كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

فاتن حمامة لم تخدعها النجومية يوماً

نـاهـد صـلاح

عن رحيل سيدة الشاشة العربية

   
 
 
 
 

كتبت لها الأقدار أن تكون نجمة منذ طفولتها، وكتبت هي لنفسها ألا تبرح حيزاً معيناً لا يضيق بها، ولكنه يُحقّق تصوّراتها عن الفن والحياة ويصبح بوصلتها التي ترشدها في اختياراتها المتمهلة والواعية بالنموذج الذي أرادته لنفسها حتى لا يُقال لها إنها شبيهة بأحد أو إنها لا أحد، كما قال لها والدها مُعنّفاً بعد أن صفعها على وجهها لما رأى غروراً أصابها في تعاملها مع زملاء دراستها بعد أن اختارها المخرج محمد كريم وهي ابنة الخمس سنوات في دور الطفلة أنيسة أمام نجم النجوم حينذاك محمد عبدالوهاب في فيلم «يوم سعيد» (1940)، وكتبت عنها الصحافة إنها «شيرلي تمبل مصر»، وأصبحت بين ليلة وضحاها النموذج الذي يتطلّع إليه الأطفال ويحبه الآباء والأمهات، دخلت البيوت من أوسع أبوابها، فكبرت قبل الآوان وداعب الغرور قليلاً عمرها الصغير، لكنه توقّف بعد صفعة الأب التي حدّدت وجهتها في خطواتها الأولى وجعلتها تتواضع في التعامل مع البشر وتخشى فقدانهم، لأنها أدركت أن هذا يعني فشلها ومن هذه النقطة رسمت لنفسها ما يسمى بالصورة النظيفة في السينما، تلك الصورة التي كانت تلمع في ذهنها حين ترى نفسها على الأفيشات كلما مرت على صالة عرض سواء أكانت في المنصورة موطن عائلتها أم بالقرب من حي عابدين الذي قضت فيه صباها، الصورة النظيفة لازمتها في أدوارها المُتدرّجة من الصبيّة والفتاة البريئة والرومانسية، ملاك الرحمة وحتى الفتاة المسكينة ومكسورة الجناح التي تجتاحها قسوة الزمان في العديد من الأفلام الميلودرامية مع مخرجها الأشهر حسن الإمام، البنت المظلومة والمغلوبة على أمرها كسائر بنات مجتمعها اللاتي رأين فيها صورتهن ومعاناتهن مُجسَّدة على الشاشة حتى في الأفلام الرومانسية رأينها تحقق أحلامهن بسهولة وتحب بالنيابة عنهن وتجد لهن فارس أحلامهن وحبذا لو كان حنوناً ودافئاً (عماد حمدي) أو مطرباً يغوي الفتيات بفنه وصوته (فريد الأطرش أو عبدالحليم حافظ)، وهذا الاحتراف الذي مارسته من فيلم إلى آخر لم يجردها من براءتها التي لم تتخلَ فاتن عنها حتى لا تُخْدَش صورتها في نظر جمهورها وهي من دخلت بيوتهم مرحباً بها منذ «أنيسة» في يوم سعيد (1940 – محمد كريم)، حتى نرجس في أرض الأحلام (1993 – داوود عبدالسيد).

مشت فاتن حمامة على جسر النجومية وصار لها هذا الحضور المغناطيسي حتى في الأدوار العادية، وجه حالم ناعم وروح تتراوح بين الهدوء والتحفز. صوت شديد الأنوثة والألفة، عينان سوداوان تأسران من يشاهدهما، يستقر في الذاكرة سكون وجهها الغامر بالحب المُرسل من هاتين العينين، ومن جبين كالأفق الصافي يتصدّر وجه يهجس ويهدر بالكثير من الأسرار وإن بدا ساكتاً، فأصبحت أيقونة الرومانسية التي تنضح بسحرٍ هادئ يتسلّل في صمت، لكن خلودها في صورها المُتعدّدة والمسكونة بحيوية ما جعلتها تترأس جمهورية التمثيل النسائي، أو رشحها لتكون سيدة الشاشة العربية أو نجمة القرن كما لقبها واختارها مهرجان الإسكندرية في العام 2001، بأدوار سكنتها وسكنتنا وتمرّدت فيها على الشكل التقليدي، لتخرج «اللؤلؤة»، كما وصفها خيري شلبي من محارتها في أدوار بلغت جرأتها حَدّ الصدمة عند جمهورها، لكنها عرّت الجزء الخفي في شخصية فاتن حمامة والمدفوع بذكائها في أغلب الأحيان، وهو الذكاء الذي رصده زوجها السابق عمر الشريف في العديد من حوارته: «الحضور العقلي عند فاتن يطغى على حضور الجسد»، وكما كانت هي حلم اليقظة لكثير من الفتيات تمنين أن يحققن النهايات السعيدة وينجحن كما تنجح شخصياتها في السينما وتفوز بقلب الحبيب في نهاية الفيلم، عزفت سوناتا التغيير في أدوارها التي صنعت وجوهاً جديدة من نضوجها الفني الذي برز في تحوّل انعطافي حاسم مَرّ به المجتمع المصري بعد ثورة يوليو/تموز 1952، حيث أصبح للمرأة دور مغاير، وكذا أصبح للطبقات العاملة والفلاحين حضور أبهى وأقوى، وتحوّل آخر في حياتها الشخصية التي انقلبت رأساً على عقب بعد دورها الشهير مع عمر الشريف في فيلم «صراع في الوادي» (يوسف شاهين)، وانفصالها عن زوجها المخرج عز الدين ذو الفقار لتتزوّج هذا الشاب الوسيم «ميشيل شلهوب»، الذي أصبح عمر الشريف، فنتعرّف على شخصيتها الواقعية أكثر من أدوارها، منحت عمر بريقاً من نجوميتها ومنحها هو هذا الألق الذي صاحب أدوارها، ليغير هذا الحضور الرومانسي الهائل دربها إلى دروب أخرى شديدة الاختلاف والتنوّع، وإذا كان دور المراهقة الشريرة الذي في «لا أنام» 1957، رواية إحسان عبدالقدوس وإخراج صلاح أبو سيف، هو الدور المناقض للصورة البريئة لفاتن حمامة، فإن البدوية آمنة في «دعاء الكروان» (1959)، رواية طه حسين وإخراج بركات، كان نقطة تحوّل عظيمة في مشوار فاتن حمامة، خصوصاً أنه قبل التصوير دعاها الدكتور طه حسين لمقابلته وقال لها بسخرية: وانت تقدري تفهمي دور آمنة؟

قالت فاتن: فهمته كويس.

وهَزّ طه حسين رأسه بسخرية، فخرجت فاتن من عنده باكية، وقد شعرت بالإهانة وقالت لمنتج الفيلم: لماذا اخترتموني لهذه البهدلة؟، وتَمّ تصوير الفيلم وحضر طه حسين العرض الخاص مع أسرته، وفوجئت فاتن به بعد انتهاء العرض يقول لها: إن خيالي وأنا أكتب آمنة هو بالضبط الذي فعلتيه أنت.

وتغير الزمان، وزاد تنوّع أدوارها وخصوصاً المأخوذة عن نصوص أدبية، فكانت نوال في «نهر الحب» 1960، آخر فيلم أخرجه لها زوجها السابق عز الدين ذو الفقار، وليلى المتمردة في «الباب المفتوح» 1963، عن رواية لطيفة الزيات وإخراج بركات، والفلاحة عزيزة في «الحرام» 1965، عن رواية يوسف إدريس وإخراج بركات، وكذلك نعمت في «أفواه وأرانب» (1977 – إحسان عبدالقدوس – بركات)، وذروة جرأتها كانت الشخصية التي جَسَّدتها في «الخيط الرفيع» 1971، عن رواية إحسان عبدالقدوس، الذي حاول أن يُبرز فيها الشعرة الدقيقة بين الحب والتملّك، والأفلام الأخيرة كانت بعد انفصالها عن عمر الشريف ودخولها في نفق آخر من التحدي، فالسيدة ذات المسيرة المستقرّة حتى وإن مرّت بثلاث زيجات، كل واحدة لها حالتها الخاصة، حافظت على مسيرتها الفنية والهالة البرّاقة للنجومية التي لم تخدعها يوماً.

مجلة الدوحة القطرية في

01.02.2015

 
 

حكايات وأسرار سيدة الشاشة العربية (1-2)

عشرة جنيهات.. أول أجر تلقته فاتن حمامة في فيلم «يوم سعيد»

القاهرة - أحمد الجندي

الخالدون لا يموتون.. يرحلون فقط بأجسادهم لكن تبقى أعمالهم ومآثرهم وسيرتهم الطيبة حية باقية في ذاكرة ووجدان الشعوب تتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل على مر الزمان هذه حقيقة أثبتتها وأكدتها وقائع الحياة في كل دول العالم على مر التاريخ.. التاريخ الذي يزخر بقائمة طويلة من الشخصيات الخالدة التي بقيت أعمالهم ومآثرهم وسيرتهم الطيبة في وجدان الناس على مر العصور شخصيات خالدة في شتى المجالات السياسية والدينية والاقتصادية وبكل تأكيد الفنية والثقافية

واذا تركنا كل هذه المجالات وتحدثنا عن المجال الأخير الفن والثقافة سنجد ان تاريخ مصر الحديث وبشكل أكثر تحديدا في القرنين الأخيرين سنجد هناك قائمة طويلة من رواد الفن والفكر والثقافة رحلوا عن عالمنا بأجسادهم لكن بقيت وستبقى أعمالهم وسيرهم وأثارهم وما تركوه من فن وابداع يؤثر في حياة الملايين وأبناء الشعب المصري والعربي وستبقي بالذاكرة والوجدان المصري والعربي يحفظ صور هؤلاء مما يمنحها الخلود ويمنح العمر الطويل لما تركوه من مآثر

وبكل تأكيد من هؤلاء الخالدون سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة التي رحلت عن عالمنا وعن دنيانا منذ أيام قليلة وتركت أثرا هائلا من الحزن داخل كل نفوس أبناء الشعب المصري وأيضا العربي بجميع طوائفه وفئاته ومستوياته وظهر هذا واضحا وجليا ليس في جنازتها المهيبة فقط ولا في مظاهر الحزن الدافئة التي تجدها على ملامح ووجود الناس في الشارع المصري بشكل أكثر تحديداً ولكن أيضا في مواقع التواصل الاجتماعي التي ضجت بمشاركة الجميع واشتعلت بربتهم في نعييها بمنتهى الحب والاحترام والتقدير لفنانه عظيمة احترمتهم من خلال احترامها لفنها ولنفسها كفنانة وقدوة فقد رأى فيها أبناء الشعب المصري .. والعرب من مختلف الأجيال قدراً من نفسه وجزءا من حياته فهي أما أخته أو أمه أو حبيبته أو ابنته من خلال جل ومعظم أدوارها منذ طفولتها ومراهقتها وشبابها والمراحل العديدة من حياتها فقد أعطت الفن كل مراحل عمرها فهي الطفلة في بدايتها وهي المراهقة والشابة والأنثى والفتاة الفقيرة والزوجة المحبة المخلصة والمرأة المغلوبة على أمرها التي تقسو عليها الظروف والفلاحة الفقيرة والعاشقة الرومانسية في براءة وطهارة والارستقراطية والأم التي ترعى أبناءها وغيرها العشرات من مختلف الأدوار والشخصيات التي جعلتها تتربع على عرش وقلوب جمهورها ومحبيها من مختلف الأجيال والأعمار والفئات الجميع يودعها ويدعون لها بالرحمة والمغفرة وكل منهم يشعر ان له فيها وأنها تخصه وليست مجرد فنانة ونجمة مثل غيرها من النجوم والنجمات

ونحن هنا لن نتحدث كثيرا عن أعمال فاتن حمامة ومسيرتها الفنية أفلامها وشخصياتها فقد احتلت صفحات الصحف وكل وسائل الاعلام تسرد هذه المسيرة وتعدد وتؤكد على براعتها وابداعها وموهبتها كفنانة ونجمة وسيدة للسينما المصرية والعربية بل سنركز على جانب آخر من هذه الشخصية الفذة وهذه الفنانة والنجمة الأسطورية سنركز أكثر على جوانب شخصية وأيضا فنية في حياتها ومواقف عايشتها وأراء قالتها وأراء لكبار رحلوا تحدثوا عنها منذ سنوات وكذلك آراء خاصة جدا لوالدها وماذا قال عنها ولماذا عنفها بشدة يوما ما نريد ان نتطرق لجوانب خفية - ربما- لا يعلمها أو يعرفها كثير عن فاتن حمامه الفنانة والانسانة التي ترسخت في وجدان الجماهير المصرية والعربية كرمز وأيقونة لزمن جميل

ولنبدأ بالطفولة المبكرة عندما تعرفت على فن السينما ولم تكن تتجاوز السادسة من عمرها وقت ان أخذها والدها أحمد حمامة الموظف بوزارة المعارف أو التربية والتعليم الى السينما ليشاهدوا فيلما من بطولة آسيا داغر، الذي تشير المصادر الى انه بنت الباشا المدير للمخرج أحمد جلال وبعد انتهاء الفيلم صفق الجمهور بحرارة كعادة جمهور السينما في تلك الفترة فما كان من الطفلة الصغيرة فاتن ألا ان شعرت ان هذا الجمهور يصفق لها وتهمس بهذا الشعور الى والدها فيضحك ولا يعبق وهو بكل تأكيد لم يتطرق الى ذهنه مطلقا ان الجمهور المصري والعربي سوف يصفق طويلا وعلى مدى عقود زمنية عديدة ولدهور طويلة لابنته بعد ذلك .

ولم يمض على هذا الموقف الطريف من هذه الطفلة الصغيرة سوى ثلاث سنوات فقط ويتحقق شعورها وأحساسها وذلك عندما شاهدها وصفق لها جمهور السينما بدهشة واعجاب رائع وهي تجسد ببراءة وعفوية وموهبة فطرية عبقرية شخصية الطفلة انيسه في فيلم يوم سعيد أمام موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب وظلت العبرات التي قالتها بعفوية في الفيلم مثل الاكل النهاردة حلو قوي الحلو النهاردة مشمشية ظلت هذه العبارات عالقة بأذهان جماهير السينما تصفق اعجاباً بها وقت عرض الفيلم وكلما عرض على شاشة التلفزيون بعد ذلك.. ونشير سريعا هنا الى ان مخرج الفيلم محمد كريم اختارها لهذا الدور عندما فازت بمسابقة أجمل طفلة وكان عمرها 9سنوات وأرسل والدها الذي شعر بموهبتها صورتها للمخرج عندما قرأ انه يبحث عن طفلة تشارك في فيلم بطولة عبد الوهاب.. وعندما رأى محمد كريم صورتها رشحها للدور على الفور بل ان زاد كثيرا من مساحة دورها بعد ان لمس موهبتها في أول يوم تصوير وتحصل على أجر قدره 10جنيهات عن هذا الدور ويوقع معها محمد كريم عقد احتكار فني مدته 5 سنوات .

وارتفع أجر فاتن في فيلمها الثاني مع عبدالوهاب والمخرج محمد كريم رصاصة في القلب عام 1944 الى 50 جنيها مصريا حصلت عليها وكان عمرها حين ذاك 13 عاما وكانت على أعتاب مرحلة المراهقة وهنا تتوقف لبرهة لنشير الى واحد من المواقف التي كان له اثر كبير في حياتها كفنانة وانسانة يذكره الكاتب الكبير الراحل مصطفى أمين في كتابه مسائل شخصية يعد الفيلم الثاني لفاتن مع عبدالوهاب أصبحت أشهر طفلة في مصر وأصبح منتجو السينما يتهافتون عليها للتعاقد معها للمشاركة في أفلامهم وأصبحت هدفاً أيضا لمخرجي السينما ويشار اليها عندما تسير في الشارع ويحيط بها المعجبون من مختلف الأعمار.. ولم تتوقع فاتن كل هذا النجاح وكل هذه الشهرة فأصيبت بالغرور وبدأت تتعالى على زميلاتها في المدرسة وعلى صديقاتها وأصبحت ترفض النصيحة من أساتذتها ومن المحيطين بها وبدأت تشعر بذاتها وأنها أعلى مكانة بكثير ممن حولها وشعر والدها بخطورة ما تمر به ابنته فاستدعاها الى غرفته وقبل ان يحدثها انهال بصفعة قوية على وجهها أسقطتها على الأرض وصاح فيها غاضباً أنتي فاكرة نفسك مين؟ أنتي ولا حاجة

كانت هذه الصفعة وهذه الكلمات القوية من والدها هي الصدمة التي أفاقتها من نوبة الغرور التي أصابتها وكانت الصفعة الوحيدة التي أخذتها من أبيها طوال حياتها وكان هذا الموقف هو السبب في ان الغرور ظل بعيدا عن هذه الفنانة العبقرية طوال مشوارها الفني الطويل وكانت دائما تتذكر صفعة الأب وكلماته فاكرة نفسك مين؟ أنت ولا حاجة لتكون حائط صد منيع يحميها من النرجسية والغرور رغم كل النجاحات الهائلة التي تحققها في مشوارها الفني.

وما دمنا ذكرنا اسم الراحل الكبير مصطفى أمين الذي كان صديقا مقرباً جدا لفاتن حمامه لابد وأن نشير سريعا الى بعض المواقف الطريفة التي جمعته معها والتي ذكرها في كتاب ففي بدايات الخمسينيات كتب مقالا ينصح فيه الشباب بعدم التفكير في الزواج من الممثلات لأنه زواج محفوف بالمخاطر بسبب المعجبين بالفنانات وكتب عنوان المقال هكذا لا تتزوج فاتن حمامة وقرأت فاتن عنوان المقال في الصفحة الأخيرة لأخبار اليوم فطار صوابها خصوصا وأنها كانت في تلك الفترة على وشك الزواج من عمر الشريف بعد طلاقها من المخرج الكبير عزالدين ذوالفقار وذهبت الى مصطفى أمين في مكتبه وهي في ثورة من الغضب بعد ان ظنت ان المقال المقصود به عرقلة زواجها المقبل.. وشرح لها مصطفى ما قصده بهذا المقال وهذا العنوان وأكد لها أنه لم يكن يعلم بأمر زواجها المقبل وتمنى لها السعادة في زواجها واستراحت فاتن بعد ان قرأت المقال وفهمت مضمونه.. وتكرر موقف آخر من مصطفى أمين عندما أجرت فاتن حمامة عملية جراحية سريعة في مستشفى الطبيب والجراح الكبير عبدالله الكاتب.. وبعدها بأيام ذهب مصطفى أمين الى نفس المستشفى ليجري جراحة سريعة مع نفس الطبيب الذي كانت تربطه بالكاتب علاقة صداقة وطيدة واختار له الطبيب سريرا صغيرا في احدى حجرات المستشفى وشعر مصطفى بأن جسمه الضخم لا يلائمه هذا السرير وأخبر الطبيب بذلك فما كان من الطبيب ألا ان أخبره ان هذا السرير وهذه الغرفة كانت لفاتن حمامه عندما أجرت جراحتها وهو سرير يلائم جسم فاتن القليل الحجم.. وهنا انتهز مصطفى آمين الفرصة وبحسه الصحافي العالي كتب مقالا في أخبار اليوم جعل عنوانه اكتب لكم من سرير فاتن حمامة وقرأت فاتن العنوان وكانت ثورة غضبها عارمة عندما ذهبت الى مصطفى أمين تؤكد له ان هذا العنوان يسيء جدا الى سمعتها التي ظلت سنوات تحافظ عليها ولم تشبها شائبة.. فما كان من مصطفى ألا ان ضحك بشدة وسألها هل قرأت المقال؟ قالت له: لا قرأت العنوان فقط ولم احتمل قراءة المقال.. فطلب منها وهي في مكتبه ان تقرأه وعندما قرأت فاتن المقال كاملا غرقت في نوبة من الضحك وهدأت ثورتها تماما واستمرت علاقة الصداقة القوية تجمعها بالكاتب الكبير وظلت تتذكر موقف مقال سرير فاتن حمامة أو السرير النونو كما أطلق عليه مصطفى أمين وكانت تبتسم وهي تتذكر هذه الواقعة. وما دمنا قد ذكرنا والدها أحمد حمامة لابد وان نشير الى مقتطفات من مقال له نشر في مجلة الكواكب في شهر فبراير1960. يقول الأب عن ابنته: كانت ابنتي فاتن لامعة الذكاء منذ طفولتها.. كانت اذكى طفلة في العائلة وكانت والدتها وهي سيدة مثقفة تخشى عليها بشدة من الحسد.. وكانت موضع حب سيدات الأسرة جميعا وكانت تذهب مع احداهن للسينما بانتظام وتعود لتحكي عن الفيلم وقصته بتسلسل عجيب ومدهش وتحدثنا عن أهم ما يميز الفيلم رغم سنها الصغيرة وكانت عاشقة للسينما لدرجة أنها كانت تدخل الفيلم في حفلتين متتاليتين وكانت عندي هواية التصوير فصورها في مواقف مختلفة منذ طفولتها المبكرة.. وفي احدى المرات أرسلت صورها لمجلة الاثنين وهي ترتدي ملابس الهلال الأحمر للاشتراك في مسابقة أجمل طفلة وفوجئت بها تفوز وتنشر صورتها على غلاف المجلة

ويكمل الأب أحمد حمامة مقالة: نقلت للعمل في المنصورة وأرسل لي المخرج محمد كريم خطابا يستدعيني للاتفاق معي على ان تعمل ابنتي في السينما ورجع اليه الخطاب لتغير عنواني وبعد ذلك حدثت الصدفة العجيبة عدما حضر محمد كريم الى المنصورة ليحضر عرض أحد أفلام عبدالوهاب وما أن سمعت بوجوده حتى ذهبت لزيارته وما كاد يراني حتى صاح بي انت فين أنا بعت لك جواب ولم تستلمه واتفق معي على ان أزوره بالقاهرة لتوقيع الاتفاق وهنأني لأن ابنتي فاتن هي أذكى طفلة في الدنيا.. وكانت البداية لها في فيلم يوم سعيد مع محمد كريم

الحديث عن سيدة الشاشة وأسطورة السينما الخالدة وأيقونة الزمن الجميل التي رحلت عن دنيانا منذ أيام قليلة يطول والحديث عن مواقف انسانية وفنية من حياتها ومشوارها الحافل يطول أيضا نستأنفه في الجزء الثاني من هذا الملف عنها ولعل أهم ما سنسير اليه قصة هروبها من مصر أيام حكم عبدالناصر وأيام هجرتها ومعيشتها في الخارج لخمس سنوات حيث لم تعد الى مصر ألا بعد وفاة عبدالناصر وتولي السادات مقاليد الحكم وأيضا نشير الى حقيقة ما قيل عن الصراع بينها وبين سعاد حسني حول بطول فيلمها الشهير الخيط الرفيع وتعرض لبعض أدائها الشخصية ولمقال صحافي نادر كتبته فاتن حمامة بنفسها.

الجريدة الكويتية في

01.02.2015

 
 

حكايات وأسرار سيدة الشاشة العربية (2-2)

القصة الكاملة لهجرتها من مصر لخمس سنوات في فترة حكم عبدالناصر

القاهرة - أحمد الجندي

فاتن حمامه سوف تظل رمزاً من رموز الفن المصري والعربي الرفيع على مدار عصوره وقيمة عظيمة ساهمت في الارتقاء بالوعي العربي واقترن اسمها بتاريخ مصر الرائد في النهوض بالفنون بالعالم العربي بهذه الكلمات كان رثاء د.نبيل العربي الامين العام لجامعة الدول العربية.. وعلى نفس المستوى والمعنى كان الرثاء لهذه الفنانة الاسطورية الخالدة من رئاسة الجمهورية في مصر ومجلس الوزراء والعديد من الهيئات والمؤسسات الرسمية في مصر والعالم العربي.. وهذا يؤكد ان فاتن حمامة لم تكن مجرد فنانة عادية او نجمة استمر عطاؤها الفني لحقب زمنية طويلة فقط بل اصبحت بالفعل نموذجاً لكل من يبحث عن القيمة والجمال والابداع والاحترام والالتزام في اي مجال من مجالات الحياة.

وفي هذا الجزء الثاني والاخير من الحديث عنها بعد ايام قليلة من رحيلها نواصل استعراض بعض المواقف الانسانية والفنية التي- ربما- لا يعرفها الكثيرون عن النجمة الرائدة الغائبة جسدا الحاضرة ابداعاً وفنا واثرا وروحاً 

في عام 1946 كانت فاتن قد بلغت الخامسة عشر من عمرها رصيدها الفني ثلاثة افلام بورسعيد ورصاصة في القلب ودنيا الفيلمان الاول والثاني مع المخرج محمد كريم والفيلم الثالث مع المخرج عزالدين ذوالفقار.. في هذا العام ايضا تم افتتاح المعهد العالي لفن التمثيل العربي الذي يعد النسخة الثانية والمنقحة من معهد التمثيل الحكومي التي انشاته وزارة المعارف عام 1930 ثم سرعان ما اغلقته الحكومة المصرية بنفسها تحت دعوى انه مخالف للتقاليد والآداب!! 

المهم هنا ان فاتن ولشدة حبها للتمثيل ولرغبتها في ان تسلح موهبتها المتدفقة بالعلم التحقت بالفعل للدراسة بالمعهد رغم انها كانت وكما اشرنا- قد بدأت مشوارها الفني وحققت الكثير من النجاح وغيرها لم يفكر مطلقا في خطوة الدراسة.. لكن هذه هي فاتن بثقافتها وحبها لفنها والمساحة الهائلة لوعيها رغم سنها الصغيرة 

وعن اليوم الاول لها في المعهد العالي لفن التمثيل يقول الفنان والرائد الكبير زكي طليمات احد اهم المؤسسين للمعهد في كتابه ذكريات ووجوه يقول: كان اليوم الاول للدراسة في المعهد في عامه الاول وانتظم الطلبة في احد الفصول بعد نجاحهم في امتحان القبول ودخلت الفصل.. وكان عدد الشباب اكثر من عدد الشابات.. وكان مستوى جمال الشابات او الفتيات محدوداً واستقر بصري وانا انظر اليهم على فتاة وسيمة وجه صغير بالغ الوسامة كالعرائس الغالية.. تتحرك فيه عينان واسعتان بقلق وفضول.. واشرت الى هذه الوسيمة قائلاً: تعالي هنا ياعروسة.. ووقفت صاحبة الوجه الذي يشبه العروسة قائلة: انا مش عروسة يا استاذ فسألتها اسمك ايه؟ قالت: فاتن حمامة 

ويكمل زكي طليمات: طلبت منها ان تصعد الى المنصة وتؤدي اي دور يحلو لها مما حفظته.. ووجدت صوتها ضعيفاً لكنه ثاقب وساخن ينفذ من الاذن الى القلب.. وتحس ما تقوله احساساً صادقاً يظهر في كل حركاتها وجسدها.. ولكني لاحظت ان بها لثغة باريسية تنطق حرف الراء كحرف الغين وبما ان الالقاء والنطق الصحيح من اهم الدروس وان لثغتها تعد عيبا في النطق قلت لها صائحا طلعي لسانك.. فما كان منها الا ان اغلقت فمها وتؤكد ان لسانها مش ناقص حته!!

نكتفي مما قاله زكي طليمات في كتابه عن لقائه الاول مع فاتن حمامه لكن ما نريد ان نؤكد عليه هو اصرارها على النجاح رغم هذه اللثغة التي كان من الممكن ان تعيق اي فنان في بداية طريقه لكنها كانت منذ البداية وطوال مسيرتها الفنية بداخلها اصرار هائل على النجاح واثقة من موهبتها وقدرتها وبلا اي تنازلات تشق طريقها بنجاح حتى اصبحت نجمة السينما المصرية وهدف كل منتجيها ومخرجيها والتزمت الصرامة والجدية ليس في فنها فحسب بل في حياتها الخاصة كإنسانة فلم تسمح لشائعة ان تطولها ولا لهمسة تمس سمعتها ان تطلع.. عندما احبت تزوجت وكان المخرج عزالدين ذوالفقار اول ازواجها عام 1947 وانجبت منه ابنتها نادية وعندما عصفت المشاكل بينها وبين زوجها انفصلت عنه وظلت تربطها به صداقة وعمل استمرت حتى وفاته واكتفت بتعليق صغير عند طلاقها منه قال: اكتشفت ان حبي له كان حب تلميذة لاستاذها ولم تطل في الحديث اكثر من ذلك عندما احبت للمرة الثانية كان زواجها الثاني من عمر الشريف عام 1955 وانجبت منه ابنها طارق.. وانفصلت عنه في بداية السبعينيات وبعدها كان زواجها الثالث والاخير من د.محمد عبدالوهاب.. وكل زيجاتها كانت في العلن مثل اي سيدة عادية في مجتمع شرقي محافظ وهذا ما اكسبها الاحترام الزائد من الجميع فهي تتصرف في حياتها الخاصة مثل اي امرأة تحافظ على سمعتها وتقاليد مجتمعها 

ظلت فاتن على نجوميتها ومكانتها وعندما فازت لثلاث سنوات متتالية بلقب افضل ممثلة في العالم العربي اطلق الصحافي اللبناني الكبير رئيس تحرير مجلة الموعد اللبنانية صاحبة الاستفتاء لقب سيدة الشاشة العربية وهكذا كانت الالقاب تأتي اليها ولا تطلقها هي على نفسها مثلما فعلت غيرها من الفنانات الباحثات عن الالقاب الوهمية 

وفي مسيرة فاتن حمامة الفنية لا يخلو الامر من مواقف طريفة.. ومن هذه المواقف انها ابدا ورغم كل موهبتها الاسطورية كممثلة لم يكن لها علاقة بالغناء على الاطلاق سوى مرة واحدة عندما غنت الدويتو الشهير الو.. الو.. احنا هنا مع شادية في فيلم موعد مع الحياة عام 1953 وكانت الاغنية من كلمات الشاعر فتحي قورة والحان منير مراد ورغم ان فاتن كانت بدايتها في السينما مع مطرب هو محمد عبدالوهاب وشاركت مع نجوم الطرب والغناء بطولة عدد من الافلام منهم فريد الاطرش وعبدالحليم حافظ ومحمد فوزي وفيلم وحيد مع المطرب عبدالعزيز محمود وتعد من اكثر نجمات السينما المصرية التي غنى لها هؤلاء النجوم في عالم الطرب والسينما في الافلام التي جمعتها بهم وبلغت هذه الاغنيات التي غنوها لفاتن يتغزلون فيها في جمالها ويبثونها اشواقهم وعواطفهم 23 اغنية.. والطريف هنا انه نظرا للمنافسة الفنية الشديدة التي كانت بين عبدالحليم وفريد في الخمسينيات والستينيات شعر فريد بشيء من الغيرة عندما غنى عبدالحليم لفاتن عدداً كبيراً من الاغنيات في افلامهما معا فما كان منه الا ان قرر مشاركة سيدة الشاشة في فيلم آخر يغني لها فيه وكان فيلم حكاية العمر كله عام 1965 وغنى لها اغنيته الشهيرة ابو ضحكة جنان 

ومن المواقف الطريفة الى واحد من اصعب المواقف الانسانية والفنية التي مرت في حياة هذه الفنانة العبقرية وهو قصة هروبها وهجرتها من مصر في السنوات الاخيرة من فترة حكم عبدالناصر ومكوثها في الخارج لـ5 سنوات كاملة ولم تعد الى مصر الا بعد وفاته.. وتعد هذه القصة او هذا الموقف من اكثر المواقف غموضا في حياتها واثير حوله جدل هائل لكن قبل الدخول الى هذه القصة لابد وان نشير الى ان فاتن كانت ترى ان من بين ادوارها كفنانة في مجتمعها ان تقدم القضايا السياسية والاجتماعية لهذا المجتمع وقدمت بالفعل العديد من الافلام التي واكبت الواقع السياسي والاجتماعي 

في بدايات عام 1966 تركت فاتن حمامة مصر ولم تعد اليها الا في عام 1971 وظلت طوال هذه السنوات الخمس تعيش متنقلة ما بين بيروت ولندن وفي بيروت قدمت خلال هذه السنوات عدداً من الافلام لكن لماذا هاجرت من مصر او بتعبير اكثر دقة لماذا هربت من مصر؟! وبعيدا عن الجدل وكل ما قيل في هذه القصة تدخل مباشرة في الاجابة على السؤال من خلال ما قالته هي بنفسها في حوار صحافي نشر لها بمجلة المصور القاهرية عام 1991 قالت فيه انها كانت من اشد المؤيدين لثورة يوليو 1952 الا انها بدأت تشعر ان عبدالناصر مخادع عندما حدد الملكية بواقع 200 فدان ليخفضها في العام التالي الى 100 فدان ورأيت في هذا ظلماً كبيراً.. وظلماً اخر يقع على ناس يؤخذون من بيوتهم للسجن في منتصف الليل اما فيما يخصني كنت اعيش في كبت وحبس لانني كنت لا استطيع السفر دون مراجعات لا لزوم لها وظروف المتحكمين في البلد من مخابرات ومضايقات 

وتدخل فاتن حمامة الى صلب الموضوع بشكل اكبر وتوضح السبب الاهم لمغادرتها مصر وتقول: جاءني رجل من المخابرات ومعه كتب غريبة عن الجاسوسية وطلب مني قراءتها وقال لي: اننا ومن اجلك لم نؤذ احداً 

وتضيف خلال نفس حوارها مع مجلة المصور ما حدث من هذا الرجل كان تهديداً مباشراً ورفضت ما يعرضه علي ورفضت بشدة بسياسة ولباقة وبعد ذلك عندما كنت اسافر اجد من يسألني من الضباط في الجوازات لماذا تريدين السفر؟ رغم ان الجميع يعلم انني ذاهبة الى مهرجان سينمائي دولي لهذا كرهتهم جداً وبعدها بقليل خططت للسفر وسافرت 

انتهى كلام فاتن في هذا الحوار لكن الذي لم تقله واكدته مصادر اخرى.. ان الضغوط زادت عليها بشدة من هذه الاجهزة السيادية التي طلبت منها التعاون معها مثل غيرها من الفنانات في ذاك الوقت ورفضت بشدة بناء على نصيحة من صديقها المنتج والمخرج حلمي حليم الذي كان بسبب مواقفه السياسية المعارضة ضيفاً دائماً على سجونهم ومعتقلاتهم.. وهو الذي طلب منها ضرورة مغادرة مصر لانهم لن يطيقوا رفض تعاونك معهم.. خصوصا انهم بداوا بوضع اسمها ضمن قوائم الممنوعين من السفر ومغادرة البلاد وتؤكد المصادر ان الصحافي والكاتب الكبير مصطفى امين والذي كان من اصدقائها المقربين هو الذي ساعدها ودبر لها خطة محكمة للهروب من مصر 

وهنا نتوقف لنشير الى ان عبدالناصر عندما علم بهروبها وهجرتها من مصر طالب بضرورة عودتها وقال عنها: انها ثروة قومية ولابد ان تعود واكد انه لم يكن يعلم ما تعرضت له وانه من شدة تقديره لها منحها وساما في بداية الستينيات تقديرا لها 

ووسط عبدالناصر عدداً من مشاهير الكتاب والسينمائيين والنقاد على راسهم الراحل الكبير سعد الدين وهبة من اجل اقناعها بالعودة الى مصر دون جدوى وبالفعل لم تعد فاتن الى مصر الا في عام 1971 بعد وفاة عبدالناصر وهنا نشير الى ان فاتن عاصرت 6 رؤساء لمصر.. اولهم اللواء محمد نجيب ولم تكن هناك اراء لها فيه او لقاءات معه لان فترة حكمه كانت قصيرة جدا ولم تستمر سوى عام واحد او اقل.. وكانت علاقتها ورايها في عبدالناصر كما اشرنا وفي عصر السادات كانت ترى ان مصر اثناء حكمه كانت اكثر انفتاحاً والناس تنفست وغنت وتحدثت بحرية وفتحت البيوت والنوافذ وتحسنت احوال الناس وكانت ترى في السادات الذي قابلته في اكثر من مناسبة خصوصا بعد ان اقام عيدا للفن انه كان رجلا متفتحاً وانساناً طيباً وترى ان الامر لم يختلف كثيراً في عهد مبارك التي احزنها كثيرا ما تعرض له من بعد ثورة يناير وكانت ترى انه مهما حدث منه من سلبيات اثناء حكمه لا يجب ان ننسى انه من ابطال اكتوبر.. اما في فترة حكم محمد مرسي فقد كرهت فاتن حمامه الاخوان والسنة التي حكموا فيها مصر وعبرت عن غضبها بقوة وصراحة في اكثر من حديث اعلامي ورفضت دعوته لها لحضور اجتماعه بالفنانين.. وهو ما تغير بنسبة 360درجة بعد ثورة 30 يونيو من خلال ارتياحها الشديد للرئيس السيسي ومقابلتها معه اثناء فترة ترشحه واشادتها الدائمة به واحترامها الشديد له ولوطنيته واخلاصه وحبه لبلده ولشعبه وهذا الحماس هو ما جعلها تتنازل وتشارك في الاستفتاء على الدستور وفي انتخابات الرئاسة واكدت انها اعطت صوتها للسيسي 

ونعود الى عودتها لمصر عام 1971 بعد غياب 5 سنوات كاملة.. لنرى انها بمجرد عودتها سعى اليها المنتج الكبير رمسيس نجيب ووقع معها عقد بطولة اول فيلم تقدمه بعد العودة وافقت فهي قدمت معه من قبل سلسلة من الافلام الرائعة وطلب منها ان تختار الفيلم الذي تريده فطلبت منه ان تكون رواية احسان عبدالقدوس الخيط الرفيع هي اول فيلم لها بعد عودتها لانها معجبة بشدة بالرواية منذ صدورها واشترى المنتج القصة من احسان وبدأت التحضيرات للفيلم لكن فجأة ظهر المنتج صبحي فرحات واكد انه صاحب القصة وسبق ان اشتراها من احسان وان سعاد حسني سوف تقوم ببطولة الفيلم وكاد الامر يصل الى القضايا والمحاكم.. واكد احسان ان فرحات اشترى القصة منذ اكثر من 5سنوات ولم ينفذها ومن حقه ان يبيعها ويفسخ اتفاقه معه.. وهنا تدخلت سعاد حسني وحسمت الامر واعلنت انها تتنازل عن القصة والفيلم احتراماً لفاتن حمامة وتقديراً لها ورفضت اقتراح المنتج صبحي فرحات بالسفر الى بيروت وتنفيذ الفيلم هناك 

ولفاتن حمامة غرام خاص بالروايات الادبية التي يتم تحويلها الى افلام سينمائية فقد قرات رواية الحرام ليوسف ادريس في ليلة واحدة وفي اليوم التالي وافقت على تحويلها لفيلم سينمائي وعندما تحمست لتقديم فيلم امبراطورية ميم عن رواية قصيرة لاحسان عبدالقدوس كان البطل رجلاً وطلبت من احسان ان يحول البطل الى امرأة وان يكتب حوار الفيلم بنفسه وتمنت ان تقدم فيلما عن رواية لنجيب محفوظ ولم يحدث ذلك طوال مشوارها الفني 

وما قد لا يعرفه الكثيرون ان الكاتب الكبير الراحل اسامة انور عكاشة كان يريد تكرار تجربته التلفزيونية معها بعد مسلسل ضمير ابلة حكمت وعرض عليها مسلسل امرأة من زمن الحب لكنها اعتذرت عن المسلسل لتقوم ببطولته سميرة احمد وايضا كان هناك مشروع فيلم عرضه عليها السيناريست الشاب خالد دياب وعرض عليها المعالجة الدرامية للفيلم فوافقت عليها خلال اتصال تليفوني وكانت القصة انسانية تدور حول رجل وامرأة في مثل عمرها وطلبت بعض التعديلات والتفاصيل في المعالجة واستمرت النقاشات بينها وبين خالد دياب وكاد المشروع يخرج للنور وتعود فاتن لشاشة السينما وكان هذا في نهايات عام 2010 لكن قيام ثورة يناير وعانت بعدها من الم جعل المشروع كله يتأجل ولم يتم 

ولا اجد ما اختم به هذا الموضوع عن هذه الفنانة والنجمة الاسطورية سوى كلماتها هي التي قالتها في سطورفي مقال نادر كتبته في جريدة الجيل ونشر عام 1953 وكان بعنوان قيراط حظ قالت فاتن: انها لا تؤمن كثيراً بما يقوله البعض من ان النجاح لا يأتي الا بالجهد والاجتهاد والجدية والعمل الدؤوب .. بل تؤمن وبشكل كبير بالراي الذي يقوله آخرون بان الحظ الجيد هو الذي بيده كل شيء والانسان المحظوظ وصاحب البخت الجيد هو من يحقق النجاح اكثر وان الحظ يتدخل كثيرا في حياتنا يرفع اناساً يذل اناساً آخرين.. واستشهدت على هذه القناعات وعلى ما تؤمن به بقصتين من واقع الحياة لعب الحظ فيهما دور البطولة.. ولا شك ان ما قالته يؤكد على مساحة هائلة من التواضع الذي هو سمة العظماء دائماً.

الجريدة الكويتية في

02.02.2015

 
 

غياب النجوم عن حفل تكريم فاتن حمامة بالهناجر «الأوبرا»

إيناس عبد الله

أقامت الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما، الأربعاء، حفل تكريم لاسم سيدة الشاشة العربية الفنانة الراحلة فاتن حمامة، بمركز الهناجر للفنون بدار الأوبرا، وسط حضور ضعيف من النجوم.

وحضر الحفل، الفنان محمود ياسين، وأشرف عبد الغفور، نقيب المهن التمثيلية، الذي أكد أنه تمسك بعدم إقامة عزاء للفنانة الراحلة احترامًا لوصيتها واستبدل ذلك بعقد عدد من الندوات واللقاءات.

كما حضر الفنان سامح الصريطي، وكيل نقابة الممثلين، والكاتب محفوظ عبد الرحمن، والفنانة سميره عبد العزيز، ومنال سلامه، ومدير التصوير رمسيس مرزوق.

وغاب عن حفل تكريم اسم سيدة الشاشة العربية، معظم النجوم الذين تم دعوتهم لحضور الحفل، وهم «لبلبة، وإلهام شاهين، ويسرا، وليلى علوي، وحسن يوسف، والمخرج داود عبد السيد، والمخرجة أنعام محمد علي، والمخرج عمر عبد العزيز، والمخرج عادل الأعصر، والدكتور سعيد شيمي، وغادة عادل، ونيللي كريم، وسوسن بدر، وصابرين، ومادلين طبر، وعلا غانم، وهشام سليم، وسمير صبري، وهبة مجدي، ونشوة مصطفى، ولقاء سويدان».

فيما أعتذر عن الحضور الفنانين طلعت زكريا، وهاله صدقي، وسامح حسين.

الشروق المصرية في

04.02.2015

 
 

شارك بحفل نظمته الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما وسط غياب عائلتها

نقيب الفنانين يطالب بحفل تأبين يليق بـ"فاتن حمامة"

أحمد عدلي

طالب نقيب الفنانين أشرف عبد الغفور بإقامة حفل تأبين لسيدة الشاشة العربية الفنانة فاتن حمامة يليق بمسيرتها السينمائية وذلك خلال كلمته بحفل التأبين الذي أقامته الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما، وسط غياب عائلتها.

القاهرةطالب نقيب الممثلين الفنان أشرف عبد الغفور بإقامة حفل تأبين رسمي يليق بالفنانة الراحلة فاتن حمامة خاصةً وأن وصيتها تضمنت عدم إقامة عزاء لها مشيراً لضرورة أن تقوم المؤسسات الفنية بالإحتفاء بالراحلة بالشكل الذي يليق بمسيرتها الفنية وما قدمته في السينما المصرية على مدر أكثر من 75 عاماً. وذلك خلال حفل التأبين الذي أقامته جمعية كتاب ونقاد السينما بمشاركة عدد من الفنانين أصدقاء الراحلة من بينهم محمود ياسين، وسميرة عبد العزيز، حيث تم عرض مجموعة من أفيشات أفلامها السينمائية الشهيرة مثل "أرض السلام"، "صراع في الوادي"، "إرحم دموعي" فضلاً عن لقطات مصورة لتكريمها في مهرجان الإسكندرية السينمائي عام 2001.

وتحدثت الفنانة سميرة عبد العزيز خلال الحفل عن علاقاتها بالفنانة الراحلة على مدار أكثر من 18 عام وكيف تحولت مشاركتها معها في مسلسل "ضمير أبلة حكمت" لصداقة استمرت حتى وفاتها، مؤكدة على أن "حمامة" كانت إنسانة رائعة.

وتحدث الفنان محمود ياسين عن علاقته بالفنانة الراحلة ومشاركته لها في 3 أفلام سينمائية وعملين إذاعيين مشيراً لأنه تعلم منها الكثير، فيما قال الناقد الأمير أباظة أن الحفل الذي تقيمه الجمعية لتكريم اسم الراحلة وليس لتأبينها لكون أعمالها ستظل باقية مع الجمهور خاصة وأنها قدمت 101 فيلم سينمائي بمسيرتها الفنية.

هذا وتسلمت الفنانة سميرة عبد العزيز درع الجمعية نيابة عن أسرة الراحلة التي لم يحضر منها أحد في هذا الحفل، فيما تحدث عدد من صناع السينما منهم مدير التصوير رمسيس مرزوق والفنانة منال سلامة.

إيلاف في

05.02.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)