وقالت لجنة التحكيم في بيان لها إن المخرج استطاع أن يقدم نظرة واقعية ومبهرة عن مدى العنف الموجود حاليًا وتأثيره على المجتمعات المختلفة، وطرح القضية بطريقة جذابة.

وصعدت لجنة التحكيم إلى خشبة المسرح، وأعلن رئيس اللجنة أن جائزة أفضل سيناريو تذهب إلى فيلم "انا مون أمور". وكانت فعاليات الدورة الـ ٦٧ قد بدأت فى الـ ٩ من فبراير وتتواصل حتى غد الأحد بعرض الأفلام الفائزة.

يذكر أن فيلم " Mama Colonel" للمخرج ديتو حمادى قد فاز بجائزة TAGESSPIEGEL READERS كأفضل فيلم فى قسم "الفورم" بالدورة الـ67 من مهرجان برلين السينمائى.

####

كما ذهبت جائزة الدب الفضى للممثل جورج فريدريك بطل فيلم bright  nights، ووصفته لجنة التحكيم بأنه ممثل أبدع في تجسيد دوره، والذى صعد ليشكر أسرة الفيلم ويوجه لهم التحية على الفترة قضاها في العمل معهم.

أما جائزة الدب الفضى لأفضل ممثلة فحازت عليها النجمة كيم ميلهي، بطولة فيلم On the beach at night alone، حيث وصفتها لجنة التحكيم بأنها ممثلة قادرة على التحكم في انفعالاتها وتستطيع أن تظبط ساعتك على دقة أدائها وعند تسلمها الجائزة بكت ميلهي وشكرت لجنة التحكيم على منحها الجائزة.

أما جائزة الدب الفضى لأحسن مخرج، وقدمتها المنتجة التونسية درة بوشوشة فذهبت للمخرج أكى كاوريسمكى مخرج فيلم the other side of hope.

كما ذهبت جائزة الدب الفضى لأفضل تصوير لفيلم poket، حيث صعدت مصورة الفيلم على مسرح المهرجان مع زوجتها حيث إنها ذات ميول مثلية، قالت: أتمنى أن يأتى إلى العالم أناس يملكون قدرًا من الإنسانية تكون أساس حكمهم للعالم في الظروف الصعبة التى يعيشها.

####

وصعدت فى بداية الحفل لجنة التحكيم إلى خشبة المسرح، وأعلن رئيس اللجنة أن جائزة أفضل سيناريو تذهب إلى للفيلم الرومانى mon amour Ana للمخرج كالين بيتير نيتزير، وأيضا جائزة أحسن إسهام فنى.

كما حصل فيلمfantastic woman  على جائزة أفضل سيناريو، حيث قال مخرجه سيباستيان ليليو وهو يتسلم الحائزة: "إن الفيلم عمّن يرغبون فى توديع من يحبون ولا يتمكنون من ذلك، حيث توفى أبى من 7 سنوات ولم أستطع توديعه، وشكرت أسرة العمل لجنة التحكيم على اختيارها الفيلم"، كما أهدوا الجائزة لبطلة العمل دانيلا، والفيلم من بطولة دانيلا فيجا وفرانسيسكو ريايز ولويس جنيكو والين كابينهيم وأمبارو نوجيارا.

كما ذهبت جائزة الدب الفضى للممثل جورج فريدريك بطل فيلم  bright nights، ووصفته لجنة التحكيم بأنه ممثل أبدع فى تجسيد دوره، والذى صعد ليشكر أسرة الفيلم، ويوجه لهم التحية على الفترة قضاها فى العمل معهم، والفيلم يتناول علاقة بين أب وابنه بعد انفصاله عن والدته، حث يصطحبه إلى جنازة جده ليقضيا معا عددا من الأيام وهو العمل الذى يقوم ببطولته الممثل جورج فريدريك، والممثل المراهق تريستان جوبل ومارى لينبيرجر وهانا كارلبيرج، للمخرج توماس أرسلان.

أما جائزة الدب الفضى لأفضل ممثلة فحازت عليها النجمة كيم ميلهى، عن الفيلم الكورى On the beach at night alone، حيث وصفتها لجنة التحكيم بأنها ممثلة قادرة على التحكم فى انفعالاتها، وتستطيع أن تضبط ساعتك على دقة أدائها، وعند تسلمها الجائزة بكت ميلهى وشكرت لجنة التحكيم على منحها الجائزة، والفيلم للمخرج هونج سانج سو.

أما جائزة الدب فضى لأحسن مخرج، وقدمتها المنتجة التونسية درة بوشوشة، فذهبت للمخرج أكى كاوريسمكى مخرج الفيلم الفيلندى الألمانى the other side of hope.

العمل يتناول حياة اللاجئين فى أوروبا، حيث تدور أحداث الفيلم حول لاجئ سورى يلجأ إلى فنلندا ويعمل بائعا متجولا ويتعرف على مجموعة من اللاجئين هناك إلا أنه يواجه صعوبات فى التأقلم مع المعيشة هناك ويرصد المخرج حياة اللاجئين فى إطار كوميدى.

والفيلم من كتابة وإخراج وإنتاج أكى كاوريسمكى الذى انقطع عن تقديم أعمال جديدى على الشاشة الفضية 6 سنوات، ويشارك فى بطولته تومى كوربيلا وفيل فيرتانن وكاتى أوتينين وشيروان حاجى ويورن دونر وتانيلى ماكيلا وتيمو توريكا وماريا جارفينهيلمى وهانو بيكا بيوركمان، الفيلم تم طرحه جماهيريا فى فنلندا 3 فبراير الحالى ومن المنتظر طرحه فى السينمات بفرنسا 15 مارس المقبل، وبالسويد 17 من نفس الشهر وفى بريطانيا 28 أبريل المقبل.

كما ذهبت جائزة الدب الفضى لأفضل تصوير لفيلم poket، حيث صعدت مصورة الفيلم على مسرح المهرجان مع زوجتها، حيث إنها ذات ميول مثلية، وقالت: أتمنى أن يأتى إلى العالم أناس يملكون قدرًا من الإنسانية تكون أساس حكمهم للعالم فى الظروف الصعبة التى يعيشها.

كما حاز الفيلم الفرنسى Félicité على جائزة الدبى الفضى لأفضل فيلم، جائزة لجنة التحكيم، وبطولة  بابى ماباكا والمخرج الين جوميز، والممثلة فيرو تشاندا بيا وجيتان كلوديا، ونادين ندبو وعزيزة كينجومبى.  

18.02.2017

المبدع خارج السوق، وبعيداً عن قانون العرض والطلب يتمتع بحرية مطلقة فى التناول، فهو لا يخشى الشباك، ولا ينتظر أن يرضى عنه المنتج ليمنحه فرصة ثانية، لسبب بسيط ومنطقى أنه هو عادة المنتج الأساسى، ويكفيه أن يرضى نفسه ويحقق حلمه، فى العادة يحصل على مساهمات إنتاجية عن طريق العديد من المؤسسات والمهرجانات، وسوف تلمح فى تترات فيلم «صيف تجريبى»- أول إخراج لمحمود لطفى- اسم مؤسسة الدوحة مثلاً، وعدداً من أفلامنا التى شاركت فى مهرجانات ولاتزال ستجد دائماً تلك المساهمات الإنتاجية، وبالطبع نظام العرض السينمائى فى مصر طارد لمثل هذه التجارب، ولا أتصور أنهم يضعون فى المعادلة إمكانية التسويق فى الداخل، لتعويض ما أنفقوه، ولكن التسويق الخارجى يحقق المعادلة الإنتاجية المطلوبة.

«صيف تجريبى» اسم يشى بطريق غير مباشر لمضمونه، فهو فى الحقيقة بلا معنى، وهذا هو ما يريده أن يصل للجمهور، يتناول الفيلم التاريخ والتوثيق فى حياتنا، وكيف أن الحياة مليئة بالعديد من المعلومات الزائفة، والتى لها فقط من كثرة تداولها مذاق الحقيقة، ولكنها لا تعبر عنها، ولهذا يدخلك المخرج فى أكثر من حكاية وبأكثر من أسلوب حتى يبدأ تعاقده الشخصى معك، والذى يقضى بأنك لا تتوقع أن يجيب عن سؤال برأى قاطع، فلا توجد لديه حقيقة من الممكن أن يرتكن إليها، ولا رأى قاطع.

نحن لا نتابع حكاية، ولكن حالة أرادها المخرج محمود لطفى عن طريق كشف الزيف بزيف آخر، على طريقة لا يفل الحديد إلا الحديد، كل ما فى هذا الفيلم مزيف ما عدا حقيقة واحدة أنه لا توجد حقيقة مطلقة.

المخرج فى «صيف تجريبى» يبحث عن وهم فيلم مفقود يحمل الاسم نفسه، والنسخة الأصلية ضائعة، وهناك العديد من النسخ المزيفة، وكلما اقتربت من الحقيقة تكتشف أنك تبتعد عنها، المخرج بين الحين والآخر لا يريد لجمهوره أن ينسى أنه يمارس لعبة، ولهذا لا يستغرق فى أى حكاية حتى تكتمل، بل يحرص على أن يوقظ جمهوره من الاندماج فى كل لحظة يستشعر فيها أنهم على مشارف التعايش والتماهى مع الحكاية، يلقى فوراً بمعلومة تؤكد أنهم يتوجهون إلى كذبة أكبر، وهكذا تستمر تلك المتاهة، اللا منطق هو تحديداً المنطق، ولهذا يقدم مشهداً لرجل وامرأة يطرقان باب شقة والمفتاح ينكسر، الجار يفتح باب شقته ويمنحهما غرفة خاصة فى منزله ثم تأتى من تسأل عن أمها التى داخل الغرفة، رغم أنها بحكم فارق السنين لا يمكن أن تكون أمها ويستمر فى الحيرة التى يقدمها لنا، ولا يتوقف أبداً عن المداعبة، وإليكم مثلاً هذا المشهد، الذى يتناول فيه جهاز «الأنسر ماشين»، والذى من خلاله نشاهد موقفا محددا يعتمد على جهاز «الأنسر» إلا أن المخرج يفاجئ جمهوره قائلاً على الشاشة من خلال تعليق مكتوب إن كل ما شاهدوه صحيح، ما عدا شىء واحد، وهو أن هذا المشهد حدث قبل اختراع الأنسر ماشين، فهو يدخلك فى متاهة لا تنتهى.

الفيلم يستند فى أحداثه التوثيقية للتقويم المصرى القديم فى ذكر السنوات، وكأنه بينما يبحث عن جذور السينما فى بحثه المتخيل عن فيلم أطلق عليه «صيف تجريبى» فهو يريد أيضاً أن يؤصل التاريخ المصرى من خلال أسماء الشهور الفرعونية القديمة «القبطية»، وكما هو معروف فإن «قبطى» تعنى «مصرى»، وليس لها علاقة بالديانة، وهو فى الحقيقة يستحق فيلماً لتقديمه برصد حقيقى، وليس على الهامش.

عرفت مصر هذا التقويم منذ 4241 سنة قبل الميلاد، وهكذا فإن مخرج «صيف تجريبى» يحرص على أن تُصبح هذه هى البداية، فى الاستناد التاريخى والتوثيق الذى تتبعه، وهكذا ستجد فى الفيلم شهوراً مثل توت وهاتور وكيهك وطوبة وغيرها، يبدو المخرج يقدم ما يعن له، هل هى مطالبة مثلاً بأن نعود للتقويم المصرى القديم، ولكن السياق السينمائى لا يقدم لنا أبداً ذلك، وليس له علاقة بهذا النمط فى التفكير فى البحث عن مبرر تاريخى، ثم كان ينبغى أن يقدم بجواره التقويم الميلادى، حتى لا يربك المشاهد، فى البحث عن الشهر والعام المقابل.

هل كان يبحث عن تاريخ السينما حقيقة، أم أنه قدم نقطة افتراضية فى المطلق؟ أتصورها كذلك ولم يكن حتى يريد أن يوجه رسالة تحية للسينما المصرية، مثلاً من خلال ذكره لأسماء مثل الرائد محمد بيومى أو عميد المسرح وفنان الشعب يوسف وهبى، توقف محمود لطفى أمام فيلم قديم عمره أربعون عاما «المغنواتى»، باعتباره مستقلاً والحقيقة أنه لا ينطبق عليه توصيف مستقل، هو فقط من الأفلام التى كانت تحمل نمطاً مخالفاً فى الإنتاج لما هو شائع، كما أنه شهد الدفع بعلى الحجار كبطل فى بداية ظهوره الفنى مع شكرى سرحان وسهير المرشدى، فهو فيلم قليل التكاليف، كما أن بالفيلم لمحة ملحمية، والحقيقة التاريخية هى أن سيد عيسى كان بصدد إخراج فيلم «شفيقة ومتولى» لسعاد حسنى، وأول بطولة لأحمد زكى، ولكن حدثت خلافات حادة بين سعاد وسيد عيسى، كانت سعاد لها تحفظات على أسلوب سيد عيسى فى فن إدارة الممثل، وانسحبت فى اللحظات الأخيرة وأسند إخراج الفيلم إلى على بدرخان، بعد انسحاب سيد عيسى أيضاً، والذى كان قد أنشأ بجهود خاصة من الفلاحين فى قريته بمحافظة الدقهلية استديو، قرر استثماره مع فيلم «المغنواتى» الذى لم يحظ وقتها بأى قدر من النجاح التجارى.

ولم يكن بالطبع لتلك الحكاية أى تواجد بالفيلم، ولكنه فقط أراد أن يوجه تحية لفيلم «المغنواتى» وتستمر اللعبة حتى النهاية، المخرج منح نفسه حرية الحركة بين التسجيلى والروائى، وفى بعض المشاهد الدرامية كان يبدو هناك قدر من الافتعال فى الأداء بين الممثلين، ولكن فى كل الأحوال، نحن أمام مخرج شاب يحمل بداخله طموحاً مشروعاً وجرأة دفعته لكى يمثل مصر هذا العام فى برلين، ويبقى السؤال: هل يشاهد المتفرج المصرى «صيف تجريبى» مع الأسف سيظل فيلما نخبويا لا يتجاوز حدود المهرجانات وتلك هى الأزمة، نمط التوزيع فى مصر مسؤول عن ذلك فهو لا يسمح إلا بالنوع الواحد!

18.02.2017

صادم ومفزع

كما ورد في رسالة سابقة، تناول «الجانب الآخر من الأمل» حكاية مهاجر سوري وصل إلى هلسنكي ناشدًا البقاء إلى أن ينجح في البحث عن شقيقته التي تاهت منه عند بعض الحدود الأوروبية فذهب كل منهما في طريق. لا ينوي المخرج المعروف تحويل الفيلم إلى أي وجهة أخرى غير وجهة تقديم ما يعانيه بطله من أوضاع بطالة وتسكع وعنصرية في شوارع المدينة المظلمة. لا يحوّله إلى فيلم تشويقي بل يكتفي بما تفرزه الحكاية من أوضاع إنسانية علمًا بأنه ليس أهم وأفضل ما أنجزه كوريسماكي في حياته من أعمال.

في الموضوع السوري نفسه، وفي تظاهرة «بانوراما» تم تقديم فيلم آخر عنوانه «إنسرياتد» Insyriated (كلمة مركبة عن التحول إلى تكوين سوري) للمخرج البلجيكي فيليب فان لييو، الذي سبق له أن عمل مدير تصوير، و«إنسرياتد» هو فيلمه الثاني مخرجًا. التمويل جاء أساسًا من بلجيكا وفرنسا مع اشتراك لبناني محدود (ربما على صعيد تقديم خدمات التصوير كموقع وتجهيزات). من الوهلة الأولى هو فيلم صادم ومفزع: عائلة مكوّنة من أم ووالد زوجها، و3 أولاد، ومن جارة لها تسكن الطابق الأعلى، محكومون بالبقاء داخل المنزل الكبير في بناية على خط النار في مكان ما من مدينة دمشق. يبدأ الفيلم في الصباح الباكر عندما يخاطر زوج الجارة بالخروج من العمارة فيصاب بطلقة قنّاص، ويقع أمام ناظري الخادمة دلهاني (جولييت نفيس) خلف سيارة متروكة. تخبر صاحبة البيت أم يزن (هيام عبّاس) بما حدث فتطلب منها هذه الصمت التام وعدم إخبار الجارة حليمة (دياموند أبو عبّود) بما وقع. غاية أم يزن أن تحافظ على أمن البيت بأي ثمن. لكن الأمر ليس سهلاً في وضع غير مستتب ومحاط بالاحتمالات. وهذا يتأكد عندما يقتحم رجلان غير محددا الانتماء البيت. في حين كان الجميع قد هرع إلى المطبخ، وجدت الجارة حليمة نفسها في مواجهتهما وأحدهما يعتدي عليها جنسيًا قبل خروجه وزميله. هذا الوضع يفصح عن نفسه بنفسه: لقد حمت الجارة باقي الأسرة من القتل أو الاغتصاب أو السرقة (أو كل هذه الأفعال معا) بجسدها وهي بعد لا تعرف أن زوجها ملقى على بعد أمتار قليلة من البناية. عندما تعلم تتطوّر هذه الدراما إلى وضع آخر وتهرع وابنا الجارة (شاب وفتاة) إلى تعريض أنفسهم للخطر بغية معرفة مصيره، ويكتشفون أنه ما زال حيًا. ينتهي الفيلم بتأكيد الحالة الصعبة لحياة هذه النماذج من المواطنين، لكن مع أمل معلّق بأن حليمة وطفلها سوف يفران بصحبة بعض شباب المنطقة الذين لا هم من رجال النظام على ما يبدو ولا هم من رجال المعارضة، ولا الفيلم يريد أن يصيب برصاصه أيًا من فرقاء القتال، مكتفيًا بالحالة الإنسانية الماثلة.
بهذا كله كان الفيلم أكثر صلاحية من بعض ما عرض من أفلام المسابقة. لكن هذا كله لا يعني أنه بلا أخطاء في تركيبته الدرامية: قيام المخرج بكسر ثيمة البقاء في الموقع الداخلي الواحد عبر مشهد واحد (التسلل إلى مكان رقود الزوج خلف السيارة) لم يكن يستدعي الخروج عن التركيبة السائدة. كان يمكن تصوير المشهد من داخل البيت وبلا حوار، ولو فعل المخرج ذلك لحافظ على وحدة العمل بشكل أفضل.

كذلك يستدعي الفيلم احتمال أن تكون الأحداث وقعت في دمشق من دون ذكرها. ما هو مذكور هو أن المبنى يقع على بعد نصف ساعة من سجن المزّة. لكن بوجود أصوات قصف دائم ومعارك محتدة وقنص، فإن حلب أو حمص هما المكان الأمثل لكي تقع الحكاية في أي منهما.

تسجيلي ولكن...

في قسم «بانوراما» الخاص بالأفلام التسجيلية، تم عرض آخر عمل للمخرج الجزائري مرزاق علواش وعنوانه «تحقيق في الجنة». شهد إقبالاً كبيرًا هنا (كما حال «إنسرياتد») بسبب موضوعه، فهو تحقيق حول جذور التطرف الإسلامي في الجزائر، وكيف يغرر بالشباب لضمّهم إلى آيديولوجيته. هناك هذه الصحافية الشابة نجيمة التي تحتفظ على الكومبيوتر بجزء من خطاب متشدد تعرضه على نماذج مختلفة من الناس، طالبة منهم رأيهم فيما يقوله الخطاب في موضوع الجنة وحورياتها لكل من يدفع حياته مجاهدًا. هناك قضية حقيقية يثيرها الفيلم ذو الشكل التقريري - البحثي القائم على تصوير الصحافية وفريقها ورحلاتها ومقابلاتها مع من تستفتيهم في الموضوع، وهي قضية إيعاز المتشددين للناشئة بأن الموت أفضل من الحياة واختيار لا بديل له، وكيف أن المشروع الماثل هو إلهاء الناس عن المطالبة بوضع أفضل من السُلطة في أي مكان يتم فيه نشر هذه الدعوات. هذا جيد باستثناء أن المضمون يستند إلى عبارة قالها خطيب ما غير معروف وتتردد في كل مرّة تقوم بها الصحافية (التي تمثل المخرج في هذه الحالة) بلقاءاتها. أليست هناك من قضية أخرى تستحق التركيز؟ مسائل أخرى مختلفة تستحق البحث والتحقيق؟ مرزاق علواش يعمد لطرح السؤال ذاته (وتفاصيله الصغيرة) طوال ساعتين ونصف، ولا يجد خاتمة مقبولة تمنح المشاهد في نصف ساعته الأخيرة ما سبق له وأن أدركه بعد الساعة الأولى أو حتى قبلها. فلا الاسترسال في البحث جيد ولا تقديم دواعي النقد للتطرف وتغييب الأوجه المعتدلة كاف.

إلى ذلك، ما هو تسجيلي (كشكل) ليس ثابتًا. المخرج هو الذي يوجه الصحافية في تحقيقها وهو بالتالي يطلب منها قدرًا من التمثيل غير الدرامي، لكن على نحو أنه وقتما تطلب من شخصية ما أداء حركة أو توجهها صوبها، فإن الناتج تركيبة غير صافية في فهم وصقل الفيلم التسجيلي.
توقعات الفوز

بالعودة إلى أفلام المسابقة، توالت، كما تقدّم، أفلام لم تثر كثيرا من ردات الفعل الإيجابية. وفي مقدّمتها فيلم المخرج الألماني فولكر شلندورف «عودة إلى مونتوك»: حكاية مؤلّف ألماني موهوب اسمه ماكس زورن (ستيلان سكارسغارد) يصل إلى نيويورك ضمن حملة ترويجية لكتابه الجديد. حضور الجمهور جيد والإعلام يوجه كاميراته وأقلامه للحوار معه، لكن غايته غير المعلنة هي زيارة صديقته القديمة ربيكا (نينا هوس) التي باتت اليوم من كبار محامي العقارات. هذه تستقبله بفتور بادئ الأمر ثم تصبح أكثر رحابة فيما بعد، والاثنان يقومان برحلة صوب منطقة ساحلية في ولاية نيويورك اسمها «مونتوك». خلالها يتناوبان دفع المشاعر العاطفية إلى السطح، لا عبر مشهدي حب فقط، بل عبر عشرات العبارات الحوارية التي تسكب المعالجة الأوروبية على فيلم لا يريد أن ينخرط في كشف جديد في موضوعه ولا في أسلوب سرد الموضوع. النتيجة فاترة رغم تمثيل لا بأس به، لكنه ليس أخاذًا أو رائعًا كما أوحى البعض. لا هذا الفيلم ولا «آنا، حبي» لكالن بيتر نتزر (مقدم باسم رومانيا) ولا «على الشاطئ وحيدة ليلاً» للكوري هونغ سانغسو ولا الفيلم الصيني «تمتع بيوم جميل» (Have a Nice Day) وكلها عرضت متأخرة في البرنامج، حركت جمودًا طارئًا لا تفسير له.

هذا الفيلم الأخير من نوع الرسوم المتحركة… أو بالأحرى الرسوم التي تكاد أن تتحرك؛ لأن تقنيات العمل فقيرة التعبير. الحركات تقفز بين الكادرات ولا تعرف السلاسة، والمخرج ليو جيوان يكتفي بأقل حركة ممكنة من الممثل الذي أمامه (مثل حركة الشفاه) بينما باقي الجسد وباقي الشخصيات المحيطة جامدة. هذا أسوأ صنعًا من برامج التلفزيون الأميركية القصيرة في مجال الأنيميشن ذاته.

إذن ما الذي ستفعله لجنة التحكيم حيال كل ذلك؟ أي أفلام ستعلن فوزها مساء هذا اليوم؟ هل تذهب إلى فيلم يطرح موضوعات اجتماعية واقعة مثل «دجانغو» الذي يطرح ما حل بالغجر أيام النازية، في وقت تشتد فيه العواصف العنصرية في أكثر بقاع العالم، أو مثل «الجانب الآخر من الأمل» الذي يواكب رحلة المهاجر الشاب الباحث عن شقيقته؟

أو هل يبتعد عن الواقع صوب فيلم محايد؟ إذا ما حدث، هل سيكون «العشاء» لأورن موفرمان أو «العودة إلى مونتوك» لفولكر شلندورف؟

هل يرى في فيلم أنيشيكا هولاند خلاصًا بين الوضعين؟ أو يجد في فيلم ستانلي توتشي «البورتريه النهائي» الحاجة للالتزام بتشجيع عمل مبني على سيرة حياة وفنان (وهو حال «دجانغو» أيضًا)؟

لا داعي للتوقع في هذا الشأن، فالأفلام الجيدة متساوية الحسنات والرديئة متساوية السلبيات، وحسابات لجان التحكيم عادة ما تخرج عن المتوقع على أي حال.

19.02.2017

وصعدت فى بداية الحفل لجنة التحكيم إلى خشبة المسرح، وأعلن رئيس اللجنة أن جائزة أفضل سيناريو تذهب إلى للفيلم الرومانى mon amour Ana للمخرج كالين بيتير نيتزير، وأيضا جائزة أحسن إسهام فنى.

19.02.2017

ويحكي الفيلم علاقة فتاة برجل لم يعرفا بعضهما ولكنهما اكتشفا أنهما يشاهدان نفس الحلم، وأن روحهما تقابلت قبل أن يتقابلا جسديا.

أما جائزة الدب الفضي فحاز عليها الفيلم الفرنسي "Félicité" للمخرج آلان جوميز، كما حازت النجمة كيم ميلهي، بطلة فيلم "On the beach at night alone" على جائزة الدب الفضى لأفضل ممثلة، حيث نجحت بصمتها وانفعالاتها أن تعبر عن الحالة التي عاشتها خلال أحداث الفيلم.

جائزة الإخراج حاز عليها الفيلم الفلندي "the other side of hope"، والذي نافس بقوة على جائزة الدب الذهبي خاصة أنه يستعرض قضية اللاجئين السوريين، وقد اختاره معظم النقاد في المجلات العالمية ليكون في المركز الأول للأفلام المرشحة على الدب الذهبي.

19.02.2017

كما حصد الفيلم نفس عدد من جوائز لجان التحكيم المستقلة التي قالت المخرجة أنها فوجئت بها ولم تكن تتوقع ابدا أن يحصل الفيلم علي كل هذا التقدير, وأهمها جائزة الفيبريسي الاتحاد الدولي لنقاد السينما وجائزة الايكومنيكل لأفضل فيلم في المسابقة الرسمية وجائزة قراء مورجان بوست.

وحصل علي الدب الفضي لجائزة لجنة التحكيم الكبري فيلم فيليستي للمخرج الآن جوميز وهو انتاج مشترك من السنغال وفرنسا وألمانيا وبلجيكا ولبنان, بينما حصل الدب الفضي لأفضل فيلم روائي يفتح آفاق جديدة فيلم بوكوت إخراج اجنيسزجا هولاند وانتاج جمهورية سلوفاكيا والمانيا وبولندا والسويد والتشيك

وحاز علي الدب الفضي لأفضل مخرج هذا العام المخرج الكبير آكي كورسماكي عن فيلمه ذا اذر سايد اوف هوب او الجانب الاخر من الامل انتاج فنلندا وألمانيا الذي يعد من أهم الافلام التي شاركت في مسابقة المهرجان هذا العام وتناول فيه مشكلة اللاجئين في اوروبا والعنصرية التي يواجهونها في بعض الاحيان, والطريف أن اكي لم يصعد الي خشبة المسرح بعد اعلان فوزه بالجائزة واضطر مدير المهرجان لاصطحاب كل من مقدمة الحفل النجمة أنكه انجيلك والمنتجة درة بو شوشة عضو لجنة التحكيم التي اعلنت عن الجائزة الي اسفل خشبة المسرح وبين جمهور الحفل حتي يقدموا له الجائزة في مكانه وداعب اكي الحضور بمحاولة الحديث لـلدب الفضي وكأنه ميكرفون وسارعت انكه لتقديم الميكرفون له حتي يسمع الجمهور صوته وهو يشكر ادارة المهرجان ولجنة التحكيم علي الجائزة.

اما عن جوائز التمثيل فقد حصلت علي الدب الفضي لأفضل ممثلة كيم مينهي عن فيلم علي شاطي البحر ليلا بمفردي اخراج هونج سانجسو وانتاج كوريا, بينما حصل الممثل جيورج فريدرش علي الدب الفضي لأفضل ممثل عن فيلم برايت نايت اخراج توماس ارسلان وانتاج المانيا والنرويج.

وحصل سباستيان ليليو وجونزالو مازا علي جائزة الدب الفضي لأفضل سيناريو عن فيلم فانتاستيك وامان او امرأة رائعة اخراج سباستيان ليليو وانتاج تشيلي والمانيا واسبانيا وامريكا واهدي الاثنان هذه الجائزة لبطلة الفيلم دانيلا فيجا, وحازت الدب الفضي لأفضل مساهمة فنية دانا بونيسكي عن مونتاج فيلم انا مونامور للمخرج كيلين بيتر نيتزر.

ترأس لجنة تحكيم المسابقة الدولية المخرج الكبير بول فيرهوفن وضمت في عضويتها المنتجة التونسية درة بوشوشة والفنان الايسلندي اولافور الياسون والنجمة الامريكية ماجي جيلينهال والنجمة الالمانية جوليا جنتيش والمخرج والنجم المكسيكي الاصل دييغو لونا والمخرج والسيناريست الصيني وانج كوآن.

ومن جانب اخر حصل المخرج الفلسطيني رائد انضوني علي جائزة جلاشيت لأفضل فيلم وثائقي وقيمتها50 الف يورو عن فيلمه اصطياد الأشباح الذي يقدم فيه قصص معتقلين سابقين في سجون الاحتلال الاسرائيلي يبحثون عن علاج لازماتهم النفسية من خلال اعادة تجسيد مشاهد التحقيقات والتعذيب.

وقال انضوني في كلمته بعد حصوله علي الجائزة انه يعتبرها بداية رائعة لهذا الفيلم الذي قام بالانتهاء منه في ديسمبر مع نهاية العام الماضي, وتتملكه الكثير من المشاعر الان بعد أن حصل علي هذه الجائزة مع عرضه الاول في برلين, مضيفا أن مشاعر السعادة الان ممزوجة بمشاعر الحزن عندما يتذكر انه مازال هناك70 الف معتقل فلسطيني في سجون الاحتلال الاسرائيلي ويعانون من وطأة التعذيب, مضيفا أنه يشعر بالفخر لأن الناس تواصلت مع الفيلم ومشاعر ابطاله الذين كانوا معتقلين سابقين ويعدهم بأن يكون هذا التقدير للفيلم هو تقدير لهم جميعا ولقصصهم ومعاناتهم في السجون الاسرائيلية وليس مجرد تقدير شخصي له, وحصل الفيلم ايضا علي المركز الثالث من جوائز الجمهور للافلام الوثائقية المشاركة في قسم البانوراما.

اما جائزةGWFF لافضل فيلم روائي طويل والتي شارك في عضوية لجنة تحكيمها المخرج السعودي محمود الصباغ فقط حصل عليها فيلم صيف للمخرجة كارلا سيمون انتاج اسبانيا وعرض في قسم جينيريشن كي بلس.

وحصل علي الدب الذهبي لأفضل فيلم قصير فيلم سيداد بيكوينا اخراج ديجو كوستا امارانت من البرتغال, وحصل علي الدب الفضي فيلم انسوينو اين لا بريدرا اخراج استبان ارانجويز من المكسيك, وحصل الفيلم اللبناني الالماني شارع الموت للمخرج كرم جوسين علي جائزة اودي للفيلم القصير, وتنوية خاص لفيلم سينتورو من الارجنتين.

19.02.2017

وحاز الفيلم الفرنسى ( فيليسيتيه Félicité) على جائزة الدبى الفضى كأفضل فيلم، أما جائزة الدب الفضى لأحسن مخرج، وقدمتها المنتجة التونسية درة بوشوشة فذهبت للفنلندي آكي كوريسماكي مخرج فيلم (الجانب الآخر للأمل The Other Side of Hope ).

وحصد فيلم (امرأة مدهشة fantastic woman) جائزة أفضل سيناريو، حيث قال المخرج الفيلم وهو يتسلم الحائزة إن الفيلم يعبر عن من يرغبون في توديع من يحبون ولا يتمكنون من ذلك، حيث توفي أبي من 7 سنوات ولم أستطع توديعه، وشكرت أسرة العمل لجنة التحكيم على اختيارها الفيلم، كما أهدوا الجائزة لبطلة العمل دانيلا.

وحصلت النجمة كيم ميلهي على جائزة الدب الفضى لأفضل ممثلة عن فيلم (على الشاطئ في الليل وحيدة On the beach at night alone)، حيث وصفتها لجنة التحكيم بأنها ممثلة قادرة على التحكم في انفعالاتها وتستطيع أن تظبط ساعتك على دقة أدائها.

19.02.2017

"جلود"، زاخر بالشخصيات التي لا نراها في أفلام كثيرة. إنها أصحاب الإعاقات الجسدية والعاهات والتشوّهات الخلقية: فتاة "فتحة شرجها" على وجهها، ووجهها في مؤخرتها! شابة أخرى ولدت بلا عينين. رجل برأس محروق. شاب يحلم ببتر ساقيه لاعتقاده بأنّهما ليستا ملكه. شخصيات همّشتها الحياة، لا بل جعلتها تخجل من نفسها وعيوبها لعدم قدرتها على الاستجابة لمعايير الجمال التي تكرّست عبر الزمن.

وفي طبيعة الحال، يترافق هذا كلّه مع قدر لا يُستهان به من العقد النفسية والعزلة والخجل والحرج وعدم قبول الذات والرغبة في الانتقام. الفيلم يصوّر تمرّد البعض واستسلام البعض الآخر، وكل السلوكيات التي تتولد من العيش بوجه مشوّه أو بكيلوغرامات زائدة لا خلاص منها، أو بطلة لا يحلو للآخرين التفرّج عليها. ولكن مهلاً، "جلود" ليس فيلماً خطابياً تقليدياً يردّ الاعتبار الى هؤلاء الذين يرفض الآخر رؤيتهم (إلا بعض المهووسين بالتشوّهات الخلقية الذين يستمنون أمام صورهم - نعم!). فنحن أمام سيناريو يتنقّل بين الشخصيات ليضعنا في إطار من الجماليات المركّبة والمصطنعة، حيث يتم استحضار "الجمال" واستجوابه. لن يكون هناك كيلوغرام من الرأفة والتضامن والعطف تجاه هؤلاء المنبوذين المكروهين المتروكين لعزلتهم المريضة، بل المزيد من الاحتقار مع كل مشهد جديد.

الفيلم نفسه غارق في ألوان الباستيّ المصطنعة، كحبة بونبون، من زهر وبنفسجي وتدرّجاتهما، كأنه نوع من بيان تأسيسي للجمال يرفع شعار الكيتش والزيف، ولا يلبث أن يتحوّل سخرية ما بعدها سخرية. في حين أنّ على الشخصيات التعايش مع ألمها تحت قبّة نظم الجماليات القامعة هذه.

في العرض الشعبي، لم يعرف البعض إذا ما كان يتوجّب عليه الضحك أو الشعور بالشفقة، خصوصاً مع إطلالة الفتاة ذات الوجه - المؤخرة، وهذا إن دل على شيء، فهو على طبيعة الفيلم الذي أراده كازانوفا. هذا الذي يتلذّذ في وضعنا داخل مأزق أخلاقي.

ندخل في واقع الشخصيات خلال لحظة مصيرية. شيء ما جديد لم يحدث سابقاً سيحدث لها فيغيّر واقعها إلى الأبد. طول الأنّات لم يعد يقضي بالحاجة لمواجهة الحتمية وتقبّل المذلات اليومية، فيخلق الفيلم للشخصيات مساحة شاعرية حيث الأشياء تأخذ مجراها وفق منطق غير منطقي بالضرورة. بحوادثه الدرامية التي تُفضي إلى حالات هستيريا (في النهاية نحن في أسبانيا)، وأجوائه الصارخة وشريطه الرومنسي الصاخب، يزجّنا كازانوفا في عمل يستعير من أجواء جون وترز، وإنما يضمن قبل أي شيء تحدّره من تود برونينغ، ولكنه مطعّم بخلطة أسبانية ذات طعم حاد.

19.02.2017