كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
     
 

ليوناردو دي كابريو.. النجم مرة أخرى

لينا هويان الحسن

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 2016)

   
 
 
 
 

فيلم العائد مرشح ومعه بطله ليوناردو دي كابريو للأوسكار، الجائزة التي لم يحزها دي كابريو رغم انه رشح لها خمس مرات من قبل، الفيلم يكتسح الصالات، يكتسح الآن ترشيحات هوليوود، إنه يشبه الرقص مع الذئاب الذي يصور عسف البيض لامتلاك القارة الأميركية، الدب يحل محل الذئب في الفيلم وثأر الأب لمقتل الابن هو الموضوع

الانتقام متجذر في البشر كما هو النخاع في العظام..؟! يبدو هذا التساؤل «ثيمة» أساسية في الفيلم الذي أعاد ليوناردو دي كابريو إلى واجهة هوليوود السينمائية مرة أخرى وبقوة. إنه فيلم «العائد». الذي يكتسح ترشيحات هوليوود، رغم انه فيلم يعتمد على «دراما بسيطة»، لكنه يحقق نجاحا كبيرا في كل أنحاء العالم.

من المعروف أن هذا الترشيح الخامس لدي كابريو لجائزة الأوسكار، إلا أنه لم يفز أي مرة بالتمثال الذهبي. أيضا حاز فيلم «العائد» للمخرج أليخاندرو جونزاليس إيناريتو اثني عشر ترشيحا لجوائز الأوسكار 2016 من بينها فئات «أفضل فيلم»، و «أفضل إخراج»، و «أفضل ممثل عن دور رئيسي»، و «أفضل ممثل عن دور مساعد».

يذكرنا الفيلم بسينما «الكاوبوي» المناهضة للفكرة التقليدية التي مسخت الهنود الحمر وشوّهتهم، وبنت هوية الأميركي على محق أهل الأرض وإبادتهم وإلغاء صوتهم وصورتهم ووجودهم، باعتبارهم «متوحشين» ورافضين للحضارة والتحضر. كانت تلك الأفلام تهدف إلى أن تدفع المتلقي دفعا إلى اتخاذ مواقف معادية لهؤلاء السكان الأصليين ومناصرة للمستوطنين الأوروبيين، غير أن هنالك أفلاما قليلة ناصرت الهنود الحمر، مثل فيلم «الرقص مع الذئاب» الذي أبرز وحشية المستوطن وفاشيته أمام السكان الأصليين الميالين للحوار وفهم الآخر، وضمن هذه الخانة يندرج فيلم دي كابريو الأخير «العائد».

مخرج «العائد» قدم لوحات سينمائية فنية لا تحتاج للتأويلات، أي تعفي المشاهد من الإسقاطات. من خلال التقطيع والتوليف يتعامل مع المشاهد السينمائية كما يتعامل فنان تشكيلي مع ألوانه. تمنحنا الكاميرا عيناً مجهولة، نرى من خلالها لحظة ثلجية عاصفة، وفي لحظة أخرى تختبئ وراء أشجار باسقة، نتابع معها لعبة الظهور والتخفي كما في أفلام التشويق. وقد ترتفع الكاميرا في الفضاء متابعة حركات شخصية ما، وكلما ارتفعت، صغر حجم الشخصية، معبرة عن ضياعها وهشاشتها، أو على العكس، عندما تجعلك ترى إحدى الشخصيات، من الأسفل مبرزة علوّها وعظمتها وقوتها.

ثيمة «الانتقام»، ثيمة مفضلة لدى السينمائيين عموما، لصنع فيلم مشوق يحبس أنفاس المُشاهد. لعل المشاهد العنيفة في فيلم «العائد»، تكفلت بحبس الأنفاس على حساب فكرة التشويق، مثل المشهد الذي يُهاجم فيه دي كابريو من قِبَل الدب، يبدو طويلا ولا يسوّغ طوله ووحشيته، غير التركيز على قدرات البطل في مواجهة دب شرس، أيضا ذلك المشهد الذي يتضمن شق بطن الحصان وإخراج أحشائه بغاية احتماء البطل بجوفه من العاصفة الثلجية، ذلك قد يذكر البعض بخرافة «سعد الذابح» الشعبية.

تحالف الموسيقى الهادئة والمدروسة، مع جمال الطبيعة الصامتة، منح الفيلم جماليات سترسخ طويلا في الذاكرة السينمائية، حيث انتقى المخرج تلك الأماكن التي تحيلنا إلى الخلوات والأماكن البعيدة والقصية، مساحات رائعة من بياض الثلج الذي لعب دورا جماليا، محققاً مشهدية مهيبة.

الثأر

دي كابريو، الشاب الوسيم الذي عرفناه في الفيلم الشهير تايتانك كعاشق يعيش الحب حتى النهاية حتى لو كانت نهاية مأساوية، نراه هنا، الأب الذي يعيش عاطفة «الأبوة» بعمق كبير، يأخذ بثأر ولده الذي يحمل دما هنديا من طرف أمه، بحيث بدا دي كابريو كممثل، لا يضاهى في قدرته على نقل الآلام الفظيعة والمكبوتة، لعل مشهد «خياطة الشق في عنقه» سيكون من المشاهد السينمائية التي لا تنسى.

مرة أخرى، بعد فيلم «الرقص مع الذئاب» تعيد هوليوود إلى الأذهان قصة التملك التعسفي من قبل البيض للقارة الأميركية. هنا في هذا الفيلم يحل الدب محل الذئب، في رمزية يتقن المخرج استخدامها، البطل يقتل الدب ويرتدي جلده ليعود، ليتعافى من جراحه المميتة، ليأخذ بثأره، يداوي موت ابنه بموت آخر، يقتل القاتل، ويرمي بجثة غريمه في النهر، ليمضي الموت، قُدماً، نحو الربيع الذي يُخضعه الشتاء سلفا لغايات مشبوهة، وكأنما الموت لا ينتهي.. ماء النهر يوحي لنا أن ثمة جبهات أخرى ترتسم في الأفق.

(كاتبة سورية)

السفير اللبنانية في

19.02.2016

 
 

الدين في فخ الصحافة

بيروت - محمد غندور

منعت الرقابة اللبنانية عرض فيلم «سبوتلايت» للمخرج الأميركي توم ماكارثي وموضوعه تحرش رجال دين كاثوليكيين بقاصرين. القرار قد لا يبدو صادماً في بلد كلبنان، يُعتبر الدين فيه من الخطوط الحمر، علماً أن العمل لاقى ترحيباً كبيراً في الغرب، ولم يصدر أي موقف معاد أو انتقادي تجاهه من الفاتيكان بل على العكس، إذ رحّب به إعلامه علناً.

واللافت أن قرار المنع لن يثني محبي السينما من مشاهدة العمل الذي نال جائزة أفضل فيلم من «الجمعية الوطنية للنقّاد السينمائيين الأميركيين في نيويورك»، وبأقل من دولار. إذ بإمكان الراغب شراء نسخة مقرصنة من أي محل لبيع الأقراص المدمجة والمنتشرة بكثافة في غالبية المناطق. إذاً ما الجدوى من المنع إذا كان يمكن الحصول على الأعمال الممنوعة بسهولة، علماً أن قرارات المنع التي تتخذها الرقابة تُسلط الضوء على العمل، وتمنحه دعاية مجانية؟

تدور أحداث الفيلم حول فريق «سبوتلايت» الاستقصائي من صحيفة «بوسطن غلوب» الأميركية، المتخصص في متابعة قضايا شائكة وكشف حقيقتها بغض النظر عن المدة الزمنية المطلوبة. ولأهمية ما يفعلونه ممنوع عليهم الكشف عما يحققون فيه لأي شخص حتى لو كانت زوجة أو فرداً من العائلة أو صديقاً مقرباً.

ومنذ سبعينات القرن الماضي، ثمة معلومات متداولة عن تحرش رجال دين بقاصرين، لكن أحداً لم يتحرك لمتابعة القضية. تحالف خفي بين الصحافة والسياسة والدين أنتج صمتاً رهيباً تجاه هذه القضية. وقد يكون هذا الصمت نابعاً من خوف مواجهة السلطة الدينية أو المساس بقدسيتها. لكن رئيس التحرير الجديد في «بوسطن غلوب» قرر المواجهة وإسقاط نظام الصمت لرفع نسبة القراء أولاً ومتابعة القضية التي كانت وصلت معلومات ووثائق عنها للصحيفة لكنها اختفت.

ومع قرار الملاحقة، تبدأ أحداث الفيلم. الصحافيون الأربعة في الفريق ينتشرون في المدينة باحثين عن خيوط القضية والمتورطين والضحايا. ويبدو لافتاً النمط التشويقي الذي اتبعه توم ماكارثي في تتبع عناصر الفريق للقضية، والأبعاد النفسية التي أظهروها في التعاطي مع الضحايا. ونجح مخرج «الزائر» (2007) أن يقدم فيلماً مبنيّاً على وقائع حقيقية من دون الانحياز لأي جهة، مدعماً مشاهده بوثائق وأدلة حصل عليها من السلطات المعنية وحرصه على دقة المعلومات. ويظهر العمل مدى قدرة الصحافي في الغرب على تحصيل المعلومة. والسؤال هنا: هل مسموح الاطلاع على المستندات والوثائق في مؤسساتنا الدينية؟

الفيلم المرشح لست جوائز أوسكار، وشارك فيه مايكل كيتن وجون ستلاتري ومارك روفالو وستانلي توشي وبيلي كرودوب، قدّم نموذجاً مثالياً في العمل الاستقصائي الصحافي، وكيفية متابعة القضايا الحساسة، والنقاش واختلاف وجهات النظر بين أعضاء الفريق، علماً أن التحقيقات المنشورة أدت الى استقالة برنارد لوو كاردينال بوسطن عام 2002.

وكما أظهر الفيلم معتــدى عليهم، صوّر معتدياً حاول تبرير ما فعله بأنه لـــم يكـــن مغتـصباً انما ما حصل نتيجة سوء ادارة ومشكلة في النظام الكنسي بأسره. النماذج المختلفة من الضحايا التي قدمها ماكارثي في تحفته السينمائية، أعطت صورة واضحة عما كان يحصل، فلم يكن هناك ضرورة للاستعانة بمشاهد حديثة أو إظهار فعل الجرم في الكنيسة، وهذا ما ابتعد عنه ماكارثي كي لا يغوص في الكلاشيهات أو إعادة تمثيل مشاهد، مفضلاً العمل على ما لديه من معلومات ووثائق. شخصيات الفيلم الكثيرة كانت عامل قوة بفضل تنوعها، وقُدّمت جميعها بشكل رائع مع عرض خلفية كل شخصية في الوقت المناسب، وأهداف كل منها من وراء العمل في هذا التحقيق الصحافي أو المساهمة فيه بأي شكل من أشكال المساعدة، وأيضاً أهداف الأشخاص إلى تعطيل هذا التحقيق، سواء من خلال تقديم معلومات منقوصة أو خاطئة أو حجب المعلومات تماماً.

كما يقدّم الفيلم نقداً ذاتياً لعمل الصحيفة، التي وصلتها معلومات منذ أوائل التسعينات عن تورط رجال دين في القضية، لكنها لم تجرؤ على اتخاذ قرار المواجهة الى حين وصول رئيس تحرير يهودي من خارج المدينة. وركز المخرج على هوية القادم الجديد، لأن أحداً من القدامى المنتمين الى محيطهم لم يُقدم على هكذا قرار. العمل الذي ينتهي بنشر أسماء 90 متورطاً، نجح في خرق حرمة المؤسسة الدينية في بوسطن الأميركية، لكن هل توقفت الاعتداءات بعد ذلك؟

وتكمن أهمية الفيلم في عدم تطرقه الى الكنيسة فقط، بل الى الشرطة والهيئة التشريعية والسياسيين وهيكل السلطة في بوسطن. وبالتالي يغوص العمل في عمق المجتمع الأميركي، متناولاً قضية كبيرة لمعرفة أسرارها وخفايا الكنيسة الكاثوليكية. ويرى المخرج توم ماكارثي أن الفرصة سانحة اليوم لكشف وسائل الإعلام عن كثير من الأسرار، «لكن ذلك يبقى أمراً صعباً في الوقت ذاته». ويقول: «إنه الوقت الأفضل للغوص في قضايا الفساد. لأن الصحافة تقوم بدور خطير. ولكن الصحافيين هم مواطنون ولا يمكنهم حل المشكلات. يمكنهم التغريد حول موضوع ما ونشره على صفحاتهم في «فايسبوك»، ولكن هل يمكنهم التفرغ لأسابيع أو أشهر لمتابعة القضاء وعمل رجال الشرطة وإجراء المقابلات مع الناس؟ الأكيد لا. غالبية الناس لديهم وظائف معينة».

الحياة اللندنية في

19.02.2016

 
 

تعيش مرحلة من الراحة وتصل إلى الأوسكار ب45 عاماً

شارلوت رامبلينج: صورتي وأنا.. كل يعيش في عالمه

محمد هاني عطوي

تنظر إلى حياتها نظرة فلسفية، وتقول: «هذا ما كتب لي». اليوم، وبالتزامن مع إيمانها بالقدر وما كتبه لها، تجد نفسها وحيدة بعد أن فقدت رفيق دربها جان نويل تاسيه، الذي توفي في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بعد إصابته المؤلمة بالسرطان. اليوم تعود هذه النجمة إلى السينما بفيلم بعنوان «45 عاماً»، وهو الفيلم الذي تم ترشيحها عنه للأوسكار كأفضل ممثلة، ومؤلفة لكتاب مؤثر بعنوان: «من أنا». إنها شارلوت رامبلينج الشاعرية والعفوية التي تتحدث إلى مجلة «باري ماتش» عن شبابها، وطفولتها، وأبيها العسكري الشديد، وأمها الرقيقة والمبتهجة التي انطفأت جذوة حياتها إلى الأبد بسبب وفاة ابنتها سارة، في سن ال23 عاماً. وما يدهشك فيها أنها صادقة ونزيهة ومخلصة، بل هي كالماسة النقية التي لا تعرف التزييف. ويبدو أن المخرجين الشباب لا يخطئون لأنهم ما زالوا يعولون عليها على الرغم من أنها بلغت 69 عاماً، ولسان حالها لا يفتأ يقول: «علينا أن نسير على خطى مصيرنا، وألا نتوه في الحكايات والنوادر».

·        } يجسد فيلمك مشاعر التملك لديك، بنوع من الغيرة الغريبة بين زوجين عاشا لفترة طويلة سوياً في 45 عاماً زواج؟

- لماذا؟ هل تعتقد أن للغيرة عمراً؟ المشاعر لا عمر لها، وخصوصاً عندما نوقظها في داخلنا. وأود أن أقول هنا، إن البطلة تفاجئ نفسها بعنف الفوضى، والتشويش الذي تعيشه، فعروس الأمس ماتت وزوجها لم يخنها فلماذا تجد نفسها مرتبكة ومشوشة إلى هذا الحد؟

·        } هذه الغيرة المفاجئة تسير ضد ما يسمى بمشاعر الاهتراء العاطفي الذي لا مفر منه بين الزوجين؟

- هنا، يتجاوز الأمر ما يسمى بمشاعر الاهتراء العاطفي للزوجين. فعندما يأتي حدث ما ليوقظ بداخلك مناطق غامضة ومؤلمة، فإنك تجد نفسك وقد انتابتك مشاعر الضيق والضعف. وأنا أجسد هذه المرأة التي تجد نفسها فجأة مع استجواب رهيب.

·        } هل العمل مع مخرج شاب، هو أكثر تحفيزاً لك كي تصلي إلى آخر ما في نفسك؟ وهل أندرو هايغ يكتشفك من جديد؟

- في الواقع، من حيث الخبرة والمعاش، أنا غريبة بالنسبة إليه. ولكن في كل الأحوال التناقضات تكشفنا، ففي عملية الإبداع، يعتبر الجزء المتعلق بالغموض مهم. ونحن نستلهم من هذا الغموض ذلك السحر المتبادل. أنا أفكر في شبابه، أما هو فيتأمل تجربتي.

·        } بالضبط، كيف تلعبين على هذا السحر الذي تمارسينه على المخرجين الشباب؟

- أنا لا ألعب بل أمضي قدماً في البحث عن الحقيقة بداخلي. وأعتقد أن الأصالة هي السعي وراء ذلك، وهي الطريق الصحيح. فعندما أجسد شخصية ما، أمثلها بنفسي ولكن مع اسم آخر، ومصير آخر. ال 45 عاماً من الحياة الماضية التي ألعبها في الفيلم، أعرفها جيداً لأنني عشتها ولكن بطريقة أخرى.

·        } يظهر الفيلم التجاعيد، والبقع، والملابس الرثة، فمن أين لك هذه القدرة على وضع صورتك الخاصة بك بمنأى عن أي دلال؟

- لقد تخلصت من ذلك الدلال منذ فترة طويلة. وأعتقد أن تغذية مشاعر النرجسية يمكن أن تكون بمثابة اللعنة على الشخص! الوقوع في حب الصورة ليس فكرة جيدة، ففي هذا الفيلم، نجد أن هذه المرأة ذات ال 70 عاماً هي ثوبي وعمودي الفقري.

·        } أليست النرجسية ملازمة لنوعية الممثلة؟

- يمكنني أن أنظر إلى وجهي على الشاشة ولكنني لست مجبرة أن ألتحم مع هذه الصورة. فهناك أنا وهناك صورتي، وأنا أفضل أن يعيش كل منهما بشكل منفصل عن الآخر، أو كل في عالمه.

·        } في بداياتك كان اكتشاف هذا الانقسام الدراماتيكي بمثابة الإلهام؟

- نعم، فقد اكتشفت فجأة «وسيلتي في التعبير» وكأن شيئاً ما تفتح في داخلي. وانتابتني الرغبة الجامحة في الذهاب لما هو أبعد من ذلك. إنه شعور بالنشوة أن تكتشف صوتك الداخلي. فضلاً عن ذلك كان علي أن أغذي هذا الشعور لأنه من الصعب الحفاظ على جذوة النار حية في نفسك، خاصة إذا كنت وحيداً مع نفسك.

·        } أي إن التجارب التي مررت بها، وحالة الاكتئاب، والحداد على وفاة أختك غذّت لديك ذلك الشعور؟

- بالتأكيد، فكل هذه التجارب وسعت من نطاق أفقي دون وعي مني. لكن فيما بعد، وعندما شرعت في القيام بلقاءات إبداعية ومثمرة، شعرت بالتقدم.

·        } اعترف لك والدك العسكري والرياضي السابق، في وقت لاحق من حياته أنه كان يود أن يكون ممثلاً، هل هذا صحيح؟

- نعم، وكان سينجح ببراعة. فقد كان وسيماً جداً، وصاحب كاريزما، مع قدرة هائلة على العمل.

·        } وعلى الرغم من ذلك كان يكتم مشاعره، ويفرض عليك نفس الأمر، إنه بريطاني أصيل؟

- «بالتأكيد!» ولهذا السبب يوجد دائماً في إنجلترا شركات دراما للهواة في المدارس والمدن. إنها تخدمنا كمتنفس وبما أن البريطانيين يعبرون أحياناً بصعوبة عن أنفسهم في الحياة، نجدهم يسترسلون وهم على خشبة المسرح وبشيء من البهجة، في حين أن الفرنسيين يثرثرون كثيراً في الحياة!

·        } هل جذبك عالم اللاتينية ؟

- لقد أنقذتني! أولاً في إيطاليا، حيث اكتشفت الانفتاح، والعاطفة، والذوق، والجمال، والدفء، والعفوية. لقد كان ذلك بمثابة العيد تقريباً. كان عمري بين 22 و23 عاماً ثم لا تنس أننا بالكاد كنا خارجين من الحرب، وكانت إنجلترا دموية وعارية وفظة في ذلك الحين.

·        } كانت فترة الستينات انتقاماً رائعاً، لا سيما في إنجلترا. فهل كنت أنت أيضاً من أتباع حركة «المخدرات وموسيقى الروك أند رول»؟

- جربت المخدرات، لكنني سرعان ما ابتعدت عنه؛ بالنسبة لي كانت تلك الفترة شيطانية حقيقية وشعرت بالخطر من حالات الهلوسة. فأهلي فقدوا (أختي سارة)، وكان مستحيلاً أن أخاطر أنا أيضاً بنفسي وأقفز من النافذة في رحلة سيئة جديدة! وأعتقد أن سارة لم تتمكن من التغلب على رغباتها التي دمرتها ذاتياً، وكان علي أن أفعل كل شيء من أجل البقاء.

·        } عام 1970، شكّلت ثنائياً شعبياً جداً مع الراحل براين ساوث كومب، الذي كان يعمل في «الشو بزنس»؟

- كان بشوشاً، وسعيداً، وممتعاً، وأنجبت منه طفلاً هو آلان بارنابي، الذي يعمل مخرجاً.

·        } ولكنك تركته بسهولة من أجل الفنان جان ميشال جار؟

- وأنجبت منه ديفيد.. إنه لأمر مدهش عندما نفكر في ذلك، لأن الرجال الفرنسيين لم يكونوا يجذبونني على الإطلاق وها أنا هنا اليوم، أربعون عاماً من الحياة مع الفرنسيين!

·        } ما هو الجانب الفرنسي فيك؟

- لا شيء. بل هناك شيء ما، فلقد تلقيت تعليماً فرنسياً من سن 9 إلى 12 سنة في مدرسة كاثوليكية، وأنا بروتستانتية. إنه انغماس كامل، ثم في وقت لاحق، اشتريت بيتاً في منطقة البروفانس.

·        } في المجموع، ربيت ثلاثة أطفال إذ كان لجان ميشال ابنة، هي إيميلي. فهل مثّل الأطفال عقبة في طريق رحلتك؟

- نعم بالتأكيد، فالأطفال هم ملوك العالم، وهم يلتهمونك كلياً. ولكن ينبغي علينا أن نرتب أمورنا ونقفز من هنا إلى هناك كي يأخذ هؤلاء مكانهم في العالم. بالطبع هناك دائماً تضحيات، ولكن هذا لا يهم. فهذه هي الحياة، وربما يكون الإنجليز قد وجدوا الحل، فهم يرسلون أطفالهم إلى مدرسة داخلية.

·        } هل فكرت يوماً بعدم إنجاب الأطفال؟

- لم يتح لي الوقت لأسأل نفسي. الأطفال جاؤوا إلى الدنيا بسهولة لأننا لم نكن نفكر في ذلك الوقت بمسألة برمجة حياتنا كما يحدث الآن، فالحياة كانت تسير على سجيتها.

·        } أنت ممثلة تعملين بشكل مكثف، وكذلك ربة أسرة، فهل التعب الشديد من الحياة هو الذي سبّب لك هذا الاكتئاب؟

- لا، بل هو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمسيرة الحياة، وبقدري.

·        } الحياة جعلتك تلتقين بجان نويل تاسيه، الصحفي السابق ومستشار الأعمال، ورفيقك خلال سبعة عشر عاماً، والذي رافقته حتى وفاته في أكتوبر 2015 كيف كانت تلك الرحلة؟

- التقينا في باريس في مهرجان سينمائي، وكنت رئيسة للجنة التحكيم، وطلب مرافقتي خلال أمسية لأرماني. من جانبي، كنت أعلم أن رجلاً لا أعرفه كان يرمقني بنظراته وكنت مسرورة بذلك، والأمر مثير بالنسبة لي، وكنت متحمسة لأنه كان قد مضى علي فترة وأنا وحيدة منذ أن انفصلت عن جان ميشال. كنت في الخمسين من العمر، فشعرت حينها أنني فتاة شابة في سن ال 16 عاماً. رأيت، لا عمر للمشاعر!

تمثال «أوسكار» يستعيد شبابه

استعاد التمثال المقدم للفائزين بجوائز أوسكار شبابه قبل حفل توزيع هذه المكافآت الأهم في السينما الأمريكية نهاية الشهر الحالي، إذ أعيد إليه لونه البرونزي الذي تميز به عند إطلاق هذه الجوائز سنة 1929 مع الإبقاء على الطلاء بالذهب الخالص.

وأوضحت شيريل بون رئيسة أكاديمية فنون السينما وعلومها التي ستسلم هذه الجوائز في 28 فبراير/شباط الجاري أنه «بفضل بعض تقنيات القرن الحادي والعشرين بتنا قادرين على القيام بلفتة تكريمية للانطلاقة المجيدة لجوائز أوسكار». وأضافت «التمثال الجديد يمثل نموذجاً عن الحرفية والطبيعة المستدامة للفن»، معلنة عن تغيير الجهة المسؤولة عن تصنيع هذه التماثيل.
وأعاد مسبك «بوليش تاليكس فاين آرت» في منطقة روك تافرن بولاية نيويورك (شمال شرق) «خطوطاً دقيقة» من التمثال الأصلي الذي صممه جورج ستانلي عن طريق تصوير شعاعي رقمي لنموذج برونزي عن التماثيل الموزعة سنة 1929 قبل طبع قالب من الشمع بتقنية الأبعاد الثلاثية.

ووضع كل تمثال بعدها في غشاء من السيراميك، من ثم تم الانتقال إلى مرحلة التجفيف، وبعدها إلى التسخين داخل فرن بحرارة 870 درجة مئوية، ما أدى إلى إذابة الشمع ما ترك قالباً فارغاً على شكل تمثال جائزة أوسكار.

بعدها سكبت كميات من البرونز السائل على درجة حرارة تفوق 980 درجة مئوية في هذا القالب ليصار بعدها إلى تبريدها قبل أن يخرج منها التمثال مصقولاً. أما المرحلة الأخيرة فتقوم على طلاء التمثال بذهب عيار 24 قيراطاً من تنفيذ شركة في بروكلين.

وأشارت الأكاديمية إلى أن تصنيع خمسين تمثالاً تطلب ثلاثة أشهر.

الخليج الإماراتية في

19.02.2016

 
 

خمسة أفلام منافسة على أوسكارأفضل فيلم بلغة أجنبية

منتج من قبل Elza GONCALVES

الأعمال المنافسة على جائزة الأوسكار في فئة أفضل بلغة أجنبية، تعطينا كل عام لمحة صغيرة عن السينما العالمية.

الأكاديمية الأمريكية تتلقى سنويا، ترشيحات من حوالي مائة دولة، لتختار في النهاية خمسة أفلام فقط، الأكيد أن العديد من الأفلام الجيدة لم يتم انتقاؤها، لكن تلك التي اختيرت، تستحق منا اهتماما خاصا بالطبع.

نبدأ بأبرز الترشيحات وهي فيلم“ابن شاول” للمخرج المجري لازلو نيمش.

قصة الفيلم تعود بنا إلى العام 1944 لنتعرف على شاول، أحد معتقلي أوشفيتز الذي ينجو من الموت، لأنه يكلف بمهمة الإشراف على عمليات حرق المعتقلين الآخرين. في أحد الأيام، يعتقد أنه تعرف على جثة إبنه، فيحاول جاهدا انقاذها من النيران الملتهبة ويسعى للعثور على حاخام، لترتيب عملية دفن سرية على الطريقة اليهودية، لفلذة كبده

“موستانج“، مرشح من الوزن الثقيل لجائزة أوسكار أفضل فيلم بلغة أجنبية. الفيلم الفرنسي-التركي ، يعرفنا على خمس فتيات متمردات، يتم سجنهن في البيت.

موستانج يحكي لنا قصة خمس فتيات يتيمات في قرية تركية نائية.

في يوم ما، لعبن مع بعض الصبية على شاطىء البحر، الأمر تحول إلى فضيحة بعد أن أخبرت إحدى الجارات عمهن بذلك، الفتيات تجبََِرن على اجراء اختبار للعذرية ثم تحبسن في البيت، قوة الفيلم تكمن في اظهارعشق الفتيات للحياة وتمردهن في سجنهن الصغير.

الأردن مرشح أيضا لنيل جائزة الأوسكارهذه، بفضل فيلم “ذيب“، الذي يروي لنا قصة الانتقام من أجل البقاء على قيد الحياة و ذلك من وجهة نظر صبي بدوي.

أحداث الفيلم تدورعام 1916 فيما كان يعرف بالحجاز. فريق من الرجال الأردنيين ومعهم جندي إنجليزي، يطلبون من الشاب البدوي حسين أن يكون دليلهم في الصحراء، فيصطحب معه أخاه الصغير ذيب، لكن مجموعة مسلحة تهاجم الفريق وتقتل معظم عناصره. ذيب يجد نفسه وحيدا بعد فقدان أخيه، فيضطر لتدبرأمره لوحده، وفقا لما تعلمه من مبادىء البدو.

الفيلم الكولومبي “احتضان الأفعى“، يأخذنا إلى قلب الأمازون لوصف صدمة تنجرعن لقاء بين العالم الهندي والغربي.

المخرج سيرو غيرا، يعرفنا على شامان، يعيش لوحده بعد اختفاء شعبه ونسيان ذكرياته وعواطفه الشخصية وجوانب عديدة من ثقافته.

بفارق أربعين عاما، يرافق الشامان كاراماكاتي، مستكشفين ويسهرعلى رعايتهما، أثناء بحثهما عن نبتة مقدسة تعلم الإنسان كيفية الحلم.

أخيرا، الدنمارك مرشح أيضا للأوسكار، من خلال فيلم حول عبثية الحرب.

“كريين” أو “حرب“، يدور حول فرقة جنود دنماركية، وجدت على التراب الأفغاني لمساعدة الأفغان على إعادة بناء بلدهم.

القبطان بيدرسن، يعطي أوامر لقصف منطقة بهدف تخليص جنوده الذين وقعوا في كمين، بعدها يتم العثورعلى نساء وأطفال تحت الركام.

بقية أحداث الفيلم، تجري في محكمة دنماركية حيث يتعين على هذا القبطان، تبرير القرارات التي اتخذها خلال مهمته.

طبعة سينما بوكس الخاصة بالأوسكارتنتهي هنا. ندعوكم لاكتشاف صفحة الخاصة بحفل توزيع جوائز الأوسكار 2016 على موقعنا وفيها نستعرض معظم الأفلام المتنافسة في مختلف الفئات.

يورو نيوز في

19.02.2016

 
 

توقعات الجسرة الثقافية الإلكترونية لأوسكار هذا العام

هذه هي الأفلام التي ستفوز بالأوسكار

*عبد الكريم قادري - الجسرة الثقافية الإلكترنية-خاص

يجب على المشاهد أن يعي ويعرف بأن جوائز الأوسكار التي تقدمها منذ العام 1927 الأكاديمية الأميركية لفنون وعلوم السينما البالغ عدد أعضاؤها"5830" عضوا، عن طريق الترشيح والتصويت، تتركز على العديد من المعطيات، حيث يتم من خلالها مراعاة السياسات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، بما يخدمه أهدافها وأهداف مؤسسات الإنتاج وإستراتجية هيمنتها وبقائها المستقبلي، ناهيك عن العوامل الأخرى التي تدخل فيها العلاقات وحفلات الترويج وغيرها، بالإضافة أيضا إلى الحد الأدنى من الفنية طبعا، والخلاصة بأن هناك دوما مفاجآت غير متوقعة بالنسبة للنتائج الأوسكار، ويقدم هذا المقال بعض الترشيحات الشخصية التي تعكسي توجهي وثقافتي السينمائية، حيث أراها ستكون كالتالي:

- أوسكار أفضل فيلم والتي ستعود إلى فيلم "العائد" لأنه عمل مختلف وقدم بطريقة مميزة وغير تقليدية، مقارنة بباقي الأفلام، التي قُدم معظمها بشكل تقليدي على العديد من المستويات.

- أوسكار أفضل مخرج، تعود إلى  أليخاندرو غونزاليز إيناريتو عن فيلم "العائد"، لأن هناك بصمة واضحة في طريقة معالجته للقصة، حيث قدمها بطريقة مبتكرة، من خلال اختيار فضاء طبيعي عكس توجه الموضوع، وتحكمه الكبير في الممثلين وحسن اختياره، اخرج ما فيهم من قسوة، محاكاة لما يود تقديمه، ناهيك عن حسن اختياره للتقنيين، من صناع ماكياج ومدير تصوير استطاع أن يسرق اللحظات الجمالية التي ساعدت على الإبهار وتجلي السحر. 

- أوسكار أفضل ممثل ستعود إلى ليوناردو دي كابريو عن فيلم "العائد"، بعد أن قدم ما عنده ما من طاقة تمثيلية، وصلت إلى حد التوحد مع شخصية هيو غلاس التي أداها، وأظهر من خلالها اجتهاده الكبير لتحقيق الكمال التمثيلي، وان حدث مفاجأة ستعود الجائزة طبعا إلى ايدي ريدماين، عن أدائه دور ليلى إلبا في فيلم "الفتاة الدنماركية".

- أوسكار أفضل ممثل مساعد ستعود إلى توم هاردي عن دوره في فيلم "العائد"، أين استطاع أن يجسد انفعالات  الشر والحقد الذي تعكسه النفس البشرية، وجسد دور الألعبان والمتحين للفرص الذي لا يهمه شيء في سبيل جني المال، أما الترشيح الثاني سأعطيه إلى   مارك رافالو عن دوره في فيلم "سبوتلايت"، مع أن المعطيات تشير إلى دول طرف ثالث وهو سيلفستر ستالون عن فيلم "كريد".

- أوسكار أفضل ممثلة سيعود إلى سيرشا رونان عن دورها في فيلم "بروكلين"، لأنها استطاعت أن تعكس شخصيتين متناقضتين في دور واحدة، وتلاعبت بهما بذكاء، أما الترشيح الثاني فيعود إلى الممثلة بري لارسون عن دورها في فيلم "غرفة".

- أوسكار أفضل ممثلة مساعدة سيعود إلى أليسيا فيكاندير عن دورها في فيلم "الفتاة الدنماركية"، لتحكمها في أدائها وشخصياتها بمرح وحزم، بقبول وتردد، برضى ونفور، حسب تقلبات الشخصية وفقا للأحداث، وأرشح ثانية الممثلة كيت وينسليت عن دورها في فيلم "ستيف جوبز". 

- أوسكار أفضل فيلم بلغة أجنبية، سيعود إلى الفيلم المجري "ابن شاوول"، للتكامل الفني الذي أظهره، ناهيك عن الموضوع الذي عالجه، وهو موضوع محبب بالنسبة إلى أعضاء الأكاديمية لذا سيتم التصويت له بقوة، أما الفيلم الثاني فأرشح الفيلم الأردني "ذيب" وثالث وان كان لا بد الفيلم الدانماركي "حرب". 

- أوسكار أفضل فيلم وثائقي سيعود إلى "ايمي" الذي يسرد قصة حياة المغنية والممثلة الأمريكية المشهور ويتني وينهاوس.

- أوسكار أفضل سيناريو أصلي سيعود إلى "سبوت لايت".

- أوسكار أفضل سيناريو مقتبس سيعود إلى "بروكلين"، وترشح ثاني هو فيلم "غرفة" وثالث وهو فيلم "المريخي".

- أوسكار أفضل تصوير سينمائي سيعود إلى ايمانويل لوبزكي عن فيلم "العائد".

- أوسكار أفضل مونتاج "ذا بيج شورت".

اما بقية الجوائز التي تتعلق بالجانب التقني فأظن بأنه سيحصد معظمها فيلمي "ماد ماكس" و"حرب النجوم"

* سكرتير تحرير مجلة "السينمائي" الورقية الصادرة عن نادي الجسرة الثقافي 

الجسرة القطرية في

21.02.2016

 
 

يرى أن إيجاد دور درامي مناسب أمر صعب

سلفستر ستالون يعيش عصره الذهبي من جديد

محمد رُضا

هو روكي ورامبو، وهو لا شيء آخر بينهما تقريباً. ممثل جيد في هاتين الشخصيّتين، وجمع ملايين المعجبين عبرهما، أما أفلامه الأخرى التي حاول من خلالها التنويع، حتى لا يتم تأطيره في هاتين الشخصيّتين فلم تدم. بعضها لم ينجح مطلقاً والآخر نجح على نحو طفيف.
سيلفستر ستالون، المولود في نيويورك من أب إيطالي وأم نصف فرنسية - نصف ألمانية، في السادس من يوليو/تموز عام 1946، كان دائماً يرغب في أن يكون ممثلاً، واضطره ذلك لقبول أدوار صغيرة أولها، في فيلم بعنوان «الحفلة عند كيتي والفحل» (The Party at Kitty and Stud›s) سنة 1970، وثانيها في فيلم عاطفي يظهر فيه بلا اسم على الشاشة هو «عشاق وغرباء آخرون». لكن ما إن حل العام 1971 حتى وجد نفسه في دور صغير آخر في فيلم وودي ألن العتيق «موز»، وفي العام ذاته لمح جين فوندا ودونالد سذرلاند يؤديان بطولة الفيلم التشويقي السياسي «كلوت»، لكن دوره كان أصغر من أن يقترب منهما. وبعد 3 سنوات عاد بخمسة أفلام، لاعباً أدواراً بعضها ناطق لكنه ثانوي، وأفضلها «وداعاً، يا حبي» سنة 1975.

«روكي» جاء بعد ذلك الفيلم بعام واحد، لكن حكايته طويلة. فكتب ستالون الفيلم في العام 1975، ودار به على كل استوديوهات هوليوود، بعضها لم يتحمّس له والآخر أراد شراء المشروع منه وصرفه إلى منزله، لكن ستالون اشترط أن يكون بطل الفيلم إذا أرادت إنتاجه، إلى جانب إخراجه. وفي النهاية وجد المنتج الذي تحمس للمشروع وذهب به إلى إحدى شركات الإنتاج الكبيرة التي وافقت على أن يمثله ستالون، لكن لا يخرجه. هذه المهمّة استلمها مخرج راحل اسمه جون ج. أفيلدسون، والفيلم خرج مدويّاً ليصنع من هذا الممثل العنيد والمجهول نجماً. وفي الحوار التالي، يحدثنا ستالون عن حياته وأشهر أعماله وترشيحه الأخير للأوسكار.

·        نحن على مقربة من جوائز الأوسكار، وأنت أحد المرشّحين في قسم أفضل تمثيل رجالي مساند. ما شعورك؟

 شعوري هو أنه في الوقت الذي احترم فيه كل ممثل آخر يتنافس على هذه الجائزة، فإني أتمناها لنفسي (يضحك).

·        لكنك نجم مشهور، والمشهورون عادة لا يكترثون للأوسكار، أليس صحيحاً؟

 نعم ليس صحيحاً، فكلهم يكترثون للأوسكار. وهي جائزة مهمة جداً للممثل إذا استطاع أن يحصل عليها، لكن ليفوز بها، يجب أن يحصل أولاً على الدور الصحيح، ولم أكن أستطيع أن أسأل الأكاديمية أن ترشحني عن بعض أفلامي السابقة مثل «دم أول» أو «قف وإلا أمي ستطلق النار» لكن مع «كريد» الأمر يختلف.

·        «كريد» هو استمرار لسلسلة «روكي». التغيير هو أنك سلمت القيادة لممثل شاب، وروكي صار المعلّم الذي يقف وراءه.

 هذا مؤكد، لا يوجد ملاكم في سن روكي اليوم، أو في عمري أنا. كان مطلوباً أن نجد حلاً جيداً يضمن استمرار السلسلة ولو لمرّة إضافية واحدة.

·        إذاً صحيح أن هذا الفيلم سيكون الأخير في السلسلة؟

 نعم، أعتقد أنه وبعد 7 أفلام من روكي، هو خير ختام، لأنه يعيد بلورة الشخصية من دون أن تخسر شيئاً من ماضيها. الكل يتعرّف إليها كما كانت ويفهم «روكي»، وهو ينظر إلى الأمس بحنان، وإلى المستقبل من خلال ابن منافسه السابق «كريد».

·        ماذا عن «رامبو»، هل يتوقف؟

 لم أبت في أمره على نحو نهائي بعد. ربما ما زال في جعبتي رامبو واحد، وسيكون الأخير بلا شك، لكن هناك مسلسل «المستهلكون» (The Expendables) كما تعلم.

·        أعلم أن هناك جزءاً رابعاً من هذا المسلسل الجديد نسبياً. هل ستدخل التصوير قريباً؟

- لا ليس قريباً، لكني في أنبوب الإنتاج. كنت على مقربة من البدء به حتى نهاية الشهر الماضي حين عُقد الاتفاق على تحويله إلى مسلسل تلفزيوني مع محطة CBS. الآن عليّ أن أعيد تخطيط جدول أعمالي بالنسبة لهذا المشروع. والفيلم قد يأتي لاحقاً.

·        لنعد إلى «روكي» الأول. ما الذي دفعك لكتابته؟

 كنت أبحث عن عمل، وكانت الأدوار التي أقوم بها قليلة ودائماً صغيرة. قررت أن أكتب «روكي» لأنني كنت على ثقة كاملة بالقصّة، وكنت مؤمناً بأنها إذا ما حُققت كما كتبتها فستحقق نجاحاً، ولو أنني لم أكن أعرف مدى هذا النجاح.

·        كان الفيلم صدى لكفاحك أنت، أليس كذلك؟

 بلى. «روكي» الأول كان مرآة لما مررت به كممثل، كتبت خلاله شخصية ملاكم يشترك في المباريات الصغيرة ويتمنّى لو يحقق النقلة إلى البطولة الكبرى، نفس ما كنت أمر به كممثل.

·        هل صحيح أنك كتبت سيناريو «روكي» في 3 أيام فقط؟

 لا، ليس صحيحاً.

·        أعلم أنك تعبت لأجل أن تجد منتجين، لكن هل لك أن تعطيني صورة شاملة عما واجهته؟

- إنها حكاية طويلة ذات مناخات متعددة. مرّة كنت أعيش فوق سحاب الأمل، ومرّة كنت أجد نفسي عدت إلى نقطة الصفر، لكني لم أستسلم. كنت لففت على كل منتج وافق على استقبالي وتحدثت إلى كل واحد طالباً إعطائي فرصة لأثبت جدارتي، لكنني سمعت كلاماً طيباً من الجميع. ذات مرّة قابلت أحدهم، وكان جوابه مشابهاً لجواب الآخرين، إذ قال: «تبدو شخصاً موهوباً لكن عليك أن تثابر أكثر». وأضاف هذا المنتج، وأنا أخرج من الغرفة: «إذا كان عندك فكرة فيلم اعرضها عليّ وسأرى..»، وبهذا الوعد عدت إلى بيتي وكتبت. لم أكتب سيناريو كاملاً بل خطوط عامّة لشخص يكافح لأجل تحقيق ذاته في حلبة الملاكمة، وهكذا وُلد المشروع.

·        بعد نجاح «روكي» مثلت أفلاماً لم تحقق النجاح ذاته إلى أن لعبت بطولة «دم أول» الذي هو أول فيلم في سلسلة «رامبو». لماذا لم تحقق الأفلام الأخرى بين هذين الفيلمين النجاح المطلوب؟

 هذا يحدث مع كثير من الممثلين. فالجمهور يريد أن يراهم ثانية في الصورة التي ظهروا عليها، أي تغيير لا يحقق النتيجة ذاتها. ومثلت أفلاماً مثيرة للاهتمام مثل «زقاق الفردوس» و«صقور الليل» و«فيست» لكن الإقبال لم يكن هو ذاته.

·        حتى بعد بداية سلسلة «رامبو» نجدك انتقلت إلى أفلام كوميدية أو بوليسية خفيفة، هل كان ذلك نتيجة رغبة في التنويع؟

 طبعاً. كانت فكرتي آنذاك أن الجمهور له الحق في أن يرى تبديل جلد. تمثيل شخصيات خفيفة لا تداوم العنف ولا تنتقل من روكي إلى رامبو وبالعكس، لذلك مثلت «راينستون» و«أوسكار» و«قف وإلا أمي ستطلق النار»، وأفلاماً أخرى.

·        من كان منافسك الأول في سينما الأكشن في الثمانينات؟

 تعرف الجواب سلفاً، آرني (أرنولد شوارتزنيغر).

·        هل شعرتما بالتنافس فيما بينكما في تلك الفترة؟

 طبعاً، لكن ما كان يؤديه كل منا لم يكن الدور ذاته بالنسبة للممثل الآخر. لا أرى نفسي، مثلاً، في دور «ترمينيتور»، ولا أعتقد أنه يرى نفسه في «روكي» مثلاً، لكل منا وجهته. لكن نعم، كانت هناك منافسة كما كانت هناك زمالة، فشوارتزنيغر من بين أصدقائي الحميمين، ونلتقي كثيراً خارج العمل.

·        لماذا كان له دور صغير في «المستهلَكون» (The Expendables) الأول قبل 5 سنوات؟

كان الدور الذي اقترحته على شوارتزنيغر في ذلك الفيلم أكبر من الدور الذي مثّله فعلاً، إذ كان سيلعب الدور الذي مثله بروس ويليس في نهاية المطاف، لكنه كان لا يزال مرتبطاً بمكتبه كحاكم ولاية كاليفورنيا، ولم يكن لديه الكثير من الوقت، لذلك اكتفى بظهور قصير جداً، لكن لاحقاً تغير الوضع.

·        حاولت بدورك أن تخرج من أدوار القوة البدنية وأفلام الأكشن، لذلك كانت لديك أفلام كوميدية مثلاً. لكن لم تحاول الدراما كثيراً.

 هل تعلم صعوبة إيجاد دور درامي مناسب لك؟

هل تذكر «كوب لاند»، كانت هذه محاولتي الناجحة في تلك الأثناء، شعرت بأني وجدت الدور المناسب، ونلت عليه ثناء النقاد، والفيلم أعجبهم أيضاً، ومازلت أحتفظ بالمقالات التي كتبت عنه، لكنه لم ينجح.

·        لديك الآن «كريد». هذا خالٍ من سمات أفلام روكي رغم أنه ينتمي إليها.

 تماماً، هو درامي فعلاً على الرغم من أن فيه مشاهد في الحلبة، وهنا أيضاً وجدت الدور الصحيح.

·        لماذا لم تخرجه كما فعلت في بعض أفلام السلسلة السابقة؟

 شعرت بأن المشروع بأسره يحتاج إلى مخرج آخر برؤية جديدة، مخرج شاب يستطيع أن يبث في المشروع روحاً جديدة خصوصاً أن البطولة هي لممثل شاب أيضاً.

·        أتقصد مايكل ب. جوردان؟

 نعم، وأنا فخور به. والمخرج رايان كوغلر حقق فيلماً كلاسيكياً ومفعماً بروح شابّة وحيوية رائعة في الوقت ذاته

أبرزها «ذيب» المنافس على «الأوسكار»

السينما الأردنية.. نجاحات فردية لا تتكرر

عمّان - ماهر عريف:

باستثناء تجارب فردية محدودة شقّت طريقها عربياً وعالمياً، أبرزها «ذيب» مؤخراً، تفتقد السينما الأردنية الاستراتيجية الشاملة ويواجه مخرجون من أصحاب المحاولات الجادة، عراقيل إنتاجية وتنفيذية وإجرائية تدفع أغلبهم إلى عدم تكرارها.

ناجي أبو نوار مخرج «ذيب» الذي حقق سابقة في منافسات «الأوسكار» ونال صدى دولياً واسعاً، وعُرض في دور السينما المصرية في خطوة غير معهودة وحصد أكثر من 20 جائزة في مهرجانات آسيوية وإفريقية وأوروبية، أكد أكثر من مرة مواجهته معضلات عند تنفيذ الفيلم، بينها افتقاد الرعاة وإغلاق مؤسسات معنية أبوابها أمامه ورفضها تسهيل مقتضيات التصوير وتوفير تجهيزات ذات صلة ما استدعى أكثر من 3 سنوات لإنجاز العمل قبل أن يمدّه صندوق أبوظبي للأفلام «سند» وجهات أخرى بالدعم.

ويرى الناقد ناجح حسن أن هموم السينما الأردنية كثيرة، في مقدمتها هجرة أصحاب المواهب القادرة على صناعة الأفلام بعد الاصطدام بإحباطات داخلية عديدة، في مقدمتها عدم توفير بنى تحتية وغياب التمويل والإنتاج والسوق المؤهلة لاستيعاب الخريجين من جامعات تمنح شهادات أكاديمية متخصصة.

يقول: «ساهم تأسيس الهيئة الملكية للأفلام منذ 12 عاماً في تحقيق حراك حفّز الراغبين، سواء عبر الانخراط في ورش موسمية أو التوجّه إلى مؤسسات تُعلّم تقنيات صناعة السينما، ما أنتج تجارب اعتمدت على جهود ذاتية لم تجد الحاضنة اللازمة للاستمرار مهنياً ومادياً».

ويعدّد حسن أسماء مخرجين يعتبرهم أثروا المشهد السينمائي الأردني، من بينهم ناجي أبو نوار ويحيى عبد الله وأمين مطالقة وأصيل منصور ومحمد حشكي ورفقي عساف وفادي حداد وماجد الكباريتي وعشرات آخرين، دفعت العقبات والتحديات بعضهم للاتجاه صوب العمل الإداري الأكاديمي، بعيداً عن التنفيذ الميداني، وآثر سواهم الالتحاق بوظائف في التلفزيون وفق شروط لا تنسجم مع صناعة الفن السابع.

ويضيف: «هناك مجموعة غادرت إلى الخارج بحثاً عن فرص مختلفة سواء بسبب محدودية سوق العمل محلياً وصعوبات العثور على تمويل أو لأمور أسرية وظروف خاصة وفي المحصّلة تراجعت الآمال الكبيرة التي لازمت ظهور قدرات واعدة للنهوض بصناعة السينما الأردنية التي ظلّت طوال نصف قرن أسيرة لمحاولات التجريب والمغامرة».

ويطالب حسن بمراجعة شاملة لاستيعاب المنجزات ودراسة الإخفاقات نحو وضع استراتيجية تشارك فيها مؤسسات حكومية وخاصة بعدما نجح شباب بإمكانيات مادية متواضعة في تقديم أعمال لافتة قبل أن يغيب أغلبهم عن المشهد وتتحوّل النجاحات إلى ما تشبه الطفرة المؤقتة نتيجة افتقاد موازانات داعمة وتسهيلات مواكبة ومعطيات تكفل المواصلة ضمن مشروع متكامل ينهض بالسينما الأردنية.

ويؤكد الناقد محمود الزواوي، الذي كان ضمن فريق تقويم مهرجان الفيلم الأردني الثالث مؤخراً، على أصحاب النجاحات الفردية بالتمسك بمشاريعهم ومقاومة الصعوبات لتكريس حالة سينمائية أردنية واعتبر الطريق نحو الوصول إليها ما زال طويلاً وصعباً.

ويرى الزواوي أن نيل بعض الأفلام الأردنية أصداء واسعة في السنوات الأخيرة يفتح الآفاق لتحقيق حضور أكبر وأهم، ضارباً أمثلة وصفها بأنها لافتة بينها «ذيب» للمخرج أبو نوار، و«كابتن أبو رائد» للمخرج أمين مطالقة، و«إعادة خلق» للمخرج محمود مساد، و«مدن ترانزيت» للمخرج محمد حشكي، وأخرى شاركت في مهرجانات دولية واقتنصت جوائز فضلاً عن عرضها في دور سينما عربية وغربية.

ويضيف: «هناك بوادر شبابية مشجعة تواكبها بعض التطورات اللازمة لإنشاء أسس سينمائية تشي بتطلعات أفضل لكنها تحتاج إلى دعم وتشجيع من القطاعين العام والخاص والسعي إلى إنتاج مشترك والعمل على انخراط ممثلين وفنيين في أعمال عربية وأجنبية ذات مواصفات متقدمة تسهم في تراكم الخبرات والتجارب».

ويؤكد عدنان مدانات، رئيس قسم السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافية، وجوب استثمار النجاحات الفردية، وآخرها «ذيب»، في تذليل الصعوبات والعراقيل التي تواجه استمراريتها، معتبراً إنتاجه بميزانية متواضعة وتحديه ضعف الدعم يُسجل مكسباً على امتلاك رؤى فيلمية ناجحة في الأردن، بحاجة إلى تحرك مؤسسات وهيئات مسؤولة نحو دعم هذا القطاع الفني.

ويشدد على إمكانية انعكاس «فجوة المواصلة» سلباً على إطلاق صناعة سينمائية متكاملة، تستدعي توفير دور العرض المتعددة والمؤهلة ونشر ثقافة السينما المحلية جماهيرياً، ووجود مظلة ترعى الإنتاج وفق رؤية استراتيجية لا تكتفي بمحاولات بارزة من حينٍ لآخر.

الخليج الإماراتية في

21.02.2016

 
 

ما يدعى بالحب المنزه ما بين هدم وبناء.. قراءة تحليلية في فيلمي The Danish Girl وLaurence Anyways

جايلان صلاح

ما هو الحب الحقيقي؟ الكاتبة التشيلية إيزابيل الليندي تقول في أحد كتاباتها، "أنت لا تتوقع من الأشجار أن تتغير، لكنك تحبها على طبيعتها."

ماذا عن الحب بعد تغيير عاصف يطيح بكل ما تعرفه عن الحبيب؟ مرض عضال كما في فيلم "Dying Young" (١٩٩١) للمخرج الأمريكي جويل شوماخر والذي يقدم فرضية ساذجة عن الحب الذي وإن لم يقهر المرض، فإنه يعطي الحبيبين القوة لتحدي المرض سوياً مهما كانت النتائج. جلطة دماغية واعتماد كلي على أحد طرفي العلاقة كما في فيلم "Amour" (٢٠١٢) للمخرج المزعج مايكل هاينيكي والذي يظهر قسوة العجز وقهره للحب، بل وأن الحب أحياناً يقتل حينما يفيض بقدرة الانسان على احتمال انهيار الحبيب وبهذا يهدم تماماً فرضية استمرارية الحب وكونه يتحدى الظروف والمعوقات.

ماذا عن تغيير تام في هوية الحبيب ذاته؟ هل يقبل أحد طرفي العلاقة أن يستيقظ ذات يومًا ليجد حبيبه وقد غير جندره؟ في علاقة مغايرة الجنس، هل تتقبل امرأة أن تجد نفسها على علاقة بامرأة بعد أن كانت ارتبطت برجل في بداية العلاقة؟ وهل يكون رفضها أو قبولها لهذه العلاقة نوع من القسوة والخيانة للحب، أم أن التحول ذاته يعد خيانة للطرف الآخر؟ في هذه الحالة، يمكن تطبيق "عشق الجسد فاني لكن عشق الروح مالهوش آخر"، فالحبيب وإن كان ذكراً أو أنثى، يبقى بروح واحدة، تغير جسده لن يعني تغير شخصيته، طباعه، أغانيه المفضلة، ما يضحكه وما يبكيه، هواياته ومسببات ضيقه. لماذا ينفر الانسان إذاً من حبيبه إذا ما قرر تغيير نوعه، وهل اثنان في علاقة جسدية، يعيشان سوياً، لن يعرفا فعلاً عما إذا كان كل منهما يحمل سر بهذه الحساسية داخله؟ 

في الآونة الأخيرة، اهتز العالم لتلقي خبر أن الرياضي الأمريكي الشهير بروس جينر قد أجرى عملية تحويل جنس وأصبح امرأة تدعى كاتلين جينر. أصاب الخبر العالم كله بالدهشة -والتعاطف بالذات في العالم الغربي- كون بروس رجل يحمل كل مقومات الذكورة؛ فهو ذو جسد قوي، رياضي صاحب بطولات وإنجازات وميداليات أوليمبية ذهبية، أنجب الذكور والإناث على مدار ثلاث زيجات أي أنه أيضا يتمتع بما يؤهله لمكانة ألفا ميل (Alpha male) دون منازع؛ القوة الجسدية، الذكورة، والخصوبة، والكاريزما لدى النساء، بل أنه حتى رجل أعمال ناجح وثروته تقدر بملايين الدولارات. أين الخطأ إذاً؟

وصف بروس نفسه بأنه "كان امرأة طوال الوقت" في مقابلته مع الإعلامية ديان سوير في أبريل، ٢٠١٥. وعلى الرغم من أنه لم يلتزم بعملية تصحيح جنس كلية، إلا أنه أزال تفاحة آدم، أعاد تصحيح ثدييه، ويتناوب الآن على تناول الاستروجين وأعلن نفسه امرأة تدعى كايتلين بغض النظر عن الخطوات التي اتبعتها لتصبح امرأة. هذه الثورة الجندرية التي هزت العالم كله، ليست بعيدة تمامًا عن الفيلمين اللذين اخترناهما لتصوير هذه الفكرة؛ هل الحب يتخطى حاجز الجندر؟ هل يمكن قبول الحبيب حتى بعد تغيير نوعه؟ هل هناك ما يدعى بالحب غير المنزه (Unconditional love) أم أنها فكرة شديدة الرومانسية؟

عام ٢٠١٢ وقبل ضجة كايتلين جينر، خرج المخرج الكندي الموهوب كزافييه دولان بفيلم Laurence Anyways (٢٠١٢) عن أستاذ جامعي يدعى لورانس قرر التحول لامرأة، وما تبعه ذلك من آثار على علاقته بحبيبته فريد. كعادة دولان في التعامل مع قضايا حساسة، هو لا يبلور أو يفخم القضية من أجل كسب تعاطف الناس، لكنه يلمسها بواقعية تامة، تاركًا للمشاهد حرية التعاطف أو الاستنكار.

في تعامله مع لورانس، اختار بدلًا من تركيزه على عملية التحول الجنسي ذاتها -أو حتى مشوار لورانس منذ قرر أن يصبح امرأة إلى أن انضم فعليًا لعالم الأنوثة- أن يهتم بالعلاقة بين لورانس وفريدريك، الحبيبان اللذان كانا في غاية الانسجام والغرام قبل أن يعلن لورانس رغبته في أن يصبح امرأة، وأثر ذلك على الطرف الأخر في العلاقة؛ فريد، والتي يبدو رغم انغماسها التام في حبيبها، أنها كانت تجهل تمامًا أن بداخله امرأة حبيسة، تتأهب للظهور في الوقت المناسب. بينما يشير لورانس لقضيبه وعضلاته الرجولية واصفًا إياها بأشياء مثيرة للاشمئزاز، تتساءل فريد في مشهد المواجهة الأول بينها وبينه، "كل ما أحبك لأجله تكرهه؟" فيجيبها مستنكراً، "هل هذا هو فقط ما تحبينه في؟"

لا يهتم كزافييه دولان بتسليط الضوء على قضايا المثلية بقدر ما يهتم على إظهار شخصيات من جميع أطياف البشر. هو هنا لا يحمل الفيلم أكثر من طاقته بمشاهد تعظم التحول الجنسي، فشخصية لورانس انسان، تحمل الأنانية والاستقلال والعاطفة والقسوة، وكذلك شخصية فريد. بعيداً عن اهتمام دولان بالصورة السينمائية، وقدرته على تكوين المشاهد ببراعة، في لوحات تعبيرية مبالغة عما يدور في أعماق الشخصيات من مشاعر وصراع، فإنه أيضاً يتعامل مع التحول الجنسي كحدث وكفى، بعيداً عن أن لورانس هو الشخصية الرئيسية في الفيلم، إلا أن ذروة الصراع تتجلى عند فريد، حبيبته، والتي تتأرجح ما بين حبها المتوحش له، وعدم قدرتها على احتمال الحياة مع لورانس كامرأة، رغم معرفتها في قرارة نفسها بأنها لن ولم تحب مثلما أحبته.

Laurence Anyways (٢٠١٢) يضعنا في موقف محايد من التحول الجنسي، منتصرًا بهذا لحرية الجسد والحرية الجنسية لأبعد حد، فتسييس الموضوعات الانسانية وتحميلها أكثر مما يحتمل فيلم روائي، قد يكون أحيانًا سلاح ضدها وليس معها. في المشهد الذي يقوم فيه بعض الرجال الذكوريين بالاعتداء على لورانس عندما يحاول أن يندمج في بار بملابسه النسائية قبل أن يبدأ طور التحول من رجل لأنثى، لا يتعامل دولان مع المشهد بطريقة تضعه في حيز "حادث عنف" وليس "حادث عنف ضد المثلية أو الترانس جندرية" مما يجعلها أكثر انسانية وعالمية

يرفض دولان تصنيف أفلامه كـ"أفلام مثلية" ويرى أن مثل هذه التصنيفات تضر بالعمل أكثر مما تدعمه، حتى أنه في حوار مع موقع Between the Lines News، استنكر أن يفوز صناع الأفلام أحياناً بال Queer Palme في مهرجان كان للأفلام التي تناقش موضوعات الـ LGBTQ، بينما هناك سعفة ذهبية (Palme d'Or) عالمية تضم جميع الأفلام من جميع التوجهات والمواضيع.

في ٢٠١٥، استيقظ العالم ليجد الممثل البريطاني إيدي ريدماين، والذي حاز أوسكار أحسن ممثل عام ٢٠١٤ عن دوره كالعالم البريطاني ستيفن هوكينج في فيلم The Theory of Everything (٢٠١٤)، يطوع جسده مرة أخرى ليصبح امرأة تدعى ليلي إلب، رسامة للمناظر الطبيعية ومتزوجة من رسامة أخرى جيردا ويجنر، والتي تقوم بدورها أليسيا فيكاندير.

الفيلم مبني على قصة حقيقية للرسامة، والتي تعتبر أول (وفي مخطوطات أخرى ثاني) امرأة أصبحت هكذا بعملية تصحيح للجنس في العالم عام ١٩٣٠، لكن التفاصيل الحقيقية تقتضي القول بأن لي لي الحقيقية كانت خنثى Intersex تحمل هرمونات الذكورة والأنوثة، وهو ما حاول إيدي تعويضه بالمبالغة في الأداء الأنثوي والـ feminine mannerisms لكنه للأسف لم يستطع إيصال الحالة الانسانية والجنسانية لنا مكتملة، فشاب أداءه كرجل وامرأة مبالغة شديدة.

تبدو الحكاية في البداية شديدة التوجه من المخرج توم هووبر، هو يوجهك لأن تتعاطف مع لي لي، لأن تتفهم طبيعة العلاقة بين الزوجين من وجهة نظره هو، فجيردا هي الطرف الأقوى في العلاقة، المتحكمة فيها، المرأة التي لا تأبه بأنوثتها كثيرًا، حتى أننا نرى زوجها إينار (وهو متقمص لي لي أو حتى كرجل) عاريًا أكثر منها، في محاولة ربما لاسترضاء ناقدات الفيمينست واللاتي يرين أن تعرية المرأة بكثرة على الشاشة ما هو إلا تشييء لها، مع اختيار زوايا التصوير التي تتعامل معها ككيان جنسي لا كانسان لامجنسن (Asexual). هنا، نحن نمر على عري جيردا مرور الكرام، بينما تتسمر الكاميرا على جسد إينار العاري، آخذة إيانا في كل تفاصيله.

لكن ناقدات الفيمينست لا يرون في The Danish Girl انتصار للأنوثة، بقدر ما هو احتفاء مبالغ فيه بها. إنه فوضى أنثوية مزعجة، بداية من التفاصيل النسائية التي تنجذب لها لي لي، إلى محاولة إظهار مدى انبهارها بتسريحات الشعر والماكياج والأوضاع التي يتخذها إينار كلي لي في التصوير، يحيلنا الأمر دونما قصد إلى ما قالته كايتلين جينر –الترانزجندر المرفهة، والتي أبعد ما تكون عن معاناة شخص يمر بمثل هذا التشتت الجنوسي- والتي صرحت في مقابلة لموقع Buzzfeed الترفيهي أن أصعب ما واجهته كامرأة هو اختيار ما ستلبسه في الصباح. لا أظن أن لورانس قد واجه صعوبات مماثلة في رحلة تحوله من رجل لامرأة، لكنني أكاد أتخيل حيرة لي لي في اختيار درجة ظلال الجفون المناسبة أو طلاء شفاه يتلاءم مع ابتسامتها الخجول.

الشجار الممتلئ عن آخره بالسباب العنصري من فريد لحبيبها لورانس في Laurence Anyways (٢٠١٢)، هو بالضبط ما يفتقده حوار The Danish Girl الممتلئ حبًا وأدبًا. جيردا التي تفاجئ بعد ست سنوات من الزواج بزوجها يخبرها بأنه يريد التحول لامرأة، ويرفض حتى أن يخلع ثياب المرأة ولو لحظة من أجلها، لا تحاول ولو لحظة إهانته أو تفقد أعصابها من أثر الضغط النفسي الواقع عليها. الفيلم والذي منع في دول عربية كثيرة كونه "لا أخلاقي" هو –للسخرية- شديد التهذيب في تعامله مع ذلك الموضوع الحساس، وأبعد ما يكون عن الجرأة.

شخصية لي لي نفسها من أسوأ تمثيلات المرأة على الشاشة. كل ما يمكن استنباطه من علاقة لي لي وجيردا هو ميزان قوة محدد منذ البداية، زوج رقيق حنون أقرب للملائكية المبتذلة، وزوجة متسلطة آمرة، حتى أن شخصية لي لي ليست نابعة من مكنون إينار نفسه، بقدر ما هي امتداد لفنانة تبحث عن إلهام أو ملهم Muse. حتى لي لي نفسها أخبرت جيردا بهذا في أحد المشاهد، "ما رسمتيه، أصبحته." في بداية الفيلم، يخبر صاحب معرض للوحات جيردا أنها قد تصبح رسامة من الطراز الأول لو وجدت الموضوع المناسب، وها هو إيجو الفنانة المتضخم يخلق من رحمها كيان بعنوان لي لي ويستغل ربما رغبة الزوج الدفينة في أن يكون امرأة فيلبسه رداء لي لي، وحذاءها عالي الكعب.

الخط الدرامي الإيجابي الوحيد هو في إظهار افتتان الفنانة المرأة بملهم (أو ملهمة)، فكما عودتنا السينما أو الدراما، الإلهام والوحي دومًا يتشكلون على هيئة امرأة، والفنان دومًا رجل يفتتن بها. نادرًا ما نرى افتتان المرأة بجسد (سواء رجولي أو أنثوي)، نادرًا ما نرى امرأة تعبر عن ملهمها أو ملهمتها، تعودنا على جان لوك جودار وأنا كارينا، إدوار مانيه و فيكتورين موران، وودي آلان وميا فارو. هنا نحن نرى الفنانة جيردا ويجنر، وافتتانها بالمرأة التي خلقتها من عدم لي لي وإلباسها زوجها رداء المخلوقة الخيالية، حتى بسطت لي لي جناحيها، وخرجت من اللوحة لعالم الخيال، كون لي لي كانت في الأصل إينار فيجنر، فهذه قمة الحرية النسوية، وانتصار ولو بسيط للمرأة في فيلم تعامل معها بنوع من السطحية.

لكن كما بيجماليون، الذي صنع تمثالاً فتمرد عليه، تخرج لي لي من عباءة جيردا، وتحاول تقصي مغامراتها الحسية بعيداً. كان هذا ليكون خطًا دراميًا جيدًا، لولا إصرار المخرج على أن يحيله لميلودراما رومانسية، فكر في Sense and Sensibility (١٩٩٥) يقابل The Notebook (٢٠٠٤) لو كان أحد الأبطال ترانزجندر. بدلاً من التركيز على علاقة الجسد بالانسان، وماهية الهوية الجنسية والجندرية، نجد أنفسنا نتابع مشهد وراء الآخر من عذابات لي لي وجيردا شديدة السنتيمنتالية sentimental والتي تصبح أحياناً مضحكة بدلًا من أن تثير التعاطف الحقيقي مع معاناة انسان يحاول لملمة شتات وجوده المستمد من كونه يكتشف من هو حقًا؟ أم أنه ليس هو بل هي؟ 

في مقارنة بين مشهد ذكرته مسبقًا في Laurence Anyways (٢٠١٢)، يبدو مشهد اعتداء المثليوفوب homophobes –أو في حالتنا transphobes- على لي لي مشهد شديد الافتعال، يركز المخرج كالعادة على وجه لي لي، شفتيها المرتعشتين، بينما يصور المعتدين من عل بينما يهوون على جسدها بالأحذية. تكاد تستمع إلى صوت المخرج يصرخ في أذنك أن تتعاطف مع أزمة لي لي، ومحاصرتها من كل مكان بالأوغاد المعادين لوجودها

حتى محاولة جيردا للتحرر الحسي من أزمة حياتها اللاجنسية –وحتى لاشعورية، إلا لو اعتبرنا الشفقة دافعاً لاستمرارها- أتت في صورة كليشيهية في لقاء بين هانز وجيردا على السلم بعد أن رفضها إينار –المختبئ داخل لي لي- جنسياً، وازداد احتياجها الجسدي بصورة فاقت قدرتها على المقاومة. في مشهد من المفترض أن نشعر فيه بالصراع الذي يعتمل داخل جيردا، يجد المشاهد نفسه يهتف بها أن "تفعلها!" فما بينها وبين لي لي لا يعد حتى علاقة مثلية أو مغايرة، أو علاقة بأي شكل من الأشكال. إنه نوع من العلاقات التكافلية يدعى بتبادل المنفعة mutualism؛ لي لي تحتاج الأمان الذي تمثله لها جيردا، بينما تحتاج جيردا الإلهام الذي تمثله لها جسد وكيان لي لي المضطرب ما بين عالمي الذكورة والأنوثة.

في فيلم مثل Boys Don’t Cry (١٩٩٩) للمخرجة كيمبرلي بيرس –وهو فيلمها الوحيد الجيد بالمناسبة- تمثل شخصية الترانس جيندر (في هذه الحالة من امرأة لرجل) اضطراب الهوية الجنسية ببراعة، وبدون تكلف أو افتعال، بسهولة قد تقع الممثلة في فخ محاولة تقليد لغة جسد الرجل بافتعال، لكنها تعتمد أكثر على الانفعالات الداخلية، بينما في فيلم The Danish Girl لا مجال للانفعال الداخلي، فالافتعال الخارجي أكبر من أن تحتمله الشاشة وأعصاب المشاهدين. وعلى الرغم من طريقة فناني الدنمارك وباريس في العشرينيات الباردة، وهدوءهم النسبي في التعامل مع أزماتهم، ومعاناتهم، في مقابل ضجيج الشاعر وحبيبته في الثمانينيات ، إلا أن الصدق الذي يغلف حكاية لورانس، أكبر بكثير من الحقيقة التي تتوارى وراء ملابس لي لي الرائعة ورموشها الصناعية.

في النهاية، قد يكون فيلم The Danish Girl مجرد فيلم أمريكي تجاري آخر عن قصص الحب العذبة، لكن أن يتم تصديره كواجهة للحديث عن معاناة الانسان الترانزجندر، فهذا يحمله أكبر من طاقته، وفي النهاية، الشتات الذي ظل لورانس وفريد يعانيان منه أفضل بكثير من الحرية التي لاقاها وشاح لي لي على قمة الجبل. فالحب قيد، وتصوير عذابه كثمن للحرية ما هي إلا أكذوبة دأبت السينما الأمريكية على تصويرها لنا، حتى لو على حساب الجسد.

موقع في الفن المصري في

21.02.2016

 
 

فيلم "Mad Max: Fury Road"

المنافس الأقرب لأوسكار أفضل ماكياج

كتبت شيماء عبد المنعم

نشر موقع variety تقريرا يؤكد أن كل التوقعات تشير إلى أن فيلم "Mad Max: Fury Road" بطولة تشارليز ثيرون وتوم هاردى الأقرب للفوز بجائزة أوسكار أفضل ماكياج وشعر، وينافسه على الجائزة الأفلام The Hundred-Year-Old Man Who Climbed Out the Window and Disappeared The Revenant، ومن المقرر إقامة حفل الأوسكار الأحد المقبل بمدينة لوس أنجلوس، فى ولاية كاليفورنيا. والفيلم هو الجزء الرابع من سلسلة أفلام Mad Max التى توقفت عام 1985، وتدور أحداثه حول مجموعة من الأشخاص الهاربين من على الطريق ويحاول "ماكس" إنقاذ حياتهم، ويخوض عدة مغامرات صعبة، حيث تدور الأحداث بشكل مأساوى بعد نهاية العالم فى إحدى الصحارى المقفرة، يعيش اثنان من الثوار الفارين اللذين يحملان إمكانية استعادة النظام لطبيعته من جديد، أولهما هو ماكس والذى يجسد دوره توم هاردى، الرجل الذى يسعى وراء التصالح مع الذات بعد خسارته لزوجته وابنه فى أعقاب الفوضى التى اجتاحت الكوكب، والإمبراطورة فيوريسا التى تجسد دورها تشارليز ثيرون التى تعتقد أن طريقتها فى الإصلاح قد تكون مجدية عبر الصحراء. والفيلم يشارك فى بطولته إلى جانب تشارلز ثيرون عدد كبير من النجوم منهم توم هاردى وروزى هنتنجتون ونيكولاس هولت ورايلى كيو وميجان جيل وناثان جونز، ومن تأليف بريندان مكارثى ونيك لاثورس ومن إخراج جورج ميلر

اليوم السابع المصرية في

21.02.2016

 
 

"العائد": فانتازيا الانتقام والبقاء

سليمان الحقيوي

يبدو أن المخرج المكسيكي أليخاندرو غونزاليز إيناريتو، عاد هذا العام لتحقيق قصة نجاح أخرى من خلال فيلمه الجديد "العائد"، في وقت لم ينته فيه بعد الحديث عن فيلمه "الرجل الطير" الذي أخرجه العام الماضي.

اختار إيناريتو هذه المرة قصّة ملحمية، عن أحداث حقيقية تصف رحلة العودة من الموت، التي قام بها تاجر الفراء هيو غلاس في ظروف مميتة، والمقتبسة عن عمل للروائي الأميركي مايكل بونك، مقتبسة بدورها عن قصة حقيقية وقعت أحداثها عام 1823، وتحكي بالكثير من التفصيل الظروف القاسية التي كابدها غلاس (تمثيل ليوناردو دي كابريو) الذي عمل مرشداً لفرقة صيد كبيرة.

أثناء قيام غلاس بجولة استطلاعية وحيداً، تهاجمه أنثى دب ضخمة بعد أن صوّب بندقيته نحو صغيرها. وفي مشهد ربما يكون الأكثر قيمة وقسوة في الفيلم، يتعرّض غلاس لهجوم عنيف من هذا الحيوان المفترس، ويستطيع بعد جولات من العراك أن يقتل الدب، ثم يسقط بين الحياة والموت، غير قادر على الحركة أو الكلام، مكسّر الأطراف، وفقط يستطيع تحريك عينيه.

"تحوّل الفضاء والطبيعة إلى مكان معادٍ في وجه المستعمِر"

حالة غلاس الميؤوس من نجاته، أحيت حقداً دفيناً عليه لدى جون فيتزجيرالد (تمثيل توم هاردي) الذي أصرّ على قتل غلاس لتخليصه من آلامه، ولولا معارضة الكابتن أندرو (تمثيل دونال غليسون) لفعل ذلك وهو سعيد.

تناوب الجنود على حمل غلاس، وبعد ازدياد صعوبة الرحلة قرّر الكابتن أندرو قتله، لكنه في لحظة سيتراجع ويتركه برفقة هوك؛ نجل غلاس، وبريدجر وفيتزجيرالد. خوف فيتزجيرالد من مطارديهم من الهنود المقاتلين، جعله يسرع في دفن غلاس حياً، بعد أن قتل ابنه أمام عينيه، ثم تركه وسط الغابة لمصير مجهول.

من هنا، بدأ غلاس رحلته المستحيلة مع النجاة مستنداً إلى عصا ومرتدياً فروة الدب الذي قتله؛ فيشاركه هندي وجبة لحم نيئة وينقذه من الموت برداً، وحين يجده غلاس مشنوقاً، يستعمل حصانه للهرب. وفي مشهد آخر لافت، يسقط غلاس مع الحصان من حافة عالية، يموت الحصان ويبقى غلاس، فيفرغ الحصان من أحشائه ويختبئ داخله في ليلة شديدة البرودة. يستمر غلاس في الزحف حتى يصل إلى حدود معسكره، ويطارد فيتزجيرالد، انتقاماً لمقتل ابنه.

سيناريو فيلم "العائد" الذي كتبه إيناريتو بالشراكة مع مارك لي سميث، يختار مساراً سردياً بسيطاً، قياساً لنوعية القصص المتشابكة التي عمل عليها صاحب "بابل" في السابق، ليست هناك مداخل متعددة أو مباغتة، أو تشعبات تغني خط السير الأحادي لرحلة غلاس، كل ما في الأمر هو تتبّع لحركات وسكنات الشخصية المحورية والتقاط لتفاصيل معركتها من أجل البقاء.

وإذا استثنينا بضع دقائق في بداية الفيلم عن هجوم مجموعة من الهنود على معسكر فرقة الصيد، فكل الأحداث التالية لذلك تتعلق بغلاس فقط، في مدّة طويلة (ساعتان و36 دقيقة). ما يلاحظ هنا حول الحبكة، يمكن تعميمه أيضاً على جوانب فيلمية أخرى، كالفضاء الذي لم يوفر أي تنوع جغرافي غير قمم الثلج والأشجار، وهو ما حدّ أيضاً من تنوّع مصدر الألوان.

رغم ذلك، استطاعت القصّة أن تملك سحرها الخاص، وأن يترشح "العائد" لـ 12 فئة من جوائز الأوسكار المقبلة، من بينها أفضل مخرج وأفضل ممثل وأفضل فيلم، إضافة إلى فوزه بثلاث جوائز غولدن غلوب.

"عمل مرشّح في اثني عشر فئة من جوائز أوسكار هذا العام "

وفي ضوء رؤية إيناريتو الفنية، حوّل مدير التصوير إيمانويل لوبيسكي (الذي جمعته أعمال أخرى بايناريتو منها عملهما الأخير "الرجل الطير") الفيلم إلى ملحمة بصرية، تتفوّق فيه تعبيرية المشهد على كل الجوانب الأخرى، فالالتقاطات العبقرية للفضاء؛ كوطن للهنود بطبيعته التي تشبه براءة السكان الأصليين، ظهرت عبر انسيابية الكاميرا وتجولها بين المياه والأشجار.

الفضاء أيضاً تحوّل بصورة معكوسة إلى مكان معادٍ في وجه المستعمر. لوبيسكي ساهم كثيراً في إبراز قوة الدور الذي لعبه ديكابريو، خصوصاً في لحظات تذكّر زوجته، أو صراعه مع الدّب، أو هربه سباحة عبر النهر، أو مشهد سقوطه من الحافة، فظهر من فوق، هو وحصانه الميت مثل لوحة فنية يشكل فيها اللونين الأبيض والأسود حواراً متناغماً بين الحياة والموت.

جمع عمل لوبيسكي في "العائد" بين الكيفية التي أدار بها تصوير فيلم "شجرة الحياة" و"العالم الجديد" اللذين جمعاه مع المخرج ترينس ماليك سابقاً.

وعلى الرغم من أن "العائد" هو قصّة عن الانتقام والصراع من أجل البقاء، إلّا أنه لم يخل من تذكير بما تعرّض له الأميركيون الأصليون. الفيلم قدّم عبر حواراته ومشاهده صورة عن عبث المستعمِر بتلك الأرض وأهلها، وبرّر، أيضاً، أحقية الدفاع عن الأرض والعائلة. هذه فكرة حملها بطل الفيلم، دي كابرو، معه إلى حفل الـ "غولدن غلوب" الأخير، وخلال تسلّمه جائزة أفضل ممثل، لم يفته تأكيد وجوب التفات السينما إلى قصص السكان الأصليين.

وفي ما يخص دي كابريو، فقد حظي باهتمام بالغ بعد نزول الفيلم إلى صالات السينما، بل إن الاهتمام بالدور الذي أدّاه تجاوز الاهتمام بالفيلم. واحتمالية فوزه بالأوسكار بعد خمس ترشيحات سابقة، تبدو طاغية هذه المرّة، لعدم حضور أسماء قادرة على حرمانه من الجائزة كما في المواسم السابقة. وباستثناء مات ديمون كمنافس مزعج، ليس هناك اسم آخر.

دي كابريو كابد مصاعب كثيرة أثناء تصوير الفيلم، خصوصاً عمل الطاقم في نسبة درجة حرارة منخفضة جداً، وظروف طبيعية حقيقة، جعلت عمله استثنائياً هذه المرة.

أليخاندرو إيناريتو.. ماذا عن الحكاية؟

فوزي باكير

إن كان كثيرون ملؤوا صالات السينما لمشاهدة ليوناردو دي كابريو في فيلم "العائد"، متسائلين عن الدور الذي قد ينال عليه الأوسكار الأول في حياته؛ فهناك، من جهةٍ أخرى، من ذهب من أجل أن يرى صنيعة المخرج أليخاندرو غونزاليز إيناريتو (1963) الجديدة، خصوصاً بعد فيلمه "الرجل الطير" (2015) الذي حاز عدّة جوائز أوسكار في العام الماضي. هل سيكرّرها إيناريتو الذي يترشّح "عائده" إلى 12 جائزة؟

بغضّ النظر عن الإجابة، فثمّة سجلّ أفلام حافل للمخرج، يستدعي الوقوف قليلاً عند تجربته، خصوصاً منذ فيلم "الحب غدّار" (2000)، وصولاً إلى "العائد". قد لا يختلف اثنان على أهميّة الأخير من الناحية الإخراجية، تحديداً تصويره الذي أداره إيمانويل لوبيسكي، ومونتاج الفيلم وطريقة سرد القصّة بصريّاً. لكن، ماذا عن الحكاية نفسها؟

قد تتّخذ قصّة الفيلم مشروعيّتها الأساسية من كونها مأخوذة عن قصّة حقيقية حول صيّاد يحاول النجاة من ظروفٍ بالغة القسوة، كادت أن تودي به إلى الموت مرّات عدّة. بالمقابل، يذكّرنا العمل بأفلام سابقة حول هؤلاء الذين قادتهم الظروف إلى أماكن جغرافيّة وعرة، قاسية المناخ والطبيعة، وكان عليهم تحدّيها ومواجهتها، وإلّا سيكون الموت مصيرهم.

"هل باتت غواية الجوائز متحكمة في أفلام المخرج واختيار حكاياته؟"

من هذه الأفلام، نذكر "الحافّة" (1997)، للمخرج لي تماهوري، من بطولة أنتوني هوبكينز وأليك بولدوين؛ حيث يسقط الاثنان في غابة نائية، ويمضيان بحثاً عن طريق العودة. لعلّ مشهد الدبّ الذي هاجم هيو غلاس (ديكابريو) في "العائد"، يذكّرنا بصراع البطلين السابقين مع الدب في الغابة، مع تفاوتٍ في براعة صناعة المشهد، تُحسب لـ إيناريتو.

يرجعنا "العائد" أيضاً إلى فيلم "كاست أواي" (2000) للمخرج روبرت زمكيس وبطولة توم هانكس. عملٌ مقتبس، أصلاً، عن رواية "روبنسون كروزو". أمّا الفيلم الأقرب، ربّما، إلى "العائد"، هو "الرّمادي" (2011) للمخرج جو كارانان، من بطولة ليام نيسون، والذي يحكي قصّة صيّادين سقطت بهم طائرة في صحراء ثلجية، وأخذوا يموتون الواحد تلو الآخر، فيما بقي واحدٌ فقط، عليه أن يواجه قطيعاً من الذئاب التي التهمت بعض رفاقه.

عاديّة حكاية "العائد"، وتوقّع المُشاهد لمصيره "الهوليوودي"، وهو النجاة، يجعلاننا نتساءل عن ثلاثة أفلام أخرجها إيناريتو، وكتبها غيّيرمو أرياغا؛ هي "الحب غدّار" و"21 غراماً" (2003) و"بيوتيفل" (2011). لا تبدو الحكايات، والأفلام أيضاً، ضمن ذلك القالب الهوليوودي المتوقّع كما في "العائد".

في "الحب غدّار"، مثلاً، ينسج العمل عدّة حكايات واقعيّة وراهنة للمجتمع المكسيكي وبنيته الطبقية والظلم الاجتماعي فيه. وهذا ما اشتغل عليه في "21 غراماً"، ضمن قصّة/قصص تتأمّل الموت وفلسفته في قالبٍ وجوديّ. أما في "بيوتيفل"، فنعود إلى الطبقات المسحوقة، والمهاجرين "غير الشرعيين" في برشلونة، وكيف يسيطر عليها تجّار المخدّرات ورجال الشرطة.

ماذا عن هذه الحكايات الأقرب إلى الإنسان وواقعه؟ أم أنّ غواية الجو

العربي الجديد اللندنية في

21.02.2016

 
 

فيلم «بروكلين» للإيرلندي جون كرولي…

رحلة البحث عن معنى الوطن

محمد عبد الرحيم - القاهرة ـ «القدس العربي»:

ما هو الوطن؟ وكيف يمكن الشعور بمعناه؟ قد يبدو للوهلة الأولى أنه مكان الميلاد، ما بين الأسرة والأصدقاء، والشوارع والمحال، والألوان المألوفة والوجوه الأكثر ألفة. ولكن ماذا عن اختيار الوطن؟ الأمر الذي يحدث مُصادفة في البداية، هل يمكن أن تتوافر الفرصة لاختياره بعد ذلك؟ الأمر بمعنى أدق يبدو مقارنة ما بين التاريخ المفروض والمستقبل المُرتجى. هذه الرحلة تجسدها «إليش» الفتاة الايرلندية، التي تذهب إلى بروكلين، وتبدأ الاختيار عن وعي. لتصبح رحلة بحث لا عن وطن، بل عن معناه. 

الفيلم مأخوذ عن رواية بالاسم نفسه، صدرت في العام 2009 للكاتب الايرلندي «كوليم توبين» وسيناريو «نيك هورنبي» وإخراج «جون كرولي». بطولة كل من سواريس رونان، وإيموري كوهين، وفيونا جلاسكوت، ودومنال جليسون، وجولي والترز. الفيلم إنتاج ايرلندا، المملكة المتحدة وكندا، وتم ترشحه لثلاث جوائز أوسكار، أفضل فيلم، وسيناريو مقتبس عن عمل أدبي، وأفضل ممثلة لسواريس رونان.

عالم إليش

تدور أحداث الفيلم في خمسينيات القرن الفائت، وما بين عالم منعزل وجتمع شبه مغلق (ايرلندا) موسوم بالرتابة تعيش «إليش» وتعمل في محل بقالة، وتحت إمرة امرأة غاية في القسوة، وما بين أمها وشقيقتها روز التي تعمل حسابية بأحد المؤسسات بالمدينة، لا ترى أليش أي مستقبل، فتاة خجولة ومنطوية إلى حدٍ كبير، لا تستطيع حتى الفوز بمن يلتفت إليها. وبمساعدة أحد القساوسة وشقيقتها يتم تدبير طريقة لسفرها إلى الولايات المتحدة، تأمل روز بأن توفر فرصة حياة مختلفة لإليش، لتبدأ الفتاة رحلتها إلى العالم الجديد.

تعيش إليش في بيت للمغتربات الايرلنديات، وفي البيت يبدو المجتمع الايرلندي المغلق، محاولات للحفاظ على العادات والتقاليد، وأساليب المعيشة، من طعام وشراب وملابس إلى حدٍ ما. الأمر أشبه بنزل عسكري، ولكنه لا يخلو من بعض التجاوزات، أو الإفلات من قِبل الفتيات. تبدو إليش مختلفة ولم تزل تحيا حالة الانطواء، بل الخوف والحنين إلى وطنها، حيث الأم والشقيقة والأصدقاء، تعمل بأحد المتاجر الكبيرة، ويساعدها القِس في الالتحاق بدراسة ليلية، فتتقن المحاسبة. إلا أن عالم الاغتراب هذا لا يطول النساء فقط، بل جميع مَن حاولوا البحث عن عالم أفضل. 

وفي مشهد دال، تتطوع إليش أن تقوم بخدمة بعض المسنين الايرلنديين في أعياد الميلاد، أن تشاركهم الاحتفال مع أخريات، وهنا تتساءل، ماذا يفعلون هنا، ولما لا يعودون ويموتون في بلدهم؟ ليأتي رد القِس، لقد نسوا الوطن أو هو الذي تناساهم، لأكثر من نصف قرن يعيشون هنا، فإلى أي مكان يذهبون؟! ترتعب الفتاة من الفكرة، تكتشف أنها سقطت في فخ، إلا أن الحب ينقذها، ويخلق لها يقيناً، ربما هو اليقين الوحيد في حياتها.

الرحيل والعودة والاختيار

ترتبط إليش بأحد الشباب المهاجرين أيضاً، إيطالي الجنسية، يشعر بالوحدة، رغم أنه يعمل ويعيش بين أسرته، بما جمعتهما الوحدة وحالة الانطواء، وهي سمة مشتركة بينهما. هنا ترى إليش العالم بنظرة أخرى، تبدو أكثر ثقة ونضجاً، وتنجح في دراستها وعملها ــ تجسد الممثلة سواريس رونان ــ هذا التحول في شخصيتها بأداء راقٍ، دونما افتعال، أن تصبح نظرتها أكثر قوة، ورأسها الذي لم تعد تنكسه من وقت لآخر، وصولاً إلى نبرات الصوت التي تحولت من الاضطراب إلى الثبات الشديد ــ ولكن بموت شقيقتها تضطر إلى العودة مرّة أخرى، وهناك تجتذبها بعض الأشياء في مدينتها، وقد أصبحت أكثر وعياً ونضجاً، فتتوافر فرصة عمل جيدة، ويحبها أحد الموسرين، وتبارك الأم هذه الحياة، وقد أصبحت وحيدة. تميل إليش لوقتٍ ما إلى هذه الحالة، لكنها تستفيق أخيراً، وتقرر العودة ــ لا الرحيل ــ إلى بروكلين. اللحظات العصيبة هنا جسدتها ما بين التمسك بتاريخها وما بين الأمل في المستقبل، خلق حياة جديدة، فقد أصبح لديها الاختيار الآن، ما بين البقاء أو العودة، هذه الحالة هي الأكثر صعوبة عن رحيلها الأول، فلا اختيار لديها كان، ولا أمل ينتظرها هناك، وهو أنها عثرت على مَن تحب.

معنى الوطن

وجدت الفتاة ضالتها في حبها للشاب الإيطالي، وشعرت أن هذا الحب هو الوطن الحقيقي، فلا مكان الميلاد ولا الموت هو ما يشغلها، أو يجعلها تفكر. لحظات التوتر في الاختيار كانت ضرورية، فالأمر أشبه باختبار أخير وصولاً إلى الإحساس بمعنى الوطن، وإتاحة فرصة الحرية دون الجبر أصعب، وقد عبّر السيناريو عن هذه اللحظات في وعي شديد، ومظاهر أغلبها مظاهر فرح، فرح خادع وقتي، لن يدوم. وإن كانت هذه المراوغة تخفي يقيناً بنهاية محتومة هي العودة مرّة أخرى، دون خوف من تقدم العُمر، ومعرفة مصير طابور المسنين في أعياد الميلاد.

حياة إليش

وبمقارنة بسيطة وذكية تحدث دوماً عن طريق الأماكن، ما بين غرف مقبضة وألوان قاتمة في أيرلندا، تتغير عند رحلة إليش الثانية، لتراها وهي الأكثر وعياً، وقد تفتحت الحياة أمامها عما تركتها، فتبدو الألوان أكثر زهواً، ما بين العشب الأخضر، وزرقة مياة البحر. ولكن في مشهد لافت على الشاطئ، يبدو الخواء والفراغ، لا الهدوء أو السكينة كما كانت تظن، بخلاف الرحلة البحرية التي خاضتها وحبيبها بأحد شواطئ بروكلين، حيث الصخب والرواد، لكنها كانت تشعر بألفة شديدة وتأقلم تام مع هذا العالم، وهذه الحياة، طالما وجدت مَن يحبها ويتفهمها، ويعيش من أجلها. وهناك خرجت من أسر بعض العادات والتقاليد، سواء على مستوى الشكل والملابس وكيفية التعامل مع الآخرين، هناك تجربة وثقة متزايدة ــ يذكر لها أحد شباب بلدتها أنهم لم يعرفوا شيئاً خارج أيرلندا، وفي لهجة ساخرة من وضعهم هذا يصف الأمر بالتخلف ــ ويحاول مجاراتها بأنه لا يتخيل الموت دون أن يغادر إلى أوروبا، وربما إلى نيويورك نفسها.

لتكن قصة حب

ورغم الرومانسية التي تغلف الأحداث، بغض النظر عن الكثير من المآسي، كموت شقيقتها، وترك أمها الوحيدة، إلا أن حالة الوعي والنضج، وبالتالي حرية الاختيار هي ما يُشير إليها الفيلم، فتغلب الفتاة على صعوبات الحياة ونضالها في سبيل ذلك، جعلها تستحق ان تحياها وفق هواها، وأن تتخلص من إرث تاريخها الثقيل، ومن إحساسات تعيق حياتها، وسيصبح انتظار الأمل ما هو إلا انتظار النهاية.

إعادة التفكير في هذه العلاقات هو أهم سمة من سمات حكاية الفيلم، التي جعلت من قصة الحب إطاراً لها، الأمر يتعلق بالشخصية وكيفية معاناتها حتى تصل إلى ما تريده في النهاية، وما الضياع إلا في توهم الاستقرار وأن تستسلم لما تعرفه، أو تعرف نهايته، وهو لم يكن أكثر يقيناً من بدايات جديدة، في ظِل قصة حب، إذاً فلتكن قصة حب.

القدس العربي اللندنية في

22.02.2016

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2015)