وهناك تكمن «النهاية السعيدة» المزعومة للفيلم!

في «اغتيال الأيل المقدس»، يواصل لانثيموس مرافعته العدمية المعتادة ضد العائلة ومؤسسة الزواج، التي احتلت مكانة مركزية في أعماله كافة، من «أنياب» (الجائزة الكبرى – «نظرة ما» – 2006) الى «جراد البحر» (جائزة أفضل سيناريو – 2015). العائلة التي اختار هنا أن يصبّ جنونه وخياله الجامح عليها، تعيش حياة برجوازية هانئة ورتيبة، فالأب جراح شهير وزوجته طبيبة عيون. ابناهما متألقان ونابغان دراسياً. فجأة، يتعلق الجراح بـ «مارتان»، وهو مراهق مات والده إثر جراحة قلبية أجراها له. لكن الفتى، الذي يبدو في البداية خجولاً ومنغلقاً، لن يلبث أن يكشف عن روح شيطانية. وإذا به يقوم بتسميم زوجة الجراح وابنيه، بوسيلة غامضة تستعصي على العلاج، ويخبره أنهم سيصابون تباعاً بالشلل، ثم بالامتناع عن الأكل، ثم تبدأ عيونهم بالبكاء دماً. ينتهي بهم الأمر الى الموت، ما لم يختر الأب الجراح واحداً للتضحية به كأيل مقدس، تكفيراً عن تسببه في مقتل والد الفتى الشيطاني!

من جهته، سعى كريم موساوي ليرسم بورتريهاً جماعياً لبلاده، التي تعاني انسداد الأفق على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية: رجل اعمال نزيه، يكاد يفقد رشده بسبب البيروقراطية والفساد. عاشق شاب يحمل اسم «جمال»، لكنه ينضح قبحاً وخنوعاً، ويقبل بأن يرافق بسيارته عائلة الجيران التي تزف ابنتها (حبيبته) لزوج مجهول في مدينة نائية. طبيب محبوب ومحترم تطارده أشباح الماضي، أيام كان رهينة (رفيق درب) الجماعات «الجهادية» في الجبال، ليجد نفسه ملاحقاً من قبل أم تعرضت لاغتصاب جماعي من قبل الإرهابيين (ناديا قاسي في أحد أجمل أدوارها منذ رائعة مرزاق علواش «باب الواد سيتي» – 1993)، وتطالبه بأن يمنح اسمه لابنها الذي وُلد من جريمة الاغتصاب.

في لحظة ما، تحاول كل واحدة من هذه الشخصيات أن تتمرد وتتحدى الأمر الواقع، لكنها لا تلبث أن تختار الخنوع والعدمية، مفضلة السلامة على مجازفة الانتفاض من أجل التغيير، مما يجعل سنونوات الربيع التي يبشر بها عنوان الفيلم مجرد سراب مخادع!

الأخبار اللبنانية في

23.05.2017

 
 

في "كان"...السينما تأتي أولا

​عُلا الشيخ-كان

كل حدث لا يرتبط في السينما بشكل مباشر لا يكترث له، حتى لو كان اشتباه بوجود قنبلة، وهذا ما حدث فعلا في اليوم الرابع من فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي الذي يختتم في الـ 28 من الشهر الجاري.

السينما التي ترتبط في هذا المهرجان تحديدا بتصديرها قيمة وصناعة يجب أن تظل راسخة بمعايير عالمية، هي التي تجعل طوابير الانتظار للدخول الى قاعات العرض جزء من الحالة السينمائية التي يعشها الشغوفون من صناع، ونقاد، وصحافيين، وحتى متسولي البطاقات الذين يقفون على جانب الطرقات المؤدية إلى المركز الرئيسي للمهرجان يستجدون بطاقة دخول أو يعرضون نقودا مقابل بطاقة. هي مشاهد متراكمة في هذا الحدث السينمائي الأقدم عالميا.

مشاهد منوعة

لا بد من المرور خاصة بعد مرور النصف الأول من أيام المهرجان على بعض المشاهد التي كانت جزء من حديث عابر إلى جانب الأحاديث الأكثر جدية التي تتعلق بمستوى الأفلام المعروضة التي إلى هذا اليوم لم تقدم الدهشة كما هو متوقع من احتفاء بدورة سبعينية، فما صرح به رئيس لجنة التحكيم المخرج الإسباني بيدور ألمودوفار عن رأيه بـ "نيتفلكس" خاصة أنها تشارك هذا العام في المسابقة الرسمية بفيلمين كجهة منتجة، أنه لا يتوقع أي سعفة لهما، وهذا التصريح كان من الممكن أن يكون طبيعيا إذا ما كان المودوفار ليس رئيسا للجنة، فقد حسم استبعاد أفلام "نتيفليكس" من الفوز، و المفارقة أنه وبعد هذا التصريح تم عرض أول أفلام "نتيفليكس" الذي يحمل عنوان (أوكجا) والذي قوبل بصرخات واستهجان و تنديد من قبل من يعارض دخول مثل هذه النوعية من الأفلام إلى المسابقة مما أخر عرض الفيلم حوالي 20 دقيقة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى و لأول مرة في تاريخ مهرجان كان السينمائي حسب متابعين  يتم عرض الفيلم بخطأ تقني، وهذا ما زاد الغضب على إدارة المهرجان بشكل أكبر.

الثقة بالأسماء

يبدو أن مسؤولي برمجة الأفلام واختيارها تعطي ثقتها لأسماء بعينها، قدمت أفلاما مهمة سابقا، لكن دون التدقيق بمستوى أفلامهم الجديدة ، وهذا ما حدث على سبيل المثال لا الحصر مع مخرج فيلم "كارول" تود هاينز الذي قدم هذا العام فيلم "وندرستراك"، الذي ينافس على السعفة الذهبية، ليصيب المعجبين بأعماله بحالة من الإحباط حيث "خيب التوقعات" بحسب آرائهم، إضافة إلى مخرج فيلم "آمور" مايكل هانيكه  ذو العلاقة التاريخية الناجحة مع السعفة الذهبية مع فيلمه الأكثر شهرة "أمور"، و"الشريط الأبيض" من قبله، والذي دخل قلوب كثرين من محبي السينما وحصل على الأوسكار قبل عامين، مقدما فيلمه الجديد والذي لم يرتق لمستوى أفلامه السابقة "نهاية سعيدة". 

يوم عربي 

اليوم الخامس من المهرجان كان عربيا بامتياز، بداية مع الإمارات التي حصلت على حق ترشيح فيلم طويل سنويًا للمشاركة في سباق الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، وتم تشكيل لجنة لترشيح الأفلام في الإمارات وهي مكوّنة من صناع الأفلام والمتخصصين وستقوم اللجنة باختيار فيلم إماراتي لتقديمه رسميًا لأكاديمية العلوم والفنون للمشاركة في سباق الأوسكار 2018.

كان هذا ضمن اللقاءات التي تعتمدها خيمة الإمارات في القرية العالمية في مهرجان كان السينمائي الدولي، ناهيك عن حفلات الاستقبال التي تخصصها الخيمة الإماراتية واللقاءات مع كبرى شركات الإنتاج والتوزيع في العالم، ومن الأحداث المهمة عربيا أيضا إعلان جوائز النقاد للسينما العربية برعاية مركز السينما العربية، والتي شارك بها 24 ناقدا من حول العالم بعد رحيل الناقدين سمير فريد وبشار إبراهيم، وكانت النتائج على الشكل التالي:

أفضل فيلم: آخر أيام المدينة

أفضل مخرج: محمد دياب (اشتباك)

أفضل سيناريو: اشتباك

أفضل ممثلة: هبة علي (أخضر يابس)

أفضل ممثل: مجد مستورة (نحبك هادي)

في المقابل تم الإعلان رسميا عن مهرجان جونة السينمائي الدولي الذي سيقام في سبتمبر القادم في جونا في مصر، كما تم الإعلان رسميا عن إقامة مهرجان عمان السينمائي الدولي.

ومن الجدير بالذكر، أن هناك 3 أفلام عربية مشاركة في التنافس في مهرجان كان السينمائي، وهم، الفيلم القصير "رجل يغرق" للمخرج الفلسطيني مهدي فليفل المنافس في المسابقة الرسمية، والفيلم التونسي "على كف عفريت" لكوثر بن هنية، والفيلم الجزائري "في انتظار السنونوات" للمخرج كريم ماساوي عن فئة نظرة ما.

الإمارات اليوم في

23.05.2017

 
 

«على كف عفريت» لكوثر بن هنية.. سينما ما بعد الثورة

عبدالستار ناجي

باحترافية شبابية عالية المستوى وموضوع جريء متماسك وفريق عمل اكثر من متميز تذهب المخرجة التونسية كوثر بن هنية الى منطقة جديدة من مسيرة السينما التونسية صاحبة التاريخ الحافل بالانجازات والاسماء والبصمات

سينما لا تجامل ولا تهادن قاسية وشفافة وتفتح ابواب المواجهة على مصراعيها امام جملة من القضايا والقطاعات وفي مقدمتها الشرطة والامن والاعلام

المخرجة كوثر بن هنية تقدم عملها الروائي الأول بعد عدة تجارب وثائقية ومنها زينب تكره الثلج 2016 وشلاط تونس 2014.

وهنا تقدم عملها الروائي استنادا الى قصة حقيقية حيث حكاية الفتاة الجامعية  مريم مريم فرجاني التي تشارك في حفل تنظمه الجامعة في أحد الفنادق وخلال تجوالها على الشاطي مع احد الشباب يوسف غانم زرلي يتعرض لها رجال الامن الشرطة ويتحول الامر الى اغتصاب وتداعيات ذلك الاغتصاب عليها وعلى صديقها يوسف وايضا الشرطة التي تحقق في الامر والتي تريد حماية زملاء المهنة وايضا تعرية الاعلام والهيئة الطبية وغيرها من الجهات التي يتم تعريتها تارة عبر تورطها المباشر وتارات عبر التقصير في هذا الجانب او ذلك خصوصا حين يتم معرفة بان المعتدي هم من رجال الشرطة

سينما تونسية تذهب الى منطقة ما بعد الثورة حيث ان السقف أعلى من الحريات فنحن منذ البداية امام حكاية فتاة من جيل الشباب تتعرض الى الاغتصاب وتواجه كما من الاشكاليات أقلها التهديد مجددا بالاعتداء تارة والسجن والتشوية في سمعتها وغيرها من التحديات التي تشخص أمامها رافضه ذلك التعسف وتلك الممارسات الخاطئة التي يقوم بها عدد من افراد الشرطة والمكلفين اصلا بحماية الانسان والوطن والامن

تمضي مريم في رحلتها من أجل الحصول اولا على تقرير من الطبيب الشرعي والذي يحولها بعد كم من التعطيل والتهميش الى مركز الشرطة وهناك يتم الكشف على الوجه الحقيقى لتلك النوعية من العناصر الفاسدة ولكنها تمضي في تحديها لانها تعرف جيدا انها امام مرحلة جديدة من تاريخ بلادها مقرونة بالنور والفجر والارادة . احداثيات ليلة كاملة تبدأ من الفترة المسائية وتنتهي مع الفجر حبلى بالمواقف التي اولها الاغتصاب ونهايتها فجر جديد لكشف تلك الفئة المارقة من رجال الشرطة التي استغلت موقعها ومهنتها وسلطتها وسطوتها.

خلال تواجدها في المستشفى الخاص يتم رفض دخولها لانها لا تحمل أوراقا رسمية وعندما تنتقل الى المستشفى الرسمي تواجه كما من المواقف وتلتقي مع صحفية تقوم باجراء تحقيق تلفزيوني تلح عليها ان تتصل بل وتعطيها رقم هاتفها وهي حينما تتصل بها مريم وهي تهرب من رجال الشرطة الى دورة المياه وترجوها بان لا تتركها لانها محاصرة في دورة المياه يكون رد الصحفية باغلاق الهاتف الجوال في وجهها

سينما شديدة الخصوصية تمتاز بلغتها وتفردها وبصمتها حيث الاحترافية في استخدام  الاستدي كام او الكاميرا المحمولة على الصدر والتي جعلت العمل يحافظ على ايقاعه وانسيابيته .

على كف عفريت فيلم شديد الثراء في لغته السينمائية وايضا خطابه الاجتماعي والسياسي حيث تنطلق الى الحالة التونسية من خلال موضوع الاغتصاب والذي يخلق زلزالا في سلك الشرطة المكلفة بالامن والتي تتهم وبشكل صريح بالاعتداء والاغتصاب وحجة رجال الشرطة في لملمة الامر بان تونس على كف عفريت ولا تتحمل مزيدا من المشاكل والمواجهات .

ولكن مريم لا تستسلم ولا تهدأ حتى وهي قد خسرت أعز ما تملك ولكنها لا تزال تؤمن بان تونس امام فجر جديد ونلاحظ مجموعة من الشخصيات التي تقدم الاسناد ومن بينهم الطبيب الشرعي اولا واحدى العاملات في المستشفى وايضا شخصية الشرطي الشاذلي التي جسدها بأداء سلس ومتنامى نعمان حمده .

ثمة ملاحظات هامشية هو تنميط عدد من الشخصيات بالذات بعض افراد الشرطة عبر المكياج تارة وعبر الدلالات الجسدية تارة أخرى ولكن يظل العمل ثريا بالتفاصيل التي تتجاوز تلك الهوامش خصوصا ونحن امام حالة تواصل رحلتها الى نهاية المطاف لانها تؤمن بانها اليوم وقبل أي وقت مضى أمام دولة جديدة ستعمل على تعرية الاخطاء ومعاقبة المتسبب بذلك الخلل والاستغلال للسلطة .

أداء شديد الحساسية تقدمه الفنانة الشابة مريم فرجاني التي تحافظ على حالة الشخصية وتطورها من لحظة البراءة والعفوية الى الكارثة وتداعياتها النفسية والجسدية المجلجلة وعفوية الأداء والتقمص المقرون بالجرأة العالية لاننا أمام شخصية وفيلم يصرخ يرفض يتفجر بالاتهام يرتكز على مرحلة جديدة وايضا سقف عام من الحريات لولاها لم يجز هذا العمل او غيره من النتاجات السينمائية والمسرحية التي تعيشها تونس حاليا .

كوثر بن هنية اضافة الى رصيد السينما التونسية لانها تنتمي لهذه الحرفة فكرا وحرفية وقبل كل هذا وذاك من جيل يشكل رهانا مستقبليا للسينما التونسية والعربية عى حد سواء. ويبقى ان نقول .. على كف عفريت لا ينتهي عندما تضيء الصالة اضواءها بل يبدأ بطرح كم من التساؤلات وهنا أهمية هذه التجربة وقيمتها الاضافية .

من توقيع الكوري الجنوبي بونج جون هو

«أوكوجا» التلفزيون في خدمة السينما

عبدالستار ناجي

تمثل العلاقة بين السينما والتلفزيون حالة من الشد والجذب ففي الوقت الذي يرى به الكثير من نقاد السينما بان التلفزيون جاء منافسا لحرفتهم وعشقهم يرى آخرون بان التلفزيون جاء مكملا للسينما وداعما

هذا الاختلاف في وجهات النظر انعكس على ردود أفعال الكثير من نقاد السينما العالمية حينما أعلن المدير الفني لمهرجان كان السينمائي الدولي تيري فريمو عن اختيار فيلمين ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان في دورته السبعين من بينها الفيلم الكوري الجنوبي او كوجا للمخرج بونج جون هو يومها قامت الدنيا ولم تقعد وتواصلت ردود الأفعال وصولا الى يوم عرض الفيلم في القاعة الكبرى في قصر المهرجان اولا من خلال تعالي الصيحات ضد الفيلم وثانيا حينما حدث خلل تقني في عرض الفيلم اضطرت ادارة المهرجان لايقاف العرض واعادته حسب الكادر المحدد للعرض وقد ألمحت عدة صحف فرنسية الى وجود عبث من خلال بعض العارضين ولكن الفيلم عرض .

وبعد هذه المقدمة نذهب الى حيثيات هذا العمل الذي سيذهب الى الاسواق العالمية بعد عرضه من خلال نفليكس الذي يمثل اليوم أهم القطاعات التلفزيونية المنتجة والتي تغذي التلفزيونات العالمية

فيلم اوكوجا يأخذنا الى فيلم مشبع بالخيال ويعنى بالطفل ولكنه في الحين ذاته يذهب الى موضوعات سياسية واقتصادية كبرى عبر حكاية تبدو للوهلة الاولى بسيطة ولكننا سرعان من نتورط في ابعاد تلك الحكاية ومضامينها

يبدأ الفيلم مع مؤتمر صحافي لاحدى السيدات المستثمرات تيلدا سونتون تعلن خلاله عن مشروعها الجديد باكتشاف جديد يعمل على توليد خنازير ضخمة يمكنها تأمين أكبر كمية من اللحم لسكان العالم بحيث يتجاوز وزن الخنزير الجديد عشرات أضعاف الأوزان الحالية مع الاشارة الى ان هذا الحدث الضخم سيتم اطلاقه بعد عشرة اعوام حيث تم توزيع خمس وعشرين من تلك المخلوقات المهجنة والمطورة في معامل الشركة الكبرى وتم توزيعها الى 25 مدينة حول العالم

وتكون حصة أحد المزارعين الكوريين خنزير يطلق علية اوكوجا تنشأ بين ذلك الخنزير وحفيدة ذلك العجوز الكوري علاقة حيث تقوم ميجا برعايته ومرافقته ومنحه الفرصة لان يتغذى ويكبر حتى يصبح أكبر تلك المخلوقات الجديدة

علاقة بها كثير من الحميمية والألفة والرفقة الى أروع الاماكن في أعالي الجبال الكورية الجنوبية حتى يصل أعضاء لجنة التحكيم برئاسة أحد أشهر مقدمي البرامج الخاصة بالحيوانات ويجسده جاك جالينهال والذي يعلن اعجابه بـ او كوجا ويقرر أخذها معه الى نيويورك للمشاركة بجائزة افضل خنزير جديد عندها يخبر الجد حفيدته بان اوكوجا ذاهبة الى مصيرها حيث القتل وتحويلها الى قطع من اللحمة ويقدم لها هدية عبارة عن مجسم لخنزير من الذهب كان قد فاز به من ذي قبل لمشاركته في مسابقة سابقة. عندها تقرر الطفلة مرافقة اوكوجا وفور وصولها الى نيويورك تصادف وجود مجموعة من المناهضين لقتل الحيوانات تعمل على مساعدتها من أجل استعادة اوكوجا وسط كم من المغامرات التي يتم من خلالها تعرية الشركات الكبرى التي تستثمر في أبحاث هدفها توليد وتخليق حيوانات ضخمة وهذا من نكتشفه من خلال المزارع الكبرى التي تمتلكها الشركة والتي تم خلالها استثمار الملايين من الدولارات وهنا تتفجر الصراعات بين الشركة والمجموعة المناهضة لقتل الحيوانات والأبحاث التي تجرى عليها . وايضا يتفجر صراع آخر بين المرأة الثرية وشقيقتها التوأم حيث تجسد تيلدا سوينتون ذات الشخصية ولكن بمواصفات اكثر تعسفا وعجرفة

وبعد رحلة عامرة بالمغامرات والخيال المقرون بالدهشة تمضي الرحلة حتى اللحظة التي يتم خلالها الامر بذبح او كوجا عندها تقدم الطفلة المجسم الذهبي الى صاحبة المصنع من أجل ان تحافظ علىصديقتها اوكوجا وتعود بها الى كوريا وتواصل حياتهما المشتركة من أحد المواليد الجدد من مزرعة الشركة حيث تساق تلك المخلوقات الى الذبح وتصدير لحومها الى أنحاء العالم . فيلم مشبع بالخيال وايضا الاسقاطات والاتهامات حول شركات الأبحاث الحيوانية وشركات الاستثمار في هذا الجانب عبر عمل سينمائي عالي الجودة يؤكد بان التلفزيون هنا في خدمة السينما وجمهورها وهذا ما يؤكد عليه الفيلم وايضا اختيارات تيري فريمو من نتاجات استديوهات نفليكس وهي اختيارات قوبلت بالرفض . سينما مشبعة بالمتعة والخيال الخصب بالذات بالنسبة للأطفال الذين سيجدون في العمل وشخوصه الكثير من المتعة .

إخلاء صالة «كلود ديبوسي» للاشتباه في حقيبة !

عبدالستار ناجي

تم اخلاء صالة كلود ديبوسي في قصر المهرجانات وذلك للاشتباه بحقيبة كانت متروكة بجانب احد الكراسي بالقاعة مما جعل الفريق الامني للصالة يضطر اولا الى اخلاء الصالة وتاجيل العرض ثم تفجير الحقيبة

هذا وتعيش مدينة كان جنوب فرنسا ظروفا أمنية استثنائية خلال ايام مهرجان كان السينمائي في دورته السبعين التي تتواصل في الفترة من 17-28 مايو الحالي. هذا ويضطر رجال الصحافة ونقاد المهرجان للمرور بالكثير من الأبواب الاليكترونية بالاضافة الى الخضوع الى تفتيش ذاتي وغيرها من الاجراءات من أجل المحافظة على حياة أكثر من مئة الف مشارك يمثلون كافة أطياف الحرفة السينمائية من نجوم ومخرجين ومنتجين وموزعين صحافيين ونقاد وغيرهم .

كما كانت عدة صحف فرنسية قد أشارت الى ان اللجنة المنظمة وقبيل انطلاق فعاليات المهرجان قد رفعت نسبة الاجراءات الأمنية وبات دخول قصر المهرجان يتطلب أكثر من ساعات من الانتظار والاجراءات المركبة .

نيكول كيدمان افتتحت «The Beguiled»

عبدالستار ناجي

وصلت النجمة نيكول كيدمان، لريد كاربت مهرجان كان السينمائي الدولي لافتتاح العرض الخاص لفيلمها الجديد The Beguiled.

ويشارك فيلم The Beguiledd في قائمة المسابقة الرسمية لمهرجان كان، وهو فيلم للمخرجة صوفيا كوبولا، وهو من بطولة النجمة نيكول كيدمان و النجم كولين فاريل والنجمة كريستين دانست والنجمة الشابة ايل فانينج.

وتدور أحداث The Beguiledd حول سيدة شابة قامت بمساعدة جندي مصاب أثناء الحرب الأهلية بالولايات المتحدة، وذلك بايوائها له بمدرسة داخلية للبنات فقط، وتنقلب عليها الأحداث فيما بعد لهذا التصرف.

النهار الكويتية في

23.05.2017

 
 

(المدى) في مهرجان «كان» السينمائي الدولي..

شرق وغرب وعوائل منخورة بالخراب والاغتراب

كان/ عرفان رشيد

كان الترقّب لفيلم المخرج النمساوي مايكل هانيكة « نهاية سعيدة » عالياً للغاية، وزاد من كَميَّة الترقٌب ذاك دنوّ مستويات العديد من اختيارات المدير الفني للمهرجان تييري فريمو، حيث لم تشهد المسابقة حتى الآن، وهي في يومها الخامس، إلاّ افلاماً جيّدة قليلة، يقف في المقدّمة منها فيلم «بغضاء» للمخرج الروسي آندريه زفياجينتسيف وفيلم «الساحة» للمخرج السويدي الشاب روبين أوستلوند، وينبغي لي القول، بعد الانتهاء من مشاهدة فيلم «نهاية سعيدة» بأن هانيكة، على الرغم من الاختلافات التي يمكن أن تطفو على السطح مع مواقفه السياسية اليمينية، لم يَخُنْ ذلك الترقّب وقدّم عملاً متميّزاً بكل المعايير، اشتغل فيه مع ممثلَيْه المفضّليْن جان لوي ترينتينان وإيزابيل  هوبير.

وإذا كان الروسي زفياجينتسيف سبر عبر « بغضاء» أغوار الخراب الذي عمّ المجتمع الروسي بعد انهيار النظام الشيوعي، فإن هانيكة يسبر أغوار المجتمع الغربي، والرأسمالي بالتحديد، ويُميط اللثام عن الخراب الذي ينخر العائلة، ويفعل ذلك عبر ميكروكوزم مّصغّر تتجاور فيه ثلاثة أجيال، الجد والابن والابنة والحفيد والحفيدة. لاشيء في هذا المجتمع الصغير قادر على الخلاص من الخطيئة التي يُخيم عليها شبح القتل، إلاّ الطفل الرضيع والحفيد «المختلف» الذي يشعر بلا جدواه الكاملة في مجتمع اغترب عنه بالمطلق، وحين يُقرّر الانتماء الى المجتمع الأقرب إلى نفسه، تُضطرّ أمّه إلى توسّل العذر له معتبرة إيّاه "مريضاً يتناول جرعات من المهدئات ...".

وبرغم عدم كون «نهاية سعيدة» فصلاً تالياً لفيلم هانيكة السابق «حب»، إلاّ أن اختيار المخرج لجان لوي ترينتينان وإيزابيل هوبير لبطولة الفيلم الجديد بدور الأب والإبنة، يلوّح إلى الآصرة بين الفيلمين، وهي الآصرة التي يكشف عنها الجد للحفيدة بكونه أقدم على خنق زوجته التي كان يعشق " ... لإنهاء عذاباتها بسبب الزهايمر والخَرَف الذي أصابها…".

رجل الأعمال الارستقراطي جورج لوران (جان لوي ترينتينيان)، وبعد وفاة زوجته واضطراره هو على الاستعانة بكرسي متحرّك، أناط مهمّة إدارة أعماله إلى ابنته آن (إيزابيل هوبير) التي تؤدي المهمة بعجالة تتسبب بكارثة انهيار جدار مبني كبير تُنفّذه الشركة وتؤدي إلى موت وجرح العديد من العمال. آن مُحاصرة بمشاكل العمل وبملفات القضاء الذي يُقرّ بحقّها غرامات هائلة وتُضطر إلى التنازل عن جزءٍ كبير من ممتلكات المؤسسة للشريك الإنكليزي، الذي يُدير أعماله المحامي الانكليزي لورنس (توبي جونز)، وهو بدوره خطيب آن وسيتزوّجان في نهاية الفيلم. لـ « آن» إبن ثلاثيني هو بيير لوران (فرانس روغووسكي)، إنّه الشخص الوحيد العاقل في مجتمع العائلة المصاب بالخراب، وهو بذلك الأكثر اغتراباً من بين الجميع.

أما الابن الثاني لجورج لوران فهو الطبيب توماس لوران (ماتيو كاسّوفيتس) الذي طلّق زوجته الأولى التي كان رُزق منها ببنت هي إيف لوران (وتؤديها ببراعة كبيرة الصبيّة فانتين آردووين). إيف هي الآن في الثالثة عشر من العمر وتُخفي سراً رهيباً، لا يكتشفه إلاّ الجد الذي يتصارح معها، ويطلب منها في خاتمة الفيلم مساعدته على وضع نهاية لحياته

يصيغ مايكل هانيكة مجتمعاً منخوراً ومحاصراً بالموت.

بغضاءٌ تنهش كيان المجتمع

وهو ذات المجتمع المنخور الذي يعرضه لنا المخرج الروسي المتميَز آندري زفياجينتسيف عبر شريطه الروائي الطويل الخامس « بغضاء» الذي يتخلّل به أكثر فأكثر في صلب المجتمع الروسي ما بعد انهيار النظام الشيوعي في الاتحاد السوفياتي. فبعد تناوله في افلامه الأربعة الماضية موضوعات الصراع بين القديم والجديد في مجتمعه، يدخل في هذا العمل الجديد الى صلب العائلة ويرسم عبر عائلتي...، الأولى آيلة للانهيار بسبب الطلاق بينه وزوجته والأخرى ناشئة وتترقب الوليد المقبل

وفيما يُنتظر الوليد الجديد، ثمة كائن آخر تطحنه الصراعات والمشاحنات اليومية ما بين الزوجين، وتدفع تلك الحالة الصبي الصغير ذو الإحدى عشر سنة إلى الهرب من المنزل والاختفاء في مكان يعتبره أكثر أماناً من منزل والديه المتخاصمين على الدوام

ويثير اختفاء الصبي مخاوف والديه ويتحدان في البحث عنه برفقة فريق من الشرطة، لكن دون ان تُعيد تلك المأساة الصفاء الى آصرتهما، فإن ما أبعدهما عن بعضهما هو أعمق من أي شيء آخر. وحين يواجهان الحقيقة المؤلمة والنهاية المأساوية للصبي، يرفضان الانصياع الى الحقيقة الماثلة بجلاء أمامهما. وليس  رفضهما القبول بتلك النهاية أملاً بعودة الصبي، بل لأن القبول بالحقيقة المرّة ستعني، بالنتيجة، الإقرار بخطيئتهما إزاء ذلك الصبي

وحين يوسَع زفياجينتسيف مساحة ما تصوّره عدسته، يظهر بجلاء بأن خطيئة الإقصاء والانزواء دون أواصر مع آخرين، إنمّا تُرتكب على صعيد أوسع، وربما شبه كامل.

إدانة زفياجينتسيف لمسار تطوّر المجتمع الروسي السلبي،. لا يقتصر على الادانات المتكررة، بل يُرينا كيف تحول الآي فون إلى عنصر حيوي ودائم الحضور في أي مكان وفي اية لحظة، ويبدو ذلك جليّاً في الجزء الذي يعرض فيه المخرج لطيبة سلوك الناس في قطار الإنفاق، فكل من على متن القطار يُلاعب هاتفه النقّال، دون ان نجد كتاباً واحداً بين يَدَيْ أي من الركاب.

إن تلك الصورة هي نقيض لما كان يُرى في قطار الانفاق، عندما كان عسيراً العثور على راكب روسي دون أن يكون بين يديه كتاب.

المدى العراقية في

23.05.2017

 
 

وزيرة إسرائيلية تفسد «كان 70»

عـصـام عـطـية

بدأت الدورة السبعينية لمهرجان "كان" السينمائي في ظل إجراءات أمنية مشددة، لاسيما وأنه يجتذب الآلاف إلي بلدة "كان" الفرنسية الواقعة علي شاطئ الريفيرا سنويا، وكانت العديد من وسائل الإعلام والمنصات الاجتماعية انشغلت بأزياء المشاهير، خلال الافتتاح، والتي اتسمت بالجرأة.رغم أن المهرجان هذا العام أحد أبرز المهرجانات حتي الآن بالنسبة إلي الصبغة السياسية، حيث سيتم عرض أفلام عن التغير المناخي ومرض الإيدز وحقوق الحيوانات وكوريا الشمالية وتجارة الجنس وأزمة اللاجئين، ورغم جمال الأزياء في الافتتاح إلا أن وزيرة الثقافة الإسرائيلية أفسدت فرحة مشاهدة الافتتاح عندما ارتدت فستانا مرسوما عليه القدس هو ما أثار أزمة سياسية.

أثارت وزيرة الثقافة الإسرائيلية، ميري ريجيف، استنكارا وجدلا واسعا بعد مشاركتها في مهرجان "كان" السينمائي بثوب يحمل صورة المسجد الأقصي ، وظهرت ريجيف مرتدية فستانا رسمت علي جزئه الأسفل مدينة القدس، وذلك خلال مشاركتها في المهرجان، وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الوزيرة حرصت علي ارتداء الفستان للتأكيد علي أن القدس هي العاصمة الأبدية لإسرائيل، علي حد زعمها، الفستان، من تصميم الإسرائيلي أريك أفيعاد هيرمان، واختارته الوزيرة بمناسبة حلول 50 عاما علي احتلال القدس، وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي موجة غضب عارمة من قبل نشطاء أدانوا تصرف الوزيرة في مناسبة رسمية بحجم المهرجان، معتبرين أنها تتباهي بما ليس ملكها، رواد مواقع التواصل الاجتماعي شنوا هجوما عنيفا علي الوزيرة وقالوا "ميري ريجيف وزيرة ثقافة إسرائيل تحتفل علي طريقتها بـ50 عاما علي احتلال القدس بارتدائها هذا الثوب في مهرجان كان! و بيننا من يسب صلاح الدين! وآخرون: عندما يتباهي السارق بما سرق.

عموما بعيدا عما أحدثته وزيرة الثقافة الإسرائيلية إلا أن المهرجان شهد حضورا كبيرا لنجوم هوليوود الذين تألقوا فوق السجادة الحمراء، وستظل النجمة العالمية مونيكا بيلوتشي عالقة في أذهان الكثيرين بسبب تلك الليلة في مايو 2017، افتتاح الدورة الـ70 من مهرجان كان السينمائي التي كانت الممثلة الإيطالية وأيقونة الإغراء في العالم مقدمته الرئيسية وبسبب مشهد تمثيلي ضمن فقرات الحفل، ستظل مونيكا علامته المميزة، مونيكا قالت إن الأضواء لن تسلط عليها في هذه الليلة، مهمتي أن أسلط الضوء علي الآخرين، لكن هل هذا ما حدث بالفعل؟..

بمشاركة الممثل الكوميدي أليس لوتز.. الذي منحته قبله حارة مفاجأة، تبعها تصفيق حاد من الجمهور الحاضر في قصر المهرجان قبل دقائق من الإعلان عن بدء عرض فيلم الافتتاح أشباح إسماعيل.

مونيكا وضعت بصمتها بالقبلة التي أجادت تمثيلها للحد الذي جعلها أيقونة إغراء سيستمر دويها طويلا، وحتي الآن هي العلامة المميزة للمهرجان فهل ستشهد الأيام المقبلة وحتي حفل الختام في 28 الشهر الجاري ما سيزيح قبلة مونيكا عن عرش الدورة الـ70..

حفل الافتتاح شهد حضورا مميزا للنجمات، منهن من اختار الفساتين الكبيرة والواسعة ، أخريات كانت الجاذبية عنوان أزيائهن، والبعض ابتعد عن الفساتين المبالغ فيها ليختار تصاميم بسيطة وناعمة، هل ظهرت بيلا حديد جريئة أم مبالغا بها؟ بعد أن اختارت عارضة الأزياء فستانا تميز بفتحه كبيرة جداً، أيضًا لم يصرخ المصورون منذ بداية مهرجان كان السينمائي كما فعلوا عند وصول المغنية العالمية ريهانا، كأن الزمن توقف لإطلالاتها المفاجئة الأولي علي سجادة المهرجان الحمراء، بفستان أبيض لافت وبنظارة شمسية.

وتعرض خلال المهرجان العشرات من الأفلام في مختلف الأقسام، من بينها 19 فيلما سوف تتنافس علي أبرز جوائز المهرجان، ومنها جائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم، ومن أجل الاحتفال بعيد ميلاد المهرجان السبعين سوف يتم ترصيع جائزة السعفة الذهبية بـ167 ماسة ، وقال المدير الفني للمهرجان تيري فريمو "نحن لسنا سياسيين، ولكن صناع الأفلام هم السياسيون". وبعد مرور 70 عاما علي تأسيسه، أصبح مهرجان "كان" "بعيدا جدا عن المهرجان الأصلي" حسب فريمو الذي يؤكد في نفس الوقت أن حمضه النووي يبقي السينما" في زمن تطغي عليه الأزمات الإنسانية والتغيّرات السياسية والتحولات في المجال السمعي البصري.

ويؤكد رئيس المهرجان بيار لسكور أن مهرجان كان فسحة سحرية للتنفيس تتيح الابتعاد قليلا عن ضجة الأخبار.في نفس الوقت، وبما أن السينما مرآة العالم، فهي تتطرق أيضا إلي السياسة ومواضيع الساعة.

وقالت كلاوديا كاردينال عن الـ"جدل المزيف"، "إنه ملصق، لذلك فهو لا يكتفي بتمثيلي بل يمثل رقصة، تمثل تحليقا. أدخلت تعديلات علي الصورة لإبراز تأثير الخفة، ولتحويلي إلي شخصية من حلم: إنه السمو.

وأوضحت "لا مكان هنا للاهتمام بالواقع، وكناشطة نسائية ومقتنعة، لا أري في ذلك مسا من جسد المرأة" متابعة "ليست سوي سينما، يجب ألا ننسي ذلك". وأضافت السينما لا تعكس الواقع، فليس هذا دورها ولا مهمتها.

آخر ساعة المصرية في

23.05.2017

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)