كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

الفائز بأوسكار أفضل مخرج وصاحب أفضل فيلم قال في حوار خاص مع {الشرق الأوسط} إن أفلامه ليست متشابهة

إيناريتو: كتبت «بيردمان» في سطر واحد ثم عانيت لتحويله إلى فيلم

لوس أنجليس: محمد رُضا

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم (أوسكار)

   
 
 
 
 

وفقا لتوقعات كثير من النقاد نال فيلم «بيردمان» جائزة أفضل فيلم في حفل جوائز الأوسكار، الذي نظم الأحد الماضي، وفاز مخرجه أليخاندرو غونزاليز إيناريتو بجائزة أفضل مخرج.

ويعترف إيناريتو في حوار مع «الشرق الأوسط» أن فيلمه هذا يلمس جانبا شخصيا، كما كشف عن أن الممثل مايكل كيتون، بطل الفيلم، رفض الدور حين عرض عليه أول مرة.

وفيلم «بيردمان»، الذي يصور حالة شخص يده على الحافة خوفا من السقوط، بدأ بخاطرة في بال المخرج، ويقول إيناريتو: «وضعت الفكرة على الورق لكنني عانيت كثيرا في مرحلة تحويلها إلى فيلم. مع ذلك كلما كتبتها منتقلا في مراحل الكتابة المختلفة زدت اقتناعا بها».

وينفي إيناريتو أن تكون أفلامه متشابهة، لكنه يقر بأنه يمنح موضوع «الموت» اهتماما خاصا، ويوضح «ثيمة الموت شغلتني.. الموت ليس نهاية الأشياء كما نتوقع. هو استكمال لها.. والموت حاضر في بيردمان».

·        قرأت لك أنك تأثرت كثيرا بفيلم «إكيرو» لكوريساوا.. لكن هل هو نوع من التأثير الذي يبقى في طي الإعجاب أو أنه تسلل بالفعل إلى أعمالك؟

ـــ كيف ترى؟

·        هذا هو سؤالي تحديدا. أعمالك معقّدة في أسلوب سردها وأسلوب تنفيذها كميزانين.

* لكن فيلم «إكيرو» معقد أيضا. بسيط الظاهر لكنه معقد. إذا ما كنت تذكر يموت بطل ذلك الفيلم بعد ساعة ونصف من الفيلم، لكن المخرج لا ينهي فيلمه هنا. ما زال لديه أكثر من نصف ساعة من الحكاية ليرويها تتعامل ورفاقه في المكتب وتصوغ لنا صورة إضافية للرجل الراحل. هذا، تطبيقيا، ليس سهلا على المخرج أن يحققه وأن يحققه من دون أن يخسر الفيلم أي شيء من قيمته.

·        ذلك الفيلم هو عن الموت أيضا وأفلامك السابقة لـ«بيردمان» هي أيضا عن الموت.

- هذه «ثيمة» أخرى شغلتني ليس بالضرورة من ذلك الفيلم وحده، لكن ذلك الفيلم هو أحد أهم الأعمال التي تعاملت مع الموت بالمناسبة. الموت ليس نهاية الأشياء كما نتوقع. هو استكمال لها. في ظرف معيّن قد تقع حادثة تربط بين مصائر ناس لم تكن تعرف بعضها البعض. أكثر من ذلك، قد لا تكوّن الحادثة معرفة لكنها ستؤثر في كل منهم. هذه الناحية شغلتني، كما لا بد تعلم، في أفلامي الأولى وأردت التعبير عنها في سيناريوهات مختلفة. كان الفيلم الأول محليا والثاني انتقلت به إلى أميركا والثالث كوكبيا. لكن دعني أضيف، أن الموت حاضر أيضا في «بيردمان»..

·        تقصد حين يستخدم بطل الفيلم مسدّسا محشوا ويسقط صريعا.

- نعم. لكن بالطبع الموت مجازي بدوره. تستطيع أن تقرأ أن موت ريغان بدأ وهو لا يزال حيّا.

·        تقصد كممثل سابق يحاول العودة إلى مجده.

- تماما.

·        هل أفلامك السابقة متشابهة في بنائها وأسلوب سردها دراميا؟ أم أن هناك ما لا نعرفه عن كيفية صياغة كل منها؟

- هذا سؤال مهم لأنه في بال الكثيرين أن أفلامي متشابهة في الطريقة التي تكتب بها والطريقة التي تصوّر بها. لكن هذا ليس صحيحا. دائما ما أناشد السائل أن يتذكر أن «حب كلبي» عن حادثة سيارة و3 قصص تتفرع منها. «21 غراما» عن حادثة سيارة لكن ما يخرج منها قصّة واحدة متعددة الشخصيات.

·        ماذا عن «بابل» إذن؟

- هناك تلك الحادثة، لكن الفواصل بين من تعرّض لها وبين الشخصيات الأخرى شاسعة.

·        لماذا اخترت المغرب لتصوير جزء من الأحداث هناك؟

- السيناريو تطلّب أن تقع الحادثة في المغرب وكنت سعيدا أنني عرفت ذلك البلد وشخصياته وثقافته. في الأساس لماذا علي أن أصوّر في مكان آخر طالما أن الظروف ملائمة للتصوير في مكان الحدث؟ ثانيا هناك التضاريس وفي اعتقادي أن الناس تنتمي إلى تضاريس بلادها، تماما كالنباتات.

·        هذا ما أقوله دائما. لكن قد تختلف القصص وكيفية تعدد الشخصيات أو التقائها حول كل حادثة، لكن تبقى الحادثة هي نقطة انطلاقك. هذا مختلف تماما عما يحدث في «بيردمان».

- «بيردمان» هو فيلم من نوع مختلف في هذا الشأن. بعد «بابل» شعرت بأني استنفدت ما أريد التعبير عنه بتلك الوسيلة المركّبة. ليس أنني لم أؤمن بها وليس مطلقا أنني لن أعود إليها. إنها نتيجة تفكيري أو بالأحرى فضولي حول الناس. ما يحدث لهذا الشخص في لحظة واحدة غير متوقعة ما يختلف عما يحدث لشخص آخر في اللحظة ذاتها. لكن كفى عن ذلك الموضوع. أعتقد أني تكلمت عنه كفاية.

·        «بيردمان» يبدو لي فكرة رائعة وفريدة: تصوير حالة شخص يده على الحافة خوفا من السقوط. كل هذا بسبب خاطرة في بالك ربما كتبت من سطر واحد كما فعل أكيرا كوروساوا..

- (يضحك) نعم وضعت الفكرة على الورق لكني عانيت كثيرا في مرحلة تحويلها إلى فيلم. لكن كلما كتبتها منتقلا في مراحل الكتابة المختلفة كلما زدت اقتناعا بها. عندما انتهيت أدركت أنني أمام مشروع عمل يتناول حياة الممثلين وحياة السينما والفن وربما شيئا من إحباطاتي الداخلية. أنا أيضا، مثل ريغان (اسم الشخصية التي يؤديها مايكل كيتون) أشعر بأنني أطمح إلى الكثير مما أود تقديمه والذي ربما ليس في قدرتي القيام به.

·        لحظة رجاء. حين تقول إحباطاتك.. متى وقعت وهل يعني ذلك أن الفيلم عنك وليس عن بطلك؟

- ليس تماما. الكتابة تعبّر عن وجهة نظري وقليل من إحباطاتي الشخصية كما ذكرت، لكن القصّة ذاتها هي ملك الشخصية التي يؤديها مايكل كيتون. هذا شيء مختلف عن ذاك.

·        متى عرضت الدور على مايكل كيتون. ولماذا مايكل كيتون؟

- لأنه لا يخفى أنه الأنسب للدور. ممثل لعب شخصية السوبرهيرو وهي حققت له شهرة كبيرة، لكن من بعدها وجد نفسه في لولب هابط. عرضت عليه الدور باكرا. رفضه بأدب.. حسنا ليس بأدب لكنه رفضه. قال لي: «هل (شتيمة) تمزح معي؟».

·        سمعت عن ردّ فعله لكن كيف أقنعته؟

- حالما عرف مقصدي. اقتنع سريعا.

·        ما مقصدك؟

- طبعا كما تعلم هو خاض هذه الرحلة من القمّة إلى ما دونها رغم أنه بقي ماثلا. كيتون يبقى فنانا معروفا وهذا الفيلم لا يعيد تقديمه، بل يبني على قدراته على نحو أوسع. مقصدي كان أن هذه الشخصية تتطلب ممثلا يستطيع تقديم الدراما ويستطيع تقديم الكوميديا على نحو متساو.

·        دور صعب.

- بالتأكيد، لكن حال سماعه لشرحي له وافق على الفور. كان يعلم ما أقصده وكان يعلم أنها فرصة جيّدة لتقديم شيء هو جزئيا مختلف وجزئيا متكامل مع تاريخه.

·        هناك مواعيد أخرى لك لكني أريد أن أسألك عن تلك المشاهد الصعبة التي قمت ومدير تصويرك إيمانويل لوبيزكي بتصويرها.

- عادة ما أنطلق بفكرة صعبة التنفيذ ثم أتعرّض بعد ذلك لوجع رأس مزمن مصدره كيف يمكن أن أنفّذ ما أنشد تنفيذه بالطريقة التي أريد. هذا الفيلم لم يكن مختلفا في ذلك على الإطلاق. لكن بدايته هي لقاءاتي المتعددة مع شيفو (الاسم المتداول لمدير التصوير)..

·        (مقاطعا) قرأت أنه عندما سمع فكرتك تمنّى ألا تطلب منه العمل عليها.

- (يضحك) أصدق ذلك. اجتمعنا ودرسنا ما في بالي والخطوة الثانية كانت الانتقال إلى الاستوديو وبناء صرح يشبه الجزء الخفي لكل مسرح نيويوركي كبير. هنا كانت بداية المصاعب. كان علينا التأكد من المساحات الفاصلة بين الجدران أو كم سيكون هذا السلم ضيقا أو تلك الغرفة. كيف سنصوّر وبأي كاميرا وبأي عدسة. بعض العمل الشاق كان لأجل تصوير لقطة واحدة فقط يتم فيها استخدام جملة حوار واحدة. كان علينا دراسة الضوء. ومرّت أسابيع كثيرة ونحن ندرس ونبني المكان على هدى دراستنا. ثم بعد ذلك بدأنا استخدام ممثلين بدلاء (Stand ins) قبل أن نبدأ تمارين التصوير مع الممثلين الحقيقيين جميعا. كثير من الجهد فعلا.

·        اللقطات الطويلة بصعوبة تنفيذها كانت تعبيرا عن..

- تعبيرا عن رغبتي في أن أكون صادقا في عرض هذه القصّة وعرض من يقوم بتأديتها. عليك أن تكون صادقا للمكان. في بعض الأفلام القديمة كان الاستوديو لا يهتم للمساحات الضيّقة. كل شيء كبير وعريض خصوصا في الأفلام الموسيقية. ربما كان لها ضروراتها، لكنها كانت خيالا أكثر منها واقعا.

محطات للمخرج

* عندما كان المخرج أليخاندرو غونزاليز إيناريتو، الذي فاز قبل أيام بجائزتي أوسكار رئيسيتين (أفضل فيلم وأفضل مخرج) في التاسعة عشر من عمره، شاهد «إيكيرو» الفيلم الذي حققه المخرج الياباني الكبير أكيرا كوروساوا سنة 1952. على عكس الكثير من أعمال كوروساوا اللاحقة، انتمى الفيلم المذكور إلى فئة الأفلام ذات الموضوع المحدود والتكوين البسيط. كان كوروساوا كتب سطرا واحدا قبل السيناريو والتزم به طوال العمل. كتب «قصة حول رجل لديه 75 يوما ليعيش». بالنسبة لإيناريتو كان الفيلم اكتشافا. قال لمجلة تصدرها «جمعية المخرجين الأميركية» في لوس أنجليس: «تبدو القصّة بسيطة ومتوقعة في البداية، لكن كوروساوا يقوم بحركة عبقرية: يحوّلها إلى فيلم يكسر التوقعات ويجعل منها عملا كثيف العقدة».

إذ يعود هذا الحديث إلى البال حين أجلس إليه قبل أشهر قليلة عندما عرض فيلمه الفائز في مهرجان فينسيا السينمائي، أحاول أن أدرك أين وجه المقارنة بين بساطة كوروساوا المعقدة في «إكيرا» وأي من أفلام صانع «بيردمان» و4 أفلام روائية طويلة سابقة، ليس من بينها ما ينضح بالبساطة لا لذاتها ولا للكشف عن تعقيداتها الداخلية. «بيردمان» (الذي حاز على جائزة أفضل فيلم من «جمعية المراسلين الأجانب في هوليوود» قبل استحواذه أوسكاراته) قد يكون أعقد فيلم لناحية تصويره أقدمت عليه السينما الأميركية في العام الماضي، على الأقل. لكن موضوعه هو أيضا معقّد: كيف يمكن لممثل كان نجما أن يعود إلى العناوين الكبيرة من جديد و- الأهم - لماذا. أفلام إيناريتو السابقة ليست بدورها بسيطة، بدءا من «حب كلبي» فيلمه المكسيكي الطويل الوحيد، الذي حققه سنة 2000. فيلم من 150 دقيقة (زائد 5 دقائق من العناوين) حول حادثة سيارة وما يتشرب منها من مواقف كاشفة عن كل شخصية تعرضت لها أو مرّت بها. الحكايات تبتعد في اتجاهات شتّى لكنها تتلاقى في نهاية الأمر ولكي يستطيع مخرج أن يقنع مشاهديه أن هذه هي الطريقة الأنجع لسرد حكاية متشابكة فإن عليه أن يكون واثقا من قدراته. إيناريتو كان منذ ذلك الفيلم الأول له واثقا مما يقوم به.

حين انتقل إلى الولايات المتحدة استثمر نجاحه في الطريقة التي صاغ فيها «حب كلبي» لينجز فيلما متشابكا آخر هو «21 غراما» سنة 2003: هنا حادثة أخرى تتوزع حولها الشخصيات التي تعاني منها: شون بن، ناوومي ووتس، داني هيوستون، بينثيو دل تورو وشارلوت غينسبورغ.

«بابل» (2006) شغل على المنحى ذاته، إنما على لوحة متمادية. هذه المرّة العلاقة التي تجمع بين الشخصيات ليست ناتجة كلها عن حادثة واحدة. في واقعه الفيلم 3 أفلام في عمل واحد: الأولى عن رحلة سياحية لأميركي (براد بت) وزوجته (كايت بلانشيت) في المغرب تتعرّض فيها الزوجة لإصابة من بندقية كان يتسلّى بها ولد قاصر كان حصل على البندقية من دون إذن والده الذي كان ابتاعها من مغربي آخر وهذا كان قد حصل عليها هدية من رجل أعمال ياباني ثري بعدما انتهت زيارته في المغرب وقرر العودة إلى بلاده.

في بيته الأميركي تقرر الخادمة المكسيكية أخذ عطلة، خلال غياب سيّدها، لزيارة ابنها في المكسيك علما بأنها لا تحمل إقامة تتيح لها العودة من هناك. الرحلة تبدأ عفوية وفرحة، لكنها تنتهي إلى مأساة.

ثم هنالك في اليابان حكاية ثالثة هي تلك التي تقع في بيت ذلك الثري (كوجي ياكوشو في الدور). لقد ماتت زوجته منتحرة. والآن تعيش أبنته شيكو (رينكو كيكوشي) وحيدة على مستويين: صلتها بأبيها مقطوعة عمليا كونه دائم العمل والسفر، وصلتها بالعالم المحيط معدومة كونها صماء وبكماء. ما زلنا نبحث عن كيف يمكن لفيلم بسيط التكوين (وعميق المفاد) مثل «إكيرو» أن يؤثر في المخرج المكسيكي بنى صرحه على حكايات متداخلة على رقعة اتسعت عبر أفلامه الثلاث الأولى كما يتضح.

الفيلم الرابع كان «بيوتيفول» والكلمة تعني جميل لكنها مكتوبة إنجليزيا، وعن قصد، خطأ (Biutiful): فيلم صغير الميزانية صوّره، سنة 2010. في إسبانيا وتناول فيه حدثا واحدا من دون الخروج منه ليتابع حكايات عدّة. خافييه باردم هو إنسان طيّب في شبكة علاقات مريبة يحدوه خطر الموت من دون أن يراه أو يدرك مصدره. هذا ما يصل بنا إلى فيلمه الخامس (والأخير إلى الآن) الذي هو أيضا مختلف عن أعماله الثلاثة الأولى لناحية حكايته وشخصياته ومختلف عنها جميعا في أن معظم أحداثها يقع في الداخل والداخل ليس سوى الحجرات والسلالم والممرات الضيّقة التي بنيت في الاستوديو لتشابه مبنى مسرحيا. هناك مشهدان أو 3 تقع خارجيا ومشهدان للصالة ذاتها، لكن الباقي يدور بين جوانب الجزء الخلفي غير المنظور لروّاد المسرح.

لكن السؤال ما زال محقا: كيف صاغ فيلم كوروساوا سينما إيناريتو؟

في فندق يقع فوق جزيرة صغيرة من جزر فينسيا (يحتل الفندق الجزيرة بكاملها) جلسنا لنصف ساعة نتداول هذا الأمر. كان «بيردمان» ما زال جديدا. كل الآفاق مفتوحة أمامه بما في ذلك خروجه من مسابقة المهرجان الإيطالي. لاحقا ما مرّت لجنة التحكيم، التي قادها الموسيقار ألكسندر دسبلا، على الفيلم مرور كرام غير عادي. الجائزة الأولى ذهبت للفيلم السويدي، النرويجي «حمامة جلست على غصن شجرة تفكر في الوجود» لروي أندرسون. الثانية للفيلم الروسي «ليالي ساعي البريد البيضاء» لأندريه كونتشالوفسكي.

كلاهما يستحق، لكن كذلك «بيردمان». الإيهام بأن السياسة تأتي قبل الفن دفع بفيلم لا يستحق هو «نظرة صمت» لجوشوا أوبنهايمر ليستحوذ آخر جائزة كان يمكن لفيلم إيناريتو الاستحواذ عليها وهي جائزة لجنة التحكيم الخاصّة. أما مايكل كيتون، بطل «بيردمان» فقد خسر حيال ممثل من الصف الثاني (دراميا كما فنيا) وهو أدام درايفر عن فيلم ركيك عنوانه «قلوب جائعة» (إخراج للإيطالي سافيريو كوزتانزو).

الشرق الأوسط في

24.02.2015

 
 

حين نتكلم عن الأوسكار

زياد عبدالله

سقط "القناص الأميركي" صفر اليدين، ولم يلتفت الأوسكاريون فجر أمس إلى خطابات لوثر كينغ ومسيره الطويل في "سيلما"، ولا لعزف أندرو الدامي على الدرامز في "ويبلاش"، بل إلى معلمه فلتشر والمونتاج ومزج الصوت، وجاءت أوسكارات الأزياء والمكياج والموسيقى من نصيب "فندق بودابست الكبير"، بينما مضى "نظرية كل شيء" نحو أوسكار أفضل ممثل، و"لعبة المحاكاة" إلى أفضل سيناريو مقتبس.

تلك هي الأفلام التي تنافست على جائزة أوسكار أفضل فيلم، التي استقرت على "الرجل الطير" الدامغ. وقد خاض مخرجه أليخاندرو غونزاليس إيناريتو خلاله تجربة سينمائية أصيلة، لم يكن لها من منافس في هذا السياق سوى فيلم ريتشارد لينكلاتر "صبا"، الذي خرج فقط بأوسكار أفضل ممثلة في دور مساعد للممثلة باتريشيا أركيت.

في النهاية، حصد "الرجل الطير" أربعة أوسكارات، لثلاثة منها أن تتمحور حول إيناريتو بالذات؛ أي أوسكار أفضل فيلم وإخراج وسيناريو، وأوسكار رابع لمدير التصوير الشهير إيمانويل لوبيزكي، الذي فاز العام الماضي بأوسكار التصوير عن فيلم "جاذبية"، وقد سبق لإيناريتو عام 2007 أن خرج فيلمه "بابل" خالي الوفاض إلا من أوسكار أفضل موسيقى من بين سبعة ترشيحات.

إنها أوسكارات مستحقة للمهاجر المكسيكي، وهو القادر على إبهارنا بما يقترفه من تجارب سينمائية. وليس حصول "الرجل الطير" على الأوسكارات الأربعة إلا مكافأة للانشغال بالشكل والانحياز للتجريب، ولقطة واحدة تجري صياغتها بحنكة.

"تحوّل جسد ريدمان في "نظرية كل شيء" إلى كومة لحم وعظم متكومة على كرسي متحرك"

لم يحقق "الرجل الطير" ما حققه "تيتانك" (1997) أو "سيد الخواتم" (2003) وقد فازا بـ 11 أوسكار، فهو لم يقترب من جوائز التمثيل أو الأوسكارت الأخرى، ليكون أوسكار أفضل ممثل من نصيب إيدي ريدمان وقد جسّد شخصية ستيفن هوكينغ في "نظرية كل شيء".

فازت صياغة الشخصية فيزيولوجياً أولاً، وجسد ريدمان يتحوّل إلى كومة لحم وعظم متكومة على كرسي متحرك، ومصاعب تجسيد شخصية مصابة بداء "التصلب الجانبي الضموري" ALS.

ليس كما هو الحال مع منافسه بنيديكت كامبرباتش في "لعبة المحاكاة"، حيث العبقرية السليمة جسدياً لكن المدانة لمثليتها، أو حتى ستيف كارل في "فوكس كاتشر" حيث الأداء السيكولوجي الذي يأتي من الأعماق وصراع الشخصية صراع نفسي.

ولعل هذا يصلح مع جوليان مور - سبق أن نالت ثلاثة ترشيحات في دورات سابقة - الفائزة بأوسكار أفضل ممثلة وهي تصارع "الزهايمر" في "ستيل أليس"، والتي إن كان من منافس لها فشاهدوا الرائعة ماريون كوتيار في فيلم الأخوين داردين "يومان وليلة"، لكن لسان حال أعضاء الأكاديمية يقول، ربما، سبق أن نالت أوسكار التمثيل عن تجسيدها شخصية إديث بياف في "لاموم" 2008!

في القفز إلى أوسكارات الدور الثاني، يمكن استعادة إدوارد نورتون في "الرجل الطير" الذي ما إن يدخل خشبة المسرح حتى يمسي حقيقياً، أو ذاك الأداء الهادئ لمارك رافلو في "فوكس كاتشر"، الذي يمضي به نحو مقتله، ربما يمكن الثناء على إيثان هوك وهو يكبر مع "صبا" أو "القاضي" روبرت دوفال، لكن جاي كي سيمونز - الفائز بأوسكار أفضل ممثل في دور ثان - عن دوره المدهش في "ويبلاش" هو كل الحكاية، سيعلو صراخه وجنونه وشتائمه إلى الحد الذي لا يمكن تجاهله أبداً.

بالعودة إلى "صبا"، فإن نيل باتريشيا أركيت أوسكار أفضل ممثلة في دور ثان، يجعلنا نستعيد دورها المفصلي في الفيلم، بما يغيب الأخريات، ومنهن القديرة ميريل ستريب.

يمكن مع أوسكار أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية فتح الباب على مصراعيه أمام الفرص التي كانت للأفلام المتنافسة وغير المتنافسة، كوننا نتحدث هنا عن ترشيح كل بلد في العالم لفيلم من إنتاجه ليستقر الأمر على ترشيح خمسة أفلام فاز منها فيلم البولوني باول باولكوسكي "إيدا".

وإيدا ليست إلا راهبة تربت في دير راهبات، ستكتشف عبر عمتها التي ستلتقيها للمرة الأولى بأنها يهودية وأن والديها وأخاها قد قتلوا؛ إلا أن كل اكتشافاتها لن تُغيّر فيها شيئاً في النهاية حتى مع انتحار عمتها.

الفيلم بالأبيض والأسود، ومصاغ بحنكة وإيقاع بطيء في وفاء للأسلوبية البولونية، ومن دون أن يكون فيلم المخرج الجورجي ظاظا أوروشادزي "يوسفي" في وارد منافسته، ولا حتى فيلم الموريتاني عبد الرحمن سيساكو "تمبكتو"، والذي له أن يمتلك فضيلة الإضاءة على ما حل في "تمبكتو" مع غزو المتطرفين لها. وما عدا ذلك، فمدعاة للتعامل معه بوصفه من "سينما العالم الثالث".

العربي الجديد اللندنية في

24.02.2015

 
 

جوائز الأوسكار تكشف عزلة أمريكية وعودة يهودية لـ «الغيتو»

لوس أنجليس – من أسامة صفار:

يقفز بطل فيلم «الرجل الطائر» من نافذة غرفته في المستشفى وتدخل ابنته فلا تجده.. تقترب من النافذة لتنظر مبتسمة إلى أعلى في إشارة إلى أن والدها توحد تماما مع الشخصية التي قدمها في سلسلة أفلام سابقة وحققت له نجاحا كبيرا ثم فشلا عظيما.

فقد اضطره الدور لإخفاء وجهه الحقيقي وارتداء قناع طائر بدلا منه بينما كانت السلسلة تدر الإيرادات وحاول الرجل الذي لم يعد مشهورا تماما العودة إلى الأضواء، لكنه بحاجة لمعجزة ما قد تكون هي ذلك الطيران من نافذة المستشفى وصولا إلى الأرض أو السماء طبقا لما يريد المشاهد أن يرى.

هذا الجنون الإبداعي في فيلم «الرجل الطائر» فاز بالجائزة الكبرى بالأوسكار التي تقدمها أكاديمية الفنون وعلوم السينما الأمريكية مضافا اليها 3 جوائر أخرى، ورغم التقييم النقدي الذي اعتبر الفيلم تحفة فنية، إلا أن الكثير من التردد كان ينتاب الكثيرين في فوزه بها، ذلك أن الأكاديمية الأمريكية لم تمنح يوما ما فيلما يناقش حياة ممثل جائزتها الكبرى وهو أمر لا يتعلق بموقف من التمثيل، ولكنه يقر بأن مشاكل الممثلين قد تكون نوعية وبالتالي يصعب على الجمهور التوحد معهم في صالات العرض.

ويبدو لمن يقرأ «الرجل الطائر» على هذا المستوى أن هوليوود تتجه للعزلة والإنكفاء على الذات باعتبارها مركز صناعة الصورة في العالم بما تعنيه تلك الصورة حاليا حيث هي بطل رئيسي لكل الأحداث الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والسياسية والسينمائية.

هذا الأمر انعكاس لذلك التمركز الذي تمارسه الولايات المتحدة حول ذاتها ويظهر ذلك بوضوح في فرض الإرادة الأمريكية على الأطراف العالمية كلها وبـ»معجزات» مخابراتية وسياسية أقرب للطيران من نافذة مستشفى.

فالدولة الأكبر في العالم تحقق أحلام ساستها دونما تردد ودون تصور بأن ما تفعله يؤدي إلى إسالة دماء لا تنتهي أو احتباس حراري قد يدمر الأرض ذاتها.. هي إذن العزلة والتمسك المجنون بالحلم الذي انتهت صلاحيته وفرض الإرادة حتى لو على حساب العقل والمنطق والضمير أحيانا.

وفي المقابل، فإن فيلم «القناص الأمريكي» فاز بجائزة واحدة عن ماكساج الصوت رغم توقعات عديدة بفوزه لكن قدرا من الكذب أقل مما طرحه حول « الآخر.. الشرير « كان يمكن أن يكسب، فرغم براعة المخرج العجوز كلينت ايستوود إلا أن اتهامات العنصرية لاحقت الفيلم ويبدو أن أغلب نقاد الأكاديمية الأمريكية قد اتفقوا على أن الكذب والزيف لا يحتملان أكثر من مجاملة حتى ولو كانت تمجيدا وتبريرا لقاتل أمريكي.

وكان فيلم «فندق بودابست الكبير» هو الوحيد الذي حصل على 4 تماثيل أيضا معادلا بذلك «الرجل الطائر» وإن لم يكن من بينها أوسكار أفضل فيلم.

لكن الفيلم الذي يعالج بخصوصية شديدة وكوميديا راقية وصورة رائعة تلك العلاقة الملتبسة بين الغرب والشرق، وتلك الصورة الذهنية المشوهة لدى الغربي عن الشرقي، اتخذ طابعا كوميديا، وهو أحد الموانع المهمة؛ حيث تتعالى جائزة الأوسكار عن منح الجائزة الكبرى لفيلم كوميدي، لكن المانع الأهم هنا هو تلك النبوءة التي يقوم عليها الفيلم، حيث يرث الهندي المسلم فندقا رائعا من صديق غربي مات فداء لما تميز به من مروءة ووفاء لصداقة قصيرة لكنها عميقة، وهي نبوءة كابوسية لنقاد غربيين من المخرج ويس أندرسون المتزوج من لبنانية والمعجب والعاشق للشرق.

وإذا كانت جائزة أفضل ممثل قد أثارت جدلا كبيرا بعد حصول الشاب ايدي ريدماين عليها عن فيلم «نظرية كل شيء»، فقد استحقت جوليان مور جائزتها عن فيلم «مازلت أليس» والذي يعالج أزمة العنف ضد النساء بشكل عميق وواع تماما لدرجة أنه يمكن قراءته على اعتبار أن قضيته الأساسية هي المحاولات المستمرة من قبل الأقوى لمحو ذاكرة وهوية الأضعف وإيهامه دائما بما يحقق عبوديته الدائمة.

ولم يحظ فيلم «سيلما» بأي جائزة، إلا أن الأكاديمية شاءت ألا يخرج دون تمثال فمنحت أغنيته الرائعة «المجد» جائزة أفضل أغنية أصلية لفيلم.

ووقع صانعو فيلم «سيلما» الذي يرصد جزءا من سيرة داعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ في خطيئة كبرى لا تقل عن خطيئة «القناص الأمريكي»، حيث أعاد كتابة تاريخ الرئيس الأمريكي الأسبق ليندون جونسون بشكل مغاير لما كان عليه ليخلق صراعا دراميا بينه وبين كينغ، رغم اتفاق الإثنين في الرأي ورغبتهما معا في منح السود حق التصويت في الانتخابات الأمريكية. لذلك خرج من الحفل دون تقدير حقيقي وهي عقوبة لا تقل عن عقوبة «القناص الأمريكي» على الزيف الذي ميزهما بشكل واضح.

وكان لا بد من تمجيد مخترع أول كمبيوتر في التاريخ وصاحب فكرة فك شفرة «إنيجما» الألمانية والتي كانت سببا حاسما في انتصار الحلفاء على المحور في الحرب العالمية الثانية، لذلك فاز فيلم «لعبة التقليد» بأوسكار أفضل كتابة سيناريو مقتبس.

وجاء فوز فيلم «أيدا» البولندي متوقعا تماما فلا أوسكار يخلو من الهولوكوست، ولكن القصة هذه المرة شديدة الحساسية، حيث تكتشف ايدا التي تربت في الدير وهي على وشك اداء طقوس الرهبنة أنها ابنة أسرة يهودية تعرضت للغدر أثناء هروبها من قوات الزعيم الألماني الراحل أدولف هتلر، وتبحث عن رفات عائلتها المغدورة وتقوم بدفنها في مدافن اليهود لتنتهي مهمتها وتعود إلى الدير، وبينما تبدأ طقوس الرهبنة فإنها تفر إلى بيت خالتها وترتدي ملابس مكشوفة وتشرب من خمر خالتها، وتبدأ في ممارسة طقوس خالتها التي حولها قتل عائلتها من قاضية إلى عاهرة.

وترفض إيدا إذن التخلي عن يهوديتها الموروثة وتستجيب لنداء جيني – في ما يبدو – داخل جسدها، وتؤكد بشكل نهائي أن اليهود لن يعيشوا إلا في غيتو حتى لو كانت الكنيسة مأوى وحماية لهم من التشرد والموت.

ليدي غاغا وجولي أندروز تقتنصان أهم لحظات الأوسكار على مواقع التواصل

لوس أنجليس – رويترز:

ظهر الممثل نيل باتريك هاريس مقدم حفل جوائز الأوسكار على المسرح بملابسه الداخلية ووزعت تماثيل للأوسكار مصنوعة من مكعبات «الليغو» على الحضور في الحفل، لكن اللحظة التي أثارت الحديث على مواقع التواصل الاجتماعي كانت عندما صعدت ليدي غاغا على خشبة المسرح لتغني مقتطفات من أغاني فيلم «ذا ساوند أوف ميوزيك».

ووفقا للأرقام التي نشرها موقع «فيسبوك» فقد سيطر حفل جوائز الأوسكار على مواقع التواصل الاجتماعي بمساهمة 21 مليون شخص بثمانية وخمسين مليون تفاعل عن الحفل على موقع «فيسبوك».

وغنت ليدي غاغا مقتطفات من أهم أغاني «ذا ساوند أوف ميوزيك» قبل أن تنضم لها الممثلة المخضرمة جولي أندروز بطلة الفيلم على المسرح احياء للذكرى الخمسين للفيلم. وقال «فيسبوك» إن 214 ألف شخص في الدقيقة كانوا يتحدثون عن هذه اللحظة على الموقع من جميع أنحاء العالم.

ووفقا لموقع «نيلسن سوشيال»، الذي يراقب التعليقات على موقع «تويتر» فان نحو 60 ألف تغريدة نشرت في الدقيقة التي أعقبت أداء ليدي غاغا وانضمام جولي أندروز لها لتصبح أكثر لحظة تم التغريد عنها خلال الحفل.

وشاهد نحو 13 مليون شخص 5.9 مليون تغريدة في الولايات المتحدة عن حفل الأوسكار.

وبشكل عام شهد حفل الأوسكار الذي بثته شبكة «إيه.بي.سي» على الهواء مباشرة تراجعا في المشاهدة بنسبة 16 في المئة مقارنة بالعام الماضي، حيث لم يشاهد حفل هذا العام في الولايات المتحدة سوى 36 مليون شخص.

«الزهايمر» جوليان مور وعادل إمام..

«أوسكار جوليان مور وعدالة العالم

مالك العثامنة:

أن تفوز جوليان مور بأوسكار، بالنسبة لي خطوة بناءة في تبديد عتمة الكون وخطوة أولى لتحقيق العدالة في هذا العالم.

طبعا بقيت لدينا خطوات كثيرة منها توقف الحروب وعودة كل لاجىء الى بيته والتوقف عن إنتاج ورق العنب في معلبات وإنقراض أحلام والتبرع بتوفيق عكاشة لمختبرات التجارب الكيميائية، وإحالة جامعة الدول العربية إلى متحف الآثار، وكثير من التفاصيل المسيئة للمشهد العام.

مبروك جوليان، وبصدق أنا أحب هذه الممثلة الصبورة والمتفانية جدا ومبروك لعشيرة المواورة هذا الفوز العظيم، ولا شك أن فيلمها الذي يعالج موضوع التعرض لمرض الزهايمر الخطير يستحق الفوز، كما المشاهدة وهو ما يذكرني بتلك المعالجة الساذجة للمرض ذاته في فيلم لعادل إمام حمل اسم «زهايمر» لا تخرج منه إلا بأمنية أن يصيب الزهايمر خلايا الدماغ التي احتفظت بشيء من هذا الانتاج السيء.

القدس العربي اللندنية في

25.02.2015

 
 

أكشن

ليلة الأوسكار

مارلين سلوم

هل أصيب الناس بهوس "العنصرية" فباتوا يبحثون عن دلائل تثبت وجودها في كل حدث مهما كان نوعه أو حجمه؟ هل كان الإنسان دائماً على هذه الحال يربط كل شيء في حياته بمحور "الاضطهاد" ويقيس الأمور من ميزان أنانيته وذاتيته بمعيار "من يحبني ومن يكرهني"، أم أن كثرة الاتجاه نحو التطرف بدأت تسيطر على العقول وتجعل للانحياز مكاناً في كل عرس؟ 

جوائز الأوسكار جاءت منطقية، أرضت الجميع وأسكتت الأفواه التي كانت تعترض عليها قبل ليلة إعلان النتائج، باعتبارها "عنصرية" هذا العام، وبأنها "بيضاء" زيادة عن اللزوم في إشارة إلى غياب النجوم أصحاب البشرة السمراء عن الترشيحات، وبالتالي غياب أعمالهم عن منصة الجوائز . وكأن هذه الصورة أصبحت ملازمة للأوسكار منذ سنين، ولم يكسر نمطيتها سوى قلة من النجوم والأعمال التي فرضت نفسها على أكاديمية العلوم والفنون السينمائية الأمريكية، كان آخرها فيلم "12 عام من العبودية" . وعملت وكالات الأنباء على إصدار "جردة حساب" للأكاديمية صباح إعلان النتائج، لتبين أن تاريخ الأوسكار كثير البياض فعلاً، حيث لم يكن للممثلين أصحاب البشرة السوداء نصيب سوى ب 31 جائزة من أصل 2900 فائز منذ عام 1987.

الممثل باتريك هاريس مشى في نفس الاتجاه أيضاً، واستغل تقديمه للحفل ليرسل إشارة إلى الأكاديمية بطريقة ساخرة قائلاً: "الليلة نكرّم أفضل العاملين في هوليوود وأكثرهم بياضاً" . لكن في النهاية، أرضت الجوائز الأغلبية مع فوز من استحق الفوز بجدارة، ولعل أكثر ما أثلج الصدور أن فيلم "القناص الأمريكي" خرج خالي الوفاض، فهدأ الغاضبون من الانحياز الهوليوودي للسياسة الأمريكية على حساب الفن أحياناً

من أهم النقاط أيضاً في "ليلة الأوسكار" هذا العام، أن جائزة أفضل فيلم وأفضل إخراج وسيناريو ذهبت لفيلم واحد وهو "بيردمان" Birdman ولشخص واحد هو أليخاندرو غونزاليس إينياريتو الذي أخرج وكتب بمساعدة آخرين هذا الفيلم المملوء بالنقد الذكي لعالم السينما والفن والاستعراض . فيلم من نوع الكوميديا السوداء والتي تختصر واقع أهل الفن بالمضحك المبكي . من المنطقي أن تذهب جائزة أفضل فيلم وأفضل إخراج لفيلم واحد، كما حصل هذه المرة، بينما كانت تتوزع سابقاً بشكل غير منطقي على أكثر من فيلم، فعلى أي أساس يتم تقديم جائزة "أفضل فيلم" لعمل من دون أن يستحق جائزة أفضل إخراج؟ ومن دون أن تستحق قصته والسيناريو أن يكونا الأفضل أيضاً؟ 

من توقعنا فوزه بالأوسكار وحصده عن جدارة هو الممثل البريطاني إيدي ريدماين الذي سبق أن حصل على جائزتي "غولدن غلوب" و"بافتا" كأفضل ممثل عن دوره في فيلم "نظرية كل شيء" . وقتها لم يصدق الشاب أنه استطاع أن ينافس كبار النجوم، فإذا به يخطف من أمامهم الأوسكار أيضاً ليفوز بالقمة . الدور قدم ريدماين ليكون في الصفوف الأولى بين المتنافسين، لأنه صعب والقصة حقيقية مؤثرة، عن أحد أبرز علماء الفيزياء النظرية في العالم البريطاني ستيفن هوكينج الذي تحدى الإعاقة (مرض التصلب اللويحي)، وهو لا يزال حياً ما تطلب من الممثل أن يبذل مجهوداً كبيراً في التمثيل وتقمص روح وشخصية هوكينج . هكذا فعل ريدماين، فاستحق الفوز "بالثلاثة" .

marlynsalloum@gmail.com

الخليج الإماراتية في

25.02.2015

 
 

Whiplash مارسا حب الموسيقى فانتشى الجمهور

المصدر: "دليل النهار" - جوزفين حبشي

رغم قصته البسيطة وغير المبتكرة (استاذ موسيقى يستعمل اساليب عنيفة لاخراج افضل ما عند طلابه) فيلم Whiplash (الفائز بثلاث جوائز اوسكار ليل 22 شباط 2015 مونتاج وميكساج وممثل مساعد) هو من دون شك من اجمل الافلام التي شاهدناها هذه السنة، سواء أكنا من عشاق موسيقى الجاز أم لا، لا فرق.

الفيلم ليس شريطاً عن الموسيقى فحسب، بل بحث عن الكمال ومعالجة نفسية لمرض العظمة تشحننا بكهرباء تسري في عروقنا كشحنة ادرينالين، لترفع نبضات قلوبنا مع كل ضربة طبلة، وتجعلنا نصفق مع كل قطرة عرق ملطخة بالدم تمتزج مع الايقاع، وصولاً الى المشهد الاخير الشبيه بممارسة حب موسيقي عنيف و"سادي- مازوشي" بين عازف مهووس ومايسترو مجنون، توصلنا الى نشوة فعلية عند انتهاء المعزوفة والفيلم في اللحظة عينها. عازف الجاز الموهوب هو الشاب ابن الـ 19 عاماً اندرو نيومن (مايلز تيلر) الذي لا ينتمي الى عائلة فنية، لكنه مقتنع بأنه سيكون خليفة ملك الطبلة بادي ريتش. اندرو يلتحق بأهم معهد موسيقي في مانهاتن، على أمل أن يلفت انتباه تيرينس فلتشر (ج.ك. سيمونز) مايسترو اوركسترا الجاز في المعهد الذي يبحث باستمرر عن مواهب استثنائية ليضمها الى فريقه. اندرو يلفت انتباه فلتشر، لكن انضمامه الى صفه يتحوّل سيفاً ذا حدّين. فلتشر ليس استاذاً عادياً يكتفي بأداءات جيدة. هو يبحث عن الكمال وعن موهبة خارقة. ومن اجل الوصول الى هدفه لا يتردد أبداً في أن يتحوّل "هتلر" الموسيقى و"بعبع" الطلاب، بإخضاعه إياهم إلى شتّى انواع العنف المعنوي والضغط النفسي والإذلال اللفظي والتجريح، إيماناً منه بأنها الطريقة الوحيدة لشحنهم بالغضب والإصرار الكفيلين جعلهم يتخطون طاقاتهم للوصول الى الابداع.

طريقته المخيفة هذه دفعت بأحد طلابه القدامى الى الجنون والانتحار، ويبدو أن اندرو مستعد لخوض التجربة نفسها. اندرو يريد ان يعيش طويلاً في ذاكرة العالم كله وأن يخلده التاريخ من خلال موسيقاه، لذلك يرفض ان يحيا فقط من خلال الناس الذين يعرفونه ويحبونه كإنسان (من اقوى الافكار التي يقدمها الفيلم من خلال مشهد عشاء العائلة). اندرو مصمم على التميّز الى درجة قطع كل شيء قد يحول دون تحقيق طموحه مثل الحب والصداقات. يسخّر نفسه بالروح والجسد من أجل أن يستحق مكانه في اوركسترا فلتشر، وأن يحقق حلم الحصول على لقب اعظم عازف طبلة في العالم. تمارين مرهقة، منافسات قاسية، ضغوط مذلة يصعب احتمالها، أداءات مذهلة، والأهم عزف مبهر لأجمل مقطوعات الجاز، مشحون بالتوتر والسحر الى درجة جعل المشاهدين جميعا، ومن دون استثناء، يصلون في المشهد الاخير تحديداً الى قمة الانفعال وهم يستمتعون بلحظات إثبات اندرو لموهبته الاستثنائية من خلال عزف "ادريناليني"، يثير القشعريرة في الجسد والخدر اللذيذ في الحواس، والنشاط في الاطراف والعيون، والخفقان في القلوب.

ابتكار فيلم Whiplashيعتمد كثيراً على مخرجه داميان شازيل الذي تحوّل "مايسترو" فعليا نجح في التحكم بكل خيوط شريطه وبرع في توزيعه أدوار آلاته السينمائية التي عزفت شريطاً استثنائياً بمعالجته المقنعة والمفعمة بالقوة والتوتر والانفعالات، وتصويره (مشاهد ضيقة، كاميرا على الكتف تتحرك بسرعة ذهاباً واياباً من آلة ووتر ونوطة واصابع مايسترو) وتقطيعه السريع والدينامي والايقاعي (اوسكار افضل مونتاج)، واداءاته المبللة بعرق الشغف ودم الالم. هذه العناصر مجتمعة ادخلتنا معركة حبكة حافلة بالتشويق والتوتر والمنافسة والتحديات والمفاجآت. شريط جدير فعلاً بالترشيحين الاوسكاريين كافضل فيلم وسيناريو مقتبس، وبالتماثيل الذهبية الثلاثة التي فاز بها، وابرزها أفضل ممثل مساعد للبارع وصاحب الحضور الطاغي والمغناطيسي ج. ك. سيمونز الذي يصعب علينا ان نركز على احد سواه أثناء مجرد وقوفه في أي مشهد، مع تجسيده المتقن لبورتريه مايسترو مصاب بجنون العظمة. هذا من دون أن نغفل الاشادة بالأداء المميّز الذي قدمه الممثل الشاب مايلز تيلر الذي اكتشفناه فيThe Spectacular Now. مايلز تيلر الذي يعزف الطبلة منذ الصغر، أثبت أنه ممثل موهوب، إذ جعلنا نعيش معه هوسه بالموسيقى التي تحوّلت حياته، من دونها لا يتنفّس، وكل ضربة عصا على طبلته تشبه خفقة من قلبه.

النهار اللبنانية في

25.02.2015

 
 

انتقادات للأوسكار لأنه: «الأكثر بياضاً»

المصدر: لوس أنجلوس - د.ب.أ

بدأ الممثل نيل باتريك هاريس، الذي قدم حفل أكاديمية العلوم والفنون السينمائية الأميركية حفل الأوسكار، أمس، بتوبيخ الأكاديمية على ترشيحاتها. وقال هاريس مازحاً «الليلة نكرم أفضل العاملين في هوليوود وأكثرهم بياضاً»، ثم قال «آسف أقصد ألمعهم».

وكانت هذه تبدو دعابة نوعاً ما، لكن على مدار حفلات الأوسكار التي بدأت منذ 87 عاماً، وفوز أكثر من 2900 مرشح، فإن 31 فناناً فقط من أصحاب البشرة السوداء هم من تمكنوا من الفوز.

وهذا العام لم تشمل قائمة الترشيحات أي مرشح من أقلية عرقية. كما أن جميع المرشحين لجائزة أوسكار أفضل مخرج كانوا رجالاً. ووصف النقاد أوسكار هذا العام بأنه «الأكثر بياضاً» منذ أعوام، كما دعوا المواطنين لمقاطعة الأوسكار للمطالبة بمزيد من التنوع في هوليوود.

يذكر أن المخرج الأميركي من أصل إفريقي ستيف ماكوين قد فاز العام الماضي بجائزة أوسكار أفضل مخرج عن فيلم «12 عاماً في العبودية»، الذي فاز بثلاث جوائز.

لكن الانتقادات اندلعت هذا العام عقب عدم ترشيح نجم فيلم «سيلما» ديفيد أويلو ومخرجته إيفا دوفيرناي لأى جوائز، لكن تم ترشيح الفيلم لجائزة أوسكار أفضل فيلم. وتسألت دوفيرناني في حوار مع برنامج «ديموكرسي ناو» عن سبب ترشيح الأفلام التي يصنعها أصحاب البشرة البيضاء، والتي تدور حولهم للاوسكار دون غيرهم.

وكانت دراسة أجرتها صحيفة لوس أنجلوس تايمز عام 2012، قد أظهرت أن أكاديمية العلوم والفنون السينمائية الأميركية، التي تمنح الأوسكار، يغلب عليها أصحاب البشرة البيضاء بنسبة 94%، والرجال بنسبة 77%، ونسبة 3% من أصحاب البشرة السوداء.

المكسيك تحتفي بلايناريتو ولوبزكي

المصدر: مكسيكو سيتي ـــ د.ب.أ

احتفلت المكسيك بحصول المخرج أليخاندرو جونزالس لايناريتو على جائزة الأوسكار لأفضل مخرج، بالإضافة إلى حصول مدير التصوير إيمانويل لوبزكي على جائزة الأوسكار لأفضل تصوير. وكتبت صحيفة «اليونيفرسال» المكسيكية اليومية، أول من أمس «ليلة مكسيكية». بينما كتبت صحيفة «لاجونادا» أن «ايناريتو ولوبزكي تألقا في الأوسكار».

ونال فيلم «بيردمان» أربع جوائز، مساء الأحد الماضي، في احتفالية الأوسكار بهوليوود، بما في ذلك حصوله على جائزة أفضل فيلم. وكانت جائزة ايناريتو كأفضل مخرج ثانٍ لمخرج مكسيكي، بعد حصول صديقه، ألفونسو كوارون، عليها العام الماضي، عن فيلمه «غرافتي».

ونال أيضا لوبزكي ثاني جائزة أوسكار له على التوالي بعد فوزه في العام الماضي بجائزة عن فيلم «غرافتي» أيضاً.

الإمارات اليوم في

25.02.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)