كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
     
 

لن يخرج بدون غلة وفيرة من الجوائز

تحفة فنية سينمائية أردنية... يحققها «ذيب»

في «أبوظبي السينمائي»

"سينماتوغراف" ـ أبوظبي ـ بشار إبراهيم

(أوسكار 2016)

الفيلم الأردني «ذيب»

   
 
 
 
 

هذه المرة، لم يكن ما قيل عنه بلا معنى، أو على أيّ قدر من المبالغة، إذ كشف العرض العربي الأول للفيلم الأردني «ذيب»، للمخرج الشاب ناجي أبو نوار، الذي جرى مساء يوم الأحد 26 أكتوبر 2014، عن حقيقة هذا الفيلم الجميل، المبدع، الجريء، الممتع، الذي يمكنه ببساطة أن ينافس على الذروة الإبداعية لما حققته السينما الأردنية، في أكثر من نصف قرن مضى من عمرها.

يمكن للمتابع أن يلتفت إلى الوراء سنوات قليلة فقط، لينتبه إلى أن السينما الأردنية قدّمت، في العقد الأخير، مجموعة من التجارب السينمائية الجديدة. «كابتن أبو رائد»، لأمين مطالقة (2007)، الذي نال مخرجه جائزة «شخصية العام السينمائية في الشرق الأوسط»، من الدورة الثانية من «أبوظبي السينمائي» (2008). «مدن الترانزيت»، لمحمد الحشكي (2010)، الفيلم الذي بجائزة التحكيم الخاصة في «مسابقة المهر العربي» في «مهرجان دبي السينمائي الدولي»، عام 2010، وجائزة «الاتحاد الدولي لنقاد السينما» (فيبريسكي)، في الدورة ذاتها. «فرق سبع ساعات» لديما عمرو (2011).

قبل ذلك بوقت وافر، كانت تجربة فيلم «حكاية شرقية»، بإخراج نجدت أنزور (1991)، وبطولة محمد قباني، وجميل عواد، وجولييت عواد، والتي ساهم بكتابتها السينمائي عدنان مدانات عن رواية لهاني الراهب، أُريد منها القطيعة عن البدايات المرتكبة التائهة، منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي.

هذه المرة، يأتي المخرج السينمائي الشاب الأردني ناجي أبو نوار ليكسر كثير من الأنماط المعهودة، ويحقق فيلماً سينمائياً مدهشاً.

أولاً: يكسر أبو نوار فكرة أن الموضوع البدوي صالح فقط للدراما التلفزيونية الشهيرة، و«سواليفها» المستقرة، من «رأس غليص» إلى «وضحة وابن عجلان»، وحكايات الشرف والعار.

ثانياً: يمرّ الفيلم برشاقة ومهارة بمحاذاة «لورانس العرب»، دون أن يشابهه أو يقتديه، حتى وإن كان يذهب إلى أجواء وحوادث لا تبعد عنه، خاصة وأن الفترة الزمنية التي تدور فيها حكاية «ذيب»، و«لورنس» هي ذاتها.

ثالثاً: تتبدى مهارة المخرج الشاب في قدرته على سرد حكاية مثيرة، وإدارة ممثلين مبدعين، لا سابق خبرة لهم في التمثيل، خاصة الطفل «ذيب» (بأداء ممتاز من الفتى جاسر عيد)، بكثير من الاقتصاد، عززته الرؤية الإخراجية التي عرفت اختيار زوايا التصوير، ومنظور اللقطات، وأحجامها.

يتحوّل «ذيب» في كثير من لحظاته إلى فيلم ملحمي، ذي صبغة عالمية. يأخذ من نكهة الـ«ويسترن» شيئاً، ومن نوع فيلم الطريق «رود موفي» أشياء أخرى، ومن مباغتات الصدفة والمفاجأة أشياء، ومن القدرات الخارقة قدراً غير بسيط، ليمزجها معاً، في سبيل الانتهاء إلى فيلم يتوفر فيه قدر من التشويق، والتسلية، والإثارة، والمغامرة، دون أن يتخلى عن فنياته البادية على مستوى التمثيل، والتصوير، والمونتاج، والموسيقى.

فيلم «ذيب». فيلم احترافي حقيقي. فيلم ستنسى دائماً أن من يقف خلفه مخرج شاب، في أول أفلامه الروائية الطويلة. فيلم «ذيب» يأخذك بسحر إلى عوالم زاهية مع  أبطال لم تشاهدهم من قبل على شاشة السينما بهذا الحضور، والتلقائية والعفوية. ولا تتوقع أن يأخذوك ببساطة هذه الحكاية، التي كما هي بسيطة، وربما ساذجة، كذلك عميقة، وذات مغزى بعيد المدى.

ربما يكون العيب الوحيد في الفيلم أنه كان أصلاً فيلماً روائياً قصيراً، وتدحرج بالتطوير والاشتغال عليه إلى أصبح فيلماً روائياً طويلاً. هذا فيلم، ربما كان من 15 دقيقة، وتطوّر إلى أن أصبح من 100 دقيقة. وما بين الحالتين جرى العمل على بلورته وتطويره، بالاعتماد على خبرات متعددة، سنرى أثرها واضحاً، في التصوير والمونتاج، دون أن ننسى أن أبو نوار ذاته هو نتاج تمازج ثقافي أردني إنجليزي.

فيلم «ذيب»، الذي نال في عرضه العالمي الأول جائزة أفضل مخرج من مسابقة «آفاق جديدة» (أوريزونتي)، في مهرجان فينيسيا (صيف 2014)، والذي شهدنا عرضه الدولي، والعربي، الأول خلال الدورة الثامنة من «مهرجان أبوظبي السينمائي»، والحائز على دعم من صندوق «سند»، في مراحل التطوير، وما بعد الإنتاج، يثبت أن الإمكانيات السينمائية في البلدان العربية الهامشية الحضور السينمائي قادرة على التقدم إلى متن هذا الحضور والمنافسة بقوة.

ويقيننا أن «ذيب» لن يخرج من الدورة الثامنة من «أبوظبي السينمائي»، بدون غلة وفيرة من الجوائز، إن وقع هوى لجنة التحكيم على إيقاع هوى الجمهور والنقاد.. وهوانا.

طارق الشناوي يكتب من مهرجان أبو ظبي لـ"سينماتوغراف"

"ذيب " .. الرمال تتكلم سينما!

يأخذك الفيلم من مقعدك في دار العرض لتجد نفسك  وقد أصبحت مشاركا الابطال على الشاشة،  هذا هو احساسي بالفيلم الأردني ّ"ذيب".

تشهد الأردن بحق بداية نهضة سينمائية تابعتها قبل سنوات في العديد من المهرجانات، هذا الفيلم تحديدا يلعب في مساحة مختلفة حيث أن الملعب الدرامي الوحيد هو تلك البيئة البدوية  والصحراء الشاسعة فهى المقدمة وهي عمق الكادر أيضا، بالمناسبة تخصص في تلك النوعيات في الماضي مخرجنا الكبير نيازي مصطفي مع زوجته كوكا التى كانوا يطلقون عليها  نجمة الشاشة البدوية حيث كانت المبارزة بالسيف هي العنوان و في الكادر  الرمال والجمال والخيل وكلمتين باللهجة البدوية أو على طريقة "مجنون ليلي" لأمير الشعراء أحمد شوقي  والدويتو الشهير بين محمد عبد الوهاب وأسمهان وتلك الشطرة الشهيرة " جئت تطلب نارا أم جئت تُشعل البيت نارا".

هذه المرة نعيش الصحراء والمقاومة والاتجار بكل شيء حتى الايمان، والتضحية في سبيل المبدأ بكل شيء حتى الروح ، الفيلم  لا يطلب نارا بل يشعل هذه المرة الشاشة  بنار ووهج الابداع.

المخرج الأردني ناجي أبو نوار يقدم في أول أفلامه الروائية وبمشاركة من باسل غندور في كتابة السيناريو تلك الرؤية التى تُقدم لنا عالم الصحراء في الحرب العالمية الأولى، الاحداث تجري عام 1916 بعد اندلاع الحرب بعامين وكيف نواجة الامبراطورية العثمانية التى  تفرض هيمنتها على العالم العربي، نحن أمام ثلاث قوي، الأولى هي أهل الصحراء  أصحاب الأرض وهم يعملون في مهنة الدليل الذي ينقل الحجيج من تلك البقعة للحج الى بيت الله  الحرام، وهي مهنة متوارثة  في تلك العائلة، والثاني قُطاع الطرق الذين لا يعنيهم سوي الاستحواذ على المال و الخيل والجِمال تحت تهديد السلاح، ثم الغزاة الذين يريدون السيطرة على مقدرات الوطن، نحن نتابع هذا الشريط من خلال رؤية تحمل قدرا  يفيض  بالطزاجة  الابداعية حيث أن البطل هو الطفل الذي أدري دوره جاسر عيد لم يصل بعد الى مرحلة المراهقة وكان عليه وهو في بكارة العمر أن يعيش تفاصيل يتعرف عليها للوهلة الاولي ليكتشف معني الوطن والشرف والنضال والقتل والتضحية  والحيلة والصراع من أجل البقاء.

صُندوق القنبلة الخشبي الذي يحوي ألة تفجير تُصبح حافزا قويا ومؤثرا  ومباشرا  يزيد من جرعة  الترقب  فهو يظل يهددك  كمتفرج بالانفجار وليس فقط الابطال على الشاشة انه يبدو للوهلة الاولى سلاح من أجل مزيد من التشويق، و كلما اقترب أحد وخاصة الطفل من هذا الصندوق تزداد درجة الخوف  ولكن في الحقيقة  هو يتجاوز ذلك بكثير حيث يصبح رمزا لكشف غموض الحياة التى ربما في لحظات تبدو هي أيضا قنبلة  على وشك الانفجار في وجه من يقترب منها، الحالة التى عليها الشاشة حتى في الصمت كانت تعبر عن عين تلتقط الصورة برؤية  مزدوجة بقدر ما هي كشفيه فإنها أيضا درامية وجمالية، الصحراء من خلال عين المخرج تشع حضورا وإبداعا وتتحدي الفقر الظاهر والمباشر الذي يبدو للوهلة الأولى في الصورة  المتكررة بالضرورة قبل أن تنضح بكل تفاصيل الجمال، وتبقي أهم مشاهد الفيلم  عندما يلجأ بطل الفيلم "ذيب" للبئر لكي يحمي نفسه من الموت المحقق  ومن مطاردة قُطاع الطرق حتى ينجو في اللحظات الاخيرة، أنت تتابع التفاصيل بعيون طفل يُمسك بحبل النجاة الذي يتدلى من اعلى وتزداد الترقب  عندما يقطعون الحبل وفي تلك اللحظة  تتحول سواعده الصغيرة إلى مخالب تٌمسك بالصخر  وهي تتشبث بالحياة  داخل البئر، وينجو من الموت ولكنه يقترب منه  عندما يُصبح لزاما عليه أن يتحمل مسؤولية دفنه، اللمحة الثانية علاقته بقاتل أخيه وكيف أن كل منهما في حاجة الى  بقاء حياة الاخر لتستمر الحياة ،الطفل  ينقذه من موت محقق بعد أن أخذ  منه المسدس ومنحه الماء قبل أن يُقتل ظمأً وفي نفس الوقت ينقذه قاتل أخيه  من انفجار الصُندوق الذي يحوي القنبلة.

كل العناصر الابداعية تفوقت خاصة الموسيقي فهي  تلعب دور البطولة  كما أن هناك احساسا شاعريا يغلف الصورة  برغم قسوة المكان وتوحشه وفقره الظاهر، ويبقي فن قيادة الممثل وهو ما برع  ناجي أبو نوار في تحقيقه من خلال قيادته للطفل حيث حافظ المخرج تماما على درجة تلقائيته أمام الكاميرا وهي بقدر ما تبدو مهمة سهلة بقدر ما  تكمن  صعوبتها.

كيف تستطيع أن تحكم على العمل الفني؟، كثيرا ما اواجه هذا السؤال ودائما لدي نفس الاجابة وهي ببساطة أن أترك نفسي ومشاعري للشريط على الشاشة لا احاول  أثناء المشاهدة استرجاع شيء أو المقارنة أو المقاربة فقط أمنح العمل الفني كل  احساسي، وعندما يستحوذ على أبدأ في اكتشاف الاجابة وهو ما حاولت أن أرصده في هذا المقال!.

سينماتوغراف في

27.10.2014

 
 

(ذيب) لناجي أبو نوار.. عناق الموروث والحداثة في (أبو ظبي السينمائي)

أبو ظبي - ناجح حسن

حظي الفيلم الروائي الاردني الطويل «ذيب» لمخرجه ناجي ابو نوار بحفاوة وتصفيق واعجاب من طرف الحضور الكثيف الذي تابع عرضه اول امس ضمن فعاليات مهرجان ابو ظبي السينمائي.

حكى الفيلم موضوعه ببساطة وحوار مقتصد مليء بتلك المشهديات الاتية من جماليات المكان في البادية الاردنية التي رغم تضاريسها وقسوة صخورها وقتامة احداثها العائدة للحقبة تاريخية ابان بدايات القرن الفائت حيث الحرب العالمية تلقي بظلالها على هذه البقعة الجغرافية المفعمة بالعادات والتقاليد التي يرتبط فيها مصير الاشخاص.

معاني ودلالات بليغة تتالى بين ثنايا هذا العمل السينمائي الذي توفرت له طاقات في الاداء والتقنيات الا انها ظلت تحمل عين صانعه الشاب ابو نوار في الالتصاق بهموم وتطلعات افراد من بيئة اجتماعية بلا مبالغة او توسل لعواطف او احاسيس بقدر ما يرنو الى الصدق والواقعية المزنرة بالمعية طاقة مخرجه الشاب في فهم مكنون الصورة واعماق المكان وما تحتوي عليه من مفردات اللغة السينمائية.

الفيلم بلا اي ادعاء او تكلف، يضع بصمة خاصة على مسار السينما الاردنية منذ انطلاقتها قبل نصف قرن من الزمان، ويمضي بها بعيدا الى آفاق ارحب دون ان ينأى عنها بل يجيء ضمن سياق اخذت صناعة الافلام الاردنية تسلكه في الاعوام العشرة الاخيرة في انحياز الى تلك الرؤى والافكار المغايرة للانماط والقوالب الجاهزة.

بيد ان اهمية وتفرد فيلم (ذيب) انه يمتلك مخيلة خصبة تدفعه لأن يتبوأ المشهد السينمائي الاردني لفرادته ونزعة مخرجه الى التعاطي مع تلك الافكار المتوارية خلف حكايات الموروث البسيطة واقتناص ما تختزنه من رؤى وجماليات على نحو ابداعي متسلح بذائقة سينمائية قوامها تلك الحلول والمعالجات الدرامية القادمة من ابداعات السينما العالمية.

يشكل انجاز فيلم (ذيب) اضافة نوعية الى مجمل النتاج السينمائي الاردني الذي تمثل بتلك الافلام التي سبق ان قدمها ابناء جيله من المخرجين الشباب: (كابتن ابو رائد) لامين مطالقة، (الجمعة الاخيرة) ليحي العبدالله، (مدن ترانزيت) لمحمد الحشكي، (اعادة خلق) لمحمود المساد، و(لما ضحكت موناليزا) لفادي حداد وسواهم، لكن فيلم (ذيب) يظل مسكونا بهاجس البحث والمعرفة في اتكاء على مخيلة رحبة قادرة على الامتاع والافتتان الى حدود الدهشة والابتكار بشروط السرد المفعم باللغة السينمائية البليغة الاشارات والدلالات.

يهتم المخرج الشاب أبو نوار بضرورة التجديد في التعامل مع موضوعات وقصص وحكايات بيئته التي طالما تجسدت في اعمال درامية في اكثر من وسيلة تعبير، دون ان تتنبه لما تنطوي عليه البيئة المحلية من رؤى وحلول ومراجعات جمالية، فهو رغم محدودية شخوص فيلمه الذين يبدون في مهمة فرضتها عليها عادات وتقاتاليد بيئتهم البدوية في استقبال الضيف وتكريمه ومن ثم مرافقته الطريق ليبلغ مقصده آمنا من مفاجاءات الصحراء وتضاريسها القاسية كثيف الرؤى والتعابير الدرامية والفنية، خاصة عندما يجري حالات من الصدام مما يؤدي بالنهاية الى ثمن يدفعه احد الشقيقين الذي صرعه لصوص وهو يدافع عن ضيفه الضابط البريطاني

الرأي الأردنية في

28.10.2014

 
 

ذيب.. فلنحتفل بمولد موهبة

احمد شوقى*

اعتاد الناقد الراحل سامي السلاموني في كل مرة يكتب فيها عن مخرج جديد موهوب أن يؤكد أن ظهور موهبة جديدة هو أمر يستحق الاحتفاء من الجميع، كجزء من معركة شاملة يفترض أن يقودها المثقف والفنان ضد الرداءة والقبح، من أجل الانتصار للفن والجمال والموهبة. 

هذا بالضبط ما شعرت به أثناء مشاهدتي لفيلم "ذيب" أول الأفلام الطويلة للمخرج الأردني ناجي أبو نوّار، والذي عُرض ضمن برنامج آفاق جديدة في مهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي، بعد أسابيع من تتويجه بجائزة أحسن مخرج من مسابقة آفاق في مهرجان فينيسيا أحد المهرجانات الثلاثة الكبرى في العالم.

الجائزة بالطبع أعطت الفيلم سمعة وشعبية، وستجعله يطوف العديد من المهرجانات حول العالم، لكن من الإنصاف أن نقول أن بعض الأفلام تستمد قوتها من الجوائز، بينما تعطي أفلام أخرى قيمة للجوائز التي تُمنح لها، وذلك بإثبات شرعيتها وكفاءتها والجودة التي ترتبط بها، وفيلم "ذيب" هو أحد هذه الأفلام التي تربحها الجوائز.

لن أطيل في المدح وسأدخل مباشرة في صلب الموضوع: فيلم تدور أحداثه في صحراء الجزيرة العربية أثناء الحرب العالمية الأولى، في ظل تنازع القوتين التقليديتين وقتها، الامبراطوريتين البريطانية والعثمانية، حول السيطرة على الجزيرة التي تعيش مرحلة مفصلية في تاريخها الطويل، وكما هو الحال في أي تحول مفصلي يكون أكثر المتضريين هم أصحاب المكان، وهم في حالتنا البدو الذين أوجدوا صيغة تفاهم تاريخية مع الطبيعة، فلم يخرقوا الاتفاق أو تخرقه الجزيرة، لكن الغزاة الآتين من الخارج أجبروهم على التواجد داخل صراع لا ناقة لهم فيه ولا جمل. 

ذيب هو الابن الأصغر لأحد هذه القبائل، التي تلتزم بحكم التقاليد العربية بمساعدة من يطلب العون، حتى لو كان ضابط انجليزي يبحث عن خط سكك حديدية لغرض في نفسه، وحتى لو كان الثمن هو خسارة أرواح كانت تعيش بسلام قبل أن تتغير حسابات العالم، ليس فقط بالحرب التي امتدت للصحراء، ولكن حتى بالحتمية التاريخية، المتمثلة هنا في دخول السكك الحديدية للجزيرة، بما فيها من إغلاق لطرق القوافل وتغيير لطبيعة علاقات ومهن عمرها من عمر التاريخ.

وذيب عندما يخرج خلف شقيقه الأكبر الذي ذهب ليرشد الضابط الانجليزي، لا يرتكب هفوة طفل تؤدي به لمغامرة لا قبل له بها، ولكنه مدفوع بواقع حاضر يتغير، بعالم يستحيل أن يستمر على ما ظل عليه قرونا طويلة، بقدر حكم على الفتى أن يولد في هذا التوقيت ويخوض غمار التجربة مبكرا ليُعمد إنسانا أول للعصر الجديد.

ما سبق ليس أجمل ما في الفيلم، بل هو مجرد محاولة لقراءة ما وراء حكاية الصبي البدوي ذيب ومغامرته المثيرة، أما الأفضل بالتأكيد هو القالب الذي قدم ناجي أبو نوّار فيه هذه الأفكار، أو بمعنى أدق المستوى الأول للحكاية: المغامرة المثيرة، الويسترن سباجيتي الذي تدور أحداثه لأول مرة في جزيرة العرب. ناجي مخرج متمكن من أدواته بصورة مثيرة للدهشة، تمكن مخرج هوليوودي مخضرم وليس شاب من بلد لا يزال في مرحلة التعرف على فن السينما. وإذا كان صانع الأفلام متمكنا من أدواته الفنية، محملا بتاريخ وتراث وطبيعة نادرا ما تم تناولها على الشاشة الكبيرة، ومعها قدر الوعي الذي صُنع به الفيلم فكريا، فلابد وأن تكون النتيجة عمل مبهر كالذي شاهدناه قبل ساعات.

إنجاز ناجي الإخراجي يبدأ من اتخاذه الاختيار الصائب المتعلق بإيقاع الفيلم من اللحظة الأولى وحتى النهاية، ليس فيما يتعلق بعدد المشاهد وطول اللقطات والقطع المونتاجي كما يفسر البعض الكلمة، ولكن بالفهم الصحيح للإيقاع باعتباره العلاقة بين الحدث الدرامي وزمانه وطريقة سرده ومكانه في المسار الكلي للفيلم. تمتد الاختيارات الذكية إلى التصوير، والذي قرر المخرج مع المصور وولفجانج ثالر أن يتم بكاميرا سينما 16 ملليمتر بعدسة أنامورفيك، للخروج بالصورة المثلى ويتم تحويلها لاحقا إلى ديجيتال، وهي طريقة أصعب بكثير لكن نتيجتها تستحق. 

أخيرا يكتمل إنجاز المخرج باختياره أن يكون طاقم العمل بالكامل مع الهواة الذين اختارهم من البدو الحقيقيين (باستثناء ممثل محترف وحيد يلعب دور الضابط البريطاني)، وقيامه بتوجيههم بعناية جعلتهم يظهرون بأفضل أداء ممكن. ويكفي للتدليل على هذا الجهد الصورة التي ظهر عليها بطل الفيلم جاسر عيد في الندوة التي عقبت عرض الفيلم، فظهر كأي طفل خجول لا يستطيع أن يقول عندما يتحدث عن الفيلم أكثر مما معناه "عندما شاهدت الفيلم كنت سعيد جدا"، بينما كان نفس الطفل على الشاشة غول تمثيل، يؤدي مشاهده وكأنه يحترف التمثيل منذ سنوات طويلة، وهو فضل لا ينسب إلا للمخرج الشاب، الذي قدم نفسه بثقة كواحد من أهم الصناع الجدد في السينما العربية بل والعالمية.

*ناقد فنى مصرى

موقع دوت مصر في

28.10.2014

 
 

مخرج فيلم "ذيب" يحصل على جائزة مجلة فارايتي

خاص- بوابة الوفد:

بعد فوزه بـجائزة أفضل مخرج عن فيلم "ذيب" في مسابقة آفاق جديدة من مهرجان فينيسيا السينمائي، اختارت مجلة "فارايتي" المخرج ناجي أبو نوَّار ليكون أفضل صانع أفلام عربي لهذا العام، وقد تسلَّم مخرج الفيلم الأردني الجائزة يوم الاثنين 27 أكتوبر في حفل أقيم بـقصر الإمارات ضمن فعاليات مهرجان أبو ظبي السينمائي.

يتزامن هذا مع العرض الأول في العالم العربي لفيلم ذيب في الدورة الثامنة من مهرجان أبو ظبي السينمائي، حيث يتنافس الفيلم مع 18 فيلماً أخرى ضمن مسابقة آفاق جديدة التي تعرض أفلاماً روائية طويلة لمخرجين من أنحاء العالم في تجربتهما الإخراجية الأولى والثانية، وقد عُرض ذيب يوم الأحد 26 أكتوبر - تشرين، وسوف يُعرض مرة أخرى يوم الثلاثاء 28 من الشهر نفسه.
شارك ذيب خلال الشهر الحالي في مهرجان لندن السينمائي الذي يُعد أهم المهرجانات الأوروبية، حيث نافس الفيلم في مسابقة الأفلام الروائية الأولى مع 11 فيلماً أخرى على جائزة سذرلاند، وحصل الفيلم من خلال ذلك على تنويه خاص، كما شارك ذيب أيضاً في الدورة الـ16 من مهرجان مومباي السينمائي.

الوفد المصرية في

28.10.2014

 
 

«ذيب» في عرضه العربي الأول.. بعد فوزه بـ«آفاق» مهرجان «فينيسيا»

حب وخيانة واستعمار

المصدر: علا الشيخ - أبوظبي

عندما فاز فيلم «ذيب»، للمخرج الأردني ناجي أبونوار، بجائزة أفضل مخرج ضمن مسابقة «آفاق جديدة» في مهرجان «فينيسيا» الفائت، كانت ردود الفعل من قبل مهتمي السينما العربية أن ما يعجب العقل الغربي ليس بالضرورة أن يماثله الإعجاب نفسه من قبل العقل العربي، لكن بعد عرض الفيلم في الدورة الثامنة من مهرجان أبوظبي السينمائي، التقى العقل العربي والغربي معاً في مستوى الإعجاب نفسه، الذي يترجم من خلال ردة فعل المشاهدين الذين وقفوا تحية للعمل، إضافة إلى آراء نقاد مشاركين في الدورة.

الفيلم الذي صور في بادية الأردن، تكمن أهميته في طريقة عرض حياة البادية في فترة الراحل الشريف حسين، وضعت أحداث الفيلم يدها على جرح هؤلاء الذين كانوا بين (حانا) العثمانيين، و(مانا) الإنجليز.

جمالية الصورة، التي جعلت من فيلم مدته 100 دقيقة مسلطة فقط على الرمال الذهبية بمساحاتها الواسعة، تجعلك كمشاهد تترقب المزيد وتنتظر «الأكشن»، الذي ليس من الضروري أن يظهر، لكن حالة الترقب وحدها كانت كفيلة بإرسال مشاعر السرور وأنت تشاهد هذا الفيلم الذي اعتمد على ممثلين جدد، يعيشون فعلاً في البوادي، الطفل الذي أدى دور «ذيب» واسمه جاسر عيد، ليس مبالغة أن يوصف بالمذهل، فقد استطاع بهيئته الرثة، ونظرة عينيه الحادة، أن يوصل رسالة أن الذيب لا ينجب إلا ذيباً.

يظهر كطفل فضولي، يسأل كثيراً ويريد أن يجرب كل شيء، يساعده في تحقيق هذا الفضول شقيقه الأكبر حسين، الحقيقي في حنانه وحبه لشقيقه الأصغر، المدرك تماما أن وقع وفاة والدهم يجعله ولو للحظات هذا الوالد، وتعلق ذيب أيضا بشقيقه حسين هو التعلق المنوطة به فكرة الفقدان، والتي تحدث حقا.

تبدأ الحكاية التي لن ندخل في تفاصيلها، لأنه حسب المخرج، من الممكن عرض الفيلم في دور السينما العربية قريبا، مع منطقة وادي رم جنوب الأردن، ومع بداية ملامح الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين، ويظهر في المشهد الأول الطفل ذيب وشقيقه حسين، وهما يلهوان تارة ويقومان بالاعتناء بالجمال تارة، ورمي الرصاص عبر بندقية حسين الذي أراد تعليم ذيب إطلاق الرصاص على الهدف، لكنه لم يضع الطلقة فيه وقال له «عندما تعرف كيف تعبي البندقية سأعلمك الطلق».

يتضح بعد ذلك أن ذيب وحسين ابنان لرجل بدوي صيته الشرف والشهامة، حتى تظهر أول معضلة ، عندما جاء رجل بدوي يرافقه عسكري إنجليزي من طرف الشريف حسين إلى قبيلة أبومحمد (والد حسين وذيب)، هنا تلتفت الكاميرا فوراً إلى عيون الطفل ذيب الذي يرى لأول مرة في حياته رجلاً أشقر اللون، يدقق في تفاصيله، ويلفت انتباهه صندوق مغلق، هذا الصندوق سيكون الشغف الآخر الذي أرسله المخرج أبونوار للمشاهدين الذين أصبحوا يريدون معرفة ما في داخله مثل ذيب.

الهدف الذي أتى إليه العسكري الإنجليزي هو معرفة طريق البئر الرومانية، التي بدورها ستدله على منطقة سكة الحديد، التي كانت هي الشوكة الأولى في صدر البدو من ناحية أنها لا تشبه بيئتهم، ومن ناحية أنها قطعت أرزاق دليل الحجاج آنذاك.

في هذه المرحلة تبدأ الانقسامات بين القبائل، التي من جهة تحمي العثمانيين، ومن الجهة الأخرى تحمي الإنجليز، والتساؤل في عيون ذيب حاضر بقوة: «ومن الذي يحمينا؟».

من السهل وصف الفيلم بالسياسي، الذي ناقش مرحلة غيرت تاريخ وشكل المنطقة العربية، لكن الدخول إلى صفات وعقل الفرد البدوي كان أقوى، خصوصاً بعد أن قرر الطفل ذيب اللحاق بشقيقه حسين، الذي قرر بناءً على طلب من الشريف حسين أن يدل العسكري الإنجليزي والبدوي الذي رافقه إلى مكان البئر الرومانية، الطفل ذيب لديه فضول آخر هو معرفة ما بداخل الصندوق الذي كلما اقترب منه ينهره بغضب شديد العسكري الإنجليزي، إضافة إلى تعلقه الكبير بشقيقه.

المحك الأول الذي يظهره أبونوار في طريقة تعاطي الاستعمار مع الحالة، أنه فعلا لا يهتم بحياة البشر، على قدر اهتمامه بالمنطقة نفسها وهنا الاهتمام بسكة الحديد يظهر عندما وصلوا إلى البئر، وأراد أن يشرب الإنجليزي منها، فكانت الدماء بدلاً من الماء في فمه، فيدركوا أن الطرف الآخر وصل قبلهم، وهنا يقرر الإنجليزي العودة مع البدوي دون مرافقة حسين وذيب لهم، فيرفض البدوي ذلك ويقول إنه لا يترك إخوته، لكن كلام الليل يمحوه النهار ويستجيب له، في المقابل لا يهون على حسين أن يترك البدوي والإنجليزي في الطريق، فيلحقهما هو وذيب، وهنا يظهر خوفه على البدوي الذي من الممكن أن يغدر هو الآخر.

تبدأ الإحداثيات في الفيلم، والتي كانت قليلة مقارنة بمساحات الصحراء الشاسعة، لكن بذكاء أبونوار استطاع أن يجعل من تلك الصحراء جزءاً أو شخصية في الفيلم، لذلك من الصعب أن تشعر بالملل، فجمالية الصورة حاضرة بقوة بل وخلابة.

الحبكة الثانية تقريباً في الفيلم هي المواجهة مع شخصيات أخرى أشبه إلى قطاع طرق منهم إلى ما يدعون أنهم دليل حجاج، يرتدون الأسود، ويقومون بالقتل من كل صوب وجانب، وبلقطة فنية تدل على لغة الصحراء بين القبائل، يقوم البدوي برفع رمال من الأرض ونثره، في إشارة أنه من أهل الأرض، في المقابل لم يرد الطرف الآخر على هذه الحركة، فأدركوا أنهم في خطر، وتبدأ المعركة بينهم.

الأحداث كثيرة في الفيلم، تقترب إلى النهاية، عندما لا يظل في الصحراء سوى ذيب ومن قتل شقيقه، وحدهما، وحاجة كل منهما إلى الآخر تجعلهما يتنازلان، فالقاتل مصاب، وذيب صغير السن لا يعرف طريق العودة، وعلى مضض تقبل كل واحد منهما الآخر، لكن في صدريهما نية مبيتة تنتظر الطعن.

ذيب ببساطة يريد أن ينتقم لمقتل شقيقه حسين، والقاتل وجد في ذيب ذكاء من الممكن استغلاله، ويظهر هذا جلياً في المشهد الأخير، عندما وصل إلى منطقة يسيطر عليها العثمانيون، وهو الذي يحمل في جعبته المسروقات التي أخذها من قبل الإنجليزي، ويقوم ببيعها للضابط هناك، على مرأى ذيب، الذي أراد من كل هذا معرفة ماذا يوجد داخل الصندوق.

في الحديث بين الضابط والقاتل البدوي، أدرك ذيب أنه مع شخص يتفنن في الكذب، عندما ادعى أن البضاعة من مصر، وأن ذيب هو ابنه، وهذا ما جعل ذيب يغضب بشدة، وأدرك أنه لم يكن سوى بمرافقة خائن،وقبل أن يعطي مجالاً للضابط أن يسأله، يجيب ذيب: «هذا قالت أخوي»، وهنا لم يكن الأخ فقط حسين، بل كل من مات بسبب الخونة.

الفيلم تجربتهم الأولى في عالم التمثيل

أبطال «ذيب»: الفيلم أنصـــفنا والدراما البدوية لا تعبر عنا

المصدر: إيناس محيسن ـــ أبوظبي

من رمال وسكون الصحراء العربية إلى بريق المهرجانات وأضواء السجادة الحمراء وهتافات المعجبين؛ هذا هو ملخص رحالة «ذيب» أو الطفل جاسر عيد وكل من حسين سلامة، وحسن مطلق، ومرجى عودة بقية أبطال الفيلم الأردني «ذيب»، للمخرج ناجي أبونوار، حيث كان الفيلم الذي عرض مساء أول من أمس، ضمن فعاليات مهرجان أبوظبي السينمائي في قصر الإمارات بأبوظبي، هو أولى تجاربهم في عالم التمثيل.

«شاركنا الفيلم عندما وجدناه يتناول قصة تخص منطقتنا ويطرحها بواقعية وصدقية»، أوضح أعضاء فريق التمثيل خلال حوارهم مع «الإمارات اليوم»، أنهم يرحبون بأي عمل يعكس واقع الحياة البدوية بطريقة صحيحة وواقعية، «أما المسلسلات التي يتم تقديمها عنا فلا نجد أنفسنا فيها، ولا تعبر عن حياة البدو».

وأشار عيد محمد، الذي أسهم في عمليات إنتاج الفيلم، وهو أيضاً والد جاسر عيد «ذيب» إلى أن الدراما البدوية أحياناً تطرح قصص تمس اليحاة البدوية أو مستوحاة منها، لكن الشكل الذي يخرج به العمل يأتي مخالفاً للواقع وبه كثير من الأخطاء، مثل المبالغة في استخدام الفنانات للماكياج، أو أن تقوم المرأة بتقديم القهوة أو الضيافة للضيف، وهو أمر لا يمكن أن يحدث في الواقع، حيث ينقسم «بيت الشعر» إلى قسم للرجال وآخر للحريم، ولا يمكن أن تخرج امرأة بدوية على الضيوف.

وعن مشاركة ابنه في الفيلم؛ قال إن اختيار جاسر لتأدية دور «ذيب» من بين عدد كبير من الأطفال، وفي البداية شعر بالقلق من عدم نجاح جاسر في تأدية الدور، نظراً لصغر سنه، 11 عاماً في ذلك الوقت، لكنه فاجأ الجميع بإتقانه للدور والتزامه ضمن فريق العمل. لافتاً إلى أن الدور تضمن مشاهد صعبة مثل سقوط الطفل في البئر، ومكوثه في المياه، وكذلك وجوده في قلب الصحراء حيث درجة الحرارة المنخفضة جداً، فكان ينتفض من البرد فعلياً وليس مجرد تمثيل.

بينما أشار جاسر عيد «ذيب»، الذي يدرس في الصف التاسع، أنه خلال العمل يعتمد على تعليمات المخرج ناجي أبونوار وشرحه لكيفية تأدية المشهد، ما ساعده كثيراً في أداء المشاهد. موضحاً أن فكرة التمثيل كانت بعيدة تماماً عن تفكيره قبل أن يحضر ناجي إلى منطقته ويدعوهم للمشاركة في الفيلم، لكنه الآن ينوي مواصلة العمل في مجال التمثيل.

حسين سلامة، الذي قام بدور «حسين» شقيق ذيب الأكبر، والذي فتح له الفيلم المجال للمشاركة في فيلم فلسطيني بعنوان «المدينة»؛ أشار إلى أن حالة التفاهم بينه وبين جاسر في العمل ترجع إلى قوة العلاقة التي تربط بينهما في الحقيقة، فهما ابنا عم وجيران، ويقضيان معظم وقتهما معاً. لافتاً إلى أن موافقتهم على المشاركة في العمل جاءت لأنه يتناول فترة تاريخية مهمة في حياة البدو، لكن من الصعب قبول أي عمل آخر لا يحمل الطابع الجدي نفسه. وقال إنه كان يقوم في بعض المشاهد باقتراح تغيير كلمات معينة أو تفاصيل صغيرة ترتبط بحياة البدو والصحراء، وبالفعل كان يتم تغييرها. و«شخصيتي في الفيلم لم تكن شريرة بقدر ما كانت ضحية للظروف»؛ قال حسن مطلق الذي قام بدور دليل الحجاج الذي يتحول بعد استخدام القطار في المنطقة إلى قاطع للطريق، بعد أن توقف عمله ومصدر رزقه. لافتاً إلى أن الأبعاد التي تحملها الشخصية كانت سبباً في قبوله لها وترحيبه بأدائها، فهي تجمع بين الخير والشر في الوقت نفسه. وذكر مطلق الذي شارك بدور في فيلم «هالك 2»، عقب الانتهاء من «ذيب»؛ أنه لم يتمالك نفسه وبكى خلال تصوير مشهد قتل «حسين»، وسقوط «ذيب» في البئر.

ونفى المخرج ناجي أبونوار أن تكون شخصيات الفيلم حقيقية، أو أن يكون الضابط في الفيلم يمثل شخصية «لورانس العرب»، لكنه يقدم شخصيات مختلفة تعكس واقع المنطقة في تلك الفترة والأحداث التي شهدتها، وأن شخصية الإنجليزي استمدها من قصة جنديين عاشا في تلك الفترة.

وقال إن اختيار شخصيات حقيقية لتأدية الشخصيات كان ضرورياً من أجل صدقية الفيلم، فسكان الصحراء هم الأكثر دراية بأجواء المكان والحياة فيه، واللهجة المستخدمة في المنطقة، والعادات والتقاليد، وكذلك لديهم مهارات معينة مثل ركوب الجمال والسير في الصحراء وغيرهما، كل هذه الأسباب جعلت من الضروري اختيار ممثلين من سكان المنطقة.

وأوضح أبونوار أنه قام بالتصوير مع 250 شخصاً يصلحون للتصوير، ثم اختار منهم 20 شخصاً التحقوا بورشة عمل لمدة يومين، وتم اختيار 11 شخصاً هم الذين قاموا بأداء الشخصيات في الفيلم. بينما لفت المنتج كاتب السيناريو باسل غندور إلى أن العمل على تلك الحقبة الزمنية تطلب بحثاً ودراسة لشكل الحياة والملابس واللهجة، وغيرها من التفاصيل المهمة، ومن أجلها قام بالاستعانة بالكثير من الصور الفوتوغرافية التي تتوافر في المتاحف البريطانية وفي مكتبة الكونغرس الأميركي، إلى جانب مناقشة المشاهد مع أهل وادي رم، والاستماع إلى تعليقاتهم والمعلومات التي لديهم. كما كان هناك اهتمام بالاسلحة التي كانت مستخدمة في عام 1916، الذي تقع فيه الأحداث، والفرق بين الأسلحة التي كانت توجد مع القبائل، وتلك التي يستخدمها قطاعو الطرق.

الإمارات اليوم في

28.10.2014

 
 

تجري أحداثه في العام 1916

“ذيب” عمل أردني يقدم رؤية حديثة لوقائع قديمة

أبوظبي - فدوى إبراهيم:

يأخذنا المخرج الأردني ناجي أبو نوار إلى عالم بعيد في العام ،1916 عبر قصة حقيقية حولها إلى فيلم روائي طويل وحشد لبطولتها، على غير العادة، أفراداً من العشائر، ليأخذ المشاهد عبر تلك الواقعية إلى عالم مليء بالتشويق، استطاع بذكائه وحبه لموهبته لا خبرته أن يقدّم فيلماً فتياً ممتعاً للأنظار ومغذياً للعقول، إنه "ذيب" الذي ينافس ضمن مسابقة آفاق جديدة كأول تجربة روائية طويلة لمخرجه .
أسهم في إنتاج "ذيب" صندوق سند في مرحلتي التصوير وما بعد الإنتاج، عن سيناريو أبو نوار وباسل غندور، وإنتاج روبرت لويد من نور بيكتشر، صورة أبونوار كانت مشوقة وممتعة للغاية، على غير ما يمكن أن يتوقع مشاهد لقصة تدور أحداثها في ،1916 فقدم وجهاً مختلفاً بعيداً عن التقليد لأفلام التاريخ، ناسجاً قصته بشخوص حقيقيين، ومبهراً المشاهد بالصور وحركات قسمات الوجوه من دون الإكثار من الحوار

تدور قصة الفيلم حول الصبي "ذيب" الذي يحرك حواسه وعينيه الفضول، فيسعى للتعلم من أخيه الأكبر "حسين" كل تفاصيل الحياة، ولأنه يحب أن يعرف كل شيء لا يكف عن الأسئلة ولا تكف عيناه ويداه عن الاستكشاف، حتى يقدم على اللحاق بأخيه "حسين" في رحلة اصطحب فيها إنجليزياً ودليلاً من العشائر ليوصلهم ببئر على طريق الحجاج، فما كان من أخيه إلا أن نهره لكن عناده قاده للاستمرار معهم في الرحلة، فضوله جعله يرى ما لم يكن يجب أن يراه طفل في عمره، قتال بين المرتزقة العثمانيين آنذاك والثوار العرب والمغيرين من البدو، الذي توفي على إثره من كان معهم وزج فيه ببئر ماء استطاع أن يخرج منها ويبدأ رحلته وحيداً من دون أن يدرك كيف يتصرف . لكنه في النهاية استطاع أن يختار النهاية الصحيحة .

حول اختياره القصة ورمزيتها واختيار مؤدين من أبناء العشائر غير المحترفين يقول أبونوار: "كنت أريد أن أكشف عن خصوصيات البيئة البدوية وأنقل صورتها، ولذلك اخترت قصة واقعية مع بعض التغييرات الضرورية، وكان هدفي أن يعيش المشاهِد تلك الأجواء ويغوص معي فيها ويشعر بكل المشاعر التي أردت إيصالها، فتلك البيئة الغنية ما زالت غير مستخدمة كثيراً سينمائياً، كما أردت أن أقول عبر الفيلم إن تلك الفترة الزمنية من حياة العرب، وما كان يسودها من اضطراب وتوتر أثر الاستعمار الذي سبقها وتبعها، ما زالت المرحلة التي نعيش آثارها اليوم، وهي لذلك أهم مرحلة في تاريخ العرب وهي التي نسجت أحداث كل ما جاء بعدها .

أما رمزية القصة فلم أكن أنظر إليها بل كل همي كان نقل قصة مشوقة للمشاهد، وربما يعتبرها البعض ذات رمزية سياسية إلا أنني أقول إنني أبتعد عن كل فكرة أو تلميح يربط أعمالي بالسياسة .

ولفت أبو نوار إلى أن قلة الحوار في الفيلم لم يكن إلا لأنه يعبر عن أمرين أساسيين، أولهما أن البدو بطبعهم كانوا حين يتحدثون يهدفون إلى تقصي الأخبار، ولذلك كان الحوار مقتصراً على ذلك، أما الثاني فهو أنه ليس من الصحيح أن يقحم الكاتب والمخرج حواراً دون أن يكون له سبب أو مغزى في الفيلم، ولذلك تم الاعتماد على الصورة وتعابير الوجه للتعبير عن الكثير من المشاعر والأحداث

وبرغم أنه من مواليد بريطانيا إلا أنه لم ينقطع عن بيئته الأردنية التي كان يزورها ويقيم فيها باستمرار، ومنذ 10 سنوات يقيم بشكل دائم هناك، وأثرت بل استحوذت البيئة البدوية بأشعارها وقصصها وطبيعتها على تفكير أبونوار المخرج الشاب، الذي حاكاها عبر فيلمه الذي لا ينبئ إلا عن عشق من كتبه وأخرجه بصدق لتلك البيئة ولعمله

وأشار المنتج لويد حين سؤاله حول مدى شعوره بالمخاطرة حين الاعتماد على قصة في فترة زمنية قديمة ومؤدين غير محترفين قائلاً: "كان كل همي أن أؤدي عملي على أكمل وجه، وهذا ما يفعله كل منتج بأن يقدم أفضل ما عنده، لرؤية المنتج الأخير بالشكل الذي يتمناه، كما أن الجهد الذي بذل على العمل كان كبيراً ولذلك كان لابد من أن نتفاءل بنتائجه" .

الفيلم يفوز بجائزة "فارايتي"

فاز المخرج الأردني ناجي أبو نوار بجائزة "فارايتي" لأفضل مخرج من الشرق الأوسط لهذا العام تقديراً له عن إنجاز فيلمه (ذيب) الذي يتنافس في مسابقة (آفاق جديدة) بمهرجان أبوظبي السينمائي .

وصور الفيلم الروائي الطويل الأول الذي حمل اسم البطل في الصحراء الأردنية وقام ببطولته مجموعة من البدو من أهل المنطقة وتدور أحداثه خلال الحرب العالمية الأولى في مجتمع مغلق يكاد يفتح نوافذه على التغيير كما يطرح أسئلة عن العلاقة بالاستعمار الذي كان يحتل تلك المنطقة .

الخليج الإماراتية في

29.10.2014

 
 

"ذيب" الأردني يحظى بإعجاب النقاد وينال فاراييتي وحضور قوي للأفلام الوثائقية

أبو ظبي/ علاء المفرجي

واحدة من مفاجآت دورة هذا العام الفيلم الأردني (ذيب) وهو العمل الروائي الأول لمخرجه ناجي ابونوار، الفائز بجائزة افضل مخرج في مهرجان فينسيا السينمائي ، اضافة الى تنويه خاص في مهرجان لندن السينمائي.الفيلم يتناول رحلة صبي لايتجاوز السنوات العشر متتبعا اثر أخيه الدليل لبدوي اخر وبرفقته عسكري انكليزي ، وأحداث الفيلم تدور ، عشية انطلاق الثورة العربية في العقد الثاني من القرن المنصرم ، في الصحراء الممتدة من شمال السعودية الى صحراء جنوب الأردن وهو المكان الذي تم فيه تصوير الفيلم التاريخي "لورانس العرب."

تكتنف رحلة الصبي الكثير من الأحداث التي تزيد من مأساتها قسوة الصحراء ، ومن خلال أداء مذهل للصبي الذي يقوم بدوره الطفل (جاسر عيد) ، وعلى خلفية أحداث تاريخية عاشتها المنطقة في تلك الفترة التي شهدت نهاية أربعة قرون من حكم العثمانيين.

تسلم المخرج الأردني ناجي أبو نوار جائزة فارايتي لأفضل مخرج من الشرق الأوسط لهذا العام تقديرا له عن إنجاز فيلمه (ذيب) الذي يتنافس في مسابقة (آفاق جديدة) بمهرجان أبوظبي السينمائي.

و(ذيب) -الذي حمل اسم بطله الصبي- هو الفيلم الروائي الطويل الأول لمخرجه وصوره في الصحراء الأردنية وقام ببطولته مجموعة من البدو من أهل المنطقة وتدور أحداثه خلال الحرب العالمية الأولى في مجتمع مغلق يكاد يفتح نوافذه على التغيير كما يطرح أسئلة عن العلاقة بالاستعمار الذي كان يحتل تلك المنطقة.وكان أبو نوار فاز بجائزة أوريزونتي لأفضل مخرج في مهرجان البندقية السينمائي لهذا العام عن (ذيب).

والفيلم الذي كتبه أبو نوار وباسل غندور يتناول قيام أخوين بدور الدليل في الصحراء لضابط بريطاني في مهمة غامضة ومحفوفة بالمخاطر إذ تجمع مرتزقة عثمانيون وثوار عرب يسعون لمقاومة جيش الاحتلال فضلا عن مغيرين من البدو.

وخلال الرحلة يقتل الضابط البريطاني ثم يقتل الشقيق الأكبر حسين على يد بدو آخرين ويتمكن الصبي ذيب من الفرار من القتل وينجو من الموت بعد سقوطه في بئر ثم يدفن أخاه ويفاجأ بالقاتل مصابا برصاصة فينقذه ثم يقتله في نهاية الفيلم الذي اتخذ من الصحراء ساحة منحته نفسا ملحميا في مشاهد تؤهله ليكون من كلاسيكيات السينما العربية كما يتوقع له نقاد في مهرجان أبوظبي الفوز بإحدى الجوائز.

من جهة اخر تميزت دورة هذا العام بعروض وثائقية استطاع البعض منها ان يسحب البساط من الأفلام الروائية ، وخاصة مع الأفلام الوثائقية العربية، فمن بين 17 فيلما في المسابقة الرسمية كانت هناك 7 أفلام وثائقية عربية ، احدها مشغول بصيغة الأبعاد الثلاثة وهو فيلم (الأوديسا العراقية).

عن ذلك قال انتشال التميمي مدير البرمجة العربية في المهرجان في لقاء صحفي: ان الجمهور أصبح على تماس مباشر مع الفيلم الوثائقي، ومنذ السنة الأولى والثانية كان ثمة تفاعل حقيقي معه بسبب الاختيارات الناجحة للأفلام الوثائقية المشاركة القديمة والحديثة، العربية والأجنبية، الطويلة والقصيرة بمواضيعها المتنوعة.

فعلى الرغم من أن المهرجان ليس متخصصاً بالسينما الوثائقية إلا أنه بدأ يشكل علامة واضحة وجاذبة في هذا الشأن، مشيراً إلى أن الفيلم الوثائقي العربي يعيش مرحلة ازدهار متميزة خارج المهرجان وداخله، حيث تشارك هذه السنة 7 أفلام وثائقية عربية من أصل 17 فقط. وهذا بالتالي يشكل دافعاً كبيراً للمخرجين للتقديم والمشاركة، فعندما يعرف المخرج طبيعة الأفلام المنتقاة وسويتها الفنية المطلوبة، سيعمل جاهداً لصناعة مماثلة وملائمة.

ويضيف: «الفيلم الوثائقي العربي ارتفع كثيراً في السنوات الماضية، ومن دون شك فقد أسهمت فيه بعض القنوات التلفزيونية الإخبارية، مثل الجزيرة والعربية، كذلك لصندوق سند بصمة واضحة في هذا القطاع من الصناعة السينمائية».

وتواصلت في اليوم السابع فعاليات المهرجان حيث أقيم امس العرض العالمي الأول للفيلم المدعوم من سند "قراصنة سلا" للمخرجتين مريم عدو و روزا روجرز. ويحكي الفيلم قصة مجموعة من أطفال الشوارع في المغرب يخالفون أعرافهم المجتمعية بانضمامهم لسيرك يحاول أن يغير من حياتهم. ويمكن مشاهدة عالم السيرك الساحر من خلال عيون هؤلاء الأطفال البهلوانيين.

وكان محبو السينما في أبوظبي مدعوين لحضور العرض الأول اليوم للفيلم الروسي "لفاياثان" للمخرج اندريه زفياكنتسِف٬ والمشارك في قسم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة. حاز هذا الفيلم على جائزة مهرجان لندن السينمائي الدولي، وجائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان السينمائي في وقت مسبق من هذا العام.ويحكي الفيلم قصة دراما تراجيدية عن الفساد والمظاهر المسلحة في روسيا الحديثة٬ وتقدم للمشاهد وجهة نظر صانعها المتمثلة بأنه مهما كان المجتمع الذي نعيش فيه اليوم٬ فإننا سنواجه يوما ما خياراً بين أمرين٬ إما أن نعيش عبيدا أو نعيش أحراراً. وسيتواجد المنتجان المشاركان في هذا الفيلم الكسندر رودنيانسكي و سيرغي ميلكوموف بالإضافة إلى الممثل ألكسيه سيريبرياكوف للتحدث مع الجمهور بعد العرض. وسبق أن تم عرض فيلم زفياكنتسِف الأسبق "إيلينا" في مهرجان أبوظبي السينمائي لعام 2011.

وعرض امس أيضا باكورة أعمال المخرج التركي كان موجديجه "سيفاش" الحائز على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان فينيسيا السينمائي٬ وهو مشارك ضمن قسم مسابقة آفاق جديدة٬ وينقل المشاهد إلى العالم الدموي وغير القانوني لرياضة قتال الكلاب في البراري الشرقية لتركيا. وهذا هو العرض الأول في العالم العربي. 

وضمن عروض قسم مسابقة آفاق جديدة عرض أيضا الفيلم الفائز بجائزة التحكيم الكبرى في مهرجان كان السينمائي "العجائب" ٬ وهو من إخراج الإيطالية أليتشه رورواتشر٬ ويحكي قصة أسرة ألمانية-إيطالية من مربي النحل وبخاصة غلسومينيا ذات الأعوام الـ 12 ٬ وحكاية البلوغ والغياب التدريجي للعادات والتقاليد الأسرية.“نادي الشغب" هو فيلم ناقد للطبقة الاجتماعية الأرستقراطية الفاسدة في بريطانيا والتي تعيش ثراء وتسلطا غير مشروطين٬ وهو من إخراج الدنماركي لون شيرفيك ويشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في المهرجان .أما ضمن قسم الأفلام الوثائقية لليوم٬ فقد عرض امس "دبلوم وطني" وهو باكورة المخرج ديودو حمادي٬ ويوثق الفساد المنتشر في نظام التعليم في الكونغو وكيفية تقرير الشهادة لسير حياة الطلاب إما بالبقاء في حياة الفشل أو المضي قدما. وفي السياق نفسه عرض الفيلم الجزائري- الفرنسي "إن شاء الله الأحد" للمخرجة يامينا بنغيغي وذلك ضمن برنامج السينما العربية في المهجر التابع لقسم العروض الخاصة ٬ والفيلم الكلاسيكي "الرجل الذي أحب النساء" أيضا ضمن العروض الخاصة وبالتحديد ضمن برنامج فرنسوا تروفو.

كما عرض فيلم "سلطة الطاقة" للمخرج الألماني هيوبرت كانافال ويعرض قضية المشاكل التي تسببها الأساليب البدائية في إنتاج الطاقة٬ سواء كانت من البترول أو الغاز أو الطاقة النووية أو الهيدروالكترونية٬ حيث تؤثر كل هذه الأساليب على البيئة والإنسان وتتسبب بالأمراض وفقدان الوظائف وانقراض الكائنات. ويقدم المخرج عبر الفيلم قصصا توضح مصلحة الإنسان في حماية البيئة عبر حقائق ودراسات وحوارات. وسيعرض هذا الفيلم ضمن قسم عروض السينما العالية لمهرجان أبوظبي السينمائي 2014.

ومن ضمن عروض السينما العالية لليوم أيضا الفيلم الأميركي "لعنة السدود" ذو الإخراج السينمائي المدهش٬ وهو من إخراج بن نايت وترافيس رامل ويحكي عن قضية السدود التي كانت في زمن سابق رموز فخر وطني ٬ ويناقش الفيلم إذا ما كانت هذه السدود تشكل خطراً على البيئة على المدى الطويل. 

ويعرض اليوم أيضا فيلم "يومان وليلة" ضمن قسم عروض السينما العالمية٬ وهو من إخراج جان - بيار داردن ولوك داردن اللذين حازا مرتين على السعفة الذهب في مهرجان كان السينمائي. سيكون العرض في بحضور الممثل فابريزيو رونجيون.

المدى العراقية في

30.10.2014

 
 

«ذيب» تحفة سينمائية من داخل الصحراء الأردنية

كتب: أحمد الجزار

لغة الأفلام ليست متشابهة وإن كانت في النهاية تصل إلى نفس المقصد، ولكن لكل مخرج لغته الخاصة وفقاً لرؤيته السينمائية، ونشأته وثقافته ومجتمعه، وأيضاً طبيعة ومضمون فيلمه، كما أن الإبداع لا يتعلق بالزمن وحده أو الخبرة ولكن يتعلق بمدى فهمك ودراستك لموضوع فيلمك.

قدم مهرجان أبوظبى خلال السنوات الماضية العديد من الاكتشافات الفنية، أبرزهم المخرجة المصرية هالة لطفى التي عرض فيلمها الأول «الخروج للنهار» بالمهرجان وحصل العديد من الجوائز، وهذا العام يقدم المهرجان المخرج الأردنى «ناجى أبونوار» الذي حصل على جائزة أفضل مخرج في مسابقة آفاق بمهرجان فينسيا السينمائى في دورته الماضية عن أول أفلامه الروائية الطويلة «ذيب» والذى يعرضه «أبوظبى السينمائى»، كما حصل أبونوار الذي ولد في إنجلترا من أم إنجليزية وأب أردنى أيضا على جائزة أفضل مخرج عربى لهذا العام من مجلة فاريتى وكانت أول تجاربه عام 2009 من خلال فيلم قصير بعنوان «موت ملاكم» وعرض في العديد من المهرجانات الدولية.

وفى تجربته «ذيب» يأخذنا أبونوار إلى عالم ساحر وطبيعة مذهلة من داخل صحراء الأردن في منطقة واد رم تحديد، ويعود بنا إلى زمن 1916 أثناء الحرب العالمية الأولى في فترة احتدام الصراع بين الجيش البريطانى والجيش العثمانى. من ناحية أخرى من خلال قبيلة بدوية، حيث يعيش الفتى «ذيب» الذي يفقد والده شيخ القبيلة في سن صغيرة ويتولى تربيته شقيقه الأكبر «حسين» ولكن فجأة يأتى جندى بريطانى بصحبة شخص من قبيلة أخرى ويطلبون دليلا مهماً ليرشدهم إلى مقصدهم ويتم ترشيح حسين لهذه المهمة لحرفيته فيها ولكن يقوم «ذيب» بملاحقتهم من بعد حتى يكون إلى جوار شقيقه الأكبر، ولكن تتحول الرحلة إلى معركة بسبب الصراع الموجود داخل الصحراء آنذاك بين الثوار العرب والمرتزقة العثمانيين والمغيرين من البدو، ويصبح «ذيب» وحده في مواجهة أحد اللصوص المصابين ولكن بعد أن يصل إلى مرحلة الأمن يقرر «ذيب» أن ينتقم لأخيه ويقتل هذا اللص.

ومن إيجابيات الفيلم أنه استعان بأبطال حقيقيين هم أنفسهم أبطال هذه البيئة التي يتحدث عنها، لكى يكون الفيلم أقرب إلى الواقعية والصدق في الأداء وهذا ما يميز هذا الفيلم تحديداً لأن الممثلين الذين يقفون لأول مرة أمام الكاميرات يقدمون أدوارهم بمنتهى العفوية والصدق ولم تشعر معهم إطلاقاً بأن هناك كاميرات تحوم حولهم، فهم يجسدون البيئة البدوية بأخلاقها وطباعها ولهجتها وتفاصيل معيشتها لتجد نفسك أمام حدوتة مثيرة ومسلية، ورغم أن الفيلم يحمل بين طياته واقعاً سياسياً، لكنه كان دائماً في الخلفية بالنسبة مقارنة بالتركيز على الحياة البدوية وأعتقد أن هدفه الوحيد هو التركيز على الفترة الزمنية فقط لهذه المرحلة.

ويعتبر هذا الفيلم هو الأول الذي يتحدث بهذا العمق عن البيئة البدوية في الأردن وهو أول عمل يسجل جائزة دولية للسينما الأردنية عندما حققها في مهرجان فينسيا.

وأكد ناجى أبونوار، في تصريحات خاصة، لـ«المصرى اليوم» أن إنجازه لفيلم «ذيب» جاء بعد جهد استمر أربع سنوات من التحضير والبحث عن التمويل والدعم، مبيناً أن ردود الأفعال التي حققها عرض فيلمه في مهرجان أبوظبى أمام حضور متنوع الثقافات يمنحه القوة والحافز على تحقيق أفلام جديدة تسرد آمال وتطلعات الناس العاديين،

وأضاف أن المكان الأردنى ساهم في منح الفيلم جماليات بصرية، فضلا عما يمثله موضوعه من شهادة على تحولات التاريخ القريب والبعيد، لافتاً إلى أنه رأى أن يسير الحوار والشخوص في أحداث فيلمه بشكل عفوى وتلقائى، لذلك اختار من أهالى المنطقة شخوصاً لأداء الأدوار الرئيسية، بعد أن منحهم فرصة التأهيل والتدريب على فن التمثيل والأداء من قبل متخصصين، علاوة على أنه تعايش معهم لفترة من الوقت في أجواء البادية الأردنية، وأوضح أنه تعرف خلال دراسته في لندن على نماذج من كلاسيكيات السينما اليابانية شديدة الصلة بموروثها الثقافى، ورأى أنه يجب عليه البحث عن وسائل تعبيرية بصرية تستلهم مفردات وعناصر من البيئة المحلية في تصوير أفلامه، بعيداً عن الصورة النمطية السائدة في التعامل مع أبناء هذه المنطقة، وفى الوقت نفسه قال جاسر عيد الذي جسد دور «ذيب» إنه لم يواجه أي مشاكل في تجربته التمثيلية الأولى وأضاف: كان الشىء الوحيد الذي أخشاه هو الكاميرا ولكن بعد فترة لم أشعر بها، وشدد عيد على أن المخرج أبونوار منحهم الحرية المطلقة في التمثيل وفى الكلام وهذا ما جعل بصماتهم واضحة على حوار الفيلم الذي كان مزيجا بين الارتجال والمشاهد المكتوبة، وقال إنه قرر أن يقتل اللص في النهاية، بعد أن استسلم له لأنه وجده شخصا نصابا لا يؤتمن، إضافة إلى أنه كان يريد الثأر لأخيه. أما الممثل حسين سلامة الذي جسد دور «حسين» الشقيق الأكبر لـ«ذيب» فقال إن تصوير الفيلم بالكامل كان في مناطق طبيعة باستثناء بير واحد تم بناؤه ليكون في المنطقة التي يحدث فيها الصراع، كما أعرب عن سعادته برد الفعل الذي حققه العمل في فينسيا، مؤكداً أنه حصل على تصفيق لأكثر من عشر دقائق، وقال إن قوة «ذيب» تأتى في صدقه.

المصري اليوم في

30.10.2014

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2015)