كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

«الشرق الأوسط» تدخل سباق الأوسكار 3:

إيدي ردماين يفوز على مايكل كيتون..

مبدئيًّا يجعل السباق صوب الأوسكار يتبلور على نحو مثير جدًّا

لندن: محمد رُضـا

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم (أوسكار)

   
 
 
 
 

في يومين متلاحقين أنجز فيلم أليخاندرو غونزاليز إيناريتو «بيردمان» نصرين مهمّـين: يوم السبت الماضي فاز بجائزة أفضل فيلم من جمعية منتجي أميركا Producers Guild of America (أو PGA) ويوم الأحد، بفارق 24 ساعة فقط، فاز ممثلوه بجائزة «جمعية ممثلي الشاشة» أو Screen Actors Guild (المعروفة بـSAG).

هذا الفوز يجعل السباق صوب الأوسكار يتبلور على نحو مثير جدا. فالجمعيّـتان معا تملكان عددا كبيرا من الأصوات داخل أكاديمية العلوم والفنون السينمائية، ما يجعل مسألة فوز الفيلم أو الممثل بواحد من الأوسكارات أمرا شديد الاحتمال. في الحقيقة ليس هناك ريب في هوليوود حول ما إذا كان «بيردمان»، المرشّـح لـ9 أوسكارات في 9 مجالات، سيفوز بأوسكار أو أكثر، بل بعددها.

للإيضاح، فإن عدد الممثلين المنضمين إلى «جمعية ممثلي الشاشة» يصل إلى نحو 120 ألف ممثل (بمن فيهم الكومبارس وممثلو مشاهد الخطر والبديلون (tunes) والممثلون المعروفون بذلك هو أكبر اتحاد ممثلين في العالم. وأكبر تجمّـع داخل أعضاء «أكاديمية العلوم والفنون السينمائية» مانحة الأوسكار إذ تبلغ نسبة الانتساب نحو 18.6 في المائة حاليا.

الجائزة التي فاز «بيردمان» بها تحديدا اسمها «جائزة أداء متميّـز لمجموعة ممثلين في فيلم سينمائي» وهذا يخلق مناسبة للحديث عن طبيعة هذه الجائزة. ففيلم غونزاليز ليس من بطولة جماعية، ولا الأدوار متساوية، كما حال فيلم «بويهود» الذي نافسه في هذه الجائزة وفي سواها، بل هو من قيادة مايكل كيتون بينما تتوزّع الأدوار الأخرى مساوية. ليس أن هذا ينتزع حق الجمعية في الاحتفاء بكل ممثليه معا، لكنه يبدو أمرا على قدر من الغرابة.

الأفلام الأخرى التي تم إدراجها تحت هذا السباق هي «ذا غراند بودابست هوتيل» الذي يحفل بعدد كبير آخر من الممثلين بينهم ف. موراي أبراهام وهارفي كايتل وجود لو وبل موراي وإدوارد نورتون ووليم دافو وتوم ولكنسون واندريان برودي وتيلدا سوينتون، لكن بطولته عمليا هي لممثل واحد هو راف فاينز.

سنوات الأمس

أغرب من ذلك حال «لعبة المحاكاة»، ففي صلب هذا الفيلم السيرة الذاتية لعالم الحسابات وحلاّل الشيفرات المستعصية ألان تورينغ كما قام به بندكت كمبرباتش، لكنه اندرج كذلك في مسابقة التمثيل الجماعي مثله في ذلك مثل «نظرية كل شيء» الذي يدور حول عالم الفيزياء والفضائيات ستيفن هوكين كما لعبه إيدي ردماين وحول زوجته جين (فيليسيتي جونز) التي أحبّـته رغم كونه معاقا.

الفيلم الوحيد الذي لا بطولة منفردة أو ثنائية فيه هو «بويهود» كما تقدّم وهذا خرج بجائزة واحد هي جائزة أفضل تمثيل نسائي مساند التي ذهبت إلى باتريشا أركيت.

باقي الجوائز توزّعت على ج. ك. سيمونز (أفضل ممثل مساند عن «السوط») وجوليان مور (أفضل ممثلة في دور رئيس عن «لا زلت أليس») وإيدي ردماين عن «نظرية كل شيء».

جائزة الجمعية التي أقيمت في دورتها الـ21 مهمّـة للأوسكار لأن آراء غالبية الممثلين المنضمين إليها تبقى ذاتها حين التصويت لجوائز الأوسكار كما نلاحظ حتى ولو اكتفينا بالعامين الماضيين من جوائزها.

ففي العام 2013 ذهبت جوائز الجمعية إلى دانيال داي لويس (كأفضل ممثل) عن دوره في «لينكولن» وبعد نحو شهر تسلم الأوسكار عن دوره في الفيلم ذاته.

جنيفر لورنس نالت جائزة الجمعية كأفضل ممثلة في دور رئيس عن «كتاب مطرّز بالفضّة» وكسبت الأوسكار بعد ذلك عن الفيلم ذاته. أما آن هاذاواي ففازت بجائزة الجمعية كأفضل ممثلة مساند عن دورها في «البائسون» ورفعت الأوسكار بيدها عاليا حين فازت بعد ذلك في الحفل الأكاديمي.

في العام الماضي ذهب أوسكار أفضل ممثل إلى ماثيو ماكونوفي عن «دالاس بايرز كلوب» وأوسكار أفضل ممثل مساند إلى يارد ليتو عن الفيلم ذاته، وكانا ربحا جائزتي الجمعية في هذا المجال. في المقابل، حصدت كايت بلانشيت أوسكار أفضل ممثلة عن «بلو جاسمين» وفازت لوبيتا نيونغ بأوسكار أفضل ممثلة مساندة عن «12 سنة عبدا» وكلتاهما خرجتا فائزتين بالجائزتين ذاتيهما من الجمعية أيضا. هذا ما يعني أن الصراع مشتد حاليا بين مايكل كيتون (عن دوره في «بيردمان») والبريطاني إيدي ردماين عن «نظرية كل شيء» أكثر من أي وقت سابق. هذا من دون أن نلغي متنافسين آخرين مثل ستيف كاريل («فوكسكاتشر») وبندكت كمبرباتش («لعبة المحاكاة») وبرادلي كوبر عن «قنّـاص أميركي».

احتمالات متباينة

بين ممثلات الدور الأول، وبينما خرجت جوليان مور بجائزة الجمعية كما ذكرنا، ما زال الاحتمال قائما لأن تفوز الفرنسية ماريون كوتيار بالأوسكار عن «يومان، ليلة واحدة»، ولو أنه احتمال محدود كذلك حال باقي الممثلات المتنافسات ريز ويذرسبون («وحشي») وروزاموند بايك («فتاة مختفية») وفيلسيتي جونز («نظرية كل شيء»).

مراجعة التاريخ يدلف بنا إلى مفارقة مهمّـة: الفيلم الذي يفوز بتفضيل المنتجين، من خلال جائزتهم وبجائزة التمثيل الجماعي في جمعية الممثلين، عادة ما ينتزع أوسكار أفضل فيلم عند آخر خط الجوائز السنوية وأكبرها قيمة. كلما اقترب موعد الأوسكار (في الرابع والعشرين من الشهر المقبل) كلما تغيّـرت المعادلات. مثلا، قبل أسابيع قليلة لم يكن الممثل برادلي كوبر يملك أي حجم كبير من احتمالات النجاح على عكس ما هو الحال اليوم، وذلك بسبب النجاح الكاسح للفيلم الذي قام بإنتاجه وتمثيله.

مايكل كيتون الذي خسر هذه الدورة من جوائز جمعية الممثلين يبقى قوي الحضور بين باقي المصوّتين المنتمين إلى الحقول الفنية الكبيرة الأخرى (المخرجون والمنتجون والكتاب وفنانو المونتاج إلخ…) وكذلك حال كل ممثل آخر خسر المواجهة، ولو أن كيتون يبقى أقواهم شأنا. في الواقع، وبصرف النظر عن القيمة الفنيّـة الخاصّة لكل ممثل (وهو ما سنتطرّق إليه في حلقات مقبلة نخصص كل منها لحقل مختلف)، فإن كيتون وليس ردماين هو الأكثر إثارة لإعجاب الطواقم الفنية المختلفة. وهذا ما سيعزز هجمته على الفوز حينما يتردد صوت المقدّم «جائزة أفضل ممثل في دور رئيس تذهب إلى…».

الشرق الأوسط في

27.01.2015

 
 

غرابة العبقرية الفردية تبلغ مداها في 'لعبة المحاكاة'

العرب/ أمير العمري

فيلم 'لعبة المحاكاة' يكشف عن عالم مليء بالتناقضات والتعقيدات المختلفة من خلال رصد شخصيات ووقائع تاريخية تدور حول عالم الرياضيات الأنكليزي تورينغ.

يعتبر فيلم “لعبة المحاكاة” أحد أهم وأفضل الأفلام التي ظهرت في 2014، وقد جاء على هذا النحو من الجمال والرونق والجاذبية، سواء في موضوعه أو شكله الفني، من خلال تضافر جهود عدد من السينمائيين من بلدان مختلفة، هم كاتب السيناريو الأميركي جراهام مور، والمخرج النرويجي مورتن تيلدوم، ومدير التصوير الأسباني أوسكار فورا، والموسيقار الفرنسي ألكسندر ديشبلات، وقبل هؤلاء جميعا بالطبع، الممثل البريطاني بنديكت كمبرباتش، في الدور الرئيسي.

تدور أحداث سيناريو فيلم “لعبة المحاكاة” الذي كتبه جراهام مور (في أولى تجاربه في مجال كتابة السيناريوهات للسينما)، في بريطانيا، ويرتبط بفترة من أهم فترات تاريخها، خلال الحرب العالمية الثانية في أوائل الأربعينات.

ويعتمد الفيلم على شخصيات ووقائع تاريخية، لكن “الحبكة” تدور حول عالم الرياضيات الأنكليزي آلان تورينغ، الذي تمكن خلال الحرب من اختراق نظام الشيفرة النازية، ونجح بعد عامين من العمل الشاق مع فريق من العلماء الشباب داخل مركز سري أنشأته الاستخبارات البريطانية، في التوصل إلى تصميم جهاز مواز للجهاز الألماني، يمكنه فك كل رموز الشيفرة الألمانية، واستطاع بذلك أن يساهم مساهمة فعالة في انتصار الحلفاء على ألمانيا النازية، وتقصير مدة الحرب العالمية الثانية لعامين، وتوفير حياة 14 مليونا من البشر.

ويمكن اعتبار الفيلم دراسة لشخصية تورينغ، وهي شخصية يمكن أن تكون شديدة الإغواء دراميا، شريطة أن يعرف كاتب السيناريو، كيف يستفيد من تناقضاتها وتعقيداتها المختلفة، وأن يكتشف أيضا سحرها وجمالها.

فآلان تورينغ، غريب الأطوار، غير اجتماعي، متلعثم في الحديث، يعاني من أحد أشكال مرض “التوحد”، لا يمكنه فهم الآخرين ودوافعهم، وقد يصبح أيضا متغطرسا وعدوانيا، لديه ثقة يقينية في قدرته الخاصة على التفوق، وهو يمكن أيضا أن يفاجأ من يحادثه، بإنهاء الحديث والابتعاد فجأة، إذا لم يرق له مسار الحديث. هذه الجوانب كلها يجسدها السيناريو بنجاح من خلال مشاهد محددة، في النصف الأول من الفيلم.

فيلم يرصد التناقض بين ما نعرفه وما لا نتوقعه، بين القوة والهشاشة، وبين الغرابة والعبقرية

لكن “لعبة المحاكاة” لا يبدو مشغولا فقط بمتابعة قصة نجاح تورينغ في صنع آلة عملاقة بديلة لآلة “إنيغما” الألمانية، من أجل اختراق الشيفرة الألمانية التي كان الألمان يغيرونها كل يوم، وكيف يتمكن تورينغ بعبقريته، وهو في السابعة والعشرين من عمره، من وضع الأساس العملي وتصميم ما يمكن اعتباره أول جهاز كومبيوتر حقيقي في التاريخ.

فأساس موضوع الفيلم، هو رصد ذلك التناقض بين ما نعرفه وما لا نتوقعه، بين القوة والهشاشة، وبين الغرابة والعبقرية، والاختلاف عن الآخرين الذي يبدو سلوكا مستهجنا، وبين صلابة تجعل من صاحبها بطلا قوميا.

سرد غير تقليدي

ينتقل الفيلم في الزمن، إلى الأمام وإلى الوراء، من خلال أسلوب غير تقليدي في السرد، لكي يلقي الضوء على الجوانب المهمة في حياة تورينغ، منذ طفولته وهو في المدرسة الداخلية، ثم انتقاله إلى جامعة كمبردج، وبعد ذلك تقدمه للعمل مع الاستخبارات، كما يصوّر أجواء الفترة حينما كانت الشكوك قد بدأت تتجمع حول وجود عملاء للسوفيت داخل الاستخبارات البريطانية.

في النصف الأول نرى كيف يتقدم تورينغ للالتحاق بوحدة الأبحاث العلمية في المخابرات البريطانية، ثم خلافه مع ضابط البحرية، قائد الوحدة، الذي يتصادم معه، ثم يتربص به ويفصله عن العمل بعد أن فشل في حل الشيفرة الألمانية بعد سنتين من العمل، لكن تورينغ يخاطب ونستون تشرشل مباشرة ويحصل على موافقته على مواصلة العمل مهما كانت التكاليف، بل ويمنحه تشرشل أيضا صلاحيات كاملة.

ثم كيف ينجح تورينغ في تعيين فتاة هي “جوان كلارك” (تقوم بالدور ببراعة كيرا نايتلي)، في وقت كان يحظر على النساء العمل في مثل هذه المهام الخطرة، وتنشأ علاقة تفاهم وإعجاب بين تورينغ وجوان التي تصبح الدافع الحقيقي له؛ تنصحه كيف يمكن أن يخفف من غلوائه وأن يكسب باقي أفراد الفريق، ويتخلى قليلا عن إحساسه بالتفرّد.

"لعبة المحاكاة" يدور حول فكرة الاختلاف، وكيف أن الشخص المختلف أو من ينظر إليه باعتباره "الأدنى" والأقرب إلى الجنون أو الخبل

يبدأ الفيلم بمحقق يروي بصوته شهادته على الأحداث في الجزء الأول، وهو يحقق مع تورينغ في قيام شاب عاطل عن العمل، قبضت الشرطة عليه، كان قد اقتحم مسكن تورينغ في أوائل الخمسينات.

ويكتشف المحقق أن هناك علاقة مثلية تربط بين تورينغ وهذا الشاب، لكنه يشعر بالتعاطف معه، بل بنوع من التقدير فتورينغ هو أحد العقول البريطانية العظيمة. وسيعود الفيلم في النصف الثاني إلى موضوع المثلية الجنسية لدى تورينغ، فهو سيخطب في البداية صديقته جوان كلارك مدفوعا برغبته في أن تكون دائما قريبة منه، ثم ينهي الخطوبة بعد أن يعترف لها بميوله الجنسية المثلية، لكن العلاقة المتينة بينهما تظل دافعا رئيسيا له للمضي قدما في عمله.

كانت المثلية الجنسية في بريطانيا في تلك الفترة، تعتبر جريمة شائنة يعاقب مرتكبها بالسجن. وقد قبض على تورينغ وحوكم كما نعرف في النصف الثاني من الفيلم، وخيّر بين تلقي نوع من العلاج الهورموني القاسي الذي يقضي على نزعاته الجنسية، أم السجن لعامين، وهو يفضل الحل الأول، لكنه ينهي حياته بالانتحار عام 1954 مدفوعا بحالة الاكتئاب التي أصابته، ولم يكن يتجاوز الحادية والأربعين من عمره.

يقوم بناء الفيلم على الانتقال المحسوب بدقة في الزمن، بين الماضي والحاضر، وهو على سبيل المثال، يصوّر علاقة تورينغ بزميل له كان يكبره قليلا في المدرسة، يدعى كريستوفر، ثم حزن تورينغ الشديد عليه وتذكره الدائم له، ونفهم أن كريستوفر قد انتحر، فمن الواضح أن تورينغ ارتبط بعلاقة حب معه، وهو يطلق اسم “كريستوفر” فيما بعد، على جهاز التقاط الشيفرة الذي يخترعه.

“لعبة المحاكاة” يدور حول فكرة الاختلاف، وكيف أن الشخص المختلف أو من ينظر إليه باعتباره “الأدنى” والأقرب إلى الجنون أو الخبل، هو الذي يأتي بما يعجز عنه “العاقلون”، وكيف أن غرابة الأطوار ليست دائما دليلا على الخلل، بل ربما تخفي العبقرية، وفكرة الاختلاف راسخة في الفيلم أساسا، كمعادل لمثلية تورينغ الجنسية أيضا، التي كانت مرفوضة اجتماعيا ورسميا، قبل الأمر بإعادة الاعتبار إليه بعد نحو ستين عاما.

الفيلم ينتقل في الزمن، إلى الأمام وإلى الوراء، من خلال أسلوب غير تقليدي في السرد، لكي يلقي الضوء على الجوانب المهمة في حياة تورينغ

فكرة الاختلاف

المخرج مورتن تيلدوم ينجح في الإلمام بأطراف الموضوع وخصوصيته، وينجح في تجسيد كل ما يجسد أجواء الفترة، كما يسيطر على كل تفاصيل المكان، ويسخر إمكانيات الصورة في التعبير عن تناقضات الشخصية، ولكن من أهم العناصر التي ترفع هذا الفيلم إلى مستوى الأعمال السينمائية الكبيرة، التي ستبقى طويلا في الذاكرة، ذلك الأداء الممتع للممثل البريطاني بنيديكت كمبرباتش في دور آلان تورينغ.

كمبرباتش ينجح في إضفاء المرح على أداء الشخصية في البداية، من خلال تجسيده لغرابة طباعه وسلوكياته، والطريقة الفظة التي يستخدمها في الحديث مع من يفترض أنهم من كبار رجال المؤسسة العسكرية في دولة تخوض حربا ضارية.

كما يجسد ذلك التركيز والشرود الذي يجعلنا كمشاهدين نتصور أن تورينغ يذهب في نوع من الغيبوبة بعيدا عن المكان والزمان، لكنه في الحقيقة يبتعد عن المكان بذهنه فقط لكي يستوحي من عقله، وليس من العالم الغيبي عن طريق التركيز.

ويجسد الممثل أيضا ملامح الشخصية من خلال نظراته المجنونة، رفضه للطعام، انهماكه المحموم في العمل، وفي الوقت نفسه يكشف في لحظات أخرى عن الهشاشة الكامنة داخل تلك الشخصية.

يجسد الممثل ذلك الانتقال بين الضعف والقوة، وبين الخضوع لمنظومة عسكرية قوية تفرض على تورينغ وفريقه الالتزام بالسرية المطلقة حتى بعد انتهاء الحرب، وفي الوقت ذاته الشعور بنوع من “الألوهية” أيضا، فتورينغ الذي كان حريصا على عدم تسلل السر إلى الألمان حسب التعليمات، كان يتعين عليه أن يتغاضى بكل قسوة عن مقتل عشرات الجنود البريطانيين في البحر، رغم قدرته على إجهاض الهجوم الألماني على سفينتهم الحربية، وذلك تفاديا للفت أنظار الألمان إلى أن سرهم قد انكشف.

وفيما بعد يرفض هذا الشاب الذي يبدو هشا مقهورا، ينازع ضدّ رغباته الداخلية الخضوع للقيم الاجتماعية السائدة، ويرفض الاعتذار عن “مثليته”، ويقبل بدفع الثمن؛ وكم كان فادحا؟

إبراهيم أحمد يحلم بأول أوسكار أفريقي من خلال 'تمبكتو'

العرب/ باماكو

بطل فيلم 'تمبكتو' إبراهيم أحمد يأمل في حصول فيلمه على الجائزة العالمية أوسكار والتي من شأنها أن تدعم الإنتاج السينمائي في أفريقيا.

يرى إبراهيم أحمد بطل فيلم “تمبكتو” للمخرج الموريتاني عبدالرحمن سيساكو، المرشح ضمن قائمة الأفلام الروائية التسعة المرشحة للفوز بجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي، أنّ هذا العمل “يجسد آمال الأفارقة بالحصول على أوسكار”.

يبدي إبراهيم أحمد أمله في أن يحظى هذا الشريط السينمائي -الذي عرض في افتتاح الدورة 25 لمهرجان قرطاج السينمائي بتونس- بجائزة عالمية من شأنها أن تدعم الإنتاج السينمائي في القارة السمراء.

“حلم أفريقيا بالحصول على أوسكار بصدد التشكل”، كررها إبراهيم أحمد بفخر، مضيفا إن ترشيح الفيلم لمسابقة الأوسكار كان: “خبرا رائعا بالنسبة لفريق الفيلم”، وواصل مازحا: “أنا سعيد جدا لأن الفيلم لم ينجز بإمكانيات هوليوودية”.

يتناول الفيلم مأساة قرية بشمال مالي بعد سقوطها في قبضة مسلحين، في ظل حكم الجماعات المسلحة بشمال مالي من مارس 2012 حتى بداية 2013، إثر التدخل الدولي بقيادة فرنسا لمواجهة هذه الجماعات.

وعن مسيرته المهنية، فإن إبراهيم أحمد هو ممثل وموسيقي مالي، حاصل على جائزة أفضل ممثل أفريقي لسنة 2014 بالمهرجان الدولي للأفلام بـ“دربن” في جنوب أفريقيا، وهو نجاح شخصي يتطلع الممثل الأفريقي لأن يحوّله إلى نجاح جماعي، مؤكدا أنه: “بعد النجاح الشخصي نسعى إلى نجاح أفريقيا”.

يتابع أحمد: “أنا سعيد تماما على قدر سعادة عبدالرحمن سيساكو (مخرج الفيلم)، لأنه بفضل هذا العمل تمكنت القارة الأفريقية بأسرها من الإشعاع، ونجاح الفيلم سيساهم في تحفيز الأجيال الأفريقية على الإبداع”.

وأضاف قائلا: “أعلم جيّدا أن الشباب يشعرون بالفخر لمشاركة قارتهم في التظاهرات الثقافية الكبرى، وهؤلاء الشباب هم من ينبغي تدريبهم من أجل المستقبل”. وأبدى الممثل المالي ثقته بالشباب الأفريقي بقوله: “أنا على ثقة بأن أفريقيا ستجد إشعاعها الفني في شبابها، ونحن نريد تكوين الطاقات الشابة الأفريقية بكامل القارة السمراء لتطوير السينما الأفريقية في المستقبل”.

كان متحمسا ومفعما بسعادة بالغة من نجاح فيلم “وجع العصافير” أو “شجن العصافير” كما يحلو لبعض النقاد تسميته. نجاح كان لا بدّ وأن يستثمره لتحضير مشاريع أخرى تعزّز مسيرته المهنية، وإشعاعه العالمي، حيث يعمل في الوقت الراهن، من أجل الحصول على ترخيص لبعث جمعية “حديقة الرمال”، والتي من المنتظر أن تنشط في مجال تدريب الشباب الماليين في مجالات السينما بمساعدة خبراء أجانب. مشروع قال عنه أحمد إنه سيساهم في “جهود المصالحة الوطنية” بمالي التي تعيش على وقع أزمة بشمال البلاد منذ مارس 2012.

وبحديثه عن الجزئية الأخيرة، أوضح أحمد قائلا: “نريد أن نجمع ثلاثين شابا من شمالي مالي وثلاثين آخرين من جنوبها من أجل تحقيق المصالحة، كما سنساهم في تدريبهم على امتداد ثلاثة أشهر في مختلف مهن السينما، وسنرافقهم لاحقا لإنجاز أفلام قصيرة. سنوفر لهم الوسائل وسيحصلون عليها متى أرادوا ذلك”، معربا عن رغبته في أن يتم استنساخ مثل هذا المشروع في دول أفريقية أخرى، وأبدى الممثل المالي ثقته بالشباب الأفريقي بقوله: “أنا على ثقة بأن أفريقيا ستجد إشعاعها الفني في شبابها، ونحن نريد تكوين الطاقات الشابة الأفريقية بكامل القارة السمراء لمزيد تطوير السينما الأفريقية في المستقبل”.

وفيلم “تمبكتو” لقي صدى واسعا في جميع التظاهرات الدولية التي شارك فيها، كما حصد جوائز عديدة أبرزها جائزة لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان كان السينمائي لسنة 2014، والجائزة الكبرى وجائزة أفضل سيناريو وجائزة لجنة تحكيم الشباب، في مهرجان الفيلم الفرانكفوني (الناطق بالفرنسية) بمدينة “نامور” البلجيكية.

ويعدّ هذا العمل السينمائي الطويل تاسع فيلم أفريقي يقع ترشيحه لمسابقة الأوسكار منذ انطلاقتها سنة 1929 (فيلمان من جنوب أفريقيا وفيلم من كوت ديفوار و5 أفلام جزائرية).

العرب اللندنية في

27.01.2015

 
 

فيلم «القنّاص الأمريكي» لـ كلينت إيستوود:

جدليّة الجريمة والبطولة

أيمن أبولبن*

يُقدّم لنا المُخرج القدير كلينت إيستوود فيلماً مُثيراً يحبسُ الأنفاس ويضعُ المُشاهدَ في قلب الأحداث الدراميّة لحرب العصابات التي شهدتها العراق خلال العقد الماضي، من خلال عرض سيرة القنّاص الأمريكي المُلقّب بـ»الأسطورة» الذي كان له دورٌ كبير في حماية الجنود الأمريكان وتخليصهم من مآزقَ كبيرة، بالإضافة إلى مجهوداته في اغتيال وتعقّب قادة مؤثرين في صفوف المُقاومة العراقيّة، حيث أطلق عليه العراقيون حينها لقب «شيطان الرمادي»، ويُجسّد شخصية القنّاص على الشاشة، النجم براد لي كوبر بأداء لافت وبحسٍ عالٍ.

الفيلم مُستوحى من السيرة الشخصية للجندي كريس كيلي التي نَشَرَها في كتاب يحمل اسم «القنّاص الأمريكي» عام 2012، ومن الجدير بالذكر أن الفيلم تم ترشيحه لست جوائز أوسكار ، من ضمنها جائزة أفضل فيلم وأفضل مُمثّل وأفضل مُؤثرات صوتيّة.

يمكن القول إن الفيلم كان متوازناً إلى حدٍ ما في عرضه للمعارك التي خاضها الجنود الأمريكان في مدينة الفلّوجة، وأظهر بسالة العراقيين واستماتتهم في القتال وإقدامهم، كما أشار الفيلم بوضوح إلى روح المُقاومة لدى الشعب العراقي بمن فيهم النساء والأطفال، وإن كانت هذه المُقاومة وحشيّة وعدائية من وجهة النظر الأمريكية التي يتبناها الفيلم. كما تناول الفيلم –على استحياء- شخصية القنّاص السوري مصطفى بطل الرماية الأولمبية سابقاً، الذي انضم إلى صفوف المُقاومة العراقيّة بعد الاحتلال الأمريكي، ولُقّبَ «بقنّاص بغداد» حيث شكّل كابوساً للأمريكان وأصابهم في مقتل مما دفع الجيش الأمريكي إلى رصد جائزة مالية لكل من يُدلي بمعلومات عنه. 

بعيداً عن الإبداع والتميّز الفنّي للفيلم، يبدو واضحاً للمُشاهد وجود خط درامي أساسي للفيلم يهدف إلى تخليد ذكرى القنّاص الأمريكي باعتباره بطلاً قومياً، قام بالدفاع عن وطنه وحماية الجنود الأمريكان من التهديدات التي تعرّضوا لها، وفي الوقت نفسه، يتبنّى الفيلم تكريس هذه السيرة والبطولات التي خاضها هذا الجندي لتبرير المعارك التي يخوضها الجيش الأمريكي خارج الديار، سواءً في حرب أفغانستان أو حرب العراق، أو الحرب على الإرهاب بشكل عام، وهو ما أثار الكثير من الجدل، بسبب تبنّي الفيلم الواضح لمُبرّرات الحرب التي تُروّجها دوائر اتخاذ القرار في أمريكا، وما تشمله هذه الحروب من اعتداءات وقتل وجرائم ضد الإنسانية باسم الدفاع عن الوطن. 

بعد مرور عدة سنوات على حرب العراق، وتكشّف حقائق مهمة عن تلفيق وتزييف عدّة تقارير استخباراتية بشأن امتلاك العراق أسلحة كيماوية، وثبوت عدم وجود أي صلة للعراق بهجمات سبتمبر/أيلول أو بـ»القاعدة» وتمويل الإرهاب، فإن هذا يشير بوضوح إلى جريمة كُبرى باختلاق وافتعال حرب ضخمة، من دون أسباب موجبة لها، وإذا أضفنا إلى هذه الجريمة، ما تم الكشف عنه من استخدام قوات التحالف أسلحة محظورة ومُحرّمة دولياً، ناهيك عن جرائم التعذيب في سجن أبوغريب، وغيرها من الجرائم ضد المدنيين والأبرياء، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية للعراق وإسقاطه في مستنقع العنف الطائفي والمذهبي، فهذا كله يشير إلى جريمة ضد الإنسانية مكتملة الفصول. 

ويبرز هنا سؤال مهم، هل يُمكن اعتبار هذا الجندي بطلاً تاريخياً، بسبب ما قام به من أعمال بطولية ومساهمته في خدمة جيش بلاده، أم أنه مُجرمُ حرب لمشاركته في حرب غير شرعيّة؟! وهذا بدوره يفرض علينا سؤالاً مهماً حول معيار البطولة والخلود في التاريخ، وهل بالإمكان نيل شرف البطولة بمعزلٍ عن توافق العمل «البطولي» مع الضمير الإنساني والقيم الإنسانية العليا ومنطق الحق والصواب.

هناك بالتأكيد فاصل بين البطولة الحقيقية والجريمة، بين الحق والباطل مهما حاولنا تزييف الحقائق وقلب الوقائع، وبالعودة إلى الفيلم موضوع المقال، نجد أن هذا القنّاص قد خاض حرباً غير شرعية وذهب إلى بلد لا يشكل أي تهديد لبلاده وقتل كل من سنحت له الفرصة لقتله، بمن في ذلك النساء والأطفال، وذَنْبُ ضحاياه الوحيد أنهم استخدموا حقهم الشرعي الذي ضَمِنته القوانين السماوية وضَمِنته كل القوانين والأعراف الدولية، في الدفاع عن أرضهم ومقاومة المحتل.

في المشاهد الأخيرة للفيلم يتحاورُ أحدُ الاستشاريين النفسيين مع بطل الفيلم، ويقول له «لقد قرأت في ملفك أنك قتلت 150 شخصاً في الحرب، كيف تتعامل مع هذا الموضوع؟»، وهنا يَظْهر لنا أن هذا الجندي لم يشعر بأي تأنيب ضمير ولم يُراجع نفسه حتى بعد انتهاء الحرب وانقشاع الغمامة عن كذب المسؤولين وعن عدم شرعية هذه الحرب، وأنه يعيش في حالة توافق نفسي مع الذات رغم معاناة الحرب التي خاضها، فيجيب بكل هدوء وطمأنينة «لقد قتلتهم دفاعاً عن زملائي وكنت أقوم بدوري المطلوب مني، وانا مستعدٌ أن أقف بين يدي الله وأن أُسأل عن كل شخص قتلته، أنا لم أقتل بدون سبب!». أرجو ان تكون قد استعددت جيداً للإجابة على هذه الأسئلة وعن الدفاع عن نفسك أمام كل من قتلتهم، لأنك ستواجههم هذه المرة بدون بندقيتك، وأعتقد أن عليك ان تستعد أولاً للإجابة عن سؤال بديهي أهم من تبريرك لقتلهم، «ما الذي أتى بك إلى العراق بادىء الأمر ؟!».

*ناقد عراقي

القدس العربي اللندنية في

27.01.2015

 
 

American Sniper  يحقق 200 مليون دولار

القاهرة- بوابة الوفد- محمد فهمي:

بعد 10 أيام فقط من إطلاقه في دور العرض، حقق American Sniper، فيلم شركة وارنر بروس بيكتشرز الحاصل على ترشيحات عديدة للأوسكار، إيرادات بلغت 200 مليون دولار في مبيعات شباك التذاكر الأميركي.

وبعد تحطيمة للأرقام القياسية في أول عطلة نهاية أسبوع من إطلاقه، استمر الجمهور في الإقبال علي دور العرض العادية وقاعات IMAX التي تعرض فيلم المخرج كلينت إيستوود في أن تكون ممتلئة عن آخرها، حيث حقق الفيلم حوالي 64.4 مليون دولار في عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة، ليسجل أقل نسبة انخفاض لفيلم حقق افتتاحه أكبر من 85 مليون دولار، ذلك بالإضافة إلى عطلتي نهاية أسبوع استغرقتا 3 و4 أيام، لتصل إيرادات الفيلم إلى 200.1 مليون دولار، ولا تزال في تزايد حتى الآن.

ويعتبر فيلم American Sniper حالياً هو الفيلم الأكثر تحقيقاً للإيرادات في مسيرة كلينت إيستوود الطويلة على المستوى المحلي، وهو في طريقه ليكون كذلك على المستوى العالمي أيضاً.

فيلم American Sniper من إخراج كلينت إيستوود وتأليف جيسون هول، وهو مقتبس من مذكرات American Sniper: The Autobiography of the Most Lethal Sniper in U.S. Military History، والتي ألفها ضابط البحرية كريس كايل، جيم ديفيليس وسكوت ماكيوين، ويشارك في بطولة الفيلم برادلي كوبر وسيّنا ميلير.

ونال الفيلم ستة ترشيحات لـجوائز الأوسكار، منها أفضل فيلم، أفضل ممثل في دور رئيسي للنجم برادلي كوبر، أفضل سيناريو مقتبس (جيسون هول)، وبالإضافة إلى ذلك، فقد تم تكريم إيستوود من قبل زملائه بحصوله على ترشيح رابع لـأفضل مخرج ضمن جوائز نقابة المخرجين، كما فاز بـجائزة المجلس الوطني للمراجعة لأفضل مخرج، ومن بين التكريمات التي نالها الفيلم أيضاً الحصول على ترشيح لـجوائز نقابة المنتجين الأميركية، وجوائز نقابة المؤلفين الأميركية، مع ترشيح لـجائزة بافتا لأفضل سيناريو مقتبس.

وأطلق الفيلم في دور العرض المصرية شركة يونايتد موشن بيكتشرز الوكيل الرسمي لشركة وارنر بروس بيكتشرز الأميركية في مصر.

الوفد المصرية في

27.01.2015

 
 

«شون بن» يفوز بجائزة سيزار الفرنسية الفخرية

رشا عبدالحميد

اعلنت اكاديمية الفنون والسينما الفرنسية انها ستمنح النجم الامريكي شون بن جائزة سيزار الفخرية وهى النسخة الفرنسية لجوائز الاوسكار، وسيتسلم شون الجائزة في الحفل السنوي لتوزيع جوائز سيزار والذى سيقام في باريس يوم 20 فبراير القادم ، ذلك وفقا لما نشره موقع مجلة هوليوود ريبورتر .

وقال منظمو الأكاديمية إن أسباب اختيار النجم شون بن ليكرم في الدورة الـ40 لجوائز سيزار هي مشواره الفني واختياره لأفلامه بحساسية والتزام .

جدير بالذكر أنه حصل شون بن على جائزة الأوسكار مرتين الأولى في عام 2003 عن دوره في فيلم "نهر غامض" من إخراج كلينت ايستوود، والثانية في عام 2008 عن دوره في فيلم" milk"، ووقف شون خلف الكاميرا أربع مرات ومن تجاربه الإخراجية فيلم " في البرية " الذى رشح لجائزة الاوسكار.

كما فاز بجائزة الدب الفضي في مهرجان برلين السينمائي كافضل ممثل عن دوره في فيلم " الميت الذى يمشي "، وجائزة افضل ممثل في مهرجان كان السينمائي عن دوره في فيلم "انها جميلة جدا ".

وسبق شون بن في الحصول على هذه الجائزة الفخرية الممثلة سكارليت جوهانسون والتى فازت بها العام الماضي ، النجم الحاصل على جائزة الاوسكار كيفين كوستنر والذى كرم عام 2013 ، ومن المكرمين السابقين ايضا ميريل ستريب ، كيت وينسلت، وداستن هوفمان.

الشروق المصرية في

27.01.2015

 
 

مجدي الطيب يكتب لـ"مصر المحروسة" من مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية:

"جزيرة الذرة" مفاجأة الدورة الثالثة .. وإنجازه الأكبر

سوف يُحسب للقائمين على الدورة الثالثة لمهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية (24 – 31 يناير 2014) نجاحهم الكبير في الحصول على حقوق عرض الكثير من الأفلام الأجنبية المتميزة،لكن سيظل عرض الفيلم الروائي الطويل "جزيرة الذرة" (جورجيا / 2014) المرشح لجائزة أوسكار أفضل فيلم روائي طويل ناطق بلغة أجنبية،التي يُنتظر أن تُعلن في مارس القادم، بمثابة المفاجأة الأجمل في الدورة الثالثة ؛ فالفيلم يُعيد السينما إلى أصلها (الصورة التي تقول كل شيء)،ويكاد يخلو من الحوار، باستثناء بعض الكلمات التي تُعد على أصابع اليد الواحدة،وبرع مخرجه الجورجي "جورج اوفاشفيلى"،الذي شارك في كتابة السيناريو،في تقديم السينما الخالصة،والسحر في معناه الذي لا تعرفه السينما المصرية الغارقة في الأفكار المستهلكة، والموضوعات المكررة،  والمعالجات التقليدية، فضلاً عن الثرثرة الفارغة والادعاءات الباطلة !

أما المفاجأة الكبرى فتمثلت في استجابة المخرج "جورج اوفاشفيلى" للدعوة التي وجهتها له إدارة مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية، وبعد أن وصل إلى الأقصر نظمت إدارة المهرجان مؤتمراً صحفياً معه أعرب فيه، كعادة الضيوف الأجانب، عن "سعادته بالتواجد في أرض الفراعنة"،لكنه فك الطلاسم التي واجهت الجمهور الذي شاهد الفيلم ، وعلى رأسها أنه فشل في العثور على الجزيرة التي يبني عليها ديكور فيلم "جزيرة الذرة" (عشة متواضعة للغاية)،ويصور على أرضها فيلمه الذي تجري أحداثه في ثلاثة فصول من السنة، فاقترح على المنتج بناء جزيرة صناعية لكنه وصف الفكرة بأنها غبية،لكن وجهة نظره كمخرج هي التي انتصرت في النهاية ؛ إذ تم العثور على مهندس تكفل ببناء الجزيرة المطلوبة في مياه يتأرجح عمقها بين خمسة وستة أمتار. وبمقتضى السيناريو الذي ينتهي بتدمير الجزيرة،كانت الحاجة ملحة إلى بناء جزيرة مدمرة الأمر الذي تسبب في ارتفاع  موازنة الفيلم إلى مليون و 300 ألف يورو،وهو أمر غير معتاد،حسب تأكيده، فى السينما الجورجية .

كانت الدورة الثالثة لمهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية (24 – 31 يناير 2014) قد شهدت أيضاً عرض الفيلم الروائي الطويل "قط وفأر" (مصر / 2014) سيناريو وحوار وحيد حامد وإخراج تامر محسن (الثنائي الذي تعاون من قبل في المسلسل الدرامي "بدون ذكر أسماء") وبطولة : محمد فراج،محمود حميدة، سوسن بدر والسورية سوزان نجم الدين؛حيث امتلأت قاعة عرض قصر الثقافة بالأقصر عن آخرها، في مشهد يؤكد أن أهل الأقصر في تعطش حقيقي إلى السينما الجميلة،والأفكار الطازجة،وهو الأمر الذي تحقق بدرجة كبيرة في فيلم "قط وفأر"،وتكرر في الندوة التي أعقبت عرض الفيلم، وحضرها المخرج تامر محسن والممثل محمد فراج وأدارتها الناقدة ماجدة موريس،وبدأها المخرج تامر محسن بالقول إن الكاتب الكبير وحيد حامد عرض عليه السيناريو عام 2009، وقال إن اختيار محمود حميدة في دور وزير الداخلية كان بمثابة تحد بالنسبة له؛ نظراً لأن الشخصية "كارتونية" وتمزج بين الكوميديا والجدية التي اشتهر بها "حميدة" في أدواره بينما نوه إلى سابق تعاونه والممثل الشاب محمد فراج في مسلسل "بدون ذكر أسماء"،وتحدث عن سوسن بدر وسوزان نجم الدين،التي كشف ـ على الملأ ـ أنه لم يكن يعرفها من قبل، وأن الكاتب وحيد حامد هو الذي اختارها !

حديث تامر محسن في ندوة الفيلم أكد بما لا يدع مجالاً للشك أن بعض المخرجين ينبغي عليهم أن يتفرغوا للإبداع أو تنفيذ السيناريوهات فقط، ومنالأفضل أن يلتزموا الصمت في الندوات والحوارات أو يقتصر حديثهم على العناصر الفنية فقط !

أما محمد فراج فقد كشف عن كيفية اختيارالشكل النهائي لشخصية "حمادة الفأر"،سواء النظارة سميكة العدسات أو الأسنان البارزة، ومن دون مناسبة زج باصطلاح "أفلام المهرجانات" ليؤكد أن الفيلم،الذي أخذ طريقه إلى الصالات التجارية قبل انطلاق مهرجان الأقصر بأيام قليلة، يجمع بين الحس التجاري والجدارة الفنية التي تؤهله للمشاركة في المهرجانات، كما أعرب عن سعادته بالنجاح الذي يُحققه الفيلم في دور العرض . 

حدث في المهرجان

•في خطوة من إدارة المهرجان للاعتذار عن عدم عرض الفيلم الإماراتي "ظل البحر" بسبب ظروف تقنية خارجة عن الإرادة،عُرض الفيلم صباح أمس الثلاثاء بحضور مخرجه نواف الجناحي،الذي  شارك في الندوة التي أقيمت في قاعة المؤتمرات، وحرص على حضورها قرابة خمسة أشخاص ! 

•لم يستقر رأي د.محمد كامل القليوبي رئيس مؤسسة نون للثقافة والفنون،التي تنظم مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية،على الشخصيتين اللتين تخلفان السيدة د.ماجدة واصف والناقد يوسف شريف رزق الله في منصبي رئيس المهرجان ومديره الفني،بعد قرار د.جابر عصفور وزير الثقافة باختيارهما لإدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي . 

مصر المحروسة في

28.01.2015

 
 

Birdman يحلق في سماء الابتكار والأوسكار

المصدر: "دليل النهار" - جوزفين حبشي

إنه من اجمل الافلام واقواها واكثرها اختلافاً هذه السنة من النواحي كافة. انه الطائر في سماء الجوائز والمستحق اكبرعدد ترشيحات لاوسكار 2015، ومن ضمنها افضل فيلم واخراج (اليخاندرو غونزاليس ايناريتو الفائز عنه بـ "الاسد الذهبي" في مهرجان البندقية) وافضل سيناريو اصلي (غولدن غلوب)، وافضل تصوير (لقطات متواصلة من دون قطع) وممثل في دور اول (مايكل كيتون الفائز عنه بالغولدن غلوب) ودور ثان (ادوارد نورتون) وممثلة في دور ثان (ايما ستون).

إنه Birdman المحلق على جناحي الابتكار في الشكل والصوت والمضمون والتمثيل. شريط المكسيكي اليخاندرو غونزاليس ايناريتو الخامس حصل على تسعة ترشيحات للاوسكار، لأنه يعالج بشكل مبتكر وغير مسبوق، موضوع النجاح والشهرة الفنية وسرعة زوالهما اللذين سبق وقدما في السينما. المعالجة ستتم عن طريق ادخالنا كواليس احد مسارح برودواي لنتعرّف الى ريغان طومسون (مايكل كيتون) الممثل الهوليوودي الذي طواه النسيان بعدما اشتهر في الماضي باداء شخصية بطل خارق هو الرجل الطائر في السينما. ريغان يرغب في استعادة تقدير الجمهور واضواء الشهرة وخصوصاً حب ابنته المدمنة سام (ايما ستون) التي عانت من غيابه. لذلك يقرر بمساعدة مدير اعماله براندون (زاك غاليفياناكيس في شخصية مختلفة عن طرافته السابقة)، انتاج وتمثيل مسرحية في برودواي حول الحب يشاركه في بطولتها الممثل المشعوط والقدير مايك شاينر(ادوارد نورتون) والممثلة التي تحلم ببرودواي ليزلي (ناوومي واتس). لا شك في أن مايكل كيتون قدّم دور عمره في Birdman، فهو لم يكن يؤدي مجرد شخصية مسكونة بالشكوك والتناقضات الحادة والقلق، بل كان يعيش وينبض ويتنفس شخصية تشبهه كثيراً، وخصوصاً ان مسيرته الفنية مماثلة لها، فهو ايضاً اشتهر في الثمانينات والتسعينات من خلال ادائه دور البطل الخارق "باتمان"، قبل ان يخف وهجه وتتقلص شهرته لاحقاً. نقاط قوة الفيلم لا تقتصر على كيتون وتنقله المذهل من نقيض الفشل الى نقيض العظمة. الفيلم باهر بمنحاه غير الواقعي، والمرتبط بشكل مباشر بالـ"انا" الخاصة بالممثل الذي يعاني ازمات وجودية. وهذا ما يجعله لا يفرق بين الحقيقة والخيال، فيعيش واقعه الباهت والفاشل من جهة، ومن جهة اخرى يرافقه كظله خيال شخصيته السابقة، البطل، يزعجه ويلومه على الابتعاد عن مجد السينما والشهرة سعياً الى اعمال جدية في برودواي، فيظن ريغان ان بيردمان هو من فقد عقله، بينما ينسى انهما شخص واحد. ما يبهر ايضاً في الفيلم ان مضمونه المعقد واللاذع والطريف في الوقت عينه، مصوّر بطريقة غير تقليدية من خلال مشهدية بارعة تعطينا الانطباع ان الفيلم كله لقطة واحدة طويلة ومتواصلة. تقنية الـ plan-séquence أتقن المخرج استخدامها، معتمداً حركات طويلة للكاميرا من دون مونتاج، جاءت متزامنة بدقة شديدة مع حوارات الممثلين وتحركاتهم وانفعالاتهم. الكاميرا موجودة مع ريغان في مسرح سانت جايمس في برودواي (حيث صوّرت معظم مشاهد الفيلم). ها هي تنطلق معه وتلحق به الى مقصورته، تستقبل معه الداخلين اليه، ثم تخرج برفقته الى الممرات، تلتصق به، ترافقه الى الخشبة للتمارين، ترحب معه بالاخرين، تتصارع معهم، ثم تخرج مع غيره الى مكان اخر، ربما مقصورة، او سطح او شارع، قبل ان تدخل مجدداً الى غرف المسرح وممراته لتلتقي مجدداً ريغان او اية شخصية اخرى. الصعوبة هنا، لا تقتصر على التصوير فقط، بل تقع ايضاً على كاهل الممثلين المضطرين الى حفظ ادوارهم جيداً وتقديم افضل ما لديهم وبدقة شديدة من اللقطة الاولى، كأنهم على المسرح وليسوا في السينما، لأن الاعادة شبه مستحيلة ومكلفة جداً. وطبعاً تألق جميع الممثلين من دون استثناء، وقد بدا واضحاً مدى الدراسة المعمقة التي اجروها لشخصياتهم، ومدى معرفتهم بتفاصيل كل مشهد ومغزى كل حركة يقومون بها وكلمة يتلفظون بها. بدورها الموسيقى التي ترتكز على قرع الطبول هي بطل رئيسي في مسرحيتنا السينمائية هذه، وقد ساهمت في منح الايقاع المطلوب للفيلم وللممثلين ايضاً. معظمها جاء ارتجالياً وحيّاًّ، وقد قدمها واحد من اهم عازفي الطبلة في العالم، المكسيكي انطونيو سانشيز.

النهار اللبنانية في

28.01.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)