كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

{الشرق الأوسط} تدخل سباق الأوسكار

أفلام الأوسكار بين واقعية التاريخ وشروط الدراما

لندن: محمد رضا

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم (أوسكار)

   
 
 
 
 

«نظرية كل شيء» و«قناص أميركي» و«سلما» و«لعبة المحاكاة» و«فوكسكاتشر» و«فتاة مختفية»، «وحشي»، و«مستر تيرنر» هي بعض الأفلام الروائية التي ترددت عناوينها كثيرا في موسم الجوائز السينمائية منذ مطلع الشهر الماضي. والمشترك بينها ليس هذا الترداد وحده، بل حقيقة أنها، على عكس أفلام الترشيحات القوية الأخرى، مثل «بويهود» و«بيردمان» و«سوط» و«ذا غراند بودابست هوتيل»، مأخوذة من مراجع وأحداث واقعية.

التاريخ والسينما تحاربا كثيرا منذ البدايات. دائما ما خرج مؤرخون للتأكيد على أن السينما لا تنقل التاريخ كما وقع، بل كما يتراءى لها. والسينما ترد على أنها فن مجاز فيه تلوين الواقع ببعض الافتراضات والخيالات وإلا لما استطاع الفيلم الوصول إلى الجمهور الذي ينشده.

بالتالي، فإن السؤال المجاز هو هل تصرّف لينكولن على النحو الذي تصرّف به دانيال داي لويس في «لينكولن» لستيفن سبيلبرغ، أو هل كل ما يرد في ذلك الفيلم وقع فعلا وبالصورة التي شاهدناها؟ ماذا عن «ميونيخ» و«لائحة شيندلر» للمخرج نفسه؟ ماذا عن «ج ف ك» لأوليفر ستون أو «أرغو» لبن أفلك؟ و«الرجل الذي قتل ليبرتي فالانس» لجون فورد أو «نيكولاس وإلكسندرا» لفرانكلين شافنر والعشرات الأخرى؟ متى تنتهي حدود التاريخ وتبدأ حدود السينما؟

تضخيم لغاية

تحويل أي مرجع، أو حتى كتاب روائي مبني على الخيال إلى فيلم سينمائي، عليه أن يسمح بتدخل السيناريو، ومن ثم الفيلم، فيما سطره المؤلف سواء أكان بيوغرافيا أو خياليا. في الوقت ذاته فإن هذا النقل لا معنى له (إلا بين يدي العباقرة مثل ستانلي كوبريك وأندريه تاركوفسكي) إذا شط كثيرا عن الواقع ودمج قليلا منه في غالبية من التصرّفات والمواقف المتخيّلة.

«سلما» (المشترك في سباق أوسكار أفضل فيلم وأفضل موسيقى مكتوبة لفيلم) يسرد أحداثا وقعت في مجرى حملة الزعيم مارتن لوثر كينغ الداعية للمساواة في الحقوق المدنية بين السود والبيض، وقد مدحته وسائل الإعلام لكن أخرى تحدّثت عن فجوات كثيرة في رصده ذلك التاريخ وما حدث في بلدة «سلما» عندما سار الأفرو - أميركيين في مظاهرة سلمية واجهها بوليس ولاية ألاباما بالعنف وذلك سنة 1965.

من بين تلك الفجوات المذكورة ما يبدأ باكرا في الفيلم: نستمع إلى مارتن لوثر كينغ (كما يؤديه ديفيد أويلاو الذي لم يجر ترشيحه بين الممثلين) وهو يلقي خطابا في أوسلو، النرويج سنة 1964 ويوحي لنا الفيلم أنه خلال إلقاء خطابه (بمناسبة تسليمه جائزة نوبل) كان العنصريون البيض ينسفون كنيسة في مدينة بيرمنغهام الأميركية. لكن الحقيقة أن تدمير الكنيسة وقع قبل عام من ذلك الخطاب. لكن المنتقدون لن يعدموا وسيلة للنيل من الفيلم على أساس أن هناك الكثير من التغييرات التي أحدثها على الواقع. بالطبع هناك تغييرات (والسينما التسجيلية ذاتها متهمة اليوم بأنها لا تنقل الأحداث كما وقعت بل تعيد رصفها) لكنها بالمقارنة مع أحداث فيلم آخر مثل «لعبة المحاكاة» هي أكثر التزاما بما وقع فعلا.

«لعبة المحاكاة» للبريطاني مورتن تلدام يسرد حكاية عالم الحسابات ألان تورينغ (بنديكيت كمبرباتش) الذي استطاع - بعد جهد بليغ - حل الشيفرات العسكرية للجيش الألماني خلال الحرب العالمية الثانية بعدما عجز كل من استعانت بهم الحكومة البريطانية ومؤسساتها المخابراتية والعسكرية، عن فعل ذلك. بذلك، أسهم تورينغ، كما يقول الفيلم، بإنقاذ البحرية البريطانية من التدمير الكامل بل في انتصار الحلفاء على الألمان فيما بعد. هل هذا صحيح؟ وهل إذا ما أدرك الألمان أن أعداءهم نجحوا في تفكيك الشيفرة لن يستخدموا سواها؟

هناك تضخيم تشعر به وحرية في تناول الوقائع على نحو تبريره روائي محض. إنه من أجل إثارة الاهتمام يتم تبادل حوار ساخن بين تورينغ وباقي الشخصيات، بمن فيهم رئيسه القائد دنيستون (تشارلز دانس) وإدخال عنصر نسائي ربما كان موجودا بهذا الحجم أو غير موجود (تورينغ كان مثليا) وتصوير الشخصية بمسحة من التعاطف غير المحلل جيّدا وذلك لمنح البطولة ما تحتاجه من سمات.

مساحة الحرية

الفيلم البريطاني الآخر «نظرية كل شيء» لجيمس مارش أفضل شأنا في هذا النطاق. هو مرشّح لـ5 أوسكارات: أفضل فيلم، أفضل أداء رجالي (إيدي ردماين)، أفضل ممثلة (فيليسيتي جونز)، أفضل سيناريو مقتبس (كتبه أنطوني ماكارتن) وأفضل موسيقى مكتوبة خصيصا (وضعها يوهان يوهانسون)، ويدور حول مراحل من حياة العالم ستيفن هوكينغ عبر اقتباسها مما أوردته زوجته جين في مذكراتها المنشورة.

الالتزام الذي يبديه الفيلم حيال الكتاب، وهو التزام واضح لمن قرأ المذكرات، يجعل الفيلم أكثر واقعية. يحيل ما إذا كان ما نراه يحدث حدث فعلا أو لا إلى ذمّة الكاتبة وليس ذمّة الفيلم. طبعا هناك تدخل لحياكة التأثير الدرامي المنشود، لكن غالبا ضمن ما وضعته الزوجة السابقة في تصرف الفيلم من وقائع ولم يصدر عن عالم الفيزياء هوكينغ ما يناقض ذلك.

أميركيا، جاء تحويل حادثة واقعية حول زوج اتهم بقتل زوجته وإخفاء جثّتها إلى فيلم تشويقي، ليجذب اهتمام بعض النقاد إلى تفسير ما وقع وما لم يقع فعلا.

الفيلم هو «فتاة مختفية» Gone Girl للمخرج المثير للجدل ديفيد فينشر. لكن الصعوبة هنا هي فرز الخطوط وتحديد ما حدث وما لم يحدث. هذا لأن المعالجة تخضع لشروط الفيلم التشويقي الهادف لإدانة أكثر من طرف (الزوج والزوجة والإعلام على الأقل) بحيث لا يعدم الأهمية بمكان تحديد ما إذا كان الفيلم أمينا للواقعة أو غير أمين وإلى أي حد.

ليس بأهمية «نظرية كل شيء» أو «فوكسكاتشر» كما حققه بَنيت ميلر عن واقعة إقدام المليونير جون دو بونت (ستيف كارل) بقتل المصارع السابق ديفيد شولتز (مارك روفالو) على أساس أنه انتزع منه مبرراته وأحلامه بتسيد الوضع فيما يتعلّق برياضة المصارعة والتأثير على شقيقه مارك شولتز (شانينغ تاتوم). الغالب أن مساحة الحريّة للخروج عن تفاصيل القضية كانت أكبر من بعض ما تمتّعت به أفلام أخرى، لكن الفيلم (المرشّح أيضا لـ5 أوسكارات بينها أفضل ممثل لستيف كارل وأفضل إخراج لكن ليس في نطاق أفضل فيلم) ارتأى أن يلعب لعبته بقدر من الأمان للأحداث كما وقعت. التفسير قد يكون مختلفا حول مبرر الجريمة، وكذلك التفاصيل المكانية والديكوراتية وسواها، لكن الحكاية التزمت بما وقع على نحو واضح متمتّعة في الوقت ذاته بوجهة نظر المخرج فيها.

المسألة، في نهاية المطاف، معقّدة حيال ما يتم نقله ولماذا وما يتم إغفاله ولماذا، ثم حيال ما يتم تغييره ولأي سبب. الفيلم لا يجب أن يكون تكرارا ملتزما بالدقائق والتفاصيل والوقائع وإلا لافتقر إلى مبرر لإنتاجه. لكن المزج بين ما يستند إليه وما يستطيع أن ينجزه كفيلم فني جائز من دون أن ينقلب الفيلم على الوقائع المهمّة. وهذه مسألة بالغة التعقيد وقت الكتابة.

بوني وكلايد

* ما زالت محكمة النقد منعقدة بشأن أفلام كثيرة تناولت سير حياة مشاهير، ومن بين أهمها فيلم آرثر بن «بوني وكلايد» (1967). في ذلك الفيلم الممتاز كانت يد المخرج طليقة في تصوير الحكاية على هواه باستثناء اتباع الخط العام لها. لكن الفيلم وقع في نهاية المطاف بين اتهام البعض بأنه تمجيد للمجرمين الشهيرين واتهام آخرين بأنه كان فيلما بالغ العنف مشيرين إلى نهايته بالتحديد عندما يفتح رجال البوليس النار على المجرمين محولا إياهما إلى ضحيّتين.

شاشة الناقد

* American Sniper

* من المحرج كما من الصعب تبرير الإعجاب بفيلم يقف على خط النقيض منك. تؤمن بالسلام ويواجهك بتمجيد الحرب. لا ترى فائدة في العنف لكنه يبرره لك. تناوئ وجهة نظره لكنه يتشبّث بها. لكن في النهاية الغلبة، والتقييم المهني الصحيح، لا يُبنى على رأي الفيلم بل على فنّه. وفيلم كلينت إيستوود الجديد «قناص أميركي» يكاد يخلو من أي شائبة فنية. في سن الـ84 لا يزال إيستوود قادرا على وضع غالبية مخرجي أميركا في جيب درايته وخبرته الصغير. يختار سردا متواليا. لا وجود للقطة واحدة تزيد أو تنقص. لا هفوة في المونتاج (ما زال يسند المهمّة إلى مونتيره الدائم جووَل كوكس) ولا ارتجال في التصوير (توم ستيرن، الذي هو بدوره دائم العمل مع إيستوود) والكثير من البذل البدني منه ومن فريقه خلال التصوير.

فيلم كلينت إيستوود الجديد احتفائي على طول الخط. لا ينفع تخفيف ذلك. تتمنى لو لم يكن. ترغب منه تحقيق فيلم يجاور منظورك للأمور، أو يتمتع - على الأقل - بمفهوم أكثر اتساعا واحتواء لكن هذا لا يحدث. بمرجوعه السياسي، أنجز المخرج اليميني فيلمه رقم 34 عن مذكرات مجنّد مقتبسا كتابه الذي ألّفه كريس كايل بعنوان «قنّاص أميركي». لكنه فيلم جيّد ولا ينفع تخفيف ذلك أيضا. كلمة جيّد هنا تشمل كل شيء وخصوصا الكيفية التي يسرد فيها المخرج حكايته بسهولة من يشرب كأس ماء. سهولة غير مائعة ولا بسيطة أو مبسّطة ولا متكلّفة بل ناتجة عن ثقة ونضج وقدرة على أن لا يخرج شيء من العمل نافرا عن باقي الأشياء. كل حقول الفيلم متداخلة من دون اكتظاظ كطرقات صباح يوم جمعة أو أحد.

يبدأ الفيلم بالبندقية: كريس (برادلي كوبر) فوق سطح مبنى، ربما في مدينة الرمادي، يصوّب بندقية القنص إلى رجل يظهر ويختفي على الشرفة المقابلة، ثم إلى امرأة عراقية مع ولد صغير. تخفي شيئا ما يقول لقيادته، ثم يتضح هذا الشيء.. إنه قنبلة تعطيها للولد لكي يلقيها على الجنود الأميركيين. يؤمر بإطلاق النار. ينتهي المشهد. لن نعرف أن المشهد سيعود بعد أكثر من ساعة. هذه المرّة نراه يطلق النار على الصبي ويرديه ثم على الأم التي هرعت فأخذت القنبلة من يد ابنها لكي ترميها.

كريس، الذي قتل نحو 160 عراقيا، هو يميني متشبّع بما تمّ تهيئته من مشاعر وضغائن وبخلفيّته المتوارثة. وهو يبرر أكثر من مرة: «إذا لم نحاربهم وصلوا إلى بلادنا»، «لو لم أقتلها (المرأة) لقتلت هي جنودنا»، «أنا هنا لأدافع عنكم» - يقولها لرفاق السلاح.

في مكان ما، ليس بعيدا عن النهاية، لم يعد كريس محتاجا لأن يُتابع محطة تلفزيونية تبث أخبارا أو يعرض شريط الفيديو لكي يعيش في الحرب. نراه جالسا ينظر إلى شاشة التلفزيون السوداء وهو مغلق لكنه يسمع، ونسمع معه، كل تلك المعارك الطاحنة التي خاضها تعرض في باله. النقطة الأعلى في قياس المخرج لمراحل التطرّف. لقد عاد كريس من رحى معارك العراق جسدا لا بالا أو عقلا أو روحا. زوجته (سيرينا ميلر) تقول له ذلك وهو يعلم أنه لم يعد يستطيع التوقف. إنه مؤمن أشد الإيمان بأن ما قام به هو خدمة لـ«أعظم دول العالم» ضد «المتوحشين» وحين يتحدث إلى أحد رفاقه قائلا: «يوجد شر هنا علينا اقتلاعه» يرد عليه رفيقه ساخرا: «هناك شر في أميركا أيضا»، لكن كريس لا يستطيع الجواب علن ذلك. إيستوود يترك بطله فريسة العنف ذاته الذي آمن به. لا إشفاق هنا ولا لوم أيضا، بل مجرد حكاية صعود وهبوط ملتزم.

TOP10

*مثل رصاصة

* 148 مليون دولار هي الحصيلة الإجمالية لما شهدته السوق من أفلام هذا الأسبوع. 5 أفلام جديدة دفعت بـ5 قديمة للخروج من القائمة. أنجح الجديد «قناص أميركي» في المركز الأول وهو انتقل من المركز الـ21 إلى الأول مثل رصاصة. فيلم مايكل مان «قبعة سوداء» اكتفى بالمركز العاشر. وخرج من القائمة «لعبة الجوع» و«امرأة في الأسود 2» و«آني» و«ليلة المتحف 3» بإيرادات ضعيفة.

* الأفلام

* 1 (21) American Sniper (War) : $90,205,6142 (-) The Wedding Ringer (Comedy): $20,839,140 

3 (-) Paddington (Comedy): $19,101,293 4 (1) Taken 3 (Thriller/ Action): $14,044,202 

5 (2) Selma (Drama): $8,277,926 

6 (6) The Imitation Game (Spy): $7,192,252 

7 (3) Into the Woods (Musical): $6,542,717 

8 (4) The Hobbit: The Battle of Five Armies (Fantasy): $4,860,131 

9 (-) Unbroken (Biography): $4,260,600 

10 (-) Blackhat (Action): $4,040,808

سنوات السينما: 1946ما بعد الحرب

الحرب العالمية الثانية التي كانت انتهت سنة 1945 كانت ملهما لعدد من الأفلام التي بدأت بالظهور على شاشات 1946.

في إيطاليا حقق روبرتو روسيلليني «رفاق وطن» (Paisan) حول فريق من حاملي السلاح يريدون الانتقام من فلول الحلفاء خلال نهايات الحرب، وفي فرنسا قام المخرج رنيه كليمان بتحقيق تحفة نالت ذهبية مهرجان «كان» عنوانها «معركة خطوط سكة الحديد» Battle of the Rails وحقق زميله مارس (آذار) يل كارنيه «بوابات الليل» ولو أنه لم يتناول أحداثا في الحرب بل بعدها. في الولايات المتحدة قام جون هيوستون بتحقيق سلسلة من الأفلام التسجيلية تحت عنوان «ليكن هناك ضوء».

المشهد:

كلهم ينتمون!

* الجمهور الأميركي فضّل فيلم «القناص الأميركي» على أي فيلم جديد آخر طوال الأسبوع المنتهي اليوم. شركة وورنر كانت سارعت إطلاق الفيلم في صالات معدودة في الولايات المتحدة حتى يلحق الفيلم بترشيحات الأوسكار قبل نهاية العام الماضي، وهو لحق فعلا. ثم قامت بتوزيعه على نطاق عريض بدءا من يوم الأربعاء الماضي، وفي 5 أيام أنجز 107 ملايين دولار. أعلى رقم حققه فيلم في شهر يناير (كانون الثاني) في التاريخ وأعلى ما أنجزه افتتاح فيلم من توقيع إيستوود.

* لكن المعلّقين اختلفوا حول قنّاص كلينت إيستوود. البعض مع والبعض ضدّ الفيلم ولأسباب سياسية. وُصِف بأنه فيلم رجعي وذكّر سث غوردون بأفلام «بروباغاندا نازية» كما قال، والمخرج التسجيلي مايكل مور كتب على تويتر «كل القناصة جبناء يطلقون الرصاص في الظهر. الغزاة أسوأ». بطل الفيلم برادلي كوبر، الذي قام بالمشاركة بالإنتاج، دافع عن الفيلم معتبرا إياه أنه ليس فيلما سياسيا. أما النقاد الأميركيون فمعظمهم أحب الفيلم مبتعدا عن الجانب السياسي أو عن تحليله. أما إيستوود وشركة وورنر فهما سعيدان للغاية بما أنجزه الفيلم مستفيدا من كل تلك السخونة التي تنعم بها أيامنا الحالية إثر عملية «تشارلي إيبدو» والوضع المضطرب في الشرق الأوسط.

* خلال ذلك، مهرجان صندانس الدولي للسينما المستقلة انطلق بدوره جامعا، كالعادة، أكثر من مائة فيلم محلي وعالمي من تلك التي لن يرى الجمهور معظمها في أي مكان إلا إذا أمّ صندانس أو مهرجانا آخر لاحقا. لكن اللافت أن فيلمين من أفلام صندانس العام الماضي، يظهران في ترشيحات الأوسكار هذا العام هما «بويهود» و«وبلاش» («سوط»). كلاهما من أعمال صندانس العام الماضي وكلاهما - وعلى غير العادة المعهودة - يظهران في ترشيحات الأكاديمية.

* لكن ألا تلاحظ معي أن مهرجانات السينما الكبيرة قبل الصغيرة أخذت تمحور نفسها حول الأوسكار؟ تورونتو سجّل نفسه كمنصّة إطلاق أفلام الموسم التي ستدخل سباق الأوسكار. توليارايد لحق به. برلين وكان وفينيسيا تزهو بأن بعض أفلامها تشارك في السباق. مهرجان دبي يعلن عن الأفلام التي عرضها والتي تدخل سباق الترشيحات الرسمية.

* في الوقت الذي يعزز فيه هذا الدوران في فلك جوائز الأوسكار الأوسكار نفسه، يعود بالقليل من الفائدة على المهرجانات التي تتنافس لإظهار كم أن أفلامها تشكل لوائح الجائزة الأميركية. في البال أنه منذ أن امتنعت أكاديمية الفيلم البريطانية عن وصف جائزة البافتا بأنها «الأوسكار البريطاني» اشتد عود هذه الجائزة وحققت نجاحا فنيا وإعلاميا مبهرا.

* إيستوود، في سن الـ84 الآن، لا يستخدم الكومبيوتر إلا إذا اضطر، وقد استخدمه لمراجعة آراء بعض النقاد وقوائم الإيرادات هذه المرّة. لا يستخدم الإيميل مطلقا، لذلك كان على رئيس قسم التوزيع المحلي لشركة وورنر (دان فلمان). الاتصال به عدّة مرات ما بين يومي الجمعة والأحد. قال في تصريح: «منذ سنوات وأنا أتصل بإيستوود في أعقاب كل فيلم بضع مرّات. لكنني وجدت نفسي هذه المرّة اتصل به عدّة مرات في غضون ساعات لأنقل إليه ما يحدث في شباك التذاكر». وأكد أنه لم يشهد مثل هذا النجاح لفيلم من أفلام شهر (عادة ميّت باستثناء حالات قليلة) في كل سنوات عمله.

جوائز «جمعية المنتجين» هذا المساء تلقي ظلالا على الأوسكار

«الشرق الأوسط» تدخل سباق الأوسكار 2

لندن: محمد رُضا

تتعاطى جوائز «جمعية المنتجين الأميركيين» التي تعلن الليلة (السبت) في حفل سنوي معتاد، مع الأوسكار مباشرة. كذلك تفعل جوائز «جمعية الممثلين» التي ستعلن يوم غد (الأحد) وجوائز «جمعية الممثلين» التي تليها في 25 من الشهر الجاري ثم جمعية المؤلفين (فنانو المونتاج) في الـ30 منه ثم جوائز «جمعية المخرجين لأميركا» في السابع من فبراير (شباط) المقبل، تليها جوائز «جمعية الكتاب» التي ستسبق إعلان جوائز الأوسكار بيوم واحد (أي في الحادي والعشرين من الشهر المقبل).

كيف؟

معظم أعضاء كل واحدة من هذه الجمعيات عضو في أكاديمية العلوم والفنون السينمائية التي تمنح الأوسكار، وإذا ما اختار أعضاء جمعية المخرجين، مثلا، المخرج كلينت إيستوود لمنحه جائزة أفضل مخرج، وهو من بين مرشّحي هذه الجمعية البارزين، فإنهم سينتخبون إيستوود ثانية في ترشيحات الأكاديمية ذاتها.

على ذلك، ليس شرطا أن يأتي هذا الفوز أو ذاك بنتيجة حتمية. لأن أصوات المخرجين في الاقتراع الأخير ستكون ضمن محيط من الأصوات التابعة لأعضاء آخرين ينتمي معظمهم إلى الجمعيات الأخرى، لذلك قد ينال الفائز بجائزة المخرجين جائزتهم، لكن قد يعارض ذلك الممثلون من أعضاء الأكاديمية ما يجعل أوسكار أفضل مخرج يتّجه إلى سواه.

عملان بارزان

إنها 10 أفلام تتنافس على جائزة الإنتاج، والحكم هنا هو حكم إنتاجي بالدرجة الأولى. تحديدا: ما هو الفيلم الأفضل في مجمل عناصره الإنتاجية وهل استفاد الفيلم منها أم لا. إنها جائزة صناعية بالدرجة الأولى موجهة للاحتفاء بالإنتاج الجيد أساسا لكن الفن يدخل في الاعتبار وبقوّة.

على ذلك، نلحظ غياب «بين النجوم» Interstellar لكريستوفر نولان عن جوائز جمعية المنتجين (كما هو غائب عن جوائز الأوسكار الأساسية) والتفسير الوحيد هو أن يكون المنتخبون نظروا إليه كفيلم مؤثرات أكثر منه فيلم مقادير إنتاجية. لكن إذا كان هذا حقيقيا فما الذي يفعله فيلم مثل «زاحف الليل» لتوني غيلروي في قائمة الأفلام المرشّحة؟

الأفلام الـ10 المرشّحة لجائزة «جمعية المنتجين الأميركيين» هي «قناص أميركي» و«بيردمان» و«بويهود» و«فوكسكاتشر» و«فتاة مختفية» و«ذا غراند بودابست هوتيل» و«لعبة المحاكاة» و«زاحف الليل» و«نظرية كل شيء» و«سوط».

7 من هذه الأفلام دخلت ترشيحات الأوسكار التي ستعلن نتائجها في الثاني والعشرين من الشهر المقبل، وهي «قناص أميركي» و«بيردمان» و«بويهود» و«لعبة المحاكاة» و«ذا غراند بودابست هوتيل» و«نظرية كل شيء» و«سوط». الفيلم الوحيد في ترشيحات الأكاديمية الذي لم يدخل سباق «جمعية المنتجين» هو «سلما». في حين أن «فوكسكاتشر» و«زاحف الليل» أخفقا في دخول الأوسكار لكنهما يظهران ضمن لائحة جمعية المنتجين.

وفي حين أنه ليس هناك من إيضاح حول الشروط التي يلتزم بها أعضاء جمعية المنتجين في التصويت على الأفلام التي يختارونها، فإن ترشيح «نظرية كل شيء» مثلا واستبعاد «سلما» يبدو بدوره غامضا: الأول مقتبس عن كتاب تم تحويله إلى فيلم بريطاني متوسّط التكلفة، والثاني فيلم عن حادثة واقعية تم تحويلها إلى فيلم أميركي متوسط التكلفة أيضا. كلاهما جاد وكلاهما عمل بارز على ناصية العناصر الإنتاجية المتوفّرة. لكن «سلما» يتميّز بالتحقيق المضني لتأليف هذا العمل وبالكثير من عناصر البحث التاريخية لتوضيبها فيلما. الأمر ذاته ليس متوفرا في «نظرية كل شيء» لكنه متوفر في الفيلم البريطاني الآخر المرشّح لجائزة الجمعية وهو «لعبة المحاكاة»، الفيلم انطلق من سيناريو جيّد لكن كان على الإنتاج أن يبحث عميقا فيما يعرضه السيناريو من حيثيات ووقائع ومن ثم توفير غطاء تحويلها إلى فيلم تقع غالبية أحداثه في الأربعينات من القرن الماضي.

وراء العمل

من ناحية أخرى لا يمكن تفويت ملاحظة ترد لمن يدرس ترشيحات الجمعية ومقارنتها بترشيحات الأكاديمية: من عام 2005 وإلى اليوم، باستثناء عامين، فإن نسبة الأفلام التي يعلن ترشيحها لمسابقة المنتجين ثم يعلن ترشيحها لجوائز الأوسكار هو 80 في المائة. في عام 2011 بلغت 90 في المائة وفي العام التالي هبطت إلى 70 في المائة ما يعني أن نسبة الـ80 في المائة هي مستقرة.

من الناحية المقابلة فإن ترشيحات الأوسكار تبقى الأكثر ميلا للفن مما يعتقده أكثر الناس. صحيح أن الأفلام المرشّحة لجوائز جمعية المنتجين فيها عدد ملحوظ من الأفلام الجيدة، كما يمكن أن نقرأ من اللائحة ذاتها، إلا أن الأوسكار هو الذي يحيط بكل جوانب العمل السينمائي ويبرر، أكثر من سواه، السبب وراء وجود هذا الفيلم أو ذاك في عداد مرشّحيه.

أوسكار أفضل فيلم يتم تسليمه إلى المنتجين الواقفين وراء العمل وليس إلى المخرج الذي ينفّذه (كذلك جوائز جمعية المنتجين) وهذا طبيعي، لكن تأثير أعضاء الجمعية في عملية التصويت على من ينال الترشيحات ثم من ينال الأوسكار واضح. هناك 6 آلاف منتج منضمّون إلى تلك الجمعية. ليسوا جميعا في الإنتاج السينمائي (هناك 3 أقسام لمنتجي الجمعية: السينما، والتلفزيون، و«الميديا الجديدة») ما يعني أن أقل من نصفهم هم أعضاء أكاديمية العلوم والفنون السينمائية مانحة الأوسكار.

والملاحظة الأخرى هي أن فيلما واحدا فقط من الأفلام المرشّحة لأوسكار أفضل فيلم روائي هو من إنتاج رئيس (وهو «قناص أميركي») في الوقت الذي تأتي فيه الأفلام الـ7 الأخرى («سلما»، «سوط»، «نظرية كل شيء»، «ذا غراند بودابست هوتيل»، «بويهود» و«بيردمان» و«لعبة المحاكاة» كأعمال مستقلة).

في سابق الأوان، كان الفيلم المستقل يعني شيئا مختلفا عما يعنيه حاليا.

اليوم، هو مستقل إذا لم تصرف عليه شركة إنتاج هوليوودية من الـ8 الرئيسية (مترو غولدوين ماير، فوكس، صوني، باراماونت، وورنر، ديزني، يونيفرسال) من مالها الخاص لا في مرحلة الإنتاج ذاتها ولا في مرحلة الشراء.

هذا يعني أنه إذا ما انصرف رتشارد لينكلاتر لصنع «بويهود» لتحقيق فيلمه بتمويل جهة أصغر حجما من الاستوديو ولم يستطع بيعه إلى شركة توزيع تتبع واحدا من تلك الشركات العملاقة، صح معه اعتبار أن الفيلم مستقل حقا.

فئات ثلاث

هذا موضوع شائك لأن ما يصح مع «بويهود» يختلف مع فيلم مثل «نظرية كل شيء» أو «لعبة المحاكاة» فهذان الفيلمان المرشّحان لأوسكار أفضل فيلم، كما حال «بويهود» عمدا إلى أسلوب سرد غير إبداعي (وهو بالتأكيد غير ذاتي) على عكس «بويهود» و«ذا غراند بودابست هوتيل». ففي السابق، كان «الاستقلال» يشمل أيضا اختلاف منهج الإخراج عن منهج الإخراج للفيلم المؤسساتي السائد. بالتالي، وإلى حد كبير، فإن رتشارد لينكلاتر (مخرج «بويهود») ووس أندرسون («ذا غراند بودابست هوتيل») وأليخاندرو غونزاليز إيناريتو («بيردمان») هم الوارثون الحقيقيون للسينما المستقلة التي قام بها جون سايلس وجون كازافيتيز وروبرت التمن وباربرا كوبل سابقا. ما ينتج عن هذه الملاحظة هو أن الأفلام الـ8 المرشّحة لأوسكار أفضل فيلم تنتمي إلى 3 فئات إنتاجية:

الأولى (بلا ترتيب): فئة الأفلام المنتجة من معسكر الاستوديوهات الكبرى، وهي تنضوي على فيلم واحد فقط هو «قناص أميركي» (تمويل وورنر).

الثانية هي تلك الصغيرة التي يعمد مخرجوها إلى تقديم أفلام موجهة - قدر الإمكان - إلى الجمهور السائد عبر الوسائل التوزيعية المتاحة (شركات أصغر حجما أو أفرع لشركات كبرى) وهي «سوط» و«نظرية كل شيء» و«سلما» و«لعبة المحاكاة».

الثالثة، هي فئة الأفلام المختلفة ليس صناعيا فقط، بل إخراجيا ومن منطلق الهم الذاتي والمعالجة الإبداعية التي لا تشمل الخضوع لشروط الفيلم السائد، وهي «بويهود» للينكلاتر و«بيردمان» لإيناريو و«ذا غراند بودابست هوتيل» لأندرسون. ولعل «بويهود» و«ذا غراند…» يلتقيان في هذا الشأن أكثر من «بيردمان».

لكن وجود غالبية من أفلام الفئتين الثانية والثالثة في مقابل فيلم مؤسساتي واحد، لم يحدث من قبل في هذه المسابقة. على ذلك، قد يفوز ذلك الفيلم الواحد («قناص أميركي») على كل ما عداه وإن كان هذا يصعب توقعه في هذه اللحظة تحديدا.

الشرق الأوسط في

23.01.2015

 
 

فيلم 'سيلما' طريق الحرية يبدأ بحلم وينتهي بنصر

العرب/ طاهر علوان

المخرج آفا دوفرتي يضيء جوانب من مسيرة للمناضل التاريخي مارتن لوثر كينغ غيرت وجه الإنسانية والحياة الأميركية.

شعوب وأقوام وتواريخ وأسئلة وثورات ونصر ومجد، خلاصات رافقت مسيرة البشرية في تتبع ذلك النزوع الإنساني الفطري والثوري أيضا إلى الخلاص، لبلوغ الحرية، ذلك الهدف الكبير وقبلة الأحرار والثوار والمتطلعين إلى كينونة لائقة بوجود الإنسان، بصرف النظر عن الانتماء أو العرق أو اللون، ولهذا تستحق تلك الحرية الثمينة كل التضحيات، قرابين على طريق بلوغ الهدف النبيل.

يفيض فيلم “سيلما” للمخرج آفا دوفرتي والذي يعرض بالصالات في أنحاء العالم، بكل الخلاصات المشار إليها آنفا، و”سيلما” هي مدينة تقع على حزام مناطق السود في ولاية ألاباما في الولايات المتحدة، وهي التي انطلقت منها شرارة الثورة للمطالبة بالحقوق المدنية للسود: الحق في التصويت والترشح والمساواة مع البيض، وهي الحركة التي قادها الثائر الكبير وقائد حركة التحرر والحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ عام 1965.

تدور أحداث الفيلم على خطين متوازيين، الأول هو الثورة التي تتشكل في نفوس السود ضدّ بطش السلطات الأميركية وظلمها، سلطات العزل والقهر والتهميش والعنصرية، وصولا إلى القتل الوحشي إبان تلك الحقبة، في مناخ من التمييز العنصري والعرقي البغيض الذي طال ملايين السود في أنحاء الولايات المتحدة.

أما الخط الثاني، فهو جوانب أخرى تتم إضاءتها من سيرة المناضل التاريخي الشاب مارتن لوثر كينغ، الذي أفنى شبابه وحياته من أجل الوصول بأبناء جلدته إلى الحرية والمساواة والحقوق المدنية كاملة غير منقوصة، وخاض صراعا مريرا لسنوات طوال ضد السلطات، حتى اغتياله في العام 1968، فيما هو ينادي “أنا عندي حلم”.

سود وبيض

يركز الفيلم في بنائه السردي على حركة “سيلما” للحقوق المدنية التي صارت علامة فارقة في تاريخ النضال الإنساني، والتحم فيها البيض مع السود، ولا سيما بعد أولى المسيرات الاحتجاجية التي انطلقت في تلك المدينة النائية، والتي انتهت بمقتل وإصابة الكثير من السود الذين شوهدوا على الشاشات وهم يطاردون بالهراوات ويضربون بالرصاص، ويتعرضون لآلة القتل والتعذيب الوحشية التي لا تميّز ما بين كبير وصغير ولا بين امرأة ورجل.

من هنا صرنا أمام قوتي صراع رئيسيتين في هذه الدراما الفيلمية المتصاعدة، وهما اللتان بني عليهما السرد الفيلمي، وهما قوتا صراع غير متكافئتين

وهو ما تناقلته وسائل الإعلام وتسبب في صدمة في أوساط الرأي العام، مما دفع البيض إلى الالتحاق بالتمرد والانضمام إلى التظاهرة الكبرى التالية، ويصبح مقتل المتظاهر الأعزل “جيمي لي جاكسون” علامة إدانة للنظام كله.

مارتن لوثر كينغ (الممثل ديفيد أيدلو) يظهر وهو يتسلم جائزة نوبل للسلام في العام (1964)، أي من النهايات ومرحلة التتويج والنصر، سنعود معه إلى البدايات الأولى لانطلاق شرارة الثورة، لا سيما وهو الرجل المثقف والمحاور والمتحدث والخطيب اللبق، وها نحن نشاهده في مشهد لافت أثناء لقائه برئيس الولايات المتحدة إبان تلك الحقبة، الرئيس ليندون جونسون (الممثل توم ولكنسن).

فالرئيس وفريقه وأجهزة “أف بي أي” يصغون جيدا للمطالب الواضحة لكونها ببساطة شديدة -الحق في الحرية والعدالة الاجتماعية، الحق في التصويت والترشح للانتخابات- مطالب واضحة سرعان ما يلتف حولها الرئيس وفريقه قائلين إن ولاية ألاباما وسائر ولايات الجنوب الأميركي العامرة بالسود، هي أحوج ما تكون إلى التنمية والتعليم أكثر من أي شيء آخر، وهي كلمة حق يراد بها باطل، لغرض التملص من الحقوق والمطالب المشروعة.

من هنا صرنا أمام قوتي صراع رئيسيتين في هذه الدراما الفيلمية المتصاعدة، وهما اللتان بني عليهما السرد الفيلمي، وهما قوتا صراع غير متكافئتين على أي حال، ففريق كينغ لا يضمّ إلاّ فئة قليلة من أتباعه.

فعندما انطلقت حركة الحقوق المدنية في “سيلما” كان أتباعها قليلين لا يتجاوزون بضع مئات، مما جعل السلطات تستهين بهم، الأمر الذي جعل الرئيس جونسون شخصيا يسكت على قمعهم على يد حاكم الولاية ذائع الصيت والأكثر دموية وعنصرية جورج والاس (الممثل تيم روث).

فهو الذي أعطى إحساسا حتى لدى الرئيس جونسون بأنه لا ينبغي السكوت على مثل هذه الأنشطة الخطيرة التي تخل بالأمن والاستقرار، كما يزعم، وأن الزنوج إذا ما أعطوا حقا فسيطالبون بآخر، وأن ذلك هو الدهاء الذي يضمرونه، ولهذا ظل يسخر قوات الشرطة وسائر قوات الأمن في الولاية لترويع السود وردعهم، وصولا إلى قتل من يواصل مشروع المظاهرات المطالبة بالحريات والحقوق المدنية.

كينغ أفنى شبابه وحياته من أجل الوصول بأبناء جلدته إلى الحرية والمساواة والحقوق المدنية كاملة غير منقوصة

كينغ في مسيرته عبر أحداث الفيلم، لم يخرج قيد أنملة عن مبدإ سلمية الثورة، رغم ما واجهه من تحريض من بعض مناصريه في لحظات يأسهم، وما استطاع خصومه جرّه إلى المواجهات العنيفة والانتقام والانتقام المتبادل، بل إن سرّ قوته وقوة حركته يكمن في التمسك بسلمية الثورة، لا بمقارعة السلاح بالسلاح.

وكينغ يمتلك أكثر من سبب يمنعه من الانزلاق إلى العنف والدم، فحركته سلمية أولا وأخيرا، كما أنه يعلنها مرارا في خطاباته أن تميزهم يكمن في حركتهم السلمية التي تستطيع أن تهزم أعتى السلطات، ماداموا متمسكين بالمسيرة السلمية منطلقين من مدينة سيلما في اتجاه مدينة مونتغومري وصولا إلى واشنطن.

رمزية المدينة

يقدم الفيلم من خلال ذلك المزج بين الوثائقي والسردي الروائي بعدا ما للمدينة، المكان؛ سيلما المدينة الصغيرة المتواضعة التي سرعان ما ستتحول إلى ند قوي لسلطات الولايات المتحدة ومصدر قلق وتحسب، ولا يكاد اجتماع لرئيس أميركا يخلو من الحديث عن رمزية مدينة سيلما، كحاضنة للثورة والثوار، التي يجب أن يحسب لها حساب.

هناك عند جسر إيدموند بيتس ستنسج خيوط الثورة إذا، وسيعلو صوتها على أي صوت، مارتن لوثر كينغ لا يجد إمكانية للحوار مع مالكوم إكس، الرائد الآخر لثورة الحريات المدنية ذائع الصيت الذي، كما يظهر الفيلم، يحاول إثناء كينغ عن المضي في طريق الصدام والمواجهات مع السلطات، الأمر الذي سيرفضه كينغ، فلا يجد سبيلا للحوار معه، ويلجأ إكس إلى محاورة عدد من مساعدي كينغ بمن فيهم زوجته، ولكن دون جدوى، حيث يصرح كينغ: “أنا عندي نفسي والحقيقة، وإن لنا طريقين مختلفين”.

في آخر حوار من حوارات كينغ والرئيس جونسون، وقد كان حوارا محتدما وصريحا، يسأل كينغ الرئيس، ما معنى أن يتم اغتيال أحد القساوسة البيض، عقابا له على مشاركته في إحدى مظاهرات مدينة سيلما، ويفسر على أنه انتقال شرير وبالغ القسوة إلى نوع من البطش الذي يناقض قوانين الولايات المتحدة، والذي يقع في صلب مهمة رئيس الولايات المتحدة كراع لكل الأميركيين، بصرف النظر عن أعراقهم وأصولهم، وهو الإنذار الأخير للسلطات بأن الثورة والمسيرات السلمية ستتواصل دونما توقف، حتى بلوغ كل أهداف السود في حياة كريمة وحقوق كاملة، وهو ما يثير جدلا بين الرئيس جونسون وحاكم ولاية ألاباما الأكثر تشددا ضد السود.

الفيلم يركز في بنائه السردي على حركة “سيلما” للحقوق المدنية التي صارت علامة فارقة في تاريخ النضال الإنساني، والتحم فيها البيض مع السود

يصرخ كينغ: “أيها الأميركيون إذا كنتم تؤمنون بأن الناس قد خلقوا أحرارا ومتساوين، بصرف النظر عن لونهم أو عرقهم، فانضمّوا إلينا في سيلما”.

مسيرة سيلما عام 1965 التي وصلت إلى البيت الأبيض، واحتشد فيها عشرات الآلاف من السود المضطهدين ودعاة الحقوق المدنية، وانضمّ إليهم الأميركيون من البيض المؤمنين بسلمية الحركة والحقوق المتساوية، أعلنوا: “نحن هنا ولن نتزحزح، والحرية تبدأ بحلم سيصبح حقيقة”.

وهو ما تحقق بالفعل، حيث أعلن الرئيس جونسون الموافقة على المطالب، وصدرت تشريعات وقوانين جديدة توفر للسود كامل حقوقهم، حينها ألقى مارتن لوثر كينغ خطاب النصر أمام الحشود في المشهد الأخير من الفيلم.

أفلام من مهرجان دبي السينمائي مرشحة للأوسكار

العرب/ دبي

برنامج 'سينما العالم' من أكثر برامج مهرجان دبي شعبية لما يعرضه من أفضل الإبداعات التي أنتجها أشهر نجوم السينما العالمية.

أعلن مهرجان دبي السينمائي الدولي أن عددا من الأفلام التي عرضها خلال دورته الحادية عشرة حصلت على 33 ترشيحا لجوائز الأوسكار 2015، وحصدت 4 جوائز غولدن غلوب، و8 جوائز لاختيار النقاد.

وكان مهرجان دبي السينمائي الدولي الذي انتظمــت فعـالياته خلال الفترة بين العاشر والسابع عشر من ديسمبر من العام الماضي، قد عرض مجموعة من أفضل إنتاجات السينما، من بينها فيلم “نظرية كل شيء” الذي افتتح الدورة الحادية عشرة، وكذلك أفلام “بيردمـان” و”لعبة التقـليد” التي تتوجه بقوة نحو الفوز بجائزة أفضل فيـلم سينمائي في هذا العام.

ويعتبر برنامج “سينما العالم” من أكثر برامج مهرجان دبي السينمائي الدولي شعبية، لما يعرضه من أفضل الإبداعات التي أنتجها أشهر نجوم السينما العالمية من مخـرجين وممثلين ومنتجين وكتاب سيناريو.

ويتصدر فيلم “بيردمان” للمخرج أليهاندرو غونزالس إناريتو قائمة أكثر الأفلام ترشحا لجوائز الأوسكار ضمن تسع فئات تتضمن ترشحه لجائزة أفضل مخرج، وأفضل ممثل في دور رئيسي للنجم مايكل كيتون، وأفضل ممثل في دور مساعد للنجم إدوارد نورتون، وجائزة أفضل ممثلة في دور مساعد للنجمة إيما ستون.

وترشح فيلم “لعبة التقليد” للمخرج مورتن تيلدام لثماني فئات ضمن جوائز الأوسكار تتضمن جائزة أفضل مخرج، وأفضل ممثل في دور رئيسي للنجم بينيديكت كامبرباتش، وأفضل ممثلة في دور مساعد للنجمة كيرا نايتلي.

العرب اللندنية في

23.01.2015

 
 

"جورج كلوني" في رجال الآثار (النصب):

بروباغاندا "سافرة" وأكشن دراما "مخيبة"  تفتقد للجدية والعمق والهوية

مهند النابلسي*

الفيلم يتحدث عن اكبر عملية استرجاع للآثار والتحف الفنية بالتاريخ، ويركز على الأحداث التي تمت قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث تذهب مجموعة من الخبراء المتدربين لألمانيا لانقاذ ما تبقى من التحف واللوحات والآثار الفنية والتاريخية النادرة من آيادي النازيين لارجاعها لمواقعها الأصلية ، وحيث تبدو المهمات صعبة وخطيرة من حيث القدرة للذهاب لخلف المواقع القتالية ومواجهة الألمان وخاصة مع وجود تعليمات مشددة لدى الألمان لاتلاف وتدمير كل شيء في حالة سقوط "الرايش"، ولكنهم حسب الرواية يواجهون التحدي  والصعوبات الجمة ويسابقون الزمن لتفادي تدمير ألف سنة من الارث الثقافي الحضاري الفريد...

يقوم جورج كلوني باخراج الشريط بينما تتوزع الأدوار على كل من كلوني نفسه، مات ديمون، بيل موراي، جون جودمان، جان دوجاردان، بوب بالبان، هيوج بولنفيل وكيت بلانشيت. يستند هذا الفيلم لرواية  تاريخية من تاليف روبرت ايدبسل، كما ينجح الفيلم بتبرير سبب الاقدام على حماية الارث الفني-الثقافي من براثن الألمان بحجة حماية نمط الحضارة الغربية، ولكنه بالمقابل يفشل باقناعنا بدوافع الشخصيات ودرجة حماسها، وتبدو المعالجات سطحية بلا تماسك وانسياب حيث ينتقل من لقطة لاخرى بلا اولويات! يحاول كلوني بنمط اخراجه هنا ان يعيد امجاد افلام الحرب العالمية الشهيرة "كجسر نهر كواي" الذي يقتبس منه الموسيقى الحماسية الرائعة بعدة مشاهد، ولكن بلا عمق، كما يقتبس مشاهد من فيلم كونتين تارنتينو اللافت "انغوريوس باستردس"(ولكن بلا دموية)، وكذلك لم ينسى ان يقتبس مشهد النزول للنورماندي من فيلم شبيلبيرغ الشهير "انقاذ الجندي رايان" ولكن باجواء سياحية لا تقارن أبدا بالمشاهد القتالية النادرة  بفيلم شبيلبيرغ الملحمي، باختصار فالحبكة برجال النصب باهتة وتفتقد للشغف والعمق  والايقاع السينمائي الجاذب! كذلك يواجه هذا الفيلم مشكلة بتحديد هويته بل يبدو كخلطة كوكتيل درامية مسلية وشيقة وبها نكهة كوميدية خفيفة، ويبدو كلوني وكأنه  متردد وحائر ما بين تقديم فيلم حربي تاريخي درامي عميق وفيلم مغامرات حركي شيق، وقد لفت انتباهي كذلك فتورالأداء التمثيلي لمعظم الممثلين "المشهورين"... وبالرغم من ذلك فقد نجح كلوني باختيار موفق لمواقع التصوير الواقعية الجذابة، ولم يخلو هذا الفيلم كالعادة من مشاهد الاستخفاف بذكاء المشاهد وشيطنة الخصم  فكيف تبصق كيت وزميلتها بكأس الضابط النازي المسؤول عن عمليات السرقة والتهريب دون ان يلحظ ذلك؟!  وكيف يظهر الداهية نائب هتلر هيرمان جورنج كرجل أبله مترهل؟ كذلك لعب المخرج بمبالغة معهودة على معزوفة اضطهاد اليهود ومعانتهم!

يلعب كلوني باستخفاف غير معهود دور خبير الآثار فرنك ستوكس مع مدير المتحف الذكي جيمس كرنغر (مات ديمون)، ويوظف معه عددا من  الخبراء والفنانين للمحافظة على الأعمال الفنية منهم موراي كمهندس معماري، جون جودمان كصانع تماثيل محترف، بوب  بالبان كمدير مسرح، وجان دوجاردان كمقاوم فرنسي، واستغربت حقا من اداء هذا الممثل الباهت هنا مقارنة بأداءه المتفوق بقيلم الفنان الصامت الذي حقق له الاوسكار منذ سنتين! كما أبدعت بالحق كيت بلانشيت بتقمص الشخصية وتفوقت ربما على الجميع وحتى على مات ديمون، حيث لعبت دور خبيرة الاثار في المتحف الباريسي (جودوباوم) وكسكرتيرة خاصة  للضابط الألماني المسؤول،  كما لعب ديمتري ليونديس دور الجندي اليهودي من نيو جيرسي  الذي يرتبط بعلاقة خاصة مع لوحة ريمبرانت الشهيرة (ولا ادري المغزى الحقيقي من اقحام هذه القصة هنا سوى التأكيد الممج على سمو الروح  اليهودية  المتذوقة  للابداع والفن)! بدا واضحا انسجام موراي وبالبان وارتباطهما بكيمياء خاصة  وكأنهما بنزهة  شواء، ثم تسارع الفيلم بالجزء الثاني وبدا كلعبة "الكلب والقط  والفار" الثلاثية مابين الفريق وكل من الألمان الناهبين والسوفيت الطامحين  بدورهم للحصول على نصيبهم من التحف  واللوحات والآثار، وبدت المطاردة أحيانا شيقة بأجواء من اللقطات والمشاهد الخلابة المعبرة والممتعة وحتى الطريفة، وربما ساعد ذلك لانقاذ الشريط من ضعف الاخراج والتمثيل، ولكن بالحق فيجب الاعتراف بقدرة كلوني على اظهار التيمة الاساسية للفيلم وهي "انقاذ الثقافة الغربية والمجتمع ونمط  العيش وطريقة الحياة"، كما حاول جاهدا اقناعنا بظلامية  نظام هتلر النازي التي تجاوزت  التدمير  والقتل لتشمل التاريخ والحضارة والثقافة والفنون، فهو يتحدث عن حوالي خمسة ملايين قطعة فنية وأثرية ودينية وتاريخية كان هتلر واعوانه يخططون لسرقتها ووضعها بمتحف جديد ضخم باسمه في النمسا ...وقد اصابتني الحسرة هنا عندما وجدت نفسي اتساءل عن مصير الكنوز الأثرية والمعمارية والدينية والفنية والتاريخية بسوريا تحديدا وعن الممارسات الهمجية لتدميرها وسرقتها وتهريبها بواسطة المافيات والعصابات؟ وكيف لا يحرك  احدا ساكنا بهذا الخصوص؟

بفرنسا المحتلة تقوم  كلير سيمون (كيت بلانشيت) بتسجيل تفاصيل السرقات بسرية، ولكنها تجبر من قبل الضابط النازي فكتور شتهال لتجاهل السرقة الممنهجة للآثار والكنوز الفنية والمفترض ارسالها لمتحف الفوهور المفترض بلينز، او حتى كمقتنيات شخصية لشخصيات نازية نافذة  كهيرمان جورنج، وقبيل القبض عليها لتعاونها مع شقيقها بسبب المحاولات الخفية لاسترجاع بعض هذه الاثار بلا نجاح، عندئذ تكتشف قيام الضابط شتهال بسرقة معظم محتويات الجاليري لألمانيا مع اقتراب الحلفاء من باريس، وعندما تسرع لمحطة القطارات لمواجهة شتهال الهارب يحاول قتلها عن بعد بمسدس (يبدوالمشهد غير مقنع وكارتوني)، بينما تراقب هي بيأس نجاح الضابط بسرقة الأعمال الفنية متوجها لألمانيا

يواجه جيمس جرنجر(مات ديمون)  بصبر عناد سيمون وعدم تعاونها لشكها بمصداقيته ونزاهة فريقه، وبينما يتم تقسيم الفريق لمجموعات مختلفة لانجاز  المهمات في محاور الجبهة، يسعى دونالد جيفرين البريطاني (هيوج بونفيل) لتحقيق الحماية لكنيسة بلجيكية تحتوي على كنوز دينية اثرية، ويقتل وهو يحاول منع الكولونيل النازي "فيغنر" من سرقة تمثال "مادونا والطفل" الشهير لمايكل أنجلو...فيما يحاول كل من ريتشارد كامبل (بيل موراي) وبريستون سافتز (بوب بالبان) تقصي مسار السرقات من كاتدرائية جنت البلجيكية، يتم بالصدفة ايجاد فيكتور  شتهال المتخفي بهيئة فلاح بلجيكي بسيط، حيث يتم التعرف على الرسومات النادرة  مخفية  بمنزله الريفي والتي تسمى بمجموعة "روتشيلد"(كذلك تبدو هذه المشاهد ملفقة وغير مقنعة)!

وفي مشاهد اخرى يتعرض كل من فالتر جالفيلد (جون جودمان) وجان كلود كليرمونت(جان دو جاردان) لاطلاق النار من قبل وحدة قتال نازية متخفية بدغل سهلي حيث يتعرض كليرمونت لجروح قاتلة (بعد ان ينزل من الجيب للتمتع بمداعبة فرس برية جميلة ترعى، واللقطة تتطابق مع احد  افلام كلوني الحديثة الذي يغادر سيارته فيه فجرا لتأمل قطيع من الخيول البرية الساحرة، وبيدو ذلك "كفال خير" له لأن سيارته تنفجر بعد مغادرته )!  ثم تراجع سيمون موقفها العنيد بعد ان يخبرها جرانجر بخطة "نيرو الألمانية" لتدمير كل المقتنيات والسرقات بحالة مقتل هتلر او انهيار ألمانيا،  كذلك تتأكد من نزاهة ومصداقية جرانجر باعادته لاحدى اللوحات المسروقة من عائلة يهودية ابيدت بمعسكرات التعذيب النازية، وتتعاون عندئذ بتزويده بقائمة مشفرة تتضمن معلومات "كودية" للتعرف على كافة  القطع  واللوحات المسرقة ومواقعها المفترضة.

وحتى مع معرفة  الفريق بأن القطع واللوحات الفنية والأثرية مخزنة بقلاع ومحاجر متفرقة بانحاء المانيا، فانه يواجه تحديا جديدا من الفرق السوفيتية المتخصصة الطامحة ايضا بالحصول على نصيبها من الغنائم الثمينة، وخلال ذلك يقوم الكولونيل الألماني "فيغنرز" بتدمير منهجي لمجموعات كبيرة من التحف الفنية المسروقة تنفيذا للتعليمات المشددة (كما يبدو استجواب كلوني اللاحق لفيغنر مسرحي وسمج وغير مقنع ايضا)... ينجح الفريق اخيرا باكتشاف منجم خفي يحتوي على اكثر من 16000 فطعة فنية مسروقة  بجانب براميل تحتوي على حشوات الأسنان الذهبية المستخرجة من اسنان ضحايا معسكرات التعذيب النازية السيئة السمعة، بالاضافة لموجودات احتياطي الذهب الضخمة لألمانيا النازية  والتي قد يساعد الاستيلاء عليها لانهيار مجمل النظام النازي (مبالغة سينمائية درامية)!

أخيرا يجد الفريق منجما مخفيا بالنمسا وقد  تم تدميره بالكامل، ويتبين أن السكان  المحليين قد دمروا بقصد المدخل ظاهريا لتتويه الألمان والسوفيت، وحيث ينجح الفريق وبسرعة من تفريغ المحتويات الفنية والكنوز التراثية الهائلة بما فيها تمثال العذراء الشهير قبل قدوم السوفيت!
في المشاهد النهائية نرى ستوكس وهو يحاضر للرئيس ترومان شارحا الجهود والأهوال التي تعرض لها فريقه بمهمته الشاقة، ومركزا على النجاحات التي حققها باسترجاع كميات هائلة من الأعمال واللوحات الفنية  والمنحوتات النادرة، ثم يجيب "بنعم" على سؤال ترومان فيما اذا كانت هذه الجهود والتضحيات قد أثمرت بتحقيق الأهداف المتمثلة بحفظ التراث الحضاري والثقافة الفنية ...وفي اللقطة الأخيرة وبعد عقود من الزمن نرى العجوز كلوني وقد اصطحب حفيده المراهق لتأمل منحوتة مادونا لمايكل انجلو شاعرا بأن جهوده  وتضحياته وفريقه لم تذهب سدى

تم التصوير بعدة مواقع منها: ستوديوهات بابلسبيرغ بمدينة  بوتسدام الألمانية وبمنطقة الهارز بمدينة براندنبيرغ، كما اعتمدت بلدة اوسترفيك الألمانية لتصوير المشاهد الخارجية، واستخدمت مجاميع من الآلاف لتصوير المشاهد الحربية (الضعيفة الاخراج نسبيا مقارنة بالأفلام الحربية )،  كما صورت بعض المشاهد بالمتحف الامبرطوري ب"دوكس نورد بكامبردج شاير" ببريطانيا...يقول كلوني أن حوالي 80% من القصة والمشاهد حقيقية ودقيقة، فيما ينفي مؤرخ مرموق ذلك مدعيا أن  نسبة الدقة التاريخية لا تزيد عن الأربعين بالمئة وبأنه يحتوي على عدة أخطاء ومغالطات تاريخية حيث أميل (أنا) شخصيا لتصديقه! كما أن الفريق الحقيقي كان مكونا من عدة عشرات من المتخصصين وتم اختزاله بقصد لسبعة لأسباب سينمائية درامية . تلقى الفيلم استقبالا جماهيريا ونقديا فاترا وحاز على علامات نقدية متواضعة تراوحت من الثلاثة الى الستة من عشرة،  وبدا مخيبا للآمال فيما كان بامكان كلوني أن يستغل عدة مكونات "سينمائية" ناجحة كالانتاج ومواقع التصوير الجذابة وكاميرا التصوير الرائعة والموسيقى التصويرية وطاقم الممثلين "المشهورين" للخروج بفيلم متميز يتوج به مسيرته الاخراجية ولكنه لم يفعل!

*كاتب وقصصي وناقد سينمائي

رأي اليوم اللندنية في

25.01.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)