كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

مهرجان كان السينمائي:

حضور بارز للسينما الرومانية الجديدة

العرب/ أمير العمري

مهرجان كان السينمائي الدولي

الدورة التاسعة والستون

   
 
 
 
 

الدورة الحالية من مهرجان كان السينمائي تشهد حضورا بارزا مميزا للسينما الرومانية التي يرى كثير من النقاد أنها ستكون 'الحصان الأسود'.

تشهد الدورة الحالية من مهرجان كان السينمائي حضورا بارزا مميزا للسينما الرومانية التي يرى كثير من النقاد أنها ستكون “الحصان الأسود” في هذه الدورة. فهناك فيلمان داخل المسابقة الرئيسية ينافسان 18 فيلما آخر على “السعفة الذهبية”، وفيلم في قسم “نظرة ما” الذي يعتبر المسابقة الثانية للأفلام الطويلة في المهرجان وله لجنة تحكيم خاصة تمنح أيضا عددا من الجوائز. وهناك فيلم روماني قصير يتنافس على “السعفة الذهبية” في مسابقة الأفلام القصيرة، وفيلم قصير آخر في مسابقة “سيني فوندايسون” لأفلام دارسي السينما.

هذه “الصحوة” السينمائية الرومانية ليست جديدة، ففي عام 2007 حصل الفيلم الروماني “4 أشهر و3 أسابيع ويومان” للمخرج كريستيان مونجيو على “السعفة الذهبية”، واعتبره النقاد تتويجا لحركة السينما الرومانية الجديدة. ويروي الفيلم قصة ميلودرامية تبدو مألوفة، تدور حول فتاة تضطر بمساعدة صديقتها لإجراء عملية إجهاض في بلد يحظر الإجهاض ويفرض على مرتكبيه عقوبات مشددة، وهي قصة سبق أن شاهدناها في عشرات الأفلام الأجنبية والعربية. أما في هذا الفيلم فنشاهدها كتيمة تعبر عن القهر، عن الضعف، عن العنف المباشر وغير المباشر الكامن تحت السطح، عن العلاقة المعقدة بين الرجل والمرأة، عن السلطة الباطشة والإنسان الضعيف المهمش.

تجريد

ويجرد المخرج الصور واللقطات بحيث يجعل رحلة بطلته المخيفة للخلاص من الجنين الصغير الذي تمّ التخلص منه بطريقة فظة كادت تودي بحياتها، رحلة سوريالية داخل عالم جهنمي، داكن ومخيف، تصبح البطلة المذعورة معزولة تماما في داخله، مع تسليط أقل قدر من الضوء على وجهها وإبقاء الكتل المحيطة بها في الطريق داكنة، شبحية، غامضة، تنذر بالمجهول أكثر مما تفصح بوضوح عن القادم. وإمعانا في التجريد، يفترض أن تدور أحداث الفيلم في بوخارست في زمن دكتاتورية شاوشيسكو، إلا أننا لا نرى أي شيء يدل على ذلك، لكننا نشعر بالأجواء من خلال الملابس والديكورات والمباني والأهم من هذا كله، الإحساس العام بالذعر والقهر.

أما المولد الحقيقي للسينما الرومانية الجديدة أو “الموجة الجديدة”، فقد جاء مع ظهور فيلم “موت السيد لازاريسكو” (2005) وهو الفيلم الروائي الثاني للمخرج كريستي بيو، الذي يصوّر رحلة ليلية (تحدث في ليلة واحدة) لرجل متقاعد يعاني من متاعب في المعدة، بصحبة ممرضة في منتصف العمر، تنتقل به بواسطة سيارة إسعاف، عبر عدد من مستشفيات بوخارست، حيث يلقى الإهمال واللامبالاة والتجاهل، بسبب البيروقراطية القاتلة والتجمد الذي أصاب المشاعر الإنسانية، إلى أن ندرك أنه سيلقى مصيره المحتوم في النهاية.

السينما الرومانية الجديدة تتميز باستخدام اللقطات الطويلة، والمشاهد المكوّنة من لقطات محدودة، والحوارات التي يمكن أن تمتد أحيانا لتصبح أقرب إلى “ثرثرة الحياة اليومية

تتميز السينما الرومانية الجديدة باستخدام اللقطات الطويلة، والمشاهد المكوّنة من لقطات محدودة، والحوارات التي يمكن أن تمتد أحيانا لتصبح أقرب إلى “ثرثرة الحياة اليومية” لكنها تضيف صوتا إضافيا إلى الأصوات التي تنبعث من الصور، كما تعتمد على تكوين اللقطات، مما هو متاح داخل منظور الصورة من عاديات الحياة والطريق والمواقع المختلفة الداخلية للتصوير، وليس من خلال الإبهار الشكلي المصنوع، والتلاعب بالضوء، فمصادر الضوء الطبيعية هي الغالبة، وكذلك الديكورات الطبيعية أيضا، ويعتمد الأداء التمثيلي على ممثلين يؤدون دون تكلف أو اصطناع بعيدين عن النزعة المسرحية، بل يؤدون كأشخاص من الحياة العادية.

يعود إلى مسابقة كان هذا العام كريستيان مونجيو حائز السعفة الذهبية عن “4 أشهر و3 أسابيع ويومان” بفيلمه الجديد “بكالوريا” (أو صور عائلية) الذي يقول إنه يدور حول العلاقة بين الآباء والأبناء، بين ما تقوله لأبنائك، وما يرونك تفعله في الواقع، عن تلك الحلول الوسط التي يقبلها الآباء مع أبنائهم، وانعكاساتها على حياة الطرفين. إنه أول فيلم لمخرجه يستبدل فيه البطلات النساء بشخصية رجل. وكان الفيلم السابق لمونجيو “وراء التلال” قد شارك في مسابقة مهرجان كان قبل ثلاث سنوات وحصل على جائزة أحسن سيناريو كما نالت بطلتاه مناصفة جائزة أحسن ممثلة.

عودة بيو

أما الفيلم الروماني الثاني في المسابقة فهو “سييرا نيفادا” الذي يعود به كريستي بيو، صاحب “موت السيد لازاريسكو”، ولكن هذه المرة ليتنافس على السعفة الذهبية داخل المسابقة، بعد أن كان “السيد لازاريسكو” قد عرض في قسم “نظرة ما” وفاز بجائزة أحسن فيلم، ثم افتتح فيلمه التالي “أورورا” عروض قسم “نظرة ما” في مهرجان كان 2010، لكن دون الحصول على أيّ جوائز رغم تميزه الفني الكبير.

يبدأ “سييرا نيفادا” بطبيب يجاهد لكي يصل إلى بلدته الأصلية حيث تجتمع الأسرة في حفل تأبين أو تذكّر للأب الذي توفي قبل عام، وخلال هذا الاجتماع تنفجر التناقضات التي كانت كامنة بين أفراد العائلة.

السينما الرومانية الجديدة تردم الفجوة بين الشرق والغرب

يقول المخرج بيو عن فيلمه إنه يروي “قصة حفل تأبين لا يكتمل قط. قصة أولئك الذين يختارون الهرب إلى عالم الخيال وإخفاء مخاوفهم الداخلية العميقة خلف “الواقع الصلب” عندما يجدون أنفسهم أمام مشاعر حزن لا يمكنهم فهمها. إنه تعويض غير مكتمل عن قداس غير أرثوذوكسي”.

فيلم "الكلاب"

في قسم “نظرة ما” يعرض الفيلم الروماني “الكلاب” وهو الفيلم الأول للمخرج الروماني بوغدان ميريسا، الذي يصور كيف يعود شاب من المدينة إلى القرية الأصلية التي ينتمي إليها والتي تقع في منطقة نائية، لكي يبيع قطعة الأرض التي ورثها مؤخرا عن جده، وبينما يبذل جهده لبيع قطعة الأرض، يشهد الشاب الكثير من الأحداث الغريبة التي تقع من حوله، ثم يجد نفسه أيضا عرضة للتهديد، ويصبح كل هدفه بالتالي هو النجاة بأقل خسائر ممكنة.

يقول الممثل الذي قام بالدور الرئيسي إنه اضطر لإنقاص وزنه عشرين كيلوغراما لكي يصبح قادرا على القيام بالدور الذي يقول المخرج إنه كان يتطلب الكثير من الرشاقة والقدرة على الحركة. ويضيف أنه قضى أربع سنوات في كتابة النص السينمائي، ثم تمكن من الحصول على دعم مالي من فرنسا وبلغاريا. وقد عمل بوغدان ميريسا صحفيا وكاتبا ثم ذهب إلى لندن حيث درس كتابة السيناريو في جامعة ويستمنستر، ثم تدرب في ورشات إخراج على أيدي سينمائيين مثل سكورسيزي وكن لوتش وبول فيرهوفن.

في مسابقة الأفلام القصيرة يشارك الفيلم الروماني “4.15 مساء، نهاية العالم” للمخرجين كاتالين روتارو وغابي فيرجينيا، ضمن 10 أفلام في المسابقة من تونس وبريطانيا وأسبانيا والفلبين والسويد والبرازيل وفرنسا وإيطاليا وكولومبيا، كما يشارك الفيلم الروماني القصير “كل الأنهار تصب في البحر” للمخرج ألكسندر باديا ضمن 15 فيلما في مسابقة سيني فونداسيون، وهي مسابقة مخصصة لمشاريع التخرج من معاهد السينما في العالم.

ناقد سينمائي من مصر

جورج ميللر مخرج الروائع كبير المحكمين في كان

العرب/ أمير العمري

ميللر لا يلجأ للحيل التي يستخدمها السينمائيون حاليا بواسطة برامج الكومبيوتر، بل يتمسك باستخدام الممثلين الثانويين وما يعرف ببدائل الممثلين في المشاهد الخطرة.

ابتسم الحظ مؤخرا للمخرج الأسترالي جورج ميللر (71 سنة) أكثر من مرة، فقد عاد بعد 31 سنة ليخرج فيلم “ماكس المجنون: طريق الغضب” وهو الفيلم الأحدث في السلسة التي بدأها ميللر قبل 36 عاما، بفيلم “ماكس المجنون” عام 1979، وبعد 31 عاما على إخراجه الفيلم الثالث في السلسلة “ماكس المجنون وراء قبة الرعد” (1985).

وقد حقق الفيلم الأحدث نجاحا كبيرا فاق كل التوقّعات، ورشح لعشر ترشيحات لنيل جوائز الأوسكار، فاز بست جوائز منها، أي أكبر ممّا ناله أيّ فيلم آخر في المسابقة، ثم مضى الفيلم لكي يحقق إيرادات بلغت ما يقرب من 400 مليون دولار.

عاد الحظ ليبتسم مرة أخرى لميللر الذي ترسخت مسيرته في عالم السينما بفيلم “ساحرات إيستويك” (1987)، فقد أعلن عن إسناد الفيلم الجديد في سلسلة “ماكس المجنون” إليه، وأنه سيشرع في إخراجه قريبا، وسيقوم ببطولته الممثل البريطاني توم هاردي، ويحمل عنوان “ماكس المجنون: أرض القمامة”.

كان “ماكس المجنون: طريق الغضب” قد عرض عرضا احتفاليا خاصا في مهرجان “كان” العام الماضي، وشهد إقبالا كبيرا واعتبر أكثر الأفلام شعبية في الدورة الماضية من المهرجان الشهير. وقد أرادت إدارة مهرجان “كان” أن تحتفي هذا العام بجورج ميللر فأسندت إليه رئاسة لجنة التحكيم الدولية للمسابقة الرئيسية في الدورة الـ69 التي افتتحت الأربعاء الماضي.

جورج ميللر من مواليد كوينزلاند في أستراليا. تخرج من كلية الطب لكنه اتجه إلى العمل في السينما بعد أن التقى في إحدى ورشات التدريب على العمل السينمائي، بالمنتج بايرون كنيدي الذي أنتج له واشترك معه في إخراج فيلمه القصير الأول “العنف في السينما- الجزء الأول” عام 1971، الذي حصل على جائزتين من معهد الفيلم الأسترالي، ثم أسس الاثنان معا شركة إنتاج سينمائي هي التي أنتجت الفيلم القصير التالي لميللر، ثم الفيلم التسجيلي القصير الذي أخرجه ميللر قبل أن تنتج الشركة نفسها فيلمه الروائي الطويل الأول “ماكس المجنون” عام 1979 الذي قدم فيه للمرة الأولى ميل غيبسون في دور البطولة وهو الدور الذي حقق له شهرة عالمية جعلته يكرر التجربة في الفيلمين التاليين من السلسلة نفسها ومن إخراج ميللر أيضا. وقد رشّح ميللر عن فيلمه الطويل الأول لجائزتي أحسن إخراج وأحسن سيناريو، في مسابقة معهد الفيلم الأسترالي، وعاد ليخرج فيلمه الطويل الثاني في السلسلة نفسها عام 1981 محققا نجاحا كبيرا، ثم حصل على جائزة أحسن إخراج من معهد الفيلم الأسترالي، ثم الجائزة الكبرى من مهرجان أفوريازالسينمائي.

وقع الاختيار على ميللر لإخراج المشاركة الاسترالية للاحتفال بمئوية السينما فأخرج وأنتج الفيلم التسجيلي الطويل "40 ألف سنة من الحلم". ومازال ميللر يواصل نجاحاته ويحصد الجوائز

بعد ما حققه من نجاح كبير في أستراليا جاءت الفرصة الكبرى أمام ميللر للانتقال إلى هوليوود حيث أخرج “ساحرات إيستويك” الذي قام ببطولته جاك نيكلسون وسوزان ساراندون والمغنية شير وميشيل فايفر. وفي هذا الفيلم يواصل ميللر الإبحار في عالم الفانتازيا، فهو يغادر مؤقتا عالم “ماكس المجنون”، ليعود إلى عالم أقرب إلى ما قبل التاريخ، تسيطر عليه القوة والمادة والصراع حول الطاقة والاختراعات الجهنمية، ليسبح في عالم خيالي يفترض وجود ثلاث نساء يبحثن عن رجل يشبع رغباتهن، ولا يجدن هذا النموذج سوى في الشيطان نفسه (يقوم بالدور ببراعة جاك نيكلسون) الذي يقطن منزلا معزولا، لا يتذكر ماضيه، يختبر الحياة الأرضية للمرة الأولى، ويتنكر في زيّ رجل غريب عن البلدة، ويتمكن من إغواء النساء الثلاث واحدة بعد أخرى، ثم تبدأ حقيقة الرجل-الشيطان تتضح تدريجيا مع وقوع بعض الأحداث الغريبة التي تدفع أهل البلدة إلى حالة من الهستيريا والذعر. ويساهم أداء نيكلسون في إضفاء الجانب الأسطوري على الفيلم خاصة مع الانسجام الكبير بينه وبين بطلات الفيلم.

رشح ميللر عام 1993 لأوسكار أحسن سيناريو مكتوب مباشرة للسينما عن فيلمه الأميركي التالي “زيت لورينزو” الذي عاد للعمل فيه مع سوزان ساراندون أمام نيك نولتي وبيتر أوستينوف، ويصور الفيلم بحث والدين عن علاج لمرض ابنهما الغامض. وعاد ميللر ليحقق نجاحا جديدا مع ترشيحات الأوسكار التي حصل عليها فيلم “بيب” (1995) الذي كتب له السيناريو وأنتجه بنفسه، فقد حصل على سبعة ترشيحات نال واحدة منها عن أفضل مؤثرات خاصة. لكن الفيلم، حصل أيضا على جائزة أحسن فيلم كوميدي موسيقي في مسابقة “غولدن غلوب”، كما رشّح لأربع من جوائز “بافتا” البريطانية، من بينها جائزة أحسن فيلم، وجائزة أحسن سيناريو مقتبس.

وقع الاختيار على ميللر لإخراج المشاركة الاسترالية للاحتفال بمئوية السينما فأخرج وأنتج الفيلم التسجيلي الطويل “40 ألف سنة من الحلم”. ومازال ميللر يواصل نجاحاته ويحصد الجوائز. فلا شك في موهبته وقدرته على تحويل قصص الخيال الجامح إلى صور مدهشة، وشخصيات تتحرك على الشاشة، كما أنه لا يلجأ للحيل التي يستخدمها السينمائيون حاليا بواسطة برامج الكومبيوتر، بل يصرّ ويتمسك باستخدام الممثلين الثانويين وما يعرف ببدائل الممثلين في المشاهد الخطرة.

يفتتح الممثل توم هاردي الذي قام بدور ماكس في الفيلم الأحدث “طريق الغضب” بصوته من خارج الصورة وهو يقول “أنا ماكس.. عالمي مزيج من النار والدم.. كنت شرطيا في الماضي، ولكن بعد دمار العالم، أصبح من الصعب عليّ معرفة من الأكثر جنونا.. أنا أم الآخرون جميعا؟”. ولعل هذا يعكس، كأفضل ما يكون، الفكر السينمائي عند جورج ميللر نفسه!

العرب اللندنية في

15.05.2016

 
 

بؤس العالم في وصية آخر اليساريين المحترمين

كان (الجنوب الفرنسي) – إبراهيم العريس

إذا كانت بعض الأفلام والأحداث الشرق أوسطية نقلت خبريات العنف والخوف من الإرهاب إلى قلب مدينة كان، التي كانت تفضل طبعاً الاحتفال بعيدها السينمائي بعيداً من منغّصات السياسة وشؤونها اليومية، فإن اليوم الثاني للعروض لم ينقض إلا وكان الإنكليزي المخضرم كين لوتش نقل إلى المهرجان شيئاً من بؤس العالم، ليس هذه المرة، كما يتجلى في البلدان البائسة والمتخلفة التي اعتادت السينما أن تعبر عن فقر أهلها ومآسيهم، بل كما يتجلى هناك في العالم المرفه الغني، وتحديداً في بريطانيا ومدينة نيوكاسل، التي لطالما عبّرت السينما عن بؤس «الآخرين» الغرباء فيها من دون أن تلتفت إلى أحوال فئات أكثر بؤساً من السكان المحليين.

لوتش الثمانيني الذي يلقّب عادة بـ «آخر الفنانين اليساريين المحترمين» في العالم، آثر هذه المرة، وبعد خمسين عاماً من فيلم بداياته «كاتي عودي إلى البيت»، أن يتطرق إلى الموضوع نفسه في جديده «أنا دانيال بليك» المعروض في المسابقة الرسمية لـ «كان»، مقدماً صورة شديدة السواد للوضع الاجتماعي في بلده. ولربما يكون هذا الفيلم وصية أخيرة من هذا المبدع الذي لم يتوقف عن طرح القضايا الإنسانية بأسلوب سينمائي ازداد قتامة بدرجات هذه المرة.

يتحدث الفيلم عن المشكلات الإدارية والقانونية التي تنطرح أمام عامل خمسيني يصاب بحادث عمل تصعب عليه بعده العودة إلى وظيفته نتيجةَ القوانين الإدارية التي تستهلكه تماماً حتى تدمره في اللحظات الأخيرة فيما هو يصارع إدارة إن لم تعبر، كما في حال الدول البائسة والفقيرة، عن الافتقار إلى الدولة، تعبر هنا في الحالة الإنكليزية عن المغالاة في وجود الدولة ونظمها التي يصبح فيها الإنسان آلة تُرمى حين تصاب بالعطب. تلكم هي حال دانيال، لكنه ليس وحيداً، فهناك أيضاً كاتي، التي تعاني وطفلاها من الإدارة ذاتها. ولئن كانت مشكلة دانيال تُحل بموته، فإن مشكلة كاتي لا تحل إلا بتحولها فتاة هوى... مصيران ترسمهما كاميرا كين لوتش في لغة سينمائية مباشرة وسياق غاضب، كما لو أن ما يرصدهما كاميرا وثائقية لا تريد المساومة لمصلحة أي شكل فني يلهي المتفرج عن الموضوع الأساس، كاميرا تحبس أنفاس هذا المتفرج وتنقل إليه الحزن والغضب مجتمعين. عندما انتهى من تحقيق هذا الفيلم، وقبل أن يصل إلى «كان»، ألمح لوتش إلى أن «أنا دانيال بليك» سيكون فيلمه الأخير، ولو كان هذا صحيحاً، فستفقد سينما العالم صوتاً جريئاً دائم الغضب يعرف كيف يستخدم الفن السابع لخوض ثورة دائمة. كذلك سيحرمنا هذا الغياب من مشروع كثيراً ما تحدث عنه لوتش، يتعلق بفيلم كان يريده أن يكون وصية سياسية له، يرسم فيه ملامح تجربته منتقداً ما اعتراها في لحظات، من نزعة ستالينية.

مهما يكن من أمر، إذا كان شيء من الستالينية قد حضر في المهرجان من خلال فيلم «نيرودا» التشيلي، الذي قام غارسيا برنال ببطولته ويتحدث، بتوفيق متوسط، عن مرحلة من حياة الشاعر التشيلي الكبير بابلو نيرودا، حين كتب في المعتقل مجموعته الرائعة «النشيد الشامل»، فإن ستالين نفسه حضر كخبر سينمائي من خلال مشروع بدأ الإعداد له، بحيث ربما يعرض في «كان» المقبل إن أُنجز في الوقت المناسب، ويتناول بالتحديد ما حدث في ذلك اليوم من آذار (مارس) 1953، حين مات الزعيم السوفياتي الحديدي وبدأت على الفور في الكرملين الصراعات لخلافته، ولا سيما تحت مظلة نيكيتا خروتشيف الذي سيلعب دوره ستيف بوتشامي، وسط حشد من ممثلين عالميين... صحيح أن هذا الموضوع ليس جديداً على السينما، لكن أصحاب المشروع يؤكدون أن السيناريو سيحمل ما لا يمكن أحداً توقعه منذ الآن. ونحن ما علينا إلا أن ننتظر لنرى.

الحياة اللندنية في

15.05.2016

 
 

يوميات «كان»:

بدرو المودفار ينتظر في طابور دوره للاجراءات الامنية

«كان» ـ عبد الستار ناجي

الحديث عن الاجراءات الامنية المكثفة في مهرجان كان السينمائي الدولي، هي جزء اساس ومحوري، من الحالة الامنية ليس في أوروبا وحدها، بل في انحاء العالم.

الذين عاشوا عصر القصر القديم للمهرجان، وهو حاليا فندق «النوجا هيلتون» أو «الماريوت»، حيث ظل ذلك القصر صامدا لسنوات بل لعقود طويلة، حتى جاءت النقلة الكبرى، مع قصر المهرجانات الجديد، الذي يسترخي على شاطئ الكوت دوزور على الريفيرا الفرنسية.

ومع النقلة الجديدة، تصاعد ايقاع الاجراءات الامنية، حتى وصلنا الى مرحلة، تحتم على الجميع الذهاب الى الفيلم قبل ساعة ونصف تقريباً، لانتظار الطوابير.. والاجراءات الامنية المركبة، والتي هدفها سلامة ضيوف المهرجان من انحاء المعمورة.

ان حالة الامن، هي امر حتمي، لواقع الظروف التي تعيشها دول العالم، والتهديدات التي تحيط بها. ولذلك يتقبل جميع ضيوف المهرجان، من اكبر النجوم الى اصغرها، تلك الاجراءات، الساعية الى سلامة وامن الجميع.

بالامس، شاهدت المخرج الاسباني القدير بدرو المودفار، وهو ضمن طابور طويل ينتظر دوره للاجراءات الامنية، رغم ان فيلمه سيعرض في المسابقة الرسمية، ولكنه فضل ان يكون ضمن الطوابير.. وعدم التجاوز.. من اجل دعم الاجراءات الامنية.

ويبقى ان نقول، بأن مهرجان كان السينمائي بالاجراءات الامنية أو بغيرها، سيبقى قبلة صناع الفن السابع في العالم.

وعلى المحبة نلتقي.

جلسة «فوتوكول» لأبطال فيلم «عسل أميركي» في «كان»

«كان» ـ سينماتوغراف

حرص أبطال فيلم الكوميديا الأمريكى «عسل أميركي American Honey» على التقاط بعض الصور على السجادة الحمراء خلال حضورهم جلسة «الفوتوكول» الخاصة بالفيلم، التى أقيمت صباح اليوم الأحد 15 مايو ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائى فى دورته الـ 69، وذلك فى حضور عدد كبير من وسائل الإعلام والمعجبين.

وشهدت جلسة التصوير الخاصة بالفيلم التى استضافتها مدينة كان الشهيرة بجنوب فرنسا حضور نجوم الفيلم شيا لابوف، رايلي كيو، ساشا لاين، اشعيا ستون، اربيل هولمز، المخرج والمؤلف اندريا ارنولد، الذين حرصوا على الحضور بأبهى اطلالة فى أزياء متنوعة وأنيقة على السجادة الحمراء نجحوا من خلالها فى لفت انظار الجمهور وعدسات الكاميرات وسط أجواء من الفرحة والمرح.

فيلم «عسل أميركي» من إخراج وتأليف اندريا ارنولد، وبطولة ماكول لومباردى، شيا لابوف، رايلي كيو، ساشا لاين، اشعيا ستون، اربيل هولمز، وتدور أحداثه حول ستار «ساشا لاين» الفتاة المراهقة التى لا تملك أى شىء لتخسره، تقرر الانضمام لفريق المبيعات بإحدى المجلات المتخصصة فى السفر، وتعلق فى دوامة من الحفلات الصاخبة والخروج على القانون فى ظل اشتباكها مع منطقة الغرب الأوسط فى حضور مجموعة من المنبوذين. وتتجول هذه المجموعات الشابة لإيصال المجلات إلى أبواب المشتركين، وينام كل ثلاثة أو أربعة فى إحدى غرف الفنادق الرخيصة، بينما الذى يدفع أقل مكانه على الأرض. ويقال إن أرنولد استوحت الفيلم من التغطية الصحفية الصادمة عن هذه المجموعات وتعاطيها المخدرات.

راسل كرو: لا أعرف ستانسلافسكي واستخدم طريقتي في التمثيل

«كان» الوكالات ـ سينماتوغراف

قدم راسل كرو نجم فيلم «ذا نايس جايز» للمخرج شين بلاك في مهرجان كان السينمائي نصيحة بسيطة للممثل الطموح قائلا إن كل ما عليه هو أن يؤدي الدور بطريقته.

وعندما سُئل ما إذا كان يستخدم أسلوب ستانسلافسكي للاستعداد لآداء دور ابتسم الممثل الاسترالي ورد قائلا «أنا أستخدم أسلوب راسل كرو. لم ألتحق قط بمدرسة للدراما.. لم ألتحق قط بمدرسة للتمثبل… لكني أمارس التمثيل منذ السادسة من عمري».

ويتطلب الأسلوب الشهير الذي طوره كونستنتين ستانسلافسكي من الممثل استخدام خبراته السابقة وعواطفه للاندماج مع الدور الذي يؤديه.

وقال كرو في مؤتمر صحفي «لا أعرف حتى ما هو أسلوب ستانسلافسكي ولا يهمني أن أعرف.. الأمر ليس معقدا هكذا. لو كنت تريد ان تكون ممثلا عليك أن تؤدي الدور بطريقتك».

وقد عرض فيلم «ذا نايس جايز» الذي يشارك في بطولته أيضا ريان جوسلينج في مهرجان كان السينمائي مساء اليوم الأحد.

فيلم «سييرا نيفادا».. ملحمة انسانية عن الواقع الروماني الراهن

«كان» ـ عبد الستار ناجي

يمثل المخرج كريستي بويو احد رموز السينما الرومانية بالاضافة الى مواطنه كرستيان مونجو وكلاهما يمثلان خطا سينمائيا عامرا بالخصوصية والتفرد واللغة السينمائية العالية الجودة .

وفي فيلمه الجديد «سييرا نيفادا ـ SIERANEVADA» الذي ينافس به في المسابقة الرسمية لمهرجان كان الـ69،  يأخذنا كريستي بويو الى منطقة شديدة الخصوصية يتم من خلالها تحليل المجتمع الروماني في هذه المرحلة من تاريخ رومانيا.

تبدأ احداث الفيلم بعيد ثلاثة أيام من الحادث الارهابي الذي تعرضت له صحيفة «شارلي ابدو» في العاصمة الفرنسية وبعد أربعين يوما من وفاة والده يقوم الدكتور لاري بزيارة منزل والده مع زوجته لحضور التقاليد الدينية بذكرى مرور أربعين يوما على رحيل والده بحضور جميع أفراد أسرته اعتبارا من والدته الى عمته واخوته وزوجاتهم وشقيقاته وأزواجهن، وهناك تبدأ ملحمة انسانية هي في حقيقة الامر كل شيء عن الحالة الاجتماعية الراهنة في رومانيا.

احداثيات الفيلم تبدأ على مدى نصف نهار كامل بها مشهد تمهيدي خارجي وآخر في منتصف العمل أما بقية احداث الفيلم فهي تدور في ردهات وغرف ذلك البيت الخاص بالأسرة الرومانية المتوسطة الحال والتي مرت عبر أجيالها بتاريخ رومانيا مرورا بالارتباط بالاتحاد السوفياتي وصولا الى مرحلة شاوشيسكو والممارسات الدكتاتورية التي تعرض لها الانسان الروماني.

كم من الحكايات المتداخلة والتي تبدو اعتيادية وتقليدية يمكن ان تحدث هنا او هناك احاديث عن الأكل والشرب ومناخ الحزن لفقدان الأب لتأخذ مناحي أخرى من بينها العلاقة التي تربط بين كل رجل وزوجته او كل امراة وزوجها الامور تبدأ بالملاحظات وسرعان ما تتحول الى اعترافات وخيانات ومناوشات وكلما انتهت حكاية تنطلق أخرى.

كل شيء في الاطار الاجتماعي ولكنها في حقيقة الامر السياسة والاقتصاد وغيرها ويحاول لاري ان يبدو متماسكا يحاول اصلاح ذات البين بين افراد أسرته بالذات حينما تتفجر الازمة بين شقيقته الكبرى وزوجها الذي تتهمه بالخيانة المتكررة .

كم من الشخوص تبدو للوهلة الاولى هادئة بسيطة وسرعان ما تتحول الى بركان متفجر قاس حتى رغم محاولة المحافظة على تقاليد الأسرة بانتظار رجل الدين الذي يفترض ان يحضر لاقامة القدس ولكن الانتظار يطول وسط عواصف من الأحداث.

الموت هو الخلفية ولكن الحاضر الاساسي هو تلك الشخصيات الحية ولكنها ميتة الأحاسيس تحاول ان تحافظ على كيان الأسرة الصغيرة الكبيرة بتفرع قضاياها.

طيلة تلك الرحلة يبدو لاري ساخرا متفاعلا مع الجميع متماسكا حتى اللحظة التي تطلب منه زوجته اللحاق بها لانها في مشكلة، وهو المشهد الثاني الخارجي في الفيلم وهناك تحدث مجموعة من المشاكل تكاد تصل الى حافة العنف الذي يتجاوزه لاري بشيء من الهدوء، ولكنه حينما يدخل السيارة مع زوجته ينفجر بالبكاء لانه لا يريد العنف او الموت، وهو يرى كل شيء من حولة متفجرا بالعنف لاتفه الاسباب كما يحدث زوجته عن والدة، ويعترف لها بانه يعرف بان والده الذي كان يعمل طبيبا ارتبط بالكثير من الخيانات والعلاقات المجانية، وحينما تسأله زوجته عما اذا كانت والدته تعلم بالامر يؤكد لها بان والدته كانت تعلم ولكنها ظلت محافظة على كيان أسرتها. بل انه يسرب جملة يقول لها «ومن منا ليس له رذيلة» وكأنه يشير الى علاقاته هو الآخر حيث نشاهد خلال الفيلم يتلقى ثلاثة اتصالات ولكنه يقول لمن على الطرف الآخر «بأنه لا يستطيع الحديث الان».

كما يبدأ الفيلم بالسخرية وبعض الضحكات يعود الفيلم في نهايته الى الضحك وكأن الحياة يجب ان تستمر حتى رغم كل تلك الضغوط العاتية التي تعصف بالمجتمع والأسرة الرومانية التي تطل علينا بعدد من الشخصيات التي تمثل شرائح متعددة من المجتمع الروماني. في الفيلم عدد من نجوم السينما الرومانية ومنهم برانسكو ميمي «لاري» ودانا دجرو «نوسا الام» ومارين جريجور ورولندو متزانجوس..

ونشير هنا الى ان المخرج كريستي بويو حقق شهرة عالمية واسعة بعد فيلمه الثاني «موت السيد لازرازو» وايضا فيلمة «أرورا» وهو في كل مرة مخرج يمتلك أدواته وحرفته وبصمته ولغتة السينمائية التي تعتمد على سيناريو ثري بالقيم والنقد وايضا الكادر الثابت لمزيد من التأمل في الشخصيات، وكأنها تلك الشخصيات تتحرك امام مسرح الكاميرا او كاميرا المسرح ومن هنا أهمية التجارب التي يقدمها هذا المبدع الروماني القدير.

سينما لبنان تفتتح «أسبوعي المخرجين» في «كان» العام المقبل

«كان» ـ سينماتوغراف: هدى ابراهيم

أعلن القيمون على مشروع «فاكتوري» التابع لتظاهرة «اسبوعي المخرجين» في مهرجان كان السينمائي، خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم وبالتعاون مع مؤسسة لبنان للسينما عن اختيار لبنان ليكون حاضرا عبر هذه المبادرة في افتتاح تظاهرة «اسبوعي المخرجين» الموازية في مهرجان كان السينمائي العام المقبل.

هذا ما اكدته دومينيك والينسكي، المشرفة على هذه المبادرة والتي اوضحت ان المشروع ولد قبل اربع سنوات وهدفه «متابعة واكتشاف المواهب الجديدة من العالم» لتقديمها ضمن واجهة دولية، ومساعدتها في الحضور على الساحة العالمية.

وتقضي المبادرة بالاشراف على انتاج اربعة افلام قصيرة لمواهب جديدة تشارك في مهرجان كان، ويتم العمل عليها مع مخرج يدرب الشباب لينجز كل منهم عملا من 15 دقيقة.

اما تحديد اسماء المخرجين المشاركين فسيتم في ايلول – سبتمبر المقبل، بينما يعلن رسميا عن المشروع لبدء التقدم له في الايام المقبلة. وسيعمل المخرجون الشباب الذين سيتم اختيارهم مع المخرج البرتغالي اندريه ماركيز.

الافلام اللبنانية الاربعة تفتتح تظاهرة «اسبوعي المخرجين» 2017  كما سيتم تنظيم لقاءات للمشاركين مع منتجين وموزعين دوليين.

مشروع «فاكتوري» كان انطلق عام 2013 مع سينما تايبيه، تلاه في العام 2014 استضافة سينما بلدان الشمال، ثم الشيلي فافريقيا الجنوبية خلال هذه الدورة.

ويتمثل لبنان الذي فاز بالسعفة الذهبية للفيلم القصير العام الماضي مع شريط «امواج 98» لايلي داغر، بثلاثة افلام في مهرجان كان هذا العام: فيلم في تظاهرة افلام الطلبة (سينيفونداسيون) وهو شريط قصير بعنوان «غواصة» لمنى عقل، وفيلم فاتشي غولبردجيان «ترامانتون» الذي اختير لاسبوع النقاد، وفيلم «من السماء» لوسام شرف الذي يقدم في تظاهرة الافلام المستقلة «اسيد».

كما يتم عرض عدد من الافلام المنجزة او التي في طور الانتاج في سوق المهرجان، حيث يتمثل لبنان بجناح في السوق السينمائي منذ العام ٢٠٠٥ وهو يهتم بعرض وترويج الفيلم اللبناني.

«البقاء قائما» و«صغيرتي» أفلام فرنسية تسعى للسعفة الذهبية

«كان» ـ سينماتوغراف: مها عبد العظيم

دخلت الأفلام الفرنسية السباق نحو السعفة الذهبية في مهرجان كان2016، واشترك اثنان منها وهي «البقاء قائما» لآلان غيرودي و«صغيرتي» لبرونو دومان في رسم لوحات اجتماعية تتميز بروح هزلية عالية وبالتطرق لمسائل الجنس المعقدة.

تتنافس أربعة أفلام فرنسية في الدورة الـ69 لمهرجان كان في المسابقة الرسمية، عرض منها حتى الآن فيلمان، وسرعان ما التفتت الكروازيت -التي ألهبها لوهلة صعود جوليا روبيرتس مدرج قصر المهرجانات عارية القدمين وخبر مغادرة زلاتان إبراهيموفيتش نادي باريس سان جرمان- إلى هذين الفيلمين لما ورد فيهما من أخبار الجنس مع ديناميكية هزلية.

تدور أحداث فيلم «صغيرتي» في صيف 1910 حيث تغزو البلبلة والفزع منطقة سلاك شمال فرنسا بعد اختفاء غامض للعديد من الأشخاص. وسريعا ما يجد المحققان نفسيهما أمام قصة حب غريبة بين «صغيرتي» وهو الابن البكر لعائلة صيادين ذات الأخلاق المشبوهة، وبيلي وهو من عائلة فان بتنغام البورجوازية. و«صغيرتي» (مالوت – ma loute) هو اسم الفتى الذي يتشبه بفتاة، أما بيلي فهو فتى لكنه يشبه كثيرا البنات.

يقع بيلي في حب «مالوت»، ومع هذه القصة يحمل برونو دومان الهزل إلى أعلى القمم. فيقول المخرج إنه يختبر في الفيلم العودة إلى جذور السينما وهي المسرحيات الهزلية التي تزعزع عالم البورجوازية وثقافتها. وإلى جانب شخصيات لوريل وهاردي المضحكة الشهيرة، يستلهم برونو دومان عمله من الكوميديا الإيطالية وخصوصا أفلام «دينو ريزي» أو «إيتوري سكولا».

وبعدسة كاريكاتورية إلى أقصى الدرجات، اختار دومان للتهكم من البورجوازية جمع العديد من الشخصيات التي تمثل «بورجوازية التمثيل» في فرنسا على غرار فابريس لوكيني وجولييت بينوش وفاليريا بروني تدسكي الذين تجاوبوا مع اللعبة.

وقالت جولييت بينوش عن هذا الفيلم إن دومان «كان قبل التصوير متخوفا قليلا من درجة الهزل التي سنصلها بعد أن ذهبنا بعيدا في الأسلوب الدرامي مع كاميل»، وكانت بينوش بطلة دومان في فيلم «كاميل» عن النحاتة كاميل كلوديل عشيقة غوستاف رودان وبالخصوص فترة حجزها في مستشفى الأمراض العقلية.

فمن النقيض إلى النقيض، أكدت بينوش أن تصوير «صغيرتي» استدعى من دومان أن «يدفعها أحيانا إلى خلق توترات داخل العائلة، وخلق الحيرة والجنون فهي عائلة ذات قصة معقدة جدا بسبب المسكوت عنه داخلها».

وأكد دومان الذي سبق وأن أحرز الجائزة الكبرى لمهرجان كان عام 1999عن فيلمه «الإنسانية»، أنه حاول توليد الضحك من الأسوأ عبر مزج عناصر متنافرة عبر حبكة عاطفية وعلاقات مشبوهة جنسيا، أضاف لها التحقيق البوليسي عمق التشويق والغموض. فصاغ المخرج لوحته الاجتماعية الساخرة عبر عدسة الخيال المكبرة.

أما فيلم «البقاء قائما» لآلان غيرودي صاحب فيلم «مجهول البحيرة» الذي لاقى احتفاء كبيرا وصدى جيدا في مهرجان كان العام 2013 حيث شارك في قسم «نظرة خاصة» ضمن الاختيارات الرسمية، لم يهز الكروازيت هذه السنة بنفس الحماسة.

ففي «البقاء قائما» تبحث شخصية المخرج ليو عن ذئب في منطقة لوزير حين يلتقي راعية الماشية ماري. ينجبان طفلا وبعد أشهر تفقد ماري ثقتها في ليو فتترك الرضيع ووالده. يعتني ليو بالطفل لكن البؤس ينهكه فيعود إلى لوزير.

وإن كان «مجهول البحيرة» قد أثار الصدمة عبر تصوير ممارسة غير مركبة للجنس بين الممثلين، وهو يتناول قصص لقاءات بين مثليي الجنس في مكان يرتاده هؤلاء قرب البحيرة، فلم يخل «البقاء قائما» من مشاهد إباحية حتى أنه ليس من المبالغ لو سميناه «البقاء منتصبا». ويقول غيرودي إن «مسألة الجنس حيرتني عبر السنين على غرار العديد، لكن وجدتها مبهرة ومخيفة، وهو المثير في الأمر! ».

ومع بحثه عن الذئب، يبحث المخرج خصوصا عن مصدر إلهام لفيلمه المقبل، فيعبر الحقول والمدن الصغيرة في سبر لأغوار فرنسا الفقيرة، فرنسا مربي الماشية والعاطلين عن العمل والآباء الذين يربون أطفالهم بمفردهم. فإلى جانب الجنس هناك بعدان آخران يتطرق إليهما الفيلم، الأول سياسي اجتماعي فيه كسر للأحكام المسبقة فالأم هي التي تترك العائلة وليس الأب، والثاني ديني إنجيلي إذ يفقد ليو كل شيء ويسلبه مشردون كل ما يملك لكن يبقى رغم ذلك «صامدا». ويلتقي ليو بالعديد من الشخصيات التي تعود في كل مرة في ظروف ولحظات مختلفة من الفيلم لتربط الحكايات الصغيرة ببعضها.

على غرار فيلم دومان فإن فيلم غيرودي يشكل نسيجا فكاهيا كثيفا ومرحا، تصل فيه العبثية حد الفوضى إلى درجة أن بعض النقاد شبهوه بالـ «ماخور»، وبلغ الفيلم ذروة الشاعرية والجنون في مشهد يمارس فيه رجل عجوز الجنس على وقع موسيقى روك «بينك فلويد». والرواية تحمل روح الفكاهة السوداء الباردة كما في أفلام جاك تاتي وأيضا عدسة بورنوغرافيا الهواة، فرغم المواقف الهزلية تبقى الحبكة السينمائية على غاية من الذكاء.

افريقيا.. الغائب الأبرز عن مهرجان «كان السينمائي 2016»

«كان» الوكالات ـ سينماتوغراف

غياب إفريقيا عن لائحة الأفلام السينمائية المشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان «كان»، والذي انطلقت دورته الـ 69 الأربعاء الماضي، بحضور عمالقة الفن السابع وكبار الشخصيات والمشاهير، في مدينة «كان» الفرنسية، شكّل الحدث في هذه النسخة المقامة في قصر المهرجانات بشارع «لاكروازات» الشهير بالمدينة.

غياب منح قناعة لعدد من المراقبين بأنّ عهد الأفلام السينمائية الإفريقية التي استطاعت في السابق افتكاك الإعتراف الدولي بها، قد ولّى إلى الأبد.. فعشّاق الفنّ السابع لا يزالون يذكرون فيلم «تيلاي» (تجسيد لمأساة إغريقية في إفريقيا المعاصرة)، للمخرج البوركيني إدريسا ويدراوغو، والذي حاز على جائزة لجنة التحكيم لمهرجان «كان» في 1990.

هذا العام أيضا، تماما مثل ما يقارب عن العقدين من الزمن، غابت إفريقيا عن السجادة الحمراء لـ «كان».. غياب لم يكسره سوى مشاركة فيلم «تمبكتو» في 2014، للمخرج الموريتاني عبد الرحمان سيساكو، والذي استطاع أن يحصد جائزتين أعادتا القليل من الأمل إلى محبي السينما الإفريقية.

كاترين رويل، الصحفية المتخصّصة في السينما الإفريقية، اعتبرت أنّ غياب الأعمال السينمائية الإفريقية في «كان»، يجد تفسره في ضعف الإنتاج السينمائي الإفريقي، مضيفة أنّ « صنّاع السينما يجدون صعوبة متزايدة في إنتاج الأفلام، لإفتقارهم للتمويل الكافي، في ظلّ غياب أكبر المنتجين التاريخيين الداعمين لإفريقيا، من ذلك الصناديق الأوروبية والفرنسية والألمانية أو حتى الانجليزية».

رويل لفتت إلى أنه لا توجد إحصائيات شاملة تمكّن من تقدير عدد الأفلام التي تنتجها إفريقيا، موضحة أنه بصرف النظر عن تونس، والتي تشارك في المنافسة بفيلم قصير بعنوان «علّوش» للمخرج لطفي عاشور، ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان (الفيلم العربي والإفريقي الوحيد الذي وقع اختياره للمنافسة على السعفة الذهبية لهذه الفئة)، والجزائر وجنوب افريقيا ومصر والمغرب أو نيجيريا، فإنّ «بقية البلدان الإفريقية لا تستطيع تأمين إنتاج سنوي ضخم وبجودة عالية، خصوصا في ظلّ اختفاء قاعات العروض في كثير من تلك البلدان، وانعدام السوق المحلية تقريبا من الناحية العملية».

«تنبغي الإشارة أيضا»، تتابع رويل، إلى أن «مهرجان كان يرغب دائما في تقديم العروض الأولى العالمية للأفلام التي يختارها، وهذا ما يؤدّي إلى إقصاء العديد من الأفلام»، وهذا السبب يمكن أن ينضاف إلى «عدم الإهتمام المتزايد، أو التراجع للإنتاج الفرنسي المشترك، وللأفلام الأوروبية، والمعايير الجمالية والموضوعية الأوروبية».

الصحفية أشارت أن ما تقدّم يفسّر «عجز نوليوود (السينما النيجيرية)، والتي تعدّ واحدة من أكبر منتجي الأفلام في العالم، بمتوسّط انتاجي يقدّر بألفي فيلم سنوي، عن استقطاب اهتمام مهرجان كان، رغم أنّ أفلام نوليوود تجد، وبسهولة، صدى واسعا في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث تشكّل الجاليات النيجيرية هناك جمهورا عريضا».

«لكن، وعلى غرار ثلاثة أرباع الأفلام الأمريكية»، تضيف الصحفية، فإن «الأفلام النيجيرية موجّهة للإستهلاك الداخلي، وهذا ما قد لا يروق دائما للقائمين على مهرجان كان، ممن تستحوذ عليهم فكرة «السينما العريضة»، ويرفضون أشكالا جمالية ومواضيع بعيدة جدا عن معايير الجودة الأوروبية».

أما بالنسبة لـ «جيرار ماريون»، مدير «أضواء إفريقيا»، إحدى المهرجانات الإفريقية، فإنّ غياب القارة السمراء عن مهرجان «كان»، يعود إلى عدم وجود استراتيجية علائقية لصنّاع السينما الأفارقة.

ماريون رأى، أنّ «المخرجين الأفارقة لا يمتلكون ما يكفي من العلاقات، والتي تعتبر ضرورية لمهرجان كان، والدليل على ذلك هو أنّ المخرج التشادي محمد هارون، أحد أعضاء لجنة تحكيم المهرجان منذ 4 أعوام، والذي نافست أفلامه في المسابقة الرسمية لـ 3 أعوام على التوالي، كان على معرفة وطيدة بتييري فريمو (مدير مهرجان كان) ».

موقف لقي تأييدا من لدن رويل، والتي أوضحت بهذا الاتجاه، أنه «يمكن حتى القول بأن مهرجان «كان» ليس سوى انعكاس لحالة السينما الفرنسية، وأيضا حالة مجتمعنا الذي يتجه نحو التقوقع على نفسه».

إبراهيم أحمد، بطل فيلم «تمبكتو»، قال: «مهما يحدث في القارة الإفريقية، سنواصل الحلم بإنجاز فيلم يمكن أن يكون مفخرة للقارة الإفريقية بأسرها، على غرار النجاح العالمي الذي حققه تمبكتو».

جيرار دوبارديو في دور أب فرنسي اعتنق ابنه الاسلام، يجدد انتقاده لـ «كان»

«كان» ـ هدى ابراهيم

انتقد اليوم الأحد الفنان الفرنسي العملاق جيرار دوبارديو، اثر عرض فيلم رشيد جعيداني «دورة فرنسا ـ Tour de France» ضمن تظاهرة «أسبوعي المخرجين»، الإدارة الرسمية لمهرجان كان السينمائي التي استبعدته وأعلنته فنانا غير مرغوب فيه اثر انتقاداته للسلطة الفرنسية واعلانه تخليه عن الجنسية الفرنسية وطلب جواز سفر روسي من صديقه الرئيس الروسي ڤلاديمير بوتين، بسبب خلاف مع مصلحة الضرائب الفرنسية .

وانتقد دوبارديو المهرجان بشكل موارب حين قال امام الحضور المحتشد في عرض الصباح وحيث يؤدي دور «سيرج» في الفيلم : «افضل ان اكون معكم هنا، هناك ضربات قلوب وانفعالات مختلفة، نظرات مختلفة، هناك سلالم لم أعد احب ارتقاءها. هناك، غالبا ما نرى الا وجوها فارغة، خالية من الذكاء والمعنى».

دوبارديو كان يقصد السلالم الاسطورية لمهرجان كان السينمائي التي تفرش بالسجاد الاحمر والتي ارتقاها عشرات المرات في الماضي.

وكان دوبارديو أعلن قبل بدء المهرجان لاحدى الصحف الفرنسية: «لم يعد بوسعي الذهاب الى مهرجان كان منذ رحل عن رئاسته جيل جاكوب، لقد تبدل المهرجان وبات المال يسيطر على كل شيء فيه. لقد ابتعدنا عن السينما. مهرجان كان يستحق غير ذلك».

ويعتقد ان السلطات الفرنسية تمارس ضغطا على ادارة المهرجان لاستبعاد دوبارديو، بسبب اعلانه تخليه عن الجنسية الفرنسية وهو غالبا ما ينتقد دوبارديو السياسة الفرنسية واوضاع البلاد، خاصة اليسار الحاكم.

ومعروف عن جيرار دوبارديو الذي يلقبه الفرنسيون بـ«جي جي»، اتخاذه لمواقف مثيرة للجدل، واستخدامه لعبارات مبطنة تعبر عما يريد ان يقول خصوصا في السنوات الاخيرة، وهي غالبا، عبارات ساخرة منتقدة لا تقتصر على السينما وانما تتعاطى السياسة والشأن العام، وهو ما يثير حفيظة البعض حيال تصريحاته المستفزة.

على ذلك يرد وحش الشاشة الفرنسية بالقول : «انا كما انا، انا نفسي وانا حر».

وكان دوبارديو احتجاجا على فرض الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، ضرائب بنسبة 85 ٪ على اصحاب الدخل المرتفع ومنهم دوباريو، اعلن التجاءه، عام 2014 الى بلجيكا أولا قبل ان يحصل على جواز سفر روسي.

لكن ومهما يكن جواز السفر الذي يحمله دوبارديو، روسيا أو غير روسي،  فهو يبقى احد الوجوه التي تمثل فرنسا قي المجال الدولي ليس في السينما فقط، وانما في المطبخ الفرنسي حيث يملك اكثر من مطعم وحقولا واسعة من الكروم وهو ذواقة للطعام الفرنسي، ونتاجات المزارع الفرنسية، ظهر مرات في برنامج تلفزيوني فرنسي حول اعداد الطعام، فضلا عن أدواره التي لا تنسى في السينما الفرنسية.

دوبارديو اعلن خلال تلك الازمة انه دفع مبلغ 154 مليون يورو ضريبة للدولة الفرنسية، وكانت تلك القرارات اثارت الكثير من الجدل، في وقت يهرب فيه الكثير من اصحاب الاموال في فرنسا الى سويسرا للتهرب من دفع الضريبة العالية.

واعتبر دوبارديو ان المجتمع الفرنسي فقد سعادته وحيويته وان فرنسا لم تعد تساوي شيئا في العالم.

في شريط «دورة  فرنسا» ادى دوبارديو دور «سيرج» الفرنسي من الطبقة المتوسطة الذي ابتعد عن ابنه بسبب اعتناقه الاسلام ليصير اسمه بلال٠ والفيلم مليء بالكليشيهات التي يمكن ان يواجه بها الفرنسي العادي شخصا فرنسيا آخر من اصول عربية، ويحاكم الفيلم هذا الجانب في المجتمع الفرنسي على خلفية اغاني الراب الرائجة في أوساط الشباب العربي والافريقي والتي يعبرون بها عن غضبهم.

ويؤدي مغني الراب صادق دوره في الفيلم الى جانب دوبارديو الذي يصبح بمثابة اب له. وأعترف دوبارديو انه لا يحب عنف موسيقى الراب ولا كلامها البذيء لكنه ومن خلال تجربة الفيلم تعرف على نصوص اخرى جميلة لصادق وصار يعرف اكثر عن هذا الفن الغنائي.

«انا دانييل بليك» لكين لوتش.. العجز في مواجهة القوانين الجائرة

«كان» ـ عبد الستار ناجي

اذا كان للسينما البريطانية من عنوان في هذه المرحلة من تاريخها فهو المبدع كين لوتش الذي كان وراء كم من التحف الخالدة في ذاكرة السينما البريطانية والعالمية ولعل من ابرزها تحفته الريح التي تهز حقل الشعير الذي فاز عنه بجائزة السعفة الذهبية عام 2006

وبعد عامين من قرار اعتزاله السينما يعود عن قراره ليقدم للسينما فيلم «انا دانييل بليك ـ I Daniel Blake» الذي يمثل تعميقا للنهج الذي راح يشتغل عليه حيث قضايا الانسان في بلاده.

الفيلم يأخذنا الى حكاية دانييل بليك دافي جونز ذو التسعة وخمسين عاما والذي تعرض لأزمة قلبية حالت دون ان يكمل عمله كنجار في نيوكاسل. بعدها تبدأ محاولاته في العودة الى العمل او الحصول على مساعدة تمنحه القدرة على اكمال حياته بسلام دون الحاجة الى الآخرين .

تتزامن تحركاته في خط متقاطع مع حكاية كاثي هايلي سيكرز الأم الشابة التي تعيل طفلين فتاة وفتى وتعاني من البطالة وقلة فرص العمل وغياب الدعم المادي لها ولأطفالها مما يضطرها للعمل في الاعمال البسيطة بحثا عن لقمة العيش ويقوم دانييل بمساعدتها في عدد من المواقف مع تدهور حالتها المادية حيث تظل الاحداث دائما تتحرك في جملة من المراكز الخاصة بتقديم الدعم والمساعدات المادية للمحتاجين .

تبدأ مشكلة دانييل حينما تتعقد الامور أمامه يوما بعد آخر حيث يطلب منه تعبئة الطلبات بواسطة المواقع الخاصة من خلال الانترنت فكيف وهو يعاني من الأمية في هذا الجانب وفي كل مرة المزيد من التعقيد والطلبات التي لا تكاد تنتهي بل تذهب به الى متاهات في غاية الصعوبة من طلب السيرة الذاتية الى كم آخر من الطلبات التي تبدو تعجيزية امام انسان قضى جل حياته ملتزما بعمله وتنفيذ التزاماته تجاه الدوله التي راحت تتخلى عنه وعن أمثاله الذين يعانون العجز والمرض.

وتمضى الايام هو يعانى ضيق اليد والحال وهي تعانى ذات الامر ويذهب معها ومع أطفالها الى ما يسمى بـ بنك الطعام الذي يقدم المساعدات للمحتاجين وفي واحد من أكثر المشاهد قسوة تقوم كاتي بفتح احدى المعلبات وتلتهم ما فيها وهي تبكي لانها جائعة جدا.

بل تذهب الى ما هو أبعد من ذلك حينما تقوم بالسرقة من احد المحلات ويساعدها المسؤول الأمني بعد ان قبض عليها أحد المراقبين والذي يعطيها عنوانه مؤكدا لها انه يمتلك المقدرة على مساعدتها وهو ما يوصلها الى ممارسة الدعارة والرذيلة من أجل الحصول على المال وحينما يكتشف دانييل أمرها تطلب منه ان يتركها وحدها مع أطفالها ومشاكلها الكبرى.

وهنا تتفجر أحاسيس ومشاكل دانييل الذي يشاهد نفسه وهو يبيع كل أثاثه وكاتي تبيع نفسها مما يضطره الامر الى كتابه عدد من الشعارات على واجهة المكاتب الخاصة بتقديم المساعدات.

وبعد القبض عليه وتهديدة بالسجن تقوم كاتي بمساعدته من أجل فتح ملفه من جديد ولكنه يلقى حتفه في مرحاض المركز بعد ان داهمته أزمة قلبية عنيفة.

فيلم كبير وقاس عن قسوة الأزمة الاقتصادية والقوانين الجائرة والتي يذهب ضحيتها الأبرياء والفقراء والشرفاء الذين يسقطون ضحية القوانين التي تظل تسوف الامور ولا تعطي من ضحى بحياته وقدم التزاماته اي شيء عن الحاجة او العجز.

فيلم يصرخ كعادة أفلام كين لوتش التي تتفجر غضبا على الواقع وعلى أهمية الدولة والمشاكل الاقتصادية التي تعصف بالانسان والمجتمع البريطاني بكافة شرائحه وقطاعاته .

سينما الدارما الاحتماعية التي تدق الاجراس وتشير بأصابع الاتهام للمؤسسة الاقتصادية التي تسيطر على كل شيء وتحول الانسان الى مجرد ترس في آلة كبرى حينما يتعطل يذهب الى الهامش والنسيان.

فيلم «انا دانييل بليك» هو في حقيقة الأمر تحفة ذات جودة عالية وهو ليس بالأمر المستغرب على مبدع كبير بقامة ومكانة كين لوتش الرائع.

سينماتوغراف في

15.05.2016

 
 

يرصد قسوة الأزمة الاقتصادية وضحاياها من الأبرياء

في «أنا دانييل بليك» كين لوش يصنع تحفة !

عبدالستار ناجي

اذا كان للسينما البريطانية من عنوان في هذه المرحلة من تاريخها فهو المبدع كين لوش الذي كان وراء كم من التحف الخالدة في ذاكرة السينما البريطانية والعالمية ولعل من ابرزها تحفته الريح التي تهز حقل الشعير الذي فاز عنه بجائزة السعفة الذهبية عام 2006
وبعد عامين من قرار اعتزاله السينما يعود عن قراره ليقدم للسينما فيلم انا دانييل بليك الذي يمثل تعميقا للنهج الذي راح يشتغل عليه حيث قضايا الانسان في بلاده

الفيلم يأخذنا الى حكاية دانييل بليك دافي جونز ذو التسعة وخمسين عاما والذي تعرض لأزمة قلبية حالت دون ان يكمل عمله كنجاز في نيوكاسل. بعدها تبدأ محاولاته في العودة الى العمل او الحصول على مساعدة تمنحه القدرة على اكمال حياته بسلام دون الحاجة الى الآخرين .

تتزامن تحركاته في خط متقاطع مع حكاية كاثي هايلي سيكرز الأم الشابة التي تعيل طفلين فتاة وفتى وتعاني من البطالة وقلة فرص العمل وغياب الدعم المادي لها ولأطفالها مما يضطرها للعمل في الاعمال البسيطة بحثا عن لقمة العيش ويقوم دانييل بمساعدتها في عدد من المواقف مع تدهور حالتها المادية حيث تظل الاحداث دائما تتحرك في جملة من المراكز الخاصة بتقديم الدعم والمساعدات المادية للمحتاجين

تبدأ مشكلة دانييل حينما تتعقد الامور أمامه يوما بعد آخر حيث يطلب منه تعبئة الطلبات بواسطة المواقع الخاصة من خلال الانترنت فكيف وهو يعاني من الأمية في هذا الجانب وفي كل مرة المزيد من التعقيد والطلبات التي لا تكاد تنتهي بل تذهب به الى متاهات في غاية الصعوبة من طلب السيرة الذاتية الى كم آخر من الطلبات التي تبدو تعجيزية امام انسان قضى جل حياته ملتزما بعمله وتنفيذ التزاماته اتجاه الدوله التي راحت تتخلى عنه وعن أمثاله الذين يعانون العجز والمرض

وتمضى الايام هو يعانى ضيق اليد والحال وهي تعانى ذات الامر ويذهب معها ومع أطفالها الى ما يسمى بـ بنك الطعام الذي يقدم المساعدات للمحتاجين وفي واحد من أكثر المشاهد قسوة تقوم كاتي بفتح احدى المعلبات وتلتهم ما فيها وهي تبكي لانها جائعة جدا

بل تذهب الى ما هو أبعد من ذلك حينما تقوم بالسرقة من احد المحلات ويساعدها المسؤول الأمني بعد ان قبض عليها أحد المراقبين والذي يعطيها عنوانه مؤكدا لها انه يمتلك المقدرة على مساعدتها وهو ما يوصلها الى ممارسة الدعارة والرذيلة من أجل الحصول على المال وحينما يكتشف دانييل أمرها تطلب منه ان يتركها وحدها مع أطفالها ومشاكلها الكبرى

وهنا تتفجر أحاسيس ومشاكل دانييل الذي يشاهد نفسة وهو يبيع كل أثاثه وكاتي تبيع نفسها مما يضطره الامر الى كتابه عدد من الشعارات على واجهة المكاتب الخاصة بتقديم المساعدات

وبعد القبض عليه وتهديدة بالسجن تقوم كاتي بمساعدته من أجل فتح ملفه من جديد ولكنه يلقى حتفه في مرحاض المركز بعد ان داهمته أزمة قلبية عنيفة

فيلم كبير وقاس عن قسوة الأزمة الاقتصادية والقوانين الجائر والتي يذهب ضحيتها الأبرياء والفقراء والشرفاء الذين يسقطون ضحية القوانين التي تظل تسوف الامور ولا تعطي من ضحى بحياته وقدم التزاماته اي شيء عن الحاجة او العجز .

فيلم يصرخ كعادة أفلام كين لوش التي تتفجر غضبا على الواقع وعلى أهمية الدولة والمشاكل الاقتصادية التي تعصف بالانسان والمجتمع البريطاني بكافة شرائحه وقطاعاته

سينما الدارما الاحتماعية التي تدق الاجراس وتشير بأصابع الاتهام للمؤسسة الاقتصادية التي تسيطر على كل شيء وتحول الانسان الى مجرد ترس في آلة كبرى حينما يتعطل يذهب الى الهامش والنسيان .

فيلم هو في حقيقة الأمر تحفة ذات جودة عالية وهو ليس بالأمر المستغرب على مبدع كبير بقامة ومكانة كين لوش الرائع.

«توني آردمان» العلاقة بين الآباء والأبناء !

عبدالستار ناجي

العلاقة بين الاباء والابناء هي العنوان المحوري للفيلم الالماني «توني اردمان» للمخرجة مارن ادي التي تقدم عملها الروائي الثالث وهي تمتلك أسلوبها ولغتها وايضا القضايا التي تشتغل عليها بالذات تلك التي تحمل مضامين اجتماعية عالية الجودة ذات بعد انساني عالمي . المحور الذي تشتغل عليه حول حكاية «توني» الأب الكهل الذي تعاني زوجته المرض اما ابنته فهي مشغولة بعملها ومشاريعها الكبرى التي حولتها الى «حيوان متحرك» كل شيء بمواعيد وكل شيء مرتب بلا احاسيس حتى العلاقات مع أهلها ومع زملائها . حينما يموت كلبه يفكر الأب ان يقضي فترة عند ابنته التي تعمل مع احدى الشركات الكبرى في العاصمة الرومانية بوخارست.. وحينما يصل اليها يجدها مزدحمة بمواعيدها وعملها ومحاولاتها ارضاء رؤسائها في العمل من اجل مزيد من المشاريع والاتفاقيات وبالتالي المزيد من المناصب القيادية .

عندها يحدثها عن معنى وأهمية فهم الحياة وان ما تقوم به هو شيء بعيد عن الحياة والاستمتاع بها ويقرر ان يغادرها ولكنها تعود الى حياتها المزدحمة بالعمل والمواعيد ولكننا نكتشف انه لم يغادر بوخارست الى المانيا بل ظل في بوخارست وراح يطاردها في كل مكان ويتقرب من زملائها في العمل والتعامل مع الامور بكثير من السخرية بالذات حينما يضع أسنانا اصطناعية كبيرة وباروكة شعر ويطلق على نفسه أسماء عنده فتارة هو مدرب رياضي وآخر سفير لألمانيا وغيرها من التسميات وفي كل مرة تكتشف تلك الفتاة بان والدها يحاول ان يهدئ من ايقاعها ومنحها الفرصة لفهم أكبر للحياة .

وفي كل مرة محطة وحكاية وكم من التعاليم التي تجعل الابنة تحقق اضافة في الاحاسيس والمشاعر حتى نصل الى حفل يدعى اليه الأب بوصفه سفيرا لالمانيا الى احدى الأسر بمناسبة عيد الفصح المجيد ويحاول ان يجعلها اعتيادية وبسيطة وتتفكك من عجرفتها والتزامها الحاد والقاسي ويفلح في ان يجعلها تغني وهي لحظة محورية وأساسية هامة.

بعدها تأتي اللحظة الثانية الاهم عند احتفالها بعيد ميلادها وهي تحاول ان ترتدي احد فساتينها لتكشف انها بحاجة الى تغييره وعندها تجد نفسها محشورة في الفستان وجرس الباب يقرع عندها تتخذ القرار بان تظهر عارية لتستقبل صديقتها في العمل والتي تسألها عن سبب عريها فيأتي الرد بانها حفلة عيد ميلاد عارية وتضطر الصديقة للانسحاب ليصل بعدها مديرها وينسحب وغيرهم حتى تصل احدى الصديقات وتوافق على ان تعيش التجربة كما يعود المدير بعد ان يقتنع ويصل ايضا والدها وهي ترتدي ملابس وحش ضخم مأخوذ من التراث البلغاري ليحتضنها وكأنه يغطيها... بعد ان تغيرت كليا وراحت تكتشف بان للحياة جوانب انسانية غير العمل اليومي والطموحات المادية البحتة .

فيلم ثري بالمضامين بالذات على الازمة الكبرى التي تعيشها الكثير من الدول الاوروبية حول العلاقة بين الاباء والابناء وحالة العقوق الحاد والغربة بين أفراد الأسرة الواحدة حتى تم استبدال الابناء بالكلاب .

سينما عميقة اشتغلت على مضامينها المخرجة مارن ادي بحضور متميز من ثنائي الفيلم بدور الابنة ساندرا هولر ولدور الأب بيتر سيمونشيك وكلاهما أهل للاستحقاق بجوائز التمثيل النسائي او الرجالي . باختصار شديد فيلم «توني اردمان» عن الانسان وهنا بيت القصيد ودور أساسي من أدوار السينما في التماس مع قضايا الانسان .

بطولة فابريس لوكيني وجوليت بينوش

الفرنسي برونو دومون في فيلم «ما لوت» يدهشنا !

عبدالستار ناجي

حكاية تبدو بسيطة وتقليدية ويمكن حدوثها في اي مكان وزمان يلعبها المخرج الفرنسي برونو دومون معتمدا على سيناريو اصلي قام بكتابته عن حكاية تجري احداثها في عام 1910 في مطلع القرن العشرين في كاليية في شمال فرنسا حيث يتم اختفاء عدد من الشخصيات في ظروف غامضة لتبدأ بعدها عملية البحث والتقصي

هكذا هو المحور الاساسي لفيلم مالوت وهو اسم صبي ينتمي الى أسرة فقيرة الحال تعيش على جمع الأصداف والقواقع البحرية وبيعها وهو يعيش مع والده القاسي ووالدته الاقسى واخوته الصغار الثلاثة والذين نكتشف انهم وراء اختفاء تلك الشخصيات من أجل أكل لحمها . مع بداية موسم الصيف تصل أسرة احد الاثرياء الذي يمتلك فيلا فخمة صممت على الهندسة الفروعونية وتضم أسرة الزوج اندرية فابريس لوكيني- احد اهم نجوم المسرح والسينما الفرنسية وزوجته ايزابيل وفاليريا بروني تاديشي وبناتهم بالاضافة الى ابنة شقيقته رالف بيللي وتلتحق بهم لاحقا شقيقته اود جوليت بينوش.

في البداية يختفي احدهما ثم واحد آخر وثالث ليجد المحقق الضخم الجثة نفسه في حيرة في فك رموز الحكاية وأسرارها في الوقت الذي يذهب الفيلم ومن قبله برونو دومون في توجيه شحنة من النقد والسخرية على ممارسات الطبقة البرجوازية عبر طريقة حديثها وأكلها وشربها وأزيائها وتقاليدها اليومية الحياتية . مجموعة من الحكايات على خلفية جرائم اختفاء عدد من الشخصيات والجاني يعرفة المشاهد والذي يتمحور حول مالوت وأسرته الذين نشاهدهم وهم يتلذذون في التهام لحم الانسان بل ان هناك مشهدا يلتهم خلاله الأطفال أصابع احدهم وكأنهم يأكلون مقبلات ! وتتصاعد الاحداث خصوصا حينما تنشأ علاقة بين مالوت والصبية بيلي وهي علاقة تبدو منذ اللحظة الاولى مرفوضة من قبل العائلتين لان عائلتها البرجوازية تريدها لنسب أكبر بينما تراها عائلة الصبي مالوت مجرد وجبة خصوصا وان لحمها لايزال طريا .

وفي الوقت الذي تتطور به العلاقة نرى كماً من الحكايات التي يظل المحقق يطاردها بالذات تلك التي تتعلق في اختفاء عدد آخر من الشخصيات وسط أجواء المنطقة الساحرة بجمالها وتضاريسها الجغرافية وكم من الشخصيات الثرية بتفاصيلها وانتمائها الطبقي خصوصا وان المنطقة تعيش بين الاثرياء الذين يزورونها صيفا الفقراء الذين يرزحون تحت خطوط الفقر ما أوصل عائلة مالوت الى استباحة أكل لحم البشر .

فهل يصمد الحب امام ذلك التقليد المتوحش نتيجة الفقر يحاول مالوت اكثر من مرة تجاوز نداء الجوع بداخله حتى اللحظة التي يضرب مالوت صديقته بيلي التي يحبها من أجل تحويلها الى وجبة خاصة بأسرته في الحين ذاته تقوم والدته باختطاف والدتها وايضا عمها قبل فوات موسم الصيف وبقاء الشواطئ فارغة . وسط تصاعد الاحداث يقرر مالوت التراجع عن تقاليد أسرته حيث يقوم باعادة بيلي وأمها وعمها الى منطقة قريبة من منزلهم وكأنه يحاول التكفير عن أخطائه ومؤكدا بان الحب قادر على التغيير حتى وان ظل يواجه الجوع والحاجة والفقر

في الفيلم تجربة سينمائية تختلف شكلا ومضمونا عن جملة تجارب برونو دومو السابقة ومنها بيتيت كونكان وكاميلي كلوديل و فالاندر وغيرها من النتاجات التي رسخته كأحد أهم الصناع في هذه المرحلة من تاريخ السينما الفرنسية في هذا العمل يذهب الى شيء من الفنتازيا عبر الشخصيات التي تطير وايضا المبالغة في الأداء لشيء من النقد على شيء بالذات الطبقة البرجوازية وايضا رجال الشرطة في تلك المرحلة من تاريخ فرنسا .

فيلم يدهشنا في مقدرته على مسك وجذب المشاهد حتى ونحن امام حكاية مفتوحة الرموز يعرفها المشاهد ولكننا نظل نشعر بالمتعة العالية عبر اداء فابريس لوكنتي وجولييت بينوش وايضا أجيال الفيلم من النجوم الشباب الذين أدهشونا بحضورهم .

وايضا تلك اللغة السينما الثرية بالمشهديات الخاصة بالبحر والشاطئ والتقاليد والوجوه والظروف والفوارق الطبقية وغيرها من الاحداثيات التي تحول الفيلم الى عمل سينمائي كبير قريب جدا من جمهور السينما وعلى ذات مستوى النقاد .

ويبقى ان نقول بان مالوت عمل يدهشنا لانه ثري بكل شيء.. بالذات الفن السينمائي .

«سييرا نيفادا» يحلل المجتمع الروماني

عبدالستار ناجي

يمثل المخرج كريستي بويو احد رموز السينما الرومانية بالاضافة الى مواطنه كرستيان مونجو وكلاهما يمثلان خطا سينمائيا عامرا بالخصوصية والتفرد واللغة السينمائية العالية الجودة

وفي فيلمه الجديد «سييرا نيفادا» يأخذنا كريستي بويو الى منطقة شديدة الخصوصية يتم من خلالها تحليل المجتمع الروماني في هذه المرحلة من تاريخ رومانيا

تبدأ احداث الفيلم بعيد ثلاثة أيام من الحادث الارهابي الذي تعرضت له صحيفة «شارلي ابدو» في العاصمة الفرنسية وبعد أربعين يوما من وفاة والده يقوم الدكتور لاري بزيارة منزل والده مع زوجته لحضور التقاليد الدينية بذكرى مرور أربعين يوما على رحيل والده بحضور جميع أفراد أسرته اعتبارا من والدته الى عمته واخوته وزوجاتهم وشقيقاته وأزواجهن وهناك تبدأ ملحمة انسانية هي في حقيقة الامر كل شيء عن الحالة الاجتماعية الراهنة في رومانيا

احداثيات الفيلم تبدأ على مدى نصف نهار كامل بها مشهد تمهيدي خارجي وآخر في منتصف العمل اما بقية احداث الفيلم فهي تدور في ردهات وغرف ذلك البيت الخاص بالأسرة الرومانية المتوسطة الحال والتي مرت عبر أجيالها بتاريخ رومانيا مرورا بالارتباط بالاتحاد السوفياتي وصولا الى مرحلة شاوشيسكو والممارسات الدكتاتورية التي تعرض لها الانسان الروماني.

كم من الحكايات المتداخلة والتي تبدو اعتيادية وتقليدية يمكن ان تحدث هنا او هناك احاديث عن الأكل والشرب ومناخ الحزن لفقدان الأب لتأخذ مناحي أخرى من بينها العلاقة التي تربط بين كل رجل وزوجته او كل امراة وزوجها الامور تبدأ بالملاحظات وسرعان ما تتحول الى اعترافات وخيانات ومناوشات وكلما انتهت حكاية تنطلق أخرى.

كل شيء في الاطار الاجتماعي ولكنها في حقيقة الامر السياسة والاقتصاد وغيرها ويحاول لاري ان يبدو متماسكا يحاول اصلاح ذات البين بين افراد أسرته بالذات حينما تتفجر الازمة بين شقيقته الكبرى وزوجها الذي تتهمه بالخيانة المتكررة

كم من الشخوص تبدو للوهلة الاولى هادئة بسيطة وسرعان ما تتحول الى بركان متفجر قاس حتى رغم محاولة المحافظة على تقاليد الأسرة بانتظار رجل الدين الذي يفترض ان يحضر لاقامة القدس ولكن الانتظار يطول وسط عواصف من الأحداث

الموت هو الخلفية ولكن الحاضر الاساسي هو تلك الشخصيات الحية ولكنها ميتة الأحاسيس تحاول ان تحافظ على كيان الأسرة الصغيرة الكبيرة بتفرع قضاياها .

طيلة تلك الرحلة يبدو لاري ساخرا متفاعلا مع الجميع متماسكا حتى اللحظة التي تطلب منه زوجته اللحاق بها لانها في مشكلة وهو المشهد الثاني الخارجي في الفيلم وهناك تحدث مجموعة من المشاكل تكاد تصل الى حافة العنف الذي يتجاوزه لاري بشيء من الهدوء ولكنه حينما يدخل السيارة مع زوجته ينفجر بالبكاء لانه لا يريد العنف او الموت وهي يرى كل شيء من حولة متفجرا بالعنف لاتفه الاسباب كما يحدث زوجته عن والدة ويعترف لها بانه يعرف بان والده الذي كان يعمل طبيبا ارتبط بالكثير من الخيانات والعلاقات المجانية وحينما تسأله زوجته عما اذا كانت والدته تعلم بالامر يؤكد لها بان والدته كانت تعلم ولكنها ظلت محافظة على كيان أسرتها . بل انه يسرب جملة يقول لها «ومن منا ليس له رذيلة» وكأنه يشير الى علاقاته هو الآخر حيث نشاهد خلال الفيلم يتلقى ثلاثة اتصالات ولكنه يقول لمن على الطرف الآخر «بانه لا يستطيع الحديث الان».

كما يبدأ الفيلم بالسخرية وبعض الضحكات يعود الفيلم في نهايته الى الضحك وكأن الحياة يجب ان تستمر حتى رغم كل تلك الضغوط العاتية التي تعصف بالمجتمع والأسرة الرومانية التي تطل علينا بعدد من الشخصيات التي تمثل شرائح متعددة من المجتمع الروماني . في الفيلم عدد من نجوم السينما الرومانية ومنهم برانسكو ميمي «لاري» ودانا دجرو «نوسا الام» ومارين جريجور ورولندو متزانجوس...

ونشير هنا الى ان المخرج كريستي بويو حقق شهرة عالمية واسعة بعد فيلمه الثاني «موت السيد لازرازو» وايضا فيلمة «ارورا» وهو في كل مرة مخرج يمتلك أدواته وحرفته وبصمته ولغتة السينمائية التي تعتمد على سيناريو ثري بالقيم والنقد وايضا الكادر الثابت لمزيد من التأمل في الشخصيات وكأنها تلك الشخصيات تتحرك امام مسرح الكاميرا او كاميرا المسرح ومن هنا أهمية التجارب التي يقدمها هذا المبدع الروماني القدير .

سبعة أفلام دعمتها مؤسسة «الدوحة»

عبدالستار ناجي

يشهد فيلم «البائع» من كتابة واخراج أصغر فرهادي والذي شاركت مؤسسة الدوحة للأفلام في تمويله، عرضه العالمي الأول في المسابقة الرسمية في مهرجان كان السينمائي 2016. كما اختيرت ستة أفلام أخرى حصلت على دعم من برنامج المنح في المؤسسة لتعرض في أقسام رئيسية فيلم «البائع» من انتاج ميمنتو فيلمز للانتاج وأصغر فرهادي للانتاج بالشراكة مع أرتي فرانس سينما وبالتعاون مع مؤسسة الدوحة للأفلام وميمنتو فيلمز للتوزرع وآرتي فرانس. ويدور فيلم «البائع» حول عماد ورنا اللذين يجبران على ترك شقتهما بسبب أعمال خطرة تجري في المبنى المجاور، فينتقلان الى شقة جديدة في وسط طهران. لكن حدثاً ما مرتبطا بقاطني الشقة السابقين يغير حياة الزوجين بشكل دراماتيكي. «البائع» من بطولة شهاب حسيني (انفصال) وترانه علي دوستي (حول ألي). فاز فرهادي بجائزة أوسكار أفضل فيلم بلغة أجنبية لعام 2012 عن فيلمه «انفصال» وبجائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان السينمائي 2013 عن فيلمه «الماضي». وقالت فاطمة الرميحي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام: «يسرنا اختيار سبعة أفلام دعمتها مؤسسة الدوحة للأفلام لتعرض في مهرجان كان السينمائي في هذا العام. ان اختيار فيلم «البائع» في المسابقة الرسمية للمهرجان انجاز مهم نفتخر به جميعاً، كما نفتخر بأن نساهم في هذه الانتاجات الدولية التي ترسي معايير جديدة في صناعة الأفلام المتميزة. ويعتبر أصغر فرهادي واحداً من صانعي الأفلام المعروفين في عصرنا اليوم، وطالما أعجبنا بموهبته والتزامه بصناعة أفلام تعالج قضايا مهمة وقوية حافلة بالانسانية».

وأضافت الرميحي: «أود ان أشكر جميع أعضاء الفريق الذين عملوا على صناعة الفيلم وشاركونا رؤيتهم وجعلونا جزءاً من هذه التجربة الرائعة ونتمنى لهم الأفضل دائماً. لقد كان مشروعاً مميزاً تطلعنا اليه بشغف جميعاً ونتمنى للجمهور الاستمتاع بهذا الفيلم واكتشاف جمالياته الساحرة».

ومن بين ستة أفلام حصلت على منح المؤسسة، اختير اثنان في قسم نظرة ما وهما «المبتدىء» (سنغافورة، ألمانيا، فرنسا، هونج كونج، قطر) من كتابة واخراج بو جنفنغ، وفيلم «الكلاب» (رومانيا، فرنسا، بلغاريا، قطر) للمخرج بوغدان فلوريان ميريكا. ويعرض في قسم أسبوعي المخرجين فيلم «الرائعات» (المغرب، فرنسا، قطر) من اخراج هدى بنيامينا. وستنافس الأفلام الثلاثة المتبقية على جوائز مرموقة في أسبوع النقاد من ضمنها «ميموزا» (اسبانيا، المغرب، فرنسا، قطر) للمخرج أوليفر لاكس، «ربيع» (لبنان، فرنسا، الامارات العربية المتحدة، قطر) من اخراج فاتشيه بولغوريان، وفيلم «جزيرة الألماس» (كمبوديا، فرنسا، ألمانيا، قطر) من اخراج دافي تشو. وأضافت الرميحي: «من المهام الرئيسية لتمويل الأفلام في مؤسسة الدوحة للأفلام هي المساهمة في السينما العالمية وضمان مواصلة سرد القصص العظيمة. نحن ملتزمون بالاحتفال بالمواهب الرفيعة المستوى سواء الصاعدة او المعروفة منها، وذلك للمساهمة في نمو سينما عالمية ذات جودة عالية. ومن خلال برنامج المنح في مؤسسة الدوحة للأفلام.

جوليا روبرتس.. «حافية القدمين»

عبدالستار ناجي

ظهرت النجمة العالمية جوليا روبرتس حافية القدمين أثناء ظهورها على السجادة الحمراء بمهرجان كان بالدورة الـ69 وتوجهت جوليا لقصر المهرجان متجهة لـ«Grand Theatre» صاعدة السلالم حافية القدمين. ارتدت روبرتس فستاناً طويلاً أسود اللون أجمع كل محبيها على أناقته وسحرها فيه. يعرض لجوليا فيلم «Money Monster» خارج المسابقة الرسمية بالمهرجان.

حضور مصري قوي

عبدالستار ناجي

افتتح الفيلم المصري «اشتباك» للمخرج محمد دياب مسابقة «نظرة ما» بمهرجان كان السينمائي لعام 2016، محققا إشادة نقدية واسعة. ويمثل العرض المصري في المسابقة عودة قوية للسينما العربية للمهرجان الشهير وتم وصف الفيلم بـ«العمل المتقن والصادم الذي حبس أنفاس مشاهديه من أول لآخر لقطة» والفيلم من بطولة نيللي كريم وهاني عادل وعلي الطيب وخالد كمال والطفل أحمد داش. وشارك في إنتاج الفيلم عدة أشخاص أبرزهم محمد حفظي والداعية معز مسعود.

جوليان مور.. حاضرة

عبدالستار ناجي

شاركت النجمة العالمية جوليان مور التي كانت حائزة على جائزة أفضل ممثلة خلال المهرجان الماضي وهي حريصة على التواجد في كان اذا لم تكن مرتبطة في أي فيلم.

جورج كلوني وأمل نجما السجادة الحمراء

عبدالستار ناجي

في كل حدث عالمي أو مناسبة فنية، مسلسل التعثر والسقوط على السجادة الحمراء يحجز مكانته، خصوصاً مع النجمات، اللواتي تتحول أناقتهن الى سبب رئيس في إحراجهن أمام عدسات المصورين والحاضرين والجمهور هذه المشاهد لم تغب عن مهرجان كان السينمائي الدولي الذي تقام حالياً دورته الـ 69 في مدينة كان الفرنسية. فبعد الممثلة بليك ليفلي التي كادت تسقط على السجادة الحمراء بسبب طول فستانها، ها هي المحامية اللبنانية الأصل أمل علم الدين زوجة النجم جورج كلوني تتعرض لنفس الموقف. علم الدين تواجدت في المهرجان برفقه زوجها أثناء حضور العرض الخاص لأحدث أفلامه Money Monster، وأثناء سيرها على السجادة الحمراء وبسبب الهواء تطاير فستانها وتعثرت، فتشبثت بيد زوجها جورج حتى لا تسقط. يشار الى ان كلوني حضر عرض فيلم Money Monster مع النجمة جوليا روبرتس التي تشاركه بطولة العمل.

أخبار وحكايات

عبدالستار ناجي

حرص النجم الاميركي جورج كلوني على حضور عرض فيلمه «وحش المال» برفقة زوجته أمل علم الدين الفيلم من اخراج جودي فوستر وشاركت في البطولة جوليا روبرتز وقد عرض الفيلم خارج المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي

شهد حفل افتتاح فيلم « اشتباك» للمخرج محمد ذياب حضور عدد بارز من نجوم الفيلم بينهم نيللي كريم وعدد من نجوم السينما العربية وكم من المخرجين والنقاد والصحافيين .

يشهد الجناح الاماراتي يوميا حضور حشد من الصحافيين من انحاء العالم لمتابعة الأنشطة السينمائية الجديدة التي تشهدها مجموعة من المدن الاماراتية من بينها العاصمة الاماراتية ودبي وغيرها .

لا تزال الرياح شديدة مع ظهور الشمس مع انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة في الفترة المسائية

شهدت الصحف والمطبوعات التي تصدر في كان والخاصة بكبريات المطبوعات المتخصصة ومن بينها فاريتي والسكرين انترناشونال اصدار عدد من الاعلانات التي تشير لعدد من المؤسسات السينمائية العربية ومنها مؤسسة الدوحة للافلام والهيئة الاردنية للسينما ومدينة دبي للاستديوهات.

تصل الى كان النجمة الفرنسية ايزابيل هوبير حيث سيعرض فيلمها «ايل» الذي يتناول حكاية امرأة تتعرض للاغتصاب فتقوم بالأخذ بثأرها بيدها الفيلم من اخراج بول فيرهوفن .

تم الاعلان عن فيلم «مولانا» للمخرج المصري مجدي أحمد علي المأخوذ عن رواية بنفس الاسم للروائي المصري ابراهيم عيسى حيث يتم التحضير لانتاج العمل الجديد .

أكدت المخرجة السعودية هيفاء المنصور انها دخلت المرحلة النهائية من انجاز فيلمها الروائي الجديد «الآنسة كمال» بالتعاون مع مؤسسة الدوحة للافلام وكانت المنصور قد أنجزت فيلم «وجدة» الذي حقق شهرة عالمية واسعة .

وجهة نظر

كان 6

عبدالستار ناجي

الحديث عن الاجراءات الامنية المكثفة في مهرجان كان السينمائي الدولي، هي جزء اساس ومحوري، من الحالة الامنية ليس في أوروبا وحدها، بل في انحاء العالم.

الذين عاشوا عصر القصر القديم للمهرجان، وهو حاليا فندق «النوجا هيلتون» أو «الماريوت»، حيث ظل ذلك القصر صامدا لسنوات بل لعقود طويلة، حتى جاءت النقلة الكبرى، مع قصر المهرجانات الجديد، الذي يسترخي على شاطئ الكوت دوزور على الريفيرا الفرنسية.

ومع النقلة الجديدة، تصاعد ايقاع الاجراءات الامنية، حتى وصلنا الى مرحلة، تحتم على الجميع الذهاب الى الفيلم قبل ساعة ونصف تقريباً، لانتظار الطوابير.. والاجراءات الامنية المركبة، والتي هدفها سلامة ضيوف المهرجان من انحاء المعمورة.

ان حالة الامن، هي امر حتمي، لواقع الظروف التي تعيشها دول العالم، والتهديدات التي تحيط بها. ولذلك يتقبل جميع ضيوف المهرجان، من اكبر النجوم الى اصغرها، تلك الاجراءات، الساعية الى سلامة وامن الجميع.

بالامس، شاهدت المخرج الاسباني القدير بدرو المودفار، وهو ضمن طابور طويل ينتظر دوره للاجراءات الامنية، رغم ان فيلمه سيعرض في المسابقة الرسمية، ولكنه فضل ان يكون ضمن الطوابير.. وعدم التجاوز.. من اجل دعم الاجراءات الامنية.

ويبقى ان نقول، بأن مهرجان كان السينمائي بالاجراءات الامنية أو بغيرها، سيبقى قبلة صناع الفن السابع في العالم.

وعلى المحبة نلتقي.

النهار الكويتية في

15.05.2016

 
 

عرض فيلم «ربيع» اللبناني بمهرجان «كان السينمائي»

كتب: علوي أبو العلا

يعرض غدًا الثلاثاء الفيلم اللبناني «ربيع» للمخرج فاتشى بولغورجيان، بمسابقة «أسبوع النقاد»، ضمن فعاليات الدورة الـ 69 لمهرجان كان السينمائي الدولى.

فيلم «ربيع» إنتاج مشترك بين راديو وتليفزيون العرب ART وكل منAbout Productions وRebus Film وبطولة جوليا قصار، بركات جبور، ميشيل أضباشى، نسيم خضر.

وتدور أحداث الفيلم في إطار اجتماعى حول شاب ضرير يدعى «ربيع» يتعرض لصدمة عنيفة عندما يكتشف أثناء استخراج أوراقه الرسمية للسفر مع فرقته الموسيقية، أنه ابن بالتبنى للعائلة، التي يعيش في كنفها، فيبدأ رحلة طويلة للبحث عن جذوره.

«بلاك ليفلي» تفاجئ الجمهور بأناقتها وتستعرض حملها على سجادة «كان»

كتب: ريهام جودة

رغم ما هو مأخوذ عنها من ارتداء تصميمات غير جذابة في الاحتفالات الفنية، فإن الممثلة الأمريكية بلاك ليفلي ظهرت بأكثر من فستان جذاب خلال مشاركاتها في عدة فعاليات بالدورة 69 لمهرجان «كان» السينمائي الدولي، خاصة مع ظهور آثار الحمل في طفلها الثاني عليها، ووضعت يديها على بطنها، لتستعرض حملها أمام المصورين.

وظهرت«ليفلي» بفستان أزرق جذاب السبت، كما حضرت الجمعة بفستان أبيض منفوش، إلى جانب ظهورها بفستان أحمر في أول أيام المهرجان خلال العرض الأول لفيلمها «كافيه سوسيتيه» للمخرج وودي آلان.

أمل كلوني تنافس جميلات السينما في «كان» والكاميرات تطاردها في كل مكان

كتب: ريهام جودة

منذ وصولها الأربعاء الماضي لمشاركة زوجها الممثل الأمريكي جورج كلوني افتتاح فيلمه الجديد Monster Money ضمن فعاليات مهرجان «كان» السينمائي الدولي، لم تسلم المحامية البريطانية أمل كلوني من مطاردات الصحافة لها ولزوجها في كل مكان، للدرجة التي اضطرتهما لمغادرة فندق Eden Roc، بعد قضائهما يومين به بسبب امتلائه بالمصورين ومراسلي القنوات التليفزيونية الذين يقتنصون لها الصور.

ونشرت صحيفة ديلي ميل البريطانية صورا لـ«أمل» و«جورج» صباح اليوم وهما يغادران الفندق، وأشارت إلى توجههما إلى فندق يبعد قليلا عن قصر المهرجان الذي تقام فيه الفعاليات للحصول على بعض الخصوصية بعيدا عن إزعاج الإعلام، رغم اعتياد «أمل» على مطاردة المصورين منذ زواجها بـ«كلوني».

وكانت «أمل» قد تعرضت لموقف طريف خلال العرض الأول لفيلم Monster Money حيث تشابك فستانها بحذائها في السجادة الحمراء، وكانت تستند ليد زوجها.

الممثلة الفرنسية « إيلينا لينينا» بتسريحة شعر مُلفتة في «كان»

كتب: ريهام جودة

لفتت الممثلة الفرنسية إيلينا لينينا الأنظار خلال حضورها فعاليات الدورة 69 لمهرجان «كان» السينمائي الدولي، حيث حضرت بتسريحة شعر غريبة، ورفعت شعرها على هيئة قلب، بعدما صبغته باللونين الروز والذهبي.

المصري اليوم في

15.05.2016

 
 

في الدورة الـ 69 من «كان السينمائي»

أفلام إماراتية وعربية تسلط الضوء على قضايا إنسانية

إبراهيم الملا (دبي)

رغم قلة عدد الأفلام العربية المشاركة في المسابقات الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي في دورته الـ 69 التي انطلقت قبل أيام، إلا أن حضور هذه الأفلام في سوق المهرجان المقام على سواحل الريفيرا الفرنسية، يمنحها فرصاً متعددة للتعاون مع المنتجين السينمائيين ومبرمجي المهرجانات الدولية والخاصة، كما يفتح هذا الحضور الفني وسط أهم وأكبر مهرجان سينمائي في العالم، نافذة على التجارب الإبداعية العميقة والأسماء العتيدة التي أثرت المشهد السينمائي في القارات الخمس.

ولا تقتصر المشاركة الإماراتية والعربية في مهرجان كان على الأفلام الروائية والوثائقية وحدها، فهناك مشاركة دائمة للجهات التنظيمية والإعلامية المعنية بالشأن السينمائي في الإمارات مثل: لجنة دبي للإنتاج التلفزيوني والسينمائي، ومدينة دبي للاستوديوهات، ومهرجان دبي السينمائي الدولي، ومهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل، حيث تشارك هذه الوفود تحت مظلة واحدة في الجناح الإماراتي الذي يقع في القرية الدولية للمهرجان، والذي يعتبر منصة متميزة لتبادل المعلومات ونشر الوعي حول صناعة السينما في الإمارات، ودعم المواهب في المنطقة، واستعراض الإنتاجات السينمائية والتلفزيونية المحلية والعربية والعالمية التي تم تصويرها في الإمارات.

ومن الأعمال المحلية المشاركة ضمن سوق المهرجان، فيلم «رائحة الخبز» للمخرجة الإماراتية منال بن عمرو، والفيلم عبارة عن شريط روائي قصير (20 دقيقة) يتناول قصة عائلة بسيطة يعمل أفرادها في صناعة وبيع الخبز، وتنطلق الخيوط السردية المكثفة في الفيلم من الواقع الصعب التي تعيشه الفتاة المعاقة ضمن محيط العائلة، يتأسس وضعها الصادم على حادثة يحاول الجميع التكتم عليها، ورغم هذا الكتمان، فإن وقائع الحياة اليومية لعائلتها ستؤول إلى دوامة من العذابات النفسية والصدمات الاجتماعية، تستعرضها مخرجة الفيلم هنا بأسلوب يمزج ما بين الواقعي والتخيلي، وما بين الظاهر والمستتر من التأويلات والحقائق التي يمكن استنباطها والانتباه لها من قبل المشاهد.

ومن الجامعة الأميركية بالشارقة، تشارك الطالبتان إيمان زكريا، وفرح صبحي في سوق مهرجان كان بفيلمهما الروائي القصير «محطّم» الذي سبق لهما تقديمه ضمن مشروع التخرج من قسم الاتصال الجماهيري في كلية الآداب والعلوم بـ«أميركية الشارقة»، ويتناول الفيلم قصة الفتاة سارة التي تلاحق حلمها الكبير بأن تصبح راقصة باليه، ورغم الحواجز الاجتماعية السميكة والمتعارضة مع هذا الحلم، إلا أن شغف الفتاة بعالم الباليه وما يحتويه من فنون راقية وتعابير جسدية حرة ومحلقة، سيضع هذا الحلم في مسار افتراضي يتوهج في دواخل سارة مثل وعد قابل للتحقق ومشبع أيضاً بالتفاؤل، ويلجأ الفيلم إلى تقسيم الزمن على ضفتي الطفولة التي عاشتها سارة، وعلى الضفة المقابلة المتمثلة في الزمن الراهن بكل تحدياته وإشكالياته المناوئة لبراءة وحيوية الطفولة، وفي أنقى صورها المتحررة من وصاية الكبار ونظرتهم الصارمة والمصادرة لشرعية هذا الحلم.

وشهدت مسابقة (نظرة ما) عودة الفيلم المصري إلى الواجهة بعد غياب طويل، حيث افتتحت المسابقة عروضها بفيلم «اشتباك» للمخرج والسيناريست المصري الشاب محمد دياب، إذ كانت آخر مشاركة مصرية في برنامج رسمي بالمهرجان للمخرج يسري نصر الله بفيلم «بعد الموقعة» في دورة 2012. فيما تمثل الحضور العربي والأفريقي الوحيد في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة في فيلم «علّوش» للمخرج التونسي لطفي عاشور الذي علق على هذا الاختيار قائلاً: «كان من المستحيل تخيّل وصول فيلمي للمسابقة الرسمية في مهرجان كان العريق من بين 5000 آلاف فيلم قدمت ترشحها».

الإتحاد الإماراتية في

15.05.2016

 
 

مرة أخرى.. علاقة فتاتين تثير الجدل فى "كان"

بقلماسامه عبدالفتاح

جاء عرض فيلم "الآنسة"، للمخرج الكورى الجنوبى بارك شان ووك، فى إطار المسابقة الرسمية للدورة 69 من مهرجان "كان" السينمائى الدولى أمس، ليثير التساؤلات والجدل مجددا حول حكاية "كان" - والمهرجانات السينمائية الدولية بشكل عام - مع المثلية الجنسية، وتحديدا الشذوذ "الحريمي". وأعاد "ووك" إلى الأذهان العاصفة التى اندلعت فى "كان" عام 2013 بمجرد إعلان فوز فيلم "حياة آديل" - للمخرج الفرنسى ذى الأصل التونسى عبداللطيف كشيش - بالسعفة الذهبية

وقتها، سارعت وكالات الأنباء والمواقع الإلكترونية، بالإضافة للعديد من النقاد، إلى وصف الفيلم بأنه أول فيلم يتناول بالعمق والتفصيل علاقة "حب" مثلية جنسية بين فتاتين، وينال جائزة دولية مرموقة، فى حين أن ذلك ليس صحيحا، فقد سبقه فيلم فرنسى آخر - وإن كان إنتاجا مشتركا مع كندا، سواء فى طرح قضية المثلية الجنسية النسوية، أو فى الحصول على جوائز دولية.

وأقصد فيلم "بنات البستانى الصيني"، الذى شارك فى المسابقة الرسمية لمهرجان "أفلام العالم" بمونتريال عام 2006، وفاز بجائزة أفضل إسهام فنى لمدير تصويره الفرنسى "جى دوفو"، فضلا عن جائزة الجمهور لأكثر فيلم جماهيرى، والتى تتحدد بناء على بطاقات التصويت التى يتم توزيعها على المشاهدين بعد عروض أفلام المهرجان، وهو من إخراج "داى سيجي"، الأديب الفرنسى من أصل صينى الذى وُلد عام 1954 لرجل بسيط يعمل ترزيا، ثم عمل هو نفسه فى مهنة والده حتى هاجر إلى فرنسا عام 1984، وهناك تعلم السينما وقدم عدة أفلام، كما بدأ يكتب الأدب، لكن بالفرنسية. وتقوم ببطولة الفيلم - الناطق بالصينية والذى تدور أحداثه فى الصين - ميلين جامبوناى ولى زياوران فى دورى الفتاتين "العاشقتين"، بالإضافة إلى دونجفو لين فى دور البستانى.

هذا الفيلم أقرب إلى "آنسة" بارك شان ووك، حيث ينتمى الاثنان إلى شرق آسيا، ويدور الاثنان حول سعى فتاتين "عاشقتين" للخلاص من "وحش" ذكورى يعيق "ارتباطهما". فهو يحكى قصة طالبة زراعة يتيمة تصل إلى بيت بستانى أرمل محافظ لتتعلم منه وتعيش فى كنفه بعد مصرع أهلها كلهم فى زلزال "تانجشان". وتستقبلها ابنة البستانى الوحيدة بحفاوة وترحاب لشعورها بأنها ستنهى حالة الوحدة التى تعانى منها. تتحول الفتاتان إلى صديقتين، وبمرور الوقت، تتطور علاقتهما إلى "حب جارف" يعبر عنه سيجى بمشاهد جنسية كاملة ومطولة. لكن البستانى يكتشف العلاقة، ويضبطهما "متلبستين"، فيصاب بأزمة قلبية، وقبل أن يموت يبلغ عنهما السلطات، ويتهم علاقتهما الشاذة بالتسبب فى مرضه وموته، فتتم محاكمتهما وإدانتهما ثم إعدامهما.

أما "الآنسة"، الذى كان عرضه أمس كامل العدد فى "كان"، فهو يدور حول سعى وريثة يابانية ثرية و"عشيقتها" وخادمتها الكورية، للخلاص من زوج خالة الأولى الذى يتضح أنه رباها للزواج منها والاستيلاء على ثروتها، وكذلك الخلاص من نصاب شاب ينتحل صفة أرستقراطى لنفس الغرض. وكل ذلك ليخلو لهما "الجو"!

نفس الفكرة ونفس الموضوع، ولا أعرف ما الضرورة الداعية لتقديم فيلم آخر مماثل لا يحمل أى جديد، وما الذى يدفع مهرجانا بحجم "كان" لإشراكه فى المسابقة الرسمية؟ 

وكانت ظاهرة الأفلام التى تُخصص بالكامل لقصص الحب المثلية (وهى مختلفة بالطبع عن عشرات الأفلام المصرية والعالمية السابقة التى اكتفت بتقديم شخصيات ثانوية شاذة)، قد بدأت عام 2005 مع القنبلة التى ألقاها المخرج الكبير آنج لى، الذى تم ترشيحه لأوسكار أحسن مخرج عام 2013 عن فيلم "حياة باي"، عندما قدم الفيلم الأمريكى الكندى "جبل بروكباك"، الذى قام ببطولته النجم الراحل هيث ليدجر وجيك جيلنهال وآن هاثاواى، والذى يختلف عن الأفلام السابق ذكرها فى تقديمه قصة حب مثلية تدور فى الغرب الأمريكى بين رجلين وليس فتاتين.

اليوم. "القاهرة السينمائى" فى "كان"

بقلماسامه عبدالفتاح - كان:

المصدرالأهرام اليومى 15-5-2016

تعقد إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، اليوم مؤتمرا صحفيا علي هامش الدورة 69 من مهرجان "كان" السينمائي الدولي، والتي تستمر حتى الأحد المقبل، للإعلان عن بعض تفاصيل الدورة 38 من المهرجان، والمقرر إقامتها في نوفمبر المقبل. يُقام المؤتمر بالجناح المصري (رقم 114) في "القرية الدولية" بالريفييرا الفرنسية، ويحضره رئيسة المهرجان الدكتورة ماجدة واصف، ومديره الفني الناقد يوسف شريف رزق الله، ودُعي إليه الصحفيون المصريون والعرب المشاركون في تغطية "كان".

الأهرام المسائي المصرية في

15.05.2016

 
 

كين لوتش ثمانيني ملتزم بحيوية الشبيبة

عرفان رشيد - من مهرجان (كان) السينمائي الدولي

 مهرجان «كان» السينمائي الدولي-     هل نحن بحاجة الى التوكيد المتواصل بأن العولمة طحنت حقوق المواطن وجعلته شبيهاً بمسمار صديء، يمكن الاغتناء عنه في اية لحظة؟ هل نحن بحاجة الى التوكيد المتواصل بان العولمة، والازمة الاقتصادية نزعتا سمة الانسانية عن مؤسسات ولدت في الاساس لرعاية المواطن وحماية حقوقه، مثل مؤسسات الضمان الاجتماعي والصحي والعمالي؟ هل نحن بحاجة الى التوكيد المتواصل بأن لا غنى عن الآصرة ما بين البشر، أياً كانت عمق الأزمة التي تضرب المجتمع؟ليس لدى المخرج البريطاني الكبير كين لوتش أدنى شك في الحاجة الى ذلك وأكثر، لأن ما أحدثته العولمة من خراب قائم وتتفاقم تداعياته على البشر في كل مكان، ويؤكد بأن الآصرة التي يمكن أن تربط ما بين البشر هي الآن أحوج ما تكون اليها المجتمعات، وهي لا يمكن ان تُقدَر بثمن، ولا يمكن أن تُشترى وتباع بمال أو بأسهم في البورصات، فهي، أي الآصرة، تمنح "ما لا يُمكن شراؤه بأي مال...". كما تقول في نهاية الفيلم السيّدة الثلاثينية كيتي، الأم لطفل وطفلة، والعاطلة عن العمل دون اي افق. وعن الانسان يتحدّث كين لوتش في فيلمه الأخير الذي عُض في النسابقة الرسمية من مهرجان «كان» السينمائي الدولي، او بالاحرى هو ينكلق من الانسان - المواطن، ليروي، كعادته، وبصحبة رفيق دربه وكاتب السيناريو بول لايرتي حكاية بشر يعيشون بيننا وقد لا نراهم او لا ننتبه الى كل يعانونه. يروي كين لوتش تلك المعاناة في فيلمه «أنا، دانييل بلاك» ويقترب منها منها عن كثب عبر حكايا اناس بسطاء يحيون حيواتهم بشكل طبيعي حتى اللحظة التي تحل عليهم لعنة البيروقراطية وانحسار القدرات المالية لمؤسسات الدعم الاجتماعي، أو حين يجد نفسه من عمل طوال حياته بدأب وشرف، مصاباً بعاهة او مرض مُعيق، كما هي حال دانييل بلاك، الذي يكتشف الاطباء، وهو في التاسعة والخمسين من عمره، خللاً في قلبه يحول دون استمراره بالعمل. ويُقاطع لوتش حياة العامل - النجّار ونحات الخشب الفطري البارع دانييل بلاك، مع الفتاة- الأم كيتي التي تهرب بطفليها (ديزي وديلان) من لندن الى نيوكاسل بحثاً عن وسيلة للعيش. ما يجمع بين دانييل وكيتي هو التعاطف الطبيعي بين البشر في لحظة العسر والصعوبة. ينتصر لها دانييل امام بيروقراطيي شركة الضمان الاجتماعي، فينال مقتهم وتعطيلهم لمطالباته بالمعونة الاجتماعية بعد أن أكّد أطّباؤه عدم قدرة قلبه على احتمال مشاق العمل. دانييل في التاسعة والخمسين من العمر ولم يستوفِ بعدُ شروط الحصول على الراتب التقاعدي، ولأن ملفّه "ينبغي ان يُدرس من قبل الجهات العليا"، كما ترمي في وجهه الموظفة التي تتابع ملفّه، والأدهى من ذلك فإن على دانييل ان يقدّم جميع طلباته عبر الانترنيت، وهو الذي يجهل كل عالم الكومبيوتر وما يزال يكتب بالقلم الرصاص. آصرة دانييل مع كيتي لا مصلحة فيها، من أي نوع، فهو كذلك مع زملائه في العمل ومع جيرانه، بمن فيهم الاكثر منه شباباً. كين لوتش الذي سيبلغ الثمانين في السابع عشر من يونيو المقبل، وهو ما يزال محتفظاً بذات الحيوية التي تميّز بها طوال انجازه الابداعي لأكثر من نصف قرن، وقد قوبلت تلك الحيوية وذلك الالتزام هذه المرة ايضاً بتصفيق طويل سواءٌ في صالة لوميير بقصر المهرجانات او في صالة المؤتمرات الصحفية. «كين الأحمر» لم يتغيّر، فقراءته للأحداث والقضايا ما تزال على حالها، وهي هي، قراءة ملتزمة، بقيم وحقوق البشر، لكن ما تغيّر هو طبيعة تلقّي من يشاهدون افلامه بعد انهيار الايديولوجيات، ولم يَعدْ هذا المخرج يُرى عبر ذلك الموشور الايديولوجي الذي كان في الماضي يحسر عنه النظرة الايحابية لما يُنجز من قبل شرائح الوسط والبورحوازية بدعوى انها «بروباغاندا» يساريّة، فهو، وبرغم بقائه على مواقفه دونما اي تغيير، لم يعدْ في نظر الكثيرين مجرّد الفنان اليساري الرافض للظلم، بل الفنان الملتزم بالقضايا الاجتماعية والسياسية التي يمكن ان تخصّ شرائح واسعة من المجتمعات، بصرف النظر عن القناعات السياسية والايديولوجية المسبّقة. ولأن كين لوتش يتحدث عن المواطن الذي تقع عليه كل تداعيات الازمة الاقتصادية دون ان يكون متسبّبا فيها فقد فعل مع فيلمه الأخير، بالضبط كما فعل في فيلمه الأول « كيثي تعود الى المنزل» والذي تعامل فيه قبل خمسين سنة مع قضية المشرّدين، وأطلق على الفيلم الأخير اسم وكنية الشخصية الرئيسية «دانييل بلاك»، وجعله يُعلن عن نفسه ب «أنا»المتحدّث، كتأكيد منه بضرورة الحديث عن الفرد - المواطن. تخمينات النقاد تشير الى احتمال عودة كين لوتش الى مدينة «كان» يوم الثاني والعشرين من مايو، في ليلة اختتام المهرجان وتوزيع الجوائز، واذا ما حدث ذلك فإنه سيعني استحقاقاً لا غبار عليه وتأكيداً على ضرورة سينما معلم كبير مثله.

وكالة أيجي الإيطالية في

15.05.2016

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)