كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

فى فيلم وودى آلان «مقهى المجتمع»

هوليود حكاية ميلودرامية مثل الحياة

بقلم: سمير فريد

مهرجان كان السينمائي الدولي

الدورة التاسعة والستون

   
 
 
 
 

كان افتتاح مهرجان برلين، فى فبراير الماضى، بالفيلم الأمريكى «يحيا قيصر»، إخراج جويل وإيتان كوين، عن هوليود «القديمة»، فى ثلاثينيات القرن العشرين الميلادى، أو فترة ما بين الحربين العالميتين، وها هو افتتاح مهرجان كان فى مايو من نفس العام بفيلم أمريكى آخر عن هوليود فى نفس الفترة، وهو «مقهى المجتمع»، إخراج وودى آلان.

ها هو الفيلم الروائى الطويل الـ٤٧ للمخرج الذى ولد فى نيويورك عام ١٩٣٥، وأخرج أول أفلامه «آنى هول» عام ١٩٧٧. والمعروف أنه من كبار المخرجين المؤلفين فى أمريكا والعالم، وأنه من مؤلفى السينما القلائل غزيرى الإنتاج، مثل برجمان وجودار.

ويتميز عالم وودى آلان بين مؤلفى السينما الأمريكيين بالجمع بين الثقافتين الأمريكية والأوروبية، ولذلك ليس من الغريب أن يكون له جمهوره فى أوروبا كما فى أمريكا. وليس من الغريب أن يكون «مقهى المجتمع» الفيلم الثانى عشر من أفلامه الذى يعرض فى مهرجان كان، والثالث من بينها الذى يعرض فى الافتتاح.

ومثل كيوبريك وقلة من المخرجين يرفض وودى آلان، منذ أول أفلامه، الاشتراك فى مسابقات المهرجانات، ويفضل العرض خارجها. وقد فاز بالسعفة الذهبية الشرفية لمهرجان كان عام ٢٠٠٢ عن مجموع أفلامه. بل لم يحضر عروض أفلامه خارج المسابقات، ولم يسافر إلى أى مهرجان حتى عام ٢٠٠٢ عندما قرر السفر إلى كان بعد أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ فى مدينته نيويورك، تعبيراً عن حبه لها وتأكيد قدرتها على تجاوز أكبر أزمة شهدتها فى تاريخها.

اليوم، وبعد أن بلغ الثمانين من عمره العام الماضى، لايزال وودى آلان يتمتع بالحيوية الإبداعية ذاتها، بل يستخدم كاميرا «الديجيتال» لأول مرة فى «مقهى المجتمع»، رغم أنه لا يستخدم الكمبيوتر وليس لديه إيميل. وهو يصور «ديجيتال» ليس مع أقل من مدير التصوير الإيطالى فيتوريو سترارو، الذى يعتبر من عظماء مصورى السينما فى العالم.

يمكن القول بوجود مدرستين رئيسيتين فى السينما الأمريكية، هما مدرسة نيويورك التى ينتمى إليها وودى آلان، والتى خرجت منها كل اتجاهات التجديد، بما فى ذلك سينما المؤلفين، ومدرسة هوليود التى يغلب عليها إنتاج الأفلام السائدة المحافظة على كل المستويات، وتسعى لإرضاء كل مستويات الجمهور داخل وخارج أمريكا.

ويمكن القول إنه من المكونات الأساسية لعالم وودى آلان التعبير عن ثقافته كيهودى، والجمع بين التأمل الفلسفى والسخرية والفكاهة، ولكن أفلامه، التى يكتبها ويشترك فى تمثيل الكثير منها، ليست من الأفلام الكوميدية كما يصنفها البعض.

حكاية ميلودرامية

فى «مقهى المجتمع» (٩٦ دقيقة) صورة أخرى من عالم الفنان، ولكنه هذه المرة يتحدث عن فن السينما مجال إبداعه كما قدمته هوليود إلى العالم، وعند البعض أن السينما تعنى هوليود، وهوليود تعنى السينما، بل إن الناقد المصرى مدحت محفوظ يرى أنه لا يوجد ما يبرر إنتاج الأفلام خارج هوليود.

فيل سترين (ستيف كاريل)، وكيل أعمال عدد من نجوم هوليود المرموقين، ويعيش حياة مترفة، حيث يبدأ الفيلم أثناء حفل كبير يقام فى منزله. وفجأة تأتيه مكالمة تليفونية من أخته روز (جينينى برلين) فى نيويورك تطلب منه أن يساعد ابنها الصغير بوبى (جيسى إيسينبرج) على العمل فى هوليود، وأنه سيصل غداً إلى لوس أنجيلوس. والأسرة النيويوركية اليهودية تتكون من الأم والأب والأخ الكبير بن (كورى ستول)، رجل العصابات، والأخت المتزوجة من مثقف شيوعى شديد التزمت.

وفى هوليود يقدم الخال إلى ابن أخته إحدى الفتيات اللواتى يعملن فى وكالته، وهى فونى (كرستين ستيوارت) لكى تساعده فى التعرف على المدينة التى يزورها لأول مرة، وتصحبه فى جولة على بيوت بعض نجوم التمثيل، مثل سبنسر تراسى وروبرت تايلور وغيرهما. وتبدأ قصة حب بين بوبى وفونى، وتخبره فونى بأنها على علاقة مع رجل آخر، وتتردد فى استمرارها. ولكن ما أن يعرف بوبى أن هذا الرجل الآخر هو خاله حتى يقرر أن يعود إلى نيويورك.

يرحب بن بعودة أخيه ويسند إليه إدارة الملهى الليلى الفاخر الذى يملكه فى نيويورك باسم «مقهى المجتمع»، والذى يجمع الأثرياء سواء من رجال العصابات أو السياسيين أو الفنانين. ويتزوج بوبى وينجب. وذات يوم يشاهد خاله وفونى فى الملهى بعد أن تزوجا، وتحاول فونى التقرب منه، ولكنه يرفض تماماً ويبتعد عنها.

إنها حكاية ميلودرامية من الحكايات المعتادة فى أفلام هوليود ذلك الزمان. وفى الفيلم المصور بالألوان نرى مشهدين بالأبيض والأسود من هذه الأفلام، الأول تمثيل باربرا ستانويك والثانى تمثيل سبنسر تراسى. ولكن وودى آلان الذى يروى الحكاية بصوته على شريط الصوت لا يسخر من هذه الحكاية، وإنما يعتبر الحياة ذاتها حكاية ميلودرامية. وبقدر ما تبدو شخصية بوبى تعبيراً عن الشاب «الطاهر» على نحو لا يخلو من المبالغة، بقدر ما تبدو شخصية أخيه بن كاريكاتورية فى ممارسة الإجرام والعنف، فهو يقتل شرطياً ويلقى جثته داخل صبة أسمنت لمجرد أن أخته أخبرته بأنه جارها ويزعجها بصوت الراديو المرتفع، ويرفض تخفيض الصوت حتى تستطيع النوم. وتنكشف جرائم بن فى النهاية وتقبض عليه الشرطة. «مقهى المجتمع» فيلم جميل وممتع للقلب والعقل والعين.

أخبار وأصداء

يعرض اليوم فى «كلاسيكيات كان»، الذى يعرض نسخاً جديدة مرممة لأفلام من تاريخ السينما الفيلم الفرنسى- المصرى المشترك «الوداع يا بونابرت»، إخراج يوسف شاهين (١٩٢٦-٢٠٠٨)، والذى عرض فى مسابقة مهرجان كان ١٩٨٥.

قام السينماتيك الفرنسى بترميم النسخة، بالتعاون مع مؤسسة يوسف شاهين، وأصدر أمس نشرة خاصة أعلن فيها رئيس السينماتيك كوستا-جافراس أن فى حوزة السينماتيك الآن أرشيف شاهين كاملاً، وذلك استعداداً لإقامة معرض شامل عام ٢٠١٨ فى الذكرى العاشرة لوفاته.

«ركن الأفلام القصيرة» مهرجان دولى كامل فى إطار سوق مهرجان كان، حيث يتم عرض ٢٤٥٠ فيلماً من مختلف دول العالم، ويصدر له كتالوج خاص فى ٣٥٢ صفحة.

هذا العام يعرض ٦٧ فيلماً من ١٢ دولة عربية، وهى حسب ترتيب عدد الأفلام «الإمارات (١٥)، ولبنان (١٣)، وقطر (١٠)، والعراق (٨)، ومن كل مصر والسعودية (٦)، ومن المغرب (٤)، ومن سوريا (٣)، ومن كل من الجزائر وتونس (٢)، ومن كل من البحرين وموريتانيا (١)».

الأفلام المصرية «مدينة الأضواء» إخراج عبدالله شحاتة، و«من الصعب أن تجده» إخراج جعفر محمد، و«جريدى» إخراج محمد هشام، و«صاحب الجلالة» إخراج محمد الحضرى، و«نورهان» إخراج سيف عبدالله، و«الزيارة» إخراج محمد كريم، و«افتتاح الحمام العام» إخراج عمر زهيرى.

لأول مرة هذا العام هناك جناح باسم إسرائيل فى سوق الفيلم بعد أن كان مكتباً فى السنوات السابقة. ولأول مرة نشر فى «هوليود ريبورتر» اليومية إعلان صفحة كاملة به النص الكامل لإعلان تأسيس دولة إسرائيل وتاريخه ١٤ مايو ١٩٤٨ ميلادية، و٥ أيار ٥٧٠٨ عبرية، والموقعون دافيد بن-جوريون و٣٧ شخصية أخرى من مؤسسى دولة إسرائيل.

samirmfarid@hotmail.com

«دي نيرو»يكشف وجهه الرومانسي في افتتاح فيلمه بـ«كان»

كتب: ريهام جودة

كشف الممثل الأمريكي عن وجه آخر له ملئ بالرومانسية - وفقا لتعليق صحيفة ديلي ميل البريطانية - خلال افتتاح فيلمه الجديد the Hands Of Stone الاثنين في مهرجان «كان» السينمائي الدولي ، وظهر «دي نيرو» -67 عاما - ممسكا بيد زوجته جريس هايتور - 61 عاما - في لفتة رومانسية حانية حرص خلالها على مشاركة زوجته له في هذه اللحظة المهمة.

المصري اليوم المصرية في

17.05.2016

 
 

رسالة كان (6):

رسالة صادمة وفيلم رعب في يوم كان السادس

أحمد شوقي

فوجئ كل المدرجين على القوائم البريدية لمهرجان كان السينمائي الدولي ظهيرة يوم المهرجان السادس، الأثنين 16 مايو، بوصول رسالة مفاجئة، تعلن ضم فيلم جديد إلى قائمة الأفلام المعروضة بالمهرجان.

نص الرسالة يقول "مهرجان كان قرر إضافة فيلم لقائمة العروضة الخاصة هو فيلم (بيشمركة) للمخرج برنارد هنري ليفي، هذا الفيلم الذي اكتشفناه للتوّ، يلقي نظرة مقربة على مقاتلي البيشمركة الأكراد، الفريق الصغير الحالم، ومن أجلهم سافر المخرج ألف كيلومتر بطول الحدود العراقية من الجنوب إلى الشمال، ليصوّر حالات الحرب والمناظر الطبيعية ووجوه رجال ونساء نادراً ما نشاهدهم في العالم الواسع. الفيلم سيعرض مرة واحدة في قاعة بازان عصر الجمعة 20 مايو، وإذا كان الطلب عليه مرتفعاً ربما يضاف عرض آخر يوم 21".

الرسالة جاءت صادمة لعدة أسباب، أولها كوننا في يوم المهرجان السادس أي منتصف الطريق، وإضافة فيلم لمهرجان في مثل هذه المرحلة أمر شديد الندرة، من الصعب تصور حدوثه مع أكبر مهرجان في العالم حتى لو كان الفيلم تحفة فنية، ثاني الأسباب هو ما أثير من فترة حول رفض المهرجان لفيلم المخرج الصربي الكبير إمير كوستوريتسا لأنه قدمه بعد يوم واحد من غلق باب التقدم، الأمر الذي فسره البعض ـ يقال أن كوستوريتسا نفسه بينهم ـ بأنه رفض للمخرج ومواقفه السياسية

اليوم يصير السؤال: هل يُرفض واحد من أعظم مخرجي العالم بسبب تأخير يوم واحد، ويُقبل فيلم في وسط المهرجان؟ وإذا كان المهرجان حاسم في عدم تجاوز تواريخه، وكانت إدارته بالطبع مشغولة بالفعاليات، فمن المسؤول عن اكتشاف الفيلم للتوّ كما يقول البيان؟

سنشاهد الفيلم المضاف بالطبع لنرى تلك التحفة التي جعلت كان يتنازل عن القواعد لهذه الدرجة، بينما اعتبر البعض الأمر بوضوح رضوخ لضغوط للوبي الصهويني الداعم للمخرج هنري ليفي، الذي وصفته الناقدة هدى ابراهيم بأنه "ناشط صهيوني شغله الممول بملايين الدولارات يسعى لتقسيم كل ما يسمى بلد عربي".

فيلم رعب في المسابقةمسلسل الأفلام الفرنسية الغريبة المختارة للمسابقة الرسمية لا يتوقف، فبعد الأفلام الثلاثة التي تحدثنا عنها بالأمس، اكتمل العقد بعرض الفيلم الرابع وأكثر الأفلام ترقباً "متسوقة شخصية Personal Shopper" للمخضرم أوليفية أساياس، والذي لم يحمل هو الآخر مفاجأة سارة تبرر المشاركة الفرنسية الكبيرة بأربعة أفلام كلهم متوسط المستوى على أفضل تقدير.

الفيلم ناطق بالإنجليزية برغم أن أحداثه تدور في باريس (عدا الدقائق الأخيرة تدور في سلطنة عُمان، المكان الذي يبدو على الشاشة جميلاً وبكراً يستحق أن يتواجد بشكل أكبر في الأفلام). بطاقم تمثيل دولي تتصدره النجمة كرستين ستيوارت، التي تلعب دور متسوقة شخصية، وهي الفتاة التي تقوم بالتسوق لكبار المشاهير وتدخل بيوتهم لتضع الملابس والمجوهرات باهظة الثمن التي تحضرها لهم من المتاجر. لكن الفيلم لا يدور عن هذه المهنة التي لم نراها على الشاشة من قبل، وإنما هو فيلم رعب تشويقي Horror Thriller عن روح شقيقها التوأم الذي مات قبل شهور جاءت روحه لتطاردها وتتحدث معها (عبر دردشة المحمول) في منزل عارضة أزياء عالمية تدخله ضمن وظيفتها.

إذا ما قارننا "متسوقة شخصية" بأي فيلم رعب تشويقي آخر فالمقارنة ستكون لصالح فيلم أساياس بالطبع، بإيقاعه المحكم ومسار أحداثه غير المتوقع وأداء بطلته الذي يحمل حساً شاعرياً عادة ما تفتقده هذه النوعية من الأفلام. لكن إذا ما قارننا الفيلم بأفلام المسابقة (غير الفرنسية بالطبع) فسنجد أنه قد يكون أجدر بالعرض الجماهيري أو حتى على هامش المهرجان مثل أفلام النجوم الأمريكية، على أن يوضع ضمن القائمة المتنافسة على أهم جائزة سينمائية في عالم الأفلام الفنية.

اسم كبير.. عرض وفيلم خاليانفي قسم العروض الخاصة تضمن اليوم السادس للمهرجان الفيلم الأكثر ترقباً من أفلام أفريقيا السوداء المشاركة في المهرجان "حسين حبري.. مأساة تشادية Hissein Habré, A Chadian Tragedy"، للمخرج التشادي الشهير محمد صالح هارون، أحد الأسماء المحبوبة لمهرجان كان، وحامل جائزة لجنة التحكيم عام 2010 عن فيلم "رجل يصرخ A Screaming Man".

معطيات الفيلم كانت تبشر بالكثير: مخرج صاحب تجربة وحضور، آت من بلد لا يمتلك أي تاريخ سينمائي لكنه أنجب رجلاً موهوباً، وموضوع مثير للاهتمام هو حسين حبري، الديكتاتور الذي حكم تشاد بين عامي 1982 و1990، دخل خلالها الحرب ضد ليبيا، وقتل ما يزيد عن 40 ألف مواطن تشادي بخلاف 200 ألف تعرضوا للتعذيب، حتى انتهى الأمر بالإطاحة به من الحكم وتقديمه لمحاكمة دولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

ثراء الموضوع وقيمة المخرج جعلنا نتوقع فيلم مهم، لكن النتيجة جاءت خائبة تماماً، بدءً من العرض الذي كان شبه خال على العكس من المعتاد في كل أفلام المهرجان، فلم تكد صالة بازان (أصغر صالات المهرجان الرسمية) تجد حضوراً يملأ حتى ربع مقاعدها خلال العرض الصحفي، بل وتسلل كثير ممن قرروا مشاهدة الفيلم خلال العرض بعدما تأكدوا من كونهم لن يجدوا جديداً داخل هذا العمل البدائي.

الفيلم تم تصويره بالحد الأدنى من المجهود، فهو مكون من حوارات متتالية، تم تصويرها دون أي اهتمام بالصورة أو تنويع اللقطات، فقط حديث لا ينتهي من شخصيات هي في الأغلب ممن تعرضوا للتعذيب في عهد حسين حبري، يتحدثون عن صور التعذيب التي لاقوها. وحتى المشهد الوحيد الذي يحمل شبهة دراما والذي يتواجه فيه أحد المعتقلين المعذبين مع الرجل الذي كان يقوم بتعذيبه بالرغم من أنه يعرفه شخصيا، حتى هذا المشهد يتحول بسبب كسل تصويره وركاكة مضمونة إلى مشهد رتيب وممل، ككل شيء في هذا الفيلم الذي لا يوجد سبب لعرض عمل مثله إلا رغبة المهرجان في مجاملة مخرجه.

اليوم السابع وأفلام مرتقبةاليوم السابع للمهرجان (الثلاثاء 17) يبدأ بفيلم مرتقب من الجميع هو "جوليتا Julieta" الفيلم الجديد لأستاذ السينما الإسباني بيدرو ألمودوفار صاحب الشعبية الواسعة في العالم بأكمله. كذلك يُعرض الفيلم الأمريكي "أيدي من حجر Hands of Stone" للمخرج الفنزويلي جوناثان جاكوبوفيتش، الذي تدور أحداثه في عالم الملاكمة حول قصة الملاكم البنمي روبرتو دوران، ويشارك في بطولته النجم روبرت دي نيرو ومغني الراب آشر. أما أنظار العرب فستتجه إلى أسبوع النقاد الدولي حيث يُعرض الفيلم اللبناني "ربيع Tramontane" للمخرج فاتشيه بولغورجيان، الذي يتنافس بين السبعة أفلام المشاركة في الأسبوع المعني بالعمل الأول والثاني للمخرجين.

موقع في الفن المصري في

17.05.2016

 
 

بورتريه

محمد دياب.. المراوحة بين التأليف والإخراج

د. أمــل الجمل

"يتجسد الزمن في ديمومته مجرى متغيراً متلاطم الأمواج، تتخلله جزر سكون صغيرة" سماها شاعر الرومانسية الإنجليزي وليام وردزورث بـ"البقع الزمنية"، وهذه البقع في رأيه هي "بقع ضوئية تُنير عتمة الأيام وتُكسب الزمن شكله ومعناه.".. هذه الرؤية للزمن يمكن تطبيقها على الشريط الروائي الطويل "678" أول تجربة إخراجية للمصري محمد دياب الذي يُفتتح بفيلمه الثاني "اشتباك" قسم "نظرة خاصة" بمهرجان كان السينمائي التاسع والستين في الفترة الممتدة بين 11-22 مايو الجاري.

يأتي "اشتباك" – الذي جاء ثمرة التعاون الإنتاجي المشترك بين مصر وفرنسا وألمانيا والإمارات - في الترتيب الثامن على مستوى التأليف السينمائي، فقد سبق لمحمد دياب كتابة سيناريوهات وحوارات أربعة أفلام بشكل منفرد هي؛ "أحلام حقيقية"، و"الجزيرة" ج1، والاثنان من إنتاج عام 2007، ثم فيلم "بدل فاقد" 2009، و"678" 2010. مثلما اشترك دياب مع آخرين – من عائلته - في كتابة السيناريوهات والحوار لأربعة أعمال أخرى هي؛ "ألف مبروك" 2009 – "ديكور" 2014 – "الجزيرة2" 2014 – "اشتباك" 2016.

اللافت في تجربة محمد دياب كسيناريست أنه مارس الكتابة لأغلب الأنواع فكتب الأغنية الدينية لعدد من المطربين، وكتب لهم حلقات دينية ضمن برامج تليفزيونية أيضاً، أما على مستوى الدراما السينمائية فكتب الأكشن، والجريمة بكل ما تتضمنه من غموض وإثارة، وأجواء بوليسية، مثلما اشترك في كتابة الكوميديا المتمثلة في شريط "ألف مبروك" رغم أنه مقتبس عن أفلام أجنبية، لكنه نجح في تمصيره بشكل جيد وهادف، وكتب الدراما التي يمكن تصنيفها بالواقعية الاجتماعية بمهارة وقدرة على خلق شخصيات نسائية مختلفة على المستوى النفسي والطبقي كما في "678" عن قضية التحرش بالنساء في المجتمع المصري

من الصعب تحديد فكر مؤلف الشريط السينمائي وتقييمه إذا اشترك معه آخرون في كتابة السيناريو والحوار، كذلك من الصعب - إلى درجة أقل - تقييم فكره إذا لم يكن هو نفسه مخرج العمل، لأن المخرج وعن طريق الصورة وأداء الممثلين وتفاصيل الأزياء والإكسسوار والمونتاج يمكنه تقديم وجهة نظر تتناقض أحياناً مع ما جاء بالسيناريو وبعض جُمل الحوار، فالصورة أقوى ولها الغلبة دوما. مثلما حدث في فيلم "الجزيرة 2" للمخرج شريف عرفة والذي كتب له السيناريو محمد دياب بالاشتراك مع خالد وشيرين دياب، هنا لا يمكن معرفة من منهم المسئول عن إدانة ثوار 25 يناير 2011 والسخرية منهم في أكثر من مشهد، كذلك لن نستطيع تحديد - على وجه الدقة - من منهم المسئول عن حسم أمر وتحديد هوية مقتحمي سجن وادي النطرون بهذا اليقين ومن دون أدنى شك؟! وهو ما يتضارب مع كثير من الكتابات التحليلية السياسية والشهادات التي نُشرت في أعقاب الاقتحام؟!

لكن، عندما يكون المؤلف هو نفسه مخرج العمل هنا يمكن بنسبة كبيرة جدا تقييم العمل وتحديد في أي اتجاه ينحو المسار الفكري والأيديولوجي لمبدعه. من هنا تزداد أهمية فيلم "678"، هذا بالطبع إلى جانب القيمة الجمالية التي يكتسبها الفيلم، إذ أنه وفق رؤية الفيلسوف والناقد المجري جورج لوكاتش أن "القيمة الجمالية للعمل لا يُمكن أن تتحقق إلا إذا تجسدت في ظاهرة اجتماعية يلمسها الناس في حياتهم اليومية، على أن يكون التجسيد الحي صادقا لقمة وأبعاد وأعماق البشر والعصر،" بحيث ترى النساء نفسها في النماذج المقدمة على الشاشة، "ليس فقط كما هنّ، ولكن أيضاً كما يجب أن يكنّ،" متسلحات بوعي جديد وعميق وشامل. لذلك فمن خلال "678" يُمكننا التعرف بشكل أكثر – من أفلامه الأخرى التي قام بتأليفها - على فكر وتوجه السيناريست والمخرج المصري محمد دياب، وإن كانت التجارب الأخرى في التأليف لها قدرتها أيضاً في الكشف عما إذا كان الكاتب موهوبا في نسج تفاصيل السيناريو، وتحريك الشخصيات في إطار زمني قادر على الاحتفاظ بإيقاعه اللاهث أم لا، وهو ما سنحأول إلقاء الضوء عليه في تجاربه المختلفة في السطور التالية.  

أحلام حقيقية

في "أحلام حقيقية" عام 2007 الذي أخرجه محمد جمعه وكتب له محمد دياب السيناريو والحوار، والذي تدور أحداثه حول الكوابيس وعالم الأحلام الذي لا يستطيع البشر السيطرة عليه، وعلاقة ذلك بالـ"ديجافو" déjà vu  و"التليباثي" أي توارد الخواطر telepathy، ورغم ما نُشر في أعقاب عرض الفيلم حيث نٌشرت بعض الأخبار تُعلن تبرؤ المؤلف الشاب من العمل، ورغم تأثره الواضح بأجواء الأفلام الأجنبية – خصوصا الأمريكية - المنتمية لدراما الجريمة والرعب المستندة على الإثارة والغموض، ورغم ترهل الإيقاع في عدة مناطق من الفيلم البالغ مدته 153 ق، وهو ما يجعل المتلقي يجد فرصة أثناء التلقي ليسأل نفسه: "أين شاهدت هذا الفيلم من قبل"؟، ورغم الصدفة التي جعلت ضابطاً واحداً فقط – قام بدوره فتحي عبد الوهاب - يحقق في جميع جرائم القتل وكأنه لا يوجد ضابط آخر، لكن يُحسب للفيلم – رغم كل تلك الهنات - أنه قدم لنا كاتبا يمتلك الموهبة، حتى وإن كانت متعثرة في هذا التجربة، لكنها كانت تشي بقدرة على رسم الشخصيات ووضعها في مواقف متباينة تدفع العمل نحو نهايته، ثم يختتم عمله بانقلاب درامي حيث يكتشف المتلقي أن القاتلة هي صديقة البطلة، وأنها هي التي ارتكبت الجرائم جميعها.

الخطوات التالية للمؤلف الشاب ستؤكد أن موهبته – رغم هناتها - تنضج مع مرور الوقت، وإن تفأوتت في تطورها وفي قيمتها من عمل لآخر، فعلى ما يبدو أن ممارسة فعل الكتابة والبقاء على تواصل معها أمر يشغل دياب ويسعي لتطوير نفسه خصوصا أنه يحب الكتابة فبعد تخرجه في كلية التجارة وإدارة الأعمال والتحاقه بالعمل في أحد البنوك الأجنبية الكبيرة بالقاهرة تخلى عن ذلك العمل بسبب حبه للكتابة، وقرر دراسة فن كتابة السيناريو في أكاديمية نيويورك للسينما عام 2005.

الجزيرة 1، 2

في عام 2007 أيضاً ظهر فيلم آخر لمحمد دياب لكنه لم يمر مرور الكرام - كما الفيلم السابق - خصوصاً أنه من بطولة أحمد السقا وإخراج شريف عرفة، ونقصد به "الجزيرة" الجزء الأول، والذي كتب له القصة السينمائية، شريف عرفة، بينما قام بتأليفه محمد دياب، والذي يُشير تتر المقدمة أنه مستمد من قصة حقيقية، وفي تقديري أنه ربما يكون فيه تشابهات من الواقع، حول تاجر المخدرات والسلاح منصور الحفني الذي سانده النظام ودعمه وقام بحمايته أثناء الحرب على الإرهاب في الصعيد، ثم انقلب عليه بعدما انتهت تلك الحرب واتسع نفوذه وسطوته، وبلغ طموحه الرغبة في الترشح لمجلس الشعب، وإن كانت القصة تُعيد للأذهان أشياء من قصة أسامة بن لادن، وكيف صنعته أمريكا ثم انقبلت عليه عندما انتهى دوره وأصبح يُمثل خطراً عليها.

نتهي الجزء الأول من الفيلم بأن منصور أثناء تبادل إطلاق النار على سلم دار القضاء العالي اختفى ولم يُستدل على مكانه، وأن المخدرات والسلاح اختفى من الجزيرة، بينما تكشف أحداث الجزء الثاني من الفيلم التي تدور في الفترة ما بين 14 يناير 2011 ومنتصف 2012 أن منصور الحفني قضى في محبسه بالسجن عشر سنوات وأنه الآن ارتدى البدلة الحمراء لتنفيذ حكم الإعدام، والأهم أن لا المخدرات ولا السلاح اختفى من الجزيرة، فلا زالت التجارة فيهما قائمة، وإن كان أهلها يجدون صعوبة في ترويجهما ومن ثم استعانوا برجال "الرحالة" الذين يعيشون في الجبل، ورغم أن جملة حوارية محددة بالفيلم تنفي أن المقصود بـ"الرحالة" جماعة الإخوان المسلمين، لكن ذلك كان مجرد غطاء درامي ورقابي، إذ إن شخصية الشيخ جعفر زعيم الرحالة - التي جسدها الراحل خالد صالح - كانت تردد شعارات وأفكار حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان عن الطاعة ووحدة الصف، وكانت أيضاً تحمل في ثناياها وتفاصيلها وأسلوبها وطرح أفكارها دلالة رمزية قوية لجماعة الإخوان المسلمين، ومحأولتهم الوصول إلى حكم الجزيرة التي كانت هنا ترمز إلى مصر، خصوصا تلك الأحاديث عن: "نسيان خانة الجنسية فالولاء للرحالة يأتي قبل الأهل والوطن والأصحاب"، و"شهداؤنا في الجنة وقتلاهم في النار".

 ربما ظهور الفيلم في 2014– والانقسامات والخلافات التي وقعت بين طوائف المجتمع آنذاك خصوصا فيما يخص أحداث رابعة - لعبت دوراً في الموقف الذي اتخذه صُناع الفيلم من ثوار 25 يناير 2011 حيث يبدو جليا الاستهزاء من الثوار والسخرية منهم في كثير من المشاهد، وترديد شعاراتهم في مواقف ساخرة إجرامية، من دون أن نغفل كلمات اللواء رشدي المسئول الكبير بالداخلية والذي يشير إلى نظام الأمن في عهدي مبارك ومرسي قائلاً: "الثوار اللي عملوا ثورة على الأمن الوحش هم اللي بكرا هيرجعونا مرفوعين الراس لما يجربوا الأمن الحلو؟"  

 في عام 2014 أيضا ظهرت تجربة أخرى لمحمد دياب هي "ديكور" للمخرج أحمد عبد الله السيد، لكن السيناريو الذي اشترك في كتابته المؤلف مع شيرين دياب كانت به مشاكل عديدة، أهمها الزمن النفسي للشخصية النسائية الرئيسية مها التي جسدت دورها حورية فرغلي إذ بدت خأوية ومسطحة تماماً وفقيرة دراميا رغم كل الإمكانيات المتاحة أمام كاتبي السيناريو، فهى تجسد شخصية رومانسية تعيش حياتين إحداهما حقيقية والثانية وهم وخيال من دون تحديد واضح يحسم أيهما الوهم وأيهما الحقيقي، ورغم أن الفكرة مستلهمة من فيلم "الليلة الأخيرة" للمخرج كمال الشيخ لكن شتان ما بين العملين فرغم أن الأخير من إنتاج عام 1963، لكنه عمل مرسوم بمهارة وإتقان والبطلة فيه محاصرة بين ماض جميل وحاضر مفزع فتعيش صراعاً جنونيا بين عالمين وذاكرتين، بينما جاءت النسخة المُقلدة باهتة ركيكة رغم أن مخرجها أحد أهم مخرجي السينما المستقلة ورغم الأداء اللافت لماجد الكدواني.

بدل فاقد 

في عام 2009 ظهر فيلمان من تأليف محمد دياب هما؛ "بدل فاقد" و"ألف مبروك" والاثنان كانا – على مستوى الإيرادات وشباك التذاكر - من أفضل أفلام ذلك الصيف. الأول بطولة أحمد عز وإخراج أحمد علاء، والثاني بطولة أحمد حلمي وإخراج أحمد جلال

"بدل فاقد" هو فيلم أكشن، تبدأ أحداثه من القاهرة 1976، ثم تنتقل عبر الفوتومونتاج إلى عام 2009 حيث لقاء أخوين توأم، أحدهما أصبح ضابطاً مرموقاً بعد أن تربي في بيت لواء كبير، والثاني تحول إلى مدمن بعد أن قامت بتربيته راقصة كباريهات، فقد كان كل منهما نتاج واقعه ومجتمعه، والفيلم يذكرنا بأفلام مصرية كثيرة تم اقتباسها عن أفلام أجنبية، وعلى الأخص الفيلم الأشهر "جعلوني مجرما". 

أما "ألف مبروك" فينتمي للكوميديا الاجتماعية - شارك في تأليفه مع خالد دياب - ويبلغ زمنه السينمائي ساعة و54  دقيقة. ورغم أنه في تتر المقدمة كُتب أن الفيلم مستوحى من الأسطورة الإغريقية سيزيفيوس، لكن الحقيقة أن أحداث الفيلم وفكرته أقرب إلى مصادر أجنبية لم يُشر إليها التتر مثل الفيلم الأمريكي groundhog ay إنتاج عام 1993، والذي قام ببطولته آندى ماكدويل وبيل مارّى وإخراج هارولد راميس، وكذلك فيلم "If only" إنتاج عام 2004 وإخراج Gil Junger. 

هنا تدور القصة في إطار كوميدي حول شخص يستيقظ كل يوم من حلم متكرر ينتهي بوفاته قبل أن يبدأ حفل زفافه بدقائق، وفي كل مرة يحأول البطل أن ينجو من الموت، ويحأول تغيير قدره بأن يتصرف بشكل مغاير، لكنه في جميع المرات يظل ذلك الشخص الانتهازي في تعاملاته مع الجميع حتى أقرب الناس إليه أمه وأبيه، وأخته، وحتى خطيبته مرورا بزملاء العمل إذ لديه استعداد للتضحية بأي منهم طالما كان في ذلك الحفاظ على وظيفته. في النهاية يتصالح البطل مع قدره عندما يُدرك أنه لا يمكن تغيير مصيره، في حين يمكن تغيير الواقع المحيط بنا، أو باختصار الموضوع يشبه الدوائر، فالحياة كلها دوائر صغيرة وكبيرة، الدوائر الصغيرة يمكن تغييرها لكن الدوائر الكبيرة لا يمكن تغييرها

في تجربة "ألف مبروك" يصعب تحديد مقدار مشاركة كل من الكاتبين في العمل، يصعب معرفة مَن منهما كتب أي مشاهد وصاحب أي من جمل الحوار، من منهما لعب دورا أكبر أو أهم في تْطوير السيناريو؟ ومَنْ منهما صاحب الخط الكوميدي؟ وإذا كان دياب في الجزيرة 1، و2، أضاف إلى رصيده في مجال الأكشن والجريمة، لكن هذا وحده لا يثبت القدرة على التأليف للسينما، لأن العملين كانا أشبه بمسلسل تليفزيوني مكثف، قوي الإيقاع، بينما التطور النفسي للشخصيات والتعبير عن زمنها السيكولوجي - والتي تكشف أساساً الموهبة الحقيقية - فإنها لم تظهر إلا مع "678". 

أول خطوة 

 عندما نتأمل "البقع الزمنية" – التي ذكرناها في مقدمة المقال عن وليام وردزورث - في شريط "678" نجدها تتجسد أساساً في ثلاث نقاط خلقت من حولها دوائر وبقعا أخرى متتابعة متلاحقة. لكن هناك فارقا كبيرا بين توصيف وليام وردزورث لها وبين طبيعتها السينمائية عند محمد دياب، فهنا تخص هذه البقع الضوئية ثلاث نساء من أعمار متباينة وطبقات اجتماعية مختلفة ومستوى فكري وتعلمي أيضاً مغاير، والبقع الثلاث تكاد تتشابه في طبيعتها إذ تخص فعل التحرش بهن، وإن اختلفت في هيئتها ومسار تحركها وطريقة ترسبها، لكنها في النهاية تترك آثارها النفسية السيئة وتكاد تدمر حياة بطلاتها إلى درجات متفأوتة، ومع ذلك لا يمكن إنكار أنها أضاءت لهن عتمة أشياء كثيرة في المجتمع من حولهن، وفي شخصياتهن، وفي اختياراتهن، ما كشف معاني أخرى مفتقدة للحياة وللزمن، فإذا كانت تلك البقع الضوئية عند وردزورث تُكسب الزمن شكله ومعناه بما هو موجود، لكنها عند بطلات دياب الثلاث تكشف ما هو مفقود أو مفتقد فصار الزمن ناقصا في شكله ومعناه.

 تأتي أهمية فيلم "678" – الذي ينتمي للواقعية الاجتماعية التي لا تخلو من جوانب نفسية – ليس فقط من خطورة القضية التي يتنأولها، وهى التحرش الذي يُعد من أبرز وأخطر المشاكل التي تواجهها المرأة المصرية في حياتها اليومية، سواء في الشارع أو العمل أو وسائل المواصلات العامة، وأحيانا الخاصة أيضاً، لكن أهميته تنبع كذلك من أسلوب السرد، ومن قدرة مخرجه الذي كتب السيناريو بنفسه على رسم الشخصيات النسائية وتتبع الآثار السيكولوجية لهذا الفعل المشين على حياتهن، وسلوكهن مع أقرب الناس إليهن، وخصوصا شريك الحياة. كما أنه قدم لنا مخرجاً قادرا على توظيف الميزانسين بكل ما فيه من ممثلين وإكسسوار، وإضاءة، وتحريك الكاميرا بمرأوحتها بين الثبات والاستقرار، وزواياها لتجسيد الحالة النفسية التي تخدم درامية العمل.  

فلاش باك

"الفلاش باك" هو أحد الملامح الأساسية دائمة الحضور في جميع سيناريوهات محمد دياب، وهو أحد ملامح السرد الأساسية بفيلم "678" رغم أنه لا يُستخدم سوى مرات ثلاث فقط. في الدقائق الاثنتي عشر الأولى نتعرف على معاناة فايزة من التحرش، أم من الطبقة المتوسطة المطحونة لديها طفلان بالمدرسة وزوجها عامل أمن، تذهب فايزة لحضور "كورسات" الدفاع عن النفس ضد التحرش، وعندما تواجهها صبا المُدربة بضعف شخصيتها، وتلفت نظرها إلى إمكانية الدفاع عن نفسها بدبوس الطرحة التي ترتديها، تقوم بغرس الدبوس في جسد المتحرش بها، وتواجهه أمام الناس في الأتوبيس فيهاجمها الركاب بعنف واصفين إياها بالمجنونة، فتهبط فايزة في الميدان كالتائهة غير منتبهة لسيارة ملاكي تكاد تصدمها، تستيقظ من شرودها وتواصل عبورها للشارع والذي يُشكل عبورا بالمعنى الحقيقي والمجازي.

عند اللحظة السابقة يعود الفيلم فلاش باك لمدة عام كامل لنتعرف – خلال سبع دقائق فقط بأسلوب سردي مكثف صادق وشديد التلقائية والواقعية - على قصة صبا وانهيار علاقتها بزوجها شريف في أعقاب التحرش الجماعي الذي تعرضت له عقب مباراة مصر وزامبيا وأثناء الاحتفال بذلك الفوز. وتخلي زوجها عنها ما تسبب في الإجهاض، ثم قرار صبا برفض العودة إلى شريف، فيتركها قائدا سيارته حزينا كالتائه، إلى أن تهبط فايزة من الأتوبيس أمامه في الميدان، ثم تواصل سيرها ونرى ظلها يمشي على الأرض. هنا يوظف المخرج الفلاش باك مرة أخرى ليحكي قصة البطلة الثالثة نيللي رشدي مع التحرش والتي تم اقتباسها من قصة واقعية تنأولتها الفضائيات والصحف المصرية ووصلت إلى القضاء المصري.  

يعود الفلاش باك لمدة شهر ليسرد قصة نيللي وإصرار أهل خطيبها على التنازل عن القضية التي رفعتها ضد المتحرش بها، واستمرار النقاش بينها وبين خطيبها – بميزانسين بدا تلقائيا - في الشرفة التي تطل على الميدان الذي نزلت فيه فايزة من الأتوبيس أمام سيارة شريف زوج صبا، حيث تتابع الكاميرا ظلها على الأرض، وتعرضها مجددا للتحرش فتقوم بمهاجمة المتحرش بها بالسكين في عضوه الذكري.

كانت تلك البقعة الزمانية والمكانية ملتقى مصائر الشخصيات، وبعدها تتدافع دوائر وبقع متباينة في قوتها على مدار الفيلم. لكن اللافت أن دياب كتب سيناريو متقنا، مشبعا بالتفاصيل الواقعية ونسجها بأسلوب فني ضمن ثنايا شريطه، مثل أشكال التحرش التي تتعرض لها كل امرأة من البطلات الثلاث – بخلاف وقائع التحرش الأساسية الكبيرة – كتعرض صبا للتحرش اللفظي أثناء ممارسة رياضة الجري، ثم تعرضها للتحرش من قبل مجموعة أطفال كانوا يقفون في السوق، والتحرش اللفظي الذي تتعرض له نيللي في عملها كمندوبة مبيعات، وتطور رد فعل الشخصيات وتحولها إلى العدوانية والدفاع عن نفسها بالانتقام، في الوقت الذي يتواطأ فيه المجتمع وجهاز الشرطة - بشكل غير مفهوم لكنه واقعي وحقيقي - مع المتحرش بحجة أنه لا يوجد قانون يُجرم التحرش

يُؤخذ على الفيلم فقط أن صبا عندما تقرر مهاجمة المتحرشين في الأتوبيس فإن ضحيتها سيكون زوج فايزة، فهي صدفة مبالغ فيها وغير منطقية، وكأنه عقاب إلهي للزوجة– وفق هوى المخرج - فلو رأينا الزوج يفعل ذلك من دون تعرضه للاعتداء لكان ذلك أكثر صدقية على المستوى الفني، وحتى لو تعرض للهجوم من قِبل شخصية أخرى جديدة لكان ذلك أكثر صدقاً. أما تبرير فعل التحرش الذي مارسه الزوج بسبب امتناع زوجته عن التواصل الزوجي الحميمي معه فلا يُؤخذ على السيناريو ولا يُدرجه ضمن الفكر الذكوري لأن السيناريست هنا قدم نماذج أخرى متنوعة للرجال المتحرشين، مثلما قدم مشهداً طريفاً جدا – بالأتوبيس في الأيام التالية لتكرار ضرب المتحرشين في أعضائهم إذ اختفت وطأة الزحام ووقف الرجال القليلون في أدب شديد ووضع كوميدي مستقيم - يُؤكد على أن الخوف من العقاب يردع المتحرشين مهما كانت الظروف.

الجزيرة الوثائقية في

17.05.2016

 
 

من توقيع المخرجة البريطانية أندريا أرنولد

فيلم «أميركان هاني» عن ضياع الجيل الجديد!

عبدالستار ناجي

يناقش فيلم امريكان هاني للمخرجة البريطانية اندريا ارنولد قضية في غاية الاهمية تتمثل في ضياع الشباب وانخراطهم في مغامرات تجمع الاحتيال والحلم الزائف. في سياق عمل سينمائي على شاكلة افلام الطريق يأخذنا من خلال حكاية الشابة ستار ساشا لين - التي تجد نفسها في حالة من العدم مع زوج مدمن وطفلين تضطر في احيان كثيرة للبحث في القمامة من اجل تامين لقمة عيشهم. حتى تلقب ذات يوم بالشاب جاكي شيا لابوف مع مجموعة من زملائه تعجب به ويطلب منها مرافقتهم مع تامين عمل ودخل مادي. كما يخبرها عن عنوانهم.

وفي اليوم التالي وبعد ان ينام زوجها تأخذ ابنها وابنتها معها حيث تبقيهما مع احدى صديقاتها لتواصل طريقها للحاق بذلك الشاب. حيث نتعرف على تفاصيل رحلة تلك المجموعة التي تقودها شابة تقوم بتشغيل تلك المجموعة من الشباب من اجل جمع الاشتراكات لعدد من المجلات الاميركية مقابل مبالغ زهيدة. ومقابل كل اشتراك يحصل عليه احد الشباب هنالك نسبة بالاضافة الى السكن والاكل. علما بان المجموعة تتحرك في انحاء الولايات المتحدة الاميركية بالذات تلك الولايات الفقيرة.

وتمضي الرحلة عبر كم من الحكايات. حيث تتطور العلاقة بين ستار و جاكي الذي نكتشف لاحقا بانه مقرب من صاحبة المشروع وايضا يحصل على مبلغ من المال مقابل كل فتاة تنضم الى المجموعة التي تضم خليطا من الجنسين الذين يبحثون عن حلم مفقود وينشغلون بالاستماع للاغاني طيلة الطريق مع ترديدها. كما يعترف جاكي لصديقته ستار بانه قام بعدة سرقات من البيوت التي دخلها بحجة البحث عن الاشتراكات بالاضافة الى مبلغ من المال.

وفي كل محطة حكاية تسلط الضوء حول حالة الفقر التي تعيشها العديد من الولايات الاميركية وايضا غياب الحلم والاعتماد على الاحتيال تارة والتنازلات تارات أخرى. بل ان لعبة التنازل توصل ستار لان تمارس الدعارة كى تحصل على مبلغ بسيط لتقديمه للمسؤولة عن المشروع على انه اشتراكات حصلت عليها.

في الفيلم وبخط متواز كم من الاغنيات التي تمثل احدث الاغاني الاميركية التي يظل المشاهد يستمع اليها كمسار واثراء للبناء الدرامي. بل ان الغناء يأتي هنا كجزء اساسي من الخط الدرامي الذي يظل محوره العلاقة بين ستار وجاكي

كل الاحاديث هامشية ومعادة ومكررة , حتى الالعاب التي يمارسها الشباب تصل في احيان كثيرة الى العنف المجاني الارعن والقاسي. والعلاقات مفرغة من المضامين والعمق كل شئ قابل للانفصال للاسباب المادية البحتة

مجموعة من الشباب الضائعة التي تمتهن اللاشيء من اجل بضعة دولارات بهدف الحصول على اشتراكات وحقيقة الامر هو النصب والاحتيال

وتمضى الرحلة. حيث لاشيء يكتمل ولا شيء يتطور او ينمو او ينضج. حتى يأتي السؤال المحوري عن الحلم حيث لا حلم امام تلك الظروف المزرية لجيل من الشباب يغرق في وحل الفقر وغياب فرص العمل وتلاشي المستقبل

فيلم شديد الحساسية. بالذات المشاهد الاخيرة حينما تذهب ستار الى البحر بنية الانتحار. ولكنها تعود عن قرارها.. حتى رغم الظروف الصعبة.

ورغم غياب الامل وغياب المستقبل تتحول تلك الشريحة من الشباب الى شيء ما يشبه الحشرات الطيارة التي تعيش على الهامش وتنتهي حياتها بسرعة لانها بلا حلم وبلا مقدرة على تحقيق ذلك الحلم.

وراء هذا الفيلم الكبير والثري بالتفاصيل المخرجة البريطانية اندريا ارنولد التي كانت قد فازت بجائزة الكاميرا الذهبية في فيلمها الاول في مهرجان كان السينمائي عام 2006 عن فيلم الطريق الاحمر كما قدمت ايضا فيلم فانش تانك عام 2009 وفي جملة تلك التجارب يظل الشباب وقضاياهم هو الحاضر الاساسي.

في الفيلم وبلياقة عالية يأتي اداء شاسا لين بدور ستار وايضا النجم الاميركي شيا لابوف الذي يخلع جلده ليطل علينا بشخصية تجمع الاحتيال والعاطفة المجانية والرغبة في البحث عن حلم على حساب الفقراء والابرياء.

ونخلص.. فيلم امريكان هاني والعنوان مأخوذ من احدى الاغاني الاميركية الشباب هم المحور وهم القضية الاساسية.

«الخادمة».. السينما في بهاء الاحترافية

عبدالستار ناجي

يذهب المخرج الكوري القدير بارك تشان ووك الى منطقة جديدة في فضاءات حرفته السينمائية بعد ان طاف في جملة من المحطات التي رسخته كواحد من القامات السينمائية الكبيرة في كوريا الجنوبية والعالم على حد سواء. ودعونا قبيل الذهاب الى فيلمه الجديد الخادمة الذي عرض في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولى نتوقف قليلا امام مسيرة هذا المبدع السينمائي الذي ولد في سول عام 1963. وقد بدا مشواره السينمائي عام 1992 بفيلم القمر هو.. والشمس الحلم ومن ابرز اعماله فيلم اولد بوي 2003 الذي اقتبسته السينما الاميركية من خلال عدة نسخ وان ظلت النسخة الاصلية تؤسس لمرحلة عالية المستوى من افلام المغامرات في السينما الكورية والعالمية. اما فيلمه قبل الاخير هو ستوكر وقدمه عام 2013. وهو يعود من جديد الى مهرجان كان السينمائي عبر فيلمه الخادمة الذي يرتكز على نص روائي يذهب بنا الى عام 1930 حينما كانت كوريا الجنوبية تحت الاحتلال الياباني حيث نتابع حكاية سوكي كيم تاي ري التي يتم اختيارها للعمل كخادمة عند احدى الاسر اليابانية الثرية

ويأتي اختيارها من قبل لو كونت هاي جونج يوو من اجل ان تحاول اقناع فتاة شابة تقيم مع عمها في القصر التابع للاسرة اليابانية بان ترتبط به. على ذلك الاساس تأتي الحيلة. خادمة من اسرة فقيرة تعيش على سرقة الذهب وتربية ورضاعة الاطفال الى خادمة في منزل اسرة يابانية ثرية تعيش على تقاليد صارمة. يوما بعد اخر راحت تتطور العلاقة بين الخادمة الشابة هديكو كيم مين هو من جانب ومن الجانب الاخر بين الشابة والكونت. حيث تسعى الشابة للتخلص من عمها المتسلط والذي يريدها ان تقرأ الروايات الجنسية لضيوفه من الاثرياء. كل يتحرك الى هدفه

الخادمة من اجل تحسين ظروفها والكونت للحصول على الثروة والشابة الثرية للتخلص من عمها. الكل يلعب على الاخر. الخادمة على الكونت والشابة. وفي المقابل الكونت على الخادمة والشابة. وايضا الشابة على الخادمة والكونت. حتى اللحظة التي تتطور العلاقة بين الخادمة والشابة الى علاقة مثلية. وعبر تلك العلاقة التي تظل محاطة بالاسرار. يبادر عم الشابة الى تصفية الكونت وتتمكن الشابة من الهروب من سول الى شنغهاي برفقة صديقتها الخادمة بعد تغيير هويتها وتجميع كافة الاموال التي كان تجمعها اسرتها والكونت الكذاب. كل تلك الاحداث تأتي ضمن احترافية سينمائية عالية المستوى ابدع في صياغتها كسيناريو الكوري بارك تشان ووك والذي قام بنفسه باخراج الفيلم. بالتعاون مع فريق عمل رائع من فريق الممثلين. وايضا مدير التصوير المقتدر شونج شونج هون بالاضافة الى الاحترافية في تصميم المشاهد التي ظلت تدور دائما في ثلاثينيات القرن الماضي

سينما بارك تشان ووك هي سينما الاحتراف العالي الجودة. الذي يأسر المشاهد ويجعله ملتصقا بكرسيه وهو يتابع احداث هذا الفيلم الثري باللغة السينمائية المشبعة بالحكايات والتفاصيل والألوان وايضا القيم الكبرى حتى وان اختلفنا مع بعضها الا انها تظل سينما تذهب الى المشاهد باحترام رفيع المستوى. وهي سينما نظل نترقبها ونرصدها.

يسري نصرالله:

«الماء والخضرة والوجه الحسن» إلى مهرجان فينيسيا !

عبدالستار ناجي

اكد المخرج المصري القدير يسري نصرالله انه قطع شوطا واسعا في انجاز العمليات الفنية الخاصة بفيلمه الروائي الجديد الماء والخضرة والوجه الحسن وقال في تصريح خاص معه في مدينة كان جنوب فرنسا على هامش فعاليات مهرجان كان السينمائي بانه يتوقع ان يكون الفيلم حاضرا ضمن الاختيارات الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي

وتابع نصرالله قائلا: بدانا تصوير الفيلم في بداية شهر اكتوبر 2015 في بلقاس بالمنصورة. مع فريق يضم عددا متميزا من اهم نجمات ونجوم السينما المصرية ومن بينهم ليلى علوي ومنة شلبي وباسم سمرة ومحمد فراج وصابرين واحمد داوود وانعام سالوسة ومحمد الشرنوبي والفيلم من تأليف احمد عبدالله وانتاج احمد السبكي.

واشار المخرج يسري نصرالله الى انه كان قد عرض ومن خلال سوق مهرجان كان السينمائي الدولي 20 دقيقة من احداث الفيلم الذي يتحدث عن الجمال والعلاقات الانسانية والرغبة في النظر الى الحياة بشكل اكثر جمالية زاهية بالألوان والصور والوجوه الجميلة

وقال ايضا: لست غريبا عن مهرجان كان السينمائي فاخر الافلام العربية المصرية التي عرضت داخل المسابقة الرسمية كان فيلمي بعد الواقعة والذي استقبل يومها بكثير من الحفاوة. كما قدمت لى العديد من الاعمال السينمائية وفي جملة تظاهرات مهرجان كان السينمائي. وهكذا عدد اخر من مهرجانات السينما العالمية ومن بينها مهرجان البندقية فينيسيا الذي احضر للعودة اليه في نهاية اغسطس ومطلع سبتمبر.

وفي ختام تصريحه الخاص قال المخرج يسري نصرالله: يبقى مهرجان كان السينمائي هو عرس السينما وحدثها السينمائي الاهم في العالم 

غولشفيته فرحاني تنتظر نتيجة مشاركتها في «PATERSON»

عبدالستار ناجي

تشارك الفنانة الفرنسية غولشفيته فرحاني في الفيلم الأمريكي «PATERSON»، والذي يعرض خلال فعاليات مهرجان كان السينمائي في دورته الـ69، والفيلم من تأليف وإخراج المخرج جيم جارموش، وبطولة كل من آدم درايفر،، لويس دا سيلفا، جاريد جيلمان وتدور أحداثه في الوقت الحاضر في مدية باترسون، والتي تقع في ولاية نيو جيرسي، حول سائق حافلة يهوى الشعر.

يذكر أن غولشفيته قد واجهت عدة صعوبات في بلدها الام وفضلت ان تغادر وتقيم في فرنسا حتى يتسنى لها أن تمارس عملها بكل حرية. وتسعى من خلال اختياراتها المتعددة ان تجذب الأنظار للشخصيات التي تؤديها

ماريون كوتيار تتألق في «كان»

عبدالستار ناجي

تشارك النجمة ماريون كوتيار بطلتها المتألقة في فيلم «From The Land of The Moon» وهو من إخراج المخرجة نيكول جارسيا وقد شاركت ماريون عدة مرات في مهرجانات كان.

النهار الكويتية المصرية في

17.05.2016

 
 

أسامة غبد الفتاح يكتُب من كان

اشتباك” يخسر فيه الجميع.. لعبة “إكس أو” تلخص بمهارة صراعا مريرا ودعوة خجولة للتعايش

كعادتنا دائما فى إطفاء أى فرحة عامة بأى طريقة، نجح البعض فى تفجير مسألة مشاركة الداعية معز مسعود فى إنتاج الفيلم المصرى “اشتباك”، لإفساد سعادتنا باختياره للعرض فى افتتاح قسم “نظرة ما” الرسمى والرئيسى بالدورة الـ 69 من مهرجان “كان” السينمائى الدولي، وليتحول فجأة فخرنا كمصريين وعرب بهذا الحدث إلى “تحريات بوليسية” عن أسباب ومقاصد إقدام داعية “إسلامي” على إنتاج فيلم سينمائي، وأسباب ومقاصد قبول صناع الفيلم هذا التمويل، وكأن معز مسعود هو إسرائيل التى نقاطعها ونهاجم من “يطبّع” معها!

عن نفسى لا تشغلنى هذه المسألة، ولا تعنينى فى شيء سواء كانت صحيحة أم لا، لأن المفترض أن ما يعنينا جميعا هو الفيلم نفسه، وما يظهر فيه، وما يشير إليه وينطوى عليه، وليس فى العمل – فى حدود ما شاهدت وما فهمت – ما يدل على أنه “مانفستو” إسلامى لداعية تليفزيونى وراءه ما وراءه مما يتخيل البعض منا من خطط ومؤامرات داخلية وخارجية لجهات – بل دول – تسعى لتركيعنا والسيطرة علينا!

نحن فى الأيام التى تلت عزل القوات المسلحة الرئيس الأسبق محمد مرسى فى 3 يوليو 2013، وفى ذروة الحر والاشتباكات بين مؤيدى النظام الجديد وأنصار الإخوان، وتحديدا داخل سيارة ترحيلات تابعة للشرطة تجمع بلا تمييز كل من هو مشكوك فيه فى الشارع الملتهب بمظاهرات من هنا وأخرى من هناك.. وهذه – بالطبع – فرصة سينمائية عظيمة للجمع بين شخصيات شديدة التناقض والاختلاف وصياغة دراما أرسطية حامية ومعقدة تلتزم بوحدات المكان والزمان والحدث.

فى رأيى، هذا أفضل التزام بوحدة المكان تحديدا فى تاريخ السينما المصرية.. صحيح أنه سبق للعديد من السينمائيين تقديم فكرة الجمع بين العديد من الشخصيات فى مكان واحد ضيق طوال الفيلم، إلا أن تجربة المخرج الشاب محمد دياب – فى ثانى أفلامه الروائية الطويلة بعد “678” – تظل متميزة، ليس فقط لأن المكان الضيق سيارة ترحيلات تابعة للشرطة، مع كل ما يمثله ذلك من صعوبة وحساسية، لكن أيضا لأن الالتزام بوحدة المكان صارم للغاية، لا تشذ عنه لقطة واحدة من الفيلم.

وكلنا نتذكر فيلم “بين السما والأرض”، الذى خرج فيه الراحل صلاح أبو سيف كثيرا جدا من الأسانسير – موقع الحدث الرئيسى – إلى أدوار العمارة الأخرى وسطحها ومكاتب المسئولين وستاد القاهرة لتقليل مشاهد المصعد إلى أقل درجة ممكنة.. أما فى “اشتباك”، فالتزام دياب يستحق الإعجاب، وأنا هنا لا أتحدث عن لعبة فيديو أتقنها الرجل، بل عن قدرة فنية وتقنية كبيرة مكنته – ونحن معه – من إلقاء نظرة شاملة على الثورة المصرية، والربيع العربى كله، من داخل هذه السيارة الحديدية الصماء، ومن خلف نوافذها الصغيرة المغطاة بالأسلاك.

تفوق تقنى واضح ساعد دياب فى تحقيقه مجموعة من الفنيين المهرة فى التصوير والمونتاج والصوت وغيرها، فضلا عن مجموعة الممثلين الذين يجعلونك تشعر بأنك داخل السيارة معهم وتنسى أنهم يمثلون، وعلى رأسهم النجمة نيللى كريم، التى ذابت فى المجموعة تماما لتؤكد أنها لا تعانى أمراض النجومية مثل غيرها.

على مستوى الموضوع، يعانى الفيلم نمطية البناء الدرامى ورسم الشخصيات التقليدى فى هذه النوعية من الأفلام، والتى يحرص صناعها دائما على تمثيل جميع فئات المجتمع للإيحاء بان المكان الضيق ما هو إلا نموذج مصغر منه.. هنا مثلا عندنا المرأة، والرجل، والصبي، والشاب، والشيخ، والمديوكر، والبلطجي، والإخواني، والسلفي، والمائع، واللامبالي، والمسيحي، وكأن صناع الفيلم سيُسألون قضائيا عن غياب أى فئة إذا غابت!

كما ضايقتنى – فى البدايات – دعوة خجولة، غير مباشرة بالطبع، للتعايش بين الجميع، لأننى لا أوافق على التعايش مع مجرمين أو محرضين على الجريمة، وقد كان هناك مجرمون – أو على الأقل محرضون – فى السيارة.. لكن سرعان ما يدرك صناع الفيلم صعوبة ذلك، لتعود الخلافات الحادة فى النهاية، ولتسود حالة من الفوضى والجنون والعنف تحوّل أمل التعايش الضعيف إلى مستحيل رابع.

أما أنضج ما ينطوى عليه الفيلم دراميا، فهو تأكيد أن الاشتباك ليس فيه فائز ولا مهزوم، حيث يعانى الجميع ويسقط ضحايا من كل الأطراف: الشرطة والإخوان والمواطنون العاديون إن جاز التعبير.. وأفضل تعبير بصرى سينمائى عن ذلك يتم قرب النهاية بلقطة للعبة “إكس أو” محفورة على الحائط الحديدى لسيارة الترحيلات، كان كل من صبى “مؤيد” وفتاة إخوانية قد حفر فيها رمزا، لكنها تظهر لنا بوضوح فى النهاية ناقصة، ليس فيها فائز ولا مهزوم، فالجميع خاسرون.

أحمد شوقي يكتُب من كان

فى أيام كان الثلاثة الأولى.. أفلام الكبار فى إطار التوقعات والمفاجآت تأتى من الأقل شهرة

لا صوت يعلو فوق صوت السينما. هذا هو الشعار الذى يسيطر على كل شبر من كان، المدينة الصغيرة التى لا تتجاوز مساحتها العشرين كيلو مترا مربعا، والتى تتحول فى مايو من كل عام إلى عاصمة السينما ومحط أنظار عشاقها من كل بلاد العالم. دورة هذا العام من مهرجان كان السينمائى هى التاسعة والستون، أى دورة تسبق احتفالية ستتم بالتأكيد العام المقبل فى سبعينية المهرجان. لكن القدر وجدول عمل المخرجين جعلا الدورة الـ 69 استثنائية على مستوى الأسماء المشاركة، فى ظل مشاركة ما عن العشرين من أكبر صناع السينما فى العالم بأفلامهم الجديدة.

بيدرو ألمودوفار وكريستيان مانجيو وأصغر فرهدى واليخاندرو خودوروفسكى ونيكولاس ويندنج رِفن وتشان ووك بارك وريثى بنه وبول فيرهوفين لا يصنعون أفلاما كل عام، لكنهم أنهوا أفلامهم الجديدة قبل كان، يضاف إليهم أصدقاء المهرجان الدائمون مثل وودى آلن وكيم لوتش والأخوان دردان وزافيه دولان وجيم جارموش، مع مخرجين حوّلوا وجهتهم من مهرجانات أخرى اعتادوا المشاركة فيها ليذهبوا إلى كان منهم ماركو بيلوكيو وبابلو لارين، لتكون النتيجة برنامج محيّر حقا، نقضى وقتا طويلا فى دراسته كل يوم لاختيار المواعيد المناسبة لمشاهدة أكبر عدد ممكن من الأفلام خلال اليوم.

الكبار ضمن التوقعات عدا الكمبودي

أكتب هذه الرسالة فى نهاية اليوم الثالث من المهرجان المستمر لاثنى عشر يوما، أى بعد ربع الطريق فقط، وهى بالتأكيد مساحة لا تكفى لإصدار حكم موضوعى عن الدورة، لكن أبرز ما يمكن رصده فى الأفلام التى شاهدناها حتى الآن هو أن أفلام كبار المخرجين جاءت حتى هذه اللحظة فى إطار المتوقع منهم طبقا لأعمالهم السابقة، أما المفاجآت فأتت كلها من أسماء أصغر وأقل شهرة.

فيلم الافتتاح خارج المسابقة “كافيه سوسايتى Cafe Society” كان أول الأعمال المتوقعة. الفيلم الذى تدور أحداثه فى ثلاثينات القرن الماضى قد يكون أفضل أعمال وودى آلان الأخيرة، لكنه يظل يدور فى فلك النزعة النوستالجية التى تمزج الحنين للماضى بالسخرية الرقيقة منه والتى تكاد تظهر فى معظم أفلام المخرج الأخيرة.

كذلك جاء فيلم “أنا دانيل بليك I, Daniel Blake” للبريطانى كين لوتش (مسابقة رسمية) اليسارى الملتزم بنقد النظام الاجتماعى والدفاع عن حقوق الفقراء فى حياة أكثر إنسانية. هذا أيضا واحد من أفضل أفلامه الأخيرة (لا يفوقه فى رأيى سوى “نصيب الملائكة” الأخف ظلا والأكثر ذكاءً) يمتاز ببناء رائع للشخصيات وتعبير مرهف عن تبعات المحنة الاقتصادية على الحالة النفسية للأبطال، لكنه أيضا عمل خال من المفاجآت الكبيرة أو المتعة الاستثنائية.

الكمبودى ريثى بنه مؤرخ الألم والجرح الوطنى الذى طالما روى ما فعله الخمير الحمر وقت حكمهم لبلده، كان هو الأكثر تجديدا بين الكبار فى فيلمه الجديد “منفى Exile” (العروض الخاصة) الذى نسج فيلما بحس تجريبى وثراء بصرى حول فكرة المنفى داخل الوطن لا بمعناه النفسى وإنما بصورته فى ممارسات يومية كالطعام والأدوات الشخصية، فى ظل نظام منع مواطنيه حتى من استخدام ملاعق الأكل باعتبارها رمزا للإمبريالية!

التجديد للشباب ومنهم دياب

الأصوات الجديدة جاءت من أسماء أقل شهرة، تتصدرهم حتى هذه اللحظة وبلا جدال المخرجة الألمانية مارين أدي، التى تصاعدات الضحكات لدرجة الصراخ خلال فيلمها المشارك فى المسابقة الرسمية “طونى إردمان Tony Erdman”، بل وصفق حضور العرض الصحفى أكثر من مرة خلال الفيلم وكأنهم يشاهدون مسرحية. أدى التى تشارك فى كان للمرة الأولى وفقت فى معادلة بالغة الصعوبة هى صناعة فيلم كوميديا عائلية يمتد زمنه قرابة الثلاث ساعات، دون أى شعور بالملل أو فقد المتعة، مع تحميل الكوميديا بحكاية بالغة التكثيف عن علاقة الأب بابنته، وعلاقة الإنسان بحياته التى يأخذها كثيرا على محمل الجد أكثر مما تستحق حتى بالحسابات المنطقية.

المصرى محمد دياب كان هو الآخر أحد الأصوات الجديدة التى صنعت الفارق، بفيلمه “اشتباك” الذى افتتح مسابقة نظرة ما وقوبل بحفاوة كبيرة من الصحافة الغربية والعربية، يستحقها الفيلم المتقن فنيا والذى يحول عربة ترحيلات إلى نموذج مصغر لمصر يترجم من خلاله المخرج أفكاره عن الوضع السياسى فى صورة شخصيات يتم احتجازها عشوائيا داخل العربة التى لا تغادرها الكاميرا طوال زمن الفيلم.

التجديد يصل لدرجة الغرابة فى الفيلم الفرنسى “البقاء واقفا Staying Vertical” للمخرج آلان جويرود المنقسم إلى نصفين مختلفين فى كل شيء، أحدهما كلاسيكى منطقى بطىء الإيقاع، والثانى مجنون تسير الأحداث فيه دون منطق واضح ومبالغات كوميدية تنتهى دون أن يصل الفيلم إلى أى نقطة ارتكاز أو استنتاج يؤطر كل ما شاهدناه من شطط.

المهرجان مستمر، ونحن نستمر فى الركض بين القاعات وكتابة التغطيات، ومحاولة إيجاد بعض الوقت الباقى للنوم وتناول الطعام وغيرها من الممارسات التى تجد نفسك تلقائيا تقلل من أهميتها فى خضم الطوفان السينمائى الممتع.

جريدة القاهرة في

17.05.2016

 
 

حُضور على «الريفييرا» وخُفوت على الشاشة

طارق الشناوي

(كلنا نحب (كان) و(كان) بيحب مين)، مأخوذة ببعض تصرف من أغنية عبدالوهاب القديمة (كلنا نحب القمر والقمر بيحب مين)، الحب من طرف واحد أقسى وأشقى أنواع الحب.. حيث يسهر الحبيب يعد النجوم ويكابد اللوعة والسهاد بينما المحبوب لا يشعر به وربما أيضاً مشغول بحبيب آخر.

هذا هو بالضبط حال السينما العربية مع مهرجان «كان»، محاولات لا تنقطع تطلب ود ووصال المهرجان، بينما المهرجان لا حس ولا خبر ولا فيلم ولا ندوة، لنا تواجد مكثف بالأجنحة العربية المنتشرة على شاطئ (الريفييرا) وما أدراك ما (الريفييرا) يقابله انحسار مخجل على شاشات المهرجان الرسمية وما أدراك ما الشاشات!!

ربما فى هذه الدورة نشعر بقليل من النور حيث لنا فى قسم (نظرة ما) فيلم (اشتباك) المصرى وفى مسابقة الفيلم القصير التونسى (صوف على الظهر) وفى أسبوع النقاد فيلم (الربيع) اللبنانى وفى قسم الكلاسيكيات يُعرض ليوسف شاهين (وداعا بونابرت)، الحصيلة كما ترى قليلة خاصة عندما نقارن مثلا الدول العربية وعددها 22 بينها 10 دول لديها سينما ولا أقول صناعة سينمائية لأن صفة صناعة لا تنطبق سوى على مصر والمملكة المغربية فقط لا غير، لو قارنت ذلك مع دولة مثل إيران أو إسرائيل ستكتشف أننا بعيدون تماما عن مجرد المنافسة.

لا يمكن أن تضع بين المشاركات الرسمية مثلا تلك الحالة الصاخبة التى عايشناها جميعا منذ مطلع الالفية الثالثة مع بدايات شركة (جوود نيوز) عندما كان يتم تأجير سلم قاعة لوميير لحسابها لمدة ساعة حيث يتم تصوير أبطال أفلام صعودا على درجات السلم بالسجادة الحمراء المترامية الأطراف، مثل (حليم) و(يعقوبيان) و(إبراهيم الأبيض) وصولا إلى (ليلة البى بى دوول) الذى أطاح بميزانية الشركة حيث تم وقتها استئجار طائرة خاصة لنقل صحفيين وإعلاميين مصريين وعرب إلى (كان) لضمان دعاية ضخمة للفيلم، وعلى شارع الكروازيت الموازى للشاطئ انتشرت أفيشات الفيلم وعلى أغلفة المجلات العالمية التى كانت تصاحب المهرجان ليصبح حدث عرض الفيلم فى السوق هو الأبرز والأهم فى هذا المهرجان العالمى، وبرغم كل ذلك إلا أن الفيلم لاقى عند عرضه فشلا ذريعا وسقوطا مدويا أدى بعدها لتعثر الشركة ومن ثم توقفها تماما عن الإنتاج، وهى كما ترى شعبطة فى جلباب (كان) مدفوعة الأجر على حساب صاحب المحل.

ولكننا كنا نتواجد فى (كان) مثلا من خلال أفلام شادى عبدالسلام أكثر من مرة أهمها بالطبع فى 2009 بقسم أفلام العالم برائعته (المومياء) وتم توجيه تحية لمخرجنا الكبير من خلال المؤسسة التى يشرف عليها المخرج العالمى مارتن سكورسيزى والذى اعتبر أن شادى هو المؤصل للسينما المصرية، يقصد صاحب الأبجدية للسينما المصرية، كما عُرض له بعدها فيلماه التسجيليان (جيوش الشمس) و(الفلاح الفصيح) وهكذا كثيرا ما كان ينقذنا الماضى من الحاضر المجدب.

دعونا نقلب صفحات تاريخنا مع مهرجان «كان» لنكتشف أننا كنا أصحاب باع طويل كانت البداية مع أول مرة أقيم فيها المهرجان عام 1946 حيث اشتركنا بفيلم «دنيا» إخراج محمد كريم وبطولة فاتن حمامة وراقية إبراهيم ومحمد سالم وكان يوسف وهبى عضو لجنة تحكيم المهرجان.. ولكن ليس لنا نصيب يذكر فى الجوائز باستثناء يوسف شاهين الذى حصل عام 1997 – فى اليوبيل الذهبى للمهرجان – بمناسبة مرور 50 عاماً على إنشائه – على جائزة عن مجمل أفلامه وكانت ترأس لجنة التحكيم الفنانة «إيزابيل إدجانى»!

وكان يوسف شاهين قد شارك فى تلك الدورة داخل المسابقة الرسمية بفيلم «المصير» ثم اشتركت عام 2004 المخرجة التسجيلية تهانى راشد بفيلم (البنات دول) وهاجمها عدد من الأفلام التى لديها قصور فى الفكر بحجة الإساءة لمصر فى الخارج، وبعد ثورة 25 يناير 2011 شاركنا بفيلم (18 يوم) وكأنها تحية توجه لمصر وثورتها من كان وفى قسم (البلاج) عُرض (صرخة نملة) ثم اشتراك فيلم (بعد الموقعة) 2012 ليسرى نصر الله، وقبلها ليسرى فى الحقيقة العديد من المشاركات مثل أول أفلامه (سرقات صيفية) فى قسم (أسبوعى المخرجين)، (باب الشمس) عرض رسميا ولكن خارج التسابق، آخر تواجد ليوسف شاهين أيضاً فى الدورة التى أقيمت عام 2004 وتحمل رقم 57 من خلال فيلم «إسكندرية نيويورك» حيث عرض فى ختام قسم (نظرة ما)، وفى عام 1999 افتتح هذا القسم فعالياته أيضاً بفيلم يوسف شاهين «الآخر»، وسوف نجد أن يوسف شاهين هو صاحب أكبر رصيد ليس فقط على مستوى السينما المصرية أو العربية ولكن العالم كله فى عدد المشاركات حيث بدأت رحلته مع المهرجان بفيلم «ابن النيل» عام 1952 ثم «صراع فى الوادي» 1954 ثم «الأرض» 1970 وكل هذه الأفلام داخل المسابقة الرسمية ثم شارك بـ «العصفور» عام 1974 فى قسم أسبوعى المخرجين ثم يغيب عشر سنوات ليعود عام 1985 بفيلم «وداعاً بونابرت» ليعرض فى المسابقة الرسمية ثم عام 1990 «إسكندرية كمان وكمان» فى أسبوعى المخرجين وفى العام التالى 1991 يشارك أيضاً فى قسم (أسبوعى المخرجين) بفيلم «القاهرة منورة بأهلها» ويتهم وقتها يوسف شاهين بعد أن عرض الفيلم بإهانة مصر وكشف عوراتها أمام الأجانب ويتصدى يوسف شاهين لتلك الحملة التى أراد صانعوها أن يسقطوا عنه الجنسية المصرية وتقديمه لأمن الدولة وكنت مسئولاً فى تلك السنوات عن النشاط السينمائى فى نقابة الصحفيين وعرضت الفيلم مرتين فى نادى النقابة وأقمت ندوة ليوسف شاهين دافعنا عن حقه فى التعبير، وأصدرت اللجنة الثقافية التى كان يرأسها الزميل الكاتب الصحفى الراحل مجدى مهنا بياناً وقفت فيه إلى جانب الحرية، وهكذا كان ليوسف شاهين حضوره الدائم، حيث يعتبر أحد النجوم فى «كان» وتجد صورة له ليس فقط فى مقر المهرجان ولكن حتى فى شركة الطيران الفرنسية فى «كان».. ورغم ذلك فلقد كانت لنا مشاركات منذ نهاية الأربعينيات وحتى منتصف الثمانينيات بأفلام ليست من إخراج يوسف شاهين أتذكر منها «شباب امرأة» لصلاح أبو سيف.. وحرصت تحية كاريوكا على أن ترتدى الجلباب الذى شكل طابعاً مميزاً لشخصية (شفاعات) فى (شباب امرأة)، ولم تكن هذه هى الوحيدة للمخرج صلاح أبو سيف حيث إنه تواجد أيضاً بفيلميه «مغامرات عنتر وعبلة» ثم «الوحش».

والمخرج أحمد بدرخان بفيلم «ليلة غرام» بطولة مريم فخر الدين، والمخرج كمال الشيخ كانت له ثلاث مشاركات «حياة وموت» 1955 ثم «الليلة الأخيرة» عام 1964 ثم اشترك بفيلم قصير اسمه «لغة الأيدى» وهو من المرات القليلة التى أخرج فيها الشيخ أفلاماً قصيرة!!

فى الثمانينيات عاطف الطيب عام 1985 بفيلم «الحب فوق هضبة الهرم» فى قسم (أسبوعى المخرجين) وحرص يوسف شاهين والذى كان يعرض له فى نفس الوقت وفى المسابقة الرسمية فيلمه «وداعاً بونابرت» حرص على أن يحضر ليلة عرض فيلم عاطف الطيب الذى كان أحد تلاميذه.. وفى عام 1987 عرض المخرج محمد خان فى قسم خاص «عودة مواطن».

ومن الواضح أن المشاركات تكاد تقتصر على يوسف شاهين باستثناءات قليلة فهو الوحيد الذى يعرف بالضبط شفرة المهرجان وليس معنى ذلك أن السينما المصرية لم تحاول أن تجد لنفسها مكاناً خارج يوسف شاهين حاولنا ورفضت أفلامنا تباعاً.

وبالطبع هناك بالتأكيد محاولات أخرى غير معلنة لكنها لم تصل بنا إلى شاطئ الريفييرا حيث ترفض إدارة المهرجان لكنها لا تُعلن عن ذلك، ويبقى أن تواجد دول مثل المغرب وتونس والجزائر ولبنان وفلسطين له ثقله الأكبر وأن أكبر جائزة حصل عليها مخرج عربى كانت من نصيب «محمدالأخضر حامينا» الجزائرى الذى أخذ الكاميرا الذهبية عام 1967 وهى جائزة للعمل الأول عن فيلمه «ريح الأوراس» ثم فى عام 1975 حصل على أكبر جائزة يرصدها المهرجان وهى السعفة الذهبية عن فيلمه «وقائع لسنوات الجمر» وللجزائر العديد من المحاولات مثل (البلديون) لرشيد بو شارب الحاصل على جائزة جماعية لأبطاله الأربعة وهى جائزة أفضل ممثل، كما أن الجزائرى مرزاق علواش له أكثر من فيلم مثل (سلام يا ابن العم)، وسبق للمخرج اللبنانى الراحل مارون بغدادى أن حصل فيلمه «خارج الحياة» على جائزة لجنة التحكيم الخاصة عام 1991 والمخرجة اللبنانية نادين لبكى شاركت مرتين واحدة فى أسبوعى المخرجين بفيلم (كراميل) والأخرى فى (نظرة ما) بفيلم (هلأ لوين) والمخرجة اللبنانية دانيال عربيد (معارك صغيرة) وفلسطين حصلت على جائزة التحكيم الخاصة للمخرج الفلسطينى إيليا سليمان عام 2003 عن فيلمه «يد إلهية»!!

فلسطين لها أيضاً مكانة فى المهرجان قبل إيليا سليمان من خلال ميشيل حليفى بفيلمه «نشيد الحجر» عام 1990 ورشيد المشهراوى بفيلمه الروائى الأول «حتى إشعار آخر» عام 1994 ثم بعد عامين شارك بفيلمه «حيفا».. والمخرج هانى أبو أسعد قبل ثلاثة أعوام بفيلمه (عُمر) وحصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة فى قسم (نظرة ما) تونس لها رصيد ضخم مع المخرجين «نورى بو زيد» بأفلامه الثلاثة «ريح السد» و«صفائح من ذهب» و«بيزنس» والمخرجة مفيدة التلاتيلى عام 1994 شاركت بفيلمها الأول «صمت القصور» الذى لعبت بطولته هند صبرى وكانت لا تزال طفلة وسبق لفريد بوغدير أن شارك بفيلمه «الحلفاويين» أما سوريا أسامة محمد بفيلمه «صندوق الدنيا»، ووقبل عامين (ماء الفضة) بمشاركة وئام بدرخان، والمغرب مثل نبيل عيوش (خيل الله) فى (نظرة ما ثم العام الماضى) (الزين اللى فيك) فى (أسبوعى المخرجين) حيث طالبوا أيضا فى المغرب بإسقاط الجنسية عنه بالتهمة الجاهزة الإساءة لسمعة البلد!!

(كل العرب يحبون كان وكان بيحب مين)؟!!

(خارج النص)

أعلن إبراهيم لٌطيف مدير مهرجان قرطاج من جناح تونس فى مهرجان (كان) عن احتفالية ضخمة باليوبيل الذهبى لقرطاج (50) عاما على إنشائه، فهو أقدم مهرجان عربى، وسوف تعقد أكثر من ندوة لتلك المناسبة التى تبدأ 24 أكتوبر، وهناك كما قال لى مدير المهرجان تكريم خاص للسينما المصرية.

مخرج (اشتباك) محمد دياب أكد لى أنه من المستحيل أن يكون معز مسعود قد طالب بخروج آمن لمحمد مرسى بينما هو كان من أكثر الأصوات التى أيدت 30 يونيو وبضرورة إزاحة الإخوان عن الحكم، ويحسبه الإخوان من جبهة الأعداء المطلوبين.

شاهدت 20 دقيقية من عدد من الأفلام الجديدة خلال عرض نظمه مهرجان (دبى)، بينها فيلما يسرى نصرالله (الماء والخضرة والوحه الحسن) وأحمد فوزى صالح (الأسماك تموت مرتين)، من الصعب بل المستحيل الحكم على فيلم طويل من تلك الدقائق ولكن ما شاهدته فى فيلم نصرالله كان مبهجا ومشجعا على الاستمرار، بينما صالح فوزى يقدم أجرأ فيلم تسجيلى مصرى، لاثنين هاربين من أحكام الإعدام فى أحداث نادى الأهلى والمصرى ببورسعيد!!

tarekelshinnawi@yahoo.com

المصري اليوم في

18.05.2016

 
 

اختيار "اشتباك" ضمن أفضل أفلام مهرجان كان السينمائي بموقع "هوليوود ريبورتر"

مي فهمي

اختار عدد من النقاد بموقع "هوليوود ريبورتر" فيلم "اشتباك" للمخرج محمد دياب، ليكون في قائمة أفضل 10 أفلام عُرضت ضمن فعاليات الدورة الـ69 من المهرجان حتى هذه اللحظة.

وقد وصف الموقع في تقريره عن أفضل 10 أفلام في مهرجان كان السينمائي فيلم المخرج محمد دياب بأنه "رؤية قوية ومرعبة للفوضى التي انجرت لها مصر"، وقد سبق للموقع نفسه، وصفه بأنه سيكون فيما من أحد أهم المواد البصرية التي توثق الوضع في مصر الحديثة، فيما حظى بإشادة نقدية عالمية وعربية بعد عرضه العالمي الأول في افتتاح قسم "نظرة ما" بالدورة الـ69 من مهرجان كان السينمائي والذي تبعه موجة حادة من التصفيق.

اشتباك يتناول حالة الاضطراب السياسي التي تلت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وهو من تأليف خالد ومحمد دياب مخرج الفيلم، وإنتاج مشترك بين فرنسا، مصر، ألمانيا والإمارات العربية المتحدة.

وتدور أحداث الفيلم داخل عربة ترحيلات تابعة للشرطة مكتظة بالمتظاهرين من المؤيدين والمعارضين، وتم تصوير مشاهد الفيلم في مساحة لا تزيد مساحتها بالحقيقة عن 8 أمتار، حيث يتفاعل عدد كبير من الشخصيات ضمن دراما تتضمن لحظات من الجنون، العنف، الرومانسية والكوميديا أيضاً

فريق التمثيل بالفيلم يضم نيللي كريم، طارق عبد العزيز، هاني عادل، أحمد مالك، أشرف حمدي، محمد عبد العظيم، جميل برسوم وآخرين

فيلم اشتباك هو ثمرة تعاون إنتاجي بين شركات عربية من العالم العربي وأوروبا هي فيلم كلينك من مصر بالاشتراك مع Sampek Productions من فرنسا، EMC Pictures من الإمارات، بالتعاون مع Arte France Cinema من فرنسا،Niko Film من ألمانيا، فورتريس فيلم كلينك من الإمارات، وPyramide International وتعاون فيه المنتجون معز مسعود، محمد حفظي، إيريك لاجيس، مع المنتج المشارك نيكول غيرهاردس، والمنتجين المنفذين جمال الدبوس ودانيل زيسكيند، بالإضافة إلى سارة جوهر زوجة دياب في دور المنتج الفني، وسوف تقوم بتوزيع الفيلم في العالم العربي شركة الماسة، بينما تتولى شركة Pyramide International توزيع الفيلم في فرنسا وباقي دول العالم.

موقع في الفن المصري في

18.05.2016

 
 

"اشتباك" في كان.. مصر كعربة ترحيلات

نوال العلي

إن كانت أحداث الفيلم المصري "اشتباك" تدور في ثمانية أمتار مربعة، هي "بوكس" عربة ترحيلات تابعة للشرطة المصرية، فإن هذه المساحة الضيقة كشفت عن مساحات أكبر وأكثر تعقيداً في نفوس وقلوب وعقول مجموعة متفاوتة التعليم ومختلفة الاتجاهات والانتماءات السياسية، شاءت الأقدار أن تجمعهم وتختبرهم في هذا المكان الضيّق في مظاهرات سنة 2013.

الفيلم الذي يشارك هذه الأيام في "كان"، والذي افتتح أول من أمس عروض برنامج "نظرة ما"، كان نجم الصحافة الثقافية الغربية وموضع إعجاب نقّاد سينمائيين، حيث قُدّمت فيه شهادات ربما لا تقل أهمية عن الحصول على إحدى الجوائز أو تنويه لجنة التحكيم، ذلك أن المراجعات الإيجابية التي تلقّاها تنوّعت بين الثناء على الفكرة والموضوع في إخراج محمد دياب (صاحب "القاهرة 678")، وتمثيل نيللي كريم وطارق عبد العزيز وهاني عادل وأحمد مالك.

تبدو مصر كلها وكأنها عربة ترحيلات في هذا الفيلم، محشورة وسط فوضى احتجاجات عنيفة وكل شيء وارد فيها، المفارقة أن السجن الصغير والعفوي هذا هو سجن متحرّك، يوجد فيه 25 شخصاً من الطبقتين الوسطى والفقيرة، الإسلامي والعلماني والعامل و"الدي جي" والمهندس والصحافي والممرّضة وطفلها والمراهقة المحجّبة بل والضابط معهم، لكن هناك شيئاً مشتركاً بين هؤلاء المختلفين ظاهرياً، إنهم أبناء البلد نفسه والشقاء نفسه، أبناء العيش في غياب العدل والفرص والحقوق.

"لا يختار العمل أن يشتبك مع أية مقولة سياسية ضد أخرى"

حركة عربة الترحيل تتيح للمخرج أن يرصد العالم الخارجي من نافذة صغيرة وأن يريه في الوقت نفسه للمتفرّج، حيث يشعر الأخير أنه محشور مع هذه الشخصيات في المكان نفسه ولا يستطيع أن يرى الأحداث إلّا من الفتحة ذاتها.

المشهد نفسه يقول الكثير عن دور المشاهدة الذي أصبح العالم كله شريكاً فيه ويلعبه في بيته أمام الشاشة التي يعتقد أنه يرى منها الحقيقة.

لا يختار "اشتباك" أن يشتبك مع أي مقولة سياسية على حساب الأخرى، ليس مع "الإخوان المسلمين" ولا ضدهم، ليس مع النظام ولا ضده، إنه فيلم عن لحظة تختفي فيها الأيديولوجيا ويحل محلّها تطلّع وحيد: النجاة ومواصلة العيش.

الفيلم كما يصفه المخرج في لقاء مع محطة "آي أر تي" الفرنسية يبحث في "أصل العنف"، إذ إن هناك دائرة مفرغة من العنف داخل السيارة، يساهم كل من فيها في تغذيته أو ممارسته أو لحظات من محاولات إيقافه، إلى أن يقترح السجناء على بعضهم في النهاية أن الخلاص قد يكون في الانضمام إلى "داعش" بعد خروجهم من هذا المأزق.

يتطلّع دياب إلى عرض الفيلم في القاهرة، لكنه يشك أيضاً في إمكانية ذلك. إذ يؤكد في اللقاء نفسه على صعوبة مرور العمل من الرقابة والحصول على إذن في المقام الأول، ثم يلفت إلى أن الفيلم يمكن أن يتم إيقاف عرضه حتى بعد الحصول على تصريح، والأخطر من ذلك، وفقاً لتعبير دياب، أن الأفراد يمكنهم مقاضاة المخرج أو الكاتب أو الفنّان، قد يرى أحدهم الفيلم ثم لا يحبه ويتهم المخرج أو الكاتب بالخيانة مثلاً أو ربما إهانة روح الأمّة! من يدري. فقد سبق وتعرّض المخرج لثلاث قضايا على فيلمه الأول "القاهرة 678" من أفراد، كانت فحواها أنه يُظهر مصر بصورة سيئة، تهمة أخرى كانت أن الفيلم يحرّض النساء على التمرّد والعنف.

"يعرض الفيلم في "كان"، لكن حظوظ عرضه في القاهرة قليلة"

يقول الفيلم شيئاً ما عن الجميع، ويتيح للجميع قول شيء ما، وقد يجعل الجميع يغضب من صورته في "اشتباك"، ولكن إذا كان غضب هذه الفئات المختلفة موزّعاً بالتساوي فقد بلّغ الفيلم إذن مقولته بأكبر قدر ممكن من العدالة والموضوعية. إنه عن اللحظة التي قد يتحوّل فيها أي بلد من العيش معاً إلى الحرب الأهلية، حين لا يمكن أن نرى الآخر سوى عدوٍّ.

يشارك في مهرجان "كان" هذا العام أيضاً عشرة أفلام عربية من بينها ثلاثة لبنانية هي: "ربيع" للمخرج اللبناني فاتشيه بولغورجيان، وفيلم "من السماء" لوسام شرف و"غواصة" لمنية عقل، ومن تونس فيلم "علّوش" للطفي عاشور، ومن فلسطين "أمور شخصية" للمخرجة مهى حج أبو العسل، وفيلم "شوف" للمخرج التونسي كريم دريدي، ومن المغرب فيلم "الهبات" للمخرجة هدى بنيامينا، وهناك أيضاً فيلم "دورة فرنسا" للمخرج الجزائري السوداني رشيد جعيداني، وأخيراً فيلم جزائري قصير بعنوان "قنديل البحر" للمخرج داميان أوتوري.

المتتبع لبرنامج المهرجان في الدورات الأخيرة، يلاحظ أن المشاركات العربية كانت متقطّعة، لكن السينما المصرية واللبنانية وجدتا مساحة في "كان" منذ سنواته الأولى، ففي عام 1952، شارك يوسف شاهين بفيلم "ابن النيل" ثم شارك فيلم "ليلة غرام" لأحمد بدرخان عام 1954، وبعد ذلك بأربع سنوات عُرض أول فيلم لبناني في المهرجان وكان "إلى أين؟" للمخرج جورج ناصر.

لكن آخر فيلم مصري شارك في الدورات السابقة قبل "اشتباك" كان عمل يسري نصر الله "بعد الموقعة"، والذي تناول الفترة نفسها التي يتطرّق إليها دياب في هذا الفيلم.

العربي الجديد اللندنية في

18.05.2016

 
 

«من أرض القمر».. السينما الفرنسية على طريقة غارسيا

«كان» ـ عبدالستار ناجي

تعتبر نيكول غارسيا واحدة من رموز السينما الفرنسية كممثلة ذات كعب عال وكمخرجة تمتاز باحترافيتها العالية بالذات على صعيد اختيار الموضوعات التي تمزج بين السينما والرواية. وخلال مسيرتها حققت سبعة أعمال سينمائية ونحن اليوم بصدد الفيلم الثامن وهو بعنوان «من أرض القمر» الذي عرض في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي.

 وقبل ان ننتقل للحديث عن الفيلم الجديد نشير الى ان من أبرز أعمالها يأتي فيلم «يوم احد طيب» 2014 و«بالون على البحر» 2010  و«صالون شارلي» 2006 و«بالس فاندوم» 1998 وغيرها من النتاجات التي رسخت حضورها كمخرجة محترفة تجيد صناعة أعمالها وادارة عناصرها الفنية.

الفيلم الجديد «من أرض القمر» يعتمد على نص روائي بنفس الاسم تعاونت نيكول غارسيا في كتابة السيناريو مع كل من جاك فيشي ونتالي كارتر. ويأخذنا الفيلم الى حكاية (غابرييلا  ـ ماريون كوتيار) القادمة من قرية صغيرة في جنوب فرنسا والتي تصل مع زوجها خوزية الى مدينة ليون برفقة ابنهما من أجل المشاركة في مسابقة لعزف البيانو وقبل الوصول الى مكان المسابقة، تقوم غابرييلا بالنزول من السيارة بعد ان تقرأ اسم احد الشوارع وعند الوصول الى العنوان الذي تعرفه تعود بها الذاكرة الى قريتها حيث كانت تعيش تحت مظلة أسرتها، وهي تعاني من ألم حاد يداهمها في خاصرتها. وتحاول ان تجذب اليها معلمها المتزوج ولكنه يرفض مما يجعل والدتها تفكر جديا في ان تزوجها لاحد العاملين في الحقول وهو من اصول اسبانية.

وحينما تتزوج تعترف لزوجها بأنها لا تحبه وأنها تزوجت بناء على رغبة أسرتها. وبعد ان تفقد جنينها الثاني نتيجة الألم الذي يداهمها في الخاصرة ينصح الجميع زوجها بأان يرسلها الى احدى المصحات السويسرية من أجل تفتيت حصوة كبيرة تستقر في كليتها. وفعلا تذهب الى المصحة ويطلب منها الاطباء البقاء في المصحة لستة اسابيع مما يدعو زوجها للعودة لارتباطه بعمل وايضا ببناء منزل الزوجة.

هناك تتعرف على ضابط فرنسي مصاب في الحرب الفرنسية الصينية «اندوشين» وهو يعاني من ألم موجع يجعله دائما تحت المخدر لتخفيف الألم وتتطور العلاقة بينهما بحضور احد المساعدين من أصول صينية . ضابط يعيش أيامه الاخيرة يحبها وهي تبادله الحب تعويضا عن الحب الذي لم تجده عند زوجها الذي صارحته منذ البداية بأنها لا تحبه ونتابع الأيام الاخيرة للضابط الذي يذهب ذات يوم الى احدى المصحات في ليون. مما يجعلها تفقد الأمل به ولكن بعد ايام يعود اليها الضابط لتصل العلاقة بينهما الى ذروتها حتى حينما تنجب طفلا تعتقد بانه نتيجة لعلاقتها بالضابط الذي كان يحب العزف على البيانو الموسيقى الكلاسيكية ولهذا تحاول ان تعلم ابنها العزف على البيانو حتى يصبح عازفا مرموقا.

وتعود بنا الحكاية من جديد الى اللحظة التي ذهبت بها الى العنوان قبيل حضور المسابقة لتكتشف من الضابط الصيني المرافق للضابط المصاب الذي ارتبطت به عاطفيا بأنه قد توفي منذ اليوم الذي نقل به الى ليون وانه لم يعد من جديد الى المصحة وعندها تحاول ان تكتشف الحقائق حيث تكتشف بأنها كانت تعيش وهم عودته وان الطفل الذي حملت بانه كانت نتيجة علاقتها مع زوجها حيث زارها أكثر من مرة في المصحة حتى انها قامت بالتقاط صورة على ان الضابط الى جوارها وحينما تذهب الى حقيبتها القديمة لتكشف انه لا أحد الى جوارها في الصورة وان الصورة لها وحدها فقط وهذا ما يؤكد لها انها كانت تعيش وهم العلاقة.

وحينما تسأل زوجها عن حقيقة ما جرى يخبرها بأنه تركها تعيش كما تريد لأنه يريدها ولهذا أمن لها كل شيء ولابنهما حتى انه وافق على خيالاتها التي ذهبت الى أبعد من المعقول والمنطق.

أداء متميز للنجمة الفرنسية ماريون كوتيار وهو ليس بالامر المستغرب عليها وهي من فازت بالأوسكار عن الفيلم التحفة الحياة الوردية حيث تقمصت شخصية المطربة الفرنسية اديث بياف . معها في الفيلم لويس جاريل بدور الضابط واليكس برندمهل زوجها خوزية.

فيلم فرنسي على طريقة المخرجة نيكول غارسيا حيث الدراما السينمائية والحكاية المقرونة بالغموض والاسرار وايضا الرحلة التي تطوف بنا من جنوب فرنسا الى ليون ثم سويسرا في مساحة بصرية تسعد المشاهد.

ويبقى ان نقول.. نيكول غارسيا تصنع ما تريد بطريقتها ومواصفاتها التي تمتع جمهور السينما والتلفزيون على حد سواء.

المودوفار مخيب، والبرازيلي «اكواريوس».. كأن للأمكنة أرواح كما البشر

«كان» ـ هدى ابراهيم

في شريطه «جولييتا»، المشارك في المسابقة الرسمية، قدم الأسباني بيدرو المودوفار، فيلما عاديا جدا يركز خصوصا على العلاقة المعقدة بين شابة وأمها ويلمح الى جهل الآباء بالمشاغل التي تعتمل في روح أبنائهم، لكن المخرج الأسباني الأشهر عالميا، لم ينجح في اضفاء طابع انساني شامل على تلك العلاقة تجعل المشاهد يتعاطف معها ويأخذه اليها، بل ظلت حكايته اسيرة ذاتها وبلا تفصيلات أخرى أو انفعالات تمتد لتمسك بروح المشاهد، رغم ان هذه السمة برزت في الكثير من أفلامه.

ويأتي عمل المودوفار الجديد بعد سقوطه الرهيب في عمله السابق، «العشاق العابرون» الذي يعتبر أسوأ أفلام المودوفار على الاطلاق، وهو الذي سبق له نيل سعفة مهرجان كان السينمائي عام 2009 عن شريطه «كل شيء عن أمي»، ويبدو ان حال الابداع السينمائي هو هذا، لا يمكن ان يظل على نفس السوية.

في «جولييتا»، مع ذلك، يعثر المشاهد على نفس مفردات اللغة المودوفارية، المنسوجة من دواخل ملونة وازياء شمسية فرحة بالالوان تتسع لعلاقات عاطفية تنمو بسرعة وتتعدد باستمرار.. هناك ايضا الأم التي صورها في اكثر من فيلم في السابق، لكن شريطه هذا يفتقد نكهة خاصة، نكهة البدايات وحميتها، ونكهة النضج الذي اعقب، لذلك يمر شريطه عاديا في حمى السباق.

ورغم جودة عدد من الأفلام التي قدمها مخرجون مخضرمون صنعوا مجد مهرجان كان في السنوات الماضية، مثل أعمال كين لوتش، وجيم جرموش الجديدة، بدت أفلام المودوفار وآلن ديلون، باهتة مكررة ليأتي التجديد هذا العام من مخرجين يقدمون أعمالهم الاولى (لا اقصد الفيلم الاول)، ويحملون نبضا مختلفا الى سيل الفن السابع المتوالي.

من هؤلاء، الألمانية مارن آد التي لا زالت في قمة سلم الاعجاب لدى النقاد عن مشاركتها والبريطانية اندريا ارنولد والكندي كزافييه دولان، والايراني اصغر فرهادي، واعمال هذين الاخيرين تعتبر من الأفلام المرتقبة التي لم يتم عرضها بعد، لكن التي تعلق عليها الآمال لناحية أفلام القمة.

من بين هؤلاء الجدد الذين يعتبرون فخر اكتشافات مهرجان كان السينمائي هذا العام، المخرج البرازيلي كليبير مينوزا فيلهو، المشارك بشريطه «اكواريوس ـ AQUARIUS»، وهو الشريط الروائي الثاني له بعد أعمال وثائقية وقصيرة.

والواقع ان حضور السينما البرازيلية في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي امر نادر، لذلك يعلق كثيرون اهمية كبيرة على هذه المشاركة.

المخرج كليبير مينوزا فيلهو، يعيش في مدينة «ريسيف» شمال شرق البرازيل وفيها صور احداث شريطيه الاول والثاني الذي نحن بصدده.

في «اكواريوس» استعار المخرج عنوان الفيلم من اسم بناء تسعى احدى شركات العقارات الكبيرة لامتلاكه بهدف تحويله الى برج عملاق، لكن سيدة تسكن البناء ترفض بيعه للشركة وتصمد على قرارها رغم عمليات الترغيب والترهيب وشتى الضغوطات التي تمارس عليها.

في ثلاثة فصول ومقدمة يتوقف الفيلم عند سيرة هذه المرأة التي تؤدي دورها بابداع كبير، الممثلة صونيا براغا، لتقف منفردة في مواجهة شركة عملاقة تريد اكتساب مزيد من المال عبر المتاجرات العقارية وعمليات الهدم الوحشية التي تغير وجه المدينة، خصوصا واجهتها البحرية المطلة على المحيط.

 كلارا ترفض باصرار وحزم بيع منزلها فيتوقف مشروع الشركة ولا تتمكن من هدم البناء الصغير.

من خلال حياة ويوميات كلارا يثير المخرج بشكل واقعي موارب وغير مباشر قضية التحولات غير المخطط لها التي شهدتها البرازيل خلال مرحلة النمو الاقتصادي قبل سنوات قبل ان يحد منها من جديد تراجع التنامي الاقتصادي لهذا البلد.

هذه التحولات، يقول المخرج، قضت على أجمل ما في المدن البرازيلية من عمران لتحل محله غابات الباطون العملاقة ومعها أسلوب الحياة المختلف الذي يتماشى وطبيعتها.

كأن للأمكنة أرواح كما البشر، وكأن المنازل تشبه سكانها. في الفيلم، يبدو عمر العمارة الصغيرة من عمر تلك المرأة الستينية تقريبا، وتمسّك كلارا ببيتها هو تمسكها بتاريخها الشخصي وذكرياتها التي تستدعيها فتهرب اليها صورة الفيلم مختصرة حصار العمارات الشاهقة اليها، لتصبح ملجأه.

التمسك بالبيت عندها، هو تمسك بهذه الذكريات، حيث ولد ابناؤها وتربوا وكبروا قبل ان يغادروا المنزل الذي تقرر هدمه ليس لانه لم يعد صالحا بل لاطماع مادية لدى كبريات شركات العقار الاستثمارية.

تركها البيت يعني تركها لنمط الحياة الذي عاشته، لذلك تقول انها لن تترك بيتها، الا ميتة، أما في حياتها فيمتزج واقعها وراهنها بالذكريات، كلاهما يسيران معا في خط مستقيم ويمتزجان.

كلارا اصلا، ناقدة موسيقى متقاعدة، وكما الذكريات فإن فضاءها الداخلي يعبق بالموسيقى بشكل مستمر وفي تناقض حتمي مع الخارج الذي لا يتوقف ضجيجه، وحيث الكل يحتفي بالمادة بدل ان يحتفي بالحياة وهذا ما تحسن فعله هي وجيلها.

وفي المواجهة التي تبدو أقرب الى الحرب الباردة بين الطرفين، تبدو هي الأقوى في صراع الإرادات كونها تتسلح بإنسانيتها في مواجهة الخراب، وتصمد، ويتحول الصراع بحد ذاته الى صراع بين انماط عيش مختلفة، نمط مادي مستجد ونمط أقدم تسوده القيم وينقرض رويدا، تماما، مثل تلك الطبقة الارستقراطية التي تنتمي اليها العائلة أصلا.

أما التوتر الذي ينشأ من الخلاف بين النمطين فهو الخيط الذي يشد سكة الفيلم بينما ينسج المخرج البرازيلي مفردات لغته من خيوط الواقعية الجديدة التي عادت لسينما البرازيل وأميركا اللاتينية عموما.

 معاني الفيلم تتخطى بكثير تلك المدينة البرازيلية إلى بقية المدن التي واجهت نفس المصير، ومدن العالم الأخرى ومنها بيروت، التي واجت تماما نفس المصير: «انه قانون السوق في عالم اليوم الساعي الى اجبار المستهلك على شراء الكثير من الاشياء التي لا يحتاجها» يقول المخرج متناولا موجة الاستثمارات العقارية الطاغية هذه.

غني عن القول ان مثل هذه المشاريع تكرر في الكثير من المدن البرازيلية، لكن أيضا في وسط بيروت، وفي بعض أماكن القاهرة الاثرية وكثير من أانحاء العالم التي تتشابه في زمن العولمة هذا.

هذه المباني ذهبت وأخذت معها تاريخها. إزالتها تعني إزالة تاريخ المكان وتغيير روحه.

 كأنهم يريدون لكل هذه الموسيقى التي تسكن البيوت أن تسكت الى الابد، لأجل المصالح الخاصة، بينما السلطات الرسمية لا تتخذ اية اجراءات ضد ذلك، لتصبح شريكا في الجريمة.

«اكواريوس» شهادة جميلة ومؤلمة عن هذا الخراب الاضافي الذي يتوالى وبوجوه وصور كثيرة في قرية كبيرة اسمها العالم.

لا سعفة ثالثة للاخوين داردين في مهرجان كان السينمائي هذا العام

«كان» ـ هدى ابراهيم

بانتظار الفيلم المنتظر جدا والذي يعرض هذا المساء ضمن المسابقة الرسمية مسجلا المشاركة الثانية للكندي كزافييه دولان في مسابقة أهم مهرجان في العالم، قدم مهرجان كان السينمائي في اليوم الثامن من عروضه فيلم الاخوين البلجيكيين جان-بيار ولوك داردين، الحائزين مرتين على السعفة الذهبية فضلا عن جوائز أخرى والمنتميين لنادي كبار المخرجين الحصري الدائم الحضور في مهرجان كان.

لكن الأخوين داردين، لا يتوقع لهما الفوز بسعفة ثالثة أو بجائزة كبيرة من جوائز المهرجان الذي لا زالت مسابقته الرسمية تخبىء المزيد من الافلام الهامة والمرتقبة مثل فيلم «البائع» للمخرج الايراني اصغر فرهادي، وفيلم «الوجه الأخير» للاميركي شون پين، وفيلم «ذا نيون ديمون» لنيكولا ويندن رافن وفيلم «هي» لبول فرهوفن. هناك ايضا فيلم «بكالوريا» للمخرج الروماني كريستيان مانجيو الذي سبق له هو ايضا الحصول على السعفة عن شريطه «اربعة اشهر، ثلاثة اسابيع ويومان»، كل ذلك في دورة تعتبر ممتازة في معظم افلامها.

في شريطهما الجديد «الفتاة المجهولة الهوية»، لا يبتعد الاخوان إطلاقا عن نطاق السينما الاجتماعية الواقعية التي انتهجاها في اعمالهما والتي منحتهم السعفة الأولى عام 1999 عن شريط «روزيتا» الذي عالج في حينه البطالة وانعكاساتها الاجتماعية والثانية، عام 2005  حين انتزعاها عن فيلم «الطفل»، وهما اوكلا دور البطولة هذه المرة الى الممثلة آديل هاينل، لتؤدي دور الطبيبة الشابة فتلتصق بها كاميرا الأخوين في كل لحظة من لحظات الفيلم.

وتؤدي هاينل دورها الى جانب ثلاثة من الممثلين المعتادين في أفلام الاخوين، جيريمي رينييه، فابريزيو رونجيون (يلعب معهم للمرة السادسة) واوليفييه غورمي، الذي حقق معهما جائزة افضل ممثل عن دوره في شريط «الابن» (2002).

الممثلة آديل هاينل في فيلم «الفتاة المجهولة»

الفيلم صور في مدينة لياج البلجيكية وفيه لا يتخلى الاخوان عن قاموسهم السينمائي المعتاد، لكن الطبيبة تتخلى عن موقع مهم في مستشفى للعمل في عيادة في حي شعبي، حيث تكثر الحاجة اليها، ما يعبر عن التزامها وشغفها بعملها وهي في بداية مسيرتها المهنية.

غير ان حادثا تتعرض له الطبيبة «جيني» بسبب موت شابة لم تفتح لها باب العيادة، بعد انتهاء الدوام، والوقت المتأخر شكل لها عقدة ذنب لا تنجح في تجاوزها الا حين تتحول الى نوع من تحرّ يبحث بشكل دؤوب عن الجاني، في محاولتها اصلاح خطئها والتكفير عن ذنبها او ما تعيشه على انه ذنب.

«جيني» بطلة عادية تعمل في حيز مهمش، تبدو باردة من دون عواطف لكنها في العمق تخوض صراعا دائما بين دورها الموضوعي كطبيبة وبين عواطفها حيال ما تواجهه، فالكاميرا تتبع جيني الى بيوت مرضاها لتكشف عمق المجتمع في ضاحية مدينة لييج البلجيكية، حيث الفقر والعوز والوحدة وتفكك الروابط، وهي قضايا طالما توقف عندها الاخوان.

«اذا كنت تريد ان تصبح طبيبا جيدا عليك ان تترك انفعالاتك جانبا» تقول الطبيبة الشابة للطبيب المتدرب الذي تشرف عليه. في مقابل ذلك، تمتلك الطبيبة قدرة عالية على الاستماع لاجساد مرضاها وتنفذ عبر ذلك لارواحهم التي تتألم قبل الجسد. شيئا فشيئا يتحول البحث عن اسم تلك الفتاة المجهولة غير البالغة الى هاجس يرافق «جيني» ليل نهار الى ان تمسك تدريجيا بخيوط ما جرى.

يقول الاخوان داردين ان الفكرة كانت ستطبق اساسا على شرطي لكنهما ارادا الابتعاد عن فيلم من النوع البوليسي.

يهمل الاخوة داردين كعادتهما الحديث عن اي تفصيل آخر يتعلق بحياة «جيني» سوى ذلك المتعلق بمهنتها، لا يعرف المشاهد اي شيء عن حياتها العاطفية او اهلها او هواياتها.. كل ذلك يعتبر من نافل القول، وهذه ايضا خاصية من خصائص السينما التي تميز الأخوين، داردين، كل تفصيل خارج عن الاطار المحدد يتم اسقاطه.

ويحسب للفيلم الدقة التي لعبت بها الطبيبة دورها ويبدو ان الاخوين اجريا مقابلات كثيرة مع الاطباء كما حضرت طبيبة صديقة لهما التصوير لتصويب الدور الاساسي، وهذا واضح جدا في الفيلم.

لا سعفة ثالثة للاخوين داردين

لكن ورغم عدد من الجوانب الايجابية، يشكو الحدث، في مواطن عدة، من بعض التباطؤ خاصة بعد مضي نصف الساعة الاولى من الفيلم، اذ يعاني السيناريو من مشكلات بنيوية يصعب قبولها خاصة حين تقوم الطبيبة بتحقيقها الخاص وتصل الى النتيجة قبل الشرطة.

رغم جودة العمل، وبسالة الجانب الانساني الملح في شخصية الطبيبة فان شريط الاخوين داردين لم يسحر احدا من جمهور الكروازيت وهو مرشح كما فيلم المودوفار لان يبقى في أسفل سلم الاعجاب والسعف، اقله، من قبل النقاد الذين شاهدوه والذين صفر بعضهم بخفر احتجاجا خلال عرض الصباح.

كما ان «الفتاة المجهولة» يبتعد عن حرارة السينما، وعن الجاذبية التي ينطوي عليها هذا لشدة الرغبة في الواقعي، الى درجة نسيان السينما وكل ما يمكن ان تخلقه من سحر.

فيلم «انقلاب» الايراني، دراما اجتماعية تغيب عنها اللمسة الخاصة

«كان» ـ هدى ابراهيم

سجلت ايران اليوم دخولها الرسمي الى مهرجان كان حيث قدم فيلم «انقلاب» للمخرج بهمان بهزادي ضمن تظاهرة «نظرة ما» بحضور منتجة الفيلم الايرانية عضوة لجنة التحكيم كاتايون شهابي واعضاء آخرين من لجنة التحكيم وعلى رأسهم جورج ميللر وبجانبه فاليريا غولينو وكيرستن دانست.

ومهد المندوب العام لمهرجان كان السينمائي بالقول انه «كان يمكن برمجة اربع أو خمس افلام ايرانية من نوع «انقلاب» لكن المنتجة التي نعمل معها من سنوات طويلة كتايون شهابي، حتمت هذا الاختيار».

من ناحيته قدم المخرج لفيلمه بالقول ان المبدع يقف مع عمله منفردا في ايران وانه انجز العمل بكثير من الشغف وحب السينما مطالبا الجمهور مبادلة الفيلم نفس هذا الحب.

احداث «انقلاب» تدور في طهران اليوم، حيث يسود التلوث مجبرا نيلوفار، البالغة من العمر 35 عاما والتي تعيش بمفردها مع امها المريضة، باحتباس رئوي على محاولة مغادرة طهران، كما امر بذلك الطبيب حفاظا على حياتها، الامر الذي سيقلب حياة نيلوفار رأسا على عقب خاصة حين يحاول اخوتها المتزوجون جميعا اجبارها على مرافقة الوالدة نحو الشمال.

«انقلاب» دراما اجتماعية تصور طبيعة العلاقات وتحولاتها في قلب المجتمع الايراني حيث يحاول الاهل والاخوة مصادرة قرار الافراد الاصغر في العائلة وهو ما يشكل مصدر معاناة لنيلوفار التي تمتلك مصنع خياطة حافظت عليه بكثير من الجهد والعمل المسمر لمدة عشر سنوات.

يبدو الاخ في الفيلم متسلطا متفردا في القرار ما يسبب صراعا بينه وبين اخته التي تصر على الاحتفاظ بحريتها واستقلال قرارها وتقاوم.

وينفتح الفيلم على الكثير من القضايا والعلاقات الاجتماعية، لكن مخرجه لا ينجح في اخراجه من شكلانية ما، سيطرت عن العمل وحرمته من اية لمسة خاصة تستحق التوقف عندها او اية بوادر للغة سينمائية خاصة تميز هذا الفيلم الايراني عن غيره، رغم حسن اداء جميع الممثلين. طرح القضايا وحده لا يكفي لتكون السينما، هذا الفن الذي يتطلب دائما اضافات ابداعية خاصة ومجددة وتلامس المتلقي.

استقبال جاف لفيلم «بيرسونال شوبر» لأوليفييه أساياس في «كان»

«كان» ـ الوكالات: سينماتوغراف

تجاهل المخرج أوليفييه أساياس والممثلة كريستين ستيوارت الاستقبال الجاف الذي قوبل به العرض الأول لفيلم «بيرسونال شوبر» الذي ينافس على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي.

وصدرت صيحات استهجان من بعض الحاضرين في عرض خاص لوسائل الإعلام والعرض العام حيث يبدو أن المشاهدين أحبطوا من النهاية التي تصور ستيورات على أنها متسوقة شخصية في باريس تحاول التواصل مع شقيقها المتوفي.

وترى أشباحا وتستقبل رسائل نصية غامضة وتجد نفسها متورطة مع قاتل همجي وهي تعاني مما وصفته ستيوارت بأنه «أزمة هوية».

وقال أساياس في مؤتمر صحفي أمس الثلاثاء «للأفلام حياتها الخاصة. الناس لديهم توقعات للفيلم ثم يجدون أن الفيلم شيئ آخر».

ولا يحاول الجمهور في كان إخفاء عدم رضاه.

وأضاف أساياس «يحدث هذا لي من حين لآخر عندما لا يفهم الناس النهاية». وحاز الفيلم اهتماما طيبا من النقاد».

أفلام الواقع الافتراضي تصل إلى «كان» وسبيلبرج يدق ناقوس الخطر

«كان» ـ الوكالات: سينماتوغراف

وصلت صناعة أفلام الواقع الافتراضي إلى مهرجان كان السينمائي هذا العام إلى جانب الأفلام التقليدية. وخصص جناح بالمهرجان لهذه التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد حيث تعرض أفلام الواقع الافتراضي وتناقش في إطار جلسات «مسيرة السينما».

ومن بين من يعرضون أفلام الواقع الافتراضي -وكلها أفلام قصيرة يتعين أن يرتدي مشاهدها نظارات خاصة- اريك دارنيل الذي شارك في إخراج فيلم «مدغشقر» والذي يعرض فيلما مدته ست دقائق بعنوان «إنفيجون» يحكي قصة عالم أسطوري تغزوه كائنات فضائية يتغلب عليها أرنب.

وقال دارنيل لرويترز «الأمر في رأيي ليس مجرد تطور للسينما بل إنه شيء قائم بذاته ويتعين علينا أن نكتشف ما لدينا من أدوات».

وأضاف «إنها بالفعل لغة جديدة تماما».

ومن أفلام الواقع الافتراضي الأخرى المعروضة في كان «جاينت» الذي تقول مخرجته مليكا زيك إن التجربة ثلاثية الأبعاد تعني أن المتفرج يمكنه أن يختار إلى أين سينظر وما سيشاهد.

وأضافت «يتعين عليك أن تفكر أن أمامك 360 درجة يتعين عليك مشاهدتها… عندما تشاهد فيلما تقليديا تكون الشاشة أمامك لكنك هنا تشعر وكأنك داخل الشاشة كمشاهد».

ويتفق دارنيل وزيك على أن هذه التكنولوجيا ما زال أمامها طريق طويل يتعين أن تقطعه لكن أفلام الواقع الافتراضي ستصبح ذات يوم هي الأفلام المعتادة.

لكن لم تعجب الفكرة الجميع. فقال المخرج ستيفن سبيلبرج إن مثل هذه الأفلام «تترسخ بشكل عميق» لكنه أضاف «أنها وسيط ينطوي على خطورة»، وتابع في مقابلة «السبب الوحيد الذي يجعلني أصفها بالخطورة هو أنها تتيح للمشاهد حرية حتى لا يأخذ توجيهاته من راوي القصة بل يختار إلى أين ينظر».

سينماتوغراف في

18.05.2016

 
 

صناع «اشتباك» يتحدثون «للأهرام» من مهرجان كان

محمد دياب: سعيد بما حققناه والفيلم إنسانى ولا ينحاز لأحد

رسالة كان: أسامة عبد الفتاح

ما زالت الأصداء الطيبة وردود الفعل الإيجابية على مشاركة الفيلم المصري «اشتباك» في الدورة التاسعة والستين من مهرجان «كان» السينمائي الدولي، واختياره لافتتاح قسم «نظرة ما» الرسمي، تتوالى بين ضيوف المهرجان - الذي يُختتم الأحد المقبل - وجمهوره والصحف ووسائل الإعلام العالمية التي أشادت به ومنها «فارايتي» و«هوليوود ريبورتر» و«بريميير» وغيرها.

وأدلى صناع الفيلم بتصريحات خاصة للأهرام في «كان» قال فيها مخرجه وأحد كتابه محمد دياب إنه سعيد للغاية بما حققه الفيلم وباستقباله بهذا الشكل المشرف بأكبر مهرجانات العالم، موضحا أنه يعتبر العمل إنسانيا وليس سياسيا على الإطلاق، حيث يتناول عدة نماذج إنسانية تمر بموقف صعب ويرصد ردود أفعالها في أزمة بعينها.

وعن مشاركة الداعية معز مسعود في الإنتاج، قال محمد حفظي، أحد منتجي الفيلم، إنه لا يجد أي مشكلة في ذلك، واستطرد: «ما العيب في أن ينتج داعية فيلما؟ أنا مهندس وأنتج أيضا».

وأضاف أن مسعود أنتج من قبل للتليفزيون برامج معروفة وحققت نسب مشاهدة عالية دون أن يعلق أحد على ذلك، مشيرا إلى أن معز كان في المشروع قبله وقرأ السيناريو وتحمس له قبله نظرا للعلاقة الطيبة التي تربطه بمحمد وخالد دياب.. واختتم تصريحاته قائلا إنه من المعروف أن مسعود ليس محسوبا على أي تيار سياسي أو غيره، وأنه من المؤيدين الفاعلين للثورة المصرية.

ومن ناحيته، أبدى خالد دياب، الذي شارك في كتابة السيناريو، دهشته من كل ما يُثار، وقال إن الفيلم وصل للعالمية وأصبح واجهة مشرفة لمصر والسينما المصرية.

وكان البعض - كعادتنا دائما في إطفاء أي فرحة عامة بأي طريقة - قد حاول استغلال مشاركة الداعية معز مسعود في إنتاج «اشتباك» وتسييسها لإفساد سعادتنا بضمه للاختيارات الرسمية في «كان» ليتحول فجأة فخرنا بهذا الحدث إلى «تحريات بوليسية» عن أسباب ومقاصد إقدام داعية «إسلامي» على إنتاج فيلم سينمائي، وأسباب ومقاصد قبول صناع الفيلم هذا التمويل.!

وأجمع من استطلعت آراؤهم من النقاد والصحفيين العرب في «كان» أن ما يعنينا هو الفيلم نفسه.

والمعروف أن الفيلم يدور في الأيام التي تلت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وفي ذروة الحر والاشتباكات بين مؤيدي النظام الجديد وأنصار الإخوان، وتحديدا داخل سيارة ترحيلات تابعة للشرطة تجمع بلا تمييز كل من هو مشكوك فيه في الشارع الملتهب بمظاهرات هنا وأخرى هناك، في فرصة سينمائية عظيمة للجمع بين شخصيات شديدة التناقض والاختلاف وصياغة دراما أرسطية حامية ومعقدة تلتزم بوحدات المكان والزمان والحدث.

وساعد دياب على تنفيذ الشق التقني الصعب مجموعة من الفنيين المهرة في التصوير والمونتاج والصوت، فضلا عن مجموعة الممثلين الذين يجعلونك تدخل السيارة معهم وتنسى أنهم يمثلون، ومنهم نيللي كريم وهاني عادل وطارق عبد العزيز وأحمد مالك وأحمد داش.

«اشتباك» فيلم يسعى لحكم مصر ...كما يقول مخرجه ..!!

سعد سلطان

ما الذي ننتظره من فيلم يقول مخرجه أنه” يحلم بيوم يحكم فيه مصر شخص من الثورة، ويرى إن “اشتباك“.. خطوة قوية نحو ذلك اليوم..! (كلام الإخوان الجدد..ملحوظ ومتفق عليه) ثم ما الذي ننتظره من مخرج يعلن على صفحته ”إذا كان الإيطالي أبو باسبور اتحاد أوروبي اتعذب ٧ أيام واتقتل... يمكن كفنان بقيت خايف بس كمواطن أنا مرعوب.. “فذلكه وادعاء وايضا كلام اخوانى صرف”.. اضف الى ما سبق ان ”محمد دياب” مؤلف ومخرج وشاعر.. وناشط ومفجر ثورات وصاحب افلام للمهرجانات بتمويل متعدد الجهات..!! اذن ما الذى يجعلنا نثق فى رؤيته حينما يتناول امرا او قضية تخص الجيش والشرطة؟ وكيف نثق والمواقع الاخوانية تحتفى بالفيلم وكانها غزت العالم..؟؟

هل لان “كان” اختاره للعرض فى قسم من اقسامه؟

مهرجان.. «كان» سبق واحتفى بيوسف شاهين ولم تقم هذه الضجة, وقبل اربعة اعوام شارك فيلم «بعد الموقعة» ليسرى نصرالله فى المسابقة الرسميه, ودياب ليس بشاهين ولن يكون نصر الله.. فأغلب من شاهدوا فيلمه لم يبشروا بعبقريته وعظمته, الناقدة هدى بركات براديو مونت كارلو قالت المشكلة فى فيلم “اشتباك” ان كنا نتفق مع المخرج فى ضرورة عدم اطلاق الاحكام من موقعه كمخرج وفى الفيلم كونه يحاول تمرير رسالة تدين العنف لكنه يبقى غامضا فى احيان كثيرة.. وتضيف ان العمل «حمل مقاطع كاملة من الصراخ الذى لا يتوقف وكأن المصريين ما عادوا قادرين على الكلام مع بعضهم بشكل طبيعى خارج هذا الكم الهائل من الصوت الصارخ»..

الناقد سمير فريد كتب ايضا «ان سبعة نقاد شاهدوا الفيلم منحه ثلاثة منهم درجة فقير وواحد جيد وواحد وصفه بالردىء».. اذا كان هذا هو مستوى الفيلم فما الهدف منه ومن مشاركته في «كان» ومن حوارات مخرجه مع الصحف الامريكية التى تتولى ترتيبها شركة علاقات عامة امريكية ان لم يكن الترويج لفكرة العنف فى مصر؟؟!! ولماذا خرجت فرانس 24 لتقول عن الفيلم «هذه صورة مصغرة عن مصير المجتمع المصري في حال استمرت الأمور على ما هي عليه» هذه هي صورتنا وثورتنا ضد الاخوان يراها ذلك «الصبي» مجرد سيارة ترحيلات.. ويضعنا امام العالم كاننا في حرب اهلية ..!!

وحينما تجتمع كل هذه المؤشرات طبيعي ان يقطر الفيلم سما زعافا ولا تنتظر ان يطرح سؤالا: هؤلاء لماذا قبض عليهم؟ ولماذا جاءتهم سيارة الترحيلات القاتله؟؟ ولماذا لم يأخذنا الفيلم لاخوان المخرج واخواله وهم يحملون الرشاشات فى الشوارع ويلفون الناس بالدم وما زالوا..

باختصار هذا الفيلم يأتى ضمن سياق أفلام التمويل التى باتت تنشط ضد مصر هذه الأيام (موسم افلام الهجوم علي الجيش والشرطة.. الحته دى فيها فلوس اليومين دول.. والهليبه لازم يشتغلوا) ولذا يتم الاحتفاء بالفيلم وعلى نطاق واسع من المواقع الاخوانية وسيلف الفيلم المهرجانات فى العالم مشاركا باسم مصر وهذا هو الخطر الاشد وكأن الاخوان هم من يحملون اسم مصر فنيا ..!!

ثم ما الذى ننتظره من فيلم منتجه الداعية معز مسعود والذي كتب في أوائل يناير 2012 مقالاً في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية يؤكد فيه أن «العسكر» يهددون مكاسب الثورة، وإن لم يحذروا ستواجه الحكومة الجديدة صراعًا طويلًا على السلطة، وكان عنوان المقال «القادة المؤقتون يهددون مكاسب ميدان التحرير.....» فهل شارك فى «كان» وسط قدمى جوليا روبرتس الحافية, وفتحة فستان امل كلونى رغبة ايضا فى هدايتهما وللوصول بهما الى الجنة...!! وهل سنضيف الى كم الالقاب الكثيرة ــ التى يحملها هذا الاصفر اللون ــ لقب الداعية والمنتج السينمائى ..

تحكى الكاتبة نشوى الحوفى انها لحظة اعلان نتيجة فوز مرسى كانت فى استوديوهات البى بى سى وسمعت فجأة هتاف الله اكبر من اثنين داخل الاستوديو واذا بهما عمرو خالد ومعز مسعود.. وفيما الاول انكشف وبان لا يزال الاخر حية تسعي.. انهم الاخوان الجدد ملونون ومزيفون واصحاب وجه اصفر مريض.

حسب رواية فرانس 24 فان النسخة النهائية للفيلم لم تقدم لهيئة الرقابة على المصنفات الفنية.. لأن المخرج يتسائل.. كيف ستكون ردة فعل الرقيب تحت نظام لم يتردد في الآونة الأخيرة في حبس الكاتب أحمد ناجي.. اذن هو يستبق معركة مع الرقابة لمزيد من الجدل.

قبل عامين رشح الفيلم الوثائقى الميدان للاوسكار السادس والثمانين وتم الاحتفاء به ايضا كما «اشتباك» لانه هاجم بشدة المجلس العسكرى ابان مسئوليته عن حكم البلاد وعقب تنحي مبارك, ولذا نال الفيلم جائزة نقابة المخرجين الامريكيين لافضل مخرج... على أنه فيلم مصرى فيما كانت مخرجته وابطاله مزدوجى الجنسية..!! ورغم كل الجوائز والحفاوات ذهب الفيلم واثره وصناعه الى الجحيم.. وهو نفس المصير الذى ينتظر دياب والداعية السينمائى مسعود.

الأهرام اليومي في

18.05.2016

 
 

 برنارد هنري ليفي يفرض فيلمه «بيشمركه» على برنامج المهرجان

هل خضع مهرجان «كان» السينمائي الفرنسي لإرادات سياسية؟

راشد عيسى - باريس- القدس العربي:

فوجئ جمهور ومتتبّعو مهرجان كان السينمائي، المنعقد حالياً، ولعشرة أيام، في الجنوب الفرنسي، بحشر فيلم الكاتب الفرنسي برنارد هنري ليفي الذي يحمل عنوان «بيشمركه»، بعد أيام على افتتاح المهرجان، وإعلان برامج عروض أفلام المسابقة الرسمية. الأمر الذي استنكره كثيرون، فمن جهة، شعر الجميع بأن يد الضغوط السياسية استطاعت أن تفرض نفسها على العروض، ما يجعل المهرجان برمّته عرضة للتشكيك، ومن ثمّ بسبب سماح الأكراد لكاتب عرف بتطرّفه وعدائه الشديد للإسلام ومناصرته لإسرائيل، أن يتولى هو تحقيق هذا الفيلم بعد أن جال على مختلف جبهات المعارك التي يخوضها الأكراد ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».

وقد برر المهرجان العريق إضافة فيلم «بيشمركه» (إنتاج فرنسي، 92 دقيقة) بقوله “هذا الفيلم، الذي اكتشفناه للتوّ، صوّر بالقرب من المحاربين الأكراد البيشمركه، بفريق عمل صغير، وقطع المخرج 1000 كيلومتر على الحدود العراقية من الجنوب إلى الشمال، ليصور مواقف ومناظر من الحرب، ووجوهاً لرجال ونساء من النادر أن تتاح مشاهدتهم”.

هذا على الرغم من أن بعض نقاد السينما اعتبر أن الإعلان عن عرض الفيلم (يأتي في العشرين من الشهر الجاري) جاء خجولاً، وبطريقة لا تريد أن تلفت الأنظار، فقد رأوا في ذلك نوعاً من مقاومة الضغوط التي تريد أن تفرض الفيلم على أجندة المهرجان.

ويوصف ليفي بأنه قريب من مراكز القرار في فرنسا، فهو صديق لكبار الأثرياء والسياسيين، هو المولود في الجزائر لعائلة فرنسية يهودية، عرف عنه تأييده الشديد لإسرائيل إلى حدّ وصفه للجيش الإسرائيلي، بعد حرب غزة العام 2010، بأنه «أحد أكثر الجيوش أخلاقية وديمقراطية»، كما اعتبر الجولان «أرضاً مقدسة»، وكان مرشحاً في العام 2011 لرئاسة الحكومة الإسرائيلية.

ويعرف ليفي بشهرة استثنائية، لفت إليه الأنظار بقوة مع فيلم تسجيلي عن الحرب في البوسنة عام 1994، ما جعله يتبوّأ مكانة مبعوث الرئيس الفرنسي جاك شيراك لتقصّي الحقائق في أفغانستان عام 2002. 

مؤلفاته كانت على الدوام مثار جدل كبير، من بينها كتابه «موقف ضد البربرية الحديثة»، و»فندق أوروبا»، الذي تحوّل إلى عرض مسرحي قدم في أكثر من بلد أوروبي. 

عربياً جرى تداول اسم ليفي خاصة خلال ثورات الربيع العربي منذ العام 2011، فزار عدداً من المدن الليبية خلال الثورة على نظام القذافي. وكان من مؤيدي الثورة السورية، ودعا الغرب للتدخّل لقتال «استبداد الأسد» و»التطرف الإسلامي»، لـ»وقف أنهار الدم» في سوريا. 

زياراته تلك كانت حجة لأعداء «الربيع العربي»، أولئك الذين اتّهموا «الربيع» برمّته بأنه مؤامرة صهيونية كونية، وما تحمُّس برنار هنري ليفي إلا الدليل الأقوى على ذلك!

هذا ما جعل فيلم هنري ليفي عن «البيشمركه» اليوم، وحتى قبل أن يشاهده أحد، مثار جدل أيضاً بين السوريين أنفسهم، عرباً وأكراداً، ففي وقت هلّل فيه بعض الأكراد لفيلم عنهم، يعرض في مهرجان راقٍ وذائع الصيت، قال بعض مواطنيهم من السوريين إنه «إذا أردت أن تشوّه قضية أرسل برنار ليفي ليدافع عنها».

هكذا وصف البعض ليفي بـ «تاجر القضايا»، و«المخرّب»، الذي يدّعي مناصرة المظلومين والقضايا العادلة، في وقت لا يتردد في الوقوف إلى جانب إسرائيل في حروبها المدمرة على قطاع غزة.

سيعرض «بيشمركه» خلال أيام فقط في «كان»، وقد يكون اختباراً جيداً، وجواباً على السؤال؛ كيف (وهل) لواقف مع الظلم في مكان أن يكون مدافعاً عن قضية عادلة في مكان آخر.

القدس العربي اللندنية في

18.05.2016

 
 

بفضلهم صار لها صوت وصورة في كل مكان

الشباب يعيدون السينما العربية إلى مهرجان «كان»

مارلين سلوم

بفضل جهود بعض عشاق الإبداع من صناع السينما العربية، أصبحنا ننتظر المهرجانات السينمائية الدولية ليس فقط لأهميتها ولمعرفة أحدث وأهم ما يتم إنتاجه عالمياً، ويستحق أن ننتظر موعد إطلاقه في الصالات، بل لأن السينما التي تمثلنا موجودة هناك، تحمل رسائل عربية، تتحدث بلغتنا، وتقدم صوراً حقيقية وأفكاراً مختلفة عن تلك التي يصدّرها الإرهاب، وتحيكها أيادي السياسة الخفية

في مهرجان «كان» السينمائي الدولي الذي نعيش أجواء دورته التاسعة والستين، السينما العربية حاضرة بقوة، وإن كانت هذه القوة نسبية، إلا أنها تكمل مشوار التواصل بين الشرق والغرب، وتفتح أسواقاً وآفاقاً جديدة، تحتاجها منطقتنا وتتطلع إليها من كافة النواحي الثقافية والفنية والسياحية والاقتصادية، وأيضاً السياسية.

في الدورة 67 من مهرجان «كان»، كانت أحوالنا غير، وأذكر أننا كنا نتحسر على أيام «العز»، حين كان يوسف شاهين ويسري نصرالله يذهبان بأعمالهما إلى ذلك الشاطئ الفرنسي الساحر ويقفان بين النجوم العالميين يقدمان أفلامهما الرائعة، ويشاركان ولو خارج المسابقة الرسمية. هذا الإحساس عاد إلينا هذه الدورة مع عرض فيلم «اشتباك» المصري في تظاهرة «نظرة ما»، والتي تعتبر ثاني أكبر مسابقة في المهرجان بعد «المسابقة الرسمية». 

أحوال السينما العربية كانت وما زالت متأرجحة وغير ثابتة، تصعد وتيرتها عاماً فتقبل بقوة وثقة لتشارك في المهرجانات العالمية وتنال الجوائز، سواء كانت السينما المصرية أو الفلسطينية أو المغربية والتونسية والجزائرية واللبنانية.. كما عرفت السينما الخليجية حضورها المميز في السنوات الأخيرة، وقد استطاعت أن تتطور بسرعة وبات الغرب يعرفها جيداً.. لتعود السينما العربية وتتراجع دون أن نفهم السبب الحقيقي وراء تراجعها، وانحصار مشاركاتها بعروض للجمهور، وحضور لا بأس به في مهرجانات عربية

نشاهد المهرجانات العالمية وكأننا نسأل مبدعينا «كيف الحال هذا العام؟»، نريد أن نطمئن على الفن وعلى شبابنا الذي يملك الكثير من الطموح والأفكار والمواهب، ويتمنى أن يوصل كلمته وإبداعه إلى العالم. نعم نجحنا في الوصول إلى الأوسكار، ونعم وقف المخرجون والممثلون على السجادة الحمراء، ونعم صارت السينما العربية تلفت الأنظار، وصار الغرب يأتي إلينا ليصور أفلامه، والنجوم العالميون يشاركون بأفلامهم وضمن لجان التحكيم وكضيوف شرف ومكرّمين في مهرجاناتنا العربية، لكننا في ظل الأزمات نحتاج إلى الاطمئنان باستمرار على أحوالنا، ونخاف على شبابنا من الإحساس بالإحباط واليأس والتفكير في البحث غرباً عن أرض خصبة تنبت فيها أفكارهم وإبداعاتهم

كيف حالنا هذا العام وبين أهل الفن السابع في مهرجان «كان»؟ البداية كانت مبشرة مع عرض فيلم «اشتباك» المصري في افتتاح «نظرة ما». لماذا نعلق عليها أهمية؟ لأنها تظاهرة مهمة، يحضرها صناع السينما العالميون، وتلتفت إليها كل الصحافة وهو ما حصل فعلاً مع انتهاء عرض «اشتباك»، حيث تناولته الصحف الأجنبية بإعجاب وأثنت على العمل، رغم الملاحظات وبعض نقاط الضعف فيه، لكن الإشادة تدل على أن العمل ناجح ويعوض غياب السينما المصرية عن السباق والتنافس الحقيقي في هذا المهرجان المهم.

الجمهور والنقاد الفرنسيون يعرفون محمد دياب مخرج «اشتباك»، من خلال تجربة أولى ناجحة، حيث عرض فيلمه السابق «678» الذي تناول فيه قضية التحرش في أول عمل جريء وبطرح اجتماعي واقعي جداً، وقتها عرض الفيلم في باريس وأشاد النقاد بالمخرج الشاب

و«اشتباك» ليس الفيلم العربي الوحيد في تظاهرة «نظرة ما»، إذ إن الفيلم الفلسطيني «أمور شخصية» للمخرجة مهى حج أبو العسل ينافس في هذه التظاهرة، وهو فيلمها الطويل الأول

ما يميز الحضور العربي في مهرجان «كان»، أو ما بدأ يلمسه العالم من خلال الحضور العربي في هذه الدورة من المهرجان، والدورات الأخيرة السابقة، أن الشباب هم الذين يستلمون فعلياً دفة صناعة السينما العربية، وهم يعرفون جيداً من أين تؤكل الكتف. لا يتقوقعون داخل بلدانهم، يتوجهون إلى الخارج قبل أن تدور عجلة كاميراتهم، بل إنهم يتحركون منذ أن يبدأ الفيلم بالتشكل ويكون مجرد مشروع وحلم في أذهانهم، يدرسون السوق ويطرقون الأبواب شرقاً وغرباً للحصول على دعم مادي يؤمن لهم الانتشار، كما يضمن عرض أفلامهم في الداخل والخارج

ميزة هؤلاء الشباب أنهم يعرفون جيداً ما هي المواضيع التي تلامس واقعهم وتحاكي جمهورهم في الداخل، وفي الوقت نفسه تصل إلى الجمهور في الخارج فتجذبه وتجبره على سماع الصوت العربي ومشاهدة الأعمال بحب واستمتاع. في هذه الجزئية، أثبت الشباب أنهم يجيدون اللعبة السينمائية من حيث التصوير وإن كان بتقنيات محدودة، لكن المواضيع الحساسة الواقعية والاجتماعية، والقضايا الإنسانية، مع آليات عمل غير تقليدية وصورة واضحة ومشاهد مباشرة وتركيز على الوجوه والملامح والإبداع في التمثيل.. كلها عوامل مكنت الأجيال الجديدة من السينمائيين، من قيادة هذه المرحلة وفرض أعمالهم على الشاشات الكبرى، وبفضلهم صار للسينما العربية صوت وصورة في كل مكان، وصار ليوسف شاهين أحفاد يسيرون على الدرب الذي شقه قبل سنوات وتشهد شاشات وشوارع وتظاهرات «كان» على ذلك.

الجيل الجديد مثقف وواعٍ، يواكب تحركه وجود جيل من الممثلين المجتهدين والموهوبين أيضاً، أمثال نيللي كريم وهاني عادل ومنة شلبي وعمرو يوسف وياسمين رئيس وكثير غيرهم.. وجيل من كتاب السيناريو والمؤلفين الذين يحيكون حكاياتهم على إيقاع التطور ويحاكون العقل لا الغرائز، كما تقتضيه المرحلة الراهنة التي أصبح فيها الجمهور كله، من صغيره إلى كبيره واعياً ومطلعاً ومنفتحاً على السينما العالمية

من هذا المنطلق، دعونا نفرح بشبابنا السينمائيين، وبأفلامنا التي تعرض في الصالات العالمية وفي المهرجانات، حتى وإن كان الدرب ما زال طويلاً وما زلنا نحبو ونبذل الكثير من الجهد لنقول للسينما العالمية «نحن هنا». وإن قلنا إنه من أصل 79 فيلماً عربياً - بين أفلام طويلة وقصيرة- تم اختيار سبعة فقط للمشاركة في الدورة الحالية من «كان»، في «أسبوع النقاد» و«أسبوعي المخرجين» أو «نصف شهر المخرجين» و«نظرة ما»، فهذا جيد، والأمر يدعونا للتفاؤل. صحيح أننا لم نحظَ بشرف المشاركة في المسابقة الرسمية بأي فيلم عربي، لكن الفيلم التونسي «علوش» للمخرج لطفي عاشور، استطاع أن يصل إلى مسابقة السعفة الذهبية للأفلام القصيرة. ولطفي عاشور مخرج نعرفه منذ العام 2014 حين فاز بجائزة أفضل فيلم عربي قصير عن «أبونا» في مهرجان أبوظبي السينمائي. لذا دعونا نتفاءل ونتمنى أن يقودنا الشباب إلى مواسم مزدهرة من الأفلام العربية المشرفة.

عروض الشبكة العنكبوتية

من الأفلام العربية المشاركة في فعاليات «أسبوع النقاد»، الفيلم الروائي الطويل «ربيع» للبنانية من أصول أرمنية ڤاتشيه بولغورجيان، ويعني اسم فيلمها بالأرمنية «ترامونتان» وتتناول فيه قصة مغنٍ كفيف أرمني والعودة إلى البحث عن الجذور. ومن خلال المخرجة التي تعيش وتعمل في باريس، استطاع لبنان أن يدخل هذه الفعالية لأول مرة علماً أنها تجربتها الأولى مع الأفلام الطويلة

في «أسبوعي المخرجين» المخصص للإنتاجات السينمائية الجديدة، تم اختيار ثلاثة أفلام عربية من إنتاج فرنسي مشترك للمشاركة، وهي: «الهيات» للمخرجة المغربية الفرنسية هدى بنيامين، وتحكي فيه مآسي «الضواحي» ومن يسكنون تلك المناطق، من خلال الفتاة دنيا التي تملك طموحاً كبيراً للسلطة، فتسلك طريق ريبيكا أشهر تاجرة للمخدرات. والفيلم من النوع الكوميدي الدرامي. والفيلم الثاني هو «دورة فرنسا» للمخرج الفرنسي من أصل جزائري رشيد جعيداني الذي يتناول فيه قصة حب بين شاب مهاجر ومدربة سباحة فرنسية، يقرر أن يأخذ عندها دروساً في السباحة رغم أنه يجيدها. والثالث هو المخرج الفرنسي الجزائري أيضاً داميان أونوري الذي يشارك في فئة الأفلام القصيرة بعمله «قنديل البحر» الذي يتطرق إلى أوضاع المرأة في المجتمع الجزائري، من خلال «نفيسة» الأم الشابة التي تتعرض للاعتداء من قبل مجموعة من الرجال.

تتميز فئة «نصف شهر المخرجين» أو «أسبوعي المخرجين» بأنها تتيح للمشاركين فيها عرض أفلامهم على الشبكة العنكبوتية بعد انتهاء المهرجان، من أجل المساهمة في رفع نسبة مشاهداتها.

إنتاج مشترك ودعم إماراتي

فرنسا تبدو كأنها الأم الحنون لصناع السينما من مختلف الدول، فهي تدعمهم وتتبنى الكثير من الأعمال وتساهم في الإنتاج المشترك لتتيح للشباب خصوصاً، تحقيق أحلامهم وتقديم أفلام جيدة تلبي طموحاتهم وتستطيع المشاركة في مهرجانات عالمية. فتجدها تشارك في إنتاج أفلام أوروبية وعربية بكثرة. ومن بين الأفلام العربية المشاركة في المهرجان، هناك خمسة أعمال شاركت فرنسا في إنتاجها

كذلك تشارك الإمارات في إنتاج الكثير من الأفلام بهدف دعم صناع الأفلام العرب والترويج للسينما العربية ودفعها للوصول إلى المهرجانات العالمية. وإن كانت الأفلام الإماراتية غائبة عن هذا الحدث العالمي، إلا أن الحضور الإماراتي يؤكد مواكبة الدولة للفن السابع، ومن خلال جناحها تدعم الأعمال التي تقدمها للمشاركين والزوار وتساهم في دعم السوق المحلي والعربي.

marlynsalloum@gmail.com

بريمو

«الحاقدون الثمانية» على القمة

تمكن الفيلم الدرامي الأمريكي THE HATEFUL EIGHTمن احتلال المركز الأول في بورصة أفضل مئة فيلم مبيعاً في بريطانيا. الفيلم للمخرج العالمي كوانتين ترنتينو الذي كتب قصته أيضاً، وبطولة نخبة من النجوم منهم صامويل جاكسون، كيرت راسل، جينيفر جايسن لي وووالتن جوجنز. يتناول الفيلم قصة ثمانية من الحاقدين الذين يلتقون في نزل صغير خلال عاصفة ثلجية.

في الاستوديو

العنصرية تفرق بين زوجين

من الأفلام المنتظرة في شهر نوفمبر/‏ تشرين الثاني المقبل، الفيلم الرومانسي «لافينغ» Loving الذي يتناول قصة إنسانية مؤثرة حول التمييز العنصري عن زوجين يتم الحكم عليهما بالسجن لأنهما تزوجا وهما من عرقين مختلفين. قصة وإخراج جيف نيكولز، بطولة مايكل شانون وجويل إدجيرتون ومارتن سوكاز. والقصة تعود إلى العام 1985 في ولاية فرجينيا الأمريكية، في زمن العنصرية.

الخليج الإماراتية في

18.05.2016

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)