كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

جوائز «كان» على طريقة «أنت عمرى» لـ «الجفرى»

طارق الشناوي

مهرجان كان السينمائي الدولي

الدورة التاسعة والستون

   
 
 
 
 

الحرية تمنحنا بالتأكيد مساحات من الخلاف فى قراءة الأعمال الفنية، ولكن هناك فارقا بين الحرية والتعسف، وهو ما وجدته فى تحليل البعض للجوائز التى أعلنت قبل يومين فى «كان»، مثلما لاحظته فى تحليل الداعية الإسلامى الحبيب الجفرى لأغنيتى «أنت عمرى» و«أمل حياتى» لأم كلثوم، باعتبارهما «أغنيات دينية» فى حب الرسول عليه الصلاة والسلام، ونسب الجفرى هذا التحليل لشاعر الأغنيتين أحمد شفيق كامل، وبالطبع وجهه المرحب بهذا التفسير، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن تلك هى قناعته، إلا أنه لم يجرؤ على القول بأن يصل التفسير إلى أن الشاعر كتبهما فى حُب الله، كان الجفرى يُدرك أنه لا يستطيع أن يصل إلى السقف فاكتفى فقط بأنهما فى حب نبينا الكريم.

شىء من هذا من الممكن أن تلحظه فى تفسير جوائز مهرجان «كان»، فى تلك الدورة التى افتقدت تماماً الفيلم التُحفة، الذى يظل يسكنك بعد انتهاء فعاليات المهرجان، التسابق بين الأفلام تنظر إليه لجنة التحكيم باعتبار ما هو متاح أمامها، وتنحاز للفيلم الأجمل بين الأفلام المعروضة، وهكذا نقرأ التحليلات للنقاد والصحفيين ليس فقط باعتبارهم أدرى بشعابها، ولكن لأنهم أيضاً شاهدوا تلك الأفلام وبالتالى يُصبح من حقهم أن يتناولونها شرحا وتحليلا، مثلا الفيلم الحائز على جائزة «السعفة الذهبية» للمخرج البريطانى كين لوتش «أنا دانييل بليك»، رأت الأغلبية أنها جائزة للفكر الذى طرحه الشريط السينمائى بلغة إبداعية تكاملت فيها العناصر السينمائية المرئية والسمعية ليحصد المخرج ثانى سعفة له بعد عشر سنوات من الأولى «الريح التى تهز الشعير». ولكن يرى آخرون الجائزة بأنها مجرد مقابل العمر الزمنى، فهو فى الثمانين من عمره، بل كان يُفكر جدياً قبل سنوات قلائل فى الاعتزال، وكأنها تتويج لرحلة العمر، ولا أتصور الأمر صحيحاً، لأن الفيلم يؤكد أن المخرج لايزال شاباً فى إبداعه أنه الأفضل فى طرح قضيته الاجتماعية وفضح القصور الذى يتغلغل فى المجتمع البريطانى وليس فقط فى الأجهزة التابعة للدولة عندما نجد أن من يتستر على البطلة التى سرقة حفاضات شخصية من السوبر ماركت لأول مرة فى حياتها، ولم تفعلها من قبل، وعندما ينقذها من السجن رجل الأمن لم يكن يُعبر عن تعاطف حقيقى، ولكنه أراد أن يساومها على الثمن لتعمل فى بيت دعارة لحسابه، كما أن جار البطل «دانييل بليك» يتاجر من خلال تزييف الأنواع الشهيرة من الماركات العالمية الشهيرة بأخرى صينية مزيفة، فلقد أراد أن تتسع الرؤية ليشير إلى أن المجتمع كله مهدد بالتفسخ، كما أنه فقد التعاطف مع الآخر، لا أظن الثمانية عقود من الزمان التى يحملها المخرج على كاهله هى طريقه للجائزة ولكنه ببساطة الإبداع ولا شىء آخر استحق من أجله السعفة، ولم تكن هذه هى فقط القراءة المتسرعة الوحيدة، لديكم مثلا المخرج الإيرانى أصغر فرهدى، ونصيبه فى هذه الدورة جائزتان، الأولى عن السيناريو الذى كتبه كعادته، فهو ينتمى إلى ما هو معروف بسينما المؤلف، والتى لا تعنى مباشرة بأن يكتب المخرج فيلمه، ولكنها أبعد من ذلك بكثير، أن يُصبح للمخرج عالمه الخاص وهذا هو بالضبط أصغر فرهدى ،الجائزة الثانية للفيلم حصل الممثل البطل شهاب حسينى، وهى جائزة أيضاً للمخرج، ولو تتبعت مشواره لاكتشفت أن المخرج الحاصل على جائزة «الدب الذهبى» فى مهرجان برلين قبل خمس سنوات بفيلمه «انفصال نادر وسيمين» وجائزة «أوسكار» لأفضل فيلم أجنبى وجائزة «سيزار» الفرنسية الموازية للأوسكار، ستجده دائما يُبدع فى فن قيادة الممثل لأن شهاب حسنى حصل أيضاً على نفس الجائزة فى برلين عن «انفصال»، كما أن أصغر فرهدى فى فيلمه الفرنسى «الماضى» الذى عُرض قبل ثلاثة أعوام فى «كان» حصلت البطلة برنيس بيجو على جائزة أفضل ممثلة، فهى ملكة أخرى لقيادة ممثليه إبداعيا ليحصدوا بعدها الجوائز، ولاشك أن السياسة لم تلعب دورا فى توجه الجوائز، وليس كما فسره البعض، صلح بعد طول غياب مع إيران الدولة، حيث إن المهرجان ظل يعرض قبل سنوات فى فعالياته أفلاماً تُمثل المخرجين المعارضين للنظام مثل جعفر بناهى ومخلباف ورسولوف وغيرهم، دائما نبحث عن السبب الخفى وراء السبب المعلن وغالبا على حساب الحقيقة، مثل من أرادوا سرقة فرحتنا بافتتاح فيلم «اشتباك» قسم «نظرة ما» بالمهرجان، مرة بحجة أنه يهين مصر وأخرى لأن الداعية «معز مسعود» كما اكتشفنا فى «كان» قد شارك فى الإنتاج، وظهر مرتديا الأسموكن والببيون على المسرح، ولا ندرى بالطبع كيف يتم التقييم فى مثل هذه الأمور بتلك الرعونة، الفيلم منسوب للمخرج ولا توجد فيه شبهة إخوانية أو تعاطف مع مجرم ولكنه ينحاز للإنسان.

لماذا نبحث عن شىء آخر فى التفسير وراء التفسير؟ هذا بالضبط هو ما فعله الداعية الحبيب الجفرى فى تحليله وتعقيبه على أغنيتين شهيرتين «أنت عمرى» و«أمل حياتى»، والأغنية الأولى تحديدا والتى وصفوها بـ«لقاء السحاب» أثارت الكثير من اللغط عند بزوغها عام 1964، هاجمها الشيخ كشك بسبب مقطع «خدنى لحنانك خدنى عن الوجود وابعدنى»، تساءل كشك، وكان قد تعود أن يسخر من الأغانى للمشاهير، وأم كلثوم لها القسط الأكبر بالطبع، تساءل بتهكم: ما الذى تريده هذه العجوز بأن «يأخذها بعيدا عن الوجود»، بينما على الجانب الآخر تماماً قال الجفرى إن الشاعر أحمد شفيق كامل أخبره أن «أنت عمرى» قالها فى حب الرسول عليه الصلاة والسلام، والحقيقة أن هذا التفسير ليس بجديد، وفى حياة الشاعر الرقيق أحمد شفيق كامل الذى كان من حسن حظى أننى تعرفت عليه واقتربت بقدر من تلك الشخصية المتواضعة والخجولة، كان شفيق فى السنوات الأخيرة من عُمر الشيخ متولى الشعراوى قريباً منه بل واحد من حوارييه، وهو الذى دفعه إلى اعتزال كتابة الأغانى العاطفية، قائلاً له كتبت كثيراً عن العواطف بين الرجل والمرأة، لماذا لا تكتب فى حُب الله، شىء من هذا أيضاً قاله لحسن يوسف ليدفعه بعيدا عن تقديم الأفلام العاطفية، ولو كان الشاعر شفيق كامل يراها أغنيات دينية، كما ذكر الجفرى، فلماذا لم يدافع عنها أمام الشيخ الشعراوى، ولكن هذا التفسير باعتبارها، وتحديداً «أنت عمرى» عبارة عن اجتهاد من كاتبنا الكبير الراحل خيرى شلبى، نشره فى كتاب أكد فيه أنها كُتبت فى حب الله، لا أنكر أن التفسير وجد صدى طيباً لدى شاعرنا، ولو كانت «أنت عمرى» وأخواتها، فى حب الله لماذا فى توقيت ما كان شاعرنا الكبير يحرم على نفسه الحصول على الأداء العلنى والذى يناله الشاعر والملحن مقابل ترديد أغنياته فى الوسائط الإعلامية، ورغم أن شاعرنا الكبير مُقل جدا فى الإنتاج ولكن له أربع أغنيات ناجحة لأم كلثوم، بالإضافة لـ«أنت عمرى» و«أمل حياتى»، لديك مثلا «الحب كله» و«ليلة حب»، تُدر عليه ومن بعده الورثة عدة آلاف من الجنيهات، بالفعل ظل شاعرنا متردداً بضع سنوات فى الاستفادة مادياً من تلك الأغنيات باعتبارها معاصى سيحاسب عليها أمام وجه كريم، لم يكتف الجفرى بذلك بل اختلط عليه الأمر وأضاف أن مقطع «أنام وأصحى على شفايفك بتقولى عيش» فى «أمل حياتى» اعترضت عليها أم كلثوم قالت له كيف تقول للنبى عليه الصلاة والسلام «شفايفك» فتغيرت إلى «ابتسامتك»، والحقيقة هى أن أم كلثوم تخوفت وقتها من غضب بعض المتزمتين من كلمة «شفايفك» فغيرها شفيق كامل، ولا دخل أبداً لمشاعر دينية فى إجراء هذا التغيير، ولم تكن فقط هاتين الأغنيتين اللتين يتم تفسيرهما على هذا النحو، شاعر كبير آخر معروف عنه تصوفه وهو عبدالفتاح مصطفى قال إن أغنية «ليلى ونهارى فكرى بيك مشغول/ وحياتى لك وحدك ولك على طول» أكد أنه كتبها حباً لله، وأن أم كلثوم قرأت النص على هذا النحو فهو يحب الله 24 ساعة يوميا، تظل مجرد قراءة تلوى عُنق الكلمة والمعنى، والدليل أن الناس تعايشت مع الأغانى على هذا النحو العاطفى ولايزالون، ولو كانت «ليلى ونهارى» حباً لله، هل يجوز أن يقول فى المقطع التالى «ولسه بتصدق حسود وعزول»، هل يوجد عوازل فى علاقتنا بالمولى عز وجل، وسوف تلاحظ أن الجفرى لم يقل إن أغانى أم كلثوم مكتوبة فى حب الله حتى لا يتعرض للهجوم الكاسح من المتشددين، ولكنه جعلها للتخفيف فى حب الحبيب المصطفى.

الحقيقة أننا نجرح الفن بقدر ما نخدش روح الدين، وتبدو نوعاً من محاولة التبرئة من التورط فى الكتابة العاطفية وكأنها ذنب سيلاحق من يقُدم عليه فى الدنيا والآخرة.

سألت يوماً شاعرنا الكبير شفيق كامل ما مصير موسيقار مثل بيتهوفن أسعد الملايين فى العالم بإنجازاته الرائعة ولايزال ولكنه لم يعتنق الإسلام، وهل شكسبير وفان جوخ فى النار؟ أجابنى أنه سأل الشعراوى نفس السؤال فأجابه أنهم يحصلون على نصيبهم فى الدنيا من السعادة ولكنهم فى النار، قلت له: بالصدفة الذين ذكرتهم تعذبوا فى حياتهم، بل لم يعترف أحد بعبقرية شكسبير فى العالم سوى بعد رحيله، يعنى معذبون دُنيا وآخرة.

فى محاولة للبحث عن قراءة أخرى للأعمال الفنية نرتكب حماقات، شاهدنا جزءاً منها فى تحليل جوائز «كان» إلا أننا كما يبدو المنبع الأول للحماقة فى التفسير!!

tarekelshinnawi@yahoo.com

حرب الصحافة من أجل الحقيقة وحرب الباشمرجة ضد داعش

بقلم: سمير فريد

شاهدت فى مهرجان كان، يوم الجمعة الماضى، فيلمين تسجيليين طويلين من أهم أفلام العام التسجيلية، وهما الفيلم الفرنسى «الباشمرجة» إخراج بيير-هنرى ليفى الذى عرض خارج المسابقة، وتقرر عرضه أثناء المهرجان فى واقعة يندر حدوثها، والفيلم الأمريكى «مخاطرة» إخراج لاورابوتيراس الذى عرض فى البرنامج الموازى «نصف شهر المخرجين».

خلال عشر سنوات من ٢٠٠٦ أخرجت لاورابوتيراس ثلاثة أفلام هى «بلادى بلادى» ٢٠٠٦ عن حرب أمريكا فى العراق عام ٢٠٠٣، و«العهد» ٢٠١٠ عن سائق بن لادن الخاص، و«المواطن الرابع» ٢٠١٤ الذى فاز بالأوسكار عن قضية إدوارد سنودن. ويمكن اعتبار هذه الأفلام ثلاثية عن أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ التى بدأ معها تاريخ القرن الجديد بعد أن بدأ زمنياً عام ٢٠٠٠.

إنها من مخرجى الأفلام التسجيلية الذين يعيشون عصرهم، ويكونون شهوداً عليه بأفلامهم. وليست القيمة هنا فى القضايا التى تتناولها، فهناك عشرات الأفلام عنها، وإنما فى أنها أعمال فنية تتمتع بجمال الفن السينمائى ومتعة تلقى هذا الفن.

وتؤكد لاورابوتيراس فى «مخاطرة» مكانتها بين كبار التسجيليين فى السينما العالمية المعاصرة مع مايكل مور وجيان فرانكو روزى وجوشوا أوبنهايمر، والذين تمكنوا فى مطلع القرن الواحد والعشرين من وضع الأفلام التسجيلية فى سوق السينما بعد أن كانت على هامشه طوال القرن العشرين، والفوز بالجوائز الكبرى فى كان وبرلين وفينسيا.

البحث عن الحقيقة

«مخاطرة» (٩٢) دقيقة عن قضية الصحفى السويدى جوليان آسانج، رئيس تحرير موقع «ويكليكس» الإلكترونى الذى نشر وثائق سرية لوزارات وأجهزة مخابرات وشركات فى أمريكا والعديد من دول أوروبا، والتى تكشف أبعاد العلاقة بين حكومات هذه الدول والديكتاتوريات الدموية فى العالم العربى ومناطق أخرى مختلفة من العالم. وقد طلبت أمريكا محاكمته بحكم اتفاقية مع السويد تسمح بذلك، فلجأ إلى سفارة إكوادور فى لندن. ولايزال هناك حتى الآن. فالقضية لم تحسم بعد.

يبدأ الفيلم بالمخرجة تقول على شريط الصوت إنها بدأت التصوير عام ٢٠١٠، وكان «الربيع العربى» على الأبواب عام ٢٠١١، فتعاظمت أهمية الوثائق التى كشفها الموقع. وآسانج هو الشخصية المحورية فى الفيلم، ولكن هناك أيضاً الصحفيين العاملين معه سارة هاريسون وجاكوب أبيلباوم.

ويتكون الفيلم من أجزاء مرقمة، تحلل القضية من البداية حتى اللجوء إلى سفارة إكوادور. فى الجزء الأول حوار ينصت إليه آسانج بين سارة ومكتب هيلارى كلينتون عندما كانت وزيرة للخارجية الأمريكية. تطلب سارة موعداً لمكالمة تليفونية بين آسانج والوزيرة، ولكن المتحدث يراوغ ولا يحدد موعداً.

وفى الجزء الثانى، نرى أبيلباوم فى القاهرة يشارك فى معرض الاتصالات الدولى بعد ثورة يناير، ويناقش قطع الإنترنت أثناء الثورة، ويحمل المسؤولية لشركة TE DATA قائلاً إنها وكل شركات الاتصالات فى مصر تعاونت مع نظام مبارك ضد الثورة، ولكن الثورة انتصرت، وإرادة الشعب كانت أقوى. وتبدو تبريرات وزارة الاتصالات متهافتة، وتنتهى المناقشة بأن يقول الصحفى الأمريكى: عليكم أن تحترموا دستور مصر، ويصفق له العديد من الحضور.

وفى لندن وقبل اللجوء إلى سفارة إكوادور، يجرى صحفى سويدى حواراً مع آسانج يوضح فيه كيف تعاون معه مئات الشباب البارعين، أبناء الثورة التكنولوجية الذين يعملون فى أجهزة المخابرات ووكالات الأنباء والمؤسسات المختلفة، فى العثور على الوثائق. وأن القضية هى البحث عن الحقيقة، ورفض أن يباع كل شيء من أجل تحقيق المزيد من الأرباح. ويقول: «كلنا سنموت، ولكن الأهم كيف نعيش». وفى اللقطة الأخيرة، نرى جوليان آسانج فى مكتبة السفارة التى يعيش فيها، يفتح النافذة ويتنفس الهواء بعمق.

حرب الأكراد ضد داعش

بيير-هنرى ليفى فى فرنسا هو الفيلسوف «سوبر ستار» الذى صنع لنفسه «لوك» مميزا، حيث يرتدى دائماً حلة سوداء وقمصانا بيضاء مفتوحة ذات ياقات عالية. وقد وقف على باب قاعة عرض فيلمه عندما أصبحت شبه كاملة العدد، واختار من يدخلون بنفسه من واقع البطاقات الصحفية، ورفض دخول مندوب قناة «الجزيرة»!.

ولأول مرة فى تاريخ المهرجان، صعد مديره تيرى فيرمو على المسرح، وقدم عددا من جنرالات «الباشمرجة» الذين تواجدوا فى القاعة، ومغنية قال إنها «أم كلثوم» الأكراد، بل قام أحد الجنرالات بتقديم الفيلم على مسرح القاعة.

وبغض النظر عن «استعراضات» ليفى، فهو مثقف عصرى، يرفض أن تكون الفلسفة فى عزلة عن الواقع السياسى، ويدافع عن الحرية، محاولاً أن يكون سارتر فى عالم اليوم. وقد كان من بين الشخصيات الدولية التى تواجدت فى ميدان التحرير أثناء ثورة يناير، وكان له دور فى إقناع فرنسا بالتدخل فى ليبيا لحماية الثورة ضد القذافى، وسبق أن أخرج فيلماً عن ثورة ليبيا، وآخر عن الحرب فى البوسنة.

فى «الباشمرجة» (٩٢ دقيقة)، وهو الاسم الكردى للجيش فى كردستان العراق، يعبر ليفى عن الحرب التى يخوضها هذا الجيش ضد داعش. ويقول فى بداية الفيلم على شريط الصوت إنه استغرق فى صنعه ستة أشهر، وقطع ألف كيلومتر بالسيارة على الحدود. ويظهر ليفى بنفسه فى الفيلم يحاور الجنرالات والضباط والجنود، كما يحاور مسعود بارزانى، رئيس إقليم كردستان العراق.

وإلى جانب المشاهد الحية على جبهة القتال، والتى اشترك فى تصويرها ثلاثة مصورين، ونرى أحدهم يصاب فى انفجار لغم ويعالج فى فرنسا، هناك مشاهد سينمائية من أفلام تسجيلية كردية بالأبيض والأسود عن تاريخ الباشمرجة، وبالألوان عن مصطفى بارزانى والد الرئيس مسعود، والذى كان من زعماء الأكراد التاريخيين. ويقول الرئيس الكردى فى الفيلم إنه فخور بكونه جندياً فى الباشمرجة أكثر من كونه رئيساً.

ويوضح الفيلم كيف رفض الغرب وجود دولة كردية، وبمقتضى معاهدة «سايكس - بيكو» تم توزيع الأكراد فى ٤ دول (العراق وسوريا وتركيا وإيران)، وأنهم شعب فيه المسلم والمسيحى واليهودى، وتقاتل فيه المرأة إلى جانب الرجل، وإنهم يقاتلون داعش بقواعد الاشتباك الإنسانية التى تتجاهلها داعش. وينتهى الفيلم بنجاح الباشمرجة فى تحرير سينجار، والتأكيد فى آخر لقطة على أن الحرب لاتزال مستمرة. إنه فيلم من أفلام الدعاية السياسية (البروباجندا)، ولكنه دعاية لشعب مضطهد فى جانبه الحق ضد داعش وكل جلاديه.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

23.05.2016

 
 

بريطاني يخطف «سعفة كان» و«الكاميرا الذهبية» لفرنسية من أصول عربية

«نهاية العالم» يحل ثانيا وأفضل مخرج مناصفة بين الروماني مونجو والفرنسي أساياس

كان: محمد رُضـا

على إيقاع من ضربات قلوب 21 مخرجًا ومخرجة، وفي حفلة دامت أكثر من الوقت المقدّر لها بأكثر من ربع ساعة خرج فيلم «أنا، دانيال بلايك» للمخرج البريطاني الفذ كن لوتش بالسعفة الذهبية، أعلى جوائز المهرجان وأكثرها بقاء وأهمية.

لوتش، الذي كان فاز قبل عشر سنوات بسعفة ذهبية أولى عن فيلمه «الريح التي عصفت بالشعير» فوجئ بالإعلان بعدما تداول الإعلام الكثير من الاهتمام بأفلام أخرى نافسته. لكن فوزه الثاني هذا أتاح له إلقاء خطاب سياسي ندد فيه باليمين المتطرّف وبالجشع المادي الذي يهدد العالم وأشاد بالسينما كفن يرى فيه الخلاص عبر الوعي بالمسؤولية.

قبل الوصول إلى هذه الجائزة، انطلقت الجوائز التمهيدية الأولى وهي جائزة الفيلم القصير، التي فاز بها فيلم «شيفرة زمنية» للإسباني يوانخو غيمينز، وجائزة الكاميرا الذهبية التي تُمنح إلى مخرج العمل الأول من بين كل ما يتم تقديمه على شاشة المهرجان. وقد فاز بها هذا العام فيلم «إلهي» للمخرجة الفرنسية ذات الأصل المغربي هدى بن يمينة التي قدّمت عملها اللافت هذا في مظاهرة «نصف شهر المخرجين».

لكن عددًا من الجوائز، ما بين تلك الأولى التي تم الإعلان عنها ووصولاً إلى السعفة الذهبية، مُـنحت بعد استثناء ما هو أكثر قيمة منها. على الأخص تلك الجائزة التي نالها الممثل الإيراني شهاب حسيني عن دوره في فيلم «البائع»، كما الجائزة التي نالتها الممثلة الفيليبينية جاكلين جوزيه عن دورها في «الأم روزا». كلاهما لم يقدّم أداء بالغ التميّـز أو يتجاوز به أداء فنانين آخرين في أفلام منافسة. والحقيقة أن فيلم «أنا، دانيال بلايك» انفرد، بين كل الأفلام التي فازت باستحقاقه غير القابل للشك وذلك بسبب معالجته المتينة والبسيطة في آن معًا لموضوعه الاجتماعي الصعب. الفيلم، كما تم وصفه هنا، هو استمرار للمنهج الأوروبي الواقعي على غرار ما عرفته السينما الإيطالية (التي غابت عن المهرجان هذا العام) مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية.

من ناحيته، حلّـق فيلم «إنها فقط نهاية العالم» للمخرج الكندي إكزافيير دولان في ضروب خيالية متكلفة لم تثن لجنة التحكيم التي ترأسها المخرج الأسترالي جورج ميلر (المشهور برباعيته «ماد ماكس») عن منحه «الجائزة الكبرى» وهي في واقعها ثاني أهم الجوائز بعد السعفة الذهبية.

وكما بكى دولان على المسرح قبل عامين عندما نال جائزة لجنة التحكيم (العادية) عن فيلمه «مومي»، بكى هذه المرّة أيضًا خلال إلقاء خطابه المطوّل فنال تصفيقًا مضاعفًا يواكب عواطفه الجياشة.

جائزة أفضل إخراج تقاسمها كل من الروماني كريستيان مونجو عن فيلمه الجيد «بكالوريا» (أو «المتخرج» كما تداول الإعلام الإنجليزي عنوانه) والفرنسي أوليفييه أساياس عن فيلمه المتوتر «متبضعة شخصية» بطولة كرستن ستيوارت التي كانت تستحق جائزة أفضل ممثلة عوض الممثلة الفيليبينية لولا أن للعواطف، على ما يبدو، مكانة أكبر من المتوقع حتى لدى لجان التحكيم.

ونال جائزة النقاد المخرجة البريطانية أندريا أرنولد عن فيلمها «عسل أميركي» حول يوميات فتاة تعمل بائعة متجوّلة مع فريق من الشابات والشبان الذين يحيون في رتابة عبث تصيب الفيلم في بعض مراحله.

وفاز الفيلم الإيراني «البائع» لأصغر فرهادي بجائزة أفضل سيناريو، وهو فيلم وجده الكثير من النقاد أضعف شأنًا من أفلام المخرج السابقة التي من بينها «انفصال» الذي كان نال أوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 2012.

وإذ وقف الممثل مل غيبسون ومكتشفه المخرج جورج ميلر وقد أحاطا بالمخرج البريطاني كن لوتش، تبدّت صورة ذهنية للقاء يساري على منصّـة يمينية بامتياز. إنها من عجائب الفن السابع.

الشرق الأوسط في

23.05.2016

 
 

مهرجان "كانّ 69" اختُتِم أمس دولان يواجه المسكوت عنه وفرهوفن يستفز وأرنولد صوّر الهامش

كانّ - هوفيك حبشيان

في مهرجان كانّ (11 - 22 الجاري) هذه السنة، أفلام وضعتنا في مزاج صعب، ملقيةً بنا تحت تأثير جوّ ضاغط يهيمن على النصّ السينمائي من أقصاه إلى اقصاه. أحد هذه الأفلام "فقط نهاية العالم" للمخرج الكندي الشاب كزافييه دولان، وهو عمل ثرثار لا أستطيع القول إنني استمتعتُ به. هكذا أيضاً فيلم الروماني "المسعفَن" كريستيان مونجيو، "بكالوريا". فيلمان لا يمكنك إلا أن ترفع لهما القبعة، لكنك ستفكّر مرات قبل أن تنصح صديقاً بمشاهدتهما.

يحتاج الواحد منّا إلى جهد وتركيز كبيرين لالتقاط التفاصيل الضرورية لفهم القصة ومتابعة الحوارات الطويلة والدخول إلى عمق النصّ الذي يعطي انطباعاً بأنه يهرب منك كلما اقتربتَ منه. بديهي جداً أنّ المخرج - في هاتين الحالين تحديداً - يتوجه إلى جمهور محدود النطاق والاهتمام (الـ"هابي فيوز") عليه أن يمرّ عبر درب الجلجلة لالتقاط شيء من السينما. اللافت أنّ المهرجان كان بدأ بملاحظة وردت في فيلم وودي آلن، "كافيه سوسايتي"، على لسان بطله، مفادها أنّ "الحياة كوميديا من تأليف كاتب سادي". وها إننا نكتشف بعد أيام قليلة أنّ الحياة ألّفها سادي، لكنها بعيدة كلّ البعد من الكوميديا، أقله من منظور المخرجين المذكورين أعلاه. علة أخرى تعتري التشكيلة الرسمية في هذه الدورة: الأفلام طويلة جداً، وثرثارة، وبعضها يحتاج إلى إعادة النظر في توليفاتها. إنّه زمن الديجيتال، حيث تخزين المادة المصوّرة في قرص لا يكلّف كما كان يكلّف التصوير أيام الشريط الخام.

دولان، ابن السابعة والعشرين، يأتينا بفيلم جديد في المسابقة بعد سنتين فقط من نيله في كانّ جائزة لجنة التحكيم مناصفةً مع جان لوك غودار عن "مومي". البصمة جاهزة منذ اللقطة الافتتاحية، أجواءً وتمثيلاً وإخراجاً وحوارات. دولان مخرج ينضج على مرأى منا. موهبته لم تعد تحتاج إلى نقاش. المشكلة هنا أنّه يقدّم فيلماً خارج الزمن و"متعباً". ليس المقصود بالتعب الإرهاق الذهني الذي يهدف إلى إحاطة المُشاهد بكلّ ما تعانيه الشخصيات على الصعيد النفسي. فالفيلم مقتبس من مسرحية لجان لوك لاغارس (1957 - 1995) وضعها قبل خمس سنوات من موته بالسيدا. هذا يعني اننا أمام مسرح مصوّر إلى حدّ ما، حيث الحوادث تتحرّك داخل فضاء مقفل، وإن حاول دولان الخروج منه عبر بعض لقطات التهوئة، إلا أنّ المحاولات الخجولة لم تنتشله من سمته الممسرحة الطاغية جداً.

الفيلم عن كاتب مصاب بمرض قاتل (السيدا؟)، يعود إلى عائلته التي تقطن في الريف بعد 12 سنة من الغياب عنها، ليخبر أفرادها عن موته القريب. عندما نقول "ليخبر"، نجدنا نبالغ ربما في استعمال الكلمة، ذلك أنّه رغم الأحاديث الطويلة والمتداخلة التي يتشبع بها الفيلم، ليس ثمة ما يشير بوضوح الى المرض ولا إلى كلّ هذا الموت المعلن! انها لغة الإيحاءات والمسكوت عنه.

بول فرهوفن ختم صباح أمس مسابقة المهرجان بـ"هي"، حيث قدّمت ايزابيل أوبير جرياً للعادة أداء متقناً هو خلاصة السمات التي تراكمت في شخصيتها دوراً بعد دور (ولا سيما عند هانيكه وشابرول)، وسمات جديدة ظهرت للمرة الأولى مع وقوفها المثير أمام كاميرا المخرج الهولندي الكبير الذي "فرّ" من هولندا إلى أميركا، ثم "فرّ" من أميركا إلى فرنسا، في نوع من "هجرة سينمائية" موقتة. وها انه يعود إلى الشاشة الكبيرة بعد عشر سنين صمتاً، فآخر فيلم له كان "كتاب أسود" عن حكاية تجري خلال الحرب العالمية الثانية. جديده مقتبس من رواية لفيليب دجيان، "أوه..."، كاتب فرنسي سبق أن نقل احدى رواياته المخرج جان جاك بينيكس في "37,2" درجة مئوية صباحاً.

أولاً، لا بد من قول كلمة عن أوبير - الفائزة مرتين في كانّ بجائزة التمثيل - في معرض الحديث عن هذا الفيلم الجريء. فلو اضطلعت أوبير بدور حكاشة اسنان، ستفعلها بتفانٍ ورقي. فرهوفن أدرك ذلك وأسند لها دور سيدة ستينية تتعرض للاغتصاب في بداية الفيلم، الا ان الحدث يأخذ منحى مختلفاً عما نتوقعه ونراه عادة في الأفلام، مع "المتعة" التي تجدها شخصية أوبير في "المحنة" التي تعرضت لها، حد انها ترفض رفضاً قاطعاً الخضوع للاجراءات القانونية ورفع شكوى عند الشرطة. كلّ شيء في "هي" برائحة الكبريت المشتعل. رغم سنواته السبع والسبعين، لم يملّ فرهوفن الاستفزاز الذي كان دائماً على موعد معه في أفلام مثل "ستارشيب تروبرز" و"فتيات الاستعراض" و"غريزة أساسية" المعروض في كانّ قبل 24 عاماً، ويومها أطلق شارون ستون رمزاً للجنس والشهوة. هذا من أكثر أفلام المسابقة (مع "شيطان ضوء النيون" لنيكولاس فيندينغ رَفن) انتهاكاً للقوالب الاجتماعية المعمول بها. كان فرهوفن ينوي (بطلب من المنتج سعيد بن سعيد) تصوير الفيلم في أميركا، الا انه لم يجد ممثلة أميركية تقبل بتجسيد الشخصية التي لا تخرج عن المألوف فحسب، بل تذهب بعيداً في فرض منطق خاص بها. شخصية كهذه أميركا ليست جاهزة لها بعد.

الحكاية برمتها هي عن ميشيل (أوبير)، سيدة أعمال بورجوازية تبدو لوهلة صلبة، لا شيء يهزها. فهي تتولى ادارة شركة لألعاب الفيديو. في يوم، يقتحم بيتها رجلٌ ملثم ويعتدي عليها جنسياً، ليبدأ مذذاك رحلة ميشيل في البحث عن هوية المعتدي. رحلة لا تنفك تتحول إلى تجاذب بين قط وفأر، تجرّ خلفها سادية واستيهامات جنسية، على شاكلة تلك الألعاب الفيديوية العنيفة التي تشرف على تصميمها. هناك تفصيل مهم في الحكاية: والد ميشيل ارتكب في الماضي جريمة فظيعة زُجّ به على أثرها في السجن. جريمة مروّعة ظلت تلازم عقل ميشيل وضميرها. جمال "هي" يقتصر على ان فرهوفن يصوّر هذا كله بدون أي مقاربة أخلاقية للموضوع، الأمر الذي أثار وسيثير حفيظة حرّاس الأخلاق الحميدة الذين يبحثون عن "درس" في كلّ شيء، الا ان الدرس لسوء حظهم لا يحبّه السينمائيون الكبار!

نحن ازاء سينما منحرفة، تقول كلمتها وتمشي، لا تشرح ولا تعلن موقفاً ولا تدين ولا تبرر ولا شيء من كلّ الذي ترتكبه بعض السينمات التجارية. "هي" من الأفلام التي تتجرأ على النظر إلى حادث خطير من منطلقات أخرى، غير تلك التي عهدناها، ولا تخشى الاضحاك من دون الوقوع في فخّ التسخيف. مع فرهوفن، لم نكن نتوقع أقل من فيلم يجاري صيغته الفنية المفضلة من جنس وعنف ومشاعر مكبوتة، المطعمة بالكثير من البسيكولوجيا، فما بالك اذا تكاتف مع أوبير التي توّظف كلّ ما سبق وذكرناه كي تتحرر من كلّ الضغوط، وفي مقدمها طيف الوالدين الثقيل، أي من الأب القاتل والأم المتصابية، ثم من طليق مكتئب، ومن كلّ تداعيات العيش في "حماية" العائلة. ينجز فرهوفن فيلماً متفلتاً من كلّ منطق، غير سليم بالمعنى السياسي، لكن في النهاية ما يهم هو النتيجة: فبقدرتها على استيعاب الحدث، تتحول ميشيل من شخص خاضعة إلى شخص ةتحكم برغباتها وتمسك بزمام المصير. وهذا يتطلب التفكير خارج الاطار الاجتماعي والاخلاقي والقانوني.

"أميركان هَني" يبهر بديناميكيته ويتبنى خطاباً مشاكساً. ثالث مشاركة للمخرجة البريطانية أندريا أرنولد في مسابقة كانّ لم تُحدث إجماعاً، فانقسم حولها النقاد، مثلما انقسموا حول العديد من الأفلام في هذه الدورة. نحن من الذين أبهرهم هذا العمل المتكامل العناصر، حيث تولد من رحم كلّ لحظة، لحظة أخرى أكثر تكاملاً. أرنولد، صاحبة "صندوق السمك"، تمرّ طريقها هذه المرة في أميركا. أميركا تلك بطرقها التي لا تنتهي، بجنونها المتفلت، بموسيقاها الصاخبة، بشبابها الحرّ. هذا "رود موفي" مشبع بأغنيات البوب والروك، بالهلوسة والمجون والجنس وأشياء أخرى تعترض الطريق التي يسلكها الأبطال. أسلوب التصوير جذري، فيه استخدام مفرط لانقطاعات النبرة في المونتاج. الفيلم يأخد الطريق مسرحاً له، لكنه لا يتماهى كلياً مع التقليد الأميركي العريق. فهناك تجديد ونفحة حرية وخروج عن الدروب المطروقة، بقدر ما كان في "ايزي رايدر" لدنيس هوبر من هذا كله يوم خرج إلى العلن. لاري كلارك وهارموني كورين وصوفيا كوبولا يحضرون كلهم في هذا الفيلم الذي يحاول تدوير هذه الأسماء بإصرار على هضم الأسلوب. أرنولد تمنح مساحة تعبير للشباب الأميركي المهمش الذي لم يحظَ بفرصة الالتحاق بكبار الجامعات والتمتع بحياة ميسورة. الموسيقى هنا حضن، الجنس بدعة، الحبّ خلاص. وسط كلّ هذه الفوضى، تجد أرنولد ما تقوله.

كلّ شيء يبدأ مع انضمام فتاة اسمها ستار (ساشا لاين) إلى شلّة مراهقين يجوبون المناطق لبيع اشتراكات لمجلات. نشاهد عبورهم الغرب الأوسط الأميركي (الأكثر تخلفاً في أميركا) بسيارات الفان، مُحدثين صخباً رهيباً. يقيمون في فنادق رخيصة ويسهرون حتى بزوغ الفجر. يمتدّ الفيلم على نحو ثلاث ساعات، ويعمل بمنطق التراكم الكيفي والكمي، ثم لا يلبث أن يتحول إلى وثائقي عن بزنس متنقل علمت عنه المخرجة من مقال نُشر في "نيويورك تايمس" العام 2007. الفيلم يتطور بإيقاع متقطّع وسريع، مكرور أحياناً، كنوع من تأكيد للشيء. في هذا الوسط المراهق، تنشأ علاقة بين ستار وأحد الباعة في الشلة (شيا لابوف)، علماً أنّ الأخير دلوع الرئيسة المستبدة التي تشرف على عمليات البيع واختيار الباعة. تحسن أرنولد توظيف هذه العلاقة في إطار الحكاية العريضة، وتتيح مجالاً لبعض المَشاهد الجنسية المبهرة، كتلك التي تجري فصولها على العشب.

hauvick.habechian@annahar.com.lb

النهار اللبنانية في

23.05.2016

 
 

أفلام «مهرجان كان» المتنافسة هذا العام لم تثر قضايا سياسية عالمية معاصرة

عودة معضلة هيمنة الرجال والنساء غير البيض على أفلام المسابقة الرسمية

حسام عاصي - كان – «القدس العربي»:

مهرجان كان السينمائي معروف للجماهير بتألق نجوم السينما ومشاهير العالم على بساطه الأحمر أمام كاميرات التلفزيونات العالمية وليس الأفلام الفنية التي يعرضها لمدة أسبوعين فقط. ولهذا يدأب منظمو المهرجان على برمجة أفلام هوليوودية مدججة بالنجوم في فئة خاصة خارج نطاق المسابقة الرسمية لكي يجذب اهتمام الإعلام ومعجبي المشاهير. 

هذا العام افتتح المهرجان أبوابه بفيلم «كافي سوسياتي» للمخرج الشهير وودي آلن، الذي حضر بصحبة نجومه وهم جيسين ايزينبرغ، كريستين ستيوارت وبليك لايفلي. ثم تلاه فيلم النجمة الهوليوودية جودي فوستر «وحوش المال»، الذي استقطب نجومه جورج كلوني وجوليا روبرتس إلى كان، ثم فيلم «شين بلاك» الساخر «نايس غايز»، الذي أشعل نجماه راسل كرو ورايان غازلينغ صراخ معجبيهم عندما ظهرا على السجادة الحمراء. المخرج الهوليوودي العريق، ستيفين سبيلبيرغ أيضا قدم فيلمه الخيالي «BFG». 

أما الـ 21 فيلما المتنافسة على السعفة الذهبية فمعظمها لا تضم نجوما من الدرجة الأولى وكثيرا ما يقوم ببطولتها ممثلون غير مشهورين عالميا. هذه معضلة يواجهها المنتجون أيضا في سوق المهرجان، حيث يؤمونه من أجل تمويل مشاريعهم المستقبلية، إذ أن الممولين يشترطون وجود نجوم تضمن نجاح الفيلم تجاريا ونقديا من أجل الإستثمار بها. ودائما يحضر نجوم السينما مع المنتجين لمقابلة الممولين لطمأنة المستثمرين ووعدهم بالاشتراك في تلك الأفلام. ولكن مؤخرا قل عدد النجوم الذين يشاركون في هذه الأفلام، لأنهم مربوطون بعقود أفلام القوى الخارقة الهوليوودية أو بمسلسلات تلفزيونية أمريكية تشغلهم لفترات زمنية طويلة وتمنعهم من العمل على أفلام فنية.

المثير هو أن غياب النجوم من أفلام المنافسة يساهم في تسليط الضوء على المواضيع السياسية والإجتماعية والفلسفية المهمة، التي تطرحها بدلا من ألبسة وأزياء نجومها أو شؤونهم الشخصية. هذا العام لم تثر الأفلام المتنافسة قضايا سياسية عالمية معاصرة، كالارهاب واللاجئين والعنصرية، مركزة على أمور محلية وذاتية يواجهها الفرد في حياته اليومية وعدد منها كانت خيالية ومسلية خالية من مضامين مهمة أو رسائل اجتماعية. المخرج البريطاني، كين لوتش، المعروف بتسليط الضوء على مصاعب الطبقة العاملة في بلده، تناول فظاظة مؤسسات الضمان الإجتماعي البريطانية في تعاملها مع المحتاجين في فيلم مثير للمشاعر وهو «أنا دانئيل دريك» من خلال سرد قصة نجار عاطل عن العمل بسبب إصابة وأم لطفلين بدون زوج يتوسلا للمساعدة ولكن دون جدوى.

ويعالج المخرج الروماني كريستيان نوغي الفساد في مؤسسات دولته في «تخرج»، الذي يحكي قصة طبيب يضطر إلى التخلي عن مبادئه ويوافق على تدريج مسؤول كبير مريض في قمة لائحة المنتظرين لعملية غرس كبد كرشوة تؤمن تحقيق ابنته أعلى نسبة في امتحانات تخريجها من المدرسة الثانوية لكي تحصل على منحة دراسة في بريطانيا.

أما الفيلم البرازيلي «اكواريوس»، فقد كان عرضه الافتتاحي مشحونا سياسيا، إذ شارك الجمهور نجوم الفيلم برفع لائحات تضامن مع رئيسة بلدهم ديلما روسوف وسط تصفيق حار من الحضور. ويسلط الفيلم الضوء على فساد الشركات الضخمة وبلطجيتها تجاه الناس البسطاء من خلال قصة أرملة (سونيا براغا) ترفض الخضوع لإغراءات وتهديد شركة استثمار ضخمة تسعى لشراء شقتها من أجل تحويل بنايتها إلى مستجم سياحي.

ويعود المخرج الأمريكي جيف نيكولس بفيلمه «لافينغ» إلى ستينيات الولايات المتحدة، حيث كان الزواج بين البيض والسود غير قانوني، ليسرد قصة رجل أبيض وإمرأة سوداء تركا بيتهما في ولاية فيرجينيا لكي يتفادا حكم السجن بعد أن عقدا القران بينهما. 

وفي عام 1967 قررت محكمة القضاء العليا الأمريكية إلغاء قانون تحريم الزواج المختلط مما مكن اللوفينغ الرجوع إلى بلدهما. وطرح نيكولس الفيلم بنمط لا هوليوودي، متفاديا الإثارة والتشويق والموسيقى الصخبة من خلال التركيز على أداءات مكبوحة وهادئة من الشخصيتين الرئيستين لكي يعكس واقعهما، وذلك لأنهما كانا منطويين على نفسيهما ومنزويين عن الناس.

وفشل فيلم المخرج والنجم الهوليوودي شون بن «الوجه الأخير» في نيل إعجاب النقاد، الذين اتهموه بالتخبط في طرح ويلات ضحايا الحروب الأهلية وسط أفريقيا وذلك لأنه ركز على العلاقة الغرامية بين بطلي الفيلم البيض وهما طبيبا الأمم المتحدة المتطوعان اللذين يجسدهما شارلي ثيرون وخافيير بارديم.

كما ضمت قائمة المنافسة الرسمية أفلام رعب خيالية على غرار الفيلم الفرنسي «متبضعة شخصية»، من إخراج أوليفيير أساييس وبطولة الممثلة الأمريكية كريستين ستيوارت. 

الفيلم يدور حول فتاة تحاول التواصل مع روح أخيها التوأم بعد مصرعه. ممثلة أمريكية أخرى، هي أيل فانينيغ، قامت ببطولة فيلم المخرج الدنماركي نيكولاس ويندين ريفين «فتاة النيون»، الذي يحكي قصة عارضة أزياء شابة تصل إلى لوس أنجليس وتتعرض لعداء دموي من زميلاتها في العمل. كلا الفيلمين قوبلا بالاستهجان والازدراء من قبل المشاهدين والنقاد.

هذه المواضيع كانت أيضا محور أفلام منافسة «نظرة ما»، التي تقدم أفلاما ذات طابع أصلي ومختلف. فكما ذكرت آنفا، عالج الفيلم المصري «اشتباك»، الذي افتتح المنافسة، الإنقسام الحاد في المجتمع المصري بعد انقلاب الجيش على الرئيس المخلوع محمد مرسي. بينما سرد الفيلم الإيراني «عكس»، من اخراج بيهنان بيهنازي قصة أمرأة عزباء متحررة، تدير محل غسل ملابس، تجبرها عائلتها على النزوح من بلدها طهران مع أمها المريضة لحمايتها من تلوث الهواء. الفيلم يسبر التحديات التي تواجهها النساء المستقلات في المجتمع الإيراني والاستهتار بطموحاتهن الشخصية والمهنية.

أما الفيلم الإسرائيلي «من وراء الجبال والتلال»، الذي يدور حول عائلة اسرائيلية فاشلة مكونة من أب تحرر على التو من الجيش برتبة جنرال، ولكنه يخفق في ايجاد عمل في الحياة المدنية، وأم مدرّسة تخوض علاقة رومانسية مع أحد طلابها، وإبنة تقع في حب شاب فلسطيني يخطط لاجراء عملية تفجيرية في اسرائيل. الفيلم يعكس تضارب الآراء وانهيار القيم العائلية في المجتمع الإسرائيلي ويعرض صورة نمطية للشخصيات الفلسطينية، التي يعرضها كإرهابية لا يُثق بها.

«اشتباك» هو الفيلم الطويل الوحيد الذي حضر المهرجان تحت شعار دولة عربية. ولكن كانت هناك أفلام عدة من مخرجين عرب، مثل فيلم الفلسطينية مها الحاج «أمور شخصية»، الذي قُدم كفيلم اسرائيلي. أما أفلام المخرجين العرب الأخرى فكانت كلها من انتاج فرنسي وعالجت مشاغل عرب وُلدوا وترعرعوا في فرنسا أو هاجروا اليها. ومن ضمنها فيلم كريم دريدي «شوف»، الذي يخوض عالم الإجرام في ضواحي مرسيليا العربية من خلال سرد قصة شاب جزائري ينضم إلى عصابة تجارة مخدرات لكي ينتقم لأخيه تاجر المخدرات، الذي تمت تصفيته على يد عصابة منافسة. الفيلم يستحضر أفلام المافيا الهوليوودية، ولكنه يُطرح بمنط مسرحي فرنسي ذي مشاهد تشويقية مكوّنة من لقطة واحدة بدلا من الايقاع السريع الذي يتسم به هذا النوع من الأفلام. 

وسبر فيلم المخرج الجزائري – الفرنسي رشيد ديجيداني في فيلمه «رحلة فرنسية»، الذي يقوم ببطولته الممثل الفرنسي الشهير جيرارد ديفارديي ومغني الراب صاديق، العنصرية في فرنسا تجاه العرب بعد الضربات الإرهابية الأخيرة من خلال قصة مغني راب عربي يأخذ مهنة سائق لرسام فرنسي عنصري، اعتنق ابنه الإسلام وحوّل اسمه إلى بلال. وفي بداية رحلة ينطلقا بها عبر الريف الفرنسي يكشف الرسام عن أفكاره المعادية للعرب ولكنه تدريجيا يقترب من الشاب العربي ويدافع عنه عندما يتعرض لتحرش الشرطة، التي تعتقله لكونه عربيا. روعة هذا الفيلم تنبع من اداء ديفارديي المبهر، وليس من روايته التي تعتمد على الحوارات لبث رسالته وتفتقر إلى حبكة مقنعة أو أزمات شخصيات جدية.

الحضور العربي بهويات أجنبية يعكس محنة السينما العربية، التي باتت رهينة في أيدي المسؤولين الأجانب، الذين يمنحون الضوء الأخضر لأفلام تتوافق مع أفكارهم الاستشراقية. المشكلة الرئيسية هي أن المشاهد العربي لا يعر اهتماما لأفلام المخرجين العرب الفنية وما زال مهووسا بأفلام الحركة الهوليوودية.

فعاليات أخرى على هامش المهرجان سلطت الضوء على قضايا اجتماعية وسياسية على غرار أزمة اللاجئين، كما ذكرنا في مقالات سابقة. كما حضرت نجمات هوليوودية وعالمية، مثل سوزان سوراندون، جينا دافيس وسلمى حايك، في مؤتمر دام أياما عدة تضمن خطابات ونقاشات انتقدت فيه المشاركات التمييز وتجاهل النساء أمام ووراء الكاميرا في صناعة الأفلام.

ولكن لو ذهبت هذه النجمات لمشاهدة أفلام المهرجان لوجدن حضورا للنساء أقوى من حضور الرجال. 3 من أفلام المنافسة الرسمية هي من اخراج نساء وهي «توني ايردمان» من الألمانية مارين آدي، «عسل أمريكي» من البريطاينة أندريا ارنولد و»من أرض القمر» من الفرنسية نيكول غارسية، فضلا عن أن معظم الشخصيات الرئيسية في هذه الأفلام كانت من النساء على غرار «هي»، الذي يحكي قصة أمرأة تلجأ للانتقام من مغتصبها، «جوليتا» من بيدور المودوفار، «الفتاة المجهولة» من الأخوين داردين وعن طبيبة تبحث عن هوية فتاة لقيت مصرعها أمام بيتها وتشعر بالمسؤولية عن ذلك، «أكواريوس»، الذي يدور حول أرملة تواجه شركة ضخمة، «فتاة النيون»، عن عارضة أزياء شابة تصارع على البقاء في عالم الأزياء العدائي. المشكلة الحقيقية هي أن كل هذه الأدوار تقوم بها نساء بيض ولا توجد أي أدوار رئيسة لرجال ونساء غير بيض في أفلام المنافسة الرسمية.

نقابة المهن السينمائية وجبهة الإبداع تتضامن مع صناع فيلم «اشتباك» ضد تشويه التلفزيون المصري

رانيا يوسف - القاهرة – «القدس العربي»:

أعلنت نقابة المهن السينمائية والاتحاد العام للنقابات الفنية وجبهة الابداع المصرية تضامنها مع المخرج محمد دياب وصناع فيلم «اشتباك» ضد الهجمة، التي تعرض لها عبر تقرير إذاعه التلفزيون المصري ضمن فقرات برنامج «أنا مصر»، الذي تقدمه المذيعة أماني الخياط، ووصف التقرير أعمال المخرج محمد دياب أنها تشوه المجتمع المصري، وحمل التقرير هجوما غير مسبوق على مخرج الفيلم، ووصف فيلم «اشتباك» بالدعوة التي تسعى للصلح بين الإخوان المسلمين والشعب المصري، كما ألمح التقرير إلى أن مشاركة الداعية معز مسعود في انتاج الفيلم إلى جانب جهات أجنبية أمر مريب، وقال التقرير إن أعمال دياب تسعى للايقاع بالنظام المصري، خاصة وأنه من المشاركين في «ثورة يناير».

وأعلنت نقابة المهن السينمائية وجبهة الإبداع دعمها للفيلم، الذي تم اختياره ليمثل مصر في مسابقة «نظرة ما» في «مهرجان كان السينمائي»، حيث افتتح الفيلم المسابقة، وأكدت النقابة حق صناع العمل في التعبير الحر، ووصفت النقابة التقرير بالتشهير والاساءة للمخرج محمد دياب، الذي أاختير فيلمه «اشتباك» ليشارك في مهرجان كان السينمائي الدولي، واتهامه جزافاً واهانته بكلام مرسل على شاشة تلفزيون بلاده. 

وأضاف بيان النقابة: «نحن نربأ أن يستخدم الإعلام كوسيلة هدم للمصداقية مخالفاً للدستور المصري الذي كفل حق التعبير والرأي والإبداع، ونعلن التضامن والمساندة لزملائنا الذين رفعوا اسم بلادنا عاليا بصناعة فيلم مصري يستطيع المنافسة في المحافل الدولية، ونحن نحترم القانون والدستور المصري، مع الاحتفاظ بحقنا في الرد القانوني على أي تجاوز في حق المهنة والعاملين فيها». 

من ناحية أخرى أفردت الصحافة العالمية مساحات كبيرة لتقرير استعرضت خلاله نجاح مصر في التواجد بصورة مؤثرة في مهرجان كان أكبر المهرجانات السينمائية في العالم، وذلك على الرغم من قلة عدد المشاركات، وأشارت في تقريرها إلى أن المشاركة المصرية في قسم «نظرة ما» في فيلم «اشتباك» هذا العام يعد خطوة جديدة على طريق ما أسمته تألق نجوم مصر على السجادة الحمراء.

مشيرة إلى أن هذه تمثل المشاركة الخامسة لمصر في قسم «نظرة ما» ثاني أهم المسابقات في المهرجان، والذي تهتم في الأساس بالفن السابع أكثر من الشكل التجاري ومراعاة أسماء النجوم التي قد تتحكم في اختيارات أفلام المسابقة الرسمية. 

واستعرضت الصحف العالمية عدد المشاركات المصرية وأوضحت أن المشاركة الأولى لمصر في هذا القسم كانت من خلال فيلم «الآخر» عام 1999 للمخرج الراحل يوسف شاهين، ثم لفيلمه «اسكندرية نيويورك» عام 2004 ثم مشاركة الناقد الفني ياسر محب في عضوية لجنة التحكيم عام 2008 كأول مصري يشارك في لجنة تحكيم هذه المسابقة، ثم مشاركة فيلم «بعد الموقعة» للمخرج يسري نصر الله، في افتتاح هذا القسم عام 2011 وهو ما تكرر هذا العام مع «اشتباك» محمد دياب ومحمد حفظي.

كما اختار نقاد موقع «هوليوود ريبورتر» فيلم «اشتباك»، ليكون في قائمة أفضل 10 أفلام عُرضت ضمن فعاليات الدورة الـ 69 من المهرجان، ووصف الموقع في تقريره عن أفضل 10 أفلام في مهرجان كان السينمائي فيلم المخرج محمد دياب بأنه «رؤية قوية ومرعبة للفوضى، التي انجرت لها مصر»، وقد سبق للموقع نفسه، وصفه بأنه سيكون فيما بعد من أحد أهم المواد البصرية التي توثق الوضع في مصر الحديثة، فيما حظي بإشادة نقدية عالمية وعربية بعد عرضه العالمي الأول في افتتاح قسم نظرة ما في الدورة الـ69 من «مهرجان كان السينمائي»، والذي تبعته موجة حادة من التصفيق. 

رغم أن أحداث الفيلم تدور داخل عربة ترحيلات مكتظة بالمتظاهرين، فإن أكثر ما لفت أنظار الصحافة العالمية في الفيلم بعد عرضه العالمي الأول في مهرجان كان السينمائي، هو كون «اشتباك» فيلماً إنسانياً من الدرجة الأولى ولا يحمل أي رسائل سياسية أو يتحيز لقوى بعينها، ليكون هذا هو السبب الرئيسي خلف ردود الأفعال الإيجابية عن الفيلم من قبل النقاد والجمهور من مختلف أنحاء العالم.

وقد أفردت مجلة «فارايتي» في مطبوعتها مساحة خاصة للفيلم المصري، ففي مقال بعنوان «منفذ غير سهل»، كتب محرر المجلة نيك فيفاريللي تقريراً عن توجه صناع الأفلام العرب إلى تناول موضوعات جديدة تصلح لجذب المشاهدين المحليين والعالميين على حد سواء. وركز المقال في مقدمته على فيلم «اشتباك» الذي افتتح عروض قسم «نظرة ما»، مثيراً موجة من الإعجاب النقدي وحماس الجمهور يوم الخميس الماضي، ونقل عن إريك لاجيس (أحد منتجي الفيلم مع معز مسعود ومحمد حفظي) قوله «هناك جيل جديد من المخرجين العرب أصبح لديهم فهم بأنه عليهم صناعة أفلام تحظى بقبول عالمي… اشتباك فيلم درامي للغاية.. لكنه أيضاً كوميدي».

الفيلم يتناول حالة الاضطراب السياسي، التي تلت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وهو من تأليف خالد ومحمد دياب مخرج الفيلم، وإنتاج مشترك بين فرنسا، مصر، ألمانيا والإمارات العربية المتحدة.

وتدور أحداث الفيلم داخل عربة ترحيلات تابعة للشرطة مكتظة بالمتظاهرين من المؤيدين والمعارضين، وتم تصوير مشاهد الفيلم في مساحة لا تزيد في الحقيقة عن 8 أمتار، حيث يتفاعل عدد كبير من الشخصيات ضمن دراما تتضمن لحظات من الجنون، العنف، الرومانسية والكوميديا أيضاً. 

يقوم ببطولة الفيلم الفنانة نيللي كريم، وطارق عبد العزيز، وهاني عادل، وأحمد مالك، وأشرف حمدي، ومحمد عبد العظيم، وجميل برسوم وآخرين.

القدس العربي اللندنية في

23.05.2016

 
 

"كان": السعفة مرة أخرى للوتش

باريس - العربي الجديد

اختتمت في سهرة الأحد فعاليات مهرجان "كان" السينمائي، بتوزيع جوائز الدورة التاسعة والستّين. سهرة كان بطلها المخرج البريطاني كِن لوتش الذي أحرز فيلمه "أنا دانيل بلاك" على السعفة الذهبية، وهي ثاني مرة يحقق فيها هذا التتويج بعد عشر سنوات من تتويجه الأول.

تتويج لوتش له أبعاد مختلفة، فإضافة إلى المكانة الجديدة التي حققها باعتباره من القلة التي حازت الجائزة الأكبر في "كان" مرتين، فقد كان المخرج طوال الأسبوع محور جدل لاعتراضاته على قبول إدارة المهرجان عرض فيلم "بشمركة" لبرنار هنري ليفي، وإثارته لمسألة المعايير المزدوجة في التعامل مع الأفلام، ما جعل البعض يفكر في أن جرأة لوتش ستلعب ضده عند تقرير الجوائز.

في بقية الجوائز، حصل الإيراني شهاب حسيني على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "البائع"، لتنضاف جائزة "كان" إلى "برلين"، كما تحصّل نفس الفيلم على جائزة أفضل سيناريو والذي كتبه مخرجه أصغر فرهادي. أما جائزة افضل ممثلة فقد آلت إلى الممثلة الفلبينية جاكلين جوز عن دورها في فيلم "ما روزا".

عرف الحفل الختامي أيضاً تسليم السفعة الشرفية للممثل الفرنسي جان بيار ليو والتي جرى الإعلان عنها قبل انطلاق المهرجان، وحاز فيلم "العسل الأميركي" لـ أندريا أرنولد على جائزة لجنة الحكيم.

فيلم "علوش" للمخرج التونسي لطفي عاشور، وهو المشاركة العربية الوحيدة في المسابقات الرسمية لم يتوّج بسعفة، إذ أن الفيلم الإسباني "تايم كود" لـ خوانخو خيمينيز اختير أفضل فيلم قصير خلال هذه الدورة.

العربي الجديد اللندنية في

23.05.2016

 
 

الجائزة الكبرى في كان تذهب إلى "نهاية العالم"

الجزيرة الوثائقية - الدوحة

اختُتمت مساء أمس الأحد 22 مايو 2016 فعاليات مهرجان كان الدولي في دورته الـ 69 بإعلان النتائج، حيث مُنحت "السعفة الذهبية" للمخرج البريطاني "كين لوتش" Ken Loach عن فيلمه "أنا دانيال بليك" I, DANIEL BLAKE، وحصل المخرج الكندي الموهوب "إكزافيير دولان" Xavier Dolan على الجائزة الكبرى للمرة الثانية بعد حصوله عليها العام قبل الماضي مناصفة مع جودار، وهو البالغ من العمر 27 عاما، وذلك عن فيلمه الجديد "إنها فقط نهاية العالم" IT'S ONLY THE END OF THE WORLD.

مُنحت جائزة أفضل مخرج مناصفة بين المخرج الفرنسي "أوليفيير آساي" Olivier Assayas  عن فيلمه PERSONAL SHOPPER والذي يحكي عن مورين الفتاة العشرينية التي تعمل في مهنة مملة تكرهها كي تتمكن من دفع ثمن إقامتها في باريس، بينما تقف روحها انتظارا لأي إشارة تأتيها من أخيها التوأم الذي مات فجأة، والمخرج الروماني "كريستيان مونوج" Cristian Mungiu عن فيلمه GRADUATION والذي يحكي عن علاقة متوترة بين فتاة وأبيها، وكيف خطّط لحياتها منذ صغرها لتأتي حادثة غير متوقعة تُغير مصيرها تماما وتتطلب منها التعامل مع حياتها وفقا لقواعد جديدة لم يُعلمّها إياها والدها

كما حصد الفيلم الإيراني "البائع" FORUSHANDE لمخرجه أصغر فرهادي Asghar Farhadi اثنين من أهم جوائز المهرجان وهما جائزة أفضل سيناريو والتي مُنحت لأصغر فرهادي، وجائزة أفضل ممثل للإيراني شهاب حسيني عن دوره في الفيلم، والذي يحكي عن علاقة زواج تتعرض فيها الزوجة لحادثة تشبه الاغتصاب يتجنب الفيلم الكشف عن تفاصيلها ليلقي ظلاله حول معاني الشعور بالذنب والندم والشرف داخل سياق المجتمعات المحافظة.

أما جائزة أفضل ممثلة فقد ذهبت للفلبينية جاكلين جوزيه عن دورها في فيلم MA' ROSA وحصد الفيلم الفرنسي TIMECODE جائزة أفضل فيلم قصير، في حين ذهبت جائزة لجنة التحكيم لفيلم AMERICAN HONEY وهو إنتاج أمريكي بريطاني مشترك.

ولأول مرة تذهب جائزة "الكامير الذهبية" إلى امرأة من أصول عربية وهي "هدى بن يمينة" مغربية فرنسية عن تصويرها لفيلم "إلهيات" DIVINES، وهو فيلم يدور في إطار الكوميديا السوداء حيث يروي رحلة فتاتين تحاولان النجاح والعيش وفقا لقواعدهما الخاصة وسط مجتمع متشدد دينيا.

بعد تنافس 18 فيلما من 20 دولة على جوائز قسم "نظرة ما" بالمهرجان، فاز أخيرا فيلم THE HAPPIEST DAY IN THE LIFE OF OLLI MÄKI وهو إنتاج مشترك بين فنلندا / ألمانيا / السويد.

كما ذهبت جائزة أفضل سيناريو لفيلم THE STOPOVER الفرنسي / اليوناني والذي يحكي عن ذكريات الحرب في أفغانستان وكيف ألقت ظلالها على امرأتين من قوات المارينز تذهبان في نزهة لثلاثة أيام في اليونان، غير أن الأمر لا يكون أبدا بهذه البساطة.

وحصد فيلم الآنيميشن الفرنسي / البلجيكي "السلاحف الحمراء" THE RED TURTLE جائزة لجنة التحكيم الخاصة، ويحكي الفيلم عن الحياة البدائية لرجل يعيش في جزيرة استوائية محاطا بالسلاحف وسرطانات البحر، ومن خلال علاقته مع الطبيعة نكتشف أعماق النفس الإنسانية وحاجاتها الدفينة.

الجزيرة الوثائقية في

23.05.2016

 
 

«إكواريوس».. فيلم برازيلي يدافع عن الهوية

«كان» ـ عبد الستار ناجي

لعلهم قلة في العالم العربي يعرفون السينما البرازيلية وصناعها ونجومها ومبدعيها وايضا كل ما يتعلق بجديدها الذي يظل مقرونا باسماء عدد من الرموز التي راحت تترسخ وتتأكد تجربة بعد اخرى وفيلما بعد ثان. ومن بين تلك الرموز المخرج كليبر ماندونكا فيلو. الذي يقدم احدث اعماله بعنوان «اكواريوس» وهو عمله الروائي الثاني بعد فيلمه الاول «جيريتو» 2008.

وقبل الذهاب الى الفيلم نتوقف عند اسم النجمة البرازيلية «سونيا براغا» التي تعتبر من اهم نجمات السينما في اميركا الجنوبية واحدى المبدعات اللواتي نذرن حياتهن من اجل السينما وقضايا المجتمع في اميركا اللاتينية بشكل عام والبرازيل بشكل خاص.

وفي رصيد سونيا اعمال لاربعة اجيال من المخرجين البرازيليين حيث ظلت دائما تمثل قضايا الانسان ونبضه في السينما البرازيلية وهي في فيلم «اكواريوس» تجسد شخصية «كيارا» المرأة الكبيرة في السن والتي تنتمي الى الطبقة الراقية في المجتمع البرازيلي والتي تقيم في عمارة تطل على المحيط في واحدة من أرقى المناطق في سان باولو.

تجد تلك السيدة التي باتت تعيش لوحدها مع خادمتها الخاصة. نفسها امام تحديات صعبة حينما تبدأ احدى الشركات العملاقة بشراء جميع الشقق في العمارة من اجل هدمها وتحويلها الى مجمع سكني على طريقة ناطحات السحاب.

في البداية تبدأ الشركة عبر احد مهندسيها الشباب بالتحاور وتقديم الاغراءات وايضا الحوافز ولكن «كيارا» ترفض كل شيء ففي هذه الشقة كونت اسرتها وتزوجت وأنجبت ابنتها وابنها وشكلت مفردات اسرتها ورحلتها الانسانية والابداعية ككاتبة وسيدة مجتمع من الطراز الاول. وحينما لا تفلح الاغراءات من قبل الشركة تأتي الخطط الثانية عبر محادثة الابناء الذي راحوا يشكلون وسيلة ضغط جديدة على تلك المرأة التي ترى في تلك الشقة جنتها وعالمها الذي لا يمكن ان تفارقه. وهنا ايضا تفشل التجربة ويزداد عناد كلارا التي تستعين بمحاميتها الخاصة. وتتطور المواجهات حينما تقوم الشركة باسكان عدد من عمالها في الشقق الفارغة في العمارة ومحاولة اثارة المشاكل تارة عبر الاغاني والحفلات الساهرة والصاخبة بل والماجنة وايضا كم آخر من المواجهات التي تظل امامها «كلارا» صامدة بل اكثر قوة من أي وقت مضى حتى رغم معاناتها من السرطان الذي التهم صدرها.

الشركة تمضي بمشروعها وكلارا تصر وتعاند لانها تعرف بان هكذا شركات ستغير خارطة وشكل البلد والساحل والجيران والوجوه والملامح.

كمية من الحكايات التي تتداخل والتي تظل تتمحور حول موضوع اساسي هو الانسان والهويه التي تقوم عدة جهات بنخرها وتشويهها. حتى نصل الى الحكاية الاخيرة حينما تعلم كلارا من احد العمال بأن هناك شيئا ما تدبره الشركة وان عليها ان تحتاط وفي ذات اليوم تنفصل الكهرباء عن العمارة وتقوم كلارا باستدعاء المطافئ الذين يكسرون عددا من الشقق الفارغة ليكتشفوا ان هناك نوعية من السوس والدود الذي تم نشره في عدد من تلك الشقق والذي راح يلتهم كل شيء وينخر كل شيء ويهدد بسقوط العمارة على الساكنة الوحيدة وكان تلك الشركة ليس لها أي دخل في الامر وعندها تقوم بهدم المبنى وتنفيذ غايتها.

عندها تستدعي كلارا محاميتها وتذهب الى مقابلة صاحب الشركة بحضور المهندس الشاب الذي يقوم بتنفيذ المهمة التدميرية وتبدأ المواجهة عبر حوار شرس حتى يثور صاحب الشركة لتقوم كلار بفتح حقيبة كانت تجرها ليخرج منها الدود الذي زرع في العمارة وبدون اي كلام وبلا تصريحات تذهب الكاميرا الى التركيز على الدود وكان الفيلم يصرخ.. الدود ينخرنا !

كعادتها تدهشنا سونيا برغا التي تجاوزت الستين بكثيرا وهي تزداد نضجا وعمقا ومقدرة على تحمل الفيلم بكاملة عبر وعيها السياسي وايضا احترافها كممثلة من الطراز الاول تقول الكثير عبر تعابيرها السخية بالتفاصيل الدرامية الدقيقة.

وهكذا فإن السينما البرازيلية حاضرة بمبدع متجدد هو المخرج كليبر فيلو وايضا الممثلة والنجمة القديرة سونيا براغا وايضا بقضية راحت تثير كثيرا من الجدل في البرازيل وهو ما يتمثل بغير الهوية وملامح العاصمة.

حكاية «كلب» .. لفت الانظار على سجادة «كان» الحمراء

«كان» الوكالات ـ سينماتوغراف

أسدل الستار مساء أمس الأحد على الدورة الـ69 لمهرجان كان السينمائي الذي يجري كل عام في شهر مايو في جنوب فرنسا، ويلاقي المهرجان نجاحاً هائلاً يجعله أحد الأحداث السينمائية الأكثر تغطية إعلامية في العالم.

وجعل من «سجادته الحمراء» و«درجات السلم» االتي يصعد عليها النجوم قبل الوصول إلى صالة العرض واحدا من أشهر الأماكن في العالم.

وتفاجأ جمهور كان وإعلاميوه بحضور كلب مساء عرض الفيلم الكوري «مادموازيل». وأعلن المهرجان أن الكلب ليس «أي كلب»، إنه كلب الممثلة كاري فيشر المعروفة في العالم بـ«أميرة ليا»، إحدى أهم شخصيات سلسلة «حرب النجوم»، أي أحد زعماء الثوار وشقيقة الثائر الشاب لوك سكايوولكر.

وكلب كاري فيشر اسمه غاري وله حساب على تويتر (وهو @Gary_TheDog) يتابعه ما يزيد على 8000 شخص، وبهذه الصفة حضر مهرجان كان وتمشى على السجادة الحمراء وتوقف أمام عدسات المصورين.

سينماتوغراف في

23.05.2016

 
 

للمرة الثانية كين لوتش يفوز بالسعفة الذهبية..

ايران تستحوذ على السيناريو والتمثيل

احمد الزبيدي

تابع عشاق الفن السابع والمهتمين بصناعة السينما على مدى 12 يوما فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته التاسعة والستين والتي جرت ما بين 11-22 ايار 2016،وهذا الحدث السينمائي الهام ينتظره الملايين كل عام لجودة الافلام المشاركة فيه والمستوى العالي الذي تتميزبه،ترأس لجنة التحكيم هذا العام المخرج الاسترالي جورج ميلر،ليلة الافتتاح كانت مع أحدث أفلام المخرج الأمريكي الشهير وودي ألن( كافيه سوسايتيه )مقهى المجتمع ،الفيلم كان من بطولة كريستين ستيوارت وجيسي أيزنبرغ ويحكي لنا قصة شاب يصل إلى هوليوود في ثلاثينيات القرن الماضي، للعمل في مجال السينما، لكنه يقع في حب فتاة ويغوص في عالم “مقهى المجتمع“، النابض بالحياة والذي يرسم ملامح ذلك العصر.

مدير مهرجان كان تييري فريمو قال عن المخرج الكبير: “وودي ألن هو ذلك الشخص الذي نوليه اهتماما خاصا، إنه يأتينا من أجواء منتصف الستينات، وحين اصبح مخرجا كان يرسل أفلامه إلى مهرجان كان دون أن يحضر بنفسه، أعتقد أنه من أعظم المبدعين، فهو مخرج وكاتب سيناريو متميز ونحن سعداء جدا بحضوره على خشبة المسرح ليلة الافتتاح.تنافس واحد وعشرون فيلما هذا العام على جائزة السعفة الذهبية.

السعفة الذهبية تنتصر للناس الضعفاء

هذا العام انتصرت السعفة الذهبية وهي الجائزة الكبرى لمهرجان كان للناس الضعفاء حين تم منحها لفلم (انا دانيال بلايك) للمخرج البريطاني كين لوتش وهو على اعتاب الثمانين التي سيصلها في منتصف الشهر المقبل،وقد سبق له ان فاز بالسعفة الذهبية في عام 2006 عن فلم(تهب الرياح) كما ان لديه فيلما تدور احداثه في العراق انتهى منه قبل ثلاث سنوات بعنوان (اريش روت

يقدم لوتش في "انا دانيال بليك" أحد اجمل أفلامه وأكثرها تأثيرا، ويصل فيه إلى ذروة دربته في جعل مشاهديه يتماهون مع أزمة بطله، ونموذجه الانساني، الذي يمثل الانسان العادي البسيط الذي يسحق وسط اختلالات النظام الاقتصادي المهيمن وما ينتجه من اغتراب وأزمات اجتماعية.

إنها سينما تهدف الى خلق هذا الشعور بالتضامن، وبالتالي تحض على الفعل والعمل على التغيير، وهي ما يجيده كين لوتش الذي بات يقف على رأس هذا النهج الواقعي النقدي منذ سلسلة أعماله التلفزيونية التي قدمها لبي بي سي منذ منتصف الستينيات مرورا بأعماله السينمائية التي تزيد عن ثلاثين فيلما.

وببساطة ساحرة وتقشف في استخدام التقنيات السينمائية يقدم لنا لوتش جماليات تنهل من العادي والمألوف واليومي، في عمل يذكرنا بأعمال الواقعية الجديدة الايطالية التي تربى لوتش عليها.

فتراه يرصد لحظة انسانية صافية، ويحرص على ادخال مشاهده في قلبها في نوع من التقمص العاطفي، مالئاً إياه بمشاعر الغضب والتعاطف والتضامن.

قصة الفلم تتحدث عن النجار دانيال بلايك الذي يضطروهو يقارب الستين من العمر إلى الانقطاع عن العمل بعد أزمة قلبية، فنتبعه في مواجهة متاهات نظام عبثي مبهم من وكالات العمل إلى هيئات الخدمات الاجتماعية، وسط مساءلات تشبه التحقيق الأمني حول صحته وورشات إعادة الإدماج المهني. وهذه الإجراءات تقسو على الرجل المنهك فهي إجبارية والتخلف عنها يهدد بقطع المنح التي يقتات منها. وفي رحلته عبر ماكينة الإدارة الجهنمية، يلقى بطل الفيلم بعض السند عند إحدى جاراته السود وهي امرأة تربي طفليها بمفردها، وكلاهما ضحيتان لنفس النوع من الظلم.

بُنى الفيلم على شخصية دانيال بليك، التي استخلصها السينارست بول لافيرتي بعد بحث لأسابيع ومقابلات مع أشخاص في المنظمات الخيرية التي ترعى المعوقين والعاطلين عن العمل وزيارات ميدانية لبنوك الطعام، التي تقدم خدماتها للمشردين والمعدمين، فضلا عن أحاديث مع السكان في مجتمع مدينة نيوكاسل البريطانية.

موقع البي بي سي ناقش مضامين هذا الفلم مشيرا الى النهج الواقعي الذي دأب عليه كاتب السيناريو لافيرتي في معظم سيناريوهاته التي تبنى على تجربة واقعية وبحث ميداني فتكاد تقترب في الغالب من الدراما الوثائقية (ديكو دراما)، وبات الشريك المفضل للوتش في أعماله الاخيرة منذ تعاونهما في فيلم "أغنية كلارا" عام 1996 الذي بني على تجربة لافيرتي في العمل في منظمات حقوقية في نيكاراغوا ووسط أمريكا اللاتينية في ثمانينات القرن الماضي. أذ درس لافيرتي الفلسفة والقانون وعمل في المحاماة قبل أن يتحول إلى كتابة السيناريو مع لوتش.

وبليك (ديف جونز) هو نجار من مدينة نيوكاسل في الـ 59 من عمره، يبلغه الأطباء بأن حالته الطبية لا تسمح بعودته إلى العمل بسبب مرض في القلب، فيتحول إلى تلقي مساعدة الرعاية الاجتماعية، لكنه يواجه تعنت النسق البيروقراطي في جهاز قطاع عام مترهل يحاول جاهدا حماية نفسه بدرع من القوانين الصارمة والاستعانة بشركات خاصة.

وكما نلاحظ في استهلال الفيلم في الحوار الصوتي بين بليك وموظفة لا نراها تسأله أسئلة عامة عن قدرته على العمل، وعند اجابته عليها بصراحة تقلل من نقاط تقييم عجزه ومن دون أن تذهب مباشرة الى مشكلة القلب التي يعانيها. ونفهم من كلام بليك معها أنها من شركة أمريكية تعمل لحساب نظام الرعاية الاجتماعية.

وهنا يضعنا لوتش في قلب مشكلة فيلمه، وهي التناقض بين نظام أفرز من اختصوا بالتحايل عليه وابتزازه ويجاهد لاصلاح نفسه، ونموذج لعامل مكافح ومواطن صادق يعيش حياته بإخلاص ونزاهة ويمكن أن يستحيل إلى ضحية لاختلالات هذا النظام.

ويرسم لنا لوتش صورة بليك العامل المخلص في عمله الذي يحب مساعدة الاخرين والحنو عليهم، الذي قضى حياته في مهنته غير ملتفت لتلك التحولات المتسارعة في الواقع المحيط به، فنراه لا يجيد استخدام الكومبيوتر، ويكتب بالقلم الرصاص، ولا يجيد كتابه سيرته الذاتية للتقدم إلى عمل جديد.

ونراه يكافح مع الجهاز البيروقراطي الذي يعيد تقييم حالته ويجبره على التحول إلى باحث عن عمل كي يستمر في تلقي المعونات الاجتماعية، ويدخله في دوامة كافكاوية من المراسلات عبر الانترنت أو المراجعات يتيه وسطها وتدفعه إلى تحدي تعقيداتها التي ترفض الاستماع ببساطة شديدة إلى مرضه.

وخلال هذه التجربة يتعرف على كاتي (الممثلة هيلي سكوايرز) شابة اضطرت إلى الانتقال من لندن إلى نيوكاسل مع طفليها لكي تحظى بسكن من الدولة، لكنها تظل بلا عمل وعاجزة عن اطعام طفليها، فيحنو بليك عليها ويتحول بمثابة أب لهذه الشابة وراع لطفليها.

ويقدم لوتش عبر هذا العلاقة مشاهد رائعة مفعمة بالإنسانية تصل ذروتها في المشهد الذي يأخذ فيه كاتي إلى أحد بنوك الطعام لتلقي مساعدات، فتضطر لجوعها الى فتح علبة فاصوليا والتهامها قبل ان تنهار باكية وسط الناس.

ويكابر بليك للاحتفاظ بكرامته فنراه يبيع أثاث بيته كي يحصل على بعض المال يصرفه على احتياجاته اليومية.

وفي مشهد آخر، يقدم نقدا قاسيا لازدواجية النظام، عندما تضطر كاتي لسرقة حفاظات نسائية فيقوم رجل الأمن في مركز التسوق بالأمساك بها، لكنه يقدم لها تلفونه لاحقا بحجة مساعدتها، وعندما تلجأ إليه يقدمها إلى شبكة تعمل في الدعارة، فيحاول بليك انقاذها بالدخول وكأنه زبون إلى منزل الدعارة.

وبليك مواطن يعيش في حدود بقعته الجغرافية، ليس مثل جارة الشاب الأسود الذي يستخدم عنوانه لتلقي بضائع رخيصة بماركات شهيرة من الصين ويربح من فرق اسعار بيعها، وفي مشهد طريف يقدم لنا لوتش اثر العولمة التي نقلت العمالة خارج حدود الدول، مع الشاب الصيني الذي يعمل في مصنع ينتج أحذية لشركة بريطانية في الصين، والذي نراه متابعا لدوري كرة القدم الانكليزي وعارفا بلاعبيه أكثر من بليك نفسه.

وفي نهاية يمكن توقعها منذ بداية مسار الاحداث، ينتهي بليك إلى العيش على الكفاف في شقة خالية، وعندما تحاول كاتي مساعدته ومتابعة الشكوى ضد التقييم الخاطئ لحالته، يموت بليك بأزمة قلبية في دائرة الرعاية الاجتماعية التي اقتنعت لجنتها اخيرا للأخذ بالاعتبار حالته المرضية.

لقد غاص لوتش ولافيرتي في تلك المنطقة الرمادية ليكشفا عن التناقض القيمي بين قيم النظام وبيروقراطيته وقيم التضامن والصدق والعمل، على الرغم من اشتراكهما رسميا في الاستناد إلى قيم انسانية عامة. لقد قدم بليك لطبقات "السيستم" المترهلة كل ما يساعدها على الشك به والاصطدام بنظامه القيمي وبالمقابل مارست طبقات البيروقراطية أقصى حيلها التي يسمح بها القانون لإذلال من يتمرد عليها.

يحرص لوتش على أن يعامل الفيلم كوسيط لحمل رسالة في فضاء كفاح اجتماعي، لذا تتركز دربته السينمائية على إبعاد كل ما يشوش على هذه الرسالة، مركزا على اكتشاف جماليات تقوم على الايجاز والوضوح والبساطة، من دون افتعال أي ألعاب جمالية خالصة.

فنراه يسعى مترسما خطى الواقعية الجديدة إلى تقديم مشاهد تشبه الحياة في جريانها وبساطتها وقسوتها ورثاثتها احيانا، ومن هنا حرصه على التصوير في الأماكن الواقعية وبالإنارة الطبيعية في المشاهد الخارجية .

وقال كين لوتش خلال المؤتمر الصحفي  بعد تسلمه الجائزة"إنها وضعية صادمة فهذه المشكلة لا تمس فقط بلادي بل كل أوروبا". وندد لوتش بمشروع "الليبيرالية الجديدة" الذي يعتمده الاتحاد الأوروبي.  

لكن محرر صحيفة الغارديان ومعه الكثير من النقاد  اعتبروا قرار لجنة التحكيم بالمفاجئ حيث انتقد عدم منح الجائزة لعدة افلام تستحقها في مقدمتها فلم انتوني اردمان للمخرجة الالمانية مارين آدي،لكنه عاد واكد استحقاق فلم (انا دانيال بلاك) للسعفة الذهبية.

أما الجائزة الكبرى وهي ثاني أهم جوائز المهرجان فكانت من نصيب الشاب الكندي كزافييه دولان عن فيلم "قط نهاية العالم". وكان العبقري دولان قد أحرز رغم صغر سنه جائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان لعام 2014 عن فيلم "أمي" وكان في عام 2015 عضوا في لجنة تحكيم المسابقة الرسمية،استلهم دولان شريط "فقط نهاية العالم" من مسرحية تحمل نفس العنوان كتبها جان لوك لاغارس عام 1990 بعد أن علم أنه مصاب بالإيدز. فيروي الفيلم قصة كاتب مشهور ومثلي الجنس يعود إلى عائلته بعد غياب دام أكثر من عشر سنوات ليخبرهم بأن أيامه صارت معدودة بسبب مرض خبيث. وقال دولان باكيا عند تسلم الجائزة إنه يصنع أفلاما "لكي أحب ولكي يتقبلني الناس".

السينما الايرانية: حصة الاسد

وكانت حصة الأسد في هذه الدورة من نصيب فيلم "البائع" للإيراني أصغر فرهادي إذ أحرز عنه المخرج جائزة أحسن سيناريو ونال الممثل شهاب حسيني جائزة أحسن ممثل عن دور البطولة".

يعـد فرهادي صاحب الأوسكار والسيزار والدب الذهبي من أبرع السينمائيين الإيرانيين. وقد عاد ليصور فيلمه الأخير "البائع" في بلاده، بعد أن دارت أحداث فيلمه السابق "الماضي" في فرنسا مع الممثلة برينيس بيجو والممثل الفرنسي من أصل جزائر طاهر رحيمي . وكان فيلم "الماضي" قد شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان كان 2013، ونالت بيجو في تلك النسخة جائزة أفضل ممثلة. ويستمر فرهادي مع "البائع" في تشريح العلاقات الزوجية التي صار معلما في سبر طياتها. البطلان عماد (شهاب حسيني) ورنا هما ممثلان في مسرح بطهران، تتعرض رنا للاعتداء الجنسي على يد مجهول في شقتهما الجديدة، ويتحول سعي زوجها إلى الانتقام من المسؤول إلى لوحة فلسفية وفنية عن مسائل الشرف والذنب والغفران.

وبالتساوي فاز فيلم "المتسوقة الشخصية" للفرنسي أوليفييه آساياس و"باكالوريا" للروماني كريستيان مونجيو بجائزة أحسن إخراج. وكان كريستيان مونجيو قد فاز بالسعفة الذهبية للمرة الأولى عام 2007، ويروي "باكالوريا" تخلي أب عن كل القيم التي لقنها لابنته من أجل حلم، وهو أن يراها تدرس في جامعة إنكليزية.

أما آساياس فقد كان قد شارك عام 2014 بفيلم "سيلس ماريا" في المسابقة الرسمية لكن فيلم "المتسوقة الشخصية" فقد لاقى استياء كبيرا في صفوف النقاد هذا العام إلى حد أن دوى صفير الاستهجان في نهاية العرض المخصص للصحافيين. وتقمصت في الفيلم النجمة الأمريكية كريستان ستيوارت وتتقمص ستيارت دور مورين وهي فتاة أمريكية مهنتها شراء ثياب فاخرة ومجوهرات ومختلف الأشياء لحساب شخصية من عالم الموضة في باريس. في نفس الوقت مورين متأكدة من قدرتها على فك شفرة عالم الغيب فتحاول التواصل مع أخيها التوأم المتوفى.

من جهتها فازت البريطانية أندريا أرنولد بجائزة لجنة التحكيم للمرة الثالثة وكانت الأخريين عام 2006 و2009. ويجمع فيلمها الفائز "العسل الأمريكي" الشريط بين أفلام الرحلة وأفلام المراهقين حيث تتقفى المخرجة طواف مجموعة من الشباب يوزعون المجلات عبر الوسط الغربي الأمريكي الذي تجهله الإعلانات السياحية، وسط قصص حب وسكر.

افلام تنتقد الظلم الاجتماعي في كان 2016

بعيدا عن اجواء الجوائز فان مهرجان هذا العام تميز بمشاركة ثلاثة افلام وجهت النقد للنظام الرأسمالي عبر تقديم معاناة افراد تلك المجتمعات في ظل تفشي الفساد وسلطة المال،فبالاضافة الى فلم (انا دانيال بلاك) الذي فاز بالسعفة الذهبية كان هناك فلمان يتناولان هذا الموضوع ،فلم (اكواريوس)من البرازيل وفلم (ما روزا)من الفلبين.

خلق عرض فيلم "أكواريوس" Aquarius للبرازيلي كليبر ميندونسا فيليو (39 عاما)، وهو الفيلم الطويل الثاني للمخرج بعد "ضجيج ريسيفي" (مدينة برازيلية) الذي لاقى ترحيبا واسعا عام 2012 في قسم "أسبوعي المخرجين" بمهرجان كان، ديناميكية في الكروازيت التي خيبتها العديد من الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية هذه السنة.

وكان فريق الفيلم قد رفع على البساط الأحمر للمهرجان لافتات موجهة لوسائل الإعلام من كامل العالم من أجل لفت الانتباه إلى "انقلاب وقع في البرازيل" (إشارة إلى عملية إقالة الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف)، في حركة قوية بدت على نقيض  فعل البطلة كلارا "البارد" وصمودها في وجه شركة التطوير العقاري للحفاظ على الشقة التي قضت فيها عمرها.

فريق فيلم "أكواريوس" على البساط الأحمر

كل الجيران باعوا منازلهم إلا كلارا التي تواجه بمفردها بطش مستثمر عقاري يسعى للاستحواذ على بناية "أكواريوس التي شيدت عام 1940. كلارا في الستين من العمر وهي ناقدة موسيقية، تتقمص دورها الفنانة العظيمة سنية براغا التي تكهن لها العديد بجائزة التمثيل في هذه الدورة.

عبرعين تجمع بين تقنيات المعمار والكتابة الموسيقية وجمالية الأفلام الملتزمة، يبسط ميندنوسا فيليو بفرادة وبراعة نظرة بلا رحمة على أزمات البرازيل. فعالم الفوضى الذي تعبره البطلة تعبير مجازي عن المجتمع. فنغرق مع كلارا في متاهات من الأوراق: ملفات جارية وأخرى منسية، رخص بناء وإجراءات ترحيل، شكاوى قضائية أجهضت أو ضاعت، كل الوثائق الجديرة بالكشف عن سنوات من الفساد تتراكم وتتوارى عن الأنظار في مخازن الأرشيف. ولا أشجع الشجعان صمد أمام هذه الغياهب الكفاكائية التي تتوسع مع تعاقب الحكومات والزمان، ولا وجود للقوة والصبر للبحث عن البراهين التي تساعده في إثبات حقوقه، عدا الفيلم...

ويقول كليبر ميندونسا فيليو إن "السوق عنيفة وتريد إجبار الناس على شراء ما لا يرغبون فيه، فحتى قبل الأزمة الاقتصادية كانت شركات التطوير العقاري تتصرف وكأنها وحوش جائعة" ويضيف أن "باليه الجرارات والجرافات الذي كنت شاهدا عليه في مدينة ريسيفي كان محزنا ومبهرا في آن". وأكد أنه حضر على تحطيم العديد من المنازل بما تحمله من ذكريات خلال بضع ساعات لتقام مكانها مبان حديثة. والمؤثر في فيلم ميندوسا هو تناوله لهذه القضية عبر زاوية شخصية، فتدرك كلارا تدريجيا مخلفات العالم الخارجي وغزوه لحياتها الحميمية.

فدون مغالاة عاطفية، يبحث الشريط مسألة الذاكرة والموروث الجماعي، وكأن المخرج يصنع وثيقة نادرة تشهد عبر قصة بطلته على قلب المستثمرين العقاريين للمشهد البرازيلي لفائدة الأغنياء وسحقهم للطبقة الاجتماعية المتوسطة والمثقفة. يظن العديد وحتى أقرب الناس إليها أن كلارا مهووسة ومجنونة فلا تتزعزع فيها روح المثابرة المقاومة لليبيرالية. فإلى جانب إقالة روسيف، يلفت الفيلم إلى الانقلاب الليبيرالي الذي يشكل تهديدا للديمقراطية والثقافة، وعلمنا أثناء هذا الأسبوع أن أولى قرارات الحكومة البرازيلية الجديدة كانت إلغاء وزارة الثقافة (وإلحاقها بالتعليم).

اما الفلم الفلبيني (ما روزا) أي وردتي هو اسم متجر صغير تعيش فيه عائلة "رياس" التي تحاول أن تكسب قوتها بكل السبل، ولو احتاج الأمر أحيانا إلى الاتجار بأكياس المخدرات الصغيرة. ويغتنم المخرج يوم اعتقال الوالدين داخل مركز شرطة، ليبسط أمامنا بأسلوب وثائقي الحياة اليومية الصاخبة في أحياء القصدير حيث تزدحم بالسيارات ويكثر العنف وتزدهر شؤون الدعارة وحانات الكراوكي والباعة المتجولين ... في حين يستوي الجميع أمام البؤس حتى الشرطيين الذين يفضح المخرج فسادهم.

عن: الغارديان وبي بي سي وفرانس 24n

المدى العراقية في

23.05.2016

 
 

هل يُنسب «أمور شخصية» لمخرجته الوطنية أم جهة إنتاجه.. عودة سؤال «فلسطينى أم إسرائيلى» فى مهرجان كان!

رسالة كان ـ أسامة عبد الفتاح

عندما استعرضت - في هذا المكان قبل أيام - الأفلام العربية المشاركة في الدورة التاسعة والستين من مهرجان «كان» السينمائي الدولي (11 - 22 مايو 2016)، لم أذكر الفيلم الروائي الطويل «أمور شخصية» للمخرجة الفلسطينية مها حاج، برغم أنه يشارك في قسم «نظرة ما» الرسمي المهم، وبرغم أن مجرد اختياره يُعتبر إنجازا كبيرا للسينما الفلسطينية، وذلك - ببساطة - لأنه إسرائيلي الإنتاج رسميا، ويقترن في كل مكان باسم إسرائيل، بل أن مطبوعات المهرجان تصف مخرجته نفسها بأنها إسرائيلية، لأنها مولودة ومقيمة في الناصرة، ولذلك كان هذا الفيلم في حاجة لحديث مستقل.

يدور العمل (90 دقيقة) حول العلاقات الأسرية المتشابكة في عائلة فلسطينية من ثلاثة أجيال تعاني الشتات، حيث يقيم الجد والجدة في الناصرة، وأحد الأبناء في رام الله، والآخر في السويد، فيما تنتظر الابنة حادثا سعيدا.. وهو من بطولة ميساء عبد الهادي، دريد لداوي، عامر حليحل، وحنان حلو. 

وكانت مها، التي كتبت السيناريو أيضا، قد قدمت من قبل أفلاما قصيرة أبرزها «برتقال»، الذي فاز بجائزة الفيلم القصير المفضل لدى الجمهور بمهرجان «مونبلييه» الفرنسي عام 2012، وبذلك يكون «أمور شخصية» فيلمها الطويل الأول، وتكون مؤهلة لخوض التنافس في «كان» على الكاميرا الذهبية، جائزة العمل الأول.

بشكل عام، لا تسمح لنا الظروف بمقابلة أحد من عرب 48، فنحن - على الأقل معظمنا - لا نسافر إلى إسرائيل، وهم قليلو الحضور إلى مصر.. لكنك إذا فتحت ملفهم قليلا، ستعرف أنهم مشكلة تمشي على قدمين، ومأساة إنسانية بها من المبكيات بقدر ما بها من المضحكات. يقولون إنهم فلسطينيون، وهم فعلا كذلك، لكن المشكلة أن جوازات سفرهم إسرائيلية، وكل تعاملاتهم ـ باعتبارهم مقيمين في الناصرة والجليل وغيرهما ـ تتم مع السلطات الإسرائيلية، وعندما يريدون السفر، يسافرون من مطار تل أبيب.

المشكلة الأكبر أنهم حتى لو رضوا بالتعامل مع السلطات الإسرائيلية، وقنعوا بكونهم من «رعاياها»، فإن إسرائيل نفسها لا تعتبرهم مواطنين من الدرجة الأولى.. وكما تقول كل الدراسات والتقارير، وكما يؤكد كل الخبراء والمراقبين، فإن المجتمع الإسرائيلي يشهد تمييزا عنصريا كريها بين اليهود الغربيين وغيرهم من اليهود الشرقيين والأفارقة، ويضطهد بشكل خاص العرب الذين يكادون أن يكونوا معزولين في قراهم، فالسلطات الإسرائيلية تعرف أنهم لن ينصهروا أبدا في المجتمع، وأن وجودهم بهذا العدد الكبير(نحو مليون و200 ألف نسمة)، قنبلة موقوتة تهدد الدولة العبرية.

وأي منصف يعرف أن الديمقراطية الإسرائيلية الشهيرة جدا في الغرب لا يعرفها سوى اليهود، وأن العرب والمسلمين لا يرون سوى الجانب الديكتاتوري الفاشي من الدولة التي يحملون جواز سفرها.. وباختصار فإن عرب 48 تجسيد لوضع فريد على مستوي العالم كله، فهم مواطنون في دولة لا يعترفون بها ولا تعترف هي بهم، يتمنون زوالها وهي تتمنى زوالهم، وكلا الجانبين مجبر على التعايش مع الآخر.

الأهم أنهم خونة وعملاء في عيون الجميع، فالإسرائيليون يعتبرونهم خونة وعملاء للعرب، والعرب يعتبرونهم خونة وعملاء لإسرائيل لأنهم يقيمون في إسرائيل ويتعاملون مع هيئاتها ومؤسساتها.. في ظل هذه المأساة، أن تكون من عرب 48 في إسرائيل، فهذه مشكلة، وأن تكون مخرجا أيضا، فتلك مشكلة أكبر.. فالمنتجون اليهود – وهم الذين يملكون المال – لن يقدموا أبدا على استثمار أموالهم في فيلم مخرج عربي، ليس فقط لأنهم يفضلون دائما دعم المخرجين اليهود، ولكن أيضا لأنهم يعرفون أن المخرجين العرب لن يتناولوا سوى القضايا العربية والفلسطينية، وهذه القضايا، فضلا عن أنها لا تتوافق مع اتجاهاتهم السياسية ولا تخدم أهداف إسرائيل، لا تحقق عادة إيرادات عالية في دور السينما الإسرائيلية، حيث إن أغلب روادها – بطبيعة الحال – من اليهود.

الخيار الوحيد الذي يتبقى للمخرجين العرب في إسرائيل هو اللجوء لصندوق دعم الفيلم الإسرائيلي، وهو صندوق حكومي.. وأعرف أن البعض يعتبرون هذه خيانة، وهذا بالضبط ما قلته لبعضهم حين قابلته.. وكان ردهم علي أن إسرائيل لا تمنحهم صدقة أو هبة، وأن المال الذي يحصلون عليه ليس إسرائيليا، بل هو من حصيلة الضرائب والرسوم التي يسددونها للدولة الإسرائيلية.

وأضاف أن هذا هو السبيل الوحيدة لكي يصنع هو وأمثاله أفلاما، والبديل إنشاء صندوق لدعم المخرجين العرب، على أن يسهم كل العرب – داخل وخارج إسرائيل - في تمويله، خصوصا رجال الأعمال والأثرياء العرب، وكثير منهم فلسطينيون.. وكلنا نعرف تماما أن هذا الاقتراح وهمي، وأن رجال الأعمال العرب، الذين ينفقون الملايين على المطربات المغمورات وراقصات الدرجة العاشرة، لن يدفعوا دولارا واحدا لدعم المخرجين العرب في إسرائيل.

ونأتي الآن إلى المشكلة التي تجددت مع مها حاج وفيلمها في «كان»، وأقصد هوية الفيلم وجنسيته فلسطيني أم إسرائيلي؟

إن كان الفيلم ينسب لمخرجه‏، فإن «أمور شخصية»‏ فيلم فلسطيني‏، نسبة لمخرجته‏، وهي من عرب ‏48‏ وتقيم في الناصرة‏، وهي أيضا فلسطينية وطنية، ولا يمكن أن يصفها أحد بأنها إسرائيلية برغم أنها تحمل جواز سفر إسرائيليا‏.‏

وإن كان الفيلم ينسب لجهة الإنتاج‏، فإن «جمر الحكاية» يتحول في هذه الحالة إلى فيلم إسرائيلي‏،‏ وهذه هي أزمة السينمائيين من عرب ‏48‏ داخل إسرائيل،‏ فالمطلوب منهم أن يعارضوا إسرائيل بأموال إسرائيل‏، مما يضطرهم كثيرا للجوء إلى الرمز‏، تماما مثل السينمائيين الإيرانيين‏،‏ الذين يستخدمون الرمز للحديث عن الممنوعات‏،‏ مثل الجنس والسياسة وغيرهما‏.‏

وعلي أية حال‏،‏ وبعيدا عن تصنيفنا وتقييمنا‏،‏ فقد اعتبرت إدارة مهرجان «كان» الفيلم إسرائيليا‏،‏ تماما كما حدث مع جميع الأفلام المماثلة في المهرجانات السابقة.. وإذا كان عرب 48 قد استسلموا لهذا التصنيف‏، فإن هناك شيئا آخر يشغلهم‏:‏ الجوائز‏،‏ ليس فقط لأنهم يريدون الفوز بها‏،‏ ولكن لأنهم يريدون أن يثبتوا لأنفسهم صحة وجهة نظرهم‏،‏ التي تتلخص في أنهم لا يمكن أن يفوزوا بأي جائزة في أي مهرجان حول العالم‏..‏ ففي المهرجانات العربية يعتبرون كل من يشارك منهم خائنا وعميلا، لأنه أنتج فيلمه بأموال إسرائيلية ولأنه أصلا يقيم في إسرائيل ويحمل هويتها‏..‏ وفي المهرجانات الغربية يعتبرونه إسرائيليا من الدرجة الثانية لأنه عربي‏،‏ وإذا أرادوا مجاملة إسرائيل بمنحها أي جائزة‏،‏ فإنهم يختارون أفلام اليهود‏، بغض النظر عن مستواها الفني!

هذه هي أزمة مها حاج وأقرانها، ومناقشتها لا تمنع أنها بالنسبة لنا فلسطينية وطنية، وأن فيلمها عربي وطني، وحقق إنجازا مهما في حدث سينمائي عالمي كبير.

الأهرام العربي في

23.05.2016

 
 

بشمرجة”.. سقطة “كان 2016

بقلم: أسامة عبد الفتاح

·        ** بروباجندا فجة تصور أبناء برزانى على أنهم أمل العالم الوحيد فى القضاء على “داعش” وتلغى وجود العراق وسوريا

كانت زيارة الكاتب والسينمائى الفرنسى برنار أونرى ليفى المفاجئة والثقيلة لمهرجان “كان” السينمائى الدولي، الذى اختتم دورته التاسعة والستين أمس الأول الأحد، مرفوضة ومستهجنة من قبل معظم الصحفيين والنقاد الموجودين، بمن فيهم الفرنسيون، ليس فقط لكونه صهيونيا متطرفا وفاعلا لصالح إسرائيل وضد كل ما هو عربي، ولكن أيضا لما يحيط به وبتحركاته وتصرفاته من غموض وأجواء مريبة.

والمعروف أن إدارة المهرجان أقدمت – للمرة الثانية خلال أربع سنوات فقط – على تغيير كل قواعدها ولوائحها التى تتشدق بها ليل نهار من أجل عيون ليفي.. فقد أعلنت فى 16 مايو الحالى عن إضافة فيلم وثائقى للأخير بعنوان “بشمرجة” إلى قائمة الاختيار الرسمي، وفى قسم “عروض خاصة” تحديدا، بعد خمسة أيام كاملة من افتتاح المهرجان، فى حين أنها ترفض أفلاما لكبار مخرجى العالم – ومنهم أمير كوستاريتسا أخيرا – بحجة تأخرهم عن آخر موعد للتقديم فى أبريل يوم أو اثنين!

وأصدر المهرجان – فى محاولة ساذجة للتبرير – بيانا قال فيه إن مسئوليه “اكتشفوا” فيلم ليفى للتو، وإن الأخير بذل مجهودا كبيرا وقام برحلة شاقة وخطيرة على الجبهة العراقية طولها ألف كيلومتر ليصنع فيلما عن المقاتلين البشمرجة الأكراد بمناطق وعرة ووسط أجواء حربية. وأوضح البيان أن الفيلم – ومدته 92 دقيقة من إنتاج فرنسا – سيُقام له عرض واحد بقاعة “بازان” بقصر المهرجانات، وأنه من المحتمل عرضه مرة أخرى فى اليوم التالى إذا طلب الجمهور!

وكانت تلك لهجة غريبة من إدارة “كان” التى تُعد نموذجا للدقة والصرامة فى تطبيق القواعد وتحديد المواعيد والالتزام بها، إلا مع هذا الرجل المريب.. فقد سبق لها – عام 2012 – أن فجرت قنبلة فنية وسياسية عندما أعادت فتح قوائم الاختيارات الرسمية للمهرجان بعد نحو ثلاثة أسابيع من إغلاقها، وأضافت فيلما وثائقيا لليفى عن الثورة الليبية، ووضعته فى نفس القسم “عروض خاصة”.

ولكى تدرك خطورة ليفي، يكفى أن تعرف أن “جيروزاليم بوست”، أكبر الصحف الإسرائيلية، وضعته فى قائمة من 50 شخصا فقط اعتبرتهم أكثر اليهود تأثيرا على مستوى العالم.. كما يذكر موقع “ويكيبيديا” الإلكترونى العالمى أن موضوع مقالاته المفضل هو معاداة السامية. ويجمع المثقفون اليساريون العرب على أنه جاسوس صهيونى خطير يعمل لمصلحة إسرائيل، ويؤمن بعقيدة الوطن الأكبر من النيل إلى الفرات، ويعتبرون أن مهرجان “كان” يتحدى العرب بدعوته، فى حين تعتبره الأوساط الغربية رمزا للحرية والإنسانية، وتصفه بأنه صاحب دور محورى فى “الربيع العرب?”!!

وبالإضافة لذلك، يُعد ليفى دخيلا على السينما، فلم يخرج سوى فيلم روائى وحيد هو “الليل والنهار”، بطولة آلان ديلون (1997)، وجعله فشله النقدى والجماهيرى الذريع يحجم عن تكرار التجربة. أما فى مجال السينما الوثائقية، فيُعدّ “بشمرجة” ثالث أعماله بعد “قسم طبرق” (2012) وفيلمه الأول “البوسنة” (1994)، الذى عُرض فى “كان” هو الآخر وأثار زوبعة من الجدل، حيث أدان النقاد والصحفيون ظهور “الفيلسوف ذى الياقة البيضاء” وسط ضحايا التطهير العرقى فى سراييفو، مستغلا معاناة البوسنيين لاجتذاب أضواء الشهرة والنجومية والترويج لأفكار “ال?دخل الإنساني”.

ولأن الزيارة مرفوضة ومستهجنة، لم يحضر عرض الفيلم سوى عدد لا يزيد على عشرين صحفيا وناقدا من بين أكثر من أربعة آلاف معتمدين فى “كان”، فى حين يتجاوز الألف على الأقل فى أى عرض آخر.. ولاحظت – على باب القاعة – أن مسئوليها حرصوا على إدخال أصحاب الدعوات أولا قبل النقاد والصحفيين، إلى درجة أنهم ظلوا يبحثون عنهم وينادون عليهم بطريقة غريبة وملحوظة، فى حين أن حاملى الدعوات ينتظرون – وفق نظام المهرجان – دخول النقاد والصحفيين أولا فى أى عرض آخر.. وعندما دخلت عرفت السبب، فأصحاب الدعوات هم من أبطال الفيلم الأكراد ورموزهم ?ضيوفهم، ومن بينهم قادة عسكريون عاملون على أرض الميدان!

لأول مرة فى التاريخ يقدم جنرالات عسكريون فيلما سينمائيا فى قاعة عرضه، حيث صعدوا على خشبة القاعة إلى جوار تييرى فريمو، المدير الفنى للمهرجان الذى جاء لتقديمه رغم أنه لا يفعل ذلك مع أى فيلم آخر، وظل ينادى على الأكراد الحاضرين ويحييهم وكأننا فى فرح شعبي، علما بأن رئيس المهرجان بيير ليسكور كان حاضرا هو الآخر، وكان ينقصهم فقط حضور “عمدة كان” ورئيس الوزراء الفرنسي.. ونتيجة لهذه الاحتفالات، تأخر العرض نحو نصف ساعة لأول مرة فى تاريخ “كان”، وكل ذلك من أجل عيون ليفي!

لا أنكر أن الفيلم جيد الصنع على المستوى الفنى أو التقني، لكن أخطر السموم هو ما يُوضع فى غلاف من العسل، والسم هنا يتلخص فى بروباجندا فجة ورخيصة لتمجيد المقاتلين الأكراد من أبناء برزانى تحديدا، مع تجاهل حتى الإشارة إلى انقسامات الأكراد والصراع المرير الشهير مع أبناء طالباني، وتصوير “البشمرجة” على أنهم أمل العالم الوحيد فى القضاء على تنظيم “داعش”، حيث لا يحاربه ولا يقدر عليه – وفقا للفيلم – سواهم، مع الإلغاء التام لوجود العراق وسوريا وجيشيهما العامليْن على الأرض، وتجاهل ذكر حتى اسميهما، وكأن ليفى قام برحلته ف? دولة الأكراد التى قامت ونحن لا نعلم، وليس فى العراق!

مع الصهيونى ليفى لا يوجد شيء مجاني، ولا يوجد شيء يُصنع عفوا دون غرض، وعليه فإن هذا الفيلم إما يدعو ويمهد لمخططات خطيرة تتعلق بإعادة تقسيم أراضى المنطقة فى “سايكس بيكو” جديدة، أو يكون صفقة بيزنس ضخمة حصل بموجبها على الملايين من أموال برزانى وأبنائه!

جريدة القاهرة في

24.05.2016

 
 

«هي».. السينما على طريقة بول فيرهوفن

«كان» ـ عبدالستار ناجي

سيدة فرنسية تدير شركة كبرى لالعاب الفيديو تواجه أزمة كبرى حينما يداهم منزلها احدهم اعتدى عليها جنسيا فكيف ستكون ردة فعلها؟، هذا هو المحور الذي اشتغل عليه المخرج الهولندي بول فيرهوفن الذي عرف عالميا من خلال افلام المغامرات الشهيرة التي قدمها وفي مقدمتها فيلم «روب كوب».

ونترك فيرهوفن وتاريخه لنعود اليه لاحقا. متوقفين امام فيلمه الجديد «هي» او «ايل» كتب له السيناريو فيرهوفن نفسه وجسدت شخصيته المحورية النجمة الفرنسية القديرة ايزابيل هوبير.

وتعالوا نذهب الى الفيلم الذي يرتكز على لحظة نادرة. ففي الوقت الذي تكتشف السيدة «ميشيل» ايزابيل هوبير ان قطتها قد خرجت الى البلكونة وان عليها استعادتها يداهمها احدهم يرتدي قناعا ليسقطها ارضا ويقوم ايضا بالاعتداء عليها جنسيا ويفر هاربا.

ميشيل لا تخبر البوليس بل تبدا عملية بحثها على ذلك الشخص المجهول. في الحين ذاته تبدا بتطوير قدراتها القتالية يوما بعد اخر حتى تتحول الى قوة ضاربة لمواجهة أي احتمال كذلك الاحتمال الذي واجهته وايضا التحضير للانتقام. وعلى طريقة برامج العاب الفيديو التي تصممها شركتها تبدا لعبتها الحقيقية لتلك المواجهة الضاربة ومحاولة اصطياد ذلك المجهول الذي دمر حياتها وحولها الى انسانة اخرى مشغولة بالانتقام والتحدي والمواجهة القاتلة.

لعبة المواجهة التي تذهب الى منطقة خارج السيطرة بل خارج التصوير عندما تتحول تلك السيدة الهادئة الوديعة الى كتلة من الاحاسيس المتفجرة بالانتقام والتحدي والعنف الارعن. العنف هل يواجه بالعنف.. او العقل والحكمة؟ اسئلة تظل حاضرة ونحن نلهث وراء احداثيات هذا الفيلم الذي يظل رغم قيمته الفكرية مشغولا بالمغامرة وهي طريقة ونهج مخرج يعرف ادواته ويجيد صناعة افلامه التي تظل تحمل بصمته.

تمضي الاحداث سريعة التي تجعل السيدة مشغولة بنفسها على حساب شركتها وتقضي الساعات الطويلة التي تتدرب خلالها على حمل السلاح والرماية وغيرها من الفنون القتالية وكأنه لاهم لديها الا تلك اللحظة من المواجهة التي كادت ان تدمر حياتها ومستقبلها بل ومستقبل شركتها.

في خط متواز يتابع ابنها تلك اللحظات من التغيير ليسير معها في اللعبة بحثا عن حيثيات ذلك التغيير الذي عصف بوالدته التي عرفها انسانة هادئة نذرت حياتها له ولتلك الشركة.

فيلم يجعل المشاهد يلتصق بكرسيه وهو يتابع ايزابيل هوبير تخطط للانتقام ومواجهة العنف بالعنف. حيث تأتي رسالة الفيلم وبكل وضوح وقسوة وهي لا للعنف الا بالعنف.

في الفيلم النجمة الفرنسية ايزابيل هوبير التي تذهب الى منطقة جديدة في الاداء وايضا المضامين فبعد ان كانت بعيدة كل البعد عن افلام المغامرات التي تتوقف معها بفيلم من توقيع فيرهوفن.

في الفيلم ايضا عدد من الاسماء ومنهم لوران لافيتي واني كونسجينى وشارلز بيرلينج وكم اخر من النجوم. خلف الكاميرا مدير التصوير ستيفان فونينين الذي لطالما كان الى جوار فيرهوفن الذي بدا مشواره في الستينيات من القرن الماضي بالفيلم الوثائقي بورت فان ادريان 1968 لتمضي المسيرة وصولا الى فيلم «روب كوب» 1987 وفيلم «غريزة اساسية» 1990 و «توتال ريغال» 1992.

افلام فيرهوفن هي سينما المغامرات وهو هنا يذهب الى تلك المنطقة التي تجمع بين القضية والمغامرة بل العمق في الطرح والمغامرة. والتي ظلت حاضرة بلا تكلف او مبالغة.

ويبقى ان نقول ان فيلم «هي» حتى في ظل الحضور الطاغى لايزابيل هوبير فانه يظل فيلما على طريقة الهولندي بول فيرهوفن.

«كين لوتش» يدعو لمقاطعة اسرائيل في افتتاح «السينما الفلسطينية» بباريس

«باريس» ـ هدى ابراهيم

كرر المخرج البريطاني الكبير كين لوتش الفائز بالسعفة الذهبية لمهرجان «كان» السينمائي مرتين، دعوته لمقاطعة اسرائيل وذلك في افتتاح الدورة الثانية من مهرجان السينما الفلسطينية في باريس مساء أمس.

وحضر المخرج البريطاني الملتزم افتتاح المهرجان، مباشرة بعد عودته من مهرجان كان السينمائي الدولي حيث حصد السعفة الذهبية للدورة ال69 من المهرجان، عن شريطه «انا دانييل بليك».

واعتبر كين لوتش انه في غياب فعالية الهيئة الدولية التي «لا تمارس اية سلطة ولا تبحث عن اعادة الحقوق للشعب الفلسطيني، نحن كمدنيين، نفعل ما بوسعنا لأجل ذلك، وأقصد مقاطعة اسرائيل».

وتمنى كين لوتش حظا سعيدا لمهرجان السينما الفلسطينية وألمح مازحا بعد فوزه بالسعفة: «هذا الاسبوع تعلمت أهمية المهرجانات، مهرجان السينما الفلسطينية مهم جدا. حظا موفقا».

وكان المخرج الفرنسي كوستا غافراس حاضرا امس اضافة الى المخرج الاسرائيلي اليساري ايال سيفان، بجانب ممثلة فلسطين السابقة في الاتحاد الاوروبي، ليلى شهيد ومندوب فلسطين لدى منظمة اليونسكو في باريس الياس صنبر.

ويعتبر كين لوتش احدى الشخصيات الراعية لهذا المهرجان بجانب مخرجين كبار مثل كوستا غافراس وطوني غاتليف وروبير غيديغيان وايال سيفان، بينما لا يولي الاعلام الفرنسي اهتماما بهذه التظاهرة.

كلمة لوتش جاءت قبل العرض الافتتاحي للمهرجان الذي يقام في اكثر من مكان في باريس وضواحيها.

وكان كين لوتش وقع في شباط فبراير من العام الماضي، على دعوة واسعة شملت 600 شخصية من المثقفين والفنانين واساتذة الجامعات في بريطانيا دعت لمقاطعة اسرائيل. ربما هذا ما يفسر سر الهجوم المعمم الذي تشنه الصحافة الفرنسية على فيلم لوتش الفائز في مهرجان «كان» حيث اعتبر كثيرون انه غير جدير بالسعفة. ذلك عائد بالتأكيد لمواقف لوتش وليس لجودة اعماله الفنية او عدمها. وهم شاؤوا ام ابوا فان كين لوتش من معلمي السينما الكبار في العالم. والتاريخ سيشهد على ذلك.

من ناحيتها عبرت مي المصري عن اعتزازها بعرض شريطها الجديد «3000 ليلة» قبل خروجه للصالات، ويتناول الفيلم حياة مجموعة من السجينات الفلسطينيات في السجون الاسرائيلية.

وكانت الايام الاخيرة شهدت تحركات وتظاهرات لجمهور المهرجان ومؤيديه ومؤدي القضية الفلسطينية بسبب محاولة منع عرض فيلم مي المصري في ضاحية ارجانتيل في باريس بقرار من رئيس بلدية المدينة، بعد ضغط من اللوبي الاسرائيلي.

عمليات الضغط الاسرائيلي هذه، تبدو في تصاعد في الفترة الاخيرة، فقد وجه وجه هذا اللوبي خلال مهرجان كان رسائل احتجاجية تطالب بمنع عرض فيلم «ميونيخ» للمخرج الفلسطيني نصري حجاج.

والواقع ان الفيلم ليس سوى مشروع، قدم منه 13 دقيقة في سوق مهرجان كان السينمائي، ضمن مجموعة عروض لمشاريع افلام نظمها مهرجان دبي في احدى قاعات السوق بهدف اطلاع المنتجين الغربيين عليها ومحاولة الحصول لها على دعم. لكن عرض الدقائق المحدودة من مشروع شريط ميونيخ تم في موعده ولم يمنع كما روج الاسرائيليون ومن ورائهم الصحافة.

وتم العرض خصوصا بحضور كين لوتش الذي جاء مساندا يوم 16 ايار- مايو.

اما مهرجان السينما الفلسطينية فيعرض لغاية 5 يونيو ما يزيد على 30 شريطا فلسطينيا قديما وجديدا، روائيا ووثائقيا، وبين العروض شريط «يا طير الطاير» لهاني ابو اسعد، عن المغني الفلسطيني محمد عساف. (تصوير: اسكندر غتاري، روان عودة)

شاهد تصريحات  كين لوتش في افتتاح مهرجان السينما الفلسطينية على اللينك التالي:

https://www.facebook.com/lecourrierdelatlas.net/videos/1368803833133564/

يسري نصر الله يستعد للبندقية بـ«الماء والخضرة والوجه الحسن»

القاهرة ـ «سينماتوغراف»

بعد عرض عشرين دقيقة من فيلم «الماء والخضرة والوجه الحسن» للمخرج يسري نصر الله بطولة ليلي علوي ومنه شلبي وانعام سالوسة وباسم سمرة.. في مهرجان كان الذي اختتمت فعالياته الاحد الماضي.

وذلك كنوع من التسويق والترويج للفيلم حيث عرض في جناح دبي الذي يتولي تسويق الأعمال المتميزة من العالم العربي وفيه يلتقي المشرفون علي المهرجانات الكبري لتسويق الأعمال المتميزة في المهرجانات العالمية.

من المنتظر ان يشارك الفيلم في مهرجان «البندقية» المقبل ويعكف حالياً المخرج يسري نصر الله علي الانتهاء من النسخة النهائية للعمل لتكون جاهزة للعرض بعد الانتهاء من الموسيقي التصويرية والمونتاج والمكساج النهائي.

الفيلم تدور احداثه في الارياف حول حياة أحد الطباخين ويعرض من خلاله العديد من المشاكل البسيطة التي تكشف كثيراً من واقع الحياة الحالية.

سينماتوغراف في

24.05.2016

 
 

نتائج مهرجان كان خالفت توقعات النقاد والأفلام الفائزة قد لا تحصل على الأوسكار

«أنا.. دانييل بليك» للمخرج البريطاني لوتش يفوز بالسعفة الذهبية

حسام عاصي - كان – «القدس العربي»:

مرة أخرى تجاهل أعضاء لجنة تحكيم «مهرجان كان السينمائي» آراء النقاد، الذين تكهنوا بفوز الفيلم الألماني «طوني أيردمان»، وأهدوا السعفة الذهبية للمرة الثانية للمخرج البريطاني كين لوتش عن فيلمه «أنا.. دانييل بليك». وكان لوتش فاز بالجائزة عن «الريح التي تهز الشعير» عام 2006.

في «أنا.. دانييل بليك» ينتقد لوتش، المعروف بمنهج الواقع النقدي، بيروقراطية الرعاية الاجتماعية في بريطانيا من خلال سرد قصة نجاّر في الـ 59، من العمر، يعاني من مرض قلب، يواجه نظاما صارما ومذلا يحول دون حصوله على معونة مادية، من الرعاية الاجتماعية، رغم توفير الوثائق الطبية، التي تثبت عجزه عن العمل. وتشاركه في صراعه أم بدون زوج، التي تجوّع نفسها من أجل تأمين الغذاء لطفليها، بعد أن حرمتها الرعاية الاجتماعية من المعونة.

ووصف النقاد «أنا دانييل دبليك» كأفضل فيلم قّدمه لوتش منذ بداية مسيرته السينمائية في الستينيات. من المفارقات أن المخرج المخضرم، ابن الـ 80 عاما، كان أعلن قبل عامين عن تقاعده عن الاخراج.

الصدمة الكبرى في النتائج المعلنة هي إهداء جائزة لجنة التحكيم الكبرى لفيلم الكندي كزافييه دولان «مجرد نهاية العالم»، الذي قوبل بالاستهجان عند عرضه وشجبه النقاد، الذين اعتبروه تراجعا في مستوى إخراج العبقري الكندي ابن الـ 27 . 

ويحكي الفيلم قصة رجل يعود إلى عائلته ليخبرهم عن اقتراب موته جراء اصابته بمرض عضال، ويخوض في جدالات صاخبة مع أقاربه لا تساهم في خلق الدراما في الفيلم. وسبق أن فاز دولان بجائزة التحكيم قبل عامين عن فيلم «أمي».

وحصد المخرج الفرنسي أوليفيير أوسايس جائزة أفضل مخرج عن فيلمه الفوق طبيعي الخيالي «متبضعة شخصية»، الذي أيضا قوبل بالاستهجان عند عرضه. وناصفه الجائزة المخرج الروماني كريستيان موغيو عن «تخرج»، الذي يسبر الفساد في نظام التعليم في بلده.

وذهبت جائزة لجنة التحكيم لفيلم المخرجة البريطانية «عسل أمريكي»، الذي يسرد قصة فتاة يتيمة تنضم لفريق مراهقين يجولون البلاد لبيع اشتراكات مجلات، وتقع في حب منظم حملات البيع. الفيلم لقي رضى النقاد وخاصة أداء بطله النجم شايا لابوف، رغم انتقاد طوله الذي زاد عن ساعتين وأربعين دقيقة. وهذه المرة الثالثة التي يتوّج المهرجان أرنولد بجوائز، بعد فيلميها «طريق أحمر» و»حوض سمك».

واقتنص فيلم المخرج الإيراني أصغر فارهادي «البائع»، جائزة أفضل سيناريو لفارهادي نفسه وجائزة أفضل ممثل لبطله شيهاب حسيني، الذي يؤدي دور زوج تنتابه نزعة الانتقام من شخص اعتدى على زوجته. 

أما جائزة أفضل ممثلة فكانت من نصيب الفلبينية، جاكلين خوسي عن دور أمرأة فقيرة تتعرض لابتزاز الشرطة الفاسدة في فيلم «ما روزا».

وفاز فيلم المخرجة المغربية – الفرنسية هدى بن يمينة «إلهيات»، الذي يرصد حياة الشباب والمخاطر، التي يتعرضون لها من عصابات تجارة المخدرات في الأحياء الفرنسية الفقيرة، بجائزة الكاميرة الذهبية، بينما أخفق الفيلمان العربيان «اشتباك» للمخرج المصري محمد دياب و»أمور شخصية» للمخرجة الفلسطينية مها الحاج في تحقيق أي جوائز في منافسة «نظرة ما»، الذي فاز بها الفيلم الفنلندي «أسعد يوم في حياة أولي ماكي».

ومع إسدال الستار على «مهرجان كان السينمائي» تتجه الأنظار إلى الإمام، وخاصة تأثير نتائجه على جوائز الأوسكار. الحقيقة هي أنه قلما تترجم السعفة الذهبية إلى ترشيح أو فوز في جوائز الأوسكار، كما كان حال فائز العام الماضي «ديبان»، والذي كان قبله، «حياة أديل»، إذ أن كلا الفيلمين غابا تماما من ترشيحات الأوسكار. 

ولكن فائز جائزة التحكيم العام الماضي وهو الهنغاري «أبن شاؤول» حصد أوسكار أفضل فيلم أجنبي ورُشحت أفضل ممثلة في المهرجان وهي روني مارا لأوسكار أفضل ممثلة مساعدة. لهذا فوز «أنا.. دانييل بليك» بالسعفة الذهبية لن يمهد الطريق له إلى جوائز الأوسكار، وخاصة أن أفلام كين لوتش لا تجد اهتماما في الولايات المتحدة. 

ويرجح أن يتجاهل مصوتو الأوسكار فيلم أندريا ارنولد «عسل أمريكي»، الذي لا يتناسب مع ذوقهم، رغم أنها فازت بأوسكار أفضل فيلم قصير عن فيلمها «دبورة» عام 2003.

الواقع هو أن لا أحد يتكهن بوصول أي من فائزي جوائز مهرجان كان الـ 69 إلى جوائز أوسكار العام المقدم، ما عدا فيلم أصغر فرهادي «البائع». يذكر أن فرهادي توّج بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي قبل 3 أعوام عن فيلمه «افتراق».

الأفلام التي يُتوقع أن تلمع في موسم الجوائز المقبل هي فيلم جيف نيكولس «لوفينغ»، الذي نال اعجاب النقاد وخاصة أداءات بطليه جول ادغيرتون وروث نيغا، اللذين يجسدا دوري رجل أبيض وإمرأة سوداء تعرضا للسجن عندما تزوجا عام 1958 في ولاية فيرجينيا الأمريكية.

أما فيلم المخرجة الألمانية مارين آدي الكوميدي «طوني أيردمان»، الذي تصدر تكهنات الفوز بالسعفة الذهبية، ولكنه لم يحقق أي جائزة، فيُتوقع أن يتصدر جوائز أفضل فيلم أجنبي هذا العام وربما يحصد الأوسكار في هذه الفئة.

«خولييتا» للاسباني بيدرو ألمودوفار: الأم في أشد حالاتها فقدانا وهشاشة

باريس ـ «القدس العربي» من سليم البيك:

للمخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار أسلوب مكرس سينمائياً، فيمكن القول إن فيلماً ما، لمخرج آخر، إنه ألمودوفاري إن احتوى بعض عناصره، أما أهمها فهي أولاً الألوان، وتبايناتها، وهي ثانياً الأدوار المركزية للنساء، إحاطة الفيلم بالبطلات، وهي ثالثاً الحالات العاطفية القصوى لهؤلاء النساء، وهي رابعاً الحضور شبه الدائم للفنون، إما من خلال شخصيات أو مواضيع. اليوم، في فيلمه الأخير المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان كان، «خولييتا» (Julieta)، فالألمودوفارية حاضرة وبكامل ألقها.

هو فيلمه العشرون، وهو السادس المشارك في مهرجان كان، وله كذلك أفلام نال اثنان منها جائزة الأوسكار وثلاثة منها جائزةَ غويا وثلاثة جائزةَ سيزار. وفيلمه الأخير الذي يُعرض في الصالات الفرنسية بالتزامن مع عرضه في المهرجان سيبدأ قريباً، كما يبدو، في لم جوائز هنا وهناك.

في الفيلم جرأة مضاعفة قد يتجنبها صناع السينما، هي أولاً بطبيعة النص الذي أخذ الفيلمُ السيناريو عنه، وهي ثانياً أن يحوي ممثلتيْن لبطلة واحدة. الفيلم مأخوذ لا عن رواية ولا قصة، بل عن ثلاث قصص للكاتبة الكندية الحاصلة على جائزة نوبل للأدب، أليس مونرو، والقصص هي «حظ» و«قريباً» و«صمت»، من مجموعتها القصصية «هروب». فكان على المخرج أن يجمعها في حكاية واحدة يصور بها فيلمه، وكان لا بد لذلك أن يتيح لنفسه كامل الحرية في التصرف في السيناريو الذي كان لألمودوفار كما هو لمونرو.

أما الشكل الآخر من الجرأة في صناعة الفيلم فكان اتخاذ ممثلتيْن لتأدية دور البطلة في مرحلتيْن زمنيتين غير مبتعدتيْن، إنما منفصلتيْن درامياً، كأن ألمودوفار أراد بذلك فصل المرحلتيْن من حياة البطلة، واللحظة التي ستكبر فيها خولييتا ستكون ذروة حزنها على موت زوجها. وهذا ما يتجنبه كذلك صناع السينما، معتمدين على «نجمة» تؤدي دور البطولة، خاصة إن كان الفيلمُ فيلمَ بطلته، يحمل اسمها وينقل حكايتها. نذكر هنا جرأة الفريد هيتشكوك في فيلم «سايكو» حين أنهى دور البطلة من منتصفه، ما لم يتعوده الجمهور آنذاك، ولا اليوم.

ألمودوفار لم ينه دور البطلة، فهي مركز الفيلم، إنما فصل بين مرحلتيْن: الفرح والحب والجنس، والحزن والفقد والوحدة. لكن الفصل كان متداخلاً، وللأسلوب في رواية الحكاية علاقة في ذلك. فالمخرج نقل حكايةً في حكاية، ما يشبه التقنية التي اشتهرت بها «ألف ليلة وليلة» وصارت أسلوباً أدبياً، لكن الحكايتين هنا مرتبطتان زمنياً، فواحدة منهما تسبق الأخرى وتستمر إلى أن تصل إليها. فيبدأ الفيلم بخولييتا الخمسينية، تفكر بهجرة مدريد إلى البرتغال مع شريكها. تعرف أن ابنتها التي لم ترها لسنين، أنـــها في المدينة وأن لديها طفلين، فتقـــــرر البقاء في مدريد وتطلب من شريكها تركها لوحدها وتعود لتستأجر شقة في المبنى الذي سكنته مع ابنتها بعدما تركته، لتنسى الأسى الذي خلفه هجر ابنتها لها. هنا، تبدأ بكتابة رسالة طويلة لها تحكي فيها كيف تعرفت على أبيها وكيف مات، متقدمة في الزمن إلى يومها الحاضر.

خولييتا الشابة (أدريانا أوغارت)، مدرسة أدب كلاسيكي، تتعرف على خوان في القطار، يمارسان الحب، يغيبان عن بعضيْهما لفترة قبل أن تصلها رسالة منه فتزوره، يتزوجان. يخرج صباحاً في قاربه لاصطياد السمك فيسوء الطقس ويغرق، تطلب منها السلطات التعرف على جثته. ثم تبدأ حياتها بالتحول إلى مرحلة طويلة من الحداد لفقدانه، لكن ابنتها ستتركها، ستلومها لأنها تعرف أن كلاماً حاداً دار بينهما صباحاً بسبب خيانته لها، فتفقد خولييتا ابنتها كذلك بعدما اختفت الأخيرة، وتعود لتعيش حالة الفقد مجدداً إنما تجاه ابنتها. لاحقاً ستصل لخولييتا رسالة منها تخبرها بأن ابنها مات بحادثة، وأنها الآن فقط تشعر بالأسى الذي عاشته أمها بعدما هجرتها.

المشهد الذي استوحى منه ألمودوفار ملصقَ الفيلم هو المفصلي بين المرحلتيْن، حيث تُصاب الأم أثناء استحمامها بتروما نفسية لعدم قدرتها على تخطي حالة الفقدان لزوجها، تحملها ابنتها وصديقتها وتجلسانها وتنشفان شعرها لتجد خولييتا في حينها أنها كبرت (إيما سواريز).

هذه اللحظة كانت النقل الزمني بين المرحلتيْن، لكن المشهد في القطار، حيث التقيا ومارسا الحب في واحدة من التصويرات الجميلة سينمائياً، وألمودوفار أحد الأساتذة في ذلك، حيث تُصور الكاميرا زجاج النافذة العاكسة لهما، ليلاً. المشهد كله في القطار حيث يلتقيان ويفترقان كان تكثيفاً لحياة خولييتا، الحياة التي ستسردها في رسالة لابنتها.

أنجز ألمودوفار العديد من الأفلام عن الأم، قد يكون أبرزها «All About My Mother»، ومنها «High Heels» و «Volver»، لكن هنا كانت الأم في أكثر صورها هشاشة وأضعفها، وذلك لفقد زوجها أولاً وابنتها ثانياً، من دون أن تجد في حياتها ما يمكن أن يعزيها.

يثبت ألمودوفار هنا أسلوبَه السينمائي، حبه للألوان وللنساء، وإظهار هذا الحب بجماليات بصـــــرية وحكائية تجعل أفلامَه عالماً واحداً مليئاً بالألوان والنساء والحكايات، وبالحب ومتعه وانكساراته، كأن شخصيات أفلامه تعرف بعضها إنما لكل منها حكايتها التي جعل ألمودوفار منها فيلماً.

أزمة نفايات لبنان في مهرجان كان

بيروت – «القدس العربي»:

عرض الفيلم القصير Submarine للمخرجة والمؤلفة اللبنانية مونيا عقل ضمن قسم سينيفونداسيون في «مهرجان كان السينمائي»، حيث وقع الاختيار على الفيلم للمشاركة في مسابقته الرسمية، من بين حوالي 2300 فيلماً قصيراً تقدمت للمهرجان. 

وتدور أحداثه حول هالة، وهي امرأة بروح طفلة شرسة، في ظل التهديد الوشيك الذي تفرضه أزمة النفايات في لبنان، تصبح هي الوحيدة التي ترفض قرار الإخلاء، وتتشبث بكل ما يتبقى من وطنها. 

أزمة النفايات في لبنان أثارت الرأي العام العالمي في العام الماضي بعد أن تظاهر اللبنانيون بشكل مكثف نتيجة تفاقم الأزمة وعدم الوصول إلى حل مناسب لها طوال سنوات، ليطالب المتظاهرون المسؤولين من خلال الاحتجاجات، بضرورة الوصول إلى هذا الحل والتخلص من النفايات التي ملأت لبنان وتسببت في التلوث البيئي هناك. 

الفيلم من إنتاج سيريل عريس وجينين شعيا، ويشارك في بطولته يمنى مروان، جوليان فرحات وعادل شاهين، وقد فاز الفيلم بمنحة جيمس بريدجز للإنتاج، ويعتبر نسخة مصغرة من فيلم روائي طويل تعمل مونيا عقل على كتابته في الوقت الحالي، ومن المقرر أن تنتهي منه في وقت قريب، وقد حصلت شركة «ماد سوليوشين»على حقوق توزيع الفيلم حول العالم. 

مونيا عقل هي مؤلفة ومخرجة لبنانية، استطاعت لفت الأنظار إليها بفيلمها القصير «بيروت بحبك /ما بحبك»، الذي حقق نجاحاً كبيراً ونسب مشاهدات عالية بعد نشره على موقع «يوتيوب»، ثم تحول فيما بعد إلى مسلسل تلفزيوني بمشاركة عدد أكبر من المخرجين.

درست عقل كتابة السيناريو والإخراج في جامعة كولومبيا، ثم شاركت في تأسيس شركة Breaking Wave Pictures بالتعاون مع 7 مخرجين من جنسيات مختلفة، وتشمل أعمال مونيا أفلاماً قصيرة فائزة بالجوائز مثل Lydia Never Cries الفائز بـجائزة جيمس بريدجز لأفضل إخراج، بالإضافة إلى Christine، ومسلسل EVA وAnoesis الذي شاركت «ياهو» في إنتاجه، كما عملت مونيا مؤخراً على مونتاج الفيلم الإسباني الفائز بالجوائز El Adios.

مي عودة تشارك في إنتاج الفيلم فلسطيني جديد

القاهرة – «القدس العربي»:

تحت مظلة مركز السينما العربية في «مهرجان كان السينمائي»، أعلنت شركة عودة للأفلام لصاحبها المنتجة الفلسطينية مي عودة، عن دخولها في إنتاج الفيلم الروائي الطويلThe Fearless Tigers للمخرج ماثياس لوبير، والذي سوف يتم تصويره بين فلسطين وفرنسا.

ويحكي الفيلم قصة نجم كرة قدم اعتزل اللعبة مجرداً من نجوميته، يصل إلى الضفة الغربية من أجل تدريب منتخب كرة القدم الفلسطيني للسيدات، ليتولى مسؤولية إلهام كل لاعبة في الفريق للتغلب على العقبات التي تواجه كل منهن، في رحلة تأهل المنتخب لبطولة آسيا 
الفيلم هو دراما رياضية مدتها 100 دقيقة من تأليف غافين دانيل، وهو أول فيلم روائي طويل للمخرج ماثياس لوبير، الذي حصل على إشادة نقدية كبيرة بفيلمه القصير
Brod Ludaka الذي وصل للقائمة القصيرة لترشيحات جائزة الأوسكار.

الفيلم إنتاج مشترك بين فلسطين وفرنسا، حيث تتعاون في إنتاجه مي عودة (شركة عودة للأفلام، رام الله)، مع سيباستيان أونومو، باريس، وسوف يتم تصوير الفيلم في فلسطين وفرنسا.

مي عودة مخرجة ومنتجة، شاركت في إنتاج عدد كبير من الأفلام الروائية الفلسطينية، أسست مؤخراً شركة «أفلام مي عودة»، التي تسعى من خلالها لإنتاج وتوزيع أفلام روائية ووثائقية إبداعية من المنطقة العربية.

القدس العربي اللندنية في

24.05.2016

 
 

الاقتصاد والسياسة يخيمان على ختام كان

كان (فرنسا) وكالات الأنباء:

سيطرت أجواء التقشف المالى وصعود اليمين المتطرف فى أوروبا على أجواء مدينة كان الساحلية الفرنسية خلال حفل تسليم جوائز مهرجانها السينمائى الشهير. فقد انتهز المخرج البريطانى المخضرم كين لوتش فرصة تسلمه جائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم فى المهرجان عن فيلمه أنا دانيال بليك لتوجيه انتقادات حادة لسياسات التقشف المالى التى تتبعها الدول الأوروبية، وحذر من أن هذه السياسات ستؤدى إلى صعود اليمين المتطرف سياسيا

وقال لوتش فى كلمة قوية: نحن فى قبضة مشروع للتقشف تدفعه أفكار نسميها الليبرالية الجديدة، وقد أوصلنا ذلك إلى مقربة من كارثة، وسبب مشقة للكثيرين فى اليونان فى الشرق، والبرتغال وإسبانيا فى الغرب، وحقق ثروة فاحشة لعدد قليل من الناس. ويتناول فيلم أنا دانيال بليك قصة نجار فى سن متقدمة أقعده المرض عن العمل، ويحكى الفيلم مكافحته ضد كابوس البيروقراطية فى قطاع الخدمات الصحية فى بريطانيا.

الأهرام اليومي المصرية في

24.05.2016

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)