كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

المدى فـي مهرجان « كان السينمائي الدولي» الـ 70..

المخرج تود هاينس يقدِّم رحلة متوازية..

كان / خاص بالمدى - عرفان رشيد

مهرجان كان السينمائي الدولي

الدورة السبعون

   
 
 
 
 

·        أَنَّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام، لأن أمّه التي أفاق منذ عام فلم يجدها

·        وحين لجّ في السؤال، قالوا له: “بعد غد تعود”.. لا بدّ أن تعود..

بهذا المقطع من «أنشودة المطر» لبدر شاكر السيّاب، ذكّرني هذا الصباح فيلم « ووندرزتراك » للمخرج الأمريكي تود هاينس، الذي عُرض صباح اليوم الثاني من الدورة السبعين لمهرجان «كان » السينمائي الدولي، والفيلم عبارة عن رحلة متوازية للجدّة «روز» والحفيد« بين »،  تفصل بينهما ما يربو على ستين سنة.

عُرض الفيلم ضمن المسابقة الرسمية للدورة السبعين، والتي تضم 20 فيلماً، ستمر تحت اختبار لجنة التحكيم الدولية التي يترأسها المخرج الإسباني بيدرو آلمودوفار، والتي ستُعلن عن نتائجها مساء الثامن والعشرين من الشهر الجاري

ويُقام المهرجان بأجوائه الاحتفالية الاعتيادية لكن في ظل أجواء أمنية بالغة الشدّة، أفضت إلى إجرءات تفتيش دقيقة تسبّبت في تعطيل الدخول السلس إلى القاعات وإلى تأخير عروض عديدة عن المواعيد المحدّدة والتي اعتاد مهرجان «كان » على الالتزام بها بدقّة لا نظير لها. في فيلم « ووندرزتراك »،  الجدّة روز (وتؤدّيها جوليان مور) تحثّ الخطى في شبابها لاستعادة والدتها التي هاجرت إلى نيويورك وأصبحت نجمة مسرحية وفي السينما الصامتة، فيما يسعى الحفيد «بين » (يؤدّيه الصبي أُواكس فيغلي ) باحثاً عن أبيه الذي لم يتعرّف عليه.

ويبدو ان، الجدّة والحفيد، وكأنهما صورتان لشخص واحد تواجد في زمانين مختلفين، يجمع بينهما الانطواء الكامل للشخصيتين إلى داخليهما، بفعل حالة الصمم، التي أصيبت بها الجدّة منذ الولادة، وأُصيب بها الحفيد إثر ضربة صاعقة ضربته بينما كان يتحدّث بالهاتف.

الفيلم، وهو الحادي عشر في تسلسل إنجاز تود هاينس، نموذج لكيفية صناعة الحكاية الخيالية ضمن واقع معاصر، أضاف عليها المخرج طاقة غيرُ مُترقّبة، أي قدرة الصمت على التعبير أكثر من الكلمة، فما يبدو في الظاهر سلباً للحكاية من عنصرالكلام عبر الصوت، تحوّل إلى إضافة بديعة دالّة على أن «الصمت أبلغ في بعض الحالات من الكلمات ! »، وبأن إيماءة واحدة قد تكفي في أحيانٍ ما لاختزال عصر برمّته.

وقد اقتُبس الفيلم من قصة شهيرة للكاتب برايان سيلزنيك ويمزج فيه هاينس ليس فقط بين زمني الفيلم، نهاية العشرينات، وبداية السبعينات، بل أيضاً بين زمني السينما، أي السينما الصامتة بالأبيض والأسود، والسينما الناطقة بألوان وأزياء وأصوات الستينات والسبعينات.      

الصبي «بين » يعيش الآن مع خالته بعد وفاة أمه كنداً بعد أن ترمّلت في ظروف نجهلها. يواجه الصبي الصبي كوابيسَ مخيفة تطارده خلالها ذئاب في غابة مغطاة بالثلوج ، يستكين عندما يُنصت إلى صوت خالته لكن دون ان يستقرّ باله حول مصيره بعد وفاة والدته، وخلال جولة ليلية في منزله القديم يُصاب بصاعقة جوّية تُفقده السمع ويُدخل المستشفى. لا يمكث في المستشفى طويلاً، لأنّه يهرب منها ويتوجّه إلى نيويورك للبحث عن آثار عائلته، وتقوده الاقدار والمفاجآت إلى اكتشافات مثيرة والى لقاء لم يكن أن يخطر بباله  تحقيقه ابداً.

فانيسَا ريدغريف ثمانون عاماً من حب البشر ليس يسيراً على أحد ان يُنجز فيلم وثائقي عن قضية اللاجئين بعد عرض فيلم «نار في البحر » لجانفراكو روزي الذي فاز بدب برلين الذهبي وأُدرج ضمن الخمسة المرشّحين لأوسكار افضل وثائقي في الأوسكار في هذا العام، حيث تمكّن هذا المخرج المتميّز من اختزال دراما العصر الراهن في ساعتين من التناول الذي ظهر في النهاية مثل لكمة عنيفة في عنق المعدة وصفعة على وجه جميع من يتعاملون مع قضية الهجرة واللاجئين من منطلق أمني بحت.

ولابد لمن يتناول هذا الأمر أن يحمل جديداً متميّزاً. وهل كنّا ينتظر من قامة رفيعة مثل النجمة الانجليزية فانيسّا ريدغريف، إلاّ ما هو متميّز؟

جاء ما أنجزته السيدة ريدغريف بفيلمها الوثائقي «وجع البحر» الذي عُرض في اليوم الأول من الدورة السبعين للمهرجان متميّزاً، واستقى تميّزه، ليس من نوعية الفيلم بل ممّا وضعته في الفيلم بطاقتها التعريفية والتحريضية الفائقة

ريدغريف، المعروفة بمواقفها اليسارية والإنسانية الجليّة، لم تُعرْ الصورة أو المونتاج والموسيقى ذلك الاهتمام، بل وضعت نفسها، بحضورها المباشر الى المتفرّج كشاهد على الحدث وباحث عن الحقيقة، واستحثّت الكثيرين، من سياسيّين وناشطين في مجال اللجوء والهجرة للإدلاء بشهاداتهم للوصول إلى حقيقة دامغة، وهي أنّ من يُهاجر ويلجأ إلى بلاد أخرى، لم يكن ليُغادر أرضه لولا أن الآخرين، والغرب بالتحديد، أطلقوا عنان الحروب في تلك البلاد.

ومنذ اللحظة الأولى في الفيلم توجّه ريدغريف أصبع الاتهام إلى الولايات المتحدة لأنها أطلقت عنان الحروب الأخيرة، وباختيارها شهادة شاب أفغاني يروي إلى الكاميرا كيف قتل الجنود الأمريكان أمّه وأباه واضطروه إلى الهرب ما بين رصاصات "جنود آخرين كانوا يكمنون على قمة الجبل”. وحسب تلك الشهادة فإن الجنود قتلوا الأم والأب "لأنني لم أكن أتوقّف عن البكاء بسبب الذعر الذي أصابني عندما رأيتهم يقتحمون دارنا...".

مكافحةً، كماعرفناها، لم تستكن فانيسّا ريدغريف إلى دفء الأرائك لتُريح عظامها من وهن الثمانين سنة من عمرها، بل استجابت لطلب ابنها ماركو غابرييلي نيرو وانتعلت الجزمة الشتائية ووضعت شالها على الكتفين وزارت كل ما يمكن زيارته من مخيّمات اللجوء في اوروبا والشرق الأوسط، انطلاقاً من مخيّم «كالييه» في شمال فرنسا، والذي شهد احتشاد اعداد هائلة من اللاحئين الذين انغلقت عليهم  بوابات اوروبا، رُغم توافر مستلزمات اللجوء لدى الكثيرين منهم

وبرغم انّ ريدغريف  لم تستثن أحداً من المهاجرين واللاجئين من اهتمامها، فقد اعتبرت تجاهل اوروبا مأساة المئات من الأطفال والقاصرين الذين تُكتظ بهم مخيّمات اللجوء، مشيرة إلى العالم يجد نفسه اليوم في مواجهة فضيحة كبرى تُبرز عجز المجتمع الدولي عن حل هذه الأزمة الكبرى، لأنه، وببساطة، يعجز عن حل مشكلة الحروب والصراعات المبثورة في اصقاع العالم بأسره.

المدى العراقية في

20.05.2017

 
 

«أشباح» تخيّم على مهرجان «كان» منذ أيامه الأولى

«كان» (جنوب فرنسا) - إبراهيم العريس

إذا كان من عادة الحكايات التي تتوخى إحداث صدمة، أن تبدأ عادة بالعبارة المأثورة «هناك شبح يخيّم...»، فإن هناك شبحين في الدورة السبعين لمهرجان «كان» السينمائي الدولي الذي يدخل يومه الرابع من دون أن يبدو في أفلامه ما يشكل مفاجأة حقيقية... شبحان، على الأقل، يخيّمان على الهدوء المرتبك، وبالتحديد الهدوء الذي يربكه الوجود المتضخم لرجال الأمن في كل زاوية وشارع، وقد بدا كلٌّ منهم كأنه أُمر بأن يبدو على الدوام متجهّم الوجه عالي النبرة حين يتحدث إلى عباد الله العابرين. ربما تكون تلك طريقة ناجعة لإرعاب الإرهابيين، وإن بدا أن الناس العاديين هم من يطاولهم هذا الرعب!

مهما يكن، فلنبق نحن عند شبحينا اللذين دخلا المهرجان من باب عريض: «الشبح الأول» دونالد ترامب الذي أشير إليه كثيراً منذ سهرة الافتتاح من موقع سلبي بالطبع، لا سيما في مداخلة المخرج الإيراني أصغر فرهادي الذي كانت سياسات الرئيس الأميركي ردعته عن التوجه إلى هوليوود أوائل هذا العام لنيل جائزة أفضل فيلم أجنبي (لتحفته «البائع»). وهل يمكن الأمر أن يكون مختلفاً في مهرجان سينمائي يقوم أساساً على فن من الواضح أن الرئيس ترامب لا يحبذه كثيراً؟ والمهرجان يعطي المهاجرين حيزاً كبيراً من الاهتمام، ربما لكون السينمائيين أنفسهم لاجئين دائمين. أما الشبح الثاني فهو طبعاً، نيتفلكس، هذا التسونامي الذي يهجم اليوم على السينما في عقر دارها، في قدس أقداسها، «مدنّساً» نقاءها كفنّ سابع خُلق للصالات وللعروض الجماهيرية، محولاً إياها إلى جزء من لعبة الإنترنت ووسائط العرض الفردية. نعرف، وأشرنا إلى الأمر سابقاً، أن عرض «كان» أفلاماً صنعت أصلاً للتلفزة وللشاشات الصغيرة ليس بالأمر الجديد. ولكن، أن تصل «الوقاحة» إلى عروض «نيتفلكسية» في مسابقات «كان»... يا له من خرق للقواعد يندد به كثر من المشاركين في «كان». لكن، ليس الممثل الأميركي ويل سميث، عضو لجنة التحكيم، وحده الذي تساءل: «وما الضير في هذا؟ إن أبنائي الثلاثة يشاهدون فيلمين في الأسبوع في الصالات، والباقي في البيت!». واضح أن كلام سميث لا يعجب كثيرين. ويبقى أن نتساءل: حسناً ولكن، ما هو الحل؟

لا يملك أحد وصفة سحرية تنقذ السينما من هذا الشبح. فهل ثمة وصفة ضد سياسات الرئيس ترامب؟ هنا أيضاً لا جواب. لكن السينما ذاتها هي الجواب. فعلى الضد من سياسات ساكن البيت الأبيض تجاه المرأة، بين ضحايا أخرى له، يأتي الجواب عملياً: حضور المرأة في الدورة «الكانيّة» هو هذا العام أكثر منه في أي وقت مضى. وبالنسبة إلى المهاجرين الذين لا يحبهم «أبو إيفانكا» وناخبوه كثيراً، ها هم سينمائيون كبار، من فانيسا ردغريف إلى أليخاندرو إينياريتو مروراً بميشال هانيكي، يجندون أنفسهم وأفلامهم معتبرين القضية قضية العصر، هم الذين يضعون ناخبي الرئيس الفرنسي الجديد ماكرون رغم مواقفه المدافعة عن المهاجرين، على الضد من مواقف زميله الأميركي... وهذه المقارنة ذاتها يمكن اعتبارها جزءاً من العيد «الكانيّ» الذي بدأ... ولم يبدأ بعد.

أما الصرخة المريرة التي لم تصل كما يبدو إلى أسماع المحتفلين بحاضر الفن السابع، ولكن ربما بماضيه أكثر مما بحاضره في هذه الدورة السبعينية، فتأتي من بعيد، من المفكر الفرنسي ريجيس دوبريه الذي نشر في العدد الأخير من مجلة «ميديوم» المختصّة بوسائل الإعلام التي بات يعتبر سيداً من سادة دراستها الكبار، نصّاً يتساءل فيه عما آلَ إليه هذا المهرجان الذي كان محور استقطاب للمبدعين والأدباء خصوصاً، فإذا به يصبح منطلقاً لرجال الأعمال، وكان عيداً للشعب فصار مجرد احتفال جماهيري. ويذكّر دوبريه بأن المهرجان ولد في أجواء فرح الفرنسيين بحكم الجبهة الشعبية ذات يوم قبل الحرب العالمية الثانية، لكنه تأجل إلى ما بعدها حين اندلعت. ويخلص دوبريه إلى أن «كان» كان سابقاً جنة النقاد ومجلات السينما الكبيرة وصار اليوم ملعب مقدمي البرامج التلفزيونية وخبراء التواصل والمعلنين وقوى الميديا.

الحياة اللندنية في

20.05.2017

 
 

«قمر المشترى» لكورنيل موندروتسو:

مهاجر سوري له قدرات خارقة!

نسرين علام - كان ـ «القدس العربي»:

في فيلمه «قمر المشترى»، الذي يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان كان في دورته السبعين، يقدم المخرج المجري كورنيل موندروتسو ما نحسه واحدا من أغرب التناولات التي شاهدناها لأزمة المهاجرين السوريين في أوروبا. فيلم طموح في فكرته، مرتبك في تنفيذه، ومربك تأويلا. نشاهده فنتساءل: أهو تعبير عن التعاطف مع اللاجئ السوري المظلوم؟ هل هو تسطيح وتبسيط لقضية شائكة مثل اللجوء؟ هل يقدم رؤية ناقدة رافضة لهستيريا لوم المهاجرين واضطهادهم؟ هل هو قصة دينية عن الخلاص والغفران؟ هل تعود أصوله إلى قصص الأبطال الخارقين للعادة؟

قد لا تنتهي التساؤلات عن الفيلم، وقد لا نجد لها إجابات شافية، ولكن ما يسعنا قوله هو إن الفيلم مشتت، رغم طموحه الفكري والإخراجي، وإنه جاء مطولا أكثر مما تحتمل الفكرة. يقدم الفيلم فكرة تقف على أعتاب الخيال العلمي أو الخيال الأسطوري الديني: الطرح الرئيسي في الفيلم يرتكز حول لاجئ سوري شاب يطلق عليه ضابط مجري النار مرارا أثناء محاولة عبور الحدود، ولكنه يبقى حيا معافى لم يمسسه سوء رغم الرصاصات القاتلة التي تخترق جسده، ويكتسب إثر ذلك قدرات خارقة، أقرب إلى قدرات الملائكة. يصبح قادرا على الارتفاع عن الأرض والطيران.

جوبه الفيلم ببعض صيحات الاستهجان بُعيد انتهاء عرضه الصحافي في كان، وعلنا نجد للاستهجان بعض التبرير، فالفيلم يقدم خليطا غريبا مشوشا من الأفكار والطروحات، فيلم لا يحلق بنا فى ذرى الفكر والأحاسيس ولا يسقط تماما في الإخفاق، ولكنه يبقى معلقا في الهواء متأرجحا بين النجاح والفشل.

يستقي الفيلم عنوانه من حقيقة علمية، وهي أن لكوكب المشتري 64 قمرا، من بينها قمر يدعى «يوروبا»، كما لو أن اللاجئين السوريين يواجهون من الصعاب ومن المخاطر والأهوال الكثير للوصول إلى هذا القمر بعيد المنال: أوروبا.

أريان دشتي (الممثل المجري الشاب زوسمر ييغر) هو الشخصية للمحورية في الفيلم، شاب عشريني سوري من حمص، يصل إلى الحدود المجرية في قارب يحمل أعدادا ضخمة من المهاجرين، ينقلب القارب وينفصل أريان عن والده وسط الذعر والفوضى والصراخ، الذي يسود الأجواء بعد انقلاب القارب. يصبح بعدها لأريان هدفان: أن ينجو بنفسه من رصاص شرطة الحدود المجرية، ثم أن يلتقي والده في المكان الذي كانا اتفقا على اللقاء فيه إذا ضاعا عن بعضهما بعضا، أو إذا تقطعت بهما السبل.

يبقى الفيلم وسط الواقع المعاش لمعاناة اللاجئين ومحاولاتهم النجاة والفرار، ومحاولات الشرطة لتعقبهم نحو عشرين دقيقة، ويبقى الفيلم محافظا على واقعيته خلال هذه المدة. تتعقب الشرطة اللاجئين وتقبض عليهم، ليجدوا أنفسهم محاطين بالكثير من التعسف والظلم والاضطهاد والفساد والاستغلال لوضعهم. يضطرون مجبرين لدفع الرشى من مالهم القليل، حتى يتمكنوا من الفرار إلى داخل الأراضي المجرية. ويبدأ التحول نحو البعد الخيالي والأسطوري، بعدما يصاب أريان برصاصات يفترض أنها قاتلة من ضابط شرطة، نعرف لاحقا أن اسمه لازلو (غريغور سيهالمي). يسقط أريان على الأرض متأثرا بالرصاص، الذي نظن للوهلة الأولى أنه ارداه قتيلا، ولكننا نراه إثر ذلك ينهض من رقدته ليكتشف أن الرصاص لم يقتله، بل إنه اكتسب القدرة على الارتفاع عن الأرض والتحليق، ثم الهبوط دون أن يمسسـه أذى.

يكون الشاهد الأول على قدرة أريان الخارقة على الطيران غابور شترن (الممثل الجورجي ميراب نينيدي في دبلجة غير مقنعة للإنكليزية والمجرية)، وهو طبيب مجري فاسد يعمل في مخيم ضخم للاجئين، ويتلقى رشى من اللاجئين لتمريرهم إلى المستشفيات بدواع طبية، ومنها إلى داخل المجر. شترن ليس متدينا، فهـو في الواقـع قد هـجر الديـن والله تمــاما، ولـكن التفسير الوحـيد الذي يطـرأ على باله لقـدرة أريـان علـى الطيران، وعلى أن الرصـاص الـنافذ لم يقــتله، هو أن هذا الشاب السوري معجزة إلـهية حقة أو مـلاك في صــورة بشــر.

علاقة ملتبسة تجمع بين شترن وأريان، علاقة تتراوح بين التقديس والاستغلال. فشترن يقر بأنه شهد معجزة حقة في قدرة أريان على الطيران، ولكنه لا يتورع عن استغلاله لجمع الأرباح. يصحب شترن الشاب السوري الذاهل في جولة في الكنائس والمشافي وبيوت من أصابهم مرض عضال، أو من يعانون من سكرات الموت، ليظهر في هذه الجولة قدراته الخارقة، ويجني الطبيب على إثرها الأرباح من وراء هذه الأعجوبة. كما أن شترن، رغم فساده، يفتك به إحساس قوي بالذنب والألم، فهو لخطأ طبي ارتكبه كان السبب في وفاة مريض شاب في غرفة الجراحة

أريان إذن هو نموذج للاجئ الذي يواجه كل صور الاستغلال والاضطهاد، ولكنه أيضا المخلص من الخطايا والذنوب. إنه الضحية الذي استحال يسوعا مخلصا، والذي يدير الخد الآخر مهما تلقى من صفعات أو تعرض لاستغلال.

لعل أكثر ما يجذبنا في الفيلم هو هذه القدرة على التحليق التي اكتسبها أريان، تجذبنا بإبهارها البصري وكفكرة. طالما تقف الحواجز والحدود والجنود والأسوار في وجه اللاجئ، فهو محاصر في بلده الذي لم يعد قادرا على العيش فيه، ومرفوض إذا حاول دخول أرض جديدة. يبدو أحيانا أن حلم الطيران هو المعجزة الوحيدة، حتى يمكن للاجئ الذي ضاقت به الدنيا على رحبها، من خلالها أن ينفذ عبر الحجب إلى أرض الحلم، حيث يجد السكينة والراحة.

ليت المخرج اكتفى بهذا الحلم السعيد عن تخطي الحواجز والحدود والتعنت بالتحليق إلى ما هو أرحب، لكن الفيلم يأتي متشظيا متشعبا مليئا بالقصص الفرعية، من بينها هجوم إرهابي ومطاردات من شرطة مكافحة الإرهاب. يدخل الفيلم في دائرة من التطويل والضياع في متاهات فرعية، فيفقد الكثير من زخمه، ونفقد نحن الكثير من حماسنا لمتابعته.

####

صراع أمريكي روسي في أول أيام العروض

كان من أسامة صفار:

شهدت شاشات مهرجان كان السينمائي الدولي في أول أيام دورته السبعين، الخميس، عرض 14 فيلما سينمائيا، بخلاف حفلات استقبال لنجوم عالميين ومؤتمرات صحافية فنية لفرق عمل الأفلام.

وجاء صراع أول أيام العروض في المسابقة الرسمية للمهرجان أمريكي روسي بامتياز، حيث تصدى المخرج أندري زيجتسيف المتوج بـ «الغولدن غلوب» قبل ثلاث سنوات عن فيلم «ليفياثان» بفيلمه الجديد «بلا حب» للمخرج الأمريكي تود هاينس، الذي سحر العالم بفيلم «كارول» ويتسابق بجديده «شاحنات التساؤل».

وبينما انشغل الروسي بقضية تبدو في ظاهرها اجتماعية حول ما يجمع زوجين يسيران في طريق إنهاء إجراءات الطلاق بعد نفاد الحب بينهما وهو البحث عن ابنهما الذي اختفى خلال واحدة من المناكفات بينهما». ورغم إمكانية قراءة العمل اجتماعيا إلا أن القصة تطمح نحو القبض على ما يجمع البشر ويتعلق بمستقبل العيش المشترك حتى لو شهد الحاضر تنافرا.

ويطمح الأمريكي هاينس إلى تجاوز المكان والزمان نحو ما وراء الحياة والواقع إذ تدور قصته حول صبي صغير من الغرب الأوسط الأمريكي وفتاة شابة كانت في نيويورك منذ خمسين عاما يسعى كل منهما في وقت واحد خلف اتصال غامض من المصدر نفسه والفيلم بطولة ميليسينت سيموندس وجوليان مور.

ولد المخرج الأمريكي تود هاينس في 2 يناير/ كانون ثان 1961 في كاليفورنيا في الولايات المتحدة، وبدأ مسيرته الفنية عام 1985.

وقدم هاينس أفلام الهواة، بينما كان لا يزال طفلا والتحق بجامعة براون وتخصص في الفن والسينما، وبعد تخرجه انتقل إلى مدينة نيويورك وقدم الفيلم القصير المثير للجدل سوبرستار: قصة كارين كاربنتر (1988).

أما الروسي أندريه زيجتسيف فولد في فبراير/ شباط 1964 في مدينة نوفيسيبيرسك الشمالية، وتخرج في مدرسة الممثلين نوفوسيبيرسك عام 1984 وبدأ العمل على خشبة المسرح في مسارح المحافظات، وجاء في أوائل التسعينيات من القرن الماضي إلى موسكو باعتبارها مركز صناعة السينما الروسية.

وتشهد الدورة الجديدة للمهرجان (من 17 إلى 28 مايو/ أيار الجاري) عرض 49 فيلماً من 29 دولة، من بينها 19 فيلماً تتنافس على جوائز المهرجان، وأبرزها جائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم، ومن بينها أفلام: «بلا حب» للمخرج أندري زيجتسيف من روسيا، «لم تكن أبداً حقا هنا» للمخرجة لين رامسيه من بريطانيا.

وكذلك أفلام: «العشيق المزدوج» للمخرج فرانسوا أوزون من فرنسا، «قمر كوكب المشتري» للمخرج كورنيل موندروزكو من المجر، «إمرأة رقيقة» للمخرج سيرغي لوزنيتسا من أوكرانيا، و»الوقت المناسب» للمخرج بيني وجوش صفدي من الولايات المتحدة.

ويعد مهرجان «كان» أهم المهرجانات السينمائية في العالم ويعود تأسيسه إلى عام 1946 ويقام في شهر مايو/ أيار في مدينة كان في جنوب فرنسا.

(الأناضول)

####

بداية صاخبة لأول أفلام «نتفليكس» في المهرجان

كان (فرنسا) – أ ف ب:

شهدت انطلاقة عرض أول أفلام «نتفليكس» في المهرجان بعنوان «اوكجا»، الجمعة بلبلة واضطر المنظمون إلى قطعه لحوالي ثماني دقائق بسبب مشكلة تقنية، على ما أفاد صحافي كان موجودا في المكان.

ولم تُرفع الستارة بالكامل عن الشاشة ما تسبب بإخفاء أعلى الصور في الفيلم من بينها على سبيل المثال رأس الممثلة تيلدا سوينتون.

وفي القاعة، علت أصوات الصفير والتصفيق بهدف إخطار التقنيين في مسرح «لوميار» الكبير، حيث كان عدد كبير من المتفرجين يحضرون العرض الأول لفيلم من انتاج «نتفليكس» في المسابقة الرسمية، وهو حدث منتظر ومثير للجدل.

وقال أحد المتفرجين متعجبا «هذا ليس معدا للعرض في السينما»، في إشارة إلى انتاجات المنصة الالكترونية الأمريكية في حين انتقد آخر من وصفهم بـ»عصبة من غير الكفوئين».

وعند انطلاق العرض، علا الصفير في صفوف المتفرجين مع ظهور شراع «نتقليكس» حسب المصدر عينه.

وأعلنت «نتفليكس» أن فيلميها «اوكجا» للكوري الجنوبي بونغ جون-هو و»ذي مييروفيتس ستوريز» للأمريكي نوا باومباخ يتنافسان على نيل جائزة السعفة الذهبية، لن يعرضا في الصالات في فرنسا ما أثار غضب جزء من العاملين في المهنة، خصوصا من مشغلي الصالات وأيضا من النقاد ورئيس لجنة تحكيم المهرجان الاسباني بدرو المودوفار.

القدس العربي اللندنية في

20.05.2017

 
 

الفتاة المغتصبة رفضت الصمت فتحدث عنها العالم

طارق الشناوي

ولما جاء اليوم الثالث فى فعاليات المهرجان شاهدنا فيلما كاملا ناطقا بلغة الضاد المظلومة دوما فى أغلب المهرجانات الكبرى، قضايانا دائما حاضرة على الشاشات، إلا أنها تُصنع بعيون وفكر غربى يُطل على المشهد بعين مختلفة، مثلما نرى قضية اللاجئين تُسيطر على قسط وافر من الأفلام فهى الأهم حاليا، لأنها تؤرق الضمير العالمى.

المخرجة التونسية كوثر بن هنية التقطت من الواقع هذا الحادث الذى لا يمكن أن يبرح الذاكرة، حيث كان حديث المجتمع الدولى، وخاصة فرنسا، قبل نحو عامين بعد أن اخترقت الجريمة لبشاعتها حدود (تونس الخضراء)، اغتصب ثلاثة من رجال الشرطة فتاة تونسية، الأهم أن الفتاة رفضت الصمت فتكلم العالم، ونبتت فكرة التوثيق على شريط سينمائى.

أثناء مشاهدتى للفيلم تردد بداخلى هذا السؤال: هل من الممكن أن تسمح الدولة فى مصر بتوجيه نقد لهذا الجهاز الحساس بطبعه فى مواجهة النقد مع اختلاف الدرجة بالطبع؟، عدد من الأفلام كشفت سلبيات وقصورا أقل حدة مثلما حدث فى فيلمى (حين ميسرة) لخالد يوسف و(هى فوضى) ليوسف شاهين وخالد يوسف، وعرضت جماهيريا قبل ثورة 25 يناير، إلا أن الشرطة من بعدها وبتعليمات صارمة صار أى سيناريو يتناول من قريب أو بعيد الجهاز الأمنى يحصل أولا على موافقة الجهاز الأمنى، حدث ذلك فى زمن العادلى عندما كان ممسكا بقوة كل الأوراق ولا يزال قائما حتى الآن مع تعدد وزراء الداخلية بعد الثورة وهروب العادلى الذى يستحق قطعا الآن فيلما سينمائيا.

الفيلم الناطق بالعربية يمثلنا كعرب فى (كان) فى قسم (نظرة ما) للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، التى شاهدت لها من قبل فيلميها الرائعين (شلاط تونس) و(زينب تكره الثلج)، هل توثيق هذا الحادث فى عمل فنى سيؤدى لا محالة إلى مزيد من الاحتقان بين الشعب والشرطة؟، والأمر الآن لا يحتمل هذا الترف، هذا قطعا ما تردد هناك، فى تونس فعلوها ووافقت الدولة على عرض الفيلم كاملا، ولم تطلب من أجل إحداث التوازن دراميا بتقديم وجه إيجابى للصورة، إلا أن الواقع بالفعل أفرز عن شرطى شجاع وبرتبة أقل ممن التقتهم البطلة التى أدت دور الضحية مريم، وهو بالمناسبة اسمها الحقيقى، عندما أبدى تعاطفا معها ورفض وضع (الكلبشات) الحديدية فى معصمها إلا بإذن النيابة، كما يقضى القانون، فعادت مع نهاية أحداث الفيلم إلى بيتها، إلا أن الصورة النهائية الراسخة التى تتبقى فى الذاكرة هى أن هذا الجهاز به فساد عميق.

وكان هذا الحادث تم توثيقه فى كتاب فرنسى، ومريم الحقيقية تعيش الآن فى فرنسا، نعم لدينا أكثر من فيلم مصرى تناول الاغتصاب قبل نحو 30 عاما، وذلك نقلا عن أكثر من حادث مماثل جرت وقائعه فى مصر وأطلقت عليه الصحافة (اغتصاب فتاة المعادى)، حيث كانت الأحداث هناك، ومرة أخرى (اغتصاب فتاة العتبة) عندما تكرر الحادث فى واحد من أكبر الميادين فى مصر، كان فى المرتين المغتصبون مجموعة من المنحرفين، وتوثيق فعلتهم لن يمر بأى مشكلات رقابية، بينما خطورة الفيلم التونسى أنه يفضح الجناة الذين منوط بهم حماية الأعراض وهم ينهشون عرض الفتاة.

فلقد اغتصب اثنان من أمناء الشرطة فتاة كانت بصحبة صديقها على الشاطئ، تبادل الأمينان الفتاة وكان ثالثهما يصورها.

من الممكن أن تجد تنويعات عديدة خاصة فى عالمنا العربى على تجاوزات لجهاز الشرطة، وفى العادة يتم التعتيم عليها، إلا أن حادث الاغتصاب كان من المستحيل أن يتم محوه أو نفيه لسبب بسيط جدا أن الفتاة رفضت أن تصمت، برغم التهديد حاولت فى البداية أن تذهب للمستشفى رفضوا أن يثبتوا حادث الاغتصاب بحجة قانونية أنه يجب توفر أولا محضر من الشرطة، ولهذا تذهب للشرطة التى ترفض توجيه الاتهام، فهل تتهم الشرطة الشرطة، بحجة أنهم ربما كان المغتصبون ينتحلون صفة شرطى حتى عربة الشرطة من الممكن ألا تكون خاصة بهم كجهاز للشرطة، حرص السيناريو الذى وضعته المخرجة على أن يمنحنا بين الحين والآخر فى بنائه الدرامى والفنى إحساس التعامل مع الوثيقة من خلال تقسيمه الفيلم لعدة وقائع زمنية، وكأنك تقرأ صفحات كتاب، الشرطة حاولت بكل وسائل التعذيب البدنى واللفظى الممكنة وغير الممكنة أن ترغمها على الصمت، حاولوا مقايضتها بعدم نشر شريط الاغتصاب مقابل التنازل عن المحضر أو تزوير أقوالها، لكنها أصرت على أن تروى الحقيقة. الفيلم يفضح وزارة الداخلية وكيف أنه بدعوى الحفاظ على أمن البلد من حقها أن تتجاوز حتى أمن المواطن الشخصى، وعلى المواطن أن يتحمل ويصمت اختيار اسم (على كف عفريت) بما يحمله المعنى أن المخاطر قائمة وستواجه الضحية، حتى إن إحدى الشرطيات لم تبد تجاهها أى تعاطف لأن لديها أوامر عليا بإغلاق المحضر، بل إنها فى النهاية وصفتها بالعاهرة. الواقعة حدثت قبل بضع سنوات فى تونس بعد ثورة الياسمين، تستمع إلى من يقول إذا اتهمت الشرطة وصارت بعدها مدانة ألا يمكن أن يؤدى ذلك الى انتشار الفوضى فى البلاد، ولهذا على الجميع أن يصمتوا ويتحملوا. لا أدرى بالطبع حجم الحقيقة وحدود الخيال فى الوقائع كما رأيتها سينمائيا، لأن الوقت لا يتسع أمامى للمراجعة والتدقيق، ولكن الفيلم دراميا يقف فقط عند الليلة التى شهدت الجريمة، إلا أن القضاء فى تونس انتهى إلى إدانة المغتصبين بأحكام قاسية ومستحقة طبعا.

من أشد اللحظات عنفا وتصل لحدود السادية هى تلك التى قرر فيها المحققون الدفع بورقة ارتكاب فعل فاضح فى الطريق العام توجه للضحية حتى تصمت، حيث قالوا لها إنها كانت تتجول مع صديقها وليس خطيبها، هذه واحدة، أما الثانية فهى أن القبلة بينها وبين صديقها تجاوزت حدود القبلة، رغم أن هذا لا يعد طبعا مبررا، حتى ولو كان صحيحا، لجريمة الاغتصاب إلا أنه من الممكن أن يدفع الفتاة للصمت خوفا من الفضيحة. حرصت المخرجة على أن تقدم أغلب لقطاتها قريبة ومتوسطة حتى تنقل أحاسيس ومشاعر الممثلة، واسمها بالمصادفة الحقيقى مريم، كما أنها حرصت على الانتقال بين أكثر من قسم شرطة حتى تُثبت أن الفساد متفشى فى هذا الجهاز الحيوى، ووصلت بالفعل الرسالة، ولأن المجتمع التونسى بناؤه الثقافى قوى فلقد استوعب تماما أن الفيلم يفضح الفساد، ولكنه لا يريد هدم جهاز أمنى، لأن هذا فى النهاية يهدم المجتمع، الفيلم كما علمت سيعرض بعد (كان) تجاريا فى تونس، ومن البديهى أن يُصبح هدفا للعديد من المهرجانات العربية وغير العربية لبرمجته ضمن فعاليتها.

وسيظل الواقع هو الأكثر حضورا فى مثل هذه القضايا، مثلما قدم المخرج صلاح أبوسيف (ريا وسكينة) عن أشهر سفاحتين فى التاريخ، والمخرج عاطف سالم فى (إحنا التلامذة) عن وقائع حقيقية لجريمة قتل، بل إن شكرى سرحان كان يلعب فى هذا الفيلم دور شقيقة سامى سرحان الذى كان وقتها يقضى العقوبة بتهمة الاشتراك فى الجريمة وخرج من السجن بعد انقضاء المدة القانونية ليواصل التمثيل فى عدد من الأفلام الكوميدية، وتلك طبعا قصة أخرى. ويبقى لنا كعرب فيلم قادم على شاشات (كان) للمخرج الجزائرى كريم موسوى (حتى تعود الطيور).. فإلى الغد.

tarekelshinnawi@yahoo.com

المصري اليوم في

20.05.2017

 
 

فى الدورة الـ70 لمهرجان كان السينمائى الدولي.. منافسة شرسة بين النجوم للفوز بالسعفة الذهبية

رانيا الزاهد

احتفل مهرجان كان السينمائي، الذى بدأ الاسبوع الماضي، بمرور 70 عاما على تأسيسه كقلعة كبيرة تجمع صناع الفن والأفلام كل عام.

يشارك فى هذه الدورة المبتدئون والوافدون الجدد إلى جانب كبار النجوم وصناع الفن فى الاقسام المختلفة وايضا فى لجان التحكيم، لتصبح بالفعل دورة مميزة تجمع بين افكار ورؤية شبابية وأعمال أكبر وألمع النجوم فى العالم، وهو ما يجعل مهمة لجان التحكيم أصعب وأكثر إثارة.

أزمة »نتفليكس«

ظهر هذا الاختلاف بين الاجيال المشاركة فى المهرجان هذا العام بالنقاش الساخن الذى دار بين رئيس المهرجان المخرج الاسبانى بيدرو ألمودوفار والنجم الامريكى ويل سميث حول التأثير السلبى لتطور الانترنت على صناعة السينما وانتشار تقنيات ومواقع مثل «أمازون» و»نتفليكس»،التى تقدم خدمة مشاهدة فيديو حسب الطلب سواء كانت أفلاما أو مسلسلات بجودة فائقة وبدون اعلانات تجارية. لكن النجم ويل سميث كان له رأى آخر وقال ان لديه ثلاثة ابناء فى مراحل عمرية مختلف وكل منهم يشاهد محتوى نتفليكس وفى نفس الوقت يذهبون لمشاهدة الافلام فى السينما، والامر ليس له علاقة بضرورة اختفاء آلية لمجرد ظهور آليات احدث، على العكس تبقى للسينما والمسارح روح مختلفة ومحتوى مختلف عما يتم تقديمه على الانترنت.

وبالفعل اقتحمت أمازون قسم «كرويزيت» العام الماضي، وخطفت خمسة ألقاب لم يسبق لها مثيل، وهذا العام تشارك نتفليكس فى الدورة الـ 70 من خلال فيلمين، كأحد صناع الافلام الجدد. المثير للاهتمام أن الفيلمين يحتلان مواقع متقدمة فى سباق التنافس. ولكن هذه المشاركة قد تكون الاخيرة بعدما اشترطت إدارة المهرجان على كل الاعمال المتقدمة ان يتم عرضها فى دور العرض الفرنسية وهو ما يبدو مستحيلا لهذه الشركات التى تعتمد على العرض الحصري.

اختيارات النقاد

جاءت قائمة الافلام المشاركة طويلة وهو ما يزيد من صعوبة مهمة لجنه التحكيم ولكن هناك بعض الاعمال التى تحدث عنها النقاد وينتظرها الجمهور، حيث تتطلع كل العيون لمشاهدة فيلم «?wonderstruck» للمخرج تود هاينز، وتدور قصته حول طفلين يجمعهما البحث المشترك ولكن كلا منهما يأتى بأفكار أجيال مختلفة. المثير فى هذا الفيلم هو أن البطل أصم مما يجعل الحوار أصعب وأكثر جمالا خاصة وأن أبطال الفيلم هم النجمة جوليان مور وميشيل ويليامز وتوم نونان، فضلا عن مشاركة مواهب رائعة من الأطفال.. 

وتشارك النجمة العالمية نيكول كيدمان بعملين فى المهرجان هذا العام الاول «?the beguiled» وتدور قصته حول جندى جريح تستضيفه مجموعة من السيدات فى المدرسة الداخلية التى يعيشن بها، ويقررن إيداعه بها تحت نظرهن، ومع دخوله إلى عالمهن، ينجح الجندى فى خداع كل من هؤلاء النسوة الوحيدات وإغوائهن الواحدة بعد الأخرى، مما يؤدى لانقلابهن على بعضهن البعض، ثم عليه هو نفسه. والثانى مع النجم كولين فاريل ولكن هذه المرة مع المخرج يورجوس لانثيموس «فى فيلم ?The Killing of a Sacred Deer»، حيث يلعب فاريل دور جراح موهوب، يأخذ صبيا فى سن المراهقة تحت جناحيه، بينما تقوم كيدمان، بدور زوجته، فى حين أن أليسيا سيلفرستون تلعب دور والدة الصبي

المخرج اليونانى يورجوس لانثيموس ينافس بقوة فى المهرجان بهذا الفيلم للفوز بالسعفة الذهبية. يعود النجم آدم ساندلر، الذى انشغل الفترة الماضية فى بعض أفلام نتفليكس، ليلعب دور البطولة فى فيلم المخرج نوح بومباخ، ?» The Meyerowitz Stories»وهو أول فيلم لبومباخ فى افتتاح المهرجان، وهو فيلم درامى عائلى حول تجمع عائلة معا فى نيويورك للاحتفال بنجاح أعمال أبيهم الفنية. الفيلم من بطولة الفائز بجائزة الأوسكار داستن هوفمان وإيما تومبسون وكذلك بن ستيلر وكانديس بيرجن ووإليزابيث مارفيل.المخرج الكبير مايكل هانيك يشارك بفيلمه» ?Happy End»فى المسابقة الرسمية هذا العام، وهو دراما عن أزمة اللاجئين وعلى عكس اسم الفيلم فربما لن يكون سعيدا على الإطلاق وهو من بطولة إيزابيل هوبرت. وقد فاز هانيك بالسعفة الذهبية مرتين من قبل، لذلك يتابع الجمهور بشغف إذا ما كان هانيك قادر على كسر الرقم القياسى فى الفوز بالسعفة الذهبية

المخرج الكورى الجنوبى هونج سانج-سو، الذى حصل عام 2010 على الجائزة الكبرى فى مسابقة ?Un Certain کegard عن فيلم «?Hahaha «يعود إلى كان هذا العام بفيلم « ?Geu-hu» وهو رومانسى اجتماعى يأمل مخرجه ان يعيده لاحضان كان مرة أخرى. أثار عدم مشاركة فيلم « ?L'Atelier » للوران كانتيت، فى المسابقة الرسمية دهشة الجميع، حيث شارك بفيلمه فى مسابقة «?Un Certain Regard».

####

صبا مبارك تكشف عن أحدث أعمالها في مهرجان كان عبر مركز السينما العربية

أحمد السنوسي

سافرت الفنانة والمنتجة الأردنية صبا مبارك إلي فرنسا لحضور فاعليات الدورة الـ70 من مهرجان كان السينمائي (17 - 28 مايو ) لتمثل شركتها Pan East Media، ومن خلال مركز السينما العربية الذي تشارك Pan East Media بفعالياته ضمن المهرجان، سوف تكشف صبا تفاصيل أحدث أعمالها وهي فيلم مسافر: حلب - إسطنبول الذي تقوم ببطولته وتشارك في إنتاجه وفيلم إنشالله ولد (فصل من حياة نوال الخرافية).

فيلم مسافر: حلب - إسطنبول يعرض رحلة لينة ومريم أثناء هربهما من الحرب في سوريا. لينة فتاة في العاشرة من العمر، فقدت عائلتها في الحرب، واضطرت إلي أن تبدأ طريقها إلي تركيا مع شقيقتها الرضيعة وجارتهم مريم، بصحبة لاجئين آخرين. لينة ترغب في العودة إلي الوطن، بينما تأمل مريم في الوصول إلي أوروبا.

مسافر: حلب - إسطنبول من تأليف وإخراج التركية أنداش هازيندار أوغلو، ويقوم ببطولته النجمة صبا مبارك والطفلة روان سكيف، وباستثناء صبا، فكل فريق التمثيل في الفيلم لاجئون سوريون حقيقيون ويمثلون للمرة الأولي، وقد سلطت سكرين دايلي الضوء علي الفيلم اليوم الخميس 18 مايو - أيار.

وعن مشروعها الجديد تقول صبا مبارك "فيلم مسافر: حلب - إسطنبول، يناقش مشكلة اللاجئين السوريين ليس فقط في تركيا، ولكن في كل مكان، وهي المشكلة الأهم في العالم حالياً من وجهة نظري، هؤلاء اللاجئون هجروا بيوتهم تحت القصف والظروف الصعبة، منهم من ترك جثث أطفاله وعبروا الحدود وقضوا الليالي في مخيمات اللاجئين، ونادراً ما يلقون تعاملاً جيداً في الدول الأوروبية التي يذهبون إليها".

المحلل السينمائي علاء كركوتي، الشريك المؤسس في مركز السينما العربية ورئيس مجلس إدارة شركة MAD Solutions التي تنظم فعاليات المركز، حدد نقاط الفيلم قائلاً "يستمد فيلم مسافر: حلب - إسطنبول أهميته من كونه إنتاج مشترك بين جهات من 3 دول عربية وأوروبية، وهو ما انعكس بشكل إيجابي للغاية علي جودة الفيلم تقنياً وفنياً، أيضاً مشاركة نجمة بحجم صبا مبارك في بطولته سترفع من أهميته وفرص تسويه في العالم العربي وخارجه".

الفيلم إنتاج مشترك بين شركات Andac Film Productions وIstanbul Digital (تركيا)، Irish Film Board (أيرلندا) و Pan East Media (الأردن)، وقد حصل مشروع الفيلم علي دعم مادي من وزارة الثقافة والسياحة التركية، وتقوم شركة MAD Solutions بتوزيعه في العالم العربي، بجانب تسويق الفيلم.

وعن مشاركتها في إنتاج الفيلم، تضيف صبا "هذا الفيلم يمثل خصوصية شديدة بالنسبة لي، في البداية كان معروضاً عليَّ المشاركة في بطولته فقط، ولكن إعجابي بالسيناريو الإنساني وما يحمله من طاقة أمل جعلتني أبادر بالمشاركة في إنتاجه، وأعتبرها أحد أهم تجاربي حتي الآن، لأنها تعبر عن رؤيتي ووجهة نظري كفنانة مهتمة بالقضايا التي يمر بها المجتمع الذي أعيش فيه".

وفي الوقت نفسه، من المقرر أن تقوم صبا مبارك ببطولة فيلم إنشالله ولد (فصل من حياة نوال الخرافية)، وهو الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج الأردني الشاب أمجد الرشيد الذي فاز مشروع فيلمه الببغاء بدعم مؤسسة روبرت بوش شتيفتونغ الألمانية لـأفضل مشروعات الإنتاج الألماني العربي المشترك، من إنتاج ديالا راعي التي تضم خبراتها الإنتاجية العمل في الفيلم الهوليوودي کogue One: A Star Wars Story كما شاركت في إنتاج الأردني المرشح للأوسكار ذيب، وتشاركها في الإنتاج آية جردانة.

وتدور أحداث إنشالله ولد (فصل من حياة نوال الخرافية)، حول أرملة توفي زوجها حديثاً، يضغط عليها صهرها لكي تبيع منزلها ويضع يديه علي الميراث الذي تركه شقيقه وفقاً للشريعة الإسلامية، لتبدأ نوال في البحث عن رجل تصبح في علاقة معه ويساعدها هي وابنتها الوحيدة في الحفاظ علي حقهما والاحتفاظ بالمنزل.

بوابة أخبار اليوم المصرية في

20.05.2017

 
 

اشتباك يحصد جائزة أفضل سيناريو وإخراج بجوائز بـجوائز النقاد السنوية لمهرجان كان

أحمد السنوسي

كشف مركز السينما العربية عن قائمة الفائزين في النسخة الأولي من جوائز النقاد السنوية التي تُمنح لأفضل إنجازات السينما العربية خلال 2016، وسوف يقوم المركز بتوزيع الجوائز علي الفائزين في حفل يُقام مساء الأحد 21 مايو - أيار ضمن فاعليات الدورة الـ70 من مهرجان كان السينمائي.

وقد جاءت قائمة الفائزين كالتالي:

أفضل ممثل: مجد مستورة | نحبك هادي | تونس

أفضل ممثلة: هبة علي | أخضر يابس | مصر

أفضل سيناريو: اشتباك | خالد دياب ومحمد دياب | مصر

أفضل مخرج: محمد دياب | اشتباك | مصر

أفضل فيلم: آخر أيام المدينة | مصر، الإمارات

المحلل السينمائي علاء كركوتي، الشريك المؤسس في مركز السينما العربية ورئيس مجلس إدارة شركة MAD Solutions التي تنظم فعاليات المركز، قال عقب الإعلان عن الفائزين "عبر جوائز النقاد السنوية يستمر مركز السينما العربية في دعم السينما العربية والترويج لها علي المستويين العربي والدولي، هذه المبادرة جزء من الوسائل التي نستخدمها لتحقيق ذلك، وسوف يكون هناك المزيد من المبادرات التي تساعد في انتشار السينما العربية بشكل أكثر رسوخًا".

ويضيف ماهر دياب الشريك المؤسس في مركز السينما العربية وMAD Solutions والمدير الفني للشركة "جوائز النقاد السنوية ستستمر سنويًا خلال دورات مهرجان كان السينمائي، خاصة مع وجود مجموعة من أفضل النقاد العرب والأجانب المتابعين للسينما العربية، وسنسعي لتوسيع اللجنة لتشمل نقاد من بلاد وثقافات أخري".

بينما يقول الناقد أحمد شوقي مدير جوائز النقاد "ما حققته الجوائز من تواصل وتفاعل بين النقاد، وبلورة لآرائهم ممثلة في الأفلام المرشحة والفائزة، هو في حد ذاته هدف يستحق ما بُذل من جهد. وإذا أضفنا إليه دور الجوائز في دعم السينما العربية وترويج أفضل أفلامها، فستكون النسخة الأولي من الجوائز نجحت إلي حد كبير في تحقيق الأهداف التي أُطلقت المبادرة من أجلها".

جوائز النقاد السنوية تُمنح لأفضل إنجازات السينما العربية سنويًا في فئات أفضل فيلم، مخرج، مؤلف، ممثلة وممثل، تضم في لجنة تحكيمها 24 من أبرز النقاد العرب والأجانب ينتمون إلي 15 دولة بأنحاء العالم، وهو ما يحدث لأول مرة في تاريخ السينما العربية، وقد وقع الاختيار علي القائمة النهائية المرشحة للجوائز وفقًا لمعايير تضمنت أن تكون الأفلام قد عُرضت لأول مرة دوليًا في مهرجانات سينمائية دولية خارج العالم العربي خلال عام 2016، وأن تكون إحدي جهات الإنتاج عربية (أيًا كانت نسبة وشكل مشاركتها بالفيلم)، بالإضافة إلي أن تكون الأفلام طويلة (روائية أو وثائقية).

وقد كان من بين لجنة تحكيم جوائز النقاد السنوية المصري سمير فريد والفلسطيني بشار إبراهيم اللذان رحلا عن العالم هذا العام قبل أن يتركا بصمتهما في اختيار الأعمال والسينمائيين المرشحين لجوائز هذا العام.

بوابة أخبار اليوم المصرية في

21.05.2017

 
 

الأطفال منتشرون و «آخر أيام المدينة» أفضل فيلم عربي

كان (الجنوب الفرنسي) - إبراهيم العريس

الفيلمان، الروسي «بلا حب»، والسويدي «المربع»، برزا خلال اليوم الثالث لمهرجان «كان» السينمائي ليعطيا هذه الدورة نكهة اجتماعية. ولكن في الوقت ذاته ليعطيا الصغار مكاناً في السينما من الواضح أنه يتوسع فيلماً بعد فيلم، إذ بات واضحاً أن في الدورة الحالية عدداً من الأفلام التي تدور من حول الصغار، يفوق ما شهدته أي دورة أخرى في السنوات الأخيرة. فهل هو «العارض» الإيراني الشهير، في وقت تنسى فيه السينما الإيرانية ذلك الإلزام الذي كان يجبر السينمائيين على جعل الصغار شخصيات أفلامهم المحورية؟ على الإطلاق.

فالأطفال في الأفلام التي شاهدناها حتى الآن، لا علاقة لهم بالأطفال الإيرانيين الذين كانوا مجرد مهرب من الرقابة وتعسفها. الأطفال هنا جديون وذوو أدوار شديدة التركيب، من هذا الذي يهرب في الفيلم الروسي، من أبويه المزمعين على الطلاق من دون استشارته، إلى ذاك الذي في الفيلم الأميركي لمخرجة إيرانية، يقال إنها كانت مساعدة للراحل عباس كيارستامي، الذي يؤخر بلوغه/ بلوغها في شيكاغو لتقرير ما إذا كان/ كانت سيصبح صبية أو فتى. وصولاً إلى ذلك، الرائع في «المربع» لروبن أوسلند، الفيلم المدهش والمضحك والعنيف الذي كان له حتى الآن الأثر ذاته الذي كان لفيلم «طوني إردمان» في العام الفائت... فنرجو ألا يكون له المصير ذاته الذي كان لهذه التحفة الألمانية، إذ نسيته لجنة التحكيم فخرج من مولد «كان» بلا حمص. لكن ملايين المشاهدين حول العالم تدافعوا لمشاهدته والثناء عليه. واضح أن سينما الشمال الأوروبي لديها الكثير مما يمكنها إعطاؤه للشاشات الكبيرة.

أما الكوري بونغ جون سو، فأعطى فيلماً جيداً، ولكن للشاشات الصغيرة. «أوكيا» هو واحد من فيلمين يعرضان في المسابقة من إنتاج نتفلكس، ما يعني أنهما لن يعرضا أبداً في الصالات. لقد بتنا الآن نعرف الكثير عن السجال الذي ثار من حولهما- الثاني هو «حكايات مئيروفتش» الذي سيعرض لاحقاً، ولكن من المرجح أنه لن يثير السجال ذاته. ففي نهاية الأمر، مر عرض الفيلم الأول بسلام ورحّب به كثر من النقاد بمن فيهم أولئك الذين هاجموا الظاهرة. فقد رأوه عملاً جيداً «معادياً الرأسمالية» كما «يجدر بالسينما المميّزة أن تكون». أما التالي، وباعتباره ينتمي تصنيفياً- وإن لم يكن عملياً- إلى السينما النيويوركية المستقلة، فمن المؤكد أنه لن يهاجَم كثيراً، ولن يتوقف كثر عند حجم شاشته!

السينمائيون والصحافيون العرب، في المقابل، لا يخوضون الكثير من النقاش، على رغم ارتفاع عددهم إذ يزيد أضعافاً مضاعفة عن عدد مجمل الأفلام العربية في تظاهرات المهرجان كلها. وهم إن كانوا لا يزحمون الصالات إلا بأعداد بسيطة، تجدهم في المقابل تغصّ بهم حفلات الكوكتيل التي تبرع الأجنحة العربية في إقامتها، على رغم ارتفاع كلفتها والأزمة المالية الخانقة التي يمر بها معظم البلدان العربية التي اعتادت مساندة إنتاجات السينمائيين العرب الشبان.

لكن الوعود كثيرة، ويقول لك أي سينمائي عربي تسأله عن هذا الولع بالكوكتيلات، إنه يأمل دائماً بلقاءات قد تمهد الطريق لمشاريعه كي ترى النور. في هذا السياق لافتة، حتى الآن على الأقل، ندرة الأخبار عن السينما العربية ومشاريعها في مجلات المهرجان اليومية فاراييتي»، «الفيلم الفرنسي»، «سكرين»....). وغياب الإعلانات لها... حين لا تكون هناك إعلانات، تختفي الأخبار، أليس كذلك؟

بصورة أكثر جدية، وإن كان أمرها لا يخلو من سجالات، تعلَن بعد ظهر اليوم، في جناح «ماد سولوشين» - المؤسسة التي تبدو وحدها مندفعة إلى الأمام تحت إدارة الناقد والباحث علاء كركوتي، في وقت يندفع فيه إلى الوراء كل ما له علاقة بالسينما العربية-، في سوق الفيلم، جوائز النقاد العرب للأفلام العربية في دورتها الأولى. فقد اختار خمسة وعشرون ناقداً عربياً وأجنبياً، السينمائيين والأفلام التي منحت الجوائز. ففاز بجائزة أفضل فيلم «آخر أيام المدينة» للمصري تامر السعيد. ومنحت جائزتا أفضل إخراج وأفضل سيناريو لفيلم «اشتباك» لمحمد دياب. أما جائزة أفضل ممثل فكانت من نصيب التونسي مجد مستورة عن فيلم «نحبك هادي»، فيما فازت المميزة هبة علي بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «أخضر يابس» لمحمد حماد.

الحياة اللندنية في

21.05.2017

 
 

مخرج نمساوي عينه على 'السعفة الذهبية' للمرة الثالثة

العرب/ أمير العمري

'نهاية سعيدة' يعيد مايكل هانيكه إلى مسابقة مهرجان كان، وهو فيلم يطرق فيه إلى موضوع الهجرة والمهاجرين القادمين من عالمنا.

إلى مهرجان كان السينمائي يعود مجددا المخرج النمساوي مايكل هانيكه الذي سبق أن حصد السعفة الذهبية مرتين عن فيلميه الشريط الأبيض” (2009) ثم حب” (2012). هذه المرة يعود هانيكه بفيلمه الجديد نهاية سعيدة الذي يأمل أن يضمن له السعفة الذهبية للمرة الثالثة، وهو ما لم يحدث في تاريخ المهرجان العريق الذي يحتفل هذا العام بدورته السبعين.

هانيكه سيطرق هذه المرة موضوع الهجرة والمهاجرين القادمين من عالمنا، ولكن أيضا من خلال انعكاس هذه القضية على أسرة فرنسية أقامت من حولها ستارا متصورة أنها قد حصّنت نفسها من شرور العالم. ترى ماذا ستفعل عندما تجد نفسها وقد أصبحت في مرمى النيران؟ هذا ما سيكشفه لنا الفيلم الذي لم يعرض بعد، علما بأن هانيكه يستعين فيه بالممثل الفرنسي جان لوي ترنتنيان بطل فيلم حب، وممثلته الأثيرة أيضا إيزابيل أوبير التي لعبت دور الابنة إيفا في الفيلم نفسه، وقد أسند أيضا دورا رئيسيا للمخرج والممثل الفرنسي ماتيو كازوفيتز. فهل يفعلها هانيكه ويخطف السعفة الذهبية للمرة الثالثة؟ سنعود للكتابة عن الفيلم نفسه بطبيعة الحال في مقال قادم!

مؤلف سينمائي

في السادسة والسبعين من عمره، بشعره الأبيض الطويل ولحيته الرمادية الكثة يبدو هانيكه كشيخ حكيم خبر الدنيا وعانى أيضا من مشقة العيش. وهو يعرض لنا خلاصة خبرته وتجاربه عبر أفلامه التي تعتبر بمثابة صرخة احتجاج على ما يجري في العالم. هانيكه الذي يمكن اعتباره أحد أهم مؤلفي الأفلام من المخرجين الأوروبيين يبدو وكأنه يصنع فيلما واحدا ممتدا منذ أن بدأ الإخراج السينمائي. وهو على العكس من مظهره الوقور يتمتع بروح المرح ويميل للمزاح، ويعتبر إخراج الأفلام أكثر متعة من مشاهدتها.

مضى 43 عاما منذ أن بدأ هانيكه إخراج الأفلام، وقد أنجز حتى الآن 25 فيلما من بينها عشرة أفلام للتلفزيون وفيلم تسجيلي طويل وحلقتان من مسلسل تلفزيوني، أي أن أفلامه السينمائية الخالصة 12 فيلما أهمها دون شك وأكثرها شهرة، شيفرة مجهولة” (2000)، معلمة البيانو” (2001)، كامن” (2005)،ألعاب مضحكة” (2007) (هذا الفيلم إعادة إخراج في نسخة أميركية من فيلمه السابق بالعنوان نفسه أخرجه عام 1997)، ثم الشريط الأبيض” (2009)، وبعده جاءت التحفة حب” (2012).

بعد الفيلم الأخير أخرج هانيكه فيلما واحدا للتلفزيون، ورغم أن الفيلم ناطق بالإيطالية إلا أنه ليس من الإنتاج الايطالي بل اشتركت في إنتاجه شركات من ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وبلجيكا، ولم يكن بإمكانه أن يصنعه بلغة أخرى، فهو مقتبس من السرد المسرحي الذي كتبه لورنزو دا بونتي لأوبرا موتسارت كوسي فان توتي” (أو كلّهن كذلك”) من عام 1790. ويروي الفيلم بأسلوب سلس كيف يقع شابان في غرام فتاتين شديدتي الفتنة والجمال ثم يتدخل رجل ثري هو دون ألفونسو الذي لا يؤمن بالحب، ويراهنهما على أن بوسعه إثبات أن الفتاتين غير مخلصتين بل تمارسان الخيانة مثلهما مثل سائر الفتيات. ويقبل الشابان الرهان بل ويرحّبان بخوض تلك المغامرة.

يبدو هذا العمل بعيدا عن معظم أعمال هانيكه المهموم عادة بمشاكل الفرد في إطار الأسرة، والأسرة في إطار المجتمع ككل وفي علاقتها بالعالم من حولها، خاصة عندما تريد أن تغلق الأبواب على نفسها لكنها تفشل في النأي بنفسها عن المشاكل. وأفلام هانيكه رغم طابعها الاجتماعي تتضمن عادة جرعة من الرعب عن طريق الصدمة، وهو يتعمّد أن يصدم لكي يفتح عيون مشاهديه على الواقع الإنساني القاسي.

الكشف عن الماضي

يبدو فيلم كامن” (أو خفي) للوهلة الأولى كما لو كان أحد أفلام الإثارة البوليسية، فعناصر الفيلم البوليسي المشوّق تبدو متوفّرة ومنها الحبكة التي تدور حول أسرة من الطبقة الوسطى الفرنسية، الزوج جورج المذيع التلفزيوني الناجح، وزوجته آن التي تعمل محررة في إحدى دور النشر، وابنهما الصغير، هذه الأسرة تتلقى شرائط فيديو تصور المسكن الذي تقطن فيه الأسرة من الخارج، ثم مكالمات هاتفية غامضة، ثم تصلها شرائط تصور أشياء تحمل إشارات من الماضي، تحديدا من حياة جورج، وهي أشياء كان قد أغفلها أو نسيها وتناساها تماما. ولكن من أين تأتي هذه الشرائط؟

تصاب الأسرة الصغيرة بحالة من الفزع، ثم يبحث الزوج عمّن يكمن وراء تلك التهديدات الغامضة، ثم يختفي الابن الصغير بييرو بعد خروجه من المدرسة وتنقطع أخباره. لكن كعادة أفلام هانيكه لا تكون هذه العناصر سوى حيلة لاستدراج المتفرج إلى الموضوع الذي يتناول قضايا أعمق وأكثر تعقيدا، فشرائط الفيديو التي يتعاقب وصولها إلى عتبة المسكن تستدعي الماضي الكامن داخل جورج، فتتراجع تدريجيا ثقته في نفسه، ويوشك على الانهيار. وتحت وطأة الأحداث المتعاقبة تنهار علاقة الزوجين التي بدت لنا في البداية مثالية، بعد أن تنكسر قشرة السعادة الظاهرية للأسرة.

يكشف الفيلم تدريجيا عمّا هو كامن من ماضي جورج في علاقته بأسرة جزائرية كان مسؤولا -على نحو ما- عمّا بلغته من مأساة. ويستخدم هانيكه الحيلة لكي يكشف عن المخفي والمسكوت عنه، ويلمس بقوة عقدة الذنب الفرنسية إزاء الجزائر، والعلاقة الشائكة المعقدة بين الشمال الغني والجنوب الفقير، ينتقل من الخاص الفردي إلى العام الجمعي، فجورج الذي يواجه مسؤوليته الآثمة عمّا وقع في الماضي موهما نفسه بأن ما فات قد ولّى وانقضى وليس هناك أيّ داع للتفكير فيه أو استدعائه، يختصر فرنسا التي تهرب من مواجهة ماضيها.

ورغم البناء المنسوج ببراعة، ورغم السيطرة المدهشة على كل جوانب الفيلم من ناحية الإخراج بحيث يشعر المشاهد بنوع من التنويم الإيحائي وهو يتابع ما ينشأ مع تعقد الحبكة والكشف عن مزيد من الطبقات التالية المرتبكة بالماضي، يفاجئ هانيكه جمهوره بصدمة قاسية عنيفة في النهاية على عادته في أفلامه التي تنتقل من البراءة إلى العنف، ومن النعومة والانسجام إلى القسوة. أليس هذا ما ينتهي إليه فيلمه الأشهر حب”.

القتل حبا

هنا أيضا زوج وزوجة، جورج وآن، وهما من الموسيقيين المخضرمين، وقد بلغا الآن الشيخوخة، وأصبحا يقفان على عتبة الموت. لديهما ابنة وحيدة لا تقيم معهما هي إيفا تقوم بزيارتهما أحيانا. بعد عودتهما من حفل موسيقي تصاب آن بجلطة تقعدها وتصبح مشلولة كما تفقد الذاكرة. تنتقل آن إلى المستشفى حيث تتلقى علاجا ثم تعود إلى المنزل لكي يرعاها جورج، يعدّ لها الطعام والشراب، يدلك لها ساقيها، يراود كليهما الأمل بأنها يمكن أن تستعيد عافيتها. لكن حالتها تزداد سوءا.

الحدث بأكمله يدور خلال ساعتين (هي زمن الفيلم) داخل شقة الزوجين المحبين اللذين تربطهما ذكريات طويلة مشتركة. الحب يوحّد بينهما رغم الألم الذي تعانيه الزوجة. يتمسك جورج حتى النهاية برعاية زوجته. لكن تدهور حالتها وزيادة معاناتها يجعله يقدم على الفعل القاسي الصادم، القتل الرحيم بالطريقة المتاحة أمامه، ثم يغادر المنزل ليعود بباقة من الورد ثم يجلس لكي يكتب رسالة بعد أن يسدّ منافذ الشقة كلها بالأشرطة اللاصقة حتى لا يتسرب الغاز الذي سينهي به حياته على ما يبدو.

هل كان هذا هو الحل الوحيد المتاح أمام جورج؟ ولماذا؟ وما الذي أوصله لذلك بعد أن ظل طويلا يرعى زوجته؟

هانيكه يطرح في أفلامه الكثير من التساؤلات التي لا يجيب عنها، بل يتركها للمشاهدين. فهدفه ليس تحديد الأسباب أو معرفة الجاني والمسؤول وتقديمه للعدالة مثلا (في حالة فيلم كامن”)، فما هي العدالة؟ وهل هناك جريمة أصلا؟ أم أننا أمام فكرة تقوم على عناصر تتوازن مع بعضها البعض لكي نتعرف من خلالها على صورة أعمق وأشمل لما يدور في العالم؟

ما هي حقيقة ذلك الإرهاب الذي يتحدثون عنه في الفيلم؟ من المسؤول عنه؟ ومن أين أتى؟ وهل هناك فكرة أحادية مجردة تجيب عن كل شيء؟ وما معنى الحب؟ وهل يمنع الحب العجز؟ وهل بوسعه أن يتغلب على مآسي الحياة المفاجئة؟ أليس من حق الإنسان أن يضع حدا لمأساته من تلقاء نفسه؟ أم أن من الأفضل أن يترك نفسه خاضعا لأهواء القدر؟

في أفلام مايكل هانيكه لا يوجد تفسير درامي سهل واضح معتاد، بل تساؤلات مقلقة ومضنية تنطلق من منطلقات أخلاقية لتصل إلى آفاق تتعلق بالوجود الإنساني نفسه ومغزاه، في علاقته بالآخر. إنها سينما قلقة معذبة تفتح الأبواب لتدخلك معها، غير أنها لا تكشف لك تماما عمّا في الداخل.

يقول هانيكه في كل أفلامي أفحص ماهية الحقيقة في السينما والإعلام. وأشك كثيرا في أن يكون بوسع المرء العثور على الحقيقة من خلال مشاهدة فيلم. ودائما ما أقول إن الفيلم الروائي هو 24 كذبة في الثانية، وهي أكاذيب قد تروى بغرض الوصول إلى الحقيقة، بيد أن الأمر ليس كذلك دائما”.

في المشهد الأخير من فيلم كامن يعود الزوج جورج إلى مسكنه، يتناول قرصين من الأدوية المهدئة، يتصل بزوجته هاتفيا ليقول لها إنّه يرغب في أن ينال قسطا من الراحة، ويودّ ألاّ يزعجه بييرو عندما يعود، ثم يتّجه إلى نوافذ الحجرة فيسدل الستائر السميكة فوقها، ويدلف إلى الفراش، يغطّي نفسه جيدا ويرقد في الظلام.. لقد عاد إلى التقوقع على نفسه ورفض مواجهة الضوء، وفضّل أن تبقى الأشياء مخبأة مدفونة. أما جورج في حب فهو يفضل الهرب من الحياة على الاستمرار في مواجهة قسوتها على المرأة التي أحبها بكل جوارحه.

الشريط الأبيض

وفي فيلم الشريط الأبيض يروي هانيكه قصة تدور قبل نهاية الحرب العالمية الأولى، أبطالها مجموعة من الأطفال ينشأون في أسرة بروتستانتية ألمانية شديدة التزمت. تتم تنشئتهم لكي يتلقّوا الأوامر -كما يقول في أحد مقابلاته-ويصبحوا خاضعين لها. “إنهم يهيئونهم لتعلّم كيفية القبول بالسلطة، حتى وهم يصرّون بأسنانهم. لكن التربية والتعليم دائماً يعني ترويض حرية الفرد بحيث يتمكّن المرء من الاندماج في المجتمع. الأطفال في الفيلم يحوّلون المُثل العليا عند الآباء، بشأن تنشئة الأطفال، إلى شيء مطلق، إلى حقيقة مطلقة، حتى ولو لم تجلب لهم أيّ سعادة أو بهجة”.

كثير ممن شاهدوا الفيلم فهموا أن هانيكه يشير في حقيقة الأمر إلى ما وقع لجيل النازية في ألمانيا، فبعد عشرين عاما سيصبح هؤلاء الأطفال عمادا للفاشية الألمانية وسيمارسون بدورهم عنفا أشد ممّا مورس عليهم أو شاهدوه من حولهم في القرية العجيبة التي كانت تشهد أحداثا غامضة. لقد أراد أن يصور كيف يتحول التشدد إلى أيديولوجيا مدمرة.

أسلوب هانيكه غير تقليدي رغم أن مسار السرد عادة ما يكون تقليديا، فالسرد في أفلامه يسير إلى الأمام دون القفز بين الأزمنة والأماكن، ودون أن يعتمد على التداعيات أو على تداخل عناصر أخرى من خارج الصورة، كما أنه يبدو مخلصا للتكوين الكلاسيكي، للمشاهد التي تدور داخل ديكور واحد محدد المعالم ويلتزم بتصعيد الحدث حتى يصل إلى نهايته الذهنية لا الآلية التي تبدو كـخاتمة، فالخاتمة عند هانيكه قد تكون بداية لحالة أخرى جديدة ذهنية يريد أن ينقلها أو يجسّدها للمشاهدين.

لذلك نقول إن أسلوبه غير تقليدي رغم تقليديته الظاهرية. إن صوره ولقطاته تخفي أكثر مما تظهر، أو تشير من ظاهرها إلى ما يوجد في باطنها من دلالات، ولذلك فهو أقرب إلى برغمان، منه إلى أيّ مخرج آخر ظهر من قبله. ولأفلامه إيقاع خاص، بطيء، ممتد، متعمد لكي يتيح للمتفرج مساحة للتأمل، للإحاطة بتفاصيل المكان، وهو لذلك يعتمد على التكوين وعلى أداء الممثلين، وعلى الكاميرا الثابتة واللقطات التي تستغرق مدة أطول من المعتاد على الشاشة بغرض إتاحة مساحة للتأمل، خصوصا وأن الانتقال من لقطة إلى أخرى لا يتم حسب تتابع الحوار بل يتجاوز هذا إلى الإبقاء على اللقطة حتى بعد أن يتوقف الحوار.

مايكل هانيكه دائما ما يدخر لنا الكثير من المفاجآت في أفلامه. وما علينا سوى أن ننتظر قليلا إلى أن نشاهد فيلمه الجديد.

ناقد سينمائي من مصر

العرب اللندنية في

21.05.2017

 
 

ذلك الفستان في "كان"

معن البياري

بزعم تحقيق التوازن بين قارّات العالم كما قالوا، اختار القائمون على مهرجان كان السينمائي، في دورته الجارية، إسرائيل بين 17 دولة تشارك في عرض 24 فيلما روائيا طويلا وخمسة تسجيلية طويلة وفيلم قصير واحد، من كلاسيكياتٍ لمشاهير في الإخراج السينمائي، وذلك في احتفاليةٍ بمناسبة العام السبعين للمهرجان العالمي العتيد. وكان يمكن استهجان غياب السينما المصرية العريقة من هذه الاحتفالية، إلا أن تغييب سينماتٍ أخرى، ذات حضور على مستويي الصناعة والفن، كالروسية والهندية، سيجعل الأمر عاديا ربما، وإن حضرت سينما موريتانيا (!)، غير أنه ليس ممكناً تمرير وجود السينما الإسرائيلية في هذه التظاهرة بالعاديّة نفسها، فأيّ إضافاتٍ وإنجازاتٍ خاصة لهذه السينما، لتصير مشاركتها هذه تحقّقا لتوازنٍ جغرافي؟ 

ولا تحضر السينما الإسرائيلية هنا فقط في المهرجان، وإنما أيضا في جناحٍ خاص بها أيضا، ينشط من أجل اجتذاب مشاريع سينمائية لإنتاجها في إسرائيل. والظاهر أن هذا كله لا يجذب اكتراث الصحافات الأجنبية، المهتمة بالسينما وجديدها وجوائزها، في تظاهرة كان العالمية التي يتبارى الآن على الظفر بسعفتها الذهبية 19 فيلما، لم نقرأ أن واحدا منها إسرائيلي. ولم يكن واحدُنا ليلتفت إلى قصة السينما الإسرائيلية هذه في مهرجان كان، لولا أن وزيرة الثقافة والرياضة في دولة الاحتلال، ميري ريغيف، والموصوفة من أوساط إسرائيلية غير قليلة بأنها امرأةٌ سوقيةٌ وغبيّةٌ، تشاطرت في محاولتها الاستثمار الدعائي لأزعومة القدس الموحدة المحرّرة عاصمةً لإسرائيل، فمرّت على السجادة الحمراء في طريقها إلى مشاهدة فيلم الافتتاح، وهي ترتدي فستانا أبيض، رُسمت عليه صورة القدس وأسوارها وقبة الصخرة فيها، كلّفها كما قالت ألف دولار، بغرض لفت انتباه العالم إلى ما تحوزه "أورشليم القدس" من مكانةٍ خاصةٍ لدى إسرائيل، ولديها هي الوزيرة التي تتصف بأحط مظاهر العنصرية المقيتة، والتي لم نعد نصادف الأخبار عنها إلا مشتملةً على مقادير ظاهرةٍ من البلاهة، كما تبدى حالها هذا مرّة في خبرٍ عن مغادرتها قاعة أمسيةٍ فنية، لمّا غنّيت فيها قصيدةٌ لمحمود درويش

تُرى، هل نجحت ميري ريغيف في استعراضها الدعائي السمج في "كان"؟ أم أن ظهورها بذلك الفستان عَبَر في الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، مع ازدرائه والتنكيت والضحك عليه، ومع رسومٍ أخرى، سارع نشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي إلى إشهارها، تظهر فيها الوزيرة المذكورة تلبس الفستان نفسه، بعد أن رُسمت عليه تعبيراتٌ عن جرائم إسرائيلية مشهودة؟ مؤكّدٌ أن استفزاز الفلسطينيين والعرب الذي أرادته هذه المرأة لم يحدث، وأن الرأي العام في مطارح عديدة لم يحفل بهذا التمثيلية، الفقيرة فنيا، في أثناء افتتاح أهم حدثٍ عالميٍّ للسينما. وإذا كانت المتطرّفة المعلومة توسّلت، في مشهدها العابر ذاك، ردّا على قرارات "اليونسكو" التي أكّدت مجدّدا رفض احتلال القدس، فإن المنظمة الأممية، المعنيّة بالثقافة والتربية والعلوم، ليست في وارد أن تنشغل بأوهام الوزيرة الإسرائيلية هذه، والتي تستحكم في مداركها، طالما أن ريغيف، وحدها، على ما تأكّد وتبيّن، كانت "مسرورةً لنجاحها في طرح موضوع القدس في المهرجان المهم من خلال فستانٍ بألف دولار"، على ما نقلت "يديعوت أحرونوت" عنها. وطالما أيضا، أنها وحدها التي تصدّق تخريفها عن "بناء جسرٍ للسلام بين الأفكار والمعتقدات والثقافات بواسطة الثقافة". والمعلوم أن الليكودية، صاحبة هذا الكلام، كانت متحدّثةً باسم جيش الاحتلال، وطالما سوّغت جرائمه، وهي التي، في موقعها الوزاري الراهن، تتزّعم تحرّكاتٍ في الأوساط الإسرائيلية الحاكمة والأهلية، من أجل إلزام العرب الفلسطينيين، أهل الأرض وسكانها الأصليين، بالولاء لدولة الضم والنهب التي تمثلها صاحبة الفستان الذي ذاعت السخرية منه

يجوز أن نرى في فعلة ميري ريغيف في مهرجان كان دأبا إسرائيليا على كل ما من شأنه توظيف مناسباتٍ ثقافيةٍ وفنيةٍ عالمية، من أجل ترويج التدليس إيّاه عن الفلسطينيين والعرب معادين للسلام، فيما دولة الاستيطان هي عنوان السعي إلى السلام. هذا حادثٌ ومعلوم، إلا أن بدعة الفستان كانت فاشلةً وخاسرة.

كاتب وصحفي من الأردن، مواليد 1965. رئيس قسم الرأي في "العربي الجديد".

العربي الجديد اللندنية في

21.05.2017

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)